الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / وقف تنفيذ الحكم في دعوى بطلانه / الكتب / اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية / تنفيد أحكام التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد مخلوف
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    544
  • رقم الصفحة

    323

التفاصيل طباعة نسخ

         ليس من شك أن أهم الآثار التي ترتب على تحويل اتفاق تحكيم الدولة والأشخاص المعنوية العامة هو: وجود معیار موحد اللاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه في مختلف الدول. فإذا نظرنا إلى الواقع العملي الراهن لوجدنا أن هناك اختلافا في المعايير التي تضعها كل دولة لتقرير صحة حكم التحكيم، فقد تذهب بولة (أ) إلى بطلان حكم التحكيم، ومن ثم ترفض تنفيذه، في حين تذهب دولة (ب) إلى صحة هذا الحكم، وتقوم بتنفيذه.    ويسعى المتعاقد الأجنبي في جميع الأحوال إلى تنفيذ حكم التحكيم الصادر لصالحه خارج إقليم اليولة التي صدر فيها خشية أن يقرر قضاؤها الوطني بطلانه أو رفض تنفيذه.

ما لنا أن نتصور قيام المتعاقد الأجنبى بتنفيذ حكم التحكيم الصادر ضد الدولة، أو على الأقل إصدار أمر بتنفيذه، على الرغم من بطلان هذا الحكم أمام القضاء الوطني للدولة التي صدر فيها والأمثلة العملية على ذلك كثيرة نتخير منها حكم حديث مادرحكم القضاء الأمریکی بتنفيذ حكم التحكيم الصادر من المركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي على الرغم من بطلانه أمام محكمة استئناف القاهرة:

           وتتخلص وقائع القضية في هذا الحكم في قيام الدولة المصرية وزارة الدفاع) بتاريخ 16 من يونيه ۱۹۸۸ بالتعاقد مع إحدى الشركات الأمريكية (Chromalloy Aeroservices) لتورد قطع غيار لطائراتها الهليكوبتر العسكرية الخاصة بالجيش المصري، مع قيام الشركة بإجراء الاصلاح والصيانة اللازمين لتلك الطائرات. وبعد مرور حوالي ثلاث سنوات وفي ؟ من ديسمبر 1991 أعلنت الدولة المصرية ممثل الشركة الأمريكية بالقاهرة عن فسخها لعقد التوريد لعدم وفاء الشركة الأمريكية بالالتزامات المنصوص عليها في العقد، كما قامت بإعلان مركز الإدارة الرئيسي للشركة بولاية تكساس بهذا الفسخ. وعلى أثر ذلك قامت الشركة الأمريكية في 15 من ديسمبر ۱۹۹۱ بإعلان الدولة المصرية عن اتخاذها لاجراءات التحكيم وفقا للبند الثاني عشر من العقد المبرم بينهما، مطالبة إياها بالتعويض عن فسخ العقد. صدر

الأمريكية في الأول من مارس ۱۹۹۰ بتأجيل الفصل في الطلب المقدم من الشركة الأمريكية بتنفيذ حكم التحكيم لحين صدور حكم المحكمة الاستئنافية بالقاهرة. وعندما صدر حكم الأخيرة في من 5 ديسمبر ۱۹۹۰ ببطلان حكم التحكيم، على أساس عدم قيام المحكمين بتطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع،    تقدمت الدولة المصرية بطلب إلى المحكمة الأمريكية لرفض تنفيذ حكم التحكيم، والاعتراف بحجية الأمر المقضي به في الحكم الاستئنافي، في حين تمسكت الشركة الأمريكية بتنفيذ حكم التحكيم لعدم وجود سبب جدی لبطلانه. وبتاريخ ۳۱ من يوليه 1996 أصدرت المحكمة الأمريكية حكمها بتنفيذ حكم التحكيم، ورفض الاعتراف بالحكم الاستئنافي. وقد أسست المحكمة الأمريكية قضاعها بتنفيذ حكم التحكيم استنادا إلى أن القانون الأمريكي يعترف بالقوة الملزمة لأحكام التحكيم الأجنبية ولايرفض تنفيذها إلا في أحوال محددة على سبيل الحصر، وهي: صدور الحكم بناء على

    كانت أغلبية المحكمين (المحكم المعين من الشركة الأمريكية ورئيس هيئة التحكيم) قد قاموا بتطبيق القانون المدني المصري لون القانون الإداري المصري وهو ما اعتبرته محكمة .. دهان سیبا موجبا لبطلان الحكم في ضوء ماتقضي به المادة

رشوة (Comuption) أو غش (Fraud) أو ارتكاب خطأ من المحكمين يمس حقوق الدفاع (Misconduct partiality)، أو جهلهم الواضح بالقانون (Manifest disregard of the the law)    وهي كلها أسباب لم تتوافر في حكم التحكيم الصادر من المركز الإقليمي بالقاهرة. أما بالنسبة لحكم الوارد في المادة (

من اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية     فقد قضت المحكمة أن القاضى يستطيع وفقا لتقديره رفض تنفيذ حكم التحكيم الباطل في البلد التي صار فيها، وأن المادة السابعة من نفس الاتفاقية لم تحرم أي طرف من حقه في الاستفادة بحكم من أحكام المحكمين بالكيفية أو بالقدر المقرر في تشريع أو معاهدات البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ .      ولم تر المحكمة في رفض الاعتراف بالحكم الاستئنافي أي اعتداء على فكرة المجاملة الدولية (Courtoisie Internationale)(     4)، حيث أوضحت

= الحالات وسالتها في إنهاء التعاقد في حالات معينة بإرادتها المنفردة بمجرد إخطار بخطاب مسجل وهي شروط استثنائية غير مألوفة بمنای عن أسلوب القانون الخاص، فإذا تضمن ذلك العقد النص على أن القانون الواجب التطبيق - بمعرفة هيئة التحكيم - هو القانون المصرى فإن مفاد ذلك أن المقصود هو القانون الإداري المصري، فإذا أعمل حكم التحكيم القانون المدني المصري تون القانون الإدارى المصرى فإنه يكون قد استبعید القانون المتقن في العقد على إعمال احكامه بما توافر معه حالة من حالا التحكيم المنصوص عليها في المادة 20 في فقرتها الأولى

أن المجاملة الدولية لا تجبر المحكمة الأمريكية أن تتجاهل حق من حقوق مواطنيها أو أي شخص يخضع لحماية قانونها.    تعليفنا الخاص: التدويل بفضى على مساوی حکم القضاء الأمریکی

وهكذا نجد أنه من الأهمية بمكان الأخذ بكفالة تحويل اتفاق تحكيم الدولة والأشخاص المعنوية العامة في ظل المساوي التي أظهرها حكم القضاء الأمريكي، فقد أهمل القضاء المذكور عن عمل التطبيق الصحيح لاتفاقية نيويورك التي وضعت شروط تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية والتي من بينها: ألا يكون حكم التحكيم قد تم بطلانه إلغاؤه) من قاضي الدولة التي صدر فيها  وبالتالي كان يتعين وقد أبطل القضاء المصري حكم التحكيم أن يرفض القضاء الأمريكي إصدار الأمر بتنفيذه.     وإذا كان القضاء الأمريكي ليس وحده الذي يتبع هذا المسلك أو النهج وإنما يشاركه في ذلك العديد من أقضية الدول الأخرى     ، فإن ذلك

بعواقب وخيمة على مستقبل التحكيم التجاري الدولي ويفقد الثقة فيه، كما يلغى الهدف الذي سعى المجتمع الدولي من أجله وهو: توحید الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها من خلال اتفاقية نيويورك. ومع ذلك فإن هناك قصورا شديدا في هذه الاتفاقية هو الذي أدى إلى الوضع الراهن الخطير. فالبند (5) الوارد في الفقرة الأولى من المادة الخامسة والذي يمثل السبب الخامس في رفض الاعتراف وتنفيذ أحكام الأجنبية (إلغاء حكم التحكيم في البلد التي صدر فيها) يعطي الحرية لكل دولة في طلب إبطال أو إلغاء حكم التحكيم بصرف النظر عن سبب هذا البطلان،    وكان من المفروض أن تربط الاتفاقية هذا البطلان بالأسباب التي ذكرتها في البنود الأربعة السابقة من نفس المادة، وهو ماتداركته اتفاقية جنيف الأوربية العام 1961، حينما نصت في المادة التاسعة على أنه لايجوز لقضاء الدولة المتعاقدة بطلان حكم التحكيم الصادر عن أراضيها إلا للأسباب  والواقع أن الحاجة ماسة لوجود معیار موحد للاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه سواء من القضاء الوطني للدولة التي صدر ف ر الحكم، أو من القضاء الأجنبي المطلوب منه الاعتراف به وتنفيذها وهذا المعيار الموحد لن يتأتى من وجهة نظرنا إلا من خلال تبويل اتفاق تحكيم الدولة؛ ذلك أن هذا التحويل بما يتطلبه من وجود محكمة بولية عليا للتحكيم التجاري الدولي تراقب صحة حكم التحكيم الصادر الصالح الدولة أو ضدها وفقا للقانون الدولي للتحكيم يحقق رقابة موحدة، بحيث يصبح تنفيذ الحكم واجبا في أي بلد في العالم: لافرق بين الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم، أو الدولة الأجنبية المراد منها تنفيذه.   - ومما يرجح مانقول به ماذهب إليه الأستاذ حديثا من أن الحل الأمثل لتحقيق رقابة موحدة على جميع أحكام التحكيم التي تتعلق بالتجارة الدولية هو إنشاء قضاء بولي ينعقد له الاختصاص وحده لإعلان أو بطلان تنفيذ هذه الأحكام، بحيث يكون القرار الصادر منه ملزما لجميع الدول التي ترتبط بهذا النظام الا    وبذلك فقد استبعدت اتفاقية جنيف الأوربية السببين اللتين نكرتهما اتفاقية نيويورك في المادة

وبذلك يتواصل نظر منازعات عقود التجارة الدولية عند الطعن عليها أمام محكمة دولية عليا للتحكيم لديها نفس المقومات في حل هذه المنازعات بدلا من ارتدادها أمام القضاء الوطني والعودة من جديد إلى مواجهة نظام مختلف لايتناسب وطبيعة هذه المنازعات. وإذا كان هناك من يرى أن فكرة إنشاء قضاء دولي يختص برقابة أحكام التحكيم ومنحها الاعتراف والتنفيذ هي فكرة خيالية؛ لأن أغلب الدول لن توافق على أن تتنازل عن رقابة أحكام التحكيم الصادرة عن أراضيها،فإن ثمة حقيقة قانونية هامة يجب أخذها في الاعتبار عبرت عنها محكمة النقض الفرنسية وهي: أن أحكام التحكيم الدولية التي تصدر عن أقليم أية دولة هي أحكام تنفصل عن النظام القانوني الداخلى لها،      ومن ثم فإن تخلى الدولة عن رقابة هذه الأحكام القضاء بولی لن يمس سيادتهافي شي، بل العكس هو الصحيح؛ فإن تمسك الدولة برقابة حكم التحكيم الصادر عن أراضيها وحكمها ببطلانه ثم يتم مع ذلك تنفيذه في الخارج لسبب أو لآخر فإن ذلك لاشك هو الذي يمس سيادتها. خلاصة القول:

     - إن تدويل اتفاق تحكيم الدولة وأشخاصها المعنوية العامة بوجود محكمة دولية عليا للتحكيم التجاري الدولي تختص بنظر الطعون في أحكام التحكيم ورقابة تنفيذها وفقا لمعايير وقواعد قانونية دولية موحدة هو الذي يحافظ على سيادة كل دولة ويحقق في نفس الوقت مصالح التجارة الدولية. . ومن هذا المنظور يحقق اتفاق التحكيم بالنسبة لعقود الدولة في التجارة الدولية الأسلوب الأمثل في تسوية المنازعات الناشئة عنها دون أن يلاقی الحكم الصادر في هذا الشأن ازدواجية في الاعتراف به؛ أي ينظر إليه قضاء الدولة في البلد التي صدر فيها على أنه حكم باطل (أو صحيح) ويرفض تنفيذه، بينما ينظر إليه القضاء الأجنبي على أنه حكم صحيح (أو باطل) ويقوم بتنفيذه.