التنفيذ / طرق الطعن المتاحة في الحكم الصادر في الإستشكال في تنفيذ حكم التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان حكم التحكيم / أثر طرق الطعن العادية
إذا سلطنا الضوء على موقف القوانين المتعلقة بالتحكيم في هذا الصدد، نجد أن بعضها يأخذ بهذا الطريق مثل قانون المرافعات الفرنسي الجديد مرسوم (٥/١٤/ ۱۹۸۰م ) بمقتضى المادة ١٤٨٢. كما أن القانون الإنجليزى الجديد الصادر سنة ٩٦ يأخذ بهذا الطريق ، وهذا ما تقضى به المادة ٦٩ و ۷۰ . ويلاحظ أنه قصره على المسائل القانونية فقط ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك ، حيث تنص المادة ١/٦٩ على أنه «ما لــم يكن هناك اتفاق مخالف من الأطراف يمكن لأى من الأطراف أن يستأنف مسألة قانونية صدر فيها حكم تحكيم».
وهجر القانون المصرى طريق الطعن على أحكام التحكيم بالاستئناف، حيث كان ينص عليه فى مجموعة سنة ١٩٤٩. ومن القوانين التي لا تأخذ بهذا الطريق القانون الهولندى والقانون السويسرى.
ويمكن القول بأن ، القوانين التى لا تجيز الطعن على أحكام التحكيم بالاستئناف، قد تأثرت بقانون اليونسيترال النموذجى ، الذي تقضى المادة ١/٣٤ منه بأن الطريق الوحيد للرجوع على أحكام التحكيم، وهو طريق الطعن عليها بالبطلان ومنها القانون المصرى للتحكيم، الذي يقضى بالمادة ١/٥٢ بأنه لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية .
ويلاحظ على مختلف القوانين، التي تأخذ بالاستئناف كطريق للطعن على أحكام المحكمين، أنه إذا كان طريق الاستئناف مفتوحا، فإنه لا يجوز العدول عنه إلى طريق الطعن بالبطلان، فإذا اتفاق الأطراف على عدم الطعن بالاستئناف، أو لم يحتفظوا صراحة بحق استئناف حكم التحكيم في اتفاق التحكيم، فإنه يجوز لهم إبطال حكم التحكيم وهذا ما تقضى به المادة ١٤٨٤ من القانون الفرنسي. كما تقضى به أيضا المادة ٢/٧٠ من قانون التحكيم الانجليزي.
أما قانون التحكيم الإنجليزى فيقضى فى المادة ٢/٦٩، بجواز استئناف حكم التحكيم بشرط موافقة جميع الأطراف على ذلك. ويجوز للأطراف الاتفاق على عدم استئناف حكم التحكيم (المادة ١/٦٩ من قانون التحكيم الإنجليزي) .
ويلاحظ أنه لكي يتفادى الأطراف موضوع وقف تنفيذ حكم التحكيم إذا طعن عليه بالاستئناف. فإنهم يتنازلون عن سلوك هذا الطريق، حتى إذا صدر حكم التحكيم ورفع الطرف المحكوم ضده دعوى ببطلانه، فلا يترتب على مجرد اللجوء إلى هذا الطريق الأخير، وقف تنفيذ حكم التحكيم أو على الأقل منح المحكمة المنظور أمامها دعوى البطلان السلطة التقديرية للحكم بوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه.
أما ميعاد الاستئناف فحسنا ما فعلت التشريعات، التي تتبنى هذا الطريق، وذلك بتوحيدها ميعاد بالاستئناف وبدايته، مع ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وبدايته أيضا، وهذا واضح من نص المادة ٣/٧٠ من قانون التحكيم الإنجليزى الجديد الذى يحتم رفعه خلال ٢٨ يوما من تاريخ صدور الحكم. وإذا كان الاستئناف منصبا على مخالفة تتعلق بالإجراءات، فمن تاريخ إعلان الطرف المستأنف. وفيما يتعلق بميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم فتقضى المادة ١/٦٨ بوجوب مراعاة نص المادة ٢،٣/٧٠. ويجعل قانون التحكيم الفرنسي ميعاد قبول دعوى بطلان حكم التحكيم وميعاد الاستئناف ٣٠ يوما.
