الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / وقف القوة التنفذية لأحكام التحكيم / الكتب / القوة التنفذية لحكم التحكيم / وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد محمد حشيش
  • تاريخ النشر

    2001-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفكر الجامعي
  • عدد الصفحات

    191
  • رقم الصفحة

    144

التفاصيل طباعة نسخ

 

  

 الاختصاص بطلب الوقف:

 الاختصاص بطلب وقف تنفيذ حكم التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام، كان للمحكمة العليا قبل إلغائها بموجب المادة التاسعة من قانون إصدار قانون المحكمة الدستورية العليا التي انتقلت إليها اختصاصات المحكمة الملغاة فيما عدا الاختصاص بطلبات وقف تنفيذ الأحكام التحكيمية في منازعات القطاع العام.

وبموجب المادة الثالثة من القانون ذاته خولت محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا - كل في مجال اختصاصها - سلطة الفصل في طلبات وقف تنفيذ هذه الأحكام التحكيمية. ويتوزع الاختصاص بهذه الطلبات بين المحكتين، على حسب الاختصاص الأصلي بالدعوى فيما لو لم يكن النزاع قد اتخذ مسار التحكيم، أي حسب ما إذا كانت الدعوى تدخل أصلا في اختصاص المحاكم أو في اختصاص القضاء الإداري

لكن طلب وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم الإجباري، يتميز عن غيره من طلبات وقف القوة التنفيذية بوجه عام، حتى أنه يعتبر الطلب الوحيد الذي يقدم على استقلال وغير تابع لطلب موضوعي، مما يعني أن هذا الاستقلال، لا يستند إلى منطق نظام وقف القوة التنفيذية، إنما يستند إلى اعتبارات ملاءمة لدى المشرع الذي رغب في عدم إخضاع هذا التحكيم حتى لدعوى البطلان، وذلك بالمخالفة للقواعد العامة في نظام التحكيم.

 لكن هذا الطلب، ليس إشكالاً في التنفيذ، إنما هو طلب وقف القوة التنفيذية.

- شروط قبول الطلب: قبول طلب وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم الإجباري، محكوم بالشروط التالية:

1- أن يقدم الطلب إلى رئيس المحكمة المختصة. فهذه المحكمة لا تأمر موقف القوة التنفيذية من تلقاء نفسها، إنما بناء على طلب صريح بوقف هذه القوة.

  1. أن يقدم الطلب من النائب العام، سواء من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب الوزير المختص الذي يتبعه المحكوم عليه في حكم التحكيم المطلوب وقف قوته.

- أن يكون طلبا بوقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، لا طعنة في حكم التحكيم، ولا إشكالا في تنفيذ حكم التحكيم، فحكم التحكيم لا يخضع النظام الطعن في الأحكام القضائية. وإشكالات تنفيذ هذا الحكم، تدخل في اختصاص هيئة التحكيم بنص صريح.

4- أن تكون القوة التنفيذية لحكم التحكيم لم تقض بعد، أي أن يكون التنفيذ لم يتم، وقت تقديم الطلب إلى رئيس المحكمة المختصة، فلا يقبل طلب الوقف، إذا كانت هذه القوة قد انقضت، وذلك لانتفاء المصلحة في الطلب، فضلا عن استحالة الحكم بوقف ما انقضى أصلا.

٥- أن يكون إعمال القوة التنفيذية قد بدأ فعلا، أي أن يكون التنفيذ قد بدأ.

6- أن يقدم الطلب خلال ستين يوما من تاريخ بدء التنفيذ.

- شروط الحكم بوقف التنفيذ:

يشترط للحكم بوقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، أن يكون من شأن تنفيذ هذا الحكم، الإضرار بأهداف الخطة الاقتصادية للدولة، أو بسير مرفق من المرافق العامة.

- الحكم في طلب الوقت:

نظر المحكمة المختصة، سواء كانت محكمة النقض أو المحكمة إدارية العليا، طلب الوقف ودفاع الطلبين بشأنه وفقا للإجراءات المتعبة أمامها. ولها السلطة التقديرية الكاملة في شان طلب الوقف.

الحكم الصادر منها في طلب الوقف هو حكم وقتي وفقا للقواعد العامة.

