الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / المحكم - هيئة التحكيم / الكتب / دراسة تحليلية للمشكلات العلمية والقانونية في مجال التحكيم التجاري / الأساس القانوني لتكوين هيئة التحكيم 

  • الاسم

    د. ابو العلا علي ابو النمر
  • تاريخ النشر

    2004-01-01
  • عدد الصفحات

    520
  • رقم الصفحة

    69

التفاصيل طباعة نسخ

الأساس القانوني لتكوين هيئة التحكيم 

 إن التصدي لدراسة هذه المسألة تقتضى إيضاح الاساس القانوني الذي تشيد عليه شروط صحة تكوين هيئات التحكيم. ولاشك أن الأساس القانوني هو اتفاق التحكيم. ونحن نتصدى لهذه الإشكالية بهدف إبراز مدى التوافق بين قانون التحكيم المصري لعام 1994م واتفاقية نيويورك لعام 1958م والتي تعد جزءاً من النظام القانوني المصري.

 

وفي هذا الشأن تعرف الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون التحكيم المصري اتفاق التحكيم بأنه «اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية .

كما تنص الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه «يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون ، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوی أمام جهة قضائية، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً .

 بل إن مبدأ سلطان الإرادة في هذا المجال أصبح بمثابة مبدأ دستوري بعد صدور حکم المحكمة الدستورية في 3 يوليو سنة 1999م .

ومضمون مبدأ سلطان الإرادة أن لإرادة أطراف التحكيم المشتركة حرية تحديد مضمون المسائل الجوهرية والتفصيلية في هذا الاتفاق مثل نوع التحكيم والمنازعات التي تطرح للتحكيم ووقت وكيفية اختيار المحكمين ومدی سلطاتهم عند نظر المنازعات موضوع التحكيم ومكان التحكيم وإجراءات خصومة التحكيم والقانون الواجب التطبيق في هذا المجال .

وهنا يلاحظ أن اتفاقية نيويورك لعام 1958م لم تشر إلى هذا القيد عندما تصدت لتعريف اتفاق التحكيم وشروط صحته، حيث تنص المادة ؟ من هذه الاتفاقية على أنه:

(1) تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الاطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم

(2) يقصد « باتفاق مکتوب» شرط التحكيم في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو البرقيات». .

(3) على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة - أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل أو لا أثر له أو غير قابل للتطبيق » .

ويتضح من هذا النص أن اتفاقية نيويورك لم تضع قيوداً على كيفية كتابة اتفاق التحكيم وذلك بهدف التيسير على المتعاملين في ساحات التجارة الدولية، فقد يتضمن اتفاق التحكيم تنظيم بعد المسائل التفصيلية الخاصة بالتحكيم في مرحلة أولى ثم يعود الأطراف الى تنظیم باقي المسائل التفصيلية في مرحلة ثانية. فالتحکیم قضاء اتفاقي ومن المندوب ترك الحرية لطرفي التحكيم في تنظيم وتحديد المسائل التفصيلية . ونعتقد أن المشرع المصري في قانون التحكيم، لم یکن موفقاً في وضع هذا القيد . بالاضافة إلى أنه يتعارض مع روح ونص اتفاقية نيويورك. وطالما أن هذه الاتفاقية تعد جزءاً من النظام القانوني المصري وبالنظر إلي أن لها قيمة قانونية تعلو القانون العادي، فإننا نرى في هذا الفرض ، - حيث يوجد هذا التعارض - ترجيح ما ورد النص عليه في اتفاقية نيويورك.

والخلاصة أن اتفاق التحكيم المبرم بعد اثارة النزاع، لا يعد باطلاً إذا لم يتضمن المسائل التفصيلية التي يشملها التحكيم. وأساس ذلك في الواقع العملي أنه لا يوجد ما يمنع اتفاق طرفي التحكيم في وقت لاحق على هذه المسائل ولاسيما وأن المشرع المصري نص صراحة في المادة الأولى من قانون التحكيم على أنه :

« مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري احکام هذا القانون ۰۰۰» أي أنه في حالة حدوث تعارض ترجح أحكام الاتفاقيات الدولية.

ويلاحظ أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985 م لم يضع قيوداً على حرية طرفي التحكيم عند الاتفاق على مبدأ اللجوء إلى التحكيم وذلك على خلاف ما ورد في قانون التحكيم المصري؟). -

والمحكم بمثابة قاض يباشر سلطاته بمقتضی اتفاق الأطراف على اختياره أو بمقتضى الاتفاق على إحالة النزاع إلى هيئة التحكيم دون أن تحدد شخصية المحكم الذي سيفصل في النزاع. فالمحكم لا يعد وكيلاً عن أحد الأطراف المتنازعة، وإنما يقوم بمهمة يتمتع فيها بصفة القاضي ومن ثم له أن يصدر حكمه لصالح أحدهم ضد الآخرين، كما أن له أن يتقاضى أتعاباً عن قيامه بالتحكيم بين أطراف النزاع. 

ويقوم التحكيم على اساسين هما: إرادة الخصوم وإقرار المشرع لهذه الارادة ، فالدولة تجيز التحكيم وتمنح الخصوم الحق في اختيار اشخاص المحكمين أو وضع القواعد التي يتم على ضوئها اختيارهم .