ويلاحظ ايضا ان بعض التشريعات بينت الشروط الواجب توافرها لكي يصار الى تنفيذ القرار مثال ذلك: القانون الايطالي الجديد (المادة (٨٢٥) ولم تبين هذه التشريعات الاسباب التي تؤدي الى رفض تنفيذ القرار التحكيمي، لان ذلك يفهم من مفهوم المخالفة لشروط التنفيذ .
وهناك تشريعات اوردت الاسباب التي تؤدي إلى رفض تنفيذ القرار، فمثلا في القانون البلجيكي يجوز لرئيس المحكمة الابتدائية ان يرفض طلب تنفيذ القرار التحكيمي اذا كان تنفيذه يتعارض مع قواعد النظام العام او اذا كان موضوع النزاع لا يجوز تسويته بالتحكيم (المادة ۱۷۱۰ الفقرة ٣ من قانون المرافعات الجديد كذلك الحال بالنسبة للقانون الهولندي الصادر في عام ١٩٨٦ الذي بين اسباب رفض التنفيذ في المادة (١٠٦٣) منه والسبب الرئيسي في الرفض مخالفة القرار لقواعد النظام العام او للآداب الحسنة (Contraire'a Lordre public ou aux bonnes moeurs) وقد افرد القانون الهولندي المادة (۱۰۷٦) للاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية في حالة عدم وجود الاتفاقيات التي تعالج ذلك. كما بينت المادة المذكورة الحالات التي ترفض فيها الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي الاجنبي وهي كالآتي:
(أ) بناء على طلب الطرف الذي صدر ضده القرار على ان يثبت احدى الحالات الآتية:
1- عدم وجود اتفاق تحكيم صحيح طبقا للقانون الواجب التطبيق على الاتفاق المذكور.
2- ان تشكيل هيئة التحكيم كان مخالفا للقواعد الواجبة التطبيق.
3- ان هيئة التحكيم لم تقم بمهمتها بشكل صحيح.
4- ان اجراءات استئناف القرار قد اتخدت امام هيئة او امام احدى محاكم البلد الذي صدر فيه القرار التحكيمي.
5- اذا كان القرار قد تم ابطاله من جهة مختصة في البلد الذي صدر فيه.
وقد اضافت المادة المذكورة ان السبب الذي ورد ذكره اعلاه في (أ/١) لا يمكن ان يؤدي إلى رفض الاعتراف والتنفيذ اذا كان الطرف الذي يتمسك به قد حضر في اجراءات التحكيم، واهمل ايراد السبب المذكور كدفع يتعلق بعدم اختصاص هيئة التحكيم بسبب انعدام اتفاق تحكيم صحيح.
اما بالنسبة للسبب المذكور في (۲/۲) فلا يمكن أن يؤدي الى رفض الاعتراف والتنفيذ اذا كان الطرف الذي يتمسك فيه قد شارك في تشكيل هيئة التحكيم، او انه لم يشارك في ذلك، غير أنه حضر اجراءات التحكيم ولكنه اهمل ایراده دفعا بعدم اختصاص هيئة التحكيم بسبب تشكيلها بشكل يخالف القواعد الواجبة التطبيق.
كذلك الحال بالنسبة للسبب الثالث فلا يؤدي الادعاء بهذا السبب الى رفض الاعتراف وتنفيذ القرار اذا كان الطرف الذي تمسك به قد شارك في اجراءات التحكيم دون ان يثير وجود السبب المذكور.
اما الفقرة (ب) من المادة المذكورة فقد اعطت للمحكمة الحق في رفض التنفيذ اذا رأت ان الاعتراف وتنفيذ القرار يتعارض مع قواعد النظام العام. وقد خصص القانون الاسباني الصادر عام ۱۹۸۸ نصوصا واضحة حول كيفية تنفيذ القرار التحكيمي الاجنبي، فقد نصت المادة (٥٦) من القانون المذكور على ما يأتي:
1- يتم تنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية في اسبانيا طبقا للاتفاقيات الدولية التي تعتبر جزءا من النظام القانوني الداخلي وبخلاف ذلك يتم التنفيذ طبقا لنصوص هذا القانون.
2- يقصد بالقرار التحكيمي الاجنبي القرار الذي لم يصدر في اسبانيا».
اما المادة (٥٧) من القانون المذكور فقد بينت ان طلب التنفيذ يقدم من احد الاطراف الى الغرفة المدنية للمحكمة العليا. كما ان المادة (٥٨) اشارت الى ان تنفيذ القرار يجري طبقا لقواعد الاجراءات المدنية التي تخضع لها الاحكام القضائية التي تصدر من المحاكم الاجنبية.
تلك هي بعض الامثلة التي وردت في نصوص القوانين الوطنية حول الاسباب التي يمكن بموجبها رفض تنفيذ القرار التحكيمي الاجنبي.
اما عن نصوص الاتفاقيات الدولية التي عالجت موضوع التحكيم فقد أوردت الاسباب التي بموجبها يجوز للجهة المختصة التي يطلب اليها تنفيذ القرار التحكيمي ان ترفض ذلك اذا ما تحقق احد تلك الاسباب. وفيما يلي نراجع النصوص التي وردت بشأن ذلك في بعض الاتفاقيات الدولية، كاتفاقية جنيف واتفاقية نيويورك.
1- اتفاقية جنيف لعام ١٩٢٧
اوردت هذه الاتفاقية في المادة الثانية منها الحالات التي يصار فيها الى رفض الاعتراف والتنفيذ اذا تحقق القاضي من ذلك وهذه الحالات هي:
أ- أن القرار كان قد ابطل في البلد الذي صدر فيه.
ب- ان الطرف المراد تنفيذ القرار ضده لم يعلم في الوقت المناسب باجراءات التحكيم لكي يتمكن من ابداء دفاعه او انه لم يكن قادرا على ذلك ولم يجر تنفيذه بشكل صحيح.
جـ- ان القرار لا يتعلق بالنزاع المذكور بالمشارطة او لا يدخل ضمن شروط التحكيم او ان القرار يتضمن امورا تتجاوز ما نصت عليه المشارطة او الشرط الخاص بالتحكيم.
2- اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨
عددت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من هذه الاتفاقية الحالات التي تؤدي الى رفض تنفيذ القرار التحكيمي وعلى من يطلب مثل هذا الرفض ان يثبت تحقق احدى الحالات التي نصت عليها المادة المذكورة والتي سبق ان تطرقنا اليها في بداية مؤلفنا هذا ولكننا نوردها في هذا المجال لانها تخص موضوع بحثنا الحالي وحالات رفض الاعتراف والتنفيذ طبقا لاتفاقية نيويورك كما وردت في النص هي:
1- عدم اهلية اطراف اتفاق التحكيم طبقا للقانون الواجب للتطبيق أو عدم صحة اتفاق التحكيم طبقا للقانون الذي اختارته اطراف النزاع. وفي حالة عدم الاتفاق على ذلك طبقا لقانون مكان صدور القرار التحكيمي .
2- ان الطرف الذي صدر ضده القرار لم يعلن بشكل صحيح بتعيين المحكم او باجراءات التحكيم او كان من المستحيل عليه لسبب آخر ان يقدم دفاعه.
3- ان القرار قد انصب على نزاع لم يرد في مشارطة التحكيم او في شرط التحكيم، او ان القرار يتضمن قرارات تتجاوز ما ورد في مشارطة التحكيم او شرط التحكيم. الا انه اذا كان القرار يتضمن فقرات تتعلق بالمسائل الخاضعة للتحكيم ويمكن فصلها عن المسائل التي لا تخضع للتحكيم عندئذ يمكن الاعتراف وتنفيذ الفقرات الاولى.
4- ان تشكيل هيئة التحكيم او ان اجراءات التحكيم لا تتطابق مع ما اتفقت عليه الاطراف، وفي حالة عدم الاتفاق بين الاطراف على ذلك، مع قانون البلد الذي جرى فيه التحكيم.
5- ان القرار لم يصبح بعد ملزما للاطراف او انه قد ابطل او اوقف العمل به من السلطة المختصة طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه او بموجب القانون الذي صدر القرار بموجبه.
هذه هي الحالات الخمس التي اوردتها اتفاقية نيويورك والتي يمكن فـيـهـا للمحكمة المختصة في البلد المراد تنفيد القرار فيه ان ترفض الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي، ولا يمكن للمحكمة ان تقرر ذلك الا بطلب من احد الاطراف على ان يثبت تحقق احدى الحالات المذكورة.
اما الفقرة الثانية من المادة نفسها من اتفاقية نيويورك فقد أوردت سببين يجوز فيهما للمحكمة المختصة ان ترفض من تلقاء نفسها الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي الاجنبي وهما :
1- ان موضوع النزاع لا يجوز تسويته بالتحكيم طبقا لقانون البلد المراد تنفيذ القرار التحكيم فيه.
2- ان الاعتراف وتنفيذ القرار يتعارض مع قواعد النظام العام في ذلك البلد .
وسوف نحاول ان نشرح باختصار كل واحد من هذه الاسباب التي تؤدي الى رفض تنفيذ القرار التحكيمي وفقا لما جاء في اتفاقية نيويورك وذلك لان هذه الاسباب تشمل جميع الحالات التي قد تؤدي الى الرفض حيث ان الحالات او الاسباب التي جاءت بها الاتفاقيات والقواعد التي تلت اتفاقية نيويورك لا تخرج عن الحالات التي أوردتها الاتفاقية.
أولا: رفض تنفيذ القرار التحكيمي بناء على طلب احد اطراف النزاع
يقع عبء اثبات تحقق احدى الاسباب او الحالات التي نصت عليها اتفاقية نيويورك لرفض تنفيذ القرار على عاتق الطرف الذي يطلب الرفض وهذه الحالات هي:
1- نقص أهلية احد الاطراف او عدم صحة اتفاق التحكيم :
اذا ثبت الخصم ان الطرف الذي صدر القرار التحكيمي لصالحه كان عند انعقاد اتفاق التحكيم لا يتمتع بالاهلية اللازمة للقيام بالتصرف المذكور وفقا للقانون الذي يطبق في تحديد اهلية الطرف المذكور . او ان اتفاق التحكيم كان باطلا طبقا للقانون الذي اراد الطرفان تطبيقه على الاتفاق أو في حالة انعدم ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه قرار التحكيم . ففي هذه الحالة على القاضي الذي طلب منه تنفيذ القرار ان يرفض التنفيذ تطبيقا لما جاء في اتفاقية نيويورك وبالطبع هذا في حالة كون طلب التنفيذ قد قدم في بلد منضم الى الاتفاقية المذكورة.
2- عدم احترام حق الدفاع للخصم وعدم ابلاغه باجراءات التحكيم :
بينت اتفاقية نيويورك سببا ثانيا من أسباب رفض تنفيذ القرار التحكيمي، وهذا الامر ينطوي تحت حالة تجعل الخصم في وضع لا يستطيع فيه ابداء دفاعه وادعاءاته او تجعله في وضع يجهل فيه كيفية سير اجراءات التحكيم.
فقد أفادت الاتفاقية ان رفض التنفيذ يكون في حالة اثبات الخصم اي الطرف الذي صدر ضده القرار التحكيمي انه لم يعلن بشكل صحيح بتعيين المحكم او باجراءات التحكيم، وهذا يعني ان الخصم المذكور لم يبلغ باسم المحكم الذي عينه الطرف الاخر او اسم المحكم الذي عينته سلطة التعيين او المحكمة عند الاقتضاء. او ان الخصم المذكور لم يبلغ بادعاءات الطرف الاخر او انه لم يعلم باوقات المرافعة.
كل هذه الأمور تجعله في وضع يجهل فيه ما يجري بشكل صحيح لحل النزاع بينه وبين الطرف الآخر. الامر الذي يعتبر خرقا لمبدأ المساواة بين اطراف النزاع. وهو مبدأ اساسي في ضمان حقوق المتخاصمين. كما ان اتفاقية نيويورك اشارت الى حالة اخرى وهي عدم اعطاء الفرصة الكافية للخصم لابداء دفاعه، حيث ان هذا الامر يؤدي الى حرق مبدأ اخر من مبادئ معاملة الاطراف على قدم المساواة وضمان حقوقهم في الدفاع. وقد شرحنا ذلك بالتفصيل عند بحثنا في احترام حق الدفاع ومعاملة الاطراف على قدم المساواة كما اشرنا في حينه الى ان هذا المبدأ قد ورد في جميع الاتفاقيات التي تعنى بالتحكيم واجراءاته.
3- تجاوز هيئة التحكيم لاختصاصها في النظر بالنزاع المعروض عليها :
هذه الحالة كما ذكرتها اتفاقية نيويورك تتضمن تجاوز هيئة التحكيم لاختصاصها في نظر النزاع وذلك بأن يتضمن قرار التحكيم الذي اصدرته الحكم في موضوع لم يرد في الاتفاق الذي تم بين الطرفين او ان القرار قد تضمن بعض المسائل التي لم ترد في اتفاق التحكيم ولم يطلب الطرفان حسمها في التحكيم ومثل هذا الامر يعتبر تجاوزا لسلطة المحكمين في نظر النزاع فلا يجوز لهم اصدار قرار في مسألة لم تعرض عليهم وليس عليهم حسمها وذلك بسبب عدم اتفاق الطرفين على ذلك ومثل هذه الحالة تعتبرها بعض القوانين الوطنية سببا لابطال القرار التحكيمي وهذا ما نص عليه ايضا القانون النموذجي للتحكيم في المادة (٣٤) منه .
4- حالة عدم اكتساب القرار صفة الالزام:
هذه هي الحالة الخامسة من حالات رفض تنفيذ القرار التحكيمي بناء على طلب الخصم وهي ان يثبت بأن القرار قد تم ابطاله او اوقف تنفيذه من السلطة المختصة في البلد الذي صدر فيه القرار المذكور، أو طبقا للقانون الذي صدر بموجبه. ويلاحظ ان اتفاقية نيويورك قد استعملت مصطلح الالزام (Obligation) وهذا يختلف عن المصطلح الذي استعملته اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ حيث نصت على ان يكون القرار نهائيا (Definitive اي بعد استنفاذ جميع طرق الطعن في البلد الذي صدر فيه.
ويعني مصطلح كون القرار ملزما Obligation) ان موضوع النزاع لا يمكن ان يبحث من جديد ولا يصدر بشأنه قرار جديد وهذا بموجب قانون المكان الذي صدر فيه او القانون المطبق على القرار التحكيمي.
قد نكون امام حالة ايقاف القرار التحكيمي اي ايقاف العمل به كما ذكرت ذلك اتفاقية نيويورك وهذه الحالة يمكن مواجهتها عندما يطلب ابطال القرار التحكيمي في بلد اصداره وتقوم السلطة المختصة قبل البت بطلب الابطال باصدار قرار مؤقت وهو ايقاف التنفيذ وفي هذه الحالة لا يصار الى رفض تنفيذ القرار في البلد الذي يراد تنفيذه فيه وانما ايقاف التنفيذ لحين البت بطلب الابطال وذلك طبقا لما جاء في المادة السادسة من الاتفاقية.
تلك هي الحالات الخمس التي نصت عليها المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك والتي يمكن في حالة تحقق كل واحدة منها ان تؤدي الي رفض تنفيذ القرار التحكيمي من قبل السلطة المختصة في البلد الذي يطلب تنفيذ القرار فيه.
والحالات المشار اليها يجب ان تثار من قبل الخصم في النزاع وهو الذي صدر قرار التحكيم ضده وعليه يقع كما ذكرنا- عبء الاثبات.
ثانياً: رفض تنفيذ القرار التحكيمي من قبل السلطة المختصة نفسها :
نصت الاتفاقية كما اشرنا على حالتين يجوز فيهما للسلطة المختصة في البلد المراد تنفيذ القرار فيه ان ترفض التنفيذ من تلقاء نفسها اذا رأت تحقق إحدى الحالتين الآتيتين:
1-ان موضوع النزاع لا يجوز تسويته بالتحكيم طبقا لقانون البلد المراد تنفيذ القرار فيه.
وقد بحثنا هذا الأمر عند بحثنا في موضوع التحكيم، حيث أشرنا الى ضرورة أن يكون موضوع النزاع من الامور التي يجوز فيها التحكيم وقلنا ان القوانين الوطنية والاتفاقات الدولية تشترط ان يكون موضوع النزاع من المسائل التي يجوز تسويتها بالتحكيم وقد أوردنا نصوص بعض القوانين في هذا الصدد كالقانون العراقي (المادة ٢٤٥ / مرافعات) والقانون اللبناني (المادة ٧٦٢ مرافعات) والقانون المصري (المادة ٥٠٢ / مرافعات) والقانون الليبي (المادة ٧٤٠ / مرافعات) والقانون السوري (المادة ٥٠٧/ مرافعات) والقانون البحريني (المادة ۲۳۳/ مرافعات).
فإذا كان موضوع النزاع الذي صدر فيه القرار التحكيمي من المواضيع التي لا يجوز حسمها بالتحكيم وفقا لقانون البلد المراد تنفيذ القرار فيه، يجوز عندئذ للسلطة المختصة في ذلك البلد رفض تنفيذ القرار المذكور. وهذا امر متفق عليه وقد ورد في نصوص الاتفاقيات التي عالجت موضوع تنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية فليس من المعقول ان نطلب من بلد تنفيذ قرار تحكيمي يشتمل على امر تمنع تلك الدولة تسويته بالتحكيم.
ويلاحظ ان القرارات القضائية في هذا المجال قد ساهمت في تفسير هذه الفقرة من اتفاقية نيويورك وقد رفض القضاء تنفيذ العديد من القرارات التحكيمية الدولة بسبب كونه قد وقع على موضوع لا يمكن خضوعه للتحكيم طبقا لاحكام قانون بلد القاضي المراد تنفيذ القرار فيه.
أن القرارات القضائية الفرنسية غنية في هذا الاتجاه فهي تفرق بين النظام العام الداخلي والنظام العام الدولي وقد تم تنفيذ كثير من القرارات التحكيمية وان كانت تتضمن مخالفة للنظام العام الفرنسي ذلك لأنها لا تخالف النظام العام الدولي .
نشير الى ما قررته اتفاقية نيويورك. في مادتها السادسة من أن السلطة المختصة التي يطلب اليها اصدار قرار التنفيذ لها ان تؤجل الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي اذا قدمت بشأنه دعوى الغائه او اوقف تنفيذه أمام السلطة المختصة في البلد الذي صدر فيه القرار التحكيمي. وهذا يعني أن السلطة المختصة المراد منها تنفيذ القرار لا تملك رفض التنفيذ عند عدم حسم دعوى البطلان او وقف التنفيذ في بلد اصدار القرار ولكنها اذا رأت مبررا لذلك تملك سلطة تقديرية في تأجيل النظر في طلب التنفيذ لحين البت في دعوى الالغاء او دعوى عدم التنفيذ من قبل السلطة المختصة في البلد الاصلي اي بلد اصدار القرار التحكيمي).
ويمكن تلخيص ما تقدم بالنسبة لرفض تنفيذ القرار التحكيمي بما يأتي:
1- ان القرار الخاص برفض تنفيذ القرار التحكيمي يصدر من السلطة المختصة في البلد المراد تنفيذ القرار فيه وهي في الغالب المحكمة المختصة للنظر في النزاع موضوع التحكيم في ذلك البلد . وقد بينت اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ حول الاعتراف وتنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية الاسباب التي يمكن بموجبها رفض التنفيذ اذا تمكن طالب الرفض من اثبات وجودها.
2- ان رفض تنفيذ القرار التحكيمي في احدى الدول لا يؤدي الى رفضه من الدول الاخرى، ويترك لكل دولة ان تقرر سلطتها المختصة ذلك، فكما لا يؤدي رفض التنفيذ في بلد ما الى الرفض في دولة اخرى . كذلك ان تنفيذ القرار التحكيمي في احدى البلدان لا يعني الزام الدول الاخرى بالتنفيذ في اقليمها .
3- ان ابطال القرار التحكيمي او وقف العمل به تقرره السلطة في البلد الذي صدر القرار التحكيمي فيه، أو في البلد الذي صدر القرار التحكيمي بموجب قانونه، وليس هناك رفض للتنفيذ بل بطلان القرار التحكيمي او الغائه ولا يطلق مصطلح رفض التنفيذ الا على عدم تنفيذ القرار في بلد غير البلد الذي صدر فيه القرار.
4- ان ابطال القرار التحكيمي من قبل السلطة المختصة في البلد الذي صدر فيه القرار او البلد الذي صدر القرار بموجب قانونه يعتبر سببا كافيا لرفض التنفيذ في البلد المراد تنفيذ القرار فيه.
5- إذا رفعت دعوى البطلان او أوقف تنفيذ القرار التحكيمي في بلد اصدر القرار او البلد الذي صدر القرار بموجب قانونه فإن ذلك قد يكون مبررا لتأجيل النظر في طلب تنفيذ ذلك القرار من قبل السلطة المختصة في البلد المراد تنفيذ القرار فيه لحين البت في الدعوى.
6- هناك اسباب تجعل السلطة المختصة في البلد المراد تنفيذ القرار التحكيمي فيه ترفض تنفيذه من تلقاء نفسها كما نصت عليها اتفاقية نيويورك في الفقرة الثانية من المادة الخامسة وتنحصر في ان موضوع النزاع الذي صدر بشأنه القرار التحكيمي لا يمكن تسويته بالتحكيم طبقا لقانون ذلك البلد والسبب الآخر هو ان تنفيذ القرار المذكور يشكل خرقا لقواعد النظام العام في ذلك البلد او قواعد النظام العام الدولي بالنسبة لتشريعات بعض البلدان ) فرنسا، لبنان وجيبوتي).
7- بالنسبة للدول غير المنضمة الى اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ يترك امر رفض تنفيذ القرار التحكيمي الى احكام القوانين الوطنية لتلك الدول، وتجمع جميع التشريعات الوطنية على رفض تنفيذ القرار اذا كان ذلك يتعارض مع قواعد النظام العام في البلد المراد تنفيذ القرار فيه . ومسألة كون القرار يتضمن ما يخالف النظام العام . مسألة تترك لتقدير القاضي الذي يطلب منه اسباغ الصفة التنفيذية على القرار.
8- نضيف الى ما تقدم ان القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته الاونسترال قد اخذ النص الخاص برفض تنفيذ القرار التحكيمي واسباب الرفض التي اوردتها اتفاقية نيويورك وضمنتها في المادة (٣٦) منه.