- تمييز وقف القوة التنفيذية:

وقف القوة التنفيذية يختلف عن وقف إجراءات التنفيذ، ولو أن اللغة القانونية - حتى لغة التشريع - تجري على التعبير عن هاتين الفكرتين بعبارة "وقف التنفيذ»، بل ولو أن كلاهما وقف وقتي، سواء كان وقفة قانونية أو وقفا قضائيا، إنما وقف القوة التنفيذية شيء ووقف إجراءات التنفيذ شيء آخر، وبالتالي فهما يختلفان عن بعضهما من عدة وجوه من بينهما اختلافهما من حيث الأثر.

فأثر وقف القوة التنفيذية لا يقتصر على مجرد وقف إجراءات التنفيذ، إنما يمتد إلى السند ذاته، على اعتبار أن هذه القوة التنفيذية عنصر في السند. ولان السند التحكيمي مركب، فإن أثر وقف قوته التنفيذية يمتد إلى حكم التحكيم، كما يمتد إلى الأمر بالتنفيذ.

بهذا يصير السند التحكيمي التنفيذي غير واجب النفاذ، رغم قابليته للتنفيذ الجبري، وبالتالي لا يجوز التنفيذ الجبري بموجب هذا السند غير واجب النفاذ، لكن يجوز اتخاذ الإجراءات التحفظية بموجبه وذلك عملا بالقواعد العامة.

بينما لا يترتب على وقف إجراءات تنفيذ حكم تحكيم، أي أثر بالنسبة لهذا الحكم في ذاته، سواء كان هذا الوقف وقفة قانونية أو وقفاً قضائياً أو وقفة اتفاقياً. فوقف إجراءات التنفيذ - وخلافاً لوقف القوة التنفيذية - يخضع ليس فقط لنظام الوقف القانوني ونظام الوقف القضائي، إنما أيضاً لنظام الوقف الاتفاقي وذلك في الحالات المنصوص عليها في القانون، كما في حالة جواز الاتفاق بين الحاجز والمحجوز عليه على وقف البيع الجبري للمنقول المحجوز لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر عملاً بالمادة ۳۷5 مرافعات.

- أثر وقف القوة التنفيذية على الأمر بتنفيذ حكم التحكيم:

 وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، سواء كان وقفا قانونياً أو وقفة قضائياً، يعتبر مانعاً من موانع الأمر بتنفيذ هذا الحكم، إذا لم يكن الأمر بالتنفيذ قد صدر قبل تحقق هذا الوقف. وإذا كان قانون التحكيم لم يذكر هذا المانع ضمن موانع الأمر بالتنفيذ في المادة ۲/۰۸ تحكيم، لكن المشرع لم يحدد موانع الأمر بالتنفيذ على سبيل الحصر في الفقرة الثانية من هذه المادة، كما أن هذا المانع تمليه القواعد العامة.

بل كذلك يعتبر الوقف القضائي - لا الوقف القانوني - القوة التنفيذية الحكم التحكيم المصري بواسطة المحاكم المصرية، مانعاً من موانع الأمر تنفيذ هذا الحكم خارج مصر، وذلك عملاً بالمادة ۱/5/ه من اتفاقية نيويورك دوور. إذ نصت هذه المادة على أنه «لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم سنة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على: ۰۰۰۰

- أثر وقف القوة التنفيذية على إجراءات تنفيذ حكم التحكيم:

لا يخرج الأمر عن فرض من ثلاثة فروض هي كالتالي:

1- في الفرض الأول حيث وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، يكون قد تحقق قبل بدء إعمال هذه القوة، أي قبل بدء إجراءات تنفيذ الحكم.

والصيرورة السند التحكيمي التنفيذي سنداً غير واجب النفاذ، رغم قابليه التنفيذ الجبري، ومن ثم فهو لا يخول صاحبه سوی اتخاذ إجراءات تحفظية، فأن ما سيتخذ من إجراءات تنفيذية بعد هذا الوقف القانوني أو القضائي، تكون إجراءات تنفيذية باطله مطلقا، لأنها تنفيذ بلا سند تنفيذي.

وفي هذا الفرض انسحب أثر الوقف القانوني أو الوقف القضائي للقوة التنفيذية، إلى الإجراءات التنفيذية اللاحقة على الوقف.

٢- وفي الفرض الثاني حيث وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، يكون قد تحقق بعد مجرد بدء إعمال هذه القوة، أي بعد مجرد بدء إجراءات التنفيذ.

وفي هذه الحالة يكون الوقف القانوني أو الوقف القضائي مانع إجراءات التنفيذ أسوة بالفرض السابق، وذلك لصيرورة السند سند النفاذ. لكن هذا الوقف باعتباره مجرد وقف وليس انقضاء للقوة التنفيذية فهو لا يزيل ما اتخذ من إجراءات التنفيذ قبل الوقف، وبالتالي تظل دون الإجراءات التنفيذية باقية.

۳- وفي الفرض الثالث حيث الوقف القضائي للقوة التنفيذية لحكم التحكيم، يكون قد تحقق بعد انقضاء إجراءات التنفيذ الذي لم يكن قد انقضى عند تقديم طلب الوقف للمحكمة

لكن إذا كان أثر الوقف القانوني أو الوقف القضائي ينسحب ليس فقه إلى الإجراءات التنفيذية اللاحقة على الوقف، إنما أيضاً إلى الإجراءات التنفيذية السابقة عليه حتى لو كانت سابقة على طلب الوقف، فإنه ينسحب " من باب أولى - إلى الإجراءات التنفيذية السابقة عليه حتى لو كانت لأجله على طلب الوقف. وهذا ما قننته المادة ۳/۲۰۱ مرافعات بقولها «... وينسحب الأمر الصادر بوقف تنفيذ الحكم على إجراءات التنفيذ التي اتخذها المحكوم بناء على الحكم المطعون فيه من تاريخ طلب وقف التنفيذ»، وهذه القاعدة باعتبارها من القواعد العامة في نظام وقف القوة التنفيذية، فهي تسري على وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم.

ووقف القوة التنفيذية بهذا يختلف عن مجرد وقف إجراءات التنفيذ، حتى من حيث أثر الوقف على تلك الإجراءات. فصحيح أن وقف إجراءات التنفيذ يعد مانعاً يمنع من إتمام الإجراءات، لكن هذا الوقف - كقاعدة - ليس مانعاً يمنع من بدء إجراءات التنفيذ، إلا إذا كان التنفيذ يبدأ ويتم بعمل واحد كالطرد من المتمكن مثلاً. وصحيح أن هذا الوقف باعتباره مجرد وقف، فهو من ثم لا يزيل الإجراءات التنفيذية السابقة عليه، لكن هذا الوقف لا يبقى على تلك الإجراءات باعتبارها إجراءات تحفظية، إنما يبقى عليها باعتبارها إجراءات تنفيذية على نحو ما هي عليه أصلا.W

بل كذلك لا تلازم هناك بين وقف القوة التنفيذية، ووقف إجراءات، الصحيح أن وقف القوة التنفيذية يتبعه بالضرورة وقف إجراءات التنفيذ، لكن وقف إجراءات التنفيذ لا يتبعه وقف القوة التنفيذية . كما أن وقف القوة التنفيذية يتبعه ليس فقط مجرد وقف إجراءات التنفيذ التي لم تكمل، إنما أيضاً وقف إجراءات التنفيذ التي لم تبدأ، بل كذلك تحول إجراءات التنفيذ التي بدأت إلى مجرد إجراءات تحفظية.

- زوال أثر وقف القوة التنفيذية

أثر وقف القوة التنفيذية، سواء كان هذا الوقف قانونية أو قضائية، إنما يزول بانقضاء حالة الوقف. والقاعدة أن حالة الوقف هذه لا تقضى إلا بانقضاء التقاضي في الطلب الموضوعي. مما يعني ليس فقط أن وقف القوة التنفيذية ينقضي بقوة القانون، إنما أيضاً أن هذا الوقت لا ينقضي بحكم قضائي.

لذا فقد أحسن مشرع قانون التحكيم صنعا، لأنه ليس فقط قد ألغي صراحة نص المادة 513 مرافعات بما كانت تتضمنه فقرتها الثالثة التي أجازت للمدعى عليه في دعوى بطلان حكم التحكيم، أن يطلب من محكمة البطلان استمرار التنفيذ، أي إزالة الوقف القانوني للقوة التنفيذية لحكم التحكيم. إنما أيضاً لأن هذا المشرع لم يأخذ بحكم هذه الفقرة الثالثة، وبالتالي فلا للمدعى عليه في دعوى البطلان أن يطلب من محكمة البطلان إزالة الوقف القضائي للقوة التنفيذية لحكم التحكيم، أي ليس له أن يطلب منها استمرار التنفيذ، ولا لمحكمة البطلان سلطة الأمر باستمرار التنفيذ إذا كانت قد أوقفت القوة التنفيذية لحكم التحكيم، مما يعني أن هذا المشرع قد التزم في هذا الشأن، بحكم القواعد العامة في نظام وقف القوة التنفيذية.

لهذا، ليس المدعى عليه في دعوى بطلان حكم التحكيم أن يطلب من محكمة البطلان إزالة الوقف القضائي للقوة التنفيذية لهذا الحكم، أي ليس له أن يطلب منها استمرار التنفيذ، ولا له أن يطعن في الحكم الصادر بوقف القوة التنفيذية على استقلال فور صدروه. فقد رأينا فيما سبق أن الحكم الصادر في طلب وقف القوة التنفيذية، وباعتباره حكمة صادرة في طلب تبعي وغير مستقل بحكم طبيعته، فهو من ثم حكم تبعي، ولا يقبل الطعن فيه على استقلال فور صدوره، رغم أنه حكم وقتي.

ووقف القوة التنفيذية بهذا يختف عن مجرد وقف إجراءات التنفيذ، حتى من حيث زوال أثر الوقف. فصحيح أن أثر وقف إجراءات التنفيذ ينقضي بزوال حالة الوقف، لكن حالة الوقف هذه تزول ليس فقط بقوة القانون، إنما بحكم قضائي. بل أن حالة الوقف القضائي تزول ليس فقط بحكم محكمة الطعن في حكم الوقف إنما أيضاً بحكم المحكمة التي أمرت بالوقف إذا تغيرت الظروف.

وصحيح أن هذا الانقضاء يؤدي - لغوية - إلى اعتبار القوة التنفيذية كأن لم تكن، لكن من الوجهة الفنية فكرة انقضاء القوة التنفيذية شيء، وفكرة اعتبار القوة التنفيذية كأن لم تكن شيء آخر مختلف، بل كذلك لا تلازم بين الفكرتين. وهما مختلفتان عن بعضهما ليس فقط من حيث السبب، إنما أيضاً من حيث الأثر.

اعتبار قوة حكم التحكيم كأن لم تكن

القاعدة أن القوة التنفيذية الحكم التحكيم لا تعتبر كأن لم تكن، إلا إذا اعتبر هذا الحكم ذاته كأن لم يكن. ومبنى ذلك أن هذا الحكم هو - على نحو ما تقدم بيانه في المبحث الثاني - مفترض ضروري لوجود قوته التنفيذية ولو أنه ليس مفترضة كافية لذلك إذا كان من أحكام التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام. ومن ثم إذا اعتبر القانون أن هذا الحكم كأن لم يكن فإنه بالتالي يعتبر قوته التنفيذية كأن لم تكن.

بيد أن اعتبار حكم التحكيم كأن لم يكن، ليس فقط مجرد سبب لاعتبار قوته التنفيذية كأن لم تكن، إنما أيضاً هو سبب الاعتبار كل قواه كأن لم تكن، سواء قوته الملزمة، أي حجيته، أو قوته الرسمية في الإثبات، أو قوته التنفيذية. ومن هنا تكتسب حالات اعتبار حكم التحكيم كأن لم يكن، أهميتها الخاصة.

لذا تتوزع الدراسة في هذا المطلب على فرعين كالتالي:

الفرع الأول: حالات اعتبار حكم التحكيم كأن لم يكن.

الفرع الثاني: أثر اعتبار قوته التنفيذية كأن لم تكن.

حالات اعتبار حكم التحكيم كأن لم يكن:

نظام اعتبار حكم التحكيم كأن لم يكن، إذ هو نظام لسبب اعتبار قوته التنفيذية كأن لم تكن، فإنه يخضع في شأن ما لم يرد به نص خاص، القواعد العامة في نظام القوة التنفيذية للسند الإجرائي.

- النص الخاص:

حكم التحكيم يعتبر كأن لم يكن، وفقاً لنص خاص في قانون التحكيم، هو نص المادة ۳/۱۹ تحكيم، المعدلة بموجب القانون رقم 8 لسنة ۱۱۲۰۰۰)، ويقضي بأنه «.... إذا حكم برد المحكم، ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين، كأن لم يكن».

والفرض أن المحكمة المشار إليها في المادة وتحكيم، قد أصدرت حكماً في طلب رد المحكم، وهذا الحكم يقضي برد المحكم، لا برفض الطلب، ولا بعدم قبوله.

فإذا صدر هذا الحكم قبل صدور حكم التحكيم، ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم كأن لم يكن، لا اعتبار حكم التحكيم كأن لم يكن. إذ الفرض أن هذا الحكم لم يصدر بعد.

أما إذا كان حكم التحكيم قد صدر قبل صدور الحكم القضائي برد المحكم، ترتب على الحكم الأخير ليس فقط اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات تحكيمية كأن لم يكن، إنما أيضاً اعتبار حكم التحكيم ذاته كأن لم يكن.

وحكم التحكيم هذا يعتبر كأن لم يكن، سواء كان هذا الحكم يقبل أو لا يقبل التنفيذ الجبري. لكن إذا كان هذا الحكم قابلاً للتنفيذ الجبري، واعتبر كأن لم يكن، فإنه بالتالي تعتبر قوته التنفيذية كأن لم تكن، حتى لو صدر الحكم القضائي برد الحكم بعد استصدار أمر بتنفيذ حكم التحكيم، أو بعد استخراج صورة تنفيذية من حكم التحكيم ومن الأمر بتنفيذه، أو بعد تمام التنفيذ الجبري لحكم التحكيم.

4- يعتبر هذا القضاء سنداً تنفيذياً لإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ، دون حاجة لدعوى جديدة بذلك.

وحكم التحكيم القابل للتنفيذ الجبري، باعتبار هذا الحكم سنداً إجرائية، فإنه يخضع لتلك القاعدة العامة، وبالتالي فإنه:

  • هذا الحكم التحكيمي يعتبر كأن لم يكن، سواء قضى ببطلانه أو قضى بتزويره. ويكفي لترتيب هذا الأثر أن يكون الحكم القضائي بالبطلان أو بالتزوير، حكماً انتهائياً، أي حائزاً لقوة الأمر المفضي، خاصة أن هذا الحكم القضائي يكون سنداً تنفيذياً لإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ دون حاجة لدعوى جديدة بذلك.

وهي تعتبر كأن لم تكن، حتى لو صدر الحكم القضائي بعد استصدار أمر بتنفيذ حكم التحكيم، أو بعد استخراج صورة تنفيذية من حكم التحكيم ومن الأمر بتنفيذه، أو بعد تمام التنفيذ الجبري لحكم التحكيم.

اعتبار القوة التنفيذية لحكم التحكيم كأن لم تكن

- تنوع الأثر

اعتبار القوة التنفيذية لحكم التحكيم كأن لم تكن، هو أثر تنفيذي، وبالتالي فهو حكر على أحكام التحكيم القابلة للتنفيذ الجبري، إذا اعتبرت كأن لم تكن وهذا الأثر التنفيذي، كما له سببه، له أثره الذي يختلف تبعاً لاختلاف وقت تحقق السبب، وذلك على النحو التالي:

1- عدم جواز الأمر بالتنفيذ:

فالحكم القضائي برد المحكم أو ببطلانه أو بتزوير حكم التحكيم، أو يترتب عليه اعتبار قوته التنفيذية كأن لم تكن، فإنه يعد - بالتالي - مانعاً من موانع الأمر بتنفيذ هذا الحكم التحكيمي، إذا كان الحكم القضائي قد صدر قبل صدور الأمر بالتنفيذ. ومن ثم فلا يجوز طلب الأمر بالتنفيذ، وإذا طلب امتنع القاضي - من تلقاء نفسه - عن الأمر بالتنفيذ.

وصحيح أن المشرع لم يورد هذا المانع ضمن موانع الأمر بالتنفيذ المنصوص عليها في المادة

۲/58 تحكيم، لكن المشرع لم يورد موانع الأمر بالتنفيذ حصراً في هذه المادة.

بل إن هذا الحكم القضائي يعد مانع من موانع الأمر بتنفيذ حكم التحكيم المصري، حتى في خارج مصر، وذلك عملاً بالمادة ۱/5/ه من اتفاقية نيويورك ۱۹۰۸. وهي تنص على أنه «لا يجوز رفض الاعتراف بتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على: ....

۲- اعتبار الصورة التنفيذية كأن لم تكن :

الحكم القضائي برد المحكم أو ببطلان أو بتزوير حكم التحكيم القابل تنفيذ الجبري، إذ يترتب عليه اعتبار قوته التنفيذية كأن لم تكن، فإنه يعد بالتالي ماتعا من موانع التنفيذ الجبري لهذا الحكم التحكيمي، حتى لو كان هذا الحكم القضائي قد صدر بعد استخراج صورة تنفيذية من حكم التحكيم ومن الأمر بتنفيذه إذ يترتب على هذا الحكم القضائي اعتبار الصورة التنفيذية كأن لم تكن بقوة القانون.

ومن ثم لا يجوز التنفيذ الجبري بموجب هذه الصورة التنفيذية؛ لأنه كان لا يجوز التنفيذ الجبري بلا سند له قوة تنفيذية (م۱/۲۸0 مرافعات)، فإن من باب أولى لا يجوز التنفيذ الجبري بلا سند، وبلا قوة تنفيذية.

لذا إذا كان التنفيذ الجبري بموجب هذه الصورة التنفيذية قد بدأ ولم يتم أو حتى تم، اعتبرت جميع الأعمال التنفيذية التي تمت بموجب هذه الصورة التنفيذية كأن لم تكن بقوة القانون. مما يقتضي إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ الجبري الذي بدأ ولم يتم، أو الذي تم، بحسب الأحوال.

بل كذلك لا يجوز اتخاذ الإجراءات التحفظية بموجب الصورة التنفيذية التي اعتبرت كأن لم تكن. وهذا مظهر من مظاهر الاختلاف بين اعتبار القوة التنفيذية لحكم التحكيم كأن لم تكن، وبين مجرد وقفها.

بيد أن اعتبار القوة التنفيذية لحكم التحكيم كأن لم تكن، سواء اعتبرت كذلك قبل أو بعد انقضاءها، إنما يختلف عن انقضاء هذه القوة، وبالأخص من حيث السبب. فاعتبارها كأن لم تكن إنما يرجع سببه إلى السند الإجرائي، لا | إلى القوة التنفيذية، بينما سبب انقضائها يرجع إليها في ذاتها، لا إلى السند الإجرائي.

فالقوة التنفيذية للسند الإجرائي لا تنقضي بسبب ضياع الصورة التنفيذية، ولا بأسباب انقضاء الحق الموضوعي، ولا حتى بالتنفيذ الجبري الجزئي، إنما تنقضي باستنفادها، أي بالعمل التنفيذي الجبري المنهي لها.

القوة التنفيذية لا تقضي بضياع الصورة التنفيذية:

لأن القوة التنفيذية للسند الإجرائي لا تنقضي بسبب ضياع صورته التنفيذية، فالقاعدة أنه يجوز استخراج صورة تنفيذية ثانية في حالة ضياع الصورة التنفيذية، ولو أنه لا يجوز ذلك إلا إذا حكمت المحكمة المختصة بتسليم صورة تنفيذية ثانية.

والصورة التنفيذية لحكم التحكيم تخضع لهذه القواعد العامة، وبالتالي إن ضاعت هذه الصورة فإنه يجوز استخراج صورة تنفيذية ثانية، ولو أنه لا يجوز ذلك إلا إذا حكمت المحكمة المختصة بتسليم صورة تنفيذية ثانية.

ونعتقد أن المحكمة المختصة بهذا هي المحكمة المشار إليها في المادة 4 تحكيم، ولو أنه لا يوجد نص صريح بذلك في قانون التحكيم. إنما هذا الحكم يمكن الاستدلال عليه من كون هذا القانون اسند الاختصاص بمسائل التحكيم إلى هذه المحكمة أو رئيسها أو من يندبه من قضاتها لإصدار أمر التنفيذ، إلا دعوى بطلان حكم التحكيم، مما يعني أن المحكمة المشار إليها في المادة 4 تحكيم هي المحكمة العامة المسائل التحكيم.

كما نعتقد أن هذه المحكمة تحكم في المنازعات المتعلقة بتسليم الصورة التنفيذية الثانية عند ضياع الأولى، بناء على طلب يرفع بالإجراءات المعتادة للدعوى، لا بناء على صحيفة تعلن من أحد الخصوم إلى خصمه الأخر، وذلك خلافاً للمنصوص عليه في المادة ۱۸۳ مرافعات. ليس فقط لأن هذا النص الأخير حكر على الصورة التنفيذية الثانية للحكم القضائي، إنما أيضاً لأن رفع الدعوى بالطريقة المنصوص عليها في المادة ۱۸۳ مرافعات هو استثناء في ظل قانون المرافعات الحالي ومن ثم فلا يقاس عليه.

وموضوع هذه الدعوى هو تسليم صورة تنفيذية ثانية بسبب ضياع الصورة التنفيذية. ولأن القوة التنفيذية للسند الإجرائي لا تنقضي بسبب من أسباب انقضاء الحق الموضوعي، كالتقادم أو الوفاء أو الإبراء، فإن تمسك المدعى عليه في الدعوى بأي سبب من هذه الأسباب، لا يمنع من الحكم بتسليم الصورة التنفيذية الثانية.

