الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الإشكال في تنفيذ حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 27 / عود لإشكالية القواعد الإجرائية واجبة التطبيق على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في مصر - نظرة في حكمين لمحكمة النقض المصرية

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 27
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    247

التفاصيل طباعة نسخ

مقدمة:

1- إنضمت مصر للإتفاقية الخاصة بالإعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لعام 1985 ("إتفاقية نيويورك") وأصبحت نافذة فيها منذ عـام 1959 وذلـك بموجـب القـرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959، وأوضحت بموجبه هذه الإتفاقية جزءاً من التشريع المصري بل وتسمو على التشريعات الداخلية.

2- وينحصر نطاق تطبيق إتفاقية نيويورك على أحكام التحكيم الأجنبيـة فقـط، ومعيـار "الأجنبية" وفقاً لإتفاقية نيويورك هو كون مكان صدور الحكم خارج جمهورية مـصر العربية، أي الأحكام الصادرة في إقليم دولة غير التي يطلب منها الإعتراف وتنفيذ تلك الأحكام، وهو ذاته المعيار الذي تبناه القانون المصري في تحديـد معيـار الأجنبيـة لأحكام التحكيم وفقاً لنصوص المواد 296 و299 مرافعات.

3- أشارت إتفاقية نيويورك إلى القواعد الموضوعية والإجرائية واجبة التطبيق على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في الدولة المتعاقدة، إلا أنها لـم تحـدد المقصود بالقواعـد الإجرائية التي يتم بموجبها التنفيذ وإكتفت بالتقرير بأن للدولة المتعاقدة أن تنفذ أحكـام التحكيم الأجنبية وفقاً للقواعد الإجرائية (سماها البعض "قواعد المرافعات") المتبعـة على إقليمها. وإشترطت الإتفاقية في المادة (3) شرطاً وحيداً" وهو ألا يتم فرض أية "شروط أكثر تشدداً بكثير أو رسوم أو أعباء أعلى مما يفرض على الإعتراف بأحكام التحكيم المحلية أو على تنفيذها.

4- وهو ما أثار التساؤل في مصر عن المقصود بالقواعد الإجرائية المنصوص عليها المادة 3 من الإتفاقية، خصوصاً في ظل وجود نظامين قانونين مختلفين لتنفيذ أحكـام التحكيم في مصر هما قانون المرافعات وقانون التحكيم، فهـل المقصود بالقواعـد الإجرائية المنصوص عليها في المادة 3 من الإتفاقية الأحكام الـواردة ف قـانون المرافعات المصري في خصوص تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في المواد من 296 إلى 299، أم الأحكام الواردة في قانون التحكيم المصري في خصوص تنفيذ أحكام التحكيم في المواد 9، 56، 57، 58 تحكيم؟ فهل يخضع تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، بالنسبة للقواعد الإجرائية، لما ينص عليه قانون المرافعات أم لما ينص عليه قانون التحكيم؟

5- تكمن أهمية الإجابة على هذا السؤال في الإختلاف الواضح بين القاض بإصدار أمر التنفيذ وإجراءات إستصداره وفقاً لقانون المرافعات عن تلك الواجـب إتباعها وفقاً لقانون التحكيم، فالإختصاص والإجراءات لإستصدار أمر بالتنفيذ لحك المختص التحكيم الأجنبي وفقاً لقانون المرافعات يكون للمحكمة الإبتدائية التي يراد التنفيذ فـي دائرتها وذلك بالإجراءت المعتادة لرفع الدعوى، أما الإختصاص والإجـراءات وفقـاً لقانون التحكيم يكون بموجب أمر على عريضة يقدم إلى رئيس المحكمة المنصوص عليها في المادة (9) أو من يندبه من قضاتها بإصدار الأمر بتنفيذ حكـم المحكمـين. وتنص المادة (9) على أنه إذا كان التحكيم تجارياً دولياً فيكون الإختصاص لمحكمـة إستئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على إختصاص محكمة استئناف أخرى.

6- إختلف رأي الفقه في الإجابة على التساؤل المطروح وكذلك تباينت أحكـام محكمـة إستنئاف القاهرة بين هذا وذاك، إلى أن فصلت محكمة النقض في 2005 في الأمـر وقررت بإنطباق أحكام قانون التحكيم دون تلك الواردة في قانون المرافعـات علـى القواعد الإجرائية لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية. وعلى الرغم من ذلك فـإن محكمـة النقض قد جاءت بقضاء مغاير في حكم صادر عنها في عام 2010 (غير منشور) من شأنه اثارة التساؤل عما إذا كانت محكمة النقض قد عدلت عن رأيها في 2005 أم أن الأمر لا يعدو أن يكون قراءة للحكم الجديد في غير موضعها.

