قانون المرافعات الملغاه وفي ظل قانون التحكيم الجديد كما أتناولها في ظل القوانين الوطنية وذلك على النحو التالي :
أولا : أثر رفع دعوى البطلان على وقف تنفيذ أحكام الحكمين في القانون المصرى:
1- قبل صدور قانون التحكيم المصري الجدبد
أ- الإتجاه المزيد لفكرة الوقف:
يستند الفقه المؤيد لفكرة، ترتب وقف التنفيذ، على مجرد رفع الدعوى ببطلان حكم التحكيم، إلى الحجج الآتية :
1- إن المقصود من هذه الدعوى بطلان حكم التحكيم، هو إنكار كل سلطة للمحكم فيما فصل فيه، ومن ثم ينعدم الحكم، وذلك إن صحت الاعتبارات، التي بنيت عليها الدعوى في هذا الصدد.
2- إن فاعلية التحكيم تقتضي التريث قبل التنفيذ، ولا تعني السرعة إلى حد التسرع.
3- إذا كان حكم المادة 513 من قانون المرافعات، قد جاء مخالفا لما تقضى به القواعد العامة في تنفيذ الأحكام القضائية، إلا أنه يتفق مع طبيعة حكم المحكمين فهو عمل قانوني يستمد قوته من إرادة الخصوم ومن ناحية أخرى، فإن دعوى البطلان الأصلية لا تعتبر طريقا من طرق الطعن في الأحكام حتى لا يؤثر رفعها في قوة الحكم التنفيذية، واستمرار التنفيذ رغم الطعن فيه. لهذا فإن حكم المادة 513 في هذا الشأن يعبر في رأينا أنه قد جاء منسقا مع طبيعة حكم المحكمين وطبيعة الدعوى التي ترفع ببطلانه.
4 - حكم المحكمين، ليس حكما قضائيا، حتى يسرى عليه قاعدة تنفيذ الأحكام، عند الطعن فيها، إنما هو عمل قانوني يخضع لنظام خاص، ويستمد قوته الملزمة من اتفاق الأطراف لا من سلطة القضاء. كما أن دعوى البطلان، ليست طريقا من طرق الطعن في الأحكام، حتى يمكن أن يسرى عليها حكم هذه الطرق. هذا بالإضافة إلى قوة حكم المحكمين في تأكيد الحق، تظل حتى بعد صدور الأمر بتنفيذه أضف من حجة الحكم الفضائي. والدليل على ذلك أنه يجوز رفع دعوى أصلية ببطلانه، فلا غرابة أن يرتب القانون على رفع هذه الدعوى، ما لا يرتبه على الطعن في الحكم.
ب- اتجاه المناهض لفكرة الوقف:
يذهب أنصار الاتجاه المناهض لنظام وقف التنفيذ إلى القول، بأنه لما كان المشرع، قد عالج مشكلة وقف التنفيذ بالنسبة للاستئناف والعمل والنقض على نحو واحد، يتحصل في أن الطعن في الحكم لا يوقف تنفيذه، ما لم تقض المحكمة المطعون أمامها بوقف التنفيذ بشروط تختلف في تفصيلاتها باختلاف طرق الطعن. وكان حريا بالمشرع أن يطبق نفع القاعدة بالنسبة لدعوى بطلان حكم التحكيم، لأن الوضع بالنسبة لها ولد، وهو أن هناك حكما جائز التنفيذ مطعونا عليه، ولذلك كنا نفضل النص على أن رفع دعوى بطلان حكم التحكيم لا يوقف التنفيذ، ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ.
الاتجاه المؤيد للوقف أدى إلى إساءة استعمال نص لوقف، بغرض تعطيل تنفيذ الحكم أكبر وقت ممكن عن طريق رفع دعوى لبطلان والعمل على إطالة إجراءاتها. خاصة أن المشرع المصري، لم يعد ميعادا معينا ترفع الدعوى. فكانت دعوى البطلان ترفع إلى محكمة أول درجة، فيؤدی رفعها إلى وقف تنفيذ حكم التحكيم، حتى يفصل فيها نهائيا من محكمة الدرجة الثانية، وهو ما يستغرق بطبيعة الحال وقتا طويلا.