فكلما هم صاحب السند بتنفيذ السند جبرا، كلما سارع الملتزم في هذا السند إلى والتنفيذ طالباً وقف إجراءات التنفيذ مؤقتاً ريثما يقضي في طلبه الحكم وإلغاء إجراءات التنفيذ .... وهكذا.

وجواز التنفيذ الجبري للسند رغم انقضاء الحق بالتقادم، لیس یعني جواز التنفيذ الجبري للالتزام الطبيعي؛ لأن موضوع السند التنفيذي ليس التزاماً طبيعية، سواء قبل أو بعد استصدار حكم بانقضاء الحق بالتقادم. لذا فإن أثر الحكم بانقضاء الحق بالتقادم، لا يتعدى وقف وبطلان إجراءات التنفيذ إذا طلب ذلك من قاضي التنفيذ، وذلك عملا بقاعدة: إذا كان الالتزام طبيعياً فلا جبر في تنفيذه (م ۱/۱۹۹ مدني). لكن إجراءات التنفيذ شيء، والقوة التنفيذية شيء آخر.

كما أن جواز التنفيذ الجبري للسند رغم انقضاء الحق بالوفاء، ليس یعنی عدم جواز التنفيذ الاختياري للسند، بل كذلك لا يعني جواز تنفيذ السند مرتين. فالقوة التنفيذية لا تضمن للسند إلا التنفيذ الجبري مرة واحدة، لكنها تضمن للسند ذلك، سواء قبل أو بعد استصدار حكم بانقضاء الحق بالوفاء، لذا فإن أثر الحكم بانقضاء الحق بالوفاء لا يتعدى وقف وبطلان إجراءات التنفيذ إذا طلبا من قاضي التنفيذ، وذلك عملاً بقاعدة جواز التنفيذ الاختياري للسند.

كما أن جواز التنفيذ الجبري للسند رغم انقضاء الحق بالإبراء، ليس يعني أن الإبراء لا يقوم مقام الوفاء. إنما يعني أن الإبراء يقوم مقام الوفاء في عالم الحق الموضوعي، لا في عالم القوة التنفيذية الجبرية حيث لا يقوم الوفاء أو الإبراء مقام التنفيذ الجبري للسند. فالقوة التنفيذية لا تضمن للسند إلا التنفيذ الجبري.

ومبنى ذلك أن القوة التنفيذية تضمن للسند التنفيذي التنفيذ الجبري الكامل لا الجزئي. وهي من ثم لا تنقضي لمجرد التنفيذ الجبري الجزئي لهذا السند، إنما تقضي بالتنفيذ الجبري الكامل له، سواء كان هذا التنفيذ على مرة واحدة، أو على أكثر من مرة واحدة.

- القوة التنفيذية تنقضي بالتنفيذ الجبري الكامل:

القاعدة أن القوة التنفيذية لا تنقضي إلا باستنفادها. وهي لا تستنفد إلا بالعمل التنفيذي الجبري المنهي لها، أي بالتنفيذ الجبري الكامل للسند التنفيذي الذي تعتبر هذه القوة عنصرا فيه، بصرف النظر عما إذا كان هذا التنفيذ قد تم على مرة واحدة أو على أكثر من مرة، وعما إذا كان تنفيذاً جبريًا مباشرة أو تنفيذاً جبرياً غير مباشر، وعما إذا كان تنفيذا جبرياً على عقار أو على منقول.

وهذا كما يعني أن القوة التنفيذية لا تنقضي بالتنفيذ الجزئي للسند، حتى لو كان تنفيذاً جبريًا بواسطة المحضر ما لم ينص القانون على خلافه (مع مرافعات)، فإنه يعني أن القوة التنفيذية لا تنقضي بمجرد الإجراءات التحفظية، حتى لو كانت كاملة، بل كذلك يعني أن الأثر القانوني المترتب على التنفيذ الجبري الكامل للسند التنفيذي هو انقضاء قوته التنفيذية، وبالتالي فإن:

٢- هذا التنفيذ الجبري الكامل للسند التنفيذي هو سبب انقضاء قوته التنفيذية، سواء كان هذا السند قضائياً أو تحكيمياً أو توثيقياً. ولأنه لا يوجد سبب خاص لانقضاء القوة التنفيذية لحكم التحكيم، فإن هذا السبب يخضع للقواعد العامة في نظام القوة التنفيذية للسند الإجرائي، وبالتالي فإن القوة التنفيذية لحكم التحكيم لا تقضى إلا بالتنفيذ الجبري الكامل لهذا الحكم.