ومن الجلي في هذا المقام، أن هناك توحيدا أيضا بالنسبة للمحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم ونظر الاستئناف، ألا وهي محكمة الاستئناف.
أثر رفع الاستئناف :
وإذا تكلمنا عن أثر الاستئناف على وقف تنفيذ حكم التحكيم، فإنه يمكن القول بأنه يترتب على الطعن بالاستئناف على حكم المحكمين، إيقاف تنفيذ حكم التحكيم، وهذا ما تقضى به المادة ٢/١٤٨٦ من قانون التحكيم الفرنسي الجديد. وإذا كان حكم التحكيم مشمولا بالنفاذ المعجل، فإن مجرد استئناف هذا الحكم، لا يترتب عليه وقف تنفيذ ، إلا أن لمحكمة الاستئناف سلطة وقف تنفيذه، إذا كان للإيقاف مقتضى من القانون.
أما عن مسألة تأثير الطعن بالاستئناف على تنفيذ حكم التحكيم في القانون الإنجليزي، فيتضح من نص المادة ۷/۷۰ أنه يجوز للقاضي، أن يأمر بأن تودع القيمة المحكوم بها قلم كتاب المحكمة. ويستشف من ذلك أن مجرد الطعن بالاستئناف يؤدى إلى وقف تنفيذ حكم التحكيم. وفي هذا الصدد يتفق قانون التحكيم الإنجليزى مع القوانين الأخرى، التي تجيز الطعن على حكم التحكيم بالاستئناف.
ولم يذكر قانون التحكيم الإنجليزى أحكاما تنفذ تنفيذا معجلا بمجرد صدورها.
وإذا كان صدور حكم التحكيم والطعن عليه بالاستئناف في القوانين التي تجيز هذا الطريق يترتب علية وقف تنفيذه، إلا أنه في حالة صدور حكم التحكيم مشمولا بالنفاذ المعجل وصدور الأمر بتنفيذه، لا يؤدى استئنافه إلى وقف تنفيذ حكم التحكيم، ويكون لمحكمة الاستئناف التي تنظر الطعن على حكم التحكيم، أن تقضى بوقف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل.
وجدير بالإشارة أن وقف النفاذ من محكمة الاستئناف، لا يعد طعنا في الحكم لأن المحكمة حين تنظر طلب وقف النفاذ، فإنها لا تبحث مسألة خطأ الحكمة أو صحته من الناحية القانونية ، وبناء على ذلك فإنها لا تتقيد بما قضت ،به لأنه من قبيل القضاء الوقتي.
٢- المعارضة:
يلاحظ أن الكثير من القوانين، تجمع على عدم جواز الطعن بالمعارضة على أحكام التحكيم. نظرا لأن فلسفة نظام التحكيم، لا تتفق مع الطعن بهذا الطريق، كما أن الجميع يعلم بالتحكيم، سواء تمثل في شرط تحكيم أم مشارطة تحكيم.
يعمل على تشجيع أحد الخصوم على الإخلال بالتزامــــه بعـــرض النزاع على التحكيم، وذلك بتغيبه عن المثول أمام هيئة التحكيم، ثم يقوم بعد ذلك بالطعن بطريق المعارضة على الحكم، فيهدر بإرادته ما اتفق عليه مع الطرف الآخر في اتفاق التحكيم.
كما يلاحظ أيضا أنه إذا أعلن أحد الأطراف بشكل صحيح من الناحية القانونية، وبالرغم من ذلك تغيب عن المثول أمام هيئة التحكيم، ثم صدر حكم ضده، فإنه يلتزم بهذا الحكم، ولا يستطيع أن يحتج بتغيبه. وبناء على ذلك إذا قام بالطعن في حكم التحكيم بطريق المعارضة، فلا تكون معارضته مقبولة من الناحية القانونية .
أثر المعارضة
إذا كانت الكثير من القوانين تلفظ الطعن بالمعارضة على أحكام التحكيم، لأنه لا تتفق مع فلسفة نظام التحكيم، فيترتب على ذلك أنه لا يكون لها أدنى تأثير على تنفيذ حكم التحكيم، لأنها غير مقبولة من الناحية القانونية.
ثانياً : أثر طرق الطعن غير العادية
1 - عدم جواز الطعن المباشر على حكم التحكيم بطريق النقض:
لا يطعن مباشرة بطريق النقض على أحكام التحكيم ، نظرا لأن طريق النقض لا يعمل به إلا بالنسبة للأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف، وسواء طعن بالاستئناف على حكم التحكيم في النظم القانونية، التي تجيز هذا الطريق أم أصدرت محكمة الاستئناف حكما في الطعن أم تم رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم، وأصدرت محكمة الاستئناف حكما، وتم الطعن على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف.
٢- التماس إعادة النظر :
وإذا سلطنا الضوء على مواقف التشريعات المتعلقة بالتحكيم من موضوع الطعن على أحكام التحكيم بالتماس إعادة النظر، نجد أن هذه المواقف متباينة ، فبعض القوانين تأخذ بهذا الطريق، مثال ذلك القانون الفرنسي، وذلك بمقتضى نص ۱۹۹۱ ، وينص عليه أيضا المادة ٨٢٧ ، ۸۳۱ من قانون المرافعات الإيطالي ، كما ينص عليه أيضا قانون الإجراءات المدنية الهولندى ، بمقتضى المادة ١٠٦٨ والتي عددت أسباب التماس إعادة النظر وهي:
أ- إذا كان حكم التحكيم مبنيا كليا أو جزئيا على غش اكتشف بعد صدوره، وقام به خلال الإجراءات التحكيمية الطرف الخصم، إذا كان على علم به.
ب- إذا كان حكم التحكيم، مبنيا كليا أو جزئيا، على مستندات تيقن بعد صدوره أنها مزورة.
ج- إذا تبين بعد صدور حكم التحكيم أن طرفا حصل على مستندات حاسمة بالنسبة للحكم، كان الطرف الآخر، قد حال دون الحصول عليها.
وبالرغم من أن قانون التحكيم الإنجليزى يعرف الطعن على أحكام المحكمين بالتماس إعادة النظر (المادة ٢/٥٨ ) ، إلا أنه ذكر بعض الأسباب التي يمكن الاستناد إليها للطعن على حكم التحكيم بالتماس إعادة النظر، وذلك ضمن أسباب بطلان حكم التحكيم حيث تقضى المادة ٢/٦٨ ز على بطلان حكم التحكيم إذا صدر نتيجة غش أو بوسائل مخالفة للنظام العام ويتفق معه في هذا الصدد القانون الأمريكي، إلا أنه يلاحظ أن التمسك بهذه الأسباب، مقيد بمدة دعوى بطلان حكم التحكيم.
ومن الاتفاقيات الدولية التي تنص على هذا الطريق المادة ٢٣ من اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطنى الدول العربية، كما تنص المادة ٥١ من اتفاقية واشنطن على هذا الطريق أيضا.
وهناك بعض القوانين لا تأخذ بهذا الطريق للطعن على أحكام التحكيم مثل قانون اليونسيترال النموذجي . أما القانون المصرى فلقد كانت المادة ٥١١ من قانون المرافعات المصرى ، تنص على أنه فيما عدا الحالة الخامسة من المادة ٢٤١ يجوز الطعن على أحكام المحكمين بالتماس إعادة النظر طبقا للقاعدة المقررة، لذلك فيما يتعلق بأحكام المحاكم. أما قانون التحكيم المصرى فلقد ألغى مختلف أوجه الطعن على أحكام التحكيم بما فيها طبعا التماس إعادة النظر، وذلك بمقتضى المادة ١/٥٢.
أثر التماس إعادة النظر :
تنص المادة ٢/٢٤٤ من قانون المرافعات المصرى بأنه «لا يترتب على رفع الالتماس وقف تنفيذ الحكم - ومع ذلك يجوز للمحكمة التي تنظر الالتماس أن تأمر بوقف التنفيذ متى طلب ذلك وأن يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ويجوز للمحكمة عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم كفالة أو تأمر بما تراه كفيلا بصيانة حق المطعون عليه».