7- ولا يثور التساؤل المطروح في شأن القواعد الموضوعية، إذ أن إتفاقية نيويورك قـد حددت تلك الشروط والقواعد الموضوعية اللازمة لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبـي فـي المادة (4) منها، وضيقت من الحالات التي يمكن للدولة المطلوب التنفيذ على أراضيها أن ترفض الإعتراف أو التنفيذ في المادة 5 منها، فلا يجوز للدولة المتعاقدة المطلوب التنفيذ على أراضيها الإمتناع عن الإعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي الصادر فـي دولة أخرى متعاقدة إستناداً إلى غير الحالات المنصوص عليها فـي المـادة 5 مـن الإتفاقية، أكدت ذلك المادة 3 من الإتفاقية إذ ألزمت الدول المتعاقدة بالإعتراف بأحكام التحكيم كقرارات ملزمة لها". فالقواعد الموضوعية الواردة بالإتفاقية هي التي تسود في حالة التعارض مع القواعد الموضوعية فـي التـشريع الـداخلي، إلا أن إتفاقيـة نيويورك لا تحرم أي طرف من حقه في الإستفادة من حكم مـن أحكـام المحكمـين بالكيفية وبالقدر المقرر في تشريع أو معاهدات البلد المطلوب إليها الإعتراف أو التنفيذ وذلك فقاً لنص المادة 1/7 منها.

8- وفيما يلي سوف نوضح موقف القضاء المـصـري فـي شـأن القواعـد الإجرائيـة واجبـة التطبيق على تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي ثم نليه برأي الفقه ورأينا فـي هـذا الأمر.

(أ) أحكام القضاء في شأن القواعد الإجرائية واجبة التطبيق علـى تنفيـذ حـكـم التحكيم الأجنبي:

9- سبق وأوردنا بأن أحكام القضاء المصري لم تستقر في شأن الإجابة علـى التـساؤل المطروح، خصوصاً على مستوى محكمة الإستئناف وعلى رأسها محكمـة إسـتنئاف القاهرة، إلى أن فصلت محكمة النقض في عام 2005 في الأمر، وفيما يلـي سـوف نعرض أحكام محكمة النقض ثم نليها بأحكام محكمة استئناف القاهرة.

أولاً- قضاء محكمة النقض المصرية:

أ- حكم محكمة النقض المصرية في 2005 بإنطباق نصوص قانون التحكيم:

   10- قضت محكمة النقض المصرية بجلستها المنعقدة في 10 يناير 2005 ("حكم محكمـة النقض 2005") بأن مواد قانون التحكيم المصري في خصوص تنفيذ حكم التحكيم هي الواجب تطبيقها على تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي بوصفها القواعد الإجرئية الأقل تشدداً تطبيقاً لنص المادة 3 من إتفاقية نيويورك، وبالتالي يكون تنفيذ حكم التحكيم الأد عن طريق طلب أمر على عريضة بإصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم يقـدم لـرئيس محكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق على محكمة إستنئاف أخرى، وذلك تطبيقاً لـنص المادة 56 من قانون التحكيم المصري.

11- فقضت محكمة النقض بما يلي:

ذلك أن نص المادة 296 من قانون المرافعات المدنية والتجارية علـى أن "الأحكـام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه"، وفي المادة 297 منه على أن "يقـدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الإبتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى"، وفي المادة 298 منه حدد الشروط الواجب التحقق منها قبـل إصدار الأمر بتنفيذ الحكم أو الأمر الأجنبي، وفي المادة 301 مرافعات والتي إختـتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات أجنبية على أن "العمـل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهـدات المعقـودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول في هذا الشأن"، ومفاد ذلك أن الأصل أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي إلى المحكمـة الإبتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الـدعاوى إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل في المادة 301 مرافعات السالف بيان نصها في حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها هي القانون الواجب التطبيق في هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه.

لما كان ذلك، وكانت مصر قد إنضمت إلى الإتفاقية الخاصـة بـالإعتراف بأحكـام المحكمين الأجنبية وتنفيذها في 8 من يونيو سنة 1959 والتي 8 من يونيو سنة 1959 والتي أقرها مـؤتمر الأمـم المتحدة الخاص بالتحكيم التجاري الدولي المنعقد في نيويورك في المدة من 20 مـايو إلى 10 من يونيه سنة 1958 وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لـسنة 1959 وصارت نافذة في مصر إعتباراً من 1959/6/8 ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات أو أي قـانـون آخر بمصر.

 وإذ نصت المادة الثالثة من إتفاقية نيويورك لعام 1958 على أن "تعترف كـل مـن الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقاً للشروط المنصوص عليها في المواد التالية" "ولا تفرض للإعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الإتفاقية الحاليـة شروطاً أكثر شدة ولا رسوماً قضائية أكثر إرتفاعاً بدرجة ملحوظة من تلـك التـي تفرض للإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنية"، ومفاد ذلك أن التنفيذ يـتم طبقـاً لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر يسراً وإستبعاد الإجراءات الأكثر شدة منها – والمقصود بعبارة قواعـد المرافعـات الواردة بالمعاهدة – أي قانون ينظم الإجراءات في الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها وبالتالي لا يقتصر الأمر على القانون الإجرائي العام وهو المرافعـات المدنيـة والتجارية وإنما يشمل أي قواعد إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامهـا تـرد فـي أي قانون آخر ينظم تلك الإجراءات والقول بغير ذلك تخصيص بلا مخصص. وإذ صـدر قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 متضمناً القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين وهو في هذا الخصوص قانون إجرائي يدخل في نطاق عبارة "قواعد المرافعات" الواردة بنصوص معاهدة نيويورك لعـام 1958، فإن تضمن قواعد مرافعات أقل شدة سواء في الإختصاص أو شروط التنفيذ – لعموم عبارة النص الوارد بالمعاهدة – من تلك الواردة فـي قـانون المرافعـات المدنيـة والتجارية فيكون الأول هو الواجب التطبيق بحكم الإتفاقية التي تعـد مـن قـوانين الدولة ولا حاجة بالتالي لإتفاق الخصوم في هذا الشأن.

ولما كان تنفيذ أحكام المحكمين يتم طبقاً لنصوص المواد 9، 56، 58 من القانون رقم 27 لسنة 1994 – وبعد إستبعاد ما قضت به المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 58 والذي جاء قاصراً على حالة عدم جواز التظلم من الأمـر الصادر بتنفيذ الحكم دون باقي ما تضمنه النص – فإن التنفيذ يتم بطلب إستصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره في مصر وأنـه لا يتضمن ما يخالف النظام العام وتمام الإعلان الصحيح، فإن رفض رئيس المحكمـة إصدار الأمر يقدم التظلم إلى محكمة الإستئناف، مما مفـاده أن الإختـصاص ينعقـد لرئيس محكمة الإستنئاف المذكورة بطلب أمر على عريضة يتم الـتظلم فـي أمـر الرفض لمحكمة الإستنئاف وهي إجراءات أكثر يسراً من تلك الـواردة فـي قـانون المرافعات المدنية والتجارية وهو ما يتفق مع مؤدى ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشؤون الإقتصادية عن مشروع قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ومؤدى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون من أن قواعد المرافعات المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكـيم بمـا يتطلبه من سرعة الفصل في المنازعات وما ينطوي عليه من طبيعة خاصة إقتـضت تيسير الإجراءات – ولا جدال في أن الإجراءات المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية أكثر شدة إذ يجعل الأمر معقوداً للمحكمة الإبتدائية ويرفع بطريق الـدعوى وما يتطلبه من إعلانات ومراحل نظرها إلى أن يصدر الحكم الذي يخـضـع للطـرق المقررة للطعن في الأحكام، وما يترتب عليه من تأخير ونفقات ورسوم قضائية أكثـر إرتفاعاً، وهي إجراءات أكثر شدة من تلك المقررة في قانون التحكيم، ومن ثم وإعمالاً لنص المادة الثالثة من معاهدة نيويورك والمادة 23 من القانون المدني التي تقضي بأولوية تطبيق أحكام المعاهدة الدولية النافذة في مصر إذا تعارضـت مـع تـشريع سابق أو لاحق والمادة 301 من قانون المرافعات فإنه يستبعد في النزاع المطـروح تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبـي الـواردة فـي قـانون المرافعات المدنية والتجارية بإعتبارها أكثر شدة من تلك الواردة في قانون التحكـيم رقم 27 لسنة 1994، ويكون القانون الأخير وبحكم الشروط التي تضمنتها معاهـدة نيويورك لعام 1958 التي تعد تشريعاً نافذاً في مصر - لا يحتاج تطبيقه لإتفاق أولى بالتطبيق بإعتباره تضمن قواعد إجرائية وأقل شدة من تلك الـواردة فـي القـانون الأول.

12- وهذا الحكم واضح الدلالة في بحث وتدقيق مسألة القواعد الإجرائية واجبة التطبيق في ضوء نص المادة 3 من إتفاقية نيويورك بشكل صريح وصولا إلى رجحـان تطبيـق نصوص قانون التحكيم على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية عن تلك المنصوص عليهـا في قانون المرافعات.

