الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الاتفاقيات الدولية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / اتفاقية نيويورك والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    113

التفاصيل طباعة نسخ

اتفاقية نيويورك والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي:

   حققت التشريعات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي منذ الحرب العالميـة الأولى وبنوع خاص بعد الحرب العالمية الثانية وحتى اليـوم ثورة قانونية لحقت بثورة التجارة الدولية وأدركتها ووضعت نفسها في خدمتها لما فيه خير وازدهار ورخاء الانسانية.

    وأمام ما يشهده العالم من انفتاح اقتصادي وتجاري كان لابد لهذا الانفتاح من دعامة توفر الأمـان فيـه، في ظل تباين أنظمة العالم في معالجتها للنزاعات المستقبلية في التجارة الدولية وليضمن ممارسي التجارة الدولية ميزانا عادلا يراعي أعراف التجارة الدولية وأحكامها.

   لذلك انصرف القانون الدولي في العالم لتنشيط وتحصين التحكيم كوسيلة لحسم خلافات التجارة الدولية عن طريق الاتفاقيات. وسنشير هنا في عرض تاريخي للجهود الدولية التي بذلت في هذا المجال دون الخوض في تفاصيلها كما يلي:

   في مرحلة ما بين الحربين العالميتين، كانت البلدان الصناعية وحدها هي المهتمة بتلك التحديات التي طرحها التحكيم لكسب ثقة التجارة الدولية، الأمر الذي برز في بروتوكول - جنيـف عام ١٩٢٣، ومن ثم في اتفاقية جنيف عام ١٩٢٧.

   وبعد ذلك، وعنـد قـيـام الـدول الاشتراكية بعد الحرب العالمية الثانية، وبروزهـا كقـوة اقتصادية، فان التحدي الذي طرحه التحكيم لكسب ثقة التجارة فيما بين أنظمـة سياسية واقتصادية مختلفة جاءت الاستجابة له في اتفاقية جنيف الأوروبية عام 1961 للتحكيم الدولي والتي انضمت اليها البلدان الأوروبية سواء منها الغربية أو الشرقية.

   ولم يبق عالقا بالتالي الا كسب ثقة التجارة الدولية ببلدان العـالم الثالث في علاقتها خاصة مع البلدان الصناعية. وقد كان ذلك دور اتفاقية عام 1965 لحل نزاعات الاستثمار مـا بيـن الـدول والمواطنين المنتمين الى دول أخرى وهي ما تعرف بـ 'ICSID وهي اتفاقية تمت بجهد وبتنظيم البنك الدولي للانشاء والتعمير.

   وظهرت حاجة ماسة الى قانون للتحكيم الدولي نقد كانت في تشريعات دول العالم قوانين للتحكيم تطبق على التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي الى أن ظهر بوضوح أن التحكيم الداخلي مرتبط بالتجارة الداخلية والتحكيم الدولي مرتبط بالتجارة الدولية وأن طبيعة هذه مختلفة عن تلك، لهذا كان لابد من أحكام قانونية ترعى التحكيم الدولي وتكون مختلفة عن الأحكام التي ترعى التحكيم الداخلي لاختلاف التجارة الداخلية عن التجارة الدولية.

   من هنا جاءت اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨ والتي تتعلق بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية والتي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الخاص للتحكيم التجاري الدولي المنعقد في نيويورك في المدة من ٢٠ مايو – ۱۰ یونیه ١٩٥٨.

   وأصبح التحكيم التجـاري مـن المسائل الهامـة فـي أطـار قـانون التجارة الدولية، وأصبح الطريق المألوف لتسوية المنازعات التجارية. وهذا ما حدا بلجنة قانون التجارة الدولية التابعة لهيئة الأمم المتحدة أن تولى جهودا كثيرة لتوحيد القواعد القانونية التي تنظم التحكيم التجاري الدولي. وقد أدت هذه الجهود في البداية الى وضع اللجنة لقواعد موحدة للتحكيـم غـير المؤسسي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم ۹۸/۳۱ بتاريخ ١٩٧٦/١٢/١٥، ويعرف بقواعد (الأنسترال UNCITRAL).

   وتابعت هذه اللجنة جهودها لوضع قانون نموذجي موحد لهذا الغرض، وابتدأ ذلك سنة ۱۹۸۱ وانتهى سنة ١٩٨٥ باقرار اللجنة لمشروع القانون الذي أصبح يعرف بالقانون النموذجي ",Model Law". وطلبت اللجنة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بـأن توصى الدول الأخذ بعين الاعتبار هذا القانون باتباع نصوصه كما هي – قدر المستطاع – وذلك تحقيقا إلى التوحيد المنشود لقوانين التحكيم الوطنية لمواجهة التحكيم التجاري الدولي.

