المحكم وهيئة التحكيم / المحكم - هيئة التحكيم / الكتب / حكم التحكيم (دراسة مقارنه في القانون الكويتي والمصري) / المحكم في القانون الوضعي ( المصري والكويتي):
من خلال إستقراء لنصوص قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 وتعديلاته، والمواد من (173- 188) من قانون المرافعات الكويتي والمتعلقة بالتحكيم، والقانون الكويتي رقم 11 لسنة 1995 الخاص بالتحكيم القضائي، نجد أن المحكم هو شخص يعهد إليه بالفصل في النزاع المعروض عليه بحكم ملزم، بناء على إتفاق الخصوم، أو بواسطة المحكمة المختصة بنظر النزاع، فهو حاكم نصبه المتخاصمان بإرادتهما، وليس بقاض من قضاة الدولة.
وقد اتجه المشرع المصري والكويتي إلى التسليم بحرية واسعة الأطراف خصومة التحكيم في اختيار الحكم، واكتفي بوضع الضوابط العامة التي تضمن صلاحية المحكم لأداء مهمته في الفصل في النزاع المعروض عليه، وتلك الحرية الواسعة تلقي على الأطراف مسئولية إختيار الحكم، الأمر الذي يقتضي توخي الدقة والحذر في ممارسة حرية الإختيار تجنبا العاقبة إساءة إختيار الخصوم لقاضيهم، فتتجه أنظارهم نحو شخص المحكم الذي تتوافر فيه الشروط التي تؤهله لأداء مهمته وإصدار حكم تتوافر له عناصر الصحة والقابلية للتنفيذ.
وقد عرفته محكمة التمييز الكويتية بأنه: "شخص يتمتع بثقة الخصوم أولوه عناية الفصل في خصومة بينهم، وهو لا يعدو أن يكون قاضيا وقع عليه اختيار الطرفين المتنازعين للفصل في نزاع محدد بينهم بدلاً من قاضي الدولة الرسمي لحكمة توخاها المشرع عندما أقر نظام التحكيم، ووضع القيود التي تجعله تحت رقابته وهو نفس الإتجاه في محكمة النقض المصرية حين قررت بأنه: "...وهو بذلك ليس طرفا في خصومة التحكيم وإنما شخص يتمتع بثقة الخصوم ويفصل فيما شجر بينهم بحكم حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدوره .
وعليه فإنه لا يجوز على ضوء قانون التحكيم المصري وقانون المرافعات الكويتي أن يكون المحكم شخصاً معنوياً، ولذلك لا يمكن أن يكون المحكم إلا شخصاً طبيعياً، ويستوي بعد ذلك أن يحدد بالإسم في عقد التحكيم أو يتفق عليه الطرفان مستقبلاً عند قيام النزاع أو تعينه المحكمة عند اختلافهما، ولا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال شخصية معنوية كشركة أو جمعية أو هيئة عامة.
ورغم تشابه مهمة المحكم مع مهمة القاضي إلا أنه ليس من السهل إعتبار التحكيم قضاء لأن بينهما فروق جوهرية تتجلى في أن القضاء هو الأصل في هذا المقام، وأن التحكيم فرع، وأن القاضي صاحب ولاية عامة فلا يخرج عن سلطة القضاء أحد ولا يستثنى من إختصاصه موضوع.
ومتى كان المحكم شخصاً طبيعياً فلم يمنع المشرع المصري أو الكويتي أن يكون للمحكم جنسية معينة فيجوز أن يكون أجنبية بخلاف الوضع في بعض قواعد التحكيم التجاري الدولي التي تنص بعض قواعده على أن يكون المحكم من جنسية غير جنسية أطراف النزاع، فنظام هيئة تحكيم غرفة التجارة الدولية الجديد والساري إعتباراً من 1985 حيث تنص المادة الأولي من هذا النظام على إختصاص هيئة لدى الغرفة لحل الخلافات ذات الطابع الدولي التي تقوم في ميدان الأعمال التجارية، واشترطت المادة 6/2 إختلاف جنسية المحكم عن جنسية أطراف النزاع، كما أن نموذج القانون الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولية في يونيو من عام 1985، تنص المادة 1/11 منه على ضرورة فصل جنسية المحكم عن جنسية الخصوم).
والخلاصة أن كل من القانونين المصري والكويتي يوجب الإتفاق على شخص المحكم، ويعفية من التقيد بإجراءات المرافعات عدا ما نص عليه في باب التحكيم")، وإن اختلفا في صورة عدم إتفاق الخصوم على شخص المحكم، فقرر المشرع الكويتي في هذه الحالة للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع بناء على طلب أحد أصحاب المصلحة من الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أما في القانون المصري فتتولى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع إختيار المحكم الذي إمتنع أحد الطرفين عن تعيينه أو فشل الخصوم في الإتفاق على إختيار المحكم الثالث عندما تكون هيئة التحكيم ثلاثية، وهذا أمر سائغ في أغلب التشريعات، فقانون المرافعات الفرنسي يجيز للخصوم تعيين المحكمين بأسمائهم أو الإكتفاء ببيان الطريقة التي على أساسها يتم تعينهم وإلا كانت مشارطة التحكيم باطلة).