1- حكم المحكمين، الذي يطعن عليه بدعوى البطلان، ليس حكما واجب النفاذ استثناء، كالحكم المشمول بالنفاذ المعجل ، وإنما هو حكم واجب النفاذ طبقا للقواعد العامة، لأنه بصدر انتهائيا أي غير قابل للطعن. .
2- قد تكون الأسباب التي يستند إليها رافع دعوى البطلان غير متوافرة من الناحية القانونية، فلا يعبر رافع الدعوى محقا فيما يستند إليه .
- في ظل قانون التحكيم :.
اتجه المشرع المصري في قانون التحكيم الجديد، اتجاها مخالفا لما كان يقضي به قانون المرافعات المصري، والذي كان يرتب وقف تنفيذ حكم التحكيم لمجرد رفع دعوى ببطلانه، وذلك بنصه في المادة 57 على أنه لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم، ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ، إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى، وكان الطلب مبنيا على أسباب جدية، وعلى المحكمة الفصل في طلب و التنفيذ، خلال ستين يوما من تاريخ أول جلسة محددة لنظره، وإذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي. وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ، الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر.
وبهذا الاتجاه الحسن، يكون المشرع قد حقق به أملا عزيزا على الكثير من الفقه، الذي نادى مرارا، بضرورة تغيير موقف المشرع المصري من الأثر الموقف لحكم التحكيم لمجرد رفع دعوى البطلان، تلك المكنة التي كان يستطيع بمقتضاها الطرف سيئ النية، تعطيل تنفيذ حكم التحكيم أكبر وقت ممكن عن طريق رفع دعوى البطلان والعمل على إطالة إجراءاتها مما أثر بالسلب تأثيرا كبيرا على فاعلية حكم التحكيم تلك الفاعلية التي يستطيع بمقتضاها أن يؤدي بالطبع دورا كبيرا في حل المنازعات .
ثانيا : أثر رفع دعوى بطلان حكم التحكيم على وقف تنفيذه في القانون المقارن
تباينت مواقف القوانين المقارنة في هذا الصدد، فيذهب بعضها إلى ترتيب وقف تنفيذ حكم التحكيم، لمجرد رفع دعوى ببطلانه، بينما يتخذ البعض الآخر منها موقفا مغايرا ، وهو ما سنلقي الضوء عليه كما يأتي :
١- موقف القانون الفرنسي:
ويتضح من ذلك أن القانون الفرنسي، يخول الطرف الذي خسر التحكيم، إمكانية تعطيل فعالية التحكيم .
ويمتدح رأى هذا المسلك، الذي يفضل في نظره مسلك قانون المرافعات المصري، وأيضا اتجاه القانون الكويتي) .
٢- موقف القانون الهولندي :
تقضى المادة 1/1066 من القانون الإجراءات المدنية الهولندي، بأن دعوى البطلان، ليس من شأنها إيقاف تنفيذ حكم التحكيم. ولكن الفقرة من المادة المشار إليها آنفا، تجيز إيقاف التنفيذ إلى حين الفصل نهائيا في دعوى البطلان .
ويتضح من ذلك أن القانون الهولندي، يخالف ما يذهب إليه قانون المرافعات الفرنسي، ويتفق بالتالي مع الاتجاهات الحديثة في قوانين التحكيم، التي تأثرت بقواعد اليونسيترال النموذجي، وذلك بعدم ترتيب وقف تنفيذ حكم التحكيم لمجرد رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم، مع تخويل المحكمة، التي تنظر دعوى البطلان سلطة إيقاف أو الاستمرار في التنفيذ .