الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • متفرقات / قوانين التحكيم في الدول العربية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 3 / جولة مع قانون التحكيم التجاري السوري الجديد

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 3
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    199

التفاصيل طباعة نسخ

     يقول ارسطو "ان اطراف النزاع يستطيعون تفضيل التحكيم عن القضاء، ذلك لان المحكم يرى العدالة بينما لا يعتد القاضي الا بالتشريع". 

   ان التطور التشريعي الذي تقوم به سورية اليوم شمل التشريعات الاقتصادية والتجارية فكان صدور قانون التجارة الجديد وقانون الشركات التجارية واكتملت الصورة بقانون التحكيم التجاري الصادر بالقانون رقم 4 تاريخ 2008/3/17 والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ الاول من نيسان 2008 .

   ان قانون التحكيم الجديد جاء ليسد فجوة اساسية في العلاقات التجارية. على اعتبار انه يكاد لا يبرم اليوم عقد تجاري دولي ما لم يتضمن مشارطة تحكيم تقضي بأن كل نزاع ينشأ عن هذا العقد حسمه بطريق التحكيم الدولي.

   لقد تضمن قانون التحكيم مجموعة من المواد موزعة على تسعة فصول أوضحت ماهية التحكيم وبحثت في هيئة التحكيم واجراءاته وحكم التحكيم والطعن بأحكام التحكيم وحجية احكام المحكمين وتنفيذها بالاضافة الى مراكز التحكيم.

   عرف القانون الجديد التحكيم بأنه "اسلوب اتفاقي قانوني لحل النزاع بدلاً من القضاء، سواء اكانت الجهة التي ستتولى اجراءات التحكيم بمقتضى اتفاق الطرفين منظمة ام مركزاً دائماً للتحكيم، أم لم تكن كذلك".

  واعتبر القانون ان التحكيم التجاري، هو الذي يكون موضوع النزاع فيه ناشئاً عن علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عقدية كانت أو غير عقدية.

   اما التحكيم التجاري الدولي، فهو التحكيم الذي يكون موضوع النزاع فيه متعلقاً بالتجارة الدولية – ولو جرى داخل سورية – وذلك في احوال حددتها حصراً المادة الأولى من القانون الجديد .

   أنه ومع عدم الاخلال بالاتفاقيات الدولية المعمول بها في الجمهورية العربية السورية فإن احكام قانون التحكيم الجديد تسري على اي تحكيم يجري في سوريا، كما تسري على أي تحكيم تجاري دولي يجري في الخارج، اذا اتفق طرفاه على اخضاعه لأحكام هذا القانون.

   وقد استثنى قانون التحكيم الجديد منازعات العقود الادارية التي بقيت خاضعة لاحكام المادة 66 من العام المارد الصادر ا و ر ا تاریخ 2004/12/9.

   ان المشرع السوري ترك لطرفي النزاع كامل الحرية في تحديد القانون الذي يجب على

هيئة التحكيم تطبيقه على موضوع النزاع.

   كما ان القانون الجديد لم يشترط في المحكم ان يكون من جنس أو من جنسية معينة الا اذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك، وهكذا حسم القانون النقاش القانوني الدائر حول جنسية المحكم. وقد أحسن المشرع السوري عندما اخذ بمبدأ استقلالية الشرط التحكيمي فقررت الفقرة الاولى من المادة 21 على ما يلي:

  "تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المتعلقة بعدم وجود اتفاق تحكيم او سقوطه او بطلانه او بعدم شموله موضوع النزاع، على أن تقدم هذه الدفوع قبل أي دفع آخر، وإلا سقط الحق فيها".

   ولجهة اجراءات التحكيم فقد منح القانون الجديد الحرية لطرفي التحكيم في خضوع هذه الاجراءات للقواعد النافذة في اي منظمة او مركز دائم للتحكيم في سوريا أو في خارجها.

    كما ان لطرفي التحكيم الحق في الاتفاق على مكان التحكيم في سوريا او خارجها بحيث يحق لهيئة التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسباً للقيام بإجراء من اجراءات التحكيم وفق ظروف الدعوى وملاءمة المكان للأطراف.

   واعتبر القانون ان التحكيم يجري باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، أو تقرر هيئة التحكيم تحديد لغة أو لغات أخرى، وهكذا تبنى القانون الجديد عدة مؤشرات لتحديد لغة التحكيم من خلال مراعاة الظروف المحيطة.

   اما فيما يخص مدة التحكيم فقد اعتمد القانون الجديد مبدأ المدة المعقولة بحيث انه اذا لم يوجد اتفاق بين الطرفين على مدة معينة وجب أن يصدر الحكم التحكيمي خلال مدة 180 يوماً من تاريخ انعقاد اول جلسة لهيئة التحكيم. ويمكن مد أجل التحكيم لمدة لا تزيد على 90 يوماً ولمرة واحدة.

   اما في حال انتهاء اجل التحكيم دون صدور حكم التحكيم، كان لاي طرف في التحكيم رفع دعواه الى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع ما لم يتفقا على التحكيم مجدداً. 

   كما ان المشرع تناول في القانون الجديد مبدأ "التحكيم بالصلح" فقرر انه اذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويض هيئة التحكيم بالصلح، جاز للهيئة ان تفصل في النزاع على مقتضى قواعد العدالة والانصاف ودون التقيد بأحكام القانون"، ويعتبر هذا التوجه الايجابي قد فتح الباب على مصراعيه للتوصل في المستقبل القريب الى وضع قواعد خاصة للتوفيق والخبرة تكون مكملة لقواعد التحكيم.

   وانسجاماً مع احدث المعايير المعتمدة في التحكيم الأوروبي (وفق الفقرة 25 من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية (ICC) وكذلك الفقرة 5 من المادة 22 من نظام التحكيم المطبق لدى الغرفة التجارية العربية الفرنسية (CCFA) فقد اعتمد قانون التحكيم الجديد مبدأ انه في حال عدم توفر اكثرية في الاراء للحكم فإن رئيس هيئة التحكيم يصدر الحكم منفرداً وفق رأيه، ويكتفي في هذه الحالة بتوقيعه منفرداً على الحكم.

   طبقاً لاحكام القانون الجديد، تصدر احكام التحكيم مبرمة غير خاضعة لأي طريق من طرق الطعن، ومع ذلك يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقاً للاحكام المبينة في المادتين 50 او 51 من القانون الجديد. ولا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ الحكم ولكن يجوز للمحكمة ان تقرر في غرفة المذاكرة وقف التنفيذ لمدة أقصاها 60 يوماً اذا كان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم للخصم يتعذر تداركه.

   غير انه لا يجوز أكساء حكم التحكيم صيغة التنفيذ وفقاً للقانون الجديد الا بعد التحقق مما

يلي:

 

   أ- أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم السورية في موضوع النزاع.

   ب- أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في الجمهورية العربية السورية.

   ج- أنه تم تبليغه للمحكوم عليه تبليغاً صحيحاً. 

   اجاز القانون الجديد احداث مراكز للتحكيم دائمة تعمل وفق أحكام القانون الجديد واحكام الانظمة التي تضعها هذه المراكز. 

   كما ابقى القانون الجديد اتفاقيات التحكيم المبرمة قبل نفاذه خاضعة للأحكام التي كانت سارية بتاريخ ابرامها سواء أكانت إجراءات التحكيم قد بوشرت ام لم تباشر.

   انه في مقابل تزايد المبادلات التجارية وسرعة حصولها، كان يقتضي أن توجد وسيلة سريعة لحل النزاعات الناشئة عنها، وهذا ما كان على التحكيم أن يستجيب اليه ويحققه.   

  وان المعجزة، تتمثل في التوصل الى التوفيق ما بين الانظمة التحكيمية المختلفة والنجاح في اثبات أن العدالة هي واحدة، حتى لو كانت وسائل التعبير عنها مختلفة.

  وأخيراً... فإن السؤال المطروح، لماذا لا يدرس التحكيم كمادة مستقلة في كليات الحقوق.  

    في الختام من الجدير بالذكر ان الجمهورية العربية السورية هي عضو في المنظمة القانونية والاستشارية الآسيوية – الافريقية التي تضم 44 عضواً من بلدان العالم وذلك بصفتها منظمة مستقلة دولية، وأن مركز طهران الاقليمي للتحكيم وبحسب عضويته في هذه المنظمة اعتمد منذ عام 2005 فيما يخص التحكيم قواعد لجنة حقوق التجارة الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة (يونسترال UNCITRAL) المتضمنة الى جانب نظام التحكيم قواعد التوفيق والخبرة، وذلك بغية مواكبة التجارة العالمية وبالتالي الانساب الى لجنة الامم المتحدة للقانون الدولي (يونسترال). 

   وعليه فإن الخطوة على الطريق الصحيح هي بإعتماد هذا الحل بحيث يكون التحكيم في خدمة تطور التجارة. وان نتائج ذلك ستكون ذات منحى ايجابي. 

  انه وان كانت الطريق التي سلكها التحكيم الوطني والدولي طويلة وشاقة، الا ان طريق الألف ميل تبدأ دائماً بالخطوة الاولى.

 

ملاحظة: تنشر مجلة التحكيم في باب القوانين قانون التحكيم التجاري السوري الجديد.