يجوز التظلم من أمر قاضى الأمور الوقتية الصادر بالتنفيذ أو برفضه وفقاً لما تقرره المادة 373 والمادة 375 من قانون المرافعات. فللمحكوم عليه أن يتظلم لنفس الأمر، كما يجوز التظلم إلى المحكمة المختصة التي هو قاضى الأمور الوقتية بها وللطالب إذا صدر الأمر برفض طلبه أن يتظلم منه إلى هذه المحكمة.
تنص المادة 375 على أن للخصم الذي صدر عليه الأمر، بدلاً من التظلم للمحكمة المختصة الحق في التظلم منه لنفس الأمر مع تكليف خصمه الحضور أمامه ولا يمنع من ذلك قيام الدعوى الأصلية أمام المحكمة.
والمادة المتقدمة تقرر قاعدة عامة أساسية في التظلم من الأمر الصادر على عريضة.
وجاءت المادة 850 مقررة أن طلب البطلان للأسباب المشار إليها في المادة 849 يرفع بالأوضاع المعتادة إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع . ومن هذه المادة _ بطريق الإشارة _ أن التمسك بالبطلان للأسباب المشار إليها فى المادة 849 لا يحصل إلا بالصورة المقررة في المادة 850. وهذا هو ما يتبادر إلى الفهم فوراً.
ومن ناحية أخرى، المادة 375 تقرر قاعدة أساسية في التظلم من الأمر الصادر على عريضة ويجب أن يعتد بها فى هذا الصدد، إذ القاعدة القانونية المستخلصة من صريح عبارة النص هى التى يجب أن تراعى ولو خالفت قاعدة أخرى مستخلصة بطريق الإشارة من نص آخر.
وأخيراً؛ قد يبدو غريباً إذا تعددت وتنوعت أسباب التظلم من أمر القاضي أن يرفع المتظلم تظلمه إليه مبنياً على بعض هذه الأسباب الأخرى التي لا يملك الإدلاء بها أمام القاضي الأمر. ولا نحسب أن هذه النتيجة بمستساغة لأنها تخل بحسن سير العدالة عند نظر التظلم.
كل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وحتى مع التسليم جدلاً بوجود شبهة تعارض بين نص المادة 850 والمادة 375 يلاحظ أن لكل خصومة مجالها الخاص.
فالقانون الجديد قد أجاز رفع دعوى البطلان بالأوضاع المعتادة إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع (م 850 )، وترك أمر التظلم من أمر التنفيذ للقواعد العامة فى التظلم من الأوامر على العرائض.
وصرح القانون الجديد فى المادة 375 بأن قيام الدعوى الأصلية أمام المحكمة لا يمنع من التظلم من الأمر لنفس الآمر .
وأفصحت المذكرة التفسيرية للقانون الجديد عن المعاني المتقدمة بقولها .... ورأى القانون الجديد أن ينص صراحة على أن القاضي الأمر لا يفقد اختصاصه بنظر التظلم كون الدعوى الأصلية قد رفعت أمام المحكمة المختصة بها وأن ينص على أن القاضى الأمر إذا رفع إليه التظلم يحكم فيه - كما تحكم المحكمة بتأييد الأمر أو إلغائه.
وبهذا وذاك قد حسم القانون خلافاً مشهوراً فى الفقه والقضاء وأمكن الاستغناء عن النص في مختلف الحالات الخاصة - على جواز التظلم للقاضي الأمر بعد رفع الدعوى بموضوع الحق وعلى جواز رجوعه فيما سبق الأمر به...)).
يتضح إذن من كل ما تقدم أن الأمر (أو المحكمة المختصة) إنما يصدر في التظلم حكماً وقتياً يحوز حجية مؤقتة، فلا يمس أصل الحق إلى أن يصدر الحكم الموضوعى من المحكمة المختصة.
والحكم الصادر في التظلم بإلغاء الأمر بتنفيذ حكم المحكم لا يتصور أن يمس حقوق الخصوم الموضوعية، ولا يتصور أن يمس اختصاص محكمة الموضوع عند نظر الدعوى ببطلان حكم المحكم لأنه لا يفصل عن قريب أو بعيد في مسائل موضوعية. وهو لا يحرم الخصم إذا رفضت الدعوى ببطلان حكم المحكم من استصدار أمر جديد بتنفيذه.
وإنما هو على أي حال لا يمس اختصاص المحكمة بنظر الموضوع ولا يمنعها من الحكم ببطلان حكم المحكم أو رفض طلب بطلانه.
وإذن يتبين من كل ما تقدم أن التظلم من الأمر بتنفيذ حكم المحكم يختلف عن الدعوى بطلب بطلانه ؛ فالأول يرمى إلى إهدار هذا الأمر، أما دعوى البطلان فإنما ترمى إلى إهدار ذات حكم المحكم، فضلاً عن إهدار الأمر بالتنفيذ تبعاً لزوال الحكم.
وقد وضح هذا المعنى في حكم قيم أصدرته محكمة النقض المصرية في 10 مارس سنة 1955 . وقضت فيه بأن اختصاص محكمة الموضوع بطلب بطلان حكم المحكم لا ينفي اختصاص القضاء المستعجل بوقف تنفيذه.
والصحيح في هذا الصدد أن لكل من لكل من دعوى التظلم ودعوى بطلان حكم المحكم مجالها الخاص، فالأولى دعوى بطلب وقتى ترمى إلى تأييد الأمر أو إلغائه بينما الثانية إلى إهدار ذات حكم المحكم وإهدار الأمر بالتنفيذ بالتبعية، والحكم في الأولى يعد حكماً وقتياً يحوز حجية مؤقتة، بينما الحكم في الثانية يعد حكماً قطعياً موضوعياً يحوز حجية كاملة، والقاعدة أن رفع الدعوى الموضوعية لا يمنع من نظر الطلب الوقتى المتعلق بها، بل إن الحكم في الدعوى الموضوعية لا يمنع من الحكم في هذا الطلب .
وإنما يمتنع نظر الطلب الوقتى (ويلزم الحكم بعدم قبوله) إذا أصدرت المحكمة الموضوعية حكمها الحائز لقوة الشيء المحكوم به - أى غير القابل للطعن بالمعارضة والاستئناف ) ببطلان حكم المحكم وإلغاء الأمر بتنفيذه بالتبعية، فهنا لا يتصور ثمة محل لصدور حكم وقتـي فـي الـتظلم مـن الأمر بالتنفيذ أو الأمر برفضه لأن الحكم الموضوعى ينفذ بقوة القانون عملاً بالقاعدة الأساسية في التنفيذ.
وغنى عن البيان أن رفض الأمر بتنفيذ حكم المحكم لا يمنع من تجديد طلب الأمر بتنفيذه بشرط مراعاة المادة 371 التي توجب تسبيب الأمر الصادر على عريضة إذا كان مخالفاً لأمر سبق صدوره وإلا كان باطلاً)، كما أن التظلم من الأمر الصادر بالرفض لا يمنع المتظلم (الطالب) من تجديد طلبه بتنفيذ الحكم أمام قاضي الأمور الوقتية، لأن القانون لا يمنع هذا ، ولأن الذى يحوز حجية الشيء المحكوم بـه هــى الأحكام الصادرة في حدود وظيفة المحكمة القضائية، لا الولائية .