ب- حكم محكمة النقض المصرية في 2010 بإنطباق قانون المرافعات:

13- من ناحية أخرى وفي حكم حديث لها قضت محكمة النقض المصرية بأن أحكام قانون المرافعات في المواد من 296 إلى 299 هي التي تطبق جنباً إلى جنب مـع أحكـام إتفاقية نيويورك على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وذلك بالإجراءات المعتـادة لرفـع الدعوى.

14- حيث قضت بأن:

ذلك أن نص المادة (1) من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم فـي المـواد المدنية والتجارية على أن "مع عدم الإخلال بأحكام الإتفاقيات الدولية المعمول بها فـى جمهورية مصر العربية، تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بـين أطـراف مـن أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التـى يـدور حولها النزاع، إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الخارج وإتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون"، يدل علـى أن المشرع قصر تطبيق أحكام هذا القانون على التحكيم الذي يجري في مصر، وعـدم سـريانه على تحكيم يجري في خارج البلاد إلا إذا كان تحكيماً تجارياً دولياً إتفق أطرافه علـى إخضاعه لتلك الأحكام، وعلى ذلك إذا صدر حكم تحكيم أجنبي غيـر خاضـع لأحكـام قانون التحكيم المصري بأن صدر في الخارج ولم يتفـق الطرفـان علـى خـضوعه للقانون المصري وفقاً للمادة (1) أنفة الذكر فإن المحاكم المصرية تكون غير مختصة بدعوى بطلانه، غير أنه إذا طلب المحكوم له تنفيذه في مصر، فـإن عليـه أن يرفـع دعوى بالإجراءات المعتادة وفقا لنصوص قانون المرافعات المصري "المواد 296 وما بعدها" وإتفاقية نيويورك لعام 1985 الخاصة بـالإعتراف وتنفيـذ أحكـام المحكمـين الأجنبية والتي إنضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الـصادر في 1959/2/2 وأصبحت تشريعاً نافذاً بها إعتباراً من 1959/6/8، وأوجبت المـادتين الأولى والثانية منها إعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية وإلتزامهـا بتنفيذها طبقا لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتي يحددها قانونها الداخلي، ما لم يثبـت المحكوم ضده في دعوى تنفيذ حكم التحكيم توافر إحدى الحالات الخمس الواردة علـى سبيل الحصر في المادة الخامسة فقرة أولى من الإتفاقية، وهي (أ) نقص أهلية أطـراف إتفاق التحكيم أو بطلانه (ب) عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بـإجراءات التحكيم أو إستحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر. (ج) مجاوزة الحكم في قضائه حدود إتفاق أو شرط التحكيم. (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لإتفـاق الطـرفين أو لقانون البلد الذي فيه التحكيم في حالة عدم الإتفاق (هـ) صيرورة الحكم غيـر مـلـزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه، أو يتبين لقاضي التنفيذ – طبقا للفقرة الثانيـة مـن المـادة المشار إليها أنه لا يجوز قانوناً الإلتجاء إلى التحكيم لستوية النزاع أو أن تنفيـذ الحكـ يخالف النظام العام ويترتب على توافر أي من هذه الأسباب أن تقبل المحكمـة الـدفع وترفض إصدار الأمر بالتنفيذ، ولكن ليس للمحكمة أن تقضي ببطلان حكم التحكيم فهذا القضاء يخرج عن إختصاصها، وإذا قدم المدعى عليه في دعوى الأمر بالتنفيـذ طلبـاً عارضاً يطلب فيه الحكم ببطلان حكم التحكيم المطلوب الأمر بتنفيذه، فعلى المحكمة أن تقضي بعدم إختصاصها بهذا الطلب لخروجه من ولايتها.

15- وبنظرة متأنية لهذا الحكم نجد أن المحكمة كانت تبحث بحسب الأصـل فـي ولايـة القضاء الوطني في نظر طلب بطلان حكم تحكيم أجنبي غير خاضع لأحكـام قــانون التحكيم المصري وذلك بمناسبة نظر دعوى التنفيذ المنصوص عليهـا فـي قـانون المرافعات، وأن المحكمة قد تطرقت عرضاً لإجراءات تنفيذ حكم التحكـيم الأجنبـي للقول بأنها تتم عن طريق دعوى بالإجراءات المعتادة وفقاً لنصوص قانون المرافعات المصري "المواد 296 وما بعدها" وإتفاقية نيويورك لعام 1985 الخاصة بـالإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية.

