القوة التنفيذية للسند الإجرائي، سواء كان سندا قضائيا أو تحكيمية أو توثيقيا، تخضع لنظام الوقف.
وهذا الوقف على نوعين هما: الوقت القانوني والوقف القضائي. والوقف القانوني إذ مصدره القانون مباشرة، فإنه يقع بقوة القانون، ومن ثم فإن وقوعه لا يتطلب تقديم طلب قضائي لاستصدار حكم به، كما لا يتطلب صدور حكم قضائي به، وذلك خلافا للوقف القضائي.
بيد أن وقف القوة التنفيذية يختلف تماما عن مجرد وقف إجراءات التنفيذ، ولو أن كلاهما وقف وقتي، سواء كان وقفة قانونية أو قضائية، فهيا يختلفان عن بعضهما، ليس فقط من حيث جواز الخضوع لنظام الوقف الاتفاقي، إنما أيضا من حيث نظام طلب الوقف القضائي (سواء من حيث الاختصاص به، أو أسبابه، أو مدى جواز تقديمه على استقلال، أو مدى تقييده بميعاد لقبوله، أو من حيث جواز الطعن في الحكم الصادر فيه على استقلال)، بل كذلك من حيث الأثر المترتب على كل وقف منهما.
الوقف القانوني للقوة التنفيذية لحكم التحكيم:
- حالة وحيدة للوقف القانوني:
القوة التنفيذية لحكم التحكيم تقف بقوة القانون عملا بالقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 55 من قانون الإثبات رقم ۲۰ لسنة 1968، أي بسبب الطعن بالتزوير في هذا المحرر.
لكن بصدور قانون التحكيم الجديد لم يعد يترتب على رفع دعوى بطلان حكم التحكيم أي وقف قانوني لقوته.. كما أن هذا القانون لا يرتب على مجرد سريان ميعاد طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، أي وقف قانوني لقوته.
لذا تتوزع الدراسة في هذا المطلب على فرعين كالتالي:
الفرع الأول: الوقف القانوني بسبب الطعن بالتزوير.
الفرع الثاني: مدى وجود حالات وقف قانوني أخرى.
الفرع الأول الوقف القانوني بسبب الطعن بالتزوير
- نص القانون:
القانون: نصت المادة 5۲ من قانون الإثبات على أنه «إذا كان الادعاء بالتزوير منتجا في النزاع، ولم تكن وقائع الدعوى ومستنداتها لاقتناع المحكمة بصحة المحرر أو بتزويره ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه الطاعن في مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق»..
ثم نصت المادة 55 إثبات على أن «الحكم بالتحقيق عملا بالمادة 52 إثبات يقف صلاحية المحرر للتنفيذ، دون إخلال بالإجراءات التحفظية.
ليس يمتد حكم المادة 55 إثبات إلى كل محرر يخضع لنظام الادعاء بالتزوير، حتى لو لم تكن لهذا المحرر «صلاحية المحرر للتنفيذ». فمسلم أن نظام الادعاء بالتزوير، كما ليس حكرا على المحررات ذات الصلاحية للتنفيذ دون غيرها من الأوراق الرسمية، ليس حكرا على المحررات الرسمية دون الأوراق العرفية.
والواقع أن لفظ «المحرر»، إذ هو مخصص في المادة 25 بعبارة «الصلاحية للتنفيذ»، فهو يشمل المحرر التنفيذي أيا كان، حت يكن محررة موثقة، أي يشمل السند التنفيذي، سواء كان هذا السند قضات تحكيميا أو توثيقية. بهذا فالمقصود بالمحرر في المادة 55 إثبات، هو عموم السند التنفيذي باعتباره محررة ذا قوة تنفيذية.
- الحكم التحكيمي محرر له قوة تنفيذية:
ومؤدي ما سبق، أن حكم المادة 55 إثبات يسري على الحكم التحكيمي باعتباره محررة ذا قوة تنفيذية.
ومن ثم فإذا ادعى قضاء بتزوير هذا المحرر، وأمرت المحكمة بالتحقيق في هذا الادعاء بالتزوير، فإن القانون يرتب على هذا الحكم بالتحقيق وقتا قانونية للقوة التنفيذية لحكم التحكيم، سواء كان حكم تحكيم اختياري أو حكم تحكيم إجباري.