انقضاء القوة التنفيذية لحكم التحكيم.

- خصائص هذا الأثر:

لا يوجد أثر خاص لانقضاء القوة التنفيذية لحكم التحكيم. لكن لا يعني ذلك أن انقضاء هذه القوة ليس له أي أثر قانوني، إنما فقط يعني أن هذا الأثر يخضع للقواعد العامة في نظام القوة التنفيذية للسند الإجرائي، وبالأخص نظام أثر انقضاء هذه القوة، حيث هذا الأثر هو أثر ذاتي، وإجرائي، وتنفيذي.

- أثر ذاتي:

القاعدة أن أثر انقضاء القوة التنفيذية هو أثر ذاتي، ومن ثم فهو يقتصر على هذه القوة ذاتها، ويقصر عن غيرها من قوى السند، سواء قوته الملزمة بمعناها الإجرائي أي حجيته، أو قوته الرسمية في الإثبات.

وأثر الانقضاء على القوة التنفيذية ذاتها، ليس فقط انقضاء حق التنفيذ الجبري أو الحق في التنفيذ، إنما أيضاً انقضاء حق إلا فيما سبق أن مضمون هذه القوة مركب من الحقين معاً، وليس مضموناً ندا. بل لعل هذا الازدواج في مضمون القوة التنفيذية، هو علة عدم قابلية هذه القوة للانقضاء بالتقادم حتى التقادم الطويل الذي يقضي به السند. لذا رأينا فيما سبق أنه يجوز التنفيذ الجبري رغم القضاء الحق الموضوعي بالتقادم. فحق الإجبار في التنفيذ باعتبار هذا الحق حقاً عاماً، فهو لا يخضع لنظام التقادم.

لكن لا أثر لانقضاء القوة التنفيذية على القوة الملزمة أي الحجية، ولا على قوة الرسمية في الإثبات، وبالتالي تظل للسند الإجرائي حجيته وقوته الرسمية في الإثبات رغم انقضاء قوته التنفيذية، سواء كان هذا السند قضائياً أو تحكيمياً.

ومبنى ذلك أن للحكم القضائي أو التحكيمي قوته الملزمة بمعنى الحجية كما أن له قوة الرسمية في الإثبات، بصرف النظر عما إذا كانت أو لم تكن له قرة تنفيذية، وبالتالي بصرف النظر عما إذا كانت أو لم تكن قوته التنفيذية قد انقضت.

لذا قضى بأنه «... لا تجوز المجادلة في حجية حكم المحكمين وحتى بفرض أنه لم يتم تنفيذه. طالما الحجية قائمة لم تقض بأي سبب من الأسباب التي تقضي بها قانوناً. وإن التزم المحكم المطعون فيه هذا النظر واستند في الحضانة إلى أن المطعون عليه أصبح مالكاً بكامل العقار الذي تقع به شقة النزاع طبقا لما انتهى إليه حكم التحكيم في المنازعات التي كانت قائمة بينه وبين الطاعن، وخلص إلى عدم جواز المطالبة بأجرة شقة أصبح هو مالكها فإنه لا يكون قد خالف القانون ....».

كما قضى بأن «.... أحقية المحكوم له للزراعة المذكورة تكون أمراً مقضية بموجب حكم المحكمين ضد الخصم الأخر. وتكون دعوى هذا الأخير بطلب أحقيته لهذه الزراعة مردودة بما لهذا الحكم ... من حجية قبله. ولا يقدح في ذلك أن يكون هو الزارع لتلك الزراعة، ولا يغير من ذلك أيضاً ألا يكون الحكم قد تنفذ بالاستلام. فإن عدم تنفيذ الأحكام لا يخل بما لها من حجية لم تقض بأي سبب من الأسباب التي تقضي بها قانوناً».

- أثر إجرائي:

أي سنداً مستوفياً تنفيذه الجبري، وبالتالي فلا هو مجرد سند غير واجب قابل للتنفيذ الجبري، إنما هو سند محظور تنفيذه جبراً مرة ثانية، حتى إذ يعد سنداً بالمعنى المفهوم للسند في عالم التنفيذ الجبري.