الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الاتفاقيات الدولية / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / مبدأ الاعتراف بأحكام التحكيم التجارى الدولى وتنفيذها

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    537

التفاصيل طباعة نسخ

مبدأ الاعتراف بأحكام التحكيم التجارى الدولى وتنفيذها

(أولا) المبدأ في الاتفاقيات والأنظمة الدولية :

    أرسى هذا المبدأ بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ بشأن شروط التحكيم ، حيث نصت المادة 3 منه على التزام الدول المتعاقدة بكفالة تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في أقاليمها طبقا لاحكام هذا البروتوكول ، وذلك عن طريق سلطاتها الوطنية وبما يتفق مع أحكام قوانينها الوطنية  بيد أن هذا البروتوكول لم يضع شروطا معينه للاعتراف الدولي بأحكام التحكيم الصادرة طبقا لاحكامه أو لتنفيذها في اقاليم الدول المتعاقدة التي كان يطلب إليها ذلك وانما ترك تحديد هذه الشروط للقوانين الوطنية لتلك الدول . ولقد أدرك هذه الملاحظة واضعو اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية فحرصوا على تأكيد المبدأ المتقدم فضلا على تحديد شروط معينه للحصول على الاعتراف الدولي باحكام التحكيم الصادرة طبقاً لبروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ وتنفيذها في اقاليم الدول المتعاقدة ويظهر ذلك مما نصت عليه المادة الأولى من الاتفاقية المذكورة من أن يجوز حكم التحكيم الذي يصدر بناء على مشارطة أو شرط التحكيم المشار اليه في بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ بحجية الأمر المقضى في اقاليم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية ، كما يحوز هذا الحكم الاعتراف به من قبل ای دولة متعاقدة ويجب عليها تنفيذه في إقليمها متى طلب منها ذلك طبقا للقواعد الاجرائية المتبعة في هذا الاقليم ، وذلك متى توافرت الشروط المقررة في الفقرة الثانية من نفس المادة  