يجوز التظلم من أمر قاضي التنفيذ الصادر بالتنفيذ أو برفضه وفقاً لما تقرره المادة 197 والمادة 199 من قانون المرافعات . فللمحكوم عليه أن يتظلم لنفس الآمر . كما يجوز التظلم إلى المحكمة المختصة ( التي هو قاض التنفيذ بها ) وللطالب إذا صدر الأمر برفض طلبه أن يتظلم منه إلى هذه المحكمة.
تنص المادة 199 على أن للخصم الذي صدر عليه الأمر ، بدلا من التظلم للمحكمة المختصة الحق في التظلم منه لنفس الآمر مع تكليف خصمه الحضور أمامه ولا يمنع من ذلك قيام الدعوي الأصلية أمام لمحكمة
والمادة المتقدمة تقرر قاعدة عامة أساسية في التظلم من الأمر الصادر على عريضة .
وجاءت المادة ٥١٢ مقررة أن طلب البطلان للأسباب المشار إليها يرفع بالأوضاع المعتادة إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع . و من ثم يستفاد من هذه المادة – بطريق الإشارة ـ أن التمسك بالبطلان للأسباب المشار إليها فيها لا يحصل إلا بالصورة المقررة فيها ، وهذا هو ما يتبادر إلى الفهم فوراً .
و من ناحية أخرى ، المادة 199 تقرر قاعدة أساسية في النظام.. من الأمر المصادر على عريضة ويجب أن يعتـد بها في هذا الصدد ، إذ القاعدة القانونية المستخلصة من صريح عبارة النص هي التي يجب أن تراعى ولو خالفت قاعدة أخرى مستخلصة بطريق الإشارة من نص آخر .
وفي هذا يقول المرحوم الأستاذ عبد الوهاب خلاف: النص الشرعي يستدل به على ما ينم عن عبارته ، أو إشارته أو دلالته أو اقتضائه . وهذه الطرق متفاوتة ، في قوة دلالتها . فعند التعارض برجيح المفهوم بالعبارة ، على المفهوم بالاشارة ، ويرجح المفهوم بأحدها على المفيوم بالدلالة .
وأخيراً ، قد يبدو غريباً إذا تعددت وتنوعت أسباب التظلم من أمر القاضي أن يرفع المتظلم تظلمه إليه مبنياً على بعض هذه الأسباب ، ويقيم في ذات الوقت الدعوى الأصلية بطلب البطلان ليبنى عليها الأسباب الأخرى التي لا يملك الإدلاء أمام القاضي الأمر ، ولا نحسب أن هذه النتيجة بمستساغة لأنها تخل بحسن سير العدالة عند نظر التظلم .
كل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وحتى مع التسليم جدلا بوجود شبهة تعارض بين نص المادة ٥١٢ والمادة 199 يلاحظ أن لكل خصومة مجالها الخاص .
فالقانون قد أجاز رفع دعوى البطلان بالأوضاع المعتادة إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ( م ٥١٢ ) . وترك أمر التظلم من أمر التنفيذ للقواعد العامة في التظلم من الأوامر على العرائض .
وصرح القانون في المادة 199 بأن قيام الدعوى الأصلية أمام المحكمة لا يمنع من التظلم من الأمر لنفس الآمر .
وأفصحت المذكرة التفسيرية للقانون السابق عن المعاني المتقدمة بقولها ه ... ورأى القانون الجديد أن ينص صراحة على أن القاضي الأمر لا يفقد اختصاصه بنظر التظلم كون الدعوى الأصلية قد رفعت أمام المحكمة المختصة بها . وأن ينص على أن القاضي الآمر إذا رفع إليه التظلم يحكم فيه ـ كما تحكم المحكمة ـ بتأييد الأمر أو إلغائه . و بهذا وذاك قد حسم القانون خلافاً مشهورا في الفقه والقضاء وأمكن الاستغناء عن النص في مختلف الحالات الخاصة – على جواز التظلم للقاضي الآمر بعد رفع الدعوى بموضوع الحق وعلى جواز عه فيما سبق الأمر به ..... . .
يتضح إذن من كل ما تقدم أن الآمر ( أو المحكمة المختصة ) إنما يصدر في التظلم حكما وقتيا يحوز حجية موقتة . فلا يمس أصل الحق أن يصدر الحكم الموضوعي من المحكمة المختصة .
والحكم الصادر في التظلم بالغاء الأمر بتنفيذ حكم المحكم لا يتصور أن يمس حقوق الخصوم الموضوعية ، ولا يتصور أن يمس اختصاص محكمة الموضوع عند نظر الدعوى بطلان حكم المحكم لانه لا يفصل ، عن قريب أو بعيد ، في مسائل موضوعية . وهو لا يحرم الخصم إذا رفضت الدعوى ببطلان حكم المحكم من استصدار أمر جديد بتنفيذه .
والحكم الصادر في التظلم بتأييد الأمر بتنفيذ حكم المحكم بمس مصلحة المحكوم عليه ، إذ قد ينفذ عليه قبل الوصول إلى البنائه أو إبطاله عند من يتجه في الرأى إلى أن رفع دعوى البطلان لا يوقف تنفيذ حكم المحكم ، وإنما هو على أي حال لا يمس على أي حال لا يمس اختصاص المحكمة بنظر الموضوع ولا يمنعها من الحكم ببطلان حكم المحكم أو رفض طلب بطلانه .
وإذن يتبين من كل ما تقدم أن التظلم من الأمر بتنفيذ حكم المحكم تختلف عن الدعوى بطلب بطلانه ، فالاول يرمى إلى إهدار هذا الأمر ، أما دعوى البطلان فانما ترمى إلى إهدار ذات حكم المحكم ، فضلا عن إهدار الأمر بالتنفيذ تبعاً لزوال الحكم .
وقد وضح هذا المعنى في حكم قيم أصدرته محكمة النقض المصرية في ۱۰ مارس سنة ١٩٥٥ . قضت فيه بأن اختصاص محكمة الموضوع بطلب بطلان حكم المحكم لا ينفى اختصاص القضاء المستعجل بوقف تنفيذه .
سواء من جانب القاضي الأمر أو محكمة الموضوع ، وهـذا الاختصاص في نظر التظلم يتمشى مع القواعد المقررة في الاختصاص بالطلبات المستعجلة إذ تنظرها محكمة الموضوع أو القاضي المستعجل وهو قاض فرد . هذا من ناحية الصفة التي ينظر بها التظلم ، ومن ناحية الاختصاص به . أما من حيث الاجراءات المتبعة بصدده فهى المقررة في باب الأوامر على العرائض ، فيرفع بالاجراءات المعتادة لرفـع الدعوى .
وكما يملك القضاء المستعجل تعديل أو إلغاء حكمه إذا حدثت اعتبارات تبرر هذا (كالغاء أو تعديل الحكم الصادر بتعيين حارس قضائى أو تحديد نفقة موقتة ( فان القاضي الآمر أو المحكمة ) يملك هو الآخر إلغاء ما أصدره من أوامر .