الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • متفرقات / قوانين التحكيم في الدول العربية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 7 / مشروع قانون تحكيم دولة الإمارات العربية المتحدة

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 7
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    27

التفاصيل طباعة نسخ

   مشروع قانون التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة المعد للحلول محل المواد من 203 الى 218 من قانون الإجراءات المدنية الاتحادي هو خطوة مباركة للتحكيم في الإمارات العربية وفي دول الخليج وفي الدول العربية، لأن الصحة أصبحت معدية ولم يعد المرض وحده هو المعدي. وهذه الخطوة العصرية ستأتي بفائدة على الإمارات وغيرها. 

   ولم يعد التحكيم قضاء استثنائياً، بل صار هو القضاء الأصلي للإستثمارات وللتجارة الدولية، من هنا اهمية مشروع القانون الجديد. 

   وأول ما نلاحظه في مشروع قانون الإمارات المطروح للمناقشة انه قريب جداً من قانون التحكيم المصري المأخوذ بدوره عن القانون النموذجي الذي وضعته لجنة قانون التجارة الدولية في الأمم المتحدة (اليونسترال) وقد كيفه المشرع المصري مع متطلبات التشريع المصري. وحذت الأردن ثم سلطنة عمان حذو مصر فتبنت القانون المصري الذي هو يونسترال معدل بينما اعتمدت مملكة البحرين في التحكيم الدولي على القانون النموذجي للتحكيم كما وضعته اليونسترال بدون تعديل. اما سوريا والمغرب فقد اصدرتا اخيراً قانوناً تحكيمياً يجمع اليونسترال الى القانون الفرنسي، بتأثير أقل. وها هي الامارات العربية تضع مشروعاً لقانون تحكيمي قريب جداً من قانون التحكيم المصري. والمطروح اليوم الى جانب مشروع قانون الامارات مشروع قانون اليمن المأخوذ عن قانون التحكيم المصري، وهذا دليل على مدى تأثير الفكر القانوني المصري في العالم العربي. 

   وتأتي الخطوة الى قانون تحكيمي جديد في الإمارات تلبية لحاجات التطور وللدور الكبير الذي تضطلع به الإمارات العربية في التجارة والتوظيفات والإستثمارات الدولية، مما أضفي جواً ملحاً على ايجاد تشريع تحكيمي جديد. 

   ولا بد من وقفة قبل تحليل مشروع قانون التحكيم الإماراتي ومقارنته بقانون التحكيم المصري. 

   لماذا لا يأخذ المشروع الإماراتي عن قانون التحكيم الفرنسي الى جانب ما يأخذ عن مشروع قانون اليونسترال كما كيفه المشرع المصري؟ 

   لبنان والجزائر اخذا عن القانون الفرنسي مع بعض التعديل. كذلك القانون السوري والقانون المغربي عرفا من القانون الفرنسي قليلاً ومن قانون اليونسترال كثيراً، لماذا لا يأخذ المشروع الاماراتي قليلاً من القانون الفرنسي، ولا سيما ان فرنسا طرحت الآن مشروع قانون تحكيمي جديداً مسايرة للتطور.. والجدير بالذكر أن ما أخذه المشرع الاماراتي في مشروعه عن القانون الفرنسي يتعلق بالمادة 16 التي تولي مهمة التحكيم للشخص الطبيعي، واذا كانت الجهة التي تتولى التحكيم شخصاً اعتبارياً، فإن مهمتها تقتصر على تنظيم عملية التحكيم. 

   والفكر القانوني المصري بفقهه واجتهاده هو أهرامات مصرية، ولكن فيها أثر للفكر القانوني الفرنسي! فإذا عدنا الى الفكر القانوني المصري فلعله من الأنسب أن نأخذ بالقانون الفرنسي ولا سيما بصيغته المعدلة الجديدة مع اليونسترال. والملاحظ أن المشروع الاماراتي، فيما لم يأخذه عن القانون المصري وهو قليل جدا، حاد عنه بأحكام تعكس اتجاهات وخيارات عصرية للغاية. وسنأتي على تفصيل ذلك كله.

1- التحكيم التجاري: 

   إن قانون التحكيم المصري الجديد يطبق على كل تحكيم تجاري، وقد اعطى هذا القانون تفسيراً واسعاً لمفهوم التجارة (المادة 2 من القانون المصري). وان هذا الامر بغاية الاهمية في بلد يفرق تشريعه كفرنسا ما بين الاعمال المدنية والاعمال التجارية. وقد تبنى المشروع الإماراتي هذه القاعدة الواردة في القانون المصري (المادة 3 من المشروع الاماراتي). 

2- التحكيم الدولي: 

   كما توسع القانون المصري في مفهوم "التجارة"، كذلك فعل بالنسبة الى التحكيم الدولي. فخصص المادة الثالثة لتعريف التحكيم الدولي، واختلف عن القانون النموذجي في انه اعتمد مقياساً للتفريق بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي هو "المركز الرئيسي لأعمال كل من الطرفين..." بينما القانون النموذجي اعتمد "مقر عمل طرفي الاتفاق". 

   والجديد في القانون المصري هو الفقرة الثانية من المادة الثالثة التي تعتبر أن مجرد الاتفاق على اللجوء الى مركز تحكيمي دائم يعطي التحكيم صفة دولية، وهذا غريب فعلا. وقد حذفه المشروع الإماراتي وخيرا فعل. 

  وبالإجمال اعتمد القانون المصري، كما المشروع الاماراتي، على المقياس الجغرافي لدولية التحكيم. والمقياس الجغرافي يعتمد على تعدد جنسيات الاطراف، وتعدد الاماكن، ومكان التوقيع ومكان التنفيذ ومكان التحكيم، ومحل اقامة أطراف النزاع، ولا يترك جانبا المعيار الاقتصادي الذي يضع مصالح التجارة الدولية في الميزان، وهو يشير الى هذا المعيار بقوله: "يكون التحكيم دولياً في حكم هذا القانون اذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية ...". ثم يذهب بعد ذلك الى المقياس الجغرافي اي الى ارتباط التحكيم بأكثر من دولة واحدة. 

   ولكن التفريق بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي تترتب عليه نتائج مهمة في عدة نقاط: 

أ- إذا كان التحكيم داخلياً فإنه يجيز لرقابته ان تتصدى لأساس النزاع في بلدان كثيرة، بينما اذا كان الحكم التحكيمي دولياً فإن القاضي لا يجيز لرقابته التصدي لأساس النزاع ولا تجيز له ذلك الاتفاقيات التحكيمية الدولية واحيانا لا يجيز له ذلك المشرع.

ب- أن التحكيم الدولي بطبيعته أوسع نطاقاً من التحكيم الداخلي في أنظمة القانون المدني ذات الاصل الروماني التي لا تقبل في التحكيم الداخلي النزاعات المدنية والعمالية، بينما هذه النزاعات في التحكيم الدولي مقبولة. هذا التفريق ليس وارداً في الأنظمة القانونية الانكلوسكسونية. كذلك فإن أمر أهلية الدولة ومصالحها الحكومية يختلف حسب ما اذا كان التحكيم داخلياً ام دولياً. فالدولة بما فيها مصالحها الحكومية يمكن أن تلجأ الى التحكيم الدولي بينما لا يمكنها اللجوء الى التحكيم الداخلي. 

ج- أن القاضي يطبق على التحكيم الداخلي قواعد نظام التحكيم التي وضعها المشرع للتحكيم ويبطل الحكم التحكيمي اذا خالفها، ولا يعتبر أمام حكم تحكيمي دولي أو أجنبي أن نظام تحكيم بلاده هو الذي يجب أن يطبق على التحكيم، بل كل ما يطبقه عليه هو النظام العام. 

د- حتى النظام العام الذي يقف عند حده سلطان الارادة والذي يعرض للإبطال ما اراده الاطراف، يختلف أيضاً حسب ما اذا كان التحكيم دولياً أو داخلياً، فهو نظام عام داخلي في التحكيم الداخلي ونظام عام دولي في التحكيم الدولي. 

   ولكن الغريب ان القانون المصري، وكذلك المشروع الإماراتي، بعدما فرقا بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي واعتمدا مقاييس للتفريق، لم يرتبا عليه آية نتيجة من النتائج التي ترتبها قوانين التحكيم التي تفرق بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي. النتيجة الوحيدة المترتبة على هذا التفريق هي في تحديد المحكمة القضائية ذات الاختصاص لتعيين المحكمين اذا تخلف طرف عن تعيين محكمه والمحكمة الناظرة في إبطال الحكم التحكيمي وتلك المختصة بإعطاء صيغة التنفيذ، الخ... 

   هذه المحكمة هي في التحكيم الداخلي المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع، وفي التحكيم الدولي محكمة استئناف القاهرة. وفي المشروع الاماراتي، هي محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. 

   ولعله من الحكمة الأخذ بقانون التحكيم الفرنسي في التفريق بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي في النتائج وليس في اختصاص القضاء فقط. 

   كذلك لعله من الأفضل التفريق لناحية الحريات المعطاة في التحكيم الدولي لجلب التحكيمات الدولية إلى الإمارات العربية ولا سيما لجهة تشكيل المحكمة التحكيمية والاجراءات، وبالأخص أسباب الإبطال مع المحافظة على أسس الدعوى لجهة الوجاهية والمساواة وحق الدفاع.

3- العقد الإداري: 

   مشروع القانون الإماراتي حذف المقطع الثاني من المادة الأولى من القانون المصري التي تقابلها المادة الثانية من مشروع قانون الامارات وهذا نصها: 

   "بالنسبـة الى منازعات العقود الادارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولـى اختصاصـه بالنسبة إلى الأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك" . 

  ولهذا النص المحذوف قصة في القانون المصري. 

   بعد صدور قانون التحكيم المصري سنة 1994، هبت زوبعة في الاجتهاد حول قابلية العقود الادارية للتحكيم واضطر المشرع الى التدخل حسماً للجدل. 

   هكذا أصدر مجلس الشعب المصري تعديلاً على قانون التحكيم في 13 أيار (مايو) 1997 اضاف فيه الى المادة الاولى مقطعاً يتعلق بالعقود الادارية. فلماذا اغفال "العقد الاداري" من مشروع قانون الامارات؟ وهو أمر قد يثير بلبلة لا مبرر لها ولا سيما أن مشروع القانون يجب ان يقطع الطريق على اية بلبلة في هذا الموضوع. 

أولاً- عقد التحكيم: 

1- تبنى مشروع قانون الإمارات في المادة (11) منه نص المادة (10) من قانون التحكيم المصري التي عالجت الشرط التحكيمي وشرعته وكرست صحة الإحالة الى وثيقة تتضمن شرطاً تحكيمياً. 

2- كذلك تبنى مشروع القانون الاماراتي في المادة (12)، المادة (12) من القانون المصري، باشتراط الكتابة لصحة الشرط التحكيمي وليس لإثباته فقط. 

3- وتبنى المشروع الاماراتي في المادة (2) النص الوارد في المادة (1) من القانون المصري لناحية المنازعات القابلة للتحكيم، المنازعات العقدية أو غير العقدية حتى لو تعلقت بالمسؤولية التقصيرية. 

وكذلك تبنى المشروع الاماراتي القاعدة المصرية أنه لا يجوز التحكيم في ما لا يجوز فيه الصلح (المادة 14 من المشروع تقابلها المادة 11 من القانون المصري) ولا يجوز الاتفاق على التحكيم الا من الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه (المادة على التحكيم 13 مشروع اماراتي تقابلها المادة 11 من القانون المصري). 

4- وتبنى المشروع الاماراتي نظرية استقلالية الشرط التحكيمي عن العقد في الفقرة 4 من المادة 11 الواردة في القانون المصري في المادة 23. 

5- وتبنى المشروع الاماراتي (المادة 15) الأثر الذي رتبه القانون المصري (المادة 13) على الشرط التحكيمي من حيث نزعه اختصاص المحاكم القضائية فيجب على المحكمة التي يرفع اليها نزاع يوجد في شأنه اتفاق تحكيم ان تحكم بعدم قبول الدعوى، اذا دفع المدعى عليه بذلك ولا يحول رفع الدعوى امام القضاء دون بدء اجراءات التحكيم. 

  ولا بد هنا من وقفة حول دور القضاء قبل بداية التحكيم في مشروع القانون الاماراتي. 

ان أول وأهم ما يتعلق بدور القضاء قبل بداية التحكيم موضوع العقد الذي ينزع اختصاص القضاء وكيف يعالج هذا الموضوع. 

   فآثار العقد التحكيمي هي أن الجهة التي كانت مختصة اصلاً بنظر النزاع لا تعود مختصة بذلك. فالعقد التحكيمي يفضي الى تنازل من الاطراف عن اللجوء الى المحاكم القضائية المختصة اصلا. والسؤال الذي يطرح هو هل ان اتفاقية التحكيم من النظام العام بحيث يجب أن تثيرها المحكمة عفوا ام انها دفع يجب ان يدلي به احد الطرفين لنزع اختصاص المحاكم؟ فاذا لم يدل بهذا الدفع اعتبر اتفاق التحكيم ساقطاً. 

   وفي حال اعتبرت آثار اتفاق التحكيم مرتبطة بالدفع الذي يدلي به احد الطرفين امام المحكمة القضائية التي يلجأ اليها الطرف الثاني برغم اتفاق التحكيم، فهل هناك مهلة للإدلاء بهذا الدفع؟ 

  اختلفت الإجابات في تشريعات العالم حول هذه الاسئلة. 

  كان اجتهاد محكمة النقض المصرية المـستقر يعتبـر ان الامـر المتعلـق بـدفـع عـدم الاختصاص يجب اثارته قبل اية مناقشة في الاساس، مستنداً في ذلك الى المادة 818 من قـانون المرافعات (المادة 501، الفقرة الأولى من القانون السابق) التي تجيز اللجوء الى التحكيم. 

   كذلك، فإن تشريعات عديدة أخذت بهذا الاتجاه منها القانون الفرنسي والقانون السويسري وقانون التحكيم التجاري الدولي الاسباني وقانون التحكيم الهولندي وقانون التحكيم التونسي لعام 1993 وقانون التحكيم الجزائري لعام 1993 وقانون موريتانيا لعام 172000. 

   بالنسبة لمحكمة النقض ان الطبيعة التعاقدية للتحكيم، تنزع التحكيم من ميدان النظام العام، وبالتالي لا تستطيع المحاكم اثارة موضوع وجود اتفاقية تحكيمية عفواً. 

ی 20 

  إن هذا الدفع يجب ان يثار قبل اية مناقشة في الاساس والا اعتبر ان الاطراف قد تنازلوا ضمناً عن اثارته كما لو ان احد الاطراف دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير  ذي صفة او ابدی دفعاً بسقوطها بعد مضي سنة باعتبار ان هكذا دفع هو دفع موضوعي. وجاء القانون المصري الجديد مكملاً لهذا الاجتهاد متوافقاً معه. فقد اعتمد مشروع قانون التحكيم الاماراتي في المادة 15 منه القواعد التي اعتمدها القانون المصري في المادة 13 وهي ثلاث قواعد: 

أ- ان اتفاق التحكيم يفضي لأن تصبح المحكمة القضائية منزوعة الاختصاص. وقد استعمل المشروع الاماراتي كما المشرع المصري عبارة: "يجب على المحكمة... أن تحكم بعدم قبول الدعوى...". وقد اثارت هذه العبارة جدلاً اذ ان المقصود هو أن تعلن عدم اختصاصها ويبدو أن المشرع المصري سبق أن استعمل هذه العبارة لأن محكمة النقض المصرية سبق أن حسمت هذا الموضوع وقضت بأن هذا الوضع ينطبق عليه وصف "عدم قبول" الدعوى. ومن ذلك ما قضت به محكمة النقض برفض النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أنكر العدالة عندما قضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وكان الفقه اعتمد هذا الموقف أيضاً.

 ب- يجب ان يدلي المدعى عليه بهذا الدفع قبل ابدائه اي طلب او دفاع في الدعوى. 

ج- لا يحول رفع الدعوى امام القضاء دون البدء في اجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها او أصدار حكم تحكيمي. 

   إن مجرد الاتفاق على التحكيم، ولو كانت الدعوى قدمت سابقاً، يوقف السير بالدعوى امام القضاء الى حين الفصل بالنزاع من قبل هيئة التحكيم باعتبار أن المادة 2/10 نصت في نهايتها على جواز ابرام وثيقة التحكيم ولو كان النزاع القائم قد اقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية وبالتالي فاذا تم الاتفاق على ذلك كان على المحكمة أن توقف الدعوى لحين الفصل بالنزاع من قبل هيئة التحكيم أو انتهاء التحكيم دون الحكم في الموضوع . 

   وكان البرلمان المصري (مجلس الشعب) عند اقرار القانون قد صوت على حذف فقرة من المادة 13 من قانون التحكيم كان قد سبق له التصويت عليها. وكانت هذه الفقرة تنص على "ان المحكمة الوطنية يمكن أن تنظر في دعوى بطلان او فسخ او انهاء شرط التحكيم وبعد إلغاء هذا النص كرس النص الذي يقول بأن رفع الدعوى امام القضاء لا يحول دون البدء في اجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها او اصدار حكم تحكيمي. مما يؤكد ان نية المشرع المصري الصريحة التي تبناها المشروع الاماراتي هي فصل سير التحكيم عن آية مراجعة قضائية مهما كان موضوعها، قطعاً لأية مراجعات قضائية تهدف او تؤدي الى شل التحكيم. وهكذا فان تقديم دعوى قضائية ببطلان اتفاق التحكيم او فسخه لا يعلق سير التحكيم حفظ اثر المراجعة القضائية على الحكم التحكيمي في النهاية. 

والنقطة الثانية المتعلقة بدور القضاء قبل بداية التحكيم مرتبطة بإثارة موضوع بطلان العقد، هل يثير هذا الفريق في الوقت نفسه بطلان الشرط التحكيمي الذي يحتويه؟ وبتعبير آخر، هل يؤدي بطلان العقد الى بطلان احكامه جميعاً بما فيها الشرط التحكيمي الذي يشكل جزءاً منه؟ 

  كذلك اذا دفع المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة التحكيمية لعدم شمول التحكيم لموضوع النزاع... فهل من اختصاص المحكمين البحث في اختصاصهم؟ 

   القانون المصري السابق لم يكن واضحاً بالنسبة لاستقلال الشرط التحكيمي وكان الاجتهاد في تفسيره يميل الى رفض استقلال الشرط التحكيمي. 

  اما القانون المصري في المادة 23، وكذلك فعل المشروع الاماراتي في المادة 11(4)، فقد تبنى استقلال الشرط التحكيمي اذ نص على اختصاص محكمة التحكيم للفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم او سقوطه او بطلانه او عدم شموله لموضوع النزاع، واذا قضت برفض الدفع فلا يجوز الطعن عليه الا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها. وهذا الدفع لا يؤدي الى وقف التحكيم رغم خطورته. 

   والفكرة التي ارتكزت اليها استقلالية الشرط التحكيمي هي ان هذا الاتفاق يشكل عقداً ضمن العقد، الامر الذي يعني، بتعبير آخر، ان الشرط التحكيمي يشكل عقداً معـادلاً للعقـد الاساس وبالتالي فان قاضي الاساس هو قاضي الفرع. وهكذا نص المشرع المصري علـى ان الـشرط التحكيمي يعتبر اتفاقاً مستقلاً وتبعاً لذلك فان شرط التحكيم يبقى صحيحاً ولـو ابطـل العقـد الاصلي او تم فسخه او انهاءه اذ انه تصرف قانوني مستقل عن العقد الذي اشتمل عليه مما يمكن من تصور صحة الشرط التحكيمي وبطلان العقد الاصلي الذي تضمن شرط التحكيم الا اذا كـان سبب البطلان يشمل شرط التحكيم ايضاً مثلاً في حالة ان موقع العقد هو ناقص الاهلية وفي هكذا وضع وهكذا نتيجة فإنه يمكن أن تؤدي الى عرض صحة أو بطلان العقد الاصلي علـى هيئـة التحكيم أو المحكم وفقاً للشرط الذي يحتويه العقد.

  ومن اجل تيسير سير التحكيم وعدم مقاطعة الطرف الذي يعتبر ان العقد باطل وبالتالي ان المحكمة التحكيمية غير مختصة أو أن الاتفاق التحكيمي لا يشمل موضوع النزاع، فان القانون المصري (المادة 22 ومشروع القانون الاماراتي المادة 23) نصا على ان مجرد قيام احد الطرفين بتعيين محكم أو الاشتراك في تعيينه لا يسقط حقه في توجيه هذا الدفع. 

   ولكن الدفع بعدم اختصاص المحكمين، يجب توجيهه في ميعاد لا يتجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعى عليه وهو موعد يتفق عليه الطرفان او تحدده المحكمة التحكيمية. اما الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل اثناء نظر النزاع فيجب التمسك به فوراً والا سقط الحق فيه. ولكن القانون المصري وكذلك مشروع القانون الاتحادي الاماراتي الجديد ترك الباب مفتوحاً للمحكمة التي لها ان تقبل الدفع المتأخر اذا رأت ان التأخير كان لسبب مقبول. 

   وحسناً فعل القانون المصري والمشروع الاماراتي بتركهما الباب مفتوحاً، لأن الدفع بعدم الاختصاص هو في جميع الاحوال دفع جوهري وقد يتعلق بالنظام العام اذا كان النزاع غير قابل للتحكيم أصلاً. اذ في مثل هذه الاحوال لن يسقط الدفع بانقضاء المهلة اذا كان متعلقاً بالنظام العام بل سيتأخر الفصل فيه الى المرحلة اللاحقة لصدور الحكم التحكيمي وهي مرحلة الطعن ببطلان هذا الحكم أو الاعتراض على تنفيذه، بينما يستحسن ان يفحص المحكمون هذا الدفع قبل صدور الحكم التحكيمي تلافياً لصدور حكم تحكيمي يولد ميتاً. 

   فإذا أثار الطرف المدعى عليه الدفع بعدم اختصاص المحكمين خلال المهلة فان المحكمين يملكون الخيار بين الفصل في هذا الدفع على الفور أو ضم هذا الدفع الى موضوع النزاع ليفصلوا فيهما معاً. اما اذا فصلت المحكمة التحكيمية بالدفع واعتبرت نفسها مختصة، فان الطرف المدعى عليه الذي آثار هذا الدفع لا يملك مراجعة المحكمة القضائية طالما ان التحكيم لم ينته، بل يجب أن يصدر الحكم التحكيمي النهائي الذي ينهي الخصومة كلها ويبت في موضوع النزاع، لمراجعة المحكمة القضائية بموضوع الاختصاص. 

   وحرص القانون المصري والمشروع الاماراتي هنا على أن لا يعرقل الطرف سيء النية سير التحكيم، هذا الحرص مفهوم ولكن اقفال باب المحاكم القضائية امام الطرف الذي يثير هذا الدفع فيه بعض التجاوز، فطالما أن مراجعة المحاكم القضائية لن توقف سير التحكيم ولن تؤخر سير التحكيم، فهي ليست إداة للمماطلة. 

   وهنا خالف القانون المصري والمشروع الاماراتي قانون اليونسترال النموذجي الذي اجاز لأي من الطرفين مراجعة القضاء في بحر ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغه القرار التمهيدي الذي تعتبر فيه المحكمة التحكيمية نفسها مختصة، ولكن هذه المراجعة لا توقف سير التحكيم في القانون النموذجي. وقد خالف القانون المصري وكذلك المشروع الاماراتي القانون النموذجي بأن اقفلا باب القضاء أمام آية مراجعة ضد القرار التمهيدي الذي يبت بالاختصاص. 

   ولكن القانون المصري والمشروع الاماراتي ذهبا أبعد من القانون النموذجي لليونسترال في التوضيح اذ نصا على أن المحكمين مختصين بالنظر في اختصاصهم "بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيمي او سقوطه أو بطلانه او عدم شموله لموضوع النزاع "بينما نص القانون النموذجي على أن المحكمين مختصين للبت "في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم او صحته.

   والملاحظ أن القانون الفرنسي قد وضع استثناء لقاعدة استقلال الشرط التحكيمي وهي الحالة التي يكون فيها الشرط التحكيمي باطلاً بطلاناً واضحاً ولا يكون النزاع قد عرض على التحكيم بعد. في هذه الحالة فان مراجعة القضاء ممكنة ولكن القانون المصري وكذلك المشروع الاماراتي المأخوذين عن القانون النموذجي لليونسترال لم يتبنيا هذا التحفظ، ولا ذهبا من جهة أخرى في حماية الشرط التحكيمي ولاسيما في التحكيم الدولي الى الحد الذي ذهب اليه القانون الفرنسي للتحكيم الدولي. ففي القانون الفرنسي للتحكيم الدولي الشرط التحكيمي له استقلالية آيا كان القانون المطبق. اي ان الشرط التحكيمي أصبح منيعاً ضد أي طعن بصحته سواء جاء ذلك من القانون الفرنسي ام من اي قانون آخر يمكن ان يطبق على تحكيم دولي. 

والقانون المصري وكذلك مشروع قانون الامارات العربية أجازا تطبيق أي قانون يتفق عليه الطرفان سواء بالنسبة للاجراءات التحكيمية ام بالنسبة لأساس النزاع. فاذا طبق قانون لا يقر استقلال الشرط التحكيمي في تحكيم دولي يجري في مصر أو في دبي أو في أبو ظبي، فان هذا الشرط لا يعود محصناً كما حصنه القانون الفرنسي.  

   وبالتالي وبالنسبة للتحكيم الدولي الذي يجري في مصر أو في الامارات، فإن القانون المصري والمشروع الاماراتي لا يكونا قد حصنا استقلالية الشرط التحكيمي بالنسبة لأي قانون آخر. 

ثانياً- المحكمون: 

1- استقالة المحكم: 

   طرأ في التحكيم أسلوب جديد للمماطلة والتسويف هو استقالة المحكم ولا سيما في آخر مراحل الدعوى. وقد أولت معظم قوانين التحكيم الجديدة الموضوع عنايتها وعالجته بإجازة صدور الحكم في هذه الحالة عن محكمة تحكيمية مبتورة. ويستحسن أن يعالج المشروع الاماراتي هذا الأمر. 

   بالإضافة الى ذلك سنعالج المواضيع الأربعة التالية: 2- تسمية المحكمين، 3- رد المحكم، 4- تمديد المهل، 5- الحكم على من يتخلف من الشهود. 

2- تسمية المحكمين: 

   اعتمد القانون المصري وكذلك المشروع الاماراتي حرية الارادة في اختيار المحكمين ولم يتدخل القانون في حرية الارادة الا اذا عجزت عن تسمية المحكمين فنص على انه اذا لم يتفق الطرفان تعتمد الحلول الآتية: 

أ- اذا كانت المحكمة التحكيمية مشكلة من محكم واحد تولت اختياره المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع اذا كان التحكيم داخلياً، ومحكمة استئناف القاهرة ومحكمة استئناف أبو ظبي الاتحادية اذا كان التحكيم دولياً ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في الدولة، سواء جرى في مصر أو في الامارات ام في الخارج، وهذه من المرات القلائل التي يفرق فيها القانون بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي.

 ب- اذا كانت المحكمة التحكيمية مؤلفة من ثلاثة محكمين يختار كل طرف محكماً ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فاذا لم يتفق المحكمان على المحكم الثالث وكذلك اذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، في الحالتين تعينه المحكمة التي كانت مختصة اصلاً بنظر النزاع، اذا كان التحكيم داخلياً. وهذا الطلب يقدم بالطرق المعتادة لرفع الدعوى والمحكمة تنظره بكامل هيئتها وتصدر حكماً بتعيين المحكم وهذا الاجراء هو من النظام العام ومخالفته تؤدي الى البطلان اذ ان امتناع الخصم عن المشاركة في تعيين المحكم أو امتناعه عن اختيار محكمه يبرر الالتجاء الى القضاء صاحب الولاية العامة في جميع المنازعات. واذا كان دولياً فمحكمة استئناف القاهرة أو محكمة استئناف أبو ظبي تعين المحكم الثالث أو محكم الطرف المتخلف عن تسمية محكمه. 

ج- المحكم الذي اختاره المحكمان أو الذي تختاره المحكمة القضائية، في حال لم يتفق المحكمان على المحكم الثالث، يكون رئيس المحكمة التحكيمية. 

د - اذا خالف أحد الطرفين اجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها كما اذا اتفقا على أن يعين كل طرف محكمه من لائحة محكمين، أو اذا لم يتفق المحكمان المعينان على امر مما يلزم اتفاقهما عليه، كاختيار المحكم الثالث، أو إذا تخلف الغير عن اداء ما عهد به اليه، او لو عهد الى رئيس غرفة تجارة بلد ما بتعيين المحكم الثالث وتخلف عن القيام بذلك، اذ ذاك تتولى المحكمة التي كانت مختصة اصلاً بنظر النزاع في التحكيم الداخلي ومحكمة استئناف القاهرة أو محكمة استئناف أبو ظبي في التحكيم الدولي، تعيين المحكم أو الاجراء الذي اتفق عليه الطرفان كما لو اتفقا على أن يتم اختيار المحكم من لائحة محكمين معتمدة من مركز تحكيمي فتقوم المحكمة القضائية بهذا العمل مكان الطرف المخل ما لم يكن هنالك اتفاق مخالف على كيفية التعيين من قبل الاطراف وبالطبع تراعي المحكمة القضائية في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها القانون واتفاق الطرفين. وقرار المحكمة في تعيين المحكم واختياره يكون نهائيا ولا يقبل الطعن به.

   والملاحظ أن القانون المصري وكذلك مشروع القانون الاماراتي كرسا التحكيم المؤسسي institutional الذي يعين فيه المحكم الثالث او المحكم المنفرد من قبل مركز التحكيم حين أجازا للطرفين الاتفاق على احالة اختيار المحكم لمركز تحكيمي 

 

3- رد المحكم: 

تبنى القانون المصري والمشروع الاماراتي القاعدة التي وردت في القانون النموذجي وبموجبها لا يجوز رد المحكم الا اذا قامت ظروف تثير شكوكاً جدية حول حياده او استقلاله، ولا يجوز لأي من طرفي التحكيم رد المحكم الذي عينه أو اشترك في تعيينه إلا لسبب تبينه بعد أن تم هذا التعيين. ويمكن للمحكمة وفقاً لنص المادة 20 من قانون التحكيم المصري والمادة 21 من مشروع الامارات أن تنهي مهمة المحكم بعد أن تتثبت من انقطاعه عن أداء مهمته دون عذر مقبول. كذلك ألزم القانون المصري والمشروع الاماراتي المحكم بأن يكون قبوله القيام بمهمته كتابة وألزمه كذلك أن "يوضح عند قبوله عن آية ظروف من شأنها اثارة شكوك حول استقلاله وحياده باعتباره قاضياً يفصل في خصومة وحياده هو من الضمانات الاساسية للتقاضي كذلك يقتضي به الافصاح عن ما اذا كان سبق له النظر بالدعوى اي ان يكون اصدر حكماً فاصلاً بها في الموضوع في شق من الدعوى اذ بذلك يكون كشف عن اتجاهه اما اذا كان فصل بطلب يتعلق بدفع شكلي أو بعدم القبول قبل فصل النزاع في الموضوع فلا يشكل ذلك سبباً للرد. وبذلك يكون قد حدد قواعد مسؤولية المحكم وألزمه بموجب تعاقدي هو تحقيق غاية والغاية هذه هي اصدار حكم تحكيمي ضمن المهلة التعاقدية أو القانونية وحمله مسؤولية تصريحه عن ظروف حياده واستقلاله بحيث يصبح الحساب عسيراً اذا كان الواقع مخالفاً للتصريح الذي يلزم المحكم بأعطائه كتابة وان كان قبوله تولي مهمة التحكيم ليس من الشروط أن تكون كتابة وهذا الأمر غير متعلق بالنظام العام. 

   ورغم ان القانون لا ينص على ذلك فالمفهوم أنه لا يجوز رد المحكم الذي يفصح عن هذه الظروف الا خلال المدة القانونية المقررة للرد والتي تبدأ من تاريخ علم طالب الرد بتلك الظروف التي أفصح عنها المحكم.

    ويقدم طلب الرد الى المحكمة التحكيمية ذاتها خلال خمسة عشر يوماً من العلم بالظروف المبررة للرد في ظل المادة 19 من قانون التحكيم المصري و 20 من المشروع الاماراتي امام المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع اذا كان التحكيم داخلياً وأمام محكمة استئناف القاهرة او محكمة استئناف أبو ظبي اذا كان التحكيم تجارياً دولياً. ويكون حكم المحكمة القضائية غير قابل للطعن بأي طريق. ولا يترتب على تقديم طلب الرد أو على الطعن في حكم محكمة التحكيم برفضه، وقف اجراءات التحكيم. ولكن الحكم برد المحكم، من المحكمة القضائية، يؤدي الى اعتبار ما يكون قد تم من اجراءات التحكيم كأنه لم يكن بما في ذلك حكم المحكمين.

 

4- تمديد المهل: 

   يحمي مشروع القانون الإماراتي التحكيم من بطء المحكمين أنفسهم أو تراخيهم فيوجب صدور الحكم المنهي للخصومة كلها خلال المدة التي اتفق عليها الطرفان سواء كان هذا الاتفاق صريحاً او ضمنياً كأن يقدم الطرفان مذكرات أو مستندات بعد انتهاء المهلة الاصلية المتفق عليها. فإن لم يوجد اتفاق وجب ان يصدر الحكم وفقا للمشروع الاماراتي خلال ستة أشهر (المادة 44 من المشروع) وخلال 12 شهراً في القانون المصري (المادة 45) من بدء اجراءات التحكيم. ولكن بدء اجراءات التحكيم في المشروع الاماراتي هو غير بدئها في القانون المصري، وان جاز للمحكمة التحكيمية مد الميعاد على الا تزيد فترة التمديد على ستة أشهر (في المشروع الاماراتي والمصري) الا باتفاق الطرفين، وهكذا قرار يجب ان يكون صريحاً. فاذا لم يصدر الحكم خلال الميعاد جاز لكل من طرفي التحكيم ان يطلب من رئيس المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع، الامر بتحديد ميعاد اضافي أو بإنهاء اجراءات التحكيم، ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع. وتكون يد هيئة التحكيم مرفوعة عن النزاع، واذا صدر حكم عنها رغم ذلك فيكون حكماً باطلاً. 

   ويكون المشروع الاماراتي والقانون المصري قد اختارا في هذا المجال ابقاء طرفي التحكيم "اسر" التحكيم ولو طال، فالمحكمة التحكيمية لها التمديد ولكن لستة أشهر، اما المحكمة القضائية المختصة اصلاً بالنزاع فلرئيسها ولاية تمديد التحكيم او انهائه، وبإمكانه أن يمدد المهل الى ما شاء كما له رفض التمديد اذا استشعر أن ذلك يحقق الغاية توصلاً الى فصل النزاع في في وقت معقول. 

   والتشريعات التحكيمية في العالم أخذت في موضوع مهلة التحكيم موقفين مختلفين: أ- الاول، وهو الذي أخذ به المشروع الاماراتي والقانون المصري، يجعل باب تمديد مهلة التحكيم في يد المحاكم القضائية الى جانب سلطان الارادة، وهو اتجاه يذهب حتى الى اعطاء المحكم احياناً هذه السلطة، ويفضي الى ان يصبح الخصوم في أسر التحكيم، لا يستطيعون الخروج منه الا بقرار "اخلاء سبيل" من المحكمة القضائية، أو من المحكم بعدم تمديد المهل. وما لم يتخذ هذا القرار، يبقى التحكيم معرضاً لاعادة احيائه باستمرار، بقرار يمدد المهلة. 

ب-  والثاني هو الذي لم يأخذ به مشروع الامارات ولا القانون المصري، والذي يجعل باب تمدید مهلة التحكيم في يد سلطان الارادة وحدها دون سواها، فاذا انقضت مهلة التحكيم تلاشى التحكيم، ولم يعد بإمكان أي مرجع احياؤه – لا المحكم ولا المحكمة القضائية سوى توافق الطرفين على ذلك. فلا يعود الطرف الراغب في الخروج من التحكيم، لانتهاء المهلة التعاقدية أو القانونية، في حاجة الى تحريك ساكن اذا لم يتوصل الى اتفاق مع خصمه. وبإمكانه اذا كان مدعياً ان يراجع القضاء، لأن محاكم الدولة تعود ذات اختصاص بالنظر في النزاع بعد أن تلاشى مفعول العقد التحكيمي الذي كان يجردها من الاختصاص.

5- الحكم على من يتخلف من الشهود: 

   نص القانون المصري في المادة 37 وكذلك المشروع الاماراتي في المادة 37 على ان رئيس المحكمة المختصة اصلاً بالنزاع في التحكيم الداخلي ومحكمة استئناف القاهرة أو محكمة استئناف أبو ظبي في التحكيم الدولي هو المرجع القضائي المختص وفي القانون المصري الشاهد ملزم بالحضور وفي المشروع الاماراتي الشاهد ملزم بالحضور وبحلف اليمين. فإذا تخلف الشاهد عن الحضور في القانون المصري او تخلف او امتنع عن حلف اليمين في المشروع الاماراتي فإن المرجع القضائي المذكور هو الذي يحكم على الشاهد المتخلف بالجزاءات المقررة قانوناً. 

ما عدا ذلك

    باستثناء أربع فقرات اضاف فيها المشروع الاماراتي احكاماً من القانون المصري أو حذفها فإن الأحكام المطبقة على المحكمين في القانون المصري هي نفسها تبناها المشروع الاماراتي. 

الفقرة الأولى- عدم جواز تعيين المحكم الثالث من جنسية أحد الطرفين في التحكيم الدولي: 

   أضاف المشروع في المادة 18، إلى المادة 17 من القانون المصري، فقرة تتعلق بعدم جواز تعیین محكم فرد او رئيس المحكمة التحكيمية في التحكيم الدولي من جنسية أحد الطرفين ونصها: 

   "واذا كان التحكيم دولياً فيتعين الا يكون المحكم اذا كان فرداً أو رئيساً لهيئة التحكيم من جنسية أحد أطراف النزاع".

   ويكون المشروع قد رتب أثراً على التحكيم الدولي غير اختصاص قضاء المراجعات، ولكن هذا النص لا يشير الى انه قاعدة الزامية آمرة أم لا، فهو لا يقول "بالرغم من كل بند مخالف" ولا يقول "الا اذا اتفق الطرفان على غير ذلك". 

الفقرة الثانية- لا يقبل طلب رد المحكم مرة ثانية: 

  حذف المشروع الاماراتي الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون المصري وتنص على أنه "لا يقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المحكم نفسه في ذات التحكيم". 

ولعل هذا الحـذف يأتي في مكانه لقطع الطريق على وسائل المماطلة والتسويف في التحكيم.


 

الفقرة الثالثة- تنحي المحكم ليس اقراراً بصحة أسباب الرد: 

  اضاف المشروع الاماراتي في المادة 22، الى المادة 21 من القانون المصري، فقرة ثانية تنص على أنه: 

  "لا يعتبر تنحي المحكم عن مهمته او اتفاق الطرفين على ذلك الانهاء اقراراً بصحة اي من أسباب الرد". 

   وهي اضافة تأتي في مكانها لأنها تسهل تنحي المحكم اذا طرأت ظروف بررت تنحي محكم أو جعلت الطرفين يتفقان على انهاء مهمته، ولكن هذا التنحي وهذا الإنهاء لا يرتب اي أثر قانوني ولا اي قرينة على أسباب الرد. 

 

الفقرة الرابعة- الشخص المعنوي ينظم التحكيم ولا يفصل فيه: 

   اضاف المشروع الاماراتي الى المادة (15) من القانون المصري فقرة في المادة 16 منه مأخوذة من قانون التحكيم الداخلي الفرنسي تنص على "ان يتولى مهمة التحكيم شخص طبيعي واذا كانت الجهة التي تتولى التحكيم شخصاً اعتبارياً فإن مهمتها تقتصر على تنظيم عملية التحكيم". 

    يذهب المرسوم الفرنسي لعام 1980 المتعلق بالتحكيم الداخلي الى أن مهمة الحكم تقتضي ان يعهد بها الى شخص طبيعي، له حق التصرف الكامل وفقاً لحقوقه المدنية كافة، واذا عينت الاتفاقية التحكيمية شخصاً معنوياً لهذه الغاية، فلا يكون لهذا الشخص الاصلاحية تنظيم العملية التحكيمية، وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد حدد للشخص المعنوي موقعاً خاصاً في نظام التحكيم الداخلي، دون ان يترك له في المقابل موقعاً مماثلاً في ما خص عملية الفصل في النزاعات. 

   ماذا يحصل عندما يعمد الأفرقاء الى تعيين شخص معنوي كحكم تعهد اليه مهمة الفصل في النزاع؟ اكتفى المشرع بالقول انه اذا كانت اتفاقية التحكيم تعين شخصاً معنوياً كحكم، فلا يكون لهذا الأخير الا صلاحية تنظيم عملية التحكيم. 

   وعليه، عندما يكون شخـص طبيعي او معنـوي مكلفاً بتنظيم عملية التحكيم، ويعهد بهذه العملية الى محكم أو أكثر، يقتض ان يكون موافقاً عليه أو عليهم من قبل سائر الأفرقاء. 

   وفي حال الاختلاف، يعمد الشخص المولج اليه تنظيم عملية التحكيم الى دعوة كل فريق الى تسمية محكمه، وكذلك الى تعيين المحكم اللازم لاستكمال هيئة المحكمة التحكيمية. فإذا لم يعمد اي من الأفرقاء الى تسمية محكمه، يجري تعيينه بواسطة الشخص المولج اليه تنظيم الاجراءات التحكيمية. 

   يمكن للشخص المنظم ان يشترط على المحكمة التحكيمية، الا يصدر عنها الا مشروع قرار تحكيمي، حتى اذا ما اعترض عليه أي من الأفرقاء، فإن التحكيم بكليته يعاد اجراؤه بواسطة محكمة تحكيمية ثانية. وفي هذه الحالة يعين الشخص المنظم للتحكيم اعضاء المحكمة المذكورة، على ان يكون لكل من الأفرقاء القدرة على استبدال احد المحكمين الذين جرى تعيينهم. 

   إن القواعد الأكثر أهمية في ما تعلق بتنظيم هذا التحكيم هي التالية: 

أ- يقتضي أن يكون المحكم شخصاً طبيعياً له حق التصرف الكامل بسائر حقوقه المدنية. هذه القاعدة الزامية، حتى اذا ما عين شخص معنوي لهذه المهمة، فلا يكون له الا حق تنظيم اجراءات التحكيم. جميع الأفرقاء. 

ب- يقتضي أن يحوز تعيين المحكمين موافقة 

ج- اذا لم يتمكن الأفرقاء من الاتفاق على هذا التعيين، يعود الى الشخص المولج اليه تنظيم عملية التحكيم، اي المركز التحكيمي الدائم، الامساك بمقاليد الأمور، داعياً كلاً من الأفرقاء الى تعيين حكمه، على أن يكون للشخص المنظم الحق في تعيين المحكم الثالث، اذا لم يتوافق عليه الفريقان الآخران. 

   وبهذا يتحاشى النص الفرنسي فرض محكم منفرد على الأفرقاء، دون الاستحصال على موافقتهم الاجماعية. واذا لم يتفقوا فيما بينهم على ذلك، يعود إلى كل منهم تسمية محكم، وتصبح المحكمة التحكيمية مؤلفة من ثلاثة محكمين بدلا من محكم واحد. 

د- ان فض النزاعات عن طريق مركز التحكيم الدائم، يمكن أن يلحظ اصدار القرار التحكيمي على مرحلتين، تقتصر المرحلة الأولى على تنظيم مشروع قرار تحكيمي يسلم الى الأفرقاء، حتى اذا ما اعترض عليه احدهم، أعيد إلى المحكمة التحكيمية التي عين مركز التحكيم اعضاءها. ويمكن لكل من الأفرقاء طلب استبدال أحد المحكمين المعينين لتشكيل المحكمة التحكيمية الثانية، الا ان النص لا يتطرق بدقة الى وسائل هذا الاستبدال، وما اذا كان الفريق الذي اعترض على التعيين، هو الذي يختار بنفسه المحكم البديل، أم يختاره المركز الدائم للتحكيم؟ 

   عادة تتشكل المحكمة الثانية من خمسة أعضاء، واذا كان بمقدور كل فريق طلب استبدال أحد المحكمين، وتعيين الحكم البديل بنفسه، يبقى ثلاثة محكمين آخرون يشكلون اغلبية المحكمة، ولا يمكن استبدال هؤلاء.

   الا انه تقتضي الملاحظة انه اذا كان تنظيم التحكيم الداخلي الفرنسي اعترف للشخصية المعنوية بحق تنظيم التحكيم، فقد عمد الى معالجة هذا الموضوع بطريقة غريبة جداً عن فلسفة وروحية التحكيم الذي يتطلب السرعة في فض النزاعات. وفي هذا النص، فإن المشترع الفرنسي فتح الباب واسعاً أمام المناقشات، تاركاً للأفرقاء الحق في معارضة "مشروع القرار التحكيمي"، وتاركاً هذا القرار بالتالي معلقاً لكونه لا يتمتع بقوة القضية المقضية، وكأنه قرار ما زال في مرحلة التداول والمذاكرة، وهو ما يعتبر أمراً فريداً في الحقل القضائي، وبصورة خاصة في الحقل التحكيمي. 

   والأمر المقصود هنا، هو بالطبع قواعد الاجراءات المطبقة على التحكيم الداخلي. اما في صدد التحكيم الدولي، فهو حر وغير مرتبط بأية قيود وموانع، اذ يمكن للشخص المعنوي، ان يكون، ليس منظماً للتحكيم فحسب، بل حكماً ايضاً، يفصل بنفسه في النزاع القائم. وكذلك هو الأمر في التحكيم النظامي الدولي، حيث يمكن للحكم ان يكون منفرداً، حتى ولو اعترض على ذلك أحد الأفرقاء أو جميعهم، فمثل هذا الاعتراض لا يلزم مركز التحكيم الدائم بتعيين حكام جدد. 

  واخيراً، فإن فض النزاع عن طريق هذا المركز، ليس مرتبطا بأية قاعدة الزامية، في ما يتعلق بالإجراءات التي يعتمدها، ويمكنه بالتالي اقامة التحكيم في مرحلة او مرحلتين، كما يمكنه أن يحتفظ بحق تعيين جميع اعضاء المحكمة التحكيمية، أو الاقتصار على حقه في تعيين الحكم الثالث المرجح.

الفقرة الخامسة- هل يحق للمرأة أن تكون محكمة؟ 

   نص القانون المصري في المادة (2)16 على انه "لا يشترط أن يكون المحكم من جنس او جنسية"، وهي مادة لم ترد في القانون النموذجي الذي وضعته اليونسترال، ولكن المشرع المصري حرص على اضافة هذه المادة لتأكيد حق المرأة في ان تكون محكمة. 

   وجاء المشروع الاماراتي فنص في المادة (2)17 على أنه: "لا يشترط أن يكون المحكم من جنسية معينة..."، مغفلاً كلمة "من جنس" فهل المقصود حرمان المرأة من الأهلية، لأن تكون محكمة؟ اذا كان هناك اصرار على هذه القاعدة فيمكن التمسك بها في التحكيم الداخلي وفتح الباب امام المرأة لتكون محكماً في التحكيم الدولي. 

ما عدا ذلك 

   فإن المشروع الاماراتي تبنى القواعد الواردة في القانون المصري والتي ترعى موضوع المحكم ولا سيما: 

1- عدد المحكمين وتر، والا كان التحكيم باطلاً (المادة 15 في القانون المصري و16 في المشروع الاماراتي). 

2- لا يجوز ان يكون المحكم قاصراً او محجوراً عليه او محروماً من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو بسبب شهر افلاسه (المادة 16 مصري و17 مشروع اماراتي). 

3- اذا لم يتفق الطرفان أو المحكمان على تسمية محكم سمته المحكمة المختصة (المادة 17 مصري و 18 مشروع اماراتي). 

4- يكون قبول المحكم بمهمته كتابة ويجب عليه أن يفصح عند قبوله وخلال مباشرته اجراءات التحكيم عن آية ظروف من شأنها اثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته (المادة (3)16 مصري- المادة (1)19 مشروع اماراتي). 

5- لا يجوز رد المحكم الا اذا قامت ظروف تثير شكوكاً لها ما يبررها حول حيدته او استقلاله ولا يجوز لأي من الطرفين رد المحكم الذي عينه أو الذي اشترك في تعيينه، الا لسبب تبينه بعد التعيين (المادة 18 مصري – 19 (2-3) مشروع اماراتي). 

6- يقدم طلب الرد الى هيئة التحكيم فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال 7 أيام جاز لطالب الرد رفع طلبه الى المحكمة المختصة خلال 15 يوماً تبدأ من نهاية الأيام السبعة فتبت المحكمة على وجه السرعة ويكون حكمها غير قابل للطعن. ولا يترتب على تقديم طلب الرد او على رفع الطلب الى المحكمة وقف اجراءات التحكيم. فإذا حكم بالرد اعتبرت الاجراءات التي تمت كأنها لم تكن (المادة 19 مصري ومشروع اماراتي 20). علماً أن القانون المصري يمنح المحكم المطلوب رده 15 يوماً حتى يتنحى بينما اختصر المشرع الاماراتي هذه المهلة حتى 7 أيام. 

7- اذا تعذر على المحكم اداء مهمته أو لم يباشرها او انقطع عن ادائها بما يؤدي الى تأخير لا مبرر في الاجراءات أو اذا ثبت افتقاره الى مؤهلات سبق أن اتفق طرفا التحكيم على استلزامها ولم يتنح ولم يتفق الطرفان على عزله جاز للمحكمة المختصة انهاء مهمته بناء على طلب اي من الطرفين ويكون حكمها غير قابل للطعن (المادة 20 مصري و 21 مشروع اماراتي). 

8- لهيئة التحكيم اختصاص النظر في اختصاصها ويجب التمسك بالدفوع المتعلقة بعدم وجود اتفاق تحكيم او سقوطه او بطلانه او عدم شموله موضوع النزاع في ميعاد لا يتجاوز ميعاد تقدیم دفاع المدعى عليه. 

لا يترتب على قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين محكم أو الاشتراك في تعيينه سقوط حقه في تقديم اي من هذه الدفوع (المادة 22 مصري – المادة 23 مشروع اماراتي).

 ثالثا- إجراءات التحكيم: 

   اجراءات التحكيم في مشروع قانون الامارات متفقة اجمالاً مع القواعد والنصوص التي ارساها قانون التحكيم المصري. وقد اختلف المشروع الاماراتي عن القانون المصري في بعض النقاط المهمة التي سنعرضها فيما يلي، ثم نعرض للنقاط التي اتفقا عليها. 

فقرة اولى- نقاط الاختلاف مع القانون المصري: 

1- تاريخ بدء التحكيم: 

   نص القانون المصري في المادة 27 منه على أن "تبدأ اجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر". اما المشروع الاماراتي فقد نص في المادة 26 منه على ان "تبدأ اجراءات التحكيم من تاريخ انعقاد الجلسة الأولى التي تحددها هيئة التحكيم". وصيغة الامارات هي عملياً أفضل لأن تحديد هذا التاريخ سهل وهو في متناول هيئة التحكيم بينما تبدأ المهلة بموجب الصيغة المصرية من تاريخ لا تكون الهيئة التحكيمية قد وجدت فيه بعد، مما يتيح المجال لعدم ضبط هذا الموعد بدقة مع ما يترتب على بدء سريان التحكيم من نتائج على المهل. 

2- التدابير المؤقتة والتحفظية من اختصاص القضاء وحده: 

   مشروع القانون الاماراتي لم يذكر التدابير التحفظية والمؤقتة وبالتالي تكون هذه التدابير من اختصاص القضاء وحده. بينما حفظ القانون المصري صراحة حق المحكمة القضائية المختصة اصلاً بالنظر في النزاع في أن تأمر، بناء على طلب أحد الطرفين، باتخاذ تدابير مؤقتة او تحفظية، وهذه التدابير لا تهدف الى الحصول على حكم حاسم في موضوع النزاع، بل هي حماية تظل قائمة حتى تحقيق الحماية العادلة، سواء قبل بدء اجراءات التحكيم او خلالها. اما حق المحكمة التحكيمية في الامر بهذه التدابير فقد نظمه القانون المصري في المادة 24، إذ قضى بأن يكون لمحكمة التحكيم، حق الامر بذلك على أن يكون لها حق طلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدبير الذي تأمر به. واذا تخلف من صدر اليه الأمر عن تنفيذه جاز لمحكمة التحكيم، بناء على طلب الطرف الآخر، ان تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذه، وذلك دون اخلال بحق هذا الطرف في ان يطلب من رئيس المحكمة القضائية المختصة اصلاً بالنظر في النزاع الأمر بالتنفيذ. ونحن نتساءل: لماذا يعطى المحكمون سلطة بت النزاع ولا يعطون الأقل من ذلك في الأمر باتخاذ تدابير تحفظية ومؤقتة، ولا سيما بعد تشكيل الهيئة التحكيمية؟ 

3- الشهود والخبراء بعد اداء اليمين في مشروع الامارات: 

   اختلف مشروع قانون الامارات عن القانون المصري لناحية سماع الشهود والخبراء. ففي حين نص المشروع صراحة في المادة 32(4) ان "يكون سماع الشهود والخبراء بعد اليمين..." فإن القانون المصري نص في المادة 33(4) ان يكون سماع الشهود والخبراء بدون اداء اليمين". 