   جاءت اتفاقية نيويورك وبعدها القانون النموذجي للتحكيم الدولي يضعان أساسين متينيـن لتحكيم دولي يؤمن للتجارة الدولية طريقا سالكا الى التحرك بحرية وبضمان... فالتحكيم أصبح للتجارة ضمانا للحقوق... وبدونه فان التجارة لا تقوم....

   لقد صار هناك ارتباط عضوي بين التجارة الدولية والتحكيم، وصار الهيكل القانوني للتحكيم الدولي الذي فيه كل مراسم التجارة الدولية قائما على اتفاقية نيويورك والقانون النموذجي للوصول الى قواعد عالمية موحدة يخضع لها التحكيم التجاري الدولي.

أولا : إتفاقية نيويورك

   أخذ التحكيم التجاري الدولي يتطور فجاءت اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨، ثورة في تشريع التحكيم الدولي، فيما يتعلق بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية. والحاجة الى هذه الاتفاقيـة نشأت بسبب التطور الهائل الذي طرأ على التجارة الدولية حيث أصبحت اتفاقية جنيف غير كافيـة وغير قادرة على تلبية مستلزمات التحكيم الدولي. ولم تكـن اتفاقية نيويورك خطوة الى الأمـام فحسب بل حققت أيضا خطوة نوعية أكثر منها كمية.

أ- اتفاق التحكيم في اتفاقية نيويورك

     حسمت اتفاقية نيويورك موضـوع اتفاق التحكيم اذ قررت صراحة أن تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيـم كـل أو بعـض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضـوع مـن روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم. ثم وضحت أنه يقصد باتفـاق مـكـتـوب شرط التحكيـم فـي عنـد أو اتفاق التحكيم الموقع عليـه مـن الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنتـه الخطابات المتبادلة أو البرقيات.

    ويتساوى شرط التحكيم الذي يرد في صلب العقد مع الاتفاق اللاحق للنزاع (المشارطة) من حيث شروطه،وطبيعته، والآثار القانونية التي تترتب عليه (المادة ٢) من الاتفاقية.

ب- آثار اتفاق التحكيم في اتفاقية نيويورك

   وضعت اتفاقية نيويورك ثلاث قواعد اجرائية تحدد آثار اتفاق التحكيم وهي (الفقرة 1، 3 من المادة ٢) منها. ومنعا للتكرار راجع المسألة المطروحة فيما بعد عند دراسة آثار اتفاق التحكيم في قانون التحكيم المصري الجديد.

ثانيا : القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي "MODEL LAW"

   أ- يثور السؤال ما هي الطبيعة القانونية للقانون النموذجي؟ هل هو اتفاقية دولية؟ أم أنه قانون دولی؟

   وتضمن القانون النموذجي قواعد نموذجية للتحكيم توفق بين مختلف أنظمـة العـالم القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وهذا القانون النموذجي هو دعوة من الأمم المتحدة لدول العالم لتتبناه كما جاء موضوعا ولفظا كقانون للتحكيم التجاري الدولي لديها بدلا من أن تسن كل دولة لنفسها قوانين لا تعرف مدى ملاءمتها لسائر القوانين ومدى انسجام التحكيم الذي يجري على أساسها مع سائر قوانين التحكيم الدولية في العالم.

ب- أهمية القانون النموذجي

   يعتبر القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي "Model Law" مـن أكثر قوانين التحكيم التجاري أهمية في الوقت الحاضر وتبرز أهميته من حيث انه وضع خصيصا للتجارة الدولية وشارك في إعداده خبراء يمثلون مختلف النظم القانونية والمناطق الجغرافية في العالم وهي الدول الستة وثلاثين التي كانت أعضاء في لجنة قانون التجارة الدولية.

   ويراعي القانون النموذجي كل أنظمة بلدان العالم وكل قوانين التحكيم الدولي فيها، فتبنيه والتصديق عليه يجعلان التحكيم التجاري الدولي سالكا وأمنا وينتزعان من دربه كل ما يمكن أن يعرقل السير الهادئ الآمن لحسم خلافات التجارة الدولية. كما يفتح الأبواب أمام تنفيذ يسير للحكم الذي يحسم الخلاف.

   أن القانون النموذجي قد نتج عن تنازلات متبادلة ما بين ممثلين لأنظمة قانونيـة مختلفة لها مفاهيم مختلفة بالنسبة للتحكيم، لهذا تعمد القانون النموذجي أن يترك فراغا في كثير من الأمور الحساسة.فهو قانون واقعي في مراعاته للنظام الداخلي للدولة التي لا يتصور أن تتنازل عن قواعدها الأمرة في مرحلة مبكرة وبذلك اتجه هذا القانون الى المرونة في التشريع وترك الباب مفتوحا للتعديل والاضافة بما يتناسب وأنظمة الدولة الراغبة في اقراره.

   إن إعتماد البلدان التي لم تضع بعد تشريعا يتفق مع ما تريد أن تلعبه في ميدان التحكيـم الدولي، للقانون النموذجي مرفقا ببعض الترتيبات المحلية المناسبة قد يكون الطريق الأكثر أمنا والأسرع لإحداث تغيير تشريعي بها الذي يؤدي الى الاستغناء عن الأبحاث في القانون المقارن وتوفير الأعمال التحضيرية الطويلة.

   والفائدة الأساسية القانون النموذجي قد تكون من زاوية أخـرى، وبغض النظر عن ادخاله الكامل أو الجزئي في النطاق القانوني الوطني لهذا البلد أو ذاك ، ففي الواقع أصبح القانون النموذجي يمثل اليوم تقنينا حقيقيا للأعراف والعادات السارية في نظام التحكيم الدولي والقانون الدولي الخاص.

   ويتميز هذا القانون أيضـا بمبادىء وأحكام لا تتوفر في القضاء العادي وأهمهـا حـجـب الاختصاص الولائي للقضاء العام – وهي الفكرة التي يقوم عليها التحكيم – وانعقاد ذلك لهيئة التحكيم في حدود اتفاق التحكيم وممارستها قواعد القانون النموذجي.

    ان الدولة التي تعتمد هذا التشريع تكون واثقة من اتفاقها مع المجموعة الدولية وفي الوقت الذي تحاول فيه العديد من البلدان والأوساط القانونية أن تجلب التحكيم الدولي الى أراضيها وتجاهد لرفع العقبات غير المبررة لتنفيذ قرارات التحكيم الصادرة في الخارج فـان القـانـون النموذجي يأتي بمنارة تضئ لها هذا الطريق. فهو يأخذ بعين الاعتبار التطورات الحالية والتقـدم الحاصل في التجارة الدولية خلال المرحلة الزمنية الراهنة.

جـ- اتفاق التحكيم في القانون النموذجي

   ورد ما يتعلق باتفاق التحكيم بالقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي بنص المادة السابعة تحت الفصل الثاني منه وقرر ما يعتبر اتفاقا على التحكيم:

- وحد النص في اتفاق التحكيم بين شرط التحكيم الوارد في صلب العقد والاتفاق اللاحق للنزاع، وبمعنى آخر جغل شرط التحكيم على قدم المساواة في الآثار القانونيـة مـع اتفاق التحكيـم الـوارد على أثر نشوب نزاع معين مقتفيا في ذلك أثر اتفاقية نيويورك السابق الاشارة اليها.

- توسع النص أيضا بدرجة كبيرة، فقرر أنه تكتفي الاشارة في عقد الى مستند آخر يتضمن شرط التحكيم فيعتبر بذلك الاختصاص منعقدا لهيئة التحكيم، ولكنه أضـاف (شريطة أن يكون العقـد مكتوبا وأن تكون الاشارة قد وردت بحيث تجعل ذلك الشرط جزءا من العقد).

- أكد النص ضمنيا مبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد حيث يشير الى أن اتفاق التحكيـم قـد يكون منفصلا عن العقد، ومعنى الانفصال هنا يتجاوز بالفعل الانفصال المادي. فينظر الى شرط التحكيم الذي يشكل جزءا من عقد كما لو كان اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى، ويترتب على ذلك أن أي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطـلان شرط التحكيم والعكس صحيح.

- قيد النص جميع هذه الأحوال باشتراط الكتابة فلا يجوز الاتفاق الشفوى على التحكيم، فصيغة الكتابة واجبة. وشرط الكتابة كما ورد في القانون النموذجي ليس شرطا لثبوت العقد بل هو لصحة اتفاق التحكيم، والدليل على ذلك أن القانون النموذجي حين يتطرق الى تنفيذ حكم التحكيم يشترط أن يرفق بطلب تنفيذ حكم التحكيم (شرط التحكيم الأصلي المشار اليه في المادة السابعة) أي شرط التحكيم المكتوب أو صورة له مصدقا عليها إمادة 35 / ٢) منه.

- توسع النص فعاد وأجاز اتفاق التحكيم في حالة عدم وجود شرط ولا محرر مكتـوب اذا رفع المدعى دعواه الى التحكيم، ولم يعترض المدعى عليه على ذلك.

- لم يشترط النص شكلا معينا لاتفاق التحكيم، ولكن في الحالة الأولى يشترط أن يكون اتفاق التحكيم موقعا عليه ولا يلزم ذلك اذا كان مستمدا من رسائل متبادلة وبرقيات كما ورد في اتفاقيـة نيويورك.

- توسع القانون النموذجي في تعداد الوسائل التي تعد سندا للاتفاق وسمح أن يكون اتفاق التحكيم في شكل تبادل الرسائل أو التلكسات أو البرقيات، بل ذهب النص الى أوسع من ذلك عندما أضاف عبارة (أو غيرها من وسائل الاتصـال السلكي أو اللاسلكي) بشرط أن تكون دليلا علـى وجود هذا الاتفاق. هكذا ساير النص التطور السريع في عالم الاتصالات الذي طرأ ويطرأ مستقبلا مع نمو العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول.

د- آثار اتفاق التحكيم طبقا للقانون النموذجي

يشترط القانون النموذجي لكي يحال الطرفان الى التحكيم عندما ترفع أمام المحكمة القضائية  دعوى في مسألة أبرم بشأنها اتفاق تحكيم ما يلي:

- أن يطلب أحد الطرفين ذلك من المحكمة، وبالتالي فان المحكمة لا تثير موضـوع التحكيم عفوا، واذا لم يثره أحد الطرفين فيعتبر ذلك تنازلا منه عن التحكيم .

- ان آخر مهلة لطلب أحد الطرفين من المحكمة احالة النزاع للتحكيـم هـي تـاريخ تقديم هذا الطرف لبيانه الأول في موضوع النزاع. وهكذا فلا تعود المهلة مفتوحة بل تصبح محـدودة بزمـن معين. فيكون القانون النموذجي للتحكيم الدولي قد أوجد قاعدة دولية في هذا الشأن ولم يتركها للقوانين الداخلية.

    وفي نهاية هذا المبحث نستطيع القول، ان اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨ وكذلك القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي خطوة كبيرة هامة على درب توحيد وتنسيق قوانين التحكيم في العالم. وهذه الخطوة نرى أنها تمهيدا للوصول الى قواعد عالمية موحدة يخضع لهـا التحكيـم التجاري الدولي، حتى لا يجد من حصل على حكم التحكيم نفسه قد حصل على حكم أحيط بعقبات تمنع تنفيذه.

    ولأن مصر تريد جلب التحكيم التجاري الدولي اليها فهي كانت في حاجة الى نص تباشره، بجانب انضمامها إلى اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨، وهذا ما تـم بـالفعل حيث أثر المشرع حديثا قانون التحكيم المصري الجديد رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ماخوذا معظمه عن القانون النموذجي، اذ أن مصر الآن تتحول أكثر فأكثر الى دولة للمال والأعمال في علاقاتها مع العالم وعلى الأخص مع البلاد العربية حيث أصبح التحكيم الدولي مرتبطا ارتباطا عضويا بالتجارة والمعاملات الدولية ربالمال والأعمال.

   واذا كان عالم التحكيم التجاري الدولي قد شهد في النصف الثاني من القرن العشرين صرحين قانونيين هما أتفاقية نيويورك لسنة 1958 والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لسنة 1985، فان القانون المصرى الجديد للتحكيم في المواد المدنية والتجارية، رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، هو صرح جديد تعطيه مصـر التجارة والاستثمار فيها.

   لذا يتعين على الدول بصفة عامة والبلدان العربية بصفة خاصة التي لم تضع بعد تشريعا يتفق مع ما تريد أن تلعبه في ميدان التحكيم الدولي، تبنى القانون النموذجي والمصادقة عليه كما سبق لنا أن أشرنا من وجوب أخذه كما جاء موضوعا ولفظا بما يتلائم مع النظم الوطنية المناسبة لها وبموضوعية وتراعي فيه حرية الأطراف وحقهم في اختيار صفة منازعتهم لتكون متماشية مع المجموعة الدولية وبذلك تضمن أن التحكيم التجاري الدولي لديهـا سـالكا وأمنـا ويساعدها على التخلص مما قد يعرقل سير الخصومة بين الأطراف لحسم خلافات التجارة الدوليـة بينهم، وكذلك تنفيذ يسير للأحكام التي تحسم الخلاف، وتحقيق تغییر تشریعی سريع فيها.

   ونأمل أن تحذوا الدول العربية كلها حذو مصر وتونس والبحرين وتتبنى القانون النموذجي في قوانينها الداخلية – التي لم تظهر بعد – وتسعى الى الانضمام الى اتفاقية نيويورك، ويومئذ تكون الدول العربية في طليعة الدول التي فتحت مجالا واسعا وخصبا للتحكيم التجاري الدولي باعتباره القضاء الأصيل لحسم المنازعات التجارية الدولية.