ويكفي ويلزم لهذا الوقف القانوني للقوة التنفيذية لحكم التحكيم، مجرد صدور الحكم بالتحقيق في الادعاء بالتزوير، وبالتالي فإنه لا يكفي مجرد الادعاء القضائي بالتزوير، كما لا يلزم صدور حكم بالتزوير بل كذلك لا يلزم صدور حكم قضائي بوقف القوة التنفيذية. ومن ثم لا يلزم طلب قضائي الاستصدار حكم بهذا الوقف.
وقد واكب صدور قانون التحكيم (۱۹۹۶) تطور ملحوظ في شأن هذه الفكرة، ليس فقط لأن هذا القانون قد الغي المادة ۵۱۳ مرافعات بما كانت ترتبه من أثر واقف للقوة التنفيذية لحكم التحكيم، إنما أيضا لأن هذا القانون قد نفي وجود فكرة الأثر الواقف هذه، وذلك لقوله في المادة 57 تحكيم «لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ....».
مما يعني أن فكرة الأثر الواقف لطلب بطلان حكم التحكيم، ليست فقط تخالف أكثر من قاعدة عامة، إنما أيضا هي استثناء على كل هذه القواعد، بل كذلك هي استثناء ليس له أي مبرر حقيقي.
لكن يجاب على ذلك بانه، إذا كانت القوة التنفيذية لم توجد بعد في وقائع، فلا بأس من نفي إمكانية وقتها قانوناً. (69- ثانية - لا وقف قانوني في المادة ۱/58 تحكيم: إذ نصت المادة ۱/58 تحكيم على أنه «لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى»، فقد اعتبر البعض أن هذا النص ينظم وقفة قانونية للقوة التنفيذية لحكم التحكيم.
بيد أن هذا الرأي ليس فقط قد حمل النص أكثر مما يحتمل، إنما أيضا أدخل في النص ما ليس فيه أصلا. لأن نص المادة
۱/58 تحكيم لا ينظم سوی ميعاد كامل لقبول طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، ولا شأن له على الإطلاق بالقوة التنفيذية لحكم التحكيم، خاصة وقف هذه القوة، وبالأخص وقفها القانوني.
صحيح أنه يترتب على د دعوى البطلان، عدم إمكانية ا لو إصدار أمر بالتنفيذ ومن ثم عدم إمكانية التنفيذ الجس
وأنه يترتب على حظر قبول طلب الأمر بالتنفيذ خلال ميعاد الآن عدم إمكانية تقديم هذا الطلب وبالتالي عدم إمكانية استصدار در أمر بالتنفيذ ومن ثم عدم إمكانية إصدار السند التحكيمي التنفيذي ومن ثم عدم إمكانية التنفيذ الجبري، إنما وقف القوة التنفيذية شيء آخر مختلف تماما عن هذه الأثار.
فوقف القوة التنفيذية، لا هو عدم إمكانية تقديم طلب الأمر بالتنفيذ إلا خلال ميعاده، ولا هو عدم إمكانية استصدار أو إصدار أمر بالتنفيذ، ولا هو إمكانية إصدار السند التحكيمي التنفيذي بوضع الصيغة التنفيذية على الصورة وتوقيعها وختمها، ولا هو عدم إمكانية التنفيذ الجبري، بدليل أن هذه الآثار كلها تترتب، حتى لو كان الحكم من الأحكام التحكيمية غير القابلة للتنفيذ الحري أصلا، ومع ذلك لم يقل أحد أن قوة هذا الحكم التنفيذية موقوفة بقوة القانون. مما يعني أن هذه الآثار كلها لا علاقة لها بالقوة التنفيذية لحكم التحكيم.
وتخلص من هذا بان الوقف القانوني للقوة التنفيذية لحكم التحكيم، كما لا يترتب على رفع دعوى البطلان خلال ميعادها أو - من باب أولى - بعد ميعادها، فإنه لا يترتب على عدم قبول طلب الأمر بالتنفيذ إذا قدم قبل ميعاده أي أثناء سريان ميعاد دعوى البطلان) أو في ميعاده.
الوقف القضائي القوة التنفيذية لحكم التحكيم
- تقسيم:
التنفيذية، إذ يتطلب صدور حكم قضائي به، فهو الوقف القضائي للقوة التنفيذية، إذ يتطلب صدور حكم قد يتطلب تقديم طلب قضائي لاستصدار هذا الحكم.
والقاعدة أن طلب وقف القوة التنفيذية هو بطبيعته طلب وقتي، كما هو بطبيعته طلب تبعي يتبع دائما طلب موضوعي. لكن طلب وقف القوة التنفيذية الحكم التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام، قد شذ عن هذه القاعدة.
وعلى ذلك تنقسم الدراسة في هذا المطلب على فرعين كالتالي:
القاعدة أنه لا وقف قضائي للقوة التنفيذية لحكم التحكيم الاختياري، إلا بناء على طلب قضاتي يقدم إلى المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان هذا ووفقا للمادة ۲/54 تحكيم. وهي تقضي بان «تختص بدعوى البطلان في مدير التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون. وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع». بهذا تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي محكمة استئناف القاهرة ما لم يكن الطرفان قد اتفقا على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر (م۹ تحكيم)
ويشترط لقبول هذا الطلب القضائي ما يلي:
1- أن يقدم طلب الوقت من المدعي في دعوى البطلان. فمحكمة دعوى البطلان، لا تأمر بوقف القوة التنفيذية من تلقاء نفسها، إنما بناء على طلب صريح متميز يوقف القوة التنفيذية. ويتطلب القانون أن يقدم هذا الطلب من المدعي في دعوى البطلان. إذ نصت المادة ۵۷ تحكيم على أنه.. يجوز المحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك ..... بهذا لا بل الطلب من المحكوم عليه في حكم التحكيم، إذا لم يطلب بطه حتى لو كان مدعيا عليه في دعوى البطلان.
۲- أن يقدم هذا الطلب في نفس صحيفة دعوى البطلان هذا الطلب وفقاً للمادة ۵۷ تحكيم «... إذا طلب الدعوى». ومبنى هذا الشرط، قاعدة أن طلب وقف القوة إلا وقتي دائماً، وطلب تبعي للطلب الموضوعي الأصلي، ولا به في حكم التحكيم، إذا لم يطلب بطلان هذا الحكم، في نفس صحيفة دعوى البطلان. فشرط قبول " تحكيم «... إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى. ومبنى هذا الشرط، قاعدة أن طلب وقف القوة التنفيذية هو طلب موضوعي الأصلي، وبالتالي فلا يجوز تقديمه استقلالا. ومن ثم يجب أن يقدم هذا الطلب ليس فقط خلال ميعاد دعوى البطلان، إنما أيضاً في نفس صحيفة دعوى البطلان. لذا إذا قد استقلالا، قضى بعدم قبوله، حتى لو كان قد قدم خلال ميعاد دعوى البطلان ومن باب أولى إذا قدم بعد انقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان.
ومؤدى هذا الشرط أنه لا يجوز تكرار طلب وقف القوة التنفيذية قضي برفض أو عدم قبول الطلب الأول. لأنه يجب تقديم هذا الطلب في صحيفة البطلان.
٣- لكن لا يشترط لقبول طلب وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، ل تكون هذه القوة، لم تتقض بعد، أي أن يكون التنفيذ الجبري لم يتم.
وليس مبنى ذلك جواز قبول هذا الطلب حتى لو كانت القوة التنفيذية الحكم التحكيم قد انقضت، لأن القاعدة العامة أنه لا يجوز قبول طلب وقف القوة التنفيذية إذا كانت هذه القوة قد انقضت، وذلك لانتفاء المصلحة في هذا الطلب، فضلا عن عدم معقولية طلب وقف ما انقضى أصلا.
إنما مبني ذلك أنه ليس من المتصور أن تكون القوة التنفيذية لحكم التحكيم قد انقضت، ولا حتى من المتصور أن يكون إعمالها قد بداء عنه تقديم طلب الوقف. لأن القانون قد أوجب تقديم هذا الطلب خلال ميعاد دعوى البطلان، بينما أوجب عدم قبول طلب الأمر بالتنفيذ خلال نفس الميعاد. ومن ثم فالمتصور ليس فقط أن التنفيذ لم يتم، أي أن القوة التنفيذية لم تتقضي بعد إنما أيضا أن التنفيذ لم يبدأ، أي أن القوة التنفيذية لم يبدا إعمالها بعد.
- شروط الحكم بوقف القوة التنفيذية: المادة 57 تحكيم، إذ تطلبت للحكم بوقف القوة التنفيذية فإنما تثير التساؤل عما إذا كان يكفي مجرد جدية الأسباب فإنما تثير التساؤل عما إذا كان يكفي مجرد جدية سبب الوقف، أم يلزم جدية سبب الوقف وسبب البطلان، خاصة أن هذه المادة تتكلم عن جدية الأسباب لا مجرد جدية السبب، كما أنها قد خولت المحكمة سلطة تقديرية في المحكم بالوقف أو بعدم الوقف رغم توافر جدية سبب الوقف؟. وفي اعتقادنا أنه يشترط للحكم بوقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، ما يأتي:
1- أن يوجد سبب جدى لوقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم. وفكرة السبب الجدي لوقف هذه القوة التنفيذية، ليست فقط فكرة مرنة، إنما أيضا هي فكرة أوسع نطاقا من فكرة الضرر الجسيم الذي من شان التنفيذ أن يلحقه بمصلحة طالب الوقف، مما يعني، ليس فقط أن هذا الضرر الجسيم سواء كان أو لم يكن متعذرا تداركه يصلح أن يكون سببا جديا لوقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، إنما أيضا أن فكرة هذا الضرر الجسيم لا تستغرق فكرة السبب الجدي الوقف هذه القوة التنفيذية، ولو أنه يستغرق فكرة سبب وقف القوة التنفيذية للحكم القضائي.
وبداهة ليس المقصود بالأسباب الجدية لطلب وقف القوة التنفيذية أسباب بطلان حكم التحكيم، وإلا كان طلب وقف هذه القوة بمثابة تكرار عقد الطلب البطلان، بينما المسلم أن طلب الوقف شيء وطلب البطلان شيء آخر.
لذا إن كان على رأس الأسباب الجدية لوقف القوة التنفيذية التحكيم، كون هذا الحكم قد تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية، فليس ذلك على اعتبار أن هذا السبب من أسباب البطلان، إنما اعتبار أن هذا السبب من أسباب عدم جواز الأمر بالتنفيذ وفقا للمادة ۸ للتحكيم. لذا يعد أيضا من الأسباب الجدية لوقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، لا يكون هذا الحكم متعارضا مع حكم قضائي سبق صدوره من المحاذير المصرية، حتى لو كان هذا الحكم القضائي ابتدائية.
۲- أن تكون أسباب البطلان جدية : ويقصد بهذا الشرط أن تكون أسباب البطلان جدية بحيث تستشف منها المحكمة احتمال إبطال حكم التحكيم عند الفصل في طلب البطلان. ورغم أن المشرع لم ينص على هذا الشرط فإننا نعتقد بضرورته، لأن القواعد العامة تمليه، كما يمكن الاستدلال عليه من نص المادة 57 تحكيم:
أ- فالقاعدة أن طلب وقف القوة التنفيذية هو بطبيعته طلب وقتي، كما هو بطبيعته طلب تبعي بطلب موضوعي. ومن ثم فطلب وقف القوة التنفيذية الحكم التحكيم هو بطبيعته تابع لطلب بطلان هذا الحكم. لذا إذا لم تكن أسباب طلب البطلان جدية، فلا لزوم لوقف القوة التنفيذية، حتى لو كان سبب الوقف سبية جدية. والمشرع ذاته قد نص على أنه «... للمحكمة أن تامر بوقف التنفيذ إذا طلب ... وكان الطلب مبنيا على أسباب جدية ...» ما يعني أن مجرد جدية سبب الوقف، لا تكفي للحكم بوقف القوة التنفيذية، إنما تلزم جدية سبب الوقف وجدية سبب البطلان، أي تلزم جدية الأسباب، أو تلزم جدية أكثر من جدية سبب الوقف..
ب - وقد أوجبت المادة 57 تحكيم أن يكون طلب وقف القوة التنفيذية في نفس صحيفة دعوى البطلان، وذلك كي يكون تحت نظر المحكمة عند الحكم في طلب وقف التنفيذ، ليس فقط أسباب الوقف، إنما أيضا أسباب طلب البطلان، حتى يتسنى للمحكمة التحقق من ترجيح إبطال حكم التحكيم. ولولا ذلك، ما كانت هناك حاجة لأن يتطلب القانون أن يقدم طلب الوقف في نفس صحيفة دعوى البطلان.
ج - كما أن نص المادة 57 تحكيم يمنح المحكمة المختصة سلطة تقديرية في وقف أو عدم وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، حتى لو توافر السبب الجدي للوقف. فنصت على أنه «ومع ذلك يجوز للمحكمة ....». ما إن سلطتها جوازيه في الحكم بالوقف حتى لو توافر السبب الجدي الوقف، كما يعني أن الحكم في طلب الوقف يتوقف ليس فقط على مجرد توافر باب الجدي للوقف، إنما أيضا على عنصر آخر يخضع بدوره للسلطة به للمحكمة. وهذا العنصر الأخر هو جدية أسباب طلب بطلان حكم التحكيم. فلا شك أن هذه الجدية تدخل ضمن عناصر التقدير.
د- بل أن المادة 57 تحكيم قد القت على المحكمة واجبة، وذلك بقولها: وعليها (أي على المحكمة إذا أمرت بوقف التنفيذ، الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر». ومبنى ذلك أنه إذا رجح لدى المحكمة بطلان حكم التحكيم، فلا يجب أن يتأخر الفصل في دعوى البطلان أكثر من ستة أشهر من تاريخ هذا الرجحان لدى المحكمة. أما إذا لم يرجح لدى المحكمة بطلان حكم التحكيم، وبالتالي فلم تأمر بوقف القوة التنفيذية، فليس هناك ثمة داع لتمييز هذه الدعوى عن غيرها من دعاوى بطلان حكم التحكيم، من حيث وقت الفصل فيها. وهكذا لولا رجحان البطلان الذي تحققت من المحكمة عند النظر في طلب وقف التنفيذ، ما كانت هناك حاجة لأن ينظم المشرع ميعادا للفصل في دعوى البطلان ولو أنه مجرد ميعاد إرشادي قصد به الحث على سرعة الفصل في دعوى البطلان.
ه - بل كذلك تضيق كثيرة جدا المساقة بين جدية سبب البطلان، وجدية سبب البطلان حتى لكأنهما شيئا واحدا، فيما لو كان هذا السبب وذاك هو أن ويتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية وذلك ما بين ۲/۰۸ و۲/۵۳ تحكيم على التوالي. وفي هذا الفرض، وان بين الفصل بين جدية سلب الوقف وجدية سبب البطلان، لكن ذلك لا. أن أحداهما تغني عن الأخرى، إنما يعني أن كلتاهما جدية لازمة للحكم بوقف القوة التنفيذية.
- ضمانة وقف القوة التنفيذية: خول قانون التحكيم محكمة دعوى البطلان عندما تأمر بوقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم، ما خوله قانون المرافعات لمحكمة الطعن عندما تامر بوقف القوة التنفيذية للحكم القضائي، من سلطة تقديرية في الأمر بضمانة لهذا الوقف، يلتزم بها طالب الوقف. فنصت المادة 57 تحكيم على أنه «إذا أمرت المحكمة بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كقالة أو ضمان مالي».
- الحكم في طلب الوقف:
أوجبت المادة ۵۷ تحكيم على المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ستين يوما من تاريخ أول جلسة محددة فنظره ...»، لكن هذا الميعاد إرشادي قصد به حث المحكمة على الفصل في طلب وقف التنفيذ.
والحكم في طلب الوقف باعتبار هذا الطلب طلبة وقتية، هو حكم وقتي ومن ثم فهو لا يقيد المحكمة عند الفصل في دعوى البطلان. بل وليس ثمة ما يمنع المحكمة من أن تحكم بوقف تنفيذ حكم التحكيم جزئياً بالنسبة لشق منه أو بالنسبة لبعض الخصوم دون البعض الآخر.