لا يجوز للمحكمة المختصة أن تمتنع عن إصدار أمر التنفيذ، إستنادا إلي إحدي الحالات السنة التالية إلا إذا دفع بها الصادر ضده حكم التحكيم، وأثبتها، فالإتفاقية تضع قاعدة عامة مفادها صحة حكم وإتفاق التحكيم، وأن من يدعي عكس ذلك يقع عليه عبئ الإثبات ، وسوف نتعرض لهذه الحالات فيما يلي:
الحالة الأولي : نقص أهلية أحد الخصوم وفقا للقانون الذي يحكم الأهلية :
لا يجوز للمحكمة المختصة أن تمتنع عن إصدار أمر التنفيذ، إستنادا إلي هذه الحالة إلا إذا دفع بها الصادر ضده حكم التحكيم، وأثبت تحققها.
وقد إستخدمت الإتفاقية كلمة عديم الأهلية، وإنعدام الأهلية يتحقق في حالات عديدة ، منها ما يتعلق بالسن، ومنها ما يتعلق بعارض يصيب الإنسان كالجنون، والحالة الأخيرة لا تحتاج إلي نص، ولا يوجد عليها أي خلاف فقهي.
وقد أخضعت الإتفاقية أهلية الأطراف للقانون الذي يحكم أهلية كل منهم، وبذلك تكون الإتفاقية قد تجاوزت الخلاف القائم بين الدول حول ما إذا كان قانون الجنسية أو قانون الموطن هو الذي يحكم الأهلية:
الحالة الثانية : بطلان إتفاق التحكيم :
لا يجوز للمحكمة المختصة أن تمتنع عن إصدار أمر التنفيذ، إستنادا إلى هذه الحالة إلا إذا دفع بها الصادر ضده حكم التحكيم، وأثبت تحققها.
يقصد ببطلان إتفاق التحكيم، أن يلحق به أحد عيوب الإرادة من غلط أو غش أو تدليس أو إكراه، أو أن يكون محل الإتفاق غير مشروعا.
ويلاحظ أن نقص أو إنعدام الأهلية الذي تحدثنا عنه في الشرط الأول يؤدي أيضا إلي بطلان إتفاق التحكيم ، وإن كانت الإتفاقية أخضعت هذا البطلان للقانون الذي يحكم أهلية الأطراف، في حين أخضعت حالات البطلان في الشرط الثاني لقانون الإرادة أو قانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم في حالة عدم إتفاق الأطراف .
الحالة الثالثة : الإخلال بحقوق الدفاع :
لا يجوز للمحكمة المختصة أن تمتنع عن إصدار أمر التنفيذ، إستنادا إلي هذه الحالة إلا إذا دفع بها الصادر ضده حكم التحكيم، وأثبت تحققها.
ويقصد بالإخلال بحقوق الدفاع في هذه الحالة وفقا لنص الإتفاقية ( إذا كان الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلانا صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه ).
وبالتالي يثبت الإخلال بحقوق الدفاع إذا ثبت وجود غش في إعلان الصادر ضده حكم المحكمين بتعيين المحكم أو بأي إجراء من إجراءات التحكيم ).
الحالة الرابعة : حكم المحكم في مسألة لم ترد في إتفاق التحكيم أو مجاوزته حدود إتفاق التحكيم :
لا يجوز للمحكمة المختصة أن تمتنع عن إصدار أمر التنفيذ، إستنادا إلي هذه الحالة إلا إذا دفع بها الصادر ضده حكم التحكيم، وأثبت تحققها.
تتحدث هذه الحالة عن سلطات وإختصاصات المحكم كقاضي للنزاع، وهي سلطات يستمدها من إتفاق أطراف النزاع، ولذا يجب علي المحكم أن يلتزم بالفصل في أوجه النزاع الواردة في إتفاق التحكيم فقط، وألا يفصل في أي نزاعات أخري لم يرد ذكرها في إتفاق التحكيم.
ويجب علي المحكم أيضا أن يفسر بنود اتفاق التحكيم تفسيرا ضيقا، بحيث لا يتعرض لأي نزاعات تجاوز حدود اتفاق التحكيم، وإلا كان حكمه في هذه المسألة باطلا أيضا لصدوره بلا إتفاق، وجاز أيضا للقاضي عدم إصدار الأمر إذا ثبتت هذه الحالة.
ويلاحظ أن الإتفاقية، سمحت بإصدار أمر التنفيذ الجزئي لجزء فقط من حكم التحكيم الصادر و حدود إتفاق التحكيم، إذا أمكن فصل هذا الجزء عن باقي أجزاء الحكم الغير متفق علي حلها بطريق التحكيم.
الحالة الخامسة : وقوع مخالفة في تشكيل هيئة التحكيم أو في إجراءات التحكيم:
إذا تم تشكيل هيئة التحكيم بشكل يخالف إتفاق الأطراف، أو يخالف قانون البلد الذي تم فيه حكيم في حالة عدم الإتفاق، وكذلك إذا حدثت أيضا مخالفة في إجراءات التحكيم طبقا لما إتفق عليه أطراف التحكيم، أو طبقا لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الإتفاق، يكون إتفاق التحكيم باطلا.
الحالة السادسة : أن حكم المحكمين لم يصبح ملزما للخصوم أو تم إبطاله أو إيقاف تنفيذه :
نصت المادة رقم 1/5/هـ من إتفاقية نيويورك علي:
( أن الحكم لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته أو أوقفته السلطة المختصة في البلد التي فيها أو التي بموجب قانونها صدر الحكم ) .
تتضمن هذه الحالة ثلاثة حالات يجوز فيها الصادر ضده حكم التحكيم أن يطلب من المحكمة المختصة بإصدار أمر التنفيذ رفض إصدار الأمر.
: إذا كان حكم التحكيم لم يصبح ملزما
إستخدمت الإتفاقية لفظ ملزما، وهو لفظ يثير اللبس، لأن المتفق عليه لدي أغلب الفقه وفي أغلب التشريعات أن حكم التحكيم يصدر حائزا حجية الأمر المقضي، ويكون ملزما وقابلا للتنفيذ الإختياري من لحظة صدوره، وإن كان غير قابلا للتنفيذ بالقوة الجبرية.
إلا أن الأعمال التحضيرية للإتفاقية أفادت بأن المقصود بصيرورة الحكم ملزما هو أن يكون حكم التحكيم إنتهائيا.
2- إذا كان حكم التحكيم قد تم إبطاله :
أجازت إتفاقية نيويورك للصادر ضده حكم التحكيم أن يطلب رفض إصدار أمر التنفيذ إذا أثبت صدور حكم قضائي ببطلان حكم التحكيم في الدولة التي صدر فيها أو بموجب قانونها حكم التحكيم.
3- إذا صدر حكم أو قرار بوقف تنفيذ حكم التحكيم:
أجازت إتفاقية نيويورك للصادر ضده حكم التحكيم أن يطلب رفض إصدار أمر التنفيذ إذا أثبت صدور حكم قضائي أو قرار قضائي بوقف تنفيذ حكم التحكيم في الدولة التي صدر فيها أو بموجب قانونها حكم التحكيم.
ولكن يلاحظ أن تقديم طلب وقف تنفيذ حكم التحكيم لا يعطي الحق للصادر ضده حكم التحكيم، في طلب رفض تنفيذ حكم التحكيم، لأن النص يتحدث عن صدور قرار بوقف التنفيذ.
ويلاحظ أن المشكلة الرئيسية التي تواجه المحكوم ضده هو أن أمر التنفيذ يصدر وفقا لنظام الأوامر علي العرائض، أي في غيبة المحكوم ضده، ونظرا لأنه لا يمكن للمحكوم ضده أن يعلم باليوم الذي سوف يتقدم فيه المحكوم لصالحه بالطلب والأوراق لإصدار أمر وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم.
خلاصة الأمر:
أن إتفاقية نيويورك لم تضع أية شروط لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وإنما أحالت في تنفيذها إلى الشروط الواردة في التشريعات الداخلية، كما وأن الإتفاقية لم تلقي أي عبئ إثبات علي عاتق المحكوم لصالحه في حكم التحكيم، وأنها وضعت حالتين فقط يجوز فيهما للمحكمة المختصة بإصدار أمر وضع الصيغة التنفيذية علي حكم التحكيم الأجنبي من تلقاء نفسها رفض إصدار الأمر 28، ووضعت ستة حالات أخري أوجبت علي المحكوم ضده الدفع بها أمام المحكمة وإثباتها، لكي يجوز للمحكمة المختصة رفض إصدار أمر تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي.