الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الإشكال في تنفيذ حكم التحكيم / الكتب / التحكيم في المواد التجارية الإدارية والمدنية / أشكال تدخل رئيس المحكمة التجارية عن طريق الإجراءات التحفظية والوقتية في التحكيم التجاري الدولي

  • الاسم

    عبد المجيد غميجة
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    152

التفاصيل طباعة نسخ

اعتبر الفصل 3271 ق. م.م. المغربي بأن اتفاق التحكيم لا يمنع أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي، في حين أن الفصل 15-327 ق. م. م. المغربي قد أسند الاختصاص للهيئة التحكيمية، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، باتخاذ كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها وذلك بطلب من أحد الأطراف، مع إسناد الاختصاص إلى رئيس المحكمة المختصة بقصد استصدار أمر بتنفيذ الإجراء التحفظي أو التدبير الوقتي المتخذ من قبل الهيئة التحكيمية في حالة تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، الشيء الذي يتبين معه على أن المشرع المغربي قد تضمن النص صراحة على إمكانية تدخل رئيس - أما بالنسبة للحالة الثانية والمتعلقة بمقتضيات الفصل والذي تضمن ما يلي: يجوز للهيئة التحكيمية ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك أن تتخذ بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها. إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، يجوز للطرف الذي صدر الأمر لصالحه الالتجاء إلى رئيس المحكمة المختصة بقصد استصدار أمربالتنفيذ".فالملاحظ من مقتضيات الفصل المذكور على أنه بالرغم من جعل المشرع المغربي الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية من مهمة الهيئة التحكيمية من حيث الأصل بعد تشكيلها، فإنه لما كانت هناك ذلك نعتبر أن القول باختصاص هيئة التحكيم في الاجراءات الوقتية والتحفظية دون تدخل القضاء في ذلك، ينطوي على نوع من التعارض بين البت في جوهر النزاع الذي يتولاه المحكم، وبين التدابير الوقتية التي لها قواعد خاصة بقضاء الدولة الاستعجالي، ويتجلى هذا التعارض أكثر في رغبة الأطراف في الابتعاد عن القضاء ورغبتهم كذلك في الاستفادة من الإجراءات التحفظية والوقتية، ذلك أن الأطراف لا يتقبلون سوى عقلية المحاكم والخضوع لسلطة وإجبار القضاء، وأن اللجوء أصلا إلى التحكيم لا زال لا يستوعبه كل المتنازعين هذا بالنسبة للتحكيم الداخلي فما بالك بالدولي، الذي حتى وإن عرف إقبالا فيكون الإقبال على المؤسسات التحكيمية الكبرى والأجنبية أما بالمغرب فلا زال الحال ضئيلا هذا من جهة، ومن جهة ثانية ضعف التنظيم القانوني المحكم لسلطات المحكم وقوته الإلزامية مما يكون لتدخل القضاء في هذا المجال ضرورة حتمية الضمان صيرورة الإجراءات على نهايتها والوقوف في وجه الطرف سيء النيةوتبعا لذلك، فقد سبق وصدر حكم عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بين شركة أجنبية وأخرى مغربية، والأمر يتعلق بدين للأولى على الثانية بمبلغ 29.17.9027.10 درهم وذلك بمقتضى قرار تحكيمي صادر عن المحكمة العليا للتحكيم بباريس بتاريخ 1996/9/13، وأنها بصفتها دائنة من حقها اتخاذ كافة الإجراءات التحفظية ضمانا لدينها والتمست الأمر بإجراء حجز ما للمدين لدى الغير ضد المدعى عليها بين يدي الخازن العام للمملكة المغربية وذلك على جميع المبالغ التي بحوزتها.وحيث إنه على ذلك، صدر الأمر المستأنف بأن القرار التحكيمي المعتمد عليه في الطلب لا يحمل الصيغة التنفيذية بعد، وبالتالي لا يمكن اعتباره وثيقة رسمية يستند عليها في الاستجابة للطلب (هذا هو مضمون حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء)، والذي أبطلته محكمة الاستئناف حيث استأنفت المدعية الأمر المذكور لأن التعليل الذي اعتمده رئيس المحكمة الابتدائية مجانيا للصواب باعتبار أن الإجراء المطلوب مجرد إجراء تحفظي لا يمس بحقوق الأطراف وأن الصيغة التنفيذية لا تكون مطلوبة إلا في مسطرة التنفيذ سواء تعلق الأمر بقرار تحكيمي محلي أو صادر عن جهة أجنبية مثله في ذلك مثل الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية... وأنه يمكن قياس طلب العارضة على الطلبات المؤسسة على أحكام ابتدائية غير نهائية وغير مشمولة بالنفاذ المعجل والتي استقر العمل لقضائي على الاستجابة لطلبات الحجز لدى الغير المؤسسة عليها. وقد جاء في منطوق الحكم حيث ان المقرر فقها وقضاء أن مقررات التحكيم تكتسب حجيتها فيما قضت به من حقوق انطلاقا من القرينة القانونية القاطعة التي تقررها من حيث أن أمر التنفيذ الذي يصدر عن رئيس المحكمة الابتدائية في نطاق أحكام الفصل 321 من قانون المسطرة المدنية المغربي يقتصر على منح الصيغة التنفيذية للمقرر التحكيمي ليصبح قابلا للتنفيذ، ويقتصر بالتالي دور القاضي (رئيس المحكمة) على القيام بفحص ظاهري للمقرر المذكور ومدى مطابقته للمقتضيات المنصوص عليها في الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية وحيث أنه لذلك يتعين التفريق بين حجية الشيء المقضي به للمقرر التحكيمي وبين القوة التنفيذية التي تمنح لهذا المقرر بأمر من رئيس المحكمة الذي لا يبت في جوهر النزاع.وحيث إنه لما كانت حجية الشيء المقضي به هي قرينة قاطعة على الحقيقة التي يحملها سواء الحكم القضائي أو المقرر التحكيمي، وتعني هذه القرينة أن الوقائع المثبتة في المدلول الذي يشير إليه الفصل 419 من قانون الالتزامات والعقود فصلت فيها، لا يمكن أن تكون محل مجادلة جديدة، فإنه ليس هناك مجال للتمييز بين الأحكام الأجنبية المشار إليها في الفصل المذكور وبين مقررات التحكيم التجاري الدولي بالنظر للمقرر التحكيمي المعتمد عليه في الطلب وحيث إنه لما كان من المقرر فقها وقضاء أنه يمكن اعتماد الأحكام الأجنبية كأداة سائغة لاستصدار أوامر بالحجز لدى الغير فإنه من الواجب إعمال نفس المبدأ حتى بالنسبة لمقررات التحكيم التجاري الدولي.وحيث إن طبيعة الحجز لدى الغير كوسيلة تنفيذية لا يمكن أن تنهض عانقا دون الأمر بحجز بمراعاة أن مرحلته الأولى تكتسي صيغة تحفظية و أن تحويله من هذه المرحلة إلى المرحلة التنفيذية هي المناسبة لإثارة الجدل وتبيان وجوب اكتساب المقرر التحكيمي المعتمد في الطلب على القوة التنفيذية.إلا أننا نؤيد المذهب المشترك بمنح القضاء حق اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي بعد عرض النزاع على هيئة التحكيم، باعتباره لا يستبعد دورالمحكم أو الهيئة التحكيمية كدور أصيل للقيام بالإجراءات الوقتية والتحفظية، وإنما نؤيد تدخل القضاء الاستعجالي في هذه المرحلة لاتخاذ ما يلزم أمام وجود صعوبة في تنفيذ إجراء أو تدبير معين، وذلك ليس سوى من باب المساعدة والمساندة لقضاء التحكيم، وأن تكريس ولاية القضاء الإصدار الأوامر الوقتية والتحفظية يبرز دوره التكميلي والمؤازر الذي وإن كنا في جانب آخر نؤيد هذا الفقه الذي يقر بصعوبة تفادي الاختصاص سواء ذلك المقرر لمحكمة التحكيم أو المقرر للقضاء الوطني، مما يؤدي إلى العديد من الصعوبات لا تتمثل فقط في عدم إمكانية توزيع الاختصاص بينهما سواء استند هذا التوزيع على طبيعة الإجراء المطلوب أو الوقت الذي تم تقديم الطلب فيه للقيام بها، وإنما تتعدى المسألة ذلك، وتزداد الأمور تعقيدا عند قيام كل من الجهتين بممارسة ذات الاختصاص وفي هذا الإطار نناشد المشرع المغربي بإعادة صياغة الفصول المتعلقة بالإجراءات الوقتية والتحفظية، مبرزا في ذلك وبوضوح حدود تدخل كل من قضاء الدولة وقضاء التحكيم كما فعل المشرع الفرنسي، وتحديدا الجهة القضائية المخول لها باتخاذ الإجراء الوقتي أو التحفظي مميزا في ذلك بين التحكيم الداخلي والدولي.