وردت النصوص التي تنظم التحكيم في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969، حيث خصص هذا القانون ست وعشرين مادة تعالج نصوصها التحكيم بشكل عام. سواء كان محلياً او دولياً، واذا كان تحكيمياً في القضايا المدنية أو التجارية. وهذه النصوص كانت كافية لتنظيم عملية التحكيم بدءاً من اتفاق التحكيم ولحين صدور الحكم وتنفيذه.
إلا ان تلك النصوص لم تعد كافية لمواكبة ما ألت اليه احكام التحكيم من تطور وايجاد قواعد قانونية تركزت في الفقه القانوني وأصبحت من المسلمات التي لا بد من اتباعها في ممارسة التحكيم على الصعيدين المحلي والدولي، وكنا قد نبهنا عام 1992 في مؤلفنا عن التحكيم التجاري الدولي، الى أهمية اصدار قانون خاص بالتحكيم يسترشد بالنصوص التي اعدتها لجنة الامم المتحدة لقانون التجارة الدولية UNCITRAL مثل القانون النموذجي للتحكيم لعام 1985 وقواعد الاونسيترال للتحكيم.
ولم تلتفت الحكومات المتعاقبة الى ذلك الا مؤخراً فقد تشكلت لجنة على مستوى عال من الكفاءات القانونية تضم ممثلين عن مجلس القضاء الاعلى، وعدد من مستشاري مجلس شوری الدولة، نقابة المحامين، عميد كلية الحقوق في جامعة بغداد وكاتب هذه الخلاصة.
عقدت اللجنة عدة اجتماعات ولا زالت تجتمع في وزارة العدل العراقية، ووضعت لها منهاجاً للعمل من اجل التوصل الى افضل صياغة لقانون تحكيم يأخذ في الاعتبار قواعد التحكيم الحديثة. ولهذا الغرض أطلعت اللجنة على مختلف قوانين التحكيم العربية النافذة، وأعدت مشروعاً اولياً اعتمدت في وضع نصوصه على ما جاء في القانون النموذجي للتحكيم وقواعد الاونسيترال للتحكيم كما اطلعت على مجموعة الاحكام التي صدرت في القضايا التحكيمية والتي تم فيها تطبيق النصوص. وبالتالي تكونت لدى اللجنة القناعة على أن العراق باعتباره قوة اقتصادية في تعاملاته التجارية وثرواته الطبيعية يعمل على تنفيذ برامجه في التنمية الاقتصادية وتوسيع علاقاته التجارية لا سيما وان العقود التي تبرم مع الشركات الكبرى والمستثمرين الاجانب لا تخلو من شرط التحكيم حيث يصر الجانب الاجنبي على وجود مثل هذا الشرط. وعليه لا بد أن يصار الى وضع قانون حديث يعالج كافة جوانب التحكيم سواء كان التحكيم محلياً او دوليا ووفق معايير دولية التحكيم، آخذين في الاعتبار احكام قانون المرافعات المدنية الخاصة بالاجراءات والتي تتعارض مع الاسس الحديثة التي سوف يستند اليها القانون الجديد.
من المتوقع أن تنهي اللجنة اعمالها في وضع مشروع القانون خلال عام 2010. ونأمل أن يتم تشريعه كقانون في وقت قريب سيما وأن المؤسسات القضائية والقانونية والاكاديمية ممثله في هذه اللجنة.