 ثانياً- قضاء محكمة إستنئاف القاهرة:

16- قضت الغالبية من دوائر محكمة الإستئناف بتطبيق مواد تنفيذ حكم التحكيم الواردة في قانون التحكيم المصري حال تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي في مصر وذلك بوصفها الأقل تشددأ من تلك المنصوص عليها في قانون المرافعات". بينما إتجهت دائرتي إستئناف أخريين للقول بأن مواد قـانون المرافعـات مـن 296 إلـى 299 هـي الواجبـة التطبيق .

(ب) رأي الفقه:

17- من ناحيته إختلف رأي الفقه حول الجزم بأي القواعد يجب تطبيقها لتنفيذ حكم التحكـيم الأجنبي في مصر، وإستمر الخلاف على حاله حتى بعد صدور حكم محكمـة الـنقض المصرية في 2005، فذهب فريق إلى القول بأن مواد قانون المرافعات من 296 إلـ 299 هي واجبة التطبيق ومن ثم يجب إستصدار الأمر بالتنفيذ يكون عن طريق دعوى مبتدأة أمام المحكمة المختصة، يأتي في مقدمة مؤيدي هذا الإتجاه الأستاذ الدكتور فتحي والي أستاذ قانون المرافعات بجامعة القاهرة والأستاذ الدكتور محمود سمير الشرقاوي أستاذ القانون التجاري بجامعة القاهرة، وإستند هذا الرأي إلى عدة حجج يمكـن إيجـاز أهمها على النحو التالي: (1) القول بأن نص المادة 2/3 من إتفاقية نيويورك لا يرمـي إلى توحيد نظام الأمر بالتنفيذ بين أحكام التحكيم الداخلية وأحكـام التحكـيم الأجنبيـة، ولكنه يرمي فقط إلى عدم التشدد بالنسبة لهذه الأخيرة على نحو مغالى فيـه، و (2) أن القانون المصري يشتمل على نظام إجرائي خاص بالأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبيـة تحيل إليه المادة 299 مرافعات بنصها تطبيق النصوص الخاصـة بأحكـام المحـاكم الأجنبية على أحكام التحكيم الأجنبية و (3) أن إجراءات منح القوة التنفيذية لحكم تحكيم أجنبي تتعلق بسيادة الدولة، كما أن تحديد وسيلة الإلتجاء إلى القضاء للحصول على أمر التنفيذ بإعتباره طريقاً للحصول على حماية قضائية يتعلق بالنظام العام ومن ثـم فـإن إتباع إجراءات الأثر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الواردة في قانون المرافعات هو أمر يتعلق بالنظام العام. (4) أن الفقرة الأولى من المادة 3 من إتفاقية نيويورك تقـضي بأنه على الدول المتعاقدة أن تأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي طبقاً لقواعـد المرافعـات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ فضلاً عن أن تقدير شروط التنفيذ بأنها أكثر شدة أقل شدة، لمجرد أن تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية والدولية الخاضعة للقانون 27 لـسنة 1994 يتم بأمر على عريضة، بينما لا يتم تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية طبقـاً لقـانون المرافعات إلا بحكم يصدر في دعوى بطلب التنفيذ، يعد أمراً محل نظر، لا سيما بعـد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر بأنه يجوز التظلم سـواء فيمـا يتعلـق بالأمر بالتنفيذ أو بالأمر برفض التنفيذ، ويعني ذلك أن الأمـر الـصادر مـن رئـيس المحكمة سواء بالتنفيذ أو برفض التنفيذ مآله إلى دعوى تنظرها المحكمة.

18- وذهب فريق ثان إلى القول بأن مواد قانون التحكيم المصري الخاصة بتنفيـذ أحكـام التحكيم تنطبق على أحكام التحكيم الأجنبية إذا إتفق الأطراف علـى تطبيـق قـانون التحكيم على إجراءات التحكيم الذي صدر فيه هذا الحكم .

 19- وذهب فريق ثالث إلى القول بأن مواد قانون التحكيم المصري هي واجبـة التطبيـق بوصفها الأقل تشدداً تطبيقاً للمادة 3 من إتفاقية نيويورك. جاء في مقدمة هذا الفريـق المستشار برهان أمر الله الرئيس السابق بمحكمة إستنئاف القاهرة حيث إنتهـى إلـى القول بأن "الإصرار على إخضاع تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية للقواعد المنـصوص عليها في المواد (296) وما بعدها من قانون المرافعات، دون تلك الواردة في المـواد (55) وما بعدها من قانون التحكيم، فيه إخلال بين بإلتزام مصر الوارد فـي المـادة (2/3) من إتفاقية نيويورك، كما يتضمن في نفس الوقت مخالفة صريحة لحكم المـادة (23) من القانون المدني، ونص المادة (301) من قانون المرافعات هذا فضلاً مخالفة ما قضت به المادة الأولى من قانون التحكيم مـن عـدم تطبيـق أحكامـه إن تعارضت مع أحكام الإتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية .

 (ت) إنطباق أحكام قانون التحكيم المصري وليس أحكام قانون المرافعات:

20- وفي تقديرنا، فإننا نتفق مع ما جاء بقضاء محكمة النقض في 2005 وأغلـب دوائـر محكمة إستنئاف القاهرة ورأي في الفقه بضرورة تطبيق القواعد الإجرائية المنصوص عليها في قانون التحكيم المصري وليس تلك المنصوص عليها في قانون المرافعـات ولو لم يتفق الأطراف على إنطباق قانون التحكيم على إجراءات التحكيم المعني، وذلك وفقا لما يلي:

21- أولاً- فإن ما جاء بحكم محكمة النقض في 2010 كان بمناسبة قيام المحكمة بحـسب الأصل ببحث مدى جواز نظر طلب بطلان حكم تحكيم أجنبي غير خاضـع لأحكـام قانون التحكيم المصري أثناء نظر دعوى التنفيـذ المنصوص عليهـا فـي قـانون المرافعات، وقد تطرقت عرضاً لإجراءات تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي وإنتهـت إلـى الإحالة لقواعد قانون المرافعات وما جاء بإتفاقية نيويورك، ولم تدقق المحكمة في أي القواعد الإجرائية واجبة التنفيذ هل قواعد قانون التحكيم أم قواعد قانون المرافعات في ضوء نص المادة 3 من إتفاقية نيويورك سالفة البيان، وعلى العكس من ذلك فعل حكم محكمة النقض في 2005.

22- ثانياً- يلزم الوقوف على درجة الإختلاف بين آلية التنفيذ المنصوص عليها فـي كـلا القانونين والوقوف على مدى تشدد أحدهما عن الآخر كي يمكن تقدير مدة فاعلية هذا الإختلاف وتبيان ما إذا كان يستحق أخذه بعين الإعتبار أم لا، وفيما يلي نبين بعـض أوجه الخلاف التي أجملها حكم محكمة النقض الصادر عام 2005 المشار إليه أعلاه، على النحو التالي:

23- من ناحية أولى، جعل قانون التحكيم الإختصاص بإصدار أمر تنفيـذ حكـم التحكـيم الأجنبي لرئيس محكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على محكمـة إسـتنئاف أخرى، بينما جعل قانون المرافعات الإختصاص بإصدار أمر التنفيذ للمحكمة الإبتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها، وفي تقييم هذا الإختلاف نجد أنه حكم التحكيم الأجنبـي يكون أحد أطرافه، ما لم يكن الطرفين، غالباً أجنبي ومن ثم فإن تقدمه للحصول على الصيغة التنفيذية للمحكمة الإستئنافية للعاصمة المصرية القاهرة هو – مـن منظـور عملي - بالضرورة أيسر من المحكمة الإبتدائية التي يراد التنفيبذ في دائرتها.

24- ومن ناحية ثانية، تبني قانون التحكيم المصري أسلوب الأمر على عريضة بديلاً عـن الدعوى المبتدأة التي تبناها قانون المرافعات، وهذا الفارق – ضمن أمور أخـرى- لا يمكن التغاضي عنه، فمتطلبات الدعوى المبتدأة من إجراءات القيد وإعلانات الخصوم واللجوء للترجمة الرسمية للحكم الأجنبي (الذي غالياً ما يكون بلغة أجنبية) والرسـوم والنفقات في الدعوى هي أشد من إجراءات تقديم الأمر على عريضة الذي لا يحتـاج إلى إعلان الخصوم فيه والذي تقدم رفقه ترجمة معتمدة دون الحاجة لإنتظار إنعقـاد الخصومة وطلب الترجمة الرسمية.

25- ومن ناحية ثانية، فإن الوقت والجهد في الحصول على أمر بالصيغة التنفيذيـة عـن طريق الأمر على عريضة هو أقل من الوقت والجهد في الحصول عليها عن طريـق الدعوى المبتدأة التي يمكن وقف تنفيذ حكمها بمجرد الإستئناف عليه ما لم يكن الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل، ولا يقدح في ذلك خضوع الأمر بالتنفيـذ حـال رفـضه أو قبوله للتظلم عليه أمام المحكمة بطريق الدعوى المبتـدأة طبقـاً لـنص المـادة 197 من قانـون المرافعات التي تنظم التظلم من الأمر على عريضة، إذ أن التظلم مـن الأمر على عريضة حال الأمر بالتنفيذ لا يوقف تنفيذ الأمر ولا يمنع من قيام المحكوم له من التنفيذ فوراً، ما لم تأمر المحكمة المتظلم ضدها بوقف التنفيذ لحين الفصل فـي التظلم.

26- ولا يغير من ذلك كون الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية يمكن أن يكون مـشمولاً بالنفاذ المعجل، إذ أن النفاذ المعجل في هذه الحالة يخضع للسلطة التقديرية للمحكمـة، بينما النفاذ المعجل للأمر على عريضة واجب بقوة القانون وبدون كفالة ما لم يـنص الأمر ذاته على تقديم كفالة. وفي جميع الأحوال فإن المحكوم له قد أتيحت لـه مكنـة الحصول على الأمر بالتنفيذ دون عناء إنعقاد الخصومة فيه، وفرصة الحصول على الأمر بالتنفيذ قبل ولوج طريق الدعوى المبتدأة، وهي ميزة لا يمكن التغاضي عنها.

27- ثالثاً- أن القول بأن نص المادة 2/3 من إتفاقية نيويورك لا يرمي إلى توحيـد نظـام الأمر بالتنفيذ بين أحكام التحكيم الداخلية وأحكام التحكيم الأجنبية، ولكنه يرمي فقط إلى عدم التشدد بالنسبة لهذه الأخيرة على نحو مغالى فيه، لا يغير من الأمر في شـيء إذ أنه لا حرج في أن يتوحد نظام الأمر بالتنفيذ بين أحكام التحكـيم الداخليـة وأحك التحكيم الأجنبية طالما لا تخل بالنظام القانوني الداخلي.

28- رابعاً- القول بأن القانون المصري يشتمل على نظام إجرائي مستقل خـاص بـالأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، لا يتطابق مع الواقع إذ أن ما جاء بقانون المرافعات في المادة 299 مرافعات هو إحالة لتطبيق النصوص الخاصة بأحكام المحـاكم الأجنبيـة على أحكام التحكيم الأجنبية ولا يعد ذلك نظاماً خاصاً لتنفيذ أحكام التحكـيم الأجنبيـة على غرار الخصوصية المنصوص عليها في قانون التحكيم المصري.

29- خامساً- أن التمسك بتعلق إجراءات منح القوة التنفيذية لحكم تحكيم أجنبـي بـسيادة الدولة المصرية، وأن تحديد وسيلة الإلتجاء إلى القضاء للحصول على أمـر بالتنفيـذ بإعتباره طريقاً للحصول على حماية قضائية يتعلق بالنظام العام ومن ثم فـإن إتبـاع إجراءات الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الواردة في قانون المرافعات هـو أمـر يتعلق بالنظام العام قد جانبه الصواب أيضاً إذ أن إنطباق الأحكام الواردة في قـانون التحكيم المصري بدلاً من قانون المرافعات المصري لا تمس السيادة المـصرية فـى شيء فضلاً عن أن اللجوء للطريق المنصوص عليه في قانون التحكيم للحصول على الأمر بالتنفيذ هو تطبيقاً للنصوص القانونية واجبة التطبيق وإحتراماً للإتفاقيات الدولية النافذة في الدولة المصرية.

30- سادساً- فإن إنطباق أحكام قانون التحكيم الأيسر نسبياً من قانون المرافعات يستقيم مع نص إتفاقية نيويورك فالمادة 1/7 التي تنص على أنه "لا تؤثر أحكام هـذه الإتفاقيـة على صحة ما تعقده الأطراف المتعاقدة من إتفاقات متعددة الأطراف أو إتفاقات ثنائية تتعلق بالإعتراف بقرارات التحكيم وتنفيذها ولا تحرم أياً من الأطراف المهتمة من أي حق يكون له في الإستفادة من أي قرار تحكيمي على نحو وإلى الحد اللـذيـن يـسمح بهما قانون أو معاهدات البلد الذي يسعى فيه إلى الإحتجاج بهذا القرار".

31- والنص في المادة 1/7 بذلك يتيح للطرف الذي يريد تنفيذ حكـم التحكـيـم مكنـة أو ترخيص باللجوء إلى التشريع الوطني أو المعاهدة الأخرى ما دامت أيسر في الشروط من تلك المنصوص عليها في إتفاقية نيويورك. ولا يقدح في ذلك القول بأن المقصود بنص المادة 1/7 هو الشروط الموضوعية دون الإجرائية، فالمادة سالفة الذكر لم تضع هذه التفرقة ومن ثم فالإستفادة على الصعيدين الإجرائي والموضوعي هي حق لطالب التنفيذ. فنص المادة 1/7 مؤداه أنه إذا "وقعت إحدى الدول الموقعـة علـى إتفاقيـة نيويورك على معاهدة أخرى جماعية كانت أو ثنائية، أو وضعت تشريعاً تحكيميـاً وطنياً يخفف من الشروط التي تتطلبها الإتفاقية لتنفيذ أحكام التحكيم فإنه لا يجوز لها رفض الإعتراف بإتفاقية التحكيم أو حكم التحكيم إستناداً إلى تخلـف أحـد الـشـروط الواردة في إتفاقية نيويورك طالما أن المعاهدة الأخرى التي وقعت عليها أو التشريع الذي وضعته لا يتطلب توافر الشرط الناقص"، وهذا التفسير يستقيم ونـص الآخر المادة 3 من إتفاقية نيويورك والتي تمنع من فرض شروط أكثر تشددا حال تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي عن تلك المفروضة حال تنفيذ حكم التحكيم الوطنية.

32- وأياً كان وجه الرأي والخلاف حول تطبيق قانون المرافعات أم قانون التحكـم علـى إجراءات تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي، فإن القضاء المصري قد جاء واضـحـاً فـي أن الأحكام التي نصت عليها إتفاقية نيويورك تسود على تلك المنصوص عليها في أي من القانونين، ففي شأن قانون التحكيم، قضت محكمة النقض بإهمال تطبيق نـص المـادة 1/43 من قانون التحكيم لعدم وروده في نصوص الإتفاقية، فقضت محكمـة الـنقض بأن:

"وإذا كانت المادة (301) من قانون المرافعات والتي إختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية تنص على أنه "إذا وجدت معاهـدات بـين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية فإنه يتعـين إعمال أحكام هذه المعاهدات"، وكانت مصر قد إنضمت إلى إتفاقية نيويورك لـسنة 1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة إعتبارا من 8 يونيو سنة 1959 – وفق البيان المتقدم – ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قـانون التحكيم. لما كان ذلك، وكانت الإتفاقية المشار إليها لم تتضمن نصاً يقابل ما جرى به نص المادة (1/43) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 من أنه "في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن يثبت في الحكـم أسـبـاب عـدم توقيـع الأقلية"، فإنه لا على الحكم المطعون فيه عدم إعمال هذا النص".

33- وكذلك في شأن قانون المرافعات أهملت محكمة النقض تطبيق نص المادة 1/298 من قانون المرافعات على أساس عدم وروده في إتفاقية نيويورك، فقضت محكمة النقض بأن:

"أنه لما كانت المادة 301 من قانون المرافعات – والتي إختتم بها المشرع الفـصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية – تقضي بأنه إذا وجدت معاهـدة بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات، وكانت مصر قد إنضمت إلى إتفاقيـة نيويورك لعـام 1958 الخاصـة بالإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لـسنة 1959 وصارت نافذة إعتباراً من 1959/6/8، ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات، لما كان ذلك وكانت الإتفاقية المشار عليها لم تتضمن نصاً يقابل ما جرى به نص المـادة 1/298 مـن قانون المرافعات من أنه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعـد التحقـق مـن أن محـاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمـر، فإنـه لا علـى الحكم المطعون فيه عدم إعماله هذا النص، ويكون النعي عليه بما ورد بهذا الـسبب على غير أساس".

34- وتطبيقاً لذلك أيضاً قضت محكمة إستئناف القاهرة برفض النعي القائم على أن طلـب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم قد تم تقديمه قبل إنقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان بالمخالفة لنص المادة 1/58 من قانون التحكيم وذلك –حسبما جاء حكم الإستئناف- إستناداً لعدة أسس "أولها- أن الميعاد الوارد في المادة 58 المذكورة لتقديم طلب الأمر بالتنفيـذ لا ينطبق إلا على أحكام المحكمين التي تصدر في مصر أو في خارجها وإتفق الأطراف على إخضاع التحكيم للقانون رقم 27 لسنة 1994، وهو الأمر الذي لم يتحقـق فـي خصوص حكم التحكيم محل التظلم...، ثانياً – لأن تنفيذ حكم التحكـيـم محـل الـتظلم يخضع لأحكام إتفاقية نيويورك 1958 بشأن الإعتـراف وتنفيـذ أحكـام المحكمـين الأجنبية، وقد خلت نصوص الإتفاقية من تحديد ميعاد لتقديم طلب الأمر بتنفيـذ حكـم المحكمين الأجنبي، كما خلت من النص على قيد مماثل للقيد المنصوص عليـه فـي الفقرة الأولى من المادة 58 من قانون التحكيم المصري. ... ثالثاً بما هو مقرر من عدم إختصاص المحاكم المصرية أصلاً بنظر دعوى طلب الحكـم بـبطلان أحكـام المحكمين الأجنبية ما دام لم يتفق طرفا التحكيم على إخضاع إجراءاته لقانون التحكيم المصري.