إتفاقية نيويورك لم تلغ الأحكام الواردة في قانون المرافعات
اتفاقية نيويورك لم تضع شروطا للتنفيذ :
ثار خلاف في الفقه والقضاء المصريين حول الشروط الواجبة التطبيق في شأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك في مصر،
أولا : موقف الفقه :
يري بعض الفقه المصري أن إتفاقية نيويورك لم تضع شروط لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وأنها سمحت بتنفيذها بدون أية شروط، وأنها لم تكلف المحكوم لصالحه بأي عبئ إثبات، وأن عليه فقط أن يقدم المستندات المبينة في المادة الرابعة من الإتفاقية، وذلك لتيسير تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية.
ويرى آخرون أن الإتفاقية قد فوضت التشريعات الداخلية للدول المختلفة في وضع شروط تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، بشرط ألا تكون هذه الشروط أكثر شدة بدرجة ملحوظة من الشروط المحددة لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية.
ونري أن الرأي الثاني هو الأرجح، حيث لم تضع إتفاقية نيويورك أية شروط محددة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية التي تخضع لنطاق تطبيقها، وإنما إكتفت فقط بالتنبيه على الدول الأعضاء بعدم وضع شروط لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أكثر تعقيدا بدرجة ملحوظة من الشروط الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية، حيث نصت المادة رقم 3 من إتفاقية نيويورك للإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين.
ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنين)، أي أن إتفاقية نيويورك لم تضع شروطا لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية تتعارض مع الشروط الواردة في قانون المرافعات، بل ولم تشترط المساواة في شروط التنفيذ بين أحكام التحكيم الوطنية وأحكام التحكيم الأجنبية.
ثانيا : موقف القضاء :
إستقر القضاء المصري. وتواترت أحكامه علي تطبيق الشروط الواردة في قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994 بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك، بوصفها الأحكام الأيسر في التنفيذ، وذلك على التفصيل التالي:
1) تعرضت محكمة الإستئناف العالي بالقاهرة لتظلم من أمر علي عريضة في الطلب علي عريضة رقم 62 لسنة 115ق تحكيم إستناف عالي القاهرة ( الدائرة الثامنة ) والذي صدر فيه أمر علي عريضة برفض أمر التنفيذ.
( أن الأولوية في التطبيق تكون لأحكام المعاهدات الدولية الملزمة لمصر عند تعارضها مع تشريع داخلي.
2) تعرضت محكمة الإستئناف العالي بالقاهرة لتظلم من أمر علي عريضة في الطلب علي عريضة رقم 1 لسنة 122ق تحكيم إستئناف عالي القاهرة ( الدائرة الثامنة ) والذي صدر فيه أمر علي عريضة بتاريخ 2005/1/18 برفض أمر التنفيذ إستنادا إلي أن إتفاقية نيويورك لسنة 1958 قد أوجبت على الدول المتعاقدة تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية طبقاً القواعد المرافعات المتبعة فيها، وبالتالي فإن قانون المرافعات هو الواجب التطبيق، وهو يقضي بأن يقدم طلب تنفيذ حكم المحكمين الأجنبي إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، وبالتالي فلا يختص رئيس محكمة استئناف القاهرة بنظر الطلب وقضت بالآتي : ( أن المقصود بقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ هو عموم قواعد إجراءات نظر الخصومة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها أيا كان موضعها، أي سواء وردت في تقنين المرافعات المدنية والتجارية أو في أي قانون آخر، ومن ذلك قانون التحكيم المصري فهو قانون إجرائی نظم إجراءات خصومة التحكم ونظرها والحكم فيها وتنفيذه، وقضت المحكمة بإلغاء التظلم ووضع الصيغة التنفيذية علي حكم التحكيم )
عدم تطبيق الشروط الواردة في قانون المرافعات :
لا تطبق هذه الشروط علي تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في مصر، وذلك وفقا للأسباب الآتية:
1- نص المادة رقم 3 من إتفاقية نيويورك للإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين (۰۰۰۰۰ ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنين ) التي إشترطت ألا تكون الشروط المفروضة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أكثر شدة بدرجة ملحوظة من الشروط المفروضة لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية.
2. نص المادة رقم 7 من إتفاقية نيويورك للإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين
( 1-لا تخل أحكام هذه الإتفاقية بصحة الإتفاقات الجماعية أو الثنائية التي أبرمتها الدول المتعاقدة بشأن الإعتراف بأحكام المحكمين وتنفيذها ، ولا تحرم أي طرف من حقه في الإستفادة بحكم من أحكام المحكمين بالكيفية أو بالقدر المقرر في تشريع أو معاهدات البلد المطلوب إليها الإعتراف والتنفيذ).
أي أن إتفاقية نيويورك حظرت وضع شروط لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أكثر شدة من شروط تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية، وأجازت تطبيق أية تشريعات أخري أيسر للتنفيذ توجد في التشريعات الداخلية أو في أي إتفاقيات أخري جماعية أو ثنائية، ونظرا لأن الشروط الواردة في قانون المرافعات أكثر شدة ويدرجة ملحوظة من الشروط الواردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994.
وبالتالي يجب أن نطبق الشروط الواردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 علي تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك.
الخلاصة إذن أن جميع أحكام التحكيم الداخلية والأجنبية والدولية تخضع في تنفيذها للشروط الواردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، وأن القاضي المصري يطبق علي تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك المادة رقم 2/58 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 .