   ولا نعتقد أنه ثمة ما يمنع الهيئة التحكيمية من سماع الشهود والخبراء بعد اداء اليمين طالما أنها مكرسة كسلطة قضائية تعاقدية. ولماذا يعفي الشهود في التحكيم من اليمين في حين انهم ملزمون بأداء اليمين امام القضاء؟ ففي الحالتين ستترتب على شهادتهم نتائج في قناعة المحكمين هنا والقضاة هناك فلماذا يكون اعفاؤهم من اليمين هنا والزامهم بها هناك؟ 

4- الوجاهية وابلاغ الطرفين ما يقدم الى الهيئة التحكيمية: 

   وفقاً للقانون المصري في المادة 31 منه: ترسل صورة مما يقدمه أحد الطرفين الـى هيئة التحكيم من مذكرات ومستندات او اوراق اخرى الى الطرف الآخر وكذلك ترسل الـى كل من الطرفين صـورة من كل ما يقدم الـى الهيئـة المـذكورة مـن تقـارير الخبـراء والمستندات. 

   حذف المشروع الاماراتي في المادة 30 المقطع الأخير من المادة 31 (مصري) التي تبدأ "وكذلك ترسل الى كل من الطرفين صورة..." والمقطع الأول يلزم بتقديم نسخة عن الأوراق والمستندات والمذكرات الى هيئة التحكيم والى الطرفين. 

   ولا نعتقد أن من السلامة حذف المقطع المتعلق بإلزام ابلاغ الفريقين نسخة عن تقارير الخبراء والمستندات وغيرها من الأدلة المقدمة إلى الهيئة. 

5- إذا لم يقدم المدعي صحيفة دعواه انهيت الاجراءات، فاذا لم يقدم المدعى عليه دفاعه؟ 

   نصت المادة 34(1)(2) من قانون التحكيم المصري على ان: 

  "مادة 34- 1 اذا لم يقدم المدعي دون عذر مقبول بياناً مكتوباً بدعواه وفقاً للفقرة الأولى من المادة (30) وجب ان تأمر هيئة التحكيم بإنهاء اجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك . 

2- واذا لم يقدم المدعى عليه مذكرة بدفاعه وفقاً للفقرة الثانية من المادة (30) من هذا القانون وجب ان تستمر هيئة التحكيم في اجراءات التحكيم دون ان يعتبر ذلك بذاته إقراراً من المدعى عليه بدعوى المدعى، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك." 

   في مشروع القانون الاماراتي حذف المقطع 2 في المادة 33 المتعلق بعدم تقديم المدعى عليه لدفاعه ولا تستقيم المادة وتفقد توازنها بهذا الحذف، لأنها تعاقب المدعي ولا تعاقب المدعى عليه على التصرف نفسه.

6- لهيئة التحكيم طلب مساعدة القضاء: 

نصت المادة 36 من المشروع الاماراتي على ما يلي: 

  "لهيئة التحكيم ولأي من الطرفين طلب المساعدة من المحكمة المختصة في الدولة للحصول على أدلة، وللمحكمة المعينة تنفيذ الطلب في حدود سلطتها ووفقاً لقواعدها الخاصة بالحصول على الأدلة". 

  ولم يرد هذا النص في القانون المصري. 

  يمكن ان نتساءل عن المساعدة التي يمكن للمحكمة المختصة اصلاً تقديمها الى هيئة التحكيم غير ما تنص عليه المادة 37 من المشروع والمنصوص عليها في المادة 36 منه التي تقابلها المادة 37 من القانون المصري لناحية: 

   1- الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الاجابة... 

  2- الأمر بالإنابة القضائية. 

   وقد اضاف المشروع في المادة 37 منه، الى المادة 37 في القانون المصري، الحق للهيئة في ان تطلب من القضاء "تكليف الغير بإبراز مستند في حوزته ضروري للفصل في النزاع". 

والفقرة التي أضافها المشروع الاماراتي على القانون المصري تحتاج لوقفة لا سيما وانها تفتح باب الاستعانة بالقضاء للحصول على ادلة واثباتات في الدعوى التحكيمية والأمر يحتاج الى القاء ضوء على الموضوع. 

   في التحكيم الدولي، يشكل الاثبات الكتابي بدون شك وسيلة اثبات مميزة. حتى أن بعض الأنظمة التحكيمية لحظت امكانية اجراء محاكمة تحكيمية محصورة بالكتابة اذا رغب الطرفان بذلك، هذا ما اشار اليه نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية والهيئة الاميركية للتحكيم. والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي ينص في المادة 24 فقرة -1- على انه "تقرر هيئة التحكيم ما اذا كانت ستعقد جلسات مرافعة شفهية لتقديم البينات أو لتقديم الحجج الشفهية أو أنها ستسير في الاجراءات على اساس المستندات وغيرها من الأدلة المادية، مع مراعاة أي اتفاق مخالف لذلك بين الطرفين". 

    فى نظام القوانين المدنية تأتي المستندات الكتابية لإضعاف أو تقوية حجة قانونية أو واقعة اثارها احد طرفي النزاع. طالما ان الاثبات هو على من أدعي، فان كل طرف يبرز من المستندات ما يعتبره مفيداً لدعم مطالبه، او دفاعه، بحيث أن المسألة التي تشغل اجراءات المحاكمة أكثر ما تشغلها، هي تبادل المستندات الكتابية، وابلاغها من كل طرف للآخر. 

   ويحق لكل طرف أن يكتم المستندات التي ليست في صالح حجته القانونية، الا اذا طلب القاضي منه كشفها. وقد قاومت القوانين المدنية فترة طويلة، اصدار أمر لأي طرف من طرفي النزاع او طرف خارج عن النزاع بأن يبرز للمحكمة وللطرف الآخر خلافاً لارادته اي مستند اساسي له تأثيره على النزاع. 

   في نظام اعراف القوانين الانكلو اميركية ينحصر موضوع تبادل المستندات بين اطراف النزاع في الزام الطرفين بأن يبلغ كل منهما "عفواً" وليس كرهاً اي مستندات او معلومات يملكها، حتى تلك التي لا تكون في صالحه. هذه هي فكرة الـ Discovery اي "الالزام بتقديم كل الاثباتات" فان تخلف طرف عن ذلك أمر به القاضي. الفقه في اعراف القوانين الانكلو اميركية يصف هذا "الالزام بتقديم كل الاثباتات" بأنه اهم الوسائل المساعدة لتحقيق العدالة، فالمحكمة تصدر امراً للطرفين في النزاع القضائي، بأن يكشفا تحت اليمين كل المستندات التي في متناول يدهم والعائدة للامور موضوع النزاع. 

   فيكون المشروع الاماراتي قد تبنى قاعدة Discovery من أعراف القوانين الانكلو اميركية بشكل غير مباشر وخول القضاء اصدار الأمر بذلك مما يجعل التحكيم في المشروع الاماراتي مستعيناً بالقضاء في البحث عن الأدلة والاثباتات بشكل فعال. 

ما عدا ذلك 

الفقرة الثانية- نقاط الاتفاق مع القانون المصري: 

1- سلطان الارادة: 

   تبنى المشروع الاماراتي في المادة 24 القاعدة نفسها التي تبناها القانون المصري (المادة 25) وهي الواردة في القانون النموذجي لليونسترال والتي تقضي بأن يكون قانون الاجراءات هو سلطان الارادة، فأعطى طرفي التحكيم الاتفاق على الاجراءات التي تتبعها الهيئة التحكيمية ويكون من حق سلطان الارادة إخضاع هذه الاجراءات لنظام أي مركز تحكيمي في الامارات او خارجها أو وضع اجراءات خاصة بها. واذا لم يتوصل الأطراف الى اتفاق اخذت عنهم هذه السلطة الهيئة التحكيمية التي تختار الاجراءات التي تراها مناسبة. 

2- المساواة وحق الدفاع: 

   تبنى المشروع الاماراتي (المادة 25) النص الوارد في القانون المصري (المادة 26) والذي يقضي بأن "يعامل طرفا التحكيم على قدم المساواة وتهيأ لكل منهما فرصة متكافئة وكاملة لعرض طلباته ودفاعه". 

3- مكان التحكيم: 

   تبنى المشروع الاماراتي (المادة 27) نص المادة 28 من القانون المصري. مكان التحكيم اذا خاضع لسلطان الارادة، فيمكن ان يختار الطرفان المكان الذي يريدانه سواء في التحكيم الـداخلي أو في التحكيم الدولي. ويمكن ان يكون التحكيم في الامارات العربية او خارجها. واذا لـم يتفق على مكان التحكيم عينته المحكمة التحكيمية مع مراعاة ظـروف الـدعوى وملاءمـة المكـان لأطرافها. 

   وهكذا فان سلطة المحكمة التحكيمية في اختيار مكان التحكيم مقيدة بظروف الدعوى وملاءمة المكان للأطراف. 

   وهل المقصود بحرية محكمة التحكيم في اختيار مكان التحكيم هو المكان داخل الامارات العربية؟ لأن حرية المحكمة التحكيمية في اختيار مكان التحكيم مقيدة بخضوع التحكيم لقانون التحكيم الاماراتي، اذ لا يمكنها أن تقرر مكاناً للتحكيم خارج الامارات العربية، لأن ذلك ينتهي بصدور حكم تحكيمي أجنبي، وهو ما يتعارض مع انطباق مشروع قانون التحكيم الاماراتي، الا اذا اجاز لها الطرفان ذلك أو صدقاً على قرارها. 

   طبعاً، إن اختيار المكان اضافة الى ملاءمته للطرفين ولظروف الدعوى ولخضوع التحكيم لقانون الامارات ليس باختيار جغرافي، بل هو قانوني لأن الأهم في المكان هو قانون التحكيم المطبق في هذا المكان والحريات التي يضمنها لحسن سير التحكيم، ولصدور حكم محصن من المراجعات القضائية. 

  واذا كان مكان التحكيم الذي اختاره الطرفان أو المحكمان هو جنيف مثلاً فيبقى بإمكان المحكمة التحكيمية ان تجتمع في اي مكان تراه مناسباً للقيام بإجراء من اجراءات التحكيم، كسماع أطراف النزاع فيما لو كانوا مقيمين في غير مكان التحكيم وكان متعذراً وصولهم الى مكان التحكيم أو سماع الشهود الذين يكونون في حرية أكثر في مكان غير مكان التحكيم مثلاً، أو سماع الخبراء أو الاطلاع على مستندات لا يمكن نقلها الى مكان التحكيم، أو معاينة بضاعة من المكلف نقلها الى مكان التحكيم، او اجراء مداولة بين اعضائها. أن اختيار مكان التحكيم له أهمية بالغة، اذ ان اتخاذ دولة مكاناً له يعطي اختصاصاً لمحاكم تلك الدولة للمساعدة في اعمال الهيئة التحكيمية مثل تعيين المحكم الثالث او اتخاذ امر اجرائي بالقيام بعمل ما أو الأمر بإنابة قضائية (المادة 37 من المشروع الاماراتي و 37 مصري) او اتخاذ اجراءات جزائية بخصوص تزوير ورقة قدمت إلى هيئة التحكيم (المادة 45 من المشروع الاماراتي- 46 مصري) كما انه يمكن ان تطبق اجراءات التحكيم المقيدة في هذا البلد عند اتفاق الأفرقاء على القواعد الاجرائية، كما أنه يمكن لقضاء هذا البلد تمديد مهلة التحكيم أو الأمر بانهائها بناء على طلب اي من الفرقاء (المادة 44 من المشروع الاماراتي المادة 45 مصري). 

4- لغة التحكيم: 

   لغة التحكيم يختارها سلطان الارادة والا فمحكمة التحكيم، والمشروع الاماراتي (المادة 28 منه) كما القانون المصري (المادة 29) جاءا الى هذا الموضوع بطريقة ديبلوماسية، اذ نصا على ان لغة التحكيم هي العربية ما لم يتفق الطرفان أو تحدد محكمة التحكيم لغة او لغات أخرى. وهذه القاعدة مأخوذة من القانون النموذجي. 

   وللهيئة التحكيمية أن تقرر أن يرفق بكل أو بعض الوثائق المكتوبة التي تقدم في الدعوى ترجمة الى اللغة أو اللغات المستعملة في التحكيم. وفي حال تعدد هذه اللغات يجوز قصر الترجمة على بعضها. وهذه القاعدة مأخوذة من القانون النموذجي. والقاعدة تهدف الى اختيار لغة أو لغات للتحكيم تكون سهلة على اطراف النزاع فلا تعود عقبة أمام التحكيم او مميزة لطرف عن آخر. ولكن ذلك يجب ألا يؤدي الى اعباء مالية يمكن للتحكيم ان يخفف منها. 

5- سقوط الحق في التمسك بمخالفة اتفاق التحكيم أو أحكام القانون غير الملزمة: 

   وضماناً لاستمرار التحكيم وتحصين حكم المحكمين، نص المشروع الاماراتي (المادة 10 و8 في القانون المصري) على انه اذا استمر أحد طرفي النزاع في اجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته، ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه، أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق أو في ميعاد تقديم المدعى عليه دفاعه، اذا لم يكن الفريقان اتفقا على ميعاد لتقديم الدفوع الاجرائية، اعتبر ذلك نزولاً منه عن حقه في الاعتراض. وهذه القاعدة مأخوذة من القانون النموذجي (المادة 4 من القانون النموذجي لليونسترال). 

   ويعتبر الدكتور أكثم الخولي أن المشرع في هذه القاعدة يتوسع في افتراض التنازل عن حق ثابت لأحد الطرفين خلافاً لحكم القواعد العامة. ثم ان المخالفات تتفاوت في جسامتها ولا يسوغ أصلاً افتراض التنازل في الخطير منها. فهل يجوز مثلاً القول بوجود تنازل عن التمسك بمخالفة شرط التحكيم اذا عين المحكم الثالث بإرادة محكم واحد لا باتفاق المحكمين المعينين من الاطراف طبقاً لما يقضي به شرط التحكيم؟ ثم ألا تقوم صعوبة كبيرة حول تحديد الوقت المعقول الذي يؤدي فواته الى اعتبار أحد الطرفين متنازلاً عن المخالفة ومتجاوزاً عنها؟ 

   وتجدر الملاحظة الى ان القانون لا يشير الا إلى المخالفات التي تتعلق بأحكام القانون غير الالزامية ولهذا فإن الامثلة المذكورة أعلاه لا يشملها التنازل الضمني. بيد انه لو ان مدعي بطلان حكم تحكيم استمر في اجراءات التحكيم رغم علمه بتجاوز ميعاد التحكيم وقدم مذكرات فيكون تنازل عن حقه في الاعتراض، كما أن عدم الاعتراض على تشكيل هيئة التحكيم والمثول أمامها وتقديم الدفاع يشكل نزولاً عن حق الاعتراض. 

6- الخبراء: 

   ذلك نص المشروع الاماراتي (المادة 35)، كذلك القانون المصري (المادة 36) على حق المحكمة التحكيمية في تعيين الخبراء في شأن مسائل معينة تحددها. واخذ بنص القانون النموذجي لهذه الجهة (المادة 26). والغالب أن يكون تعيين الخبير بناء على طلب أحد الطرفين وان يكلف الخبير بتقديم تقرير في مسائل فنية أو حسابية لا تتوافر الخبرة فيها لدى المحكمين. ومع يجوز أن يكون تعيين الخبير او الخبراء بمبادرة من المحكمة التحكيمية ذاتها، اذ ان هذا الامر يدخل في سلطتها التقديرية، فاذا رأت ضرورة الاستعانة بالخبرة فيقتضي عليها بيان الدافع الى ذلك بحيث تضمن الحكم ما توصلت اليه لهذه الجهة الموجبة من أوراق الدعوى، ولكنها تكون ملزمة بالاستعانة بأهل الخبرة اذا كان الاطراف اتفقوا على ذلك في شرط التحكيم او في اتفاق التحكيم وفي هذه الحالة الاخيرة يقتضي قبول المحكمة باعتبار ان اتفاقاً كهذا لم يكن شرط التحكيم قد نص عليه يعتبر تعديلاً في مهمة هيئة التحكيم. وان كان تنفيذ القرار في هذه الحالة قد يصطدم بإحجام الطرفين عن دفع نفقات الخبرة. وكذلك يجوز ان تعين الهيئة التحكيمية خبيراً قانونياً أو أكثر خاصة عندما يكون القانون الواجب التطبيق قانوناً اجنبياً لا يتوافر العلم بدقائقه لدى المحكمين. 

   ويجيز القانون لكل من طرفي النزاع ان يقدم خبيراً أو أكثر من طرفه لإبداء الرأي في المسائل موضوع الخبرة، وذلك في الجلسة المحددة لسماع خبير المحكمة التحكيمية ومناقشته. ولا يحول هذا النص دون تقديم كل من طرفي النزاع خبيراً من طرفه قبل تلك الجلسة او قبل تعيين خبير المحكمة التحكيمية (القانون النموذجي المادة 27)، وهو ما يجري عليه العمل في كثير من الاحوال. 

7- حق كل من الطرفين في تعديل طلباته: 

   من حق كل من طرفي التحكيم أن يعدل طلباته (مشروع الامارات المادة 31 والقانون المصري المادة 32) أو أوجه دفاعه او ان يستكملها خلال اجراءات التحكيم. فقد جعل المشروع لهيئة التحكيم الحق في أن تقرر عدم قبول ذلك منعاً لتعطيل الفصل في النزاع، خاصة اذا كانت غير داخلة في موضوع النزاع الذي اتفق على التحكيم في شأنه أو اذا قدم في مرحلة متأخرة وبعد انتهاء مهل تقديم المذكرات. وهي قاعدة مأخوذة من القانون النموذجي (المادة 23 نموذجي). على ان هذا الحق يجب ان تمارسه الهيئة التحكيمية بدقة وحرص حتى لا تؤدي الرغبة في تفادي تعطيل الفصل في النزاع الى مصادرة حق الدفاع لأحد الطرفين خاصة عندما يكون الطلب تابعاً للطلب الاصلي. 

8- التحكيم بدون محاكمة شفهية: 

   واذا كان للمحكمة التحكيمية ان تعقد جلسات مرافعة وفقاً للمشروع الاماراتي (المادة 32) والقانون المصري (المادة 33) لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته، فقد جعل القانون لها حق الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك. وهذه القاعدة مأخوذة من القانون النموذجي (المادة 24 نموذجي). وهذا حق من حقوق الدفاع. الا ان من حق أي من الطرفين ان يطلب عقد جلسة مرافعة لاستكمال دفاعه. واذا اخذنا في الاعتبار نص القانون، فإن الهيئة التحكيمية يمكن ان ترفض هذه الجلسة الا اذا وافق عليها الطرفان. ولكن برأينا اذا طلب فريق واحد مثل هذه الجلسة، فعلى المحكمة التحكيمية ان تدعو الاطراف اليها حتى لو رفض الطرف الآخر، وذلك لتجنيب القرار التحكيمي الابطال في حال رفضها ذلك. 

9- المهـل :

   يحمي مشروع القانون الإماراتي التحكيم من بطء المحكمين أنفسهم أو تراخيهم فيوجب صدور الحكم المنهي للخصومة كلها خلال المدة التي اتفق عليها الطرفان سواء كان هذا الاتفاق صريحاً أو ضمنياً كأن يقدم الطرفان مذكرات او مستندات بعد انتهاء المهلة الاصلية المتفق عليها. فان لم يوجد اتفاق وجب ان يصدر الحكم وفقاً للمشروع الاماراتي خلال ستة أشهر (المادة 44 من المشروع) وخلال 12 شهراً في القانون المصري (المادة 45) من بدء اجراءات التحكيم. ولكن بدء اجراءات التحكيم في المشروع الاماراتي هو غير بدئها في القانون المصري كما شرحنا سابقاً، وإن جاز للمحكمة التحكيمية من الميعاد على الا تزيد فترة التمديد على ستة أشهر (في المشروع الاماراتي والمصري) الا باتفاق الطرفين، وهكذا قرار يجب أن يكون صريحاً. فاذا لم يصدر الحكم خلال الميعاد جاز لكل من طرفي التحكيم ان يطلب من رئيس المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع، الأمر بتحديد ميعاد اضافي أو بإنهاء اجراءات التحكيم، ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه الى المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع. وتكون يد هيئة التحكيم مرفوعة عن النزاع، واذا صدر حكم عنها رغم ذلك فيكون حكماً باطلاً. 

   ويكون المشروع الاماراتي والقانون المصري قد اختارا في هذا المجال ابقاء طرفي التحكيم "اسر" التحكيم ولو طال، فالمحكمة التحكيمية لها التمديد ولكن لستة أشهر، أما المحكمة القضائية المختصة اصلاً بالنزاع فلرئيسها ولاية تمديد التحكيم او انهائه، وبإمكانه أن يمدد المهل الى ما شاء كما له رفض التمديد اذا استشعر ان ذلك يحقق الغاية توصلاً إلى فصل النزاع في في وقت معقول. 

والتشريعات التحكيمية في العالم أخذت في موضوع مهلة التحكيم موقفين مختلفين:

أ- الاول، وهو الذي أخذ به المشروع الاماراتي والقانون المصري، يجعل باب تمديد مهلة التحكيم في يد المحاكم القضائية الى جانب سلطان الارادة، وهو اتجاه يذهب حتى الى اعطاء المحكم احياناً هذه السلطة، ويفضي الى ان يصبح الخصوم في أسر التحكيم، لا يستطيعون الخروج منه الا بقرار "اخلاء سبيل" من المحكمة القضائية، أو من المحكم بعدم تمديد المهل. وما لم يتخذ هذا القرار، يبقى التحكيم معرضاً لاعادة احيائه باستمرار، بقرار يمدد المهلة. 

ب- والثاني هو الذي لم يأخذ به مشروع الامارات ولا القانون المصري، والذي يجعل باب تمديد مهلة التحكيم في يد سلطان الارادة وحدها دون سواها، فاذا انقضت مهلة التحكيم تلاشى التحكيم، ولم يعد بإمكان أي مرجع احياؤه - لا المحكم ولا المحكمة القضائية - سوی توافق الطرفين على ذلك. فلا يعود الطرف الراغب في الخروج من التحكيم، لانتهاء المهلة التعاقدية أو القانونية، في حاجة إلى تحريك ساكن اذا لم يتوصل إلى اتفاق مع خصمه. وبإمكانه اذا كان مدعياً أن يراجع القضاء، لأن محاكـم الدولة تعود ذات اختصاص بالنظر في النزاع بعد أن تلاشى مفعول العقد التحكيمي الذي كان يجردها من الاختصاص. 

10- وقف الدعوي: 

   اذا عرضت خلال اجراءات التحكيم مسألة تخرج عن ولاية المحكمة التحكيمية أو طعن بالتزوير في ورقة قدمت اليها او اتخذت اجراءات جنائية عن تزويرها او عن فعل جنائي آخر، جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في نظر موضوع النزاع اذا رأت ان الفصل في هذه المسألة أو في تزوير الورقة أو الفعل الجنائي الآخر ليس لازماً للفصل في موضوع النزاع، والا اوقفت الاجراءات حتى يصدر حكم نهائي في هذا الشأن. ويترتب على ذلك وقف سريان الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم (المشروع الاماراتي المادة 45 والقانون المصري المادة 46) .

   ان وقف المحاكمة التحكيمية يكون عندما تثار مسألة اولية لا يدخل الفصل فيها من صلاحية الهيئة التحكيمية وهذا الفصل لازم للفصل في موضوع النزاع المطروح عليها والا فان الهيئة التحكيمية لا توقف اجراءات التحكيم.

11- انقطاع سير التحكيم: 

   ينقطع سير الخصومة أمام المحكمة التحكيمية اذا قام سبب من أسباب انقطاع الخصومة المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية (المادة 38 في المشروع الاماراتي والمادة 38 في القانون المصري) وهي على سبيل الحصر: 

أ- وفاة أحد الخصوم. 

ب فقدان الاهلية. 

ج- زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين. 

   ويترتب على هذا الانقطاع انقطاع كل المهل وبطلان اجراءات المرافعات التي تجري خلال فترة الانقطاع. 

 

12- انتهاء التحكيم: 

   تنتهي اجراءات التحكيم (وفقاً للمادة 47 في المشروع الاماراتي والمادة 48 في القانون المصري) بصدور الحكم المنهي للخصومة كلها أو بصدور أمر بإنهاء اجراءات التحكيم، أما عن المحكمين أو عن المحكمة القضائية، أو اذا لم يصدر الحكم في المهلة القانونية أو التعاقدية ولم يمدد المهلة لا المحكمون الذين يملكون التمديد لستة أشهر ولا قررت التمديد المحكمة القضائية المختصة اصلا بالنظر في النزاع. 

  كذلك تنتهي اجراءات التحكيم: 

أ- اذا اتفق الطرفان على انهاء التحكيم. 

ب- اذا ترك المدعي خصومة التحكيم ما لم تقرر محكمة التحكيم، بناء على طلب المدعى عليه، ان له مصلحة جدية في استمرار الاجراءات حتى يحسم النزاع. 

ج- اذا رأت محكمة التحكيم، لأي سبب آخر، عدم جدوى استمرار اجراءات التحكيم أو استحالته. كما لو أن أحد اطراف التحكيم قدم طعوناً أو طلبات رد اعضاء في محكمة التحكيم أو جميعهم، فقررت المحكمة التحكيمية انهاء اجراءات التحكيم وتركت للخصوم إعادة تشكيل هيئة تحكيم جديدة.

 

رابعاً- الحكم التحكيمي: 

   الحكم التحكيمي في مشروع قانون التحكيم الاماراتي متفق في معظمه مع القانون المصري، الا في استثناءات، ولكن هذه الاستثناءات هامة جداً. لهذا سنعرض في فقرة أولى ما هو مختلف عنها في مشروع قانون الامارات عن القانون المصري، ثم نعرض في فقرة ثانية ما هو متفق مع القانون المصري. 

الفقرة الاولى- نقاط الاختلاف - نقاط الاختلاف مع القانون المصري: 

1- المداولة: 

   القانون المصري نص في المادة 40 على أن "يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفاً التحكيم على غير ذلك". 

المشروع الاماراتي في المادة (40) حذف المقطع الذي ينص على المداولة.  

  وباعتقادنا ان الالزام بالمداولة بنص صريح ضروري ومفيد ولا سيما الاشارة الى ان المداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم وهذا مفيد في التحكيم الدولي ولا سيما أن المحكمين يجرون المداولة هاتفيا وبالبريد الالكتروني أمامهم، ومن الضروري الاجازة للمحكمين التداول على الوجه الذي يحددونه. 

ومن المفيد: 

1- اضافة ان تكون المداولة سرية. 

2- أن يتفق نص المادة 40 مع نص المادة 42 التي تقضي بأنه عند عدم تحقق الاكثرية يصدر رئيس الهيئة الحكم. 

2- رئيس الهيئة التحكيمية يصدر الحكم: 

   في المادة 42 يتبنى المشروع قاعدة غير تلك الواردة في القانون المصري وفي القانون النموذجي وهي قاعدة انه عند عدم توافر الأكثرية فإن الرئيس يصدر الحكم وحده.

وهذه القاعدة تحتاج الى وقفة، 

   فإذا كان المحكم فرداً فلا حاجة الى المذاكرة، أما اذا تعدد المحكمون فلا بد أن يتداولوا في ما بينهم حتى يتوافقوا على الحلول التي سيكتبونها في الحكم التحكيمي. والمذاكرة، من حيث المبدأ سرية، ولكن ذلك لا يمنع من الاشارة الى ان الحكم التحكيمي قد اقر بالأكثرية أو بالإجماع. وعند تعدد المحكمين يطرح في المذاكرة موضوع آية اكثرية؟ وكيف...؟ 

   فهناك اتجاهان في هذا الموضوع، اتجاه يعتمد الأكثرية واتجاه آخر يعتمد أيضاً الأكثرية فإذا لم تتوافر الأكثرية فإن توقيع الرئيس، اي المحكم الثالث يكفي لصحة الحكم التحكيمي. والفكرة من ذلك أن المحكمة التحكيمية المؤلفة من ثلاثة محكمين سمى كل فريق محكماً منهم، سيعطف فيها كل من المحكمين اللذين سماهما الطرفان على مطالب الطرف الذي سماه. وفي هذه الحالة فإن كل محكم سيكون له رأي يختلف عن رأي المحكم الآخر ويقف المحكم الثالث أي رئيس المحكمة الذي قد يكون له رأي أفضل من الرأيين وموقفاً أكثر حياداً، سيقف موقف المضطر للإنضمام إلى موقف احد المحكمين، الأمر الذي قد يبدو له انه ليس الموقف المثالي، ولكنه سيضطر إلى الإنضمام اليه لتأمين الاكثرية. أما اذا كان قرار الرئيس هو الذي يعطي الحكم التحكيمي صحته وأثره اذا تعادلت الأصوات فإن أحد المحكمين الآخرين هو الذي سينضم الى الرئيس بحيث تصبح الأكثرية على الموقف المثالي والحيادي والمجرد. وقد ينضم المحكمان معاً إلى رأي الرئيس وهذا الاحتمال كبير. اما اذا لم يتحقق وبقي كل من المحكمين المسميين على موقفه فإن قرار رئيس المحكمة كاف وحده لإعطاء الحكم التحكيمي آثاره ومفاعيله. 

   في التحكيم الذي تتكون فيه الهيئة التحكيمية من عدة محكمين، اعتبر الاجتهاد الفرنسي ان المذاكرة يجب ان تضم المحكمين بأجمعهم وأن هذه المذاكرة الجماعية هي من النظام العام. وقد أكدت محكمة استئناف باريس في حكم اصدرته في 2003/1/16 هذا المبدأ، ولكنها امام حكم تحكيمي موقع من محكمين مع مخالفة المحكم الثالث، فإنها تأكدت وتثبتت ودققت في مشاركة المحكم المخالف في المذاكرة ولم تعتبر أن مجرد ارفاق مخالفته يثبت عدم مشاركته في المذاكرة، وبالتالي فإنها ردت طلب الإبطال الذي يزعم أن المذاكرة لم تكن جماعية. 

ولكن قواعد تحكيم اليونسترال تبنت فكرة اكثرية المحكمين، وكذلك القانون النموذجي للتحكيم ونظام تحكيم الهيئة الأميركية للتحكيم ونظام تحكيم اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى. 

   والتجربة العملية تثبت أرجحية وأفضلية فكرة أن رئيس المحكمة التحكيمية يصدر الحكم اذا لم تتوافر الاكثرية وهي التي تبناها المشروع الاماراتي. هذه التجربة تؤكد فائدة ان يكون الرئيس هو الذي يصدر الحكم، وتجلت في النزاع التحكيمي الايراني الاميركي الذي طبق قواعد تحكيم اليونسترال، اي الاكثرية، وظهرت خلال التطبيق العقبات التي كانت تعترض توافر الاكثرية، حتى ان رؤساء لجان تحكيمية دونوا في تسبيب الأحكام التحكيمية انهم يعتبرون الحلول التي جاءت في الحكم غير ملائمة ولكنهم اضطروا إلى الإنضمام والسير بها بهدف توفير أكثرية تتطلبها القواعد التحكيمية (اليونسترال) المطبقة. 

   اما نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية، السابق والجديد، فينص على انه "اذا عين ثلاثة محكمين، صدر الحكم بالأغلبية، فإذا لم تتوافر أصدر رئيس المحكمة الحكم بمفرده". 

   وقد تبنت أنظمة كثير من مراكز التحكيم الدولي فكرة أن يصدر الرئيس الحكم بمفرده اذا لم تتوافر الاكثرية. مركز تحكيم غرفة تجارة زوريخ تبنى الفكرة مع تعديل لافت للنظر، وهو أنه جعل الرئيس مقيداً في حكمه، بحيث لا يحق له أن يعطي الطرف الرابح ليس أقل ولا أكثر مما اقترحه المحكمان الآخران المسميان من الطرفين. 

   القانون المصري، وكذلك القانون البحريني والقانون التونسي والقانون العماني والقانون الاردني تبنت جميعاً القانون النموذجي لليونسترال واعتمدت قاعدة الاكثرية، وكذلك القانون القطري. 

   وفي هذا الاتجاه ذهب القانون الهولندي. اما القانون السويسري فقد سار في الاتجاه المعاكس معتمداً قرار رئيس المحكمة التحكيمية، اذا لم تتوافر الاكثرية على نحو نظام غرفة التجارة الدولية. وفي هذا الاتجاه سار المشرع الاسباني في القانون الصادر سنة 1988 والقانون السويدي الذي وضع سنة 1999. والملاحظ انه تطبيقاً لنظام غرفة التجارة الدولية، فإن رئيس المحكمة التحكيمية قد انفرد بإصدار القرار في دعوى واحدة من أصل 182 دعوى عرضت على تحكيم غرفة التجارة الدولية سنة 1994.

   القانون الفرنسي، وكذلك اللبناني والجزائري اعتصمت هذه القوانين بالصمت، والأمر متروك لحرية ارادة الطرفين والا للمحكمين. والاجتهاد الفرنسي لا يبدو بعيداً عن التسليم بقاعدة سلطة الرئيس بإتخاذ القرار في غياب الاكثرية، ولكن الشرط الاساسي ان يكون المحكمون قد شاركوا جميعاً في المذاكرة أو اتيحت لهم الفرصة كاملة للمشاركة في المذاكرة. 

3- ايداع الحكم في التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة وايداع الحكم الذي يصدر خارج المحكمة: 

   المشروع الاماراتي في المادة 46 اختلف عن القانون المصري (المادة 47) اختلافاً مهماً. وهذا نص المادة 46 في المشروع الاماراتي. 

أ- في التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة - أياً كانت درجتها أو نوعها- يجب على المحكمين ايداع الحكم مع اتفاق التحكيم والمحاضر والمستندات قلم كتاب تلك المحكمة خلال الخمسة عشر يوماً التالية لصدور الحكم، كما يجب عليهم ايداع صور موقعة من الحكم لتسليمها الى كل طرف ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الايداع يعرضه على القاضي او رئيس الدائرة بحسب الأحوال لتحديد جلسة خلال خمسة عشر يوماً للتصديق على الحكم ويعلن بها الأطراف. 

ب- اما في التحكيم الذي يتم بين الخصوم خارج المحكمة فيجب على المحكمين ان يسلموا أو يرسلوا صورة موقعة من الحكم الى كل طرف، وعلى من صدر لصالحه حكم التحكيم ايداع اصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها مع ترجمته من جهة معتمدة الى اللغة العربية، اذا كان صادراً بلغة أخرى، وذلك قلم كتاب المحكمة المشار اليها في المادة (5) من هذا القانون خلال اسبوعين من صدور الحكم.

   ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الايداع، ويجوز لكل من طرفي التحكيم طلب الحصول على صورة من هذا المحضر. 

   وهو نص مختلف عن القانون المصري الذي لا يفرق بين التحكيم عن طريق المحكمة والتحكيم بين الخصوم خارج المحكمة. والقانون المصري لم يتضمن الفقرة الأولى من هذه المادة. والفقرة الثانية التي تشكل المادة 47 من القانون المصري تبدأ من "... على من صدر حكم التحكيم لصالحه ايداع أصل الحكم أو صورة موقعة منه الخ...". 

   وهذه الفقرة الأولى المضافة الى المادة 47 من القانون المصري والتي تفرق بين التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة والتحكيم الذي يتم بين الخصوم خارج المحكمة تستدعي الملاحظات الآتية: 

أ- ما هو التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة؟ 

   يجب تعريفه بالطبع وعدم تركه للإستنتاجات. هل هو التحكيم الذي يمتنع فيه طرف عن تسمية محكمه فتتدخل المحكمة لتسمية المحكم؟ هل هو التحكيم الذي يقاطعه طرف فتسمي المحكمة المحكم؟ هل هو التحكيم الذي تستعين فيه الهيئة التحكيمية بالمحكمة القضائية لناحية الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن حلف اليمين أو يمتنع عن الاجابة؟ هل هو التحكيم الذي تكلف فيه المحكمة القضائية المختصة الغير بإبراز مستند في حوزته ضروري للفصل في النزاع؟ هل هو التحكيم الذي تصدر فيه المحكمة القضائية أمر إنابة؟ 

   ما هو هذا التحكيم؟ 

ب- ولماذا تفريق هذا التحكيم عن سواه في ما يتعلق بإيداع الحكم. 

ج- والجلسة التي تشير اليها هذه الفقرة، هل هي جلسة وجاهية ام جلسة رجائية؟ 

د- ما هو اختصاص القاضي وسلطته عند تصديقه على الحكم؟ هل له التصدي لأساس النزاع؟ 

هـ- لعله من الأفضل هنا اعتماد النص المصري دون تفرقة ولا سيما ان الفقرة المضافة فيها كثير من التعقيد والاجراءات التي لا لزوم لها. 

4- نشر الحكم: 

   نصت المادة 48 من المشروع الاماراتي وانفردت عن القانون المصري بأنه "لا يجوز نشر حكم التحكيم أو جزء منه الا بموافقة طرفي النزاع".

   وهذا المبدأ مفهوم لأن التحكيم سري. ولكن الحكم التحكيمي حين يذهب الى علنية المحاكمة القضائية لحصوله على صيغة التنفيذ لا يعود سرياً، بل يصبح علنياً. كذلك اذا تعرض لمراجعة إبطال، وابطل أو رد الطلب، فلماذا يحرم الفكر القانوني من الاطلاع على ما آل اليه الحكم التحكيمي عند دخوله علنية المحكمة. فإذا كان لا بد من عدم نشره فيجب ان يكون الأمر مقتصراً على مرحلة ما قبل دخوله علنية المحاكمة. 

   ما عدا ذلك فإن مشروع قانون تحكيم الامارات متفق مع القانون المصري في ما يتعلق بالقواعد التي ترعى اصدار الحكم التحكيمي ولا سيما: 

الفقرة الثانية- القواعد المتفقة في مشروع الامارات مع القانون المصري: 

1- التحكيم بالصلح والتحكيم بالقانون: 

   يفرق المشروع الاماراتي (المادة 39) وكذلك القانون المصري (المادة 39) بين التحكيم بالقانون والتحكيم بالصلح. ففي التحكيم بالقانون، تطبق المحكمة التحكيمية على موضوع النزاع "القواعد" التي يتفق عليها الطرفان. وقد أثارت كلمة "القواعد" جدلا في البرلمان المصري عند اقرار القانون. فقد طرح رأي يقول ان تستعمل كلمة "القواعد القانونية" وليس "القواعد" ولكن الرأي الآخر هو الذي رجح والذي يقول "المفروض أن تكون مطلقة، فهذا افضل لأنها قد تكون قانونية أو عرفية". 

   مما يؤكد ان نية المشرع المصري تفسير كلمة "القواعد" أنها النصوص القانونية لقانون ما وطريقة تفسير المحاكم لها بالاجتهاد المستقر الى جانب الاعراف التجارية أيضاً. وفي هذا النص يتفق القانون المصري مع القانون النموذجي (المادة 28(1) من القانون النموذجي)، ولكنه لا يتبنى من جهة ثانية ما ذهب اليه القانون النموذجي. فالقانون النموذجي يقول: "اذا لم يعيّن الطرفان اية قواعد، وجب على المحكمة التحكيمية أن تطبق القانون الذي تقرره قواعد تنازع القوانين التي ترى المحكمة التحكيمية أنها واجبة التطبيق" (المادة (2)28 من القانون النموذجي)، القانون المصري وكذلك المشروع الاماراتي لم يأخذا بهذا النص ولا بهذه القاعدة الاحتياطية، بل تمسكا بقاعدة اختيار القانون الأكثر اتصالاً بالنزاع". 

   وألزم المشروع الاماراتي كما القانون المصري الهيئة التحكيمية بأن تراعي عند الفصل في موضوع النزاع ليس القانون وحده، بل أيضاً الاعراف الجارية في نوع المعاملة.

    هذا في التحكيم بالقانون، وهو القاعدة. أما التحكيم بالصلح، وهو الاستثناء، فيشترط "ان يتفق الطرفان عليه صراحة"، واذ ذاك تطبق المحكمة التحكيمية قواعد العدالة والانصاف ولا تتقيد بأحكام القانون. 

2- شكل الحكم التحكيمي ومحتوياته: 

   المشروع الاماراتي (المادة 42) يتفق مع القانون المصري (المادة 43) على انه يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم واسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ويجب أيضاً ايراد منطوق الحكم وتاريخ ومكان أصـداره وأسبابـه... ويضيف المشرع "اذا كان ذكرها واجبا". 

   وتبعاً لذلك فان اغفال بعض البيانات المفروضة في أحكام المحاكم القضائية لا يعيب حكم المحكمين، لأن البيانات المعددة في المادتين 43 و 42 أعلاه وردت على سبيل الحصر. لذلك فان عدم اشتمال الحكم التحكيمي على أنه صدر باسم الشعب ليس من البيانات الالزامية ولا يعيب الحكم. كما أن الحكم التحكيمي النهائي لا يعاب بعدم ذكره كل بيانات الدعوى فيما لو كانت وردت في حكم تمهيدي، غير أن خلو حكم التحكيم من صورة اتفاق التحكيم يبطله. 

   ويصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون وفي حالة تشكيل محكمة التحكيم من أكثر من محكم واحد، يكتفي بتوقيعات أغلبية المحكمين. 

   ويجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً الا اذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم. والغاية من تسبيب الحكم ضمانة الرقابة لئلا ينقلب التحكيم الى وسيلة تحكمية. وتشويه الاسباب او غموضها او ابهامها من شأنه أن يجعل الأسبـاب معدومة، وخلو الحكم من الاسباب يشكل عيباً شكلياً يؤدي الى هي ابطاله. 

   يجيز المشروع، كذلك القانون المصري، أن يخلو حكم التحكيم من التسبيب اذا اتفق الطرفان على ذلك أو اذا كان القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم. وهذان الاستثناءان محل نظر.

   اما ارادة الطرفين، فالأصل انه لا يعتد بها في مقام كيفية صدور الاحكام وشروط صحتها. وقد يقال ان اتفاق الطرفين على عدم تسبيب حكم التحكيم هو أكثر اثراً من اتفاقهما على تفويض المحكمين بالصلح، وهو جائز بالنص الصريح في القانون. ولكن هذا القول مردود لأنه ما دام الطرفان لا يفوضان المحكمين بالصلح ويطلبان منهم حكماً يصدر طبقاً لأحكام القانون، فان بيان الاسباب القانونية للحكم يفترض أن يكون واجباً ولا يملك طرفا النزاع اسقاطه. ثم كيف تمارس المحكمة، في مقام دعوى بطلان حكم التحكيم رقابتها على حكم غير مسبب؟ والا يكون اتفاق الطرفين على اعفاء المحكمين من التسبيب صورة ملتوية من التنازل المسبق عن حق. 

   الاستثناء الثاني من وجوب التسبيب، وهو الخاص بصدور الحكم في دولة لا يوجب قانونها الاجرائي تسبيب الحكم، فهو أيضاً موضع تساؤل: فالفرض ان الطرفين قد اتفقا على التحكيم في الخارج مع اخضاعه لمشروع القانون الاماراتي او لأحكام القانون المصري طبقاً لنص المادة 2 من المشروع الاماراتي والمادة 1 من القانون المصري. وهنا يجوز التساؤل عن جدوى اتفاقهما على اخضاع التحكيم لمشروع قانون الامارات او لقانون التحكيم المصري، وهو اساساً قانون اجرائي، اذا رجح جانب الاخذ بحكم القانون الاجرائي الاجنبي الذي لا يوجب تسبيب الحكم؟ الا يعتبر الاتفاق على اخضاع التحكيم الذي يجري في الخارج لأحكام مشروع الامارات أو لقانون التحكيم المصري اتفاقاً على وجوب تسبيب الحكم؟ يبدو أن واضعي المشروع الاماراتي والقانون المصري قد استهدفوا بذلك الاستثناء الثاني من وجوب التسبيب الحفاظ على سلامة الحكم غير المسبب الذي يصدر صحيحاً طبقاً لقانون مكان التحكيم. وهذا هدف طيب ولكنه لا يتحقق الا بتغليب حكم القانون الاجنبي على حكم قانون الامارات وعلى حكم القانون المصري رغم اتفاق الطرفين على اخضاع تحكيمهما الذي يجري في الخارج لمشروع القانون الاماراتي او لقانون التحكيم المصري. 

   يوجب مشروع الامارات والقانون المصري أن يشتمل حكم التحكيم على صورة من اتفاق التحكيم. واذا اعتبرنا اشتمال الحكم على صورة من اتفاق التحكيم بياناً جوهرياً يترتب البطلان على تخلفه نفسح مجال ابطال حكم التحكيم لسبب شكلي محض لا صلة له بالموضوع ورغم ثبوت وجود وصحة اتفاق التحكيم الذي قد يكون تحت نظر المحكمة كمحرر مستقل، ولكنه غير مثبت في صلب الحكم خلافاً لما يوجبه القانون. وهذا خطر على الحكم التحكيمي يجب ان يتنبه اليه المحكمون عند اصدار حكمهم التحكيمي.

3- قوة القضية المقضية: 

   نص المشرع الاماراتي على حجية أحكام المحكمين في المادة 55 معتمداً بذلك أحكام القانون المصري (المادة 55). 

   هل يأخذ الحكم قوة القضية المقضية من تاريخ صدوره ام من تاريخ ايداعه؟ ليست هناك اجابة عن هذا السؤال، بل ينص القانون على ان الحكم التحكيمي الصادر طبقاً لهذا القانون يحوز حجية الامر المقضى ويكون واجب النفاذ. 

   وللحكم التحكيمي هذه الحجية ولو كان يقبل الطعن بالبطلان أو كانت الدعوى مقدمة طالما بقي هذا الحكم قائماً ولم يبطل. وهذه الحجية تتعلق بالنظام العام ولكن يبقى للطرفين الاتفاق على خلاف ذلك، لأن الحماية هذه هي حماية حقوق خاصة وليست حماية لمصلحة عامة كما هو حال محاكم الدولة. ومن أجل القول بقوة القضية المقضية يجب أن يكون الحكم التحكيمي قد فصل في الموضوع ذاته والسبب ذاته وبين الخصوم ذاتهم في الدعوى التي سبق الفصل فيها وبتخلف أحد هذه العناصر لا تكون هناك حجية القضية المقضية. 

4- تصحيح الحكم، تفسيره والأحكام الاضافية: 

  (مشروع القانون الاماراتي في المواد 49-51 منه وكذلك المواد 49-51 من القانون المصري). 

   يجوز لكل من طرفي التحكيم ان يطلب من محكمة التحكيم، خلال خمسة عشر يوماً (ثلاثين يوماً في القانون المصري) التالية لتسلمه حكم التحكيم، تفسير ما وقع في منطوقه من غموض. ويجب على طالب التفسير إعلان الطرف الآخر بهذا الطلب قبل تقديمه الى محكمة التحكيم. 

   ويصدر التفسير كتابة خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تقديم طلب التفسير لمحكمة التحكيم. ويجوز لهذه المحكمة التحكيمية تمديد هذه المهلة ثلاثين يوماً اخرى اذا رأت ضرورة لذلك. اما بعد ذلك فيعود الى المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع اعطاء التفسير. 

   كذلك تصحح الهيئة التحكيمية أحكامها العائدة لأخطاء مادية كتابية أو حسابية بحتة، وذلك بدون مرافعة وخلال الثلاثين يوماً التالية لصدور الحكم أو تقديم طلب التصحيح. ولها تمديد المهلة لثلاثين يوماً اذا رأت ضرورة لذلك.

   ويصدر قرار التصحيح ويبلغ الى الطرفين خلال 15 يوماً (30 يوماً في القانون المصري) من صدوره. واذا تجاوزت المحكمة التحكيمية سلطاتها بالتصحيح، جاز التمسك ببطلان هذا القرار التصحيحي امام المحكمة التي يرفع اليها البطلان بحيث تقضي بالبطلان دون ان تصحح الخطأ لخروج ذلك عن سلطتها. 

   ويجوز لكل من الطرفين، ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم، أن يطلب من الهيئة التحكيمية، خلال خمسة عشر يوماً في المشروع الاماراتي (المادة 51) وثلاثين يوماً في القانون المصري (المادة (1)51) التالية لتسلمه الحكم، أصدار حكم تحكيمي اضافي في طلبات قدمت واغفلت، شرط أن تكون من الطلبات الموضوعية وليست الاجرائية وان تكون من الطلبات التي تضمنتها المذكرة الختامية. ويجب ابلاغ هذا الطلب للطرف الثاني. وتصدر المحكمة التحكيمية حكمها خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب ويجوز لها تمديد هذه المهلة ثلاثين يوماً أخرى اذا رأت ضرورة لذلك. 

   وبالطبع بعد انقضاء المهل المحددة للتصحيح وعدم بت الطلبات التي أغفلت تعود صلاحية التفسير وبت الطلبات التي أغفلت الى المحكمة التي كانت مختصة اصلاً بالنظر في النزاع اذا كان التحكيم داخلياً، والى محكمة استئناف أبو ظبي الاتحادية أو محكمة استئناف القاهرة اذا كان التحكيم تجارياً دولياً. 

خامساً- تنفيذ الحكم التحكيمي: 

   يتفق مشروع القانون الاماراتي مع القانون المصري في قواعد تنفيذ الأحكام التحكيمية التي هي في المشروع الاماراتي المواد 55-58 وفي القانون المصري من المادة 55 الى المادة 58. 

1- في التحكيم الداخلي: 

   يحوز حكم المحكمين حجية الأمر المقضي بموجب القانون، كما أشرنا الى ذلك سابقاً، ثم يتم إيداعه بعد ذلك كما أوضحنا سابقاً. 

   اذاً فالحكم التحكيمي الصادر في الامارات العربية أو في مصر أو في الخارج بناء على مشروع قانون الامارات أو القانون المصري، يعطيه صيغة التنفيذ رئيس المحكمة التي أودع لدى كتابها ويقدم طلب تنفيذ الحكم مرفقاً به:

1- أصل الحكم أو صورة موقعة منه. 

2- صورة من اتفاق التحكيم. 

3- ترجمة مصدقة من جهة معتمدة إلى اللغة العربية لحكم التحكيم اذا لم يكن صادراً بها. 

4- صورة من المحضر الدال على ايداع الحكم لدى المحكمة المختصة. 

   وبعد ذلك يتأكد رئيس المحكمة القضائية أن الحكم التحكيمي مقدم وفقاً للأصول مرفقاً بالمستندات المطلوبة، ويتحقق من ثلاثة أمور، ولكن أمر التحقق واعطاء صيغة التنفيذ لا يتم الا انقضاء ستين يوماً في مشروع الامارات (المادة 54) وتسعين يوماً في القانون المصري (المادة 54(1)) على ميعاد انقضاء دعوى بطلان الحكم، اذ هناك شرط شكلي وهو ان تكون المهلة المعطاة لتقديم طلب ابطال الحكم التحكيمي قد انقضت قبل ذلك لكي يقبل طلب التنفيذ بعد شكلاً. اما بعد انقضاء المهلة فيقدم طلب التنفيذ ولا يؤثر في منحه صيغة التنفيذ ان يكون طلب ابطال قدم ضده، الا اذا قررت المحكمة القضائية الناظرة في دعوى الابطال وقف التنفيذ. عدا ذلك فان طلب التنفيذ يأخذ طريقه ولا يتأكد رئيس المحكمة القضائية المختصة (التي اشرنا اليها سابقاً) سوى من ثلاثة أمور: 

1- أن الحكم التحكيمي لا يتعارض مع حكم سبق صدوره عن المحاكم في الامارات العربية أو في مصر في موضوع النزاع. 

2- انه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في الامارات العربية أو في جمهورية مصر العربية. 

3- أنه قد تم اعلانه للمحكوم عليه اعلاناً صحيحاً. 

  ولا يمكن إدراك التسهيل الذي يحققه المشروع الاماراتي والقانون المصري والابواب العريضة التي يفتحها لتنفيذ الاحكام التحكيمية الا بمقارنة هذا النص مع نص القانون النموذجي لليونسترال (المادة 36) الذي يوقف تنفيذ الحكم التحكيمي لأسباب كثيرة تتجاوز بكثير الاسباب الثلاثة التي نص عليها المشروع الاماراتي والقانون المصري. فالقانون النموذجي يجيز رفض التنفيذ اذا كان أحد طرفي العقد مصاباً بأحد عوارض الاهلية، أو كان الاتفاق غير صحيح بموجب قانون الدولة التي صدر فيها الحكم التحكيمي، او اذا كان قرار التحكيم يتناول نزاعاً لا يقصده أو لا يشمله اتفاق التحكيم، واذا كان تشكيل المحكمة التحكيمية مخالفاً لاتفاق الطرفين او مخالفاً لقانون البلد الذي جرى فيه التحكيم او ان القرار التحكيمي لم يصبح ملزماً بعد او قد ألغته او أوقفت تنفيذه محاكم البلد الذي صدر فيه، أو كان موضوع النزاع لا يقبل التسوية بالتحكيم وفقاً لقانون الدولة المطلوب التنفيذ فيها أو كان الاعتراف بالحكم التحكيمي أو تنفيذه يتعارض مع السياسة العامة للدولة المطلوب التنفيذ فيها. 

   اذا قورن نص المشروع الاماراتي والقانون المصري بالقانون النموذجي لليونسترال يمكن لمس مدى ما يوسعه المشروع الاماراتي والقانون المصري من دروب التنفيذ. فرقابة المحكمة القضائية محصورة، في المشروع الاماراتي والقانون المصري، بعدم مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام وعدم تعارضه مع حكم سبق للمحاكم القضائية ان أصدرته والتأكد من أن اعلانه تم وفقاً للأصول، ثلاثة أمور يتأكد منها رئيس المحكمة القضائية ثم يعطي صيغة التنفيذ بالطريقة الرجائية اي بدون تبليغ المنفذ عليه. لكن المشروع الاماراتي عدل في أحكام القانون المصري ونص على جواز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ أو برفض تنفيذ حكم التحكيم الى المحكمة المختصة (المادة 58(3) من مشروع القانون الاماراتي). في حين ان القانون المصري (المادة 58(3)) ينص على الا يكون قرار اعطاء صيغة التنفيذ قابلاً للمراجعة، اما رفض اعطاء صيغة التنفيذ فهو يقبل المراجعة امام المحكمة التي كانت مختصة اصلاً بالنظر في النزاع. 

   هذا يعني انه اذا لم ينتبه الطرف الصادر الحكم في حقه ويتقدم بدعوى بطلان مستندا الى ان الحكم التحكيمي لا يستند الى اتفاق تحكيمي، أو كان الاتفاق التحكيمي باطلاً أو ساقطاً، أو أن أحد طرفي التحكيم كان فاقداً للأهلية أو ناقص الاهلية، وقت ابرام الاتفاق، في المهلة المحددة التي هي ستين يوماً للإمارات وتسعين يوماً لمصر من تاريخ إعلان الحكم، اذ ذاك تعطي المحكمة القضائية صيغة التنفيذ للحكم التحكيمي حتى ولو كان غير مسند الى اتفاق تحكيم أو كان أحد طرفيه ناقص الأهلية، مع أن هذه أسباب لابطال الحكم، ولكن دعوى الابطال لها مهلة اسقاط. ويمكن من خلال هذه النصوص تصور المدى الليبرالي الذي ذهب اليه المشروع الاماراتي والقانون المصري متجاوزين اتفاقية نيويورك، والامارات منضمة إلى اتفاقية نيويورك كما مصر منضمة اليها، متجاوزين ايضاً القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته اليونسترال. 

   ولكن هل يمكن لقاضي التنفيذ أن يأمر بالتنفيذ اذا اتضحت له أسباب البطلان. كما لو اتضح له بطلان شرط التحكيم، أو بطلان تشكيل المحكمة التحكيمية، أو تجاوز المحكمين اختصاصهم، او وجود عيب في اجراءات التحكيم كإهمال حق الدفاع أو الوجاهية، الخ... لا يتصور أن تفضي هذه الاسباب الى بطلان الحكم أو يكون بطلان الحكم فاضحاً صارخاً ولو فاتت مهلة الابطال ويبقى الحكم قابلاً للتنفيذ. وقد اعتمد القانون النموذجي أسباب البطلان نفسها وأسباب الاعتراض على التنفيذ، الأمر الذي لم يتبناه لا المشروع الاماراتي ولا القانون المصري وهو وضع سيؤدي الى مفارقات عجيبة تفضي الى اعطاء صيغة التنفيذ احكاماً باطلة أو أحكاماً فاتت مهلة ابطالها وبطلانها ظاهر وصارخ. ولو اعتمد القانون المصري والمشروع الاماراتي نصوص القانون النموذجي لليونسترال لما حصل هذا الاضطراب. لهذا من الأفضل اعادة البحث وإعادة صياغة هذه المواد وفقا للقانون النموذجي الذي وضعته اليونسترال. 

   والقاضي المعروض عليه التنفيذ لا يملك سلطة النظر في الموضوع وتقدير صحة ما انتهى اليه الحكم المطلوب اليه تنفيذه اذ انه ليس جهة استئناف فإما أن يصدر الأمر بالتنفيذ أو برفضه. 

   وقاضي التنفيذ ليس مختصاً بالنظر في بطلان الحكم التحكيمي ولا يرفض تنفيذ الا الشق من الحكم المتعلق بالنظام العام. 

   ولا يترتب على رفع دعوى البطلان في المشروع الاماراتي وفي القانون المصري وقف تنفيذ حكم التحكيم، ومع ذلك يجوز للمحكمة القضائية المختصة أن تأمر بوقف التنفيذ اذا طلب المدعي ذلك وكان طلبه مبنياً على أسباب جدية. ويجب أن تبت المحكمة القضائية موضوع وقف التنفيذ خلال ثلاثين يوماً في مشروع الامارات، وستين يوماً في القانون المصري، وذلك من أول جلسة محددة للنظر فيه. واذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة او ضمان مالی. وعليها، اذا أمرت بوقف التنفيذ، الفصل في دعوى البطلان خلال ثلاثة أشهر في مشروع الامارات وخلال ستة اشهر في القانون المصري من تاريخ صدور هذا الأمر. 

سادساً- طرق المراجعة: 

   تتفق طرق المراجعة في المشروع الاماراتي مع أحكام المراجعة في القانون المصري وهي واردة من المادة 52 الى المادة 54. 

الفقرة الأولى- القواعد الواردة في المشروع الاماراتي وغير المتفقة مع القانون المصري: 

   والفارق الوحيد هو الاضافة الواردة في المادة 53 الفقرة 8 التي تنص على أنه: "اذا تقرر بطلان حكم التحكيم في البلد الذي صدر فيه" (الحكم التحكيمي). فيكون المشروع قد أضاف هذه الحالة الى الحالات السبع التي يجوز فيها أبطال الحكم التحكيمي. وهذه القاعدة واردة في اتفاقية نيويورك. ولكن في القوانين التي لم يذكر فيها نص هذه المادة يفتح الاجتهاد بابا لفك الارتباط بين قرارات قاضي بلد منشأ الحكم التحكيمي وقرارات قاضي بلد تنفيذ الحكم التحكيمي. وقد فك القانون الفرنسي الارتباط بين الاثنين واخذت الاجتهادات في كثير من الدول تتبنى في بعض الأحيان قاعدة فك الارتباط هذه وصارت قاعدة قانونية أساسية في النظام القانوني التحكيمي الفرنسي وفي القوانين التي لا تنص على الربط بين بلد المنشأ وبلد التنفيذ تبقى للإجتهاد نافذة لينفذ الحكم التحكيمي اذا كان أبطال الحكم في بلد المنشأ تعسفياً. 

   وهذا الموضوع شغل الفكر القانوني التحكيمي وما زال يشغله فقد بدأ الجدل بحكم تحكيمي صدر في سويسرا في دعوى تحكيمية أصبحت شهيرة باسم Hilmarton أبطل فيها القضاء السويسري الحكم التحكيمي واعطاه القضاء الفرنسي صيغة التنفيذ. 

   وسال حبر كثير حول ذلك ولاسيما أن الأمر قد تعقد بعد ذلك لأنه بعد أبطال الحكم صدر حكم تحكيمي جديد، وصارت صيغة التنفيذ حائرة بين الاثنين! 

   ثم انفجر الموضوع مجدداً في دعوى أصبحت اشهر من نار على علم في الفكر القانوني الغربي عرفت باسم Chromalloy. 

   صدر الحكم في القاهرة ثم أبطلته محكمة استئناف القاهرة ولكن محكمة واشنطن اعطته صيغة التنفيذ برغم ذلك، وطرح موضوع العلاقة بين ابطال الحكم التحكيمي في بلد المنشأ وأثر ذلك على تنفيذه. واعيد طرح القاعدة التي سبق أن وضعتها اتفاقية نيويورك من حيث ربط تنفيذ الحكم التحكيمي بسلامته وصحته من عيب في بلد المنشأ. وطرحت فكرة فك الارتباط بين بلد المنشأ وبلد التنفيذ. 

   وتراجع الأثر الدولي لإبطال الحكم التحكيمي زاد في السنوات الأخيرة بفعل أحكام قضائية عديدة منها: 

أ- بلجيكا اعطت المحكمة المختصة الصيغة التنفيذية في 88/12/6 لحكم تحكيمي صدر في الجزائر في 1985/12/29 وابطله القضاء الجزائري. وهذا الحكم البلجيكي استبعد تطبيق اتفاقية نيويورك التي أثارها الطرف الجزائري، ولكن الجزائر لم تكن قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك بعد، حيث أنها لم تنضم الأ سنة 1988 وطبقت المحكمة القضائية البلجيكية قانون في التنظيم القضائي البلجيكي ولاحظت ان المنفذ عليه لم يثر أي سبب من أسباب رفض الصيغة التنفيذية كما ان اياً من الاسباب الأخرى غير متوافر وفقاً للقانون البلجيكي، لذلك، استندت المحكمة البلجيكية إلى نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية الذي صدر الحكم بموجبه والذي يعتبر الحكم نهائيا وان الاطراف تنازلوا عن كل طرق المراجعة التي يمكن التنازل عنها. 

ب- في بلجيكا ايضاً، ولكن تطبيقاً هذه المرة لاتفاقية نيويورك، اعطيت صيغة التنفيذ لحكم تحكيمي صادر في عمان في الاردن سنة 1994 ضد المؤسسة العربية لضمان الاستثمارات التي الزمت بدفع تعويض في الحكم التحكيمي، واعترضت على تنفيذه معتبرة ان هذا الحكم التحكيمي لا تتوافر فيه الحجية التي تفرضها المادة /4/ من اتفاقية نيويورك ولا يصبح ملزماً وفقاً للمادة /5/ 1- (هـ) الا بعد مصادقة المحاكم الاردنية عليه... الأمر غير المتوافر. وردت المحكمة القضائية البلجيكية ان الاسباب التي تقتضيها معاهدة نيويورك لحجية الحكم التحكيمي متوافرة، لأن الحكم وتواقيع المحكمين غير منازع بها. واعتبر القضاء البلجيكي انه ليس مسلماً به ان الحكم التحكيمي المطعون فيه ليس ملزماً في القانون الاردني، وان صيغة التنفيذ ليست هي التي تعطي الحكم الزاميته الدولية، بل صيغة التنفيذ والمصادقة على الحكم التحكيمي لا تعني سوى تنفيذ الحكم التحكيمي في الاردن. وقرر القضاء البلجيكي ان الطابع الالزامي للحكم التحكيمي لا يحدده القانون الاردني، بل تكفي العودة الى اتفاق الطرفين الذي ينص على ان "الحكم التحكيمي يصبح نهائياً وملزماً للطرفين وينفذ فوراً بعد صدوره... ولا يقبل الحكم التحكيمي لا الاستئناف ولا أعادة النظر". 

   واضافت المحكمة البلجيكية: "ان الاتفاقية التحكيمية نصت على أن تنفيذ الاحكام التحكيمية يخضع لقواعد تنفيذ الاحكام التحكيمية في البلد الذي يطلب فيه التنفيذ، وبالتالي فان قانون البلد الذي صدر فيه الحكم لا يعود له هذه الاهمية". 

ج- اعطى القضاء الفرنسي الصيغة التنفيذية لحكم تحكيمي صدر في بولونيا في 93/3/10، ولكن القضاء البولوني اتخذ قراراً بتعليق التنفيذ نتيجة مراجعة طعن بالحكم المذكور، واعتبر أنه عملاً بالمادة /7/ من اتفاقية نيويورك فإن قراري التعليق ومراجعة الابطال ليسا بحد ذاتهما سبباً لرفض تنفيذ الحكم التحكيمي في فرنسا.

د- واخيرا Hilmarton 

   ادعت شركة Hilmarton على شركة .O.T.V مطالبة بدفع اتعاب اضافية لحظها عقد استشارات ووساطة من اجل الاستحصال على عقد اشغال عامة في الجزائر. رد المحكم الذي نظر في الدعوى مطالب شركة Hilmarton مستنداً إلى بطلان عقد الوساطة، واعتبر الحكم التحكيمي أن العقد مخالف للقانون الجزائري الذي يمنع صرف النفوذ والرشوة، وبالتالي فهو مخالف للنظام العام الدولي. راجعت شركة Hilmarton بطلب إبطال قدم الى محكمة كونتون جنيف التي قضت بأبطال هذا الحكم التحكيمي، وصادقت على ذلك المحكمة الفدرالية التي اعتبرت ان مخالفة القانون الجزائري لا تنقض الآداب العامة وفقا للقانون السويسري. 

  في هذه الاثناء تقدمت شركة .O.T.V بطلب اعطاء الحكم التحكيمي صيغة التنفيذ في فرنسا فحصلت عليها في 1990/2/27 فأستأنفت شركة Hilmarton قرار اعطاء صيغة التنفيذ، ولكن محكمة بداية باريس صادقت على قرار رئيس محكمة بداية باريس بقرارها الصادر في 91/12/19 مستندة الى المادة /7/ من اتفاقية نيويورك، معتبرة ان ابطال الحكم التحكيمي في بلد المنشأ لا يشكل سبباً لرفض اعطاء الصيغة التنفيذية عملاً بالمادة 1502 اصول مدنية فرنسية. 

   في سويسرا، استعادت المحاكمة التحكيمية سيرها بعد اعادة تشكيلها بفعل ابطال الحكم التحكيمي، وبمبادرة من شركة Hilmarton، وبالنتيجة صدر حكم تحكيمي جديد، من محكم آخر في 92/4/10 يلزم هذه المرة شركة .O.T.V بدفع العمولة المطلوبة. 

   طلبت شركة Hilmarton في 93/2/25 من رئيس محكمة بداية نانتير الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الثاني، وفي 93/9/22 اعطيت صيغة التنفيذ لحكم المحكمة الفدرالية السويسرية الذي يبطل الحكم الاول. في نفس الوقت قدمت شركة Hilmarton طلب نقض لقرار اعطاء صيغة التنفيذ للحكم التحكيمي الاول وبتاريخ 94/3/23 ردت محكمة النقض الطلب المقدم من شركة Hilmarton واعتبرت أن المادة السابعة من اتفاقية نيويورك تجيز لشركة .O.T.V التذرع بقواعد القانون الفرنسي حول صيغة تنفيذ الاحكام التحكيمية الدولية الصادرة خارج فرنسا. وتلاحظ مرة أخرى أن المادة 1502 اصول مدنية فرنسية لا تنص على ان ابطال حكم تحكيمي في بلد المنشأ هو سبب لعدم اعطاء صيغة التنفيذ للحكم التحكيمي واضافت محكمة النقض الفرنسية: "ان الحكم التحكيمي الصادر في سويسرا هو حكم تحكيمي دولي ليس مدغماً في النظام القانوني لهذا البلد، وبالتالي فان وجوده يبقى قائماً رغم إبطاله وبالتالي فان الاعتراف به ليس مخالفا للنظام العام الدولي". 

   وتعقدت الأمور أكثر، حين أصدرت محكمة استئناف فرساي قرارين، الاول باعطاء صيغة التنفيذ لحكم المحكمة الفدرالية السويسرية الذي يبطل الحكم التحكيمي الأول، والثاني باعطاء صيغة التنفيذ للحكم التحكيمي الثاني الذي يلزم شركة .O.T.V بدفع عمولة. 

   واعتبرت محكمة الاستئناف في فرساي أن صيغة التنفيذ المعطاة للحكم التحكيمي الأول لا يمكنها أن تجمد النزاع في النظام القانوني الفرنسي "وان النظام العام الدولي لا يمنع من الاعتراف في فرنسا بالحكمين التاليين للحكم التحكيمي الاول. وان قوة القضية المحكمة المرتبطة بالصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الأول لا تمنع تنفيذ الحكم التحكيمي الثاني. هذا القول نقضته محكمة التمييز الفرنسية التي نقضت بدون طلب نقض، الحكمين الصادرين عن محكمة استئناف فرساي، وبالتالي فان الحكم التحكيمي الاول الذي ابطلته المحكمة السويسرية، هو وحده الذي أصبح معترفاً به في النهاية. 

   واصبح الوضع في غاية التعقيد، اذ صارت شركة .O.T.V الفرنسية حائزة في بلدها فرنسا حكما قضائياً يعطي صيغة التنفيذ للحكم التحكيمي الذي جرى ابطاله. بينما شركة Hilmarton التي ربحت الدعوى التحكيمية في النهاية وصدر حكم تحكيمي لصالحها لم يعد بامكانها تنفيذ هذا الحكم التحكيمي في فرنسا لأن الاول اكتسب قوة القضية المقضية. 

- في 97/1/14 اعطت محكمة استئناف باريس صيغة التنفيذ في فرنسا لحكم تحكيمي صادر في مصر وابطلته محكمة استئناف القاهرة في قضية كرومالوي *°Chromalloy. أساس النزاع عقد تموين عسكري أبرم سنة 1988 بين مصر وشركة كرومالوي الاميركية وفسخ سنة 1991 بطلب من شركة كرومالوي. وصدر حكم تحكيمي في القاهرة في 1994/8/24 يلزم الدولة المصرية بأن تدفع للشركة الاميركية تعويضات. 

   طلبت الشركة الاميركية تنفيذ الحكم التحكيمي في الولايات المتحدة، وطلب الخصم أبطاله في مصر، فاستجابت محكمة استئناف القاهرة للطلب وابطلت الحكم في 95/12/5، مستندة الى المادة (1) 53 من القانون المصري للتحكيم التي تجيز الابطال: "اذا استبعد الحكم التحكيمي تطبيق القانون المتفق عليه لحسم النزاع" واستندت المحكمة القضائية في الابطال الى ان المحكمين كان يجب أن يطبقا القانون الاداري المصري وليس القانون المدني المصري. 

   ولكن محكمة مقاطعة كولومبيا في الولايات المتحدة الاميركيـة فـي قـرار اتخذتـه فـي 96/7/31 اعترفت بالحكم التحكيمي الذي جرى ابطاله واعطته صيغة التنفيذ. واسـتندت الـ المادة السابعة من معاهدة نيويورك، ثم لاحظت ان القانون الاميركي لا يجيز لقاضي التنفيـذ رد تنفيذ حكم تحكيمي، حتى ولو ارتكب في اسوأ الاحتمالات خطأ في القانون، كذلك استندت اتفاقية الطرفين التي استبعدت أية مراجعة ضد الحكم التحكيمي واعتبرت المحكمة الاميركية انه سيكون مخالفا للنظام العام الاميركي الذي يلزم باحترام العقـود التحكيميـة وخاصـة الدوليـة، واعتبرت المحكمة الاميركية انه سيكون مخالفا للنظام العام الاميركي الاعتـراف بقـوة قـرار قضائي اجنبي يتعرض لحكم تحكيمي اكتسب الدرجة القطعية ولم يعد قـابلا للمراجعـة باتفـاق الطرفين. 

   هذا الاجتهاد لا مأخذ عليه في القانون فهو يطبق المادة 7 من اتفاقية نيويورك ويحترم روح هذه المادة. فالنص لا يتعلق بالقواعد الاكثر افادة لتنفيذ الاحكام التحكيمية الاجنبية. وامام قواعد أكثر ملاءمة تتراجع اتفاقية نيويورك من أجل فعالية دولية أكبر للأحكام التحكيمية. 

   اضف الى ذلك ان حكم قاضي بلد المنشأ ليس مطلقاً حتى في نظام نيويورك، فـالحكم الذي يقضي برد المراجعة ضد الحكم التحكيمي في بلد المنشأ لا يحصن هذا الحكم ولا يمنـع قاضياً أجنبياً آخر من ممارسة رقابته على هذا الحكم التحكيمي الذي ردت المراجعة ضده في بلد المنشأ كلما طلب منه استقبال هذا الحكم في نظامه القانوني، وبامكان قاضي التنفيذ طبعـاً رفض اعطاء الصيغة التنفيذية حكماً تحكيمياً يعتبره قاضي بلد المنشأ صحيحاً ومستوفياً كـل الشروط. 

   ولعله من غير الطبيعي ولا من المقبول أن يعطى قاضي دولة ما سلطة محو آثار حكم تحكيمي لا يروق له في العالم كله، والمخاطر تبقى كبيرة اذا كان هذا الابطال غير مبرر في سائر الدول ومبنياً على اعتبارات قانونية محلية محضة في حين أن الحكم التحكيمي الذي ابطل في بلد ما قد يكون طريقه سالكا في باقي دول العالم. 

   من هنا يتبين ان الافضلية المعطاة لقاضي مكان التحكيم من أجل التنسيق في الرقابة على الحكم التحكيمي تتضمن مخاطر كبيرة وليس أمراً مرفوضاً الحد من هذه المساوئ... هل يجب القول ان هذه الافضلية هي مناقضة للاتجاه الحالي بعدم ربط التحكيم الدولي بمكان التحكيم؟ 

   قد يبدو في الوقت الحاضر من غير الواقعي ازالة أي اتصال قانوني بين التحكيم الدولي والبلد الذي يجري فيه التحكيم لأسباب عملية أو للحاجة الى تدخل قاضي محلي للمساندة... واذا كان من المعقول اخراج التحكيم من قيود البلد الذي يجري فيه التحكيم فان فك الارتباط هذا يبقى افقا في المستقبل لا يمنع رقابات محلية متعددة في بلدان تنفيذ الحكم التحكيمي 

الفقرة الثانية- القواعد المتفقة بين المشروع الاماراتي والقانون المصري: 

   تتميز دعوى البطلان بأنها تتوجه الى الحكم كعمل قانوني بصرف النظر عما يتضمنه الحكم خطأ في التقدير. ولهذا فإن العيوب التي يجوز التمسك بها بدعوى البطلان يجب ان تكون في الاجراء، اذ هذه وحدها هي التي تؤدي الى بطلان الحكم. أما الخطأ في التقدير فإنه، من خطأ مهما كانت جسامته، لا يؤدي الى بطلان الحكم، وبالتالي لا يجيز رفع دعوى لبطلانه. 

   ولأن حكم التحكيم عمل قضائي يحوز حجية الأمر المقضي وتؤدي الدعوى ببطلانه الى المساس بهذه الحجية، فان من المقرر أن هذه الدعوى لا تقبل الا في الحالات المحددة التي ينص عليها القانون. وهو ما حرص المشروع الاماراتي والقانون المصري على تأكيد هذا نص القانون المصري في المادة 53(1) على أنه: "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم الا في الاحوال الآتية...". ونص المشروع الاماراتي على انه "لا يحكم ببطلان حكم التحكيم الا في الأحوال الآتية" (المادة 53).  

   فحالات دعوى بطلان حكم التحكيم واردة في القانون على سبيل الحصر. فلا يجوز الالتجاء الى هذه الدعوى للتمسك بحالة بطلان لم ينص عليها القانون، لأن أسباب بطلان الحكم التحكيمي المنصوص عليها (في المادة 53 من المشروع الاماراتي والمادة 53 من القانون المصري) وردت على سبيل الحصر ولا يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها، ومن ثم فإنه اذا اخطأت هيئة التحكيم في القضاء في مسألة واجب اللجوء اليها أولا لحل النزاع، التوفيق قبل التحكيم مثلاً، فأن ذلك لا يعد من أحوال البطلان المنصوص عنها في المادة 53 من القانون المصري والمشروع الاماراتي والقول بغير ذلك يتضمن انشاء سبب جديد لبطلان حكم المحكمين لم يقرره المشرع او يقصده. 

1- حالات بطلان حكم التحكيم: 

   وردت الحالات التي يجوز فيها أبطال حكم التحكيم على سبيل الحصر في المشروع الاماراتي (المادة 53) وفي القانون المصري (المادة 53). ولا شك أن المشرع قد قصد بذلك حماية أحكام التحكيم بحيث لا يجوز أبطالها الا في حالات محددة وواضحة يتصف فيها العيب الذي يشوب الحكم بجسامة بالغة تبرر ابطاله. 

أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً او قابلاً للابطال او سقط بانتهاء مدته. فاذا لم يتحقق التراضي بتلاقي ارادتي الطرفين لا يكون هناك اتفاق، واذا سقط اتفاق التحكيم، فإن الحكم الذي يصدر بعد ذلك لا يكون صحيحاً حتى لو تمت تسوية بين الفريقين استناداً إلى هذا الحكم، لأن اتفاقهما صدر تأسيساً على صحة حكم باطل. ويكون اتفاق التحكيم باطلاً اذا كان غير مكتوب او ورد على مسألة غير قابلة للتحكيم، او شابه سبب من أسباب البطلان المطلق طبقاً للقواعد العامة، أو جاء مخالفاً لأحكام القانون الآمرة كما في حالة الاتفاق على عدد زوجي من المحكمين مثلاً. اما اذا كان اتفاق التحكيم قابلاً للإبطال، اي مشوباً ببطلان نسبي، فلا محل للطعن في الحكم اذا صدرت اجازة صحيحة من الطرف الذي تقرر البطلان لمصلحته. اما عند سقوط الاتفاق بانتهاء مدته فيكون الحكم التحكيمي باطلاً. 

ب- اذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت ابرامه فاقداً الاهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته: وهذه الحالة مجرد تكرار للحالة الأولى التي تغطي بطلان اتفاق التحكيم بنوعيه المطلق والنسبي. 

ج- اذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم اعلانه اعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن ارادته: وتشمل هذه الحالة طبقاً لظاهر النص كل اخلال بحق الدفاع يكون طالب البطلان قد تعرض له، كما اذا كان ضحية اخلال بالمساواة بين الطرفين في فرص الدفاع والمواعيد، أو حرم من تقديم شهود تكون شهادتهم منتجة أو من تقديم خبير فني أو الاطلاع والتعليق على تقرير الخبير المادة 35(3) مشروع اماراتي و 36(3) مصري. وكذلك اذا كان طالب البطلان هو المدعى عليه، ولكنه حرم من التعقيب على دفاع المدعي خلافاً لقاعدة ان المدعى عليه هو آخر من يتكلم، وغير ذلك من الصـور التي يحدث فيها إخلال بالضمانات الاساسية للتقاضي وبمبدأ المواجهة بين الطرفين. 

د- اذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الاطراف على تطبيقه على موضوع النزاع: المقصود هنا هو اتفاق الاطراف صراحة على اختيار قانون معين لحكم النزاع. والمقصود بالقانون قواعد القانون الموضوعي، سواء أكان قانوناً وضعياً ام غير وضعي. واختيار قانون لحل النزاع لا يقصد به الحالات التي تؤدي فيها أحكام تنازع القوانين الى تطبيق قانون معين. ولكن هل تدخل تحت هذا النص الحالات التي يقع فيها خطأ جسیم في تطبيق ذلك القانون المختار يعادل في جسامته استبعاد تطبيق ذلك القانون؟ نجيب بالايجاب لأن هذا يعتبر استبعاداً غير مباشر لتطبيق ذلك القانون يعادل في أثره وخطورته استبعاده مباشرة. 

هـ -اذا تشكلت المحكمة التحكيمية أو عين المحكمون على وجه مخالف للقانون او لاتفاق الطرفين. والمقصود بمخالفة القانون هنا هو مخالفة أحكامه الآمرة وحدها. ولكن ما الحكم اذا اشترك في اصدار الحكم محكم لم يقم بما يوجبه عليه القانون من الافصاح عند قبوله عن اية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله او حياده، وبالتالي لم يطلب رده، ثم علم الطرف الخاسر بعد صدور الحكم بتلك الظروف التي تنفي استقلال ذلك المحكم أو حياده؟ وهل تعتبر هيئة التحكيم في هذه الحالة هيئة مشكلة على وجه مخالف للقانون بحيث يجوز ابطال الحكم؟ نجيب بالإيجاب، لأن تشكيل محكمة التحكيم من محكمين مستقلين عن الطرفين ومحايدين قاعدة أساسية من قواعد القانون، فضلاً عن أنه لا يقبل أن يؤدي إخلال ذلك المحكم بواجب الافصاح من البداية الى تحصين الحكم الذي شارك في اصداره دون وجه حق. 

و- اذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم او جاوز حدود هذا الاتفاق: ومع ذلك اذا امكن فصل اجزاء الحكم، الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم، عن اجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان، الا على الاجزاء الاخيرة وحدها. وهذه الحالة هي أوضح حالات البطلان وأكثرها شيوعاً في العمل. وقد جرى القضاء المصري على الأخذ بتفسير ضيق لشروط التحكيم بحيث لا يفصل حكم التحكيم الا في المسائل التي يشملها اتفاق التحكيم تحت طائلة الابطال وكذلك الأمر، اذا قضت محكمة التحكيم بمسألة لا يشملها اتفاق التحكيم باعتبار ان التحكيم طريق استثنائي لحسم المنازعات بينما القضاء الاميركي، على العكس، يأخذ بمبدأ التفسير الواسع لشروط التحكيم. 

ز - اذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو كانت اجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم: يثور - التساؤل هنا فوراً عن ماهية الاحوال التي يقع فيها بطلان في حكم التحكيم، وهل يقع هذا البطلان اذا خلا الحكم من توقيع المحكمين أو أسباب الحكم أو أسماء المحكمين او عناوينهم او جنسيتهم او ملخص لطلبات الخصوم واقوالهم او تاريخ ومكان اصدار الحكم؟ (المادة 42 من المشروع الاماراتي، المادة 43(3) مصري). المفروض الا يقع البطلان الا اذا كان البيان الناقص جوهرياً. ولكن ما هو معيار التفرقة بين ما هو جوهري من البيانات وما هو غير جوهري من البيانات؟ فهل تعتبر عناوين المحكمين مثلاً بياناً جوهرياً؟ وهل يبطل الحكم حتماً اذا خلا في صلبه من صورة من اتفاق التحكيم ومن مكان اصداره؟ وما حكم القصور في تسبيب الحكم؟ ان المقياس الصحيح هو أن يكون من شأن العيب ان يؤثر في الحكم. 

ح- مخالفة النظام العام في الامارات العربية المتحدة أو في جمهورية مصر العربية. للمحكمة ان تقضي من تلقاء نفسها ببطلان الحكم في هذه الحالة. وواضح ان العبرة هنا هي للنظام العام الاماراتي او المصري وليس للنظام العام الدولي. وليس في هذا ما يخالف أحكام اتفاقية نيويورك. وتكون هناك مخالفة للنظام العام عندما يشمل اتفاق التحكيم، كما احالة نزاع الى التحكيم، رغم أن الولاية هي حصراً للقضاء كما لو كان النزاع لا يجوز أن يكون محلاً للتحكيم مثل القضايا الجنائية او تجاوز اختصاص القضاء صاحب الولاية العامة دون سند مشروع. 

   ومشروع الامارات كما القانون المصري لم يأخذ بما أخذ به قانون اليونسترال الموحد، الذي حصر البطلان في حالات قليلة العدد وواضحة المضمون (المادة 34 من القانون النموذجي).

2- المحكمة المختصة بدعوى البطلان: 

   تختلف المحكمة المختصة حسب نوع التحكيم. فإذا كان التحكيم تحكيماً تجارياً دولياً بالمعنى الذي حدده المشروع الاماراتي والقانون المصري، كان الاختصاص بدعوى البطلان في الامارات لمحكمة استئناف أبو ظبي الاتحادية وفي مصر لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى، وذلك سواء جرى التحكيم في الامارات أو في مصر أو في الخارج. 

   اما اذا لم يكن التحكيم تجارياً دولياً بالمعنى السالف الذكر، فإن الاختصاص يكون لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة اصلاً بالنظر في النزاع. 

وبهذا ترفع دعوى البطلان دائما امام محكمة الدرجة الثانية مباشرة. 

وبهذا خالف المشروع الاماراتي والقانون المصري القاعدة العامة في الاختصاص التي تقضي باختصاص محاكم الدرجة الاولى بالدعاوى التي ترفع ابتداء. 

   وقد كان باعث المشرع لهذا حرصه على سرعة الفصل في دعوى البطلان فضلاً عن ان الامر يتعلق بصحة أو بطلان حكم، فمن المناسب طرحها على محكمة أعلى من الدرجة الاولى. 

3- ميعاد رفع الدعوى واجراءاتها: 

   حدد المشروع الاماراتي (المادة 54) والقانون المصري (المادة 54) مهلة رفع دعوى البطلان، فهي ستين يوماً في المشروع الاماراتي وتسعين يوماً في القانون المصري. تبدأ هذه المهلة من تاريخ اعلان الحكم الى المحكموم عليه. ويتم هذا الاعلان على يد محضر وفقاً للقواعد العامة لاعلان اوراق المحضرين وتسليم الأحكام. 

  استناداً إلى هذا النص، من الواجب اعلان الطرف الآخر بصدور الحكم التحكيمي كي تبدأ المهلة بحقه، واذا لم يثبت من أوراق دعوى البطلان ان الاعلان تم صحيحاً وانقضت المهلة كما هي محددة في المادة 54(1) من المشروع الاماراتي والمادة 54(1) من القانون المصري، فإن المهلة تكون قائمة ويكون من حق الطرف الذي لم يعلن بالحكم التحكيمي التقدم بدعوى البطلان طيلة مدة مرور الزمن. اما اذا كان المحكوم ضده أعلن إعلاناً صحيحاً وتقدم بدعوى البطلان خارج الميعاد فإن المحكمة ذات الاختصاص لا تقبلها وهي تثير موضوع المهلة عفوا بسبب السقوط لتعلق هذا الامر بالنظام العام. ودعوى البطلان تكون مقبولة أيضاً من المحكوم ضده بمجرد صدور الحكم التحكيمي حتى لو لم يكن اعلن به. 

  وترفع الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى. ولا يحول دون ذلك انها ترفع مباشرة امام محكمة الدرجة الثانية. 

  وتقبل دعوى البطلان ولو نزل المدعي عن حقه في الطعن في حكم التحكيم. ان دعوى البطلان لا تعتبر طريقاً للطعن بالمعنى الصحيح. 

   ومن ناحية أخرى، فإنه اذا نزل الخصم عن حقه في دعوى البطلان قبل صدور حكم التحكيم، فإن هذا النزول لا يحول دون قبول دعواه. ذلك أن الحق في دعوى البطلان لا ينشأ الا بصدور حكم التحكيم وليس لأحد النزول عن حق قبل نشأته له. 

   وعلى هذا نص قانون التحكيم صراحة لجهة انه اذا صدر حكم التحكيم، فمن له الحق في التمسك بالبطلان أو النزول عنه صراحة أو ضمناً ولكن بعد صدور الحكم التحكيمي. 

4- اثر رفع دعوى البطلان على تنفيذ الحكم: 

  أحسن المشرع بأن نص في المادة 57 مشروع اماراتي و 57 مصري على أنه "لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم". 

   كذلك، يلاحظ ان المشرع رتب أثراً واقفاً للتنفيذ بقوة القانون على عدم انقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان، فنص على أنه "لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم اذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى". (المادة 58(1) في مشروع الامارات والمادة 58(1) من القانون المصري). 

   وعلى هذا، فإن من مصلحة المحكوم له ان يبادر بإعلان المحكوم عليه بالحكم بمجرد صدوره حتى يبدأ ميعاد دعوى البطلان وينقضي. عندئذ يقبل من المحكوم له طلب تنفيذ الحكم سواء رفع المحكوم عليه دعوى البطلان ام لا. 

   وإمكانية وقف تنفيذ القرار التحكيمي نص عليها المشروع الاماراتي في المادة 57 والقانون المصري في المادة 57 حيث أوجب أن يكون ذلك معزواً إلى أسباب جدية، وان تفصل المحكمة في طلب وقف التنفيذ خلال ثلاثين يوماً في الامارات وستين يوماً في مصر من تاريخ أول جلسة محددة لنظره. واعطى المشرع المحكمة الحق في فرض كفالة أو ضمان مالي اذا وجدت ان اصدار أمر وقف التنفيذ له ما يوجبه ومقدماً مستوفياً الشروط المفروضة قانوناً ولاسيما مراعياً ميعاد تقديم دعوى البطلان. ومنعاً لبقاء امر وقف التنفيذ مستمراً، أوجب المشرع على المحكمة ان تفصل في دعوى البطلان خلال ثلاثة أشهر في الامارات وستة أشهر في مصر من تاريخ صدور أمر وقف التنفيذ هذا.