ويتضح من النص المشار إليه أن الطعن بالتماس إعادة النظر وفقا للقانون المصرى - وذلك قبل صدور قانون التحكيم الجديد - لا يؤدى مجرد رفعه إلى وقف تنفيذ حكم التحكيم، ولكن يمكن للمحكمة المرفوع أمامها الالتماس، أن توقف التنفيذ بشروط معينة، ويجوز لها أيضا أن تأمر بتقديم ضمانات معينة، حتى تصون حق الشخص المطعون عليه.
ويتفق مع نص قانون المرافعات المصرى الملغي في هذا الصدد القانون الهولندي. حيث أن الطعن بالتماس إعادة النظر، لا يؤدى مجرد رفعه إلى وقف تنفيذ حكم التحكيم، ولكن يجوز للمحكمة التي تنظر الالتماس، أن توقف التنفيذ لحين الفصل في الالتماس .
وبما أن الطعن بالتماس إعادة النظر، لا يوقف التنفيذ، فلا مفر إذن أمام الشخص الذى يرغب في إيقاف تنفيذه، إلا طريق إشكالات التنفيذ أمام قاضي التنفيذ، أو طلب إيقاف التنفيذ أمام محكمة التي تنظر الالتماس.
سلطة محكمة الالتماس أثناء نظر الطلب وضمانات المحكوم له
١ - يجوز للمحكمة رفض طلب وقف التنفيذ أو قبوله كليا أو جزئيا.
٢- ويجوز للمحكمة أن تأمر بتقديم كفالة، أو غيرها ضمانا لحقوق الشخص المطعون ضده.
٣ - وتقضى المحكمة فيه، قبل أن تقضى في موضوع الالتماس.
شروط قبول وقف التنفيذ أمام محكمة الالتماس
يشترط في طلب إيقاف تنفيذ حكم التحكيم أمام محكمة الالتماس الشروط الآتية:
١- أن يطعن فعلا على الحكم، لذا فإن طلب وقف التنفيذ يعد غير مقبول إذا قدم قبل الطعن بالتماس إعادة النظر.
٢ - أن يطلب المنفذ ضده وقف تنفيذ حكم التحكيم، أمام المحكمة المختصة بنظر الالتماس ، ولا يشترط أن يطلب وقف التنفيذ في صحيفة الطعن نفسها، بخلاف الوضع بالنسبة لوقف التنفيذ الصادر من محكمة النقض الذى يشترط تقديمه فى ذات صحيفة الطعن .
وإذا قدم طلب وقف تنفيذ حكم المحكمين بعد بدء التنفيذ وقبل أن يتم، وبالرغم من ذلك تم الاستمرار فى التنفيذ، حتى صدور الحكــم مــن محكمة الالتماس بوقف التنفيذ. فهل يمكن للقاضى حينئذ الحكم بوقف التنفيذ بالرغم من تمامه ، أم لا يحكم بوقف التنفيذ؟.
ووفقاً لما تقدم، فإن توافر الشرطان الشكلى والموضوعي، يترتب عليهما، قبول طلب وقف تنفيذ حكم التحكيم، أمام محكمة الالتماس .
شروط الحكم بوقف التنفيذ من محكمة الالتماس
١ - أن يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه :
يجب لكى تحكم محكمة الالتماس بوقف تنفيذ حكم المحكمين، أن يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم، وأن يكون الضرر مما يتعذر تداركه. وهذا بخلاف نص المادة ۲۹۲ من قانون المرافعات الصادر سنة ٦٨، التي اكتفت فقط لوقف النفاذ المعجل أمام محكمة الاستئناف، أو التظلم بالخشية من وقوع ضرر جسيم من التنفيذ.
ولم يحدد المشرع المقصود بالضرر الجسيم. وهو يختلف باختلاف ظروف المحكوم عليه فما يعتبر ضرر جسيم بالنسبة إلى شخص ما ليس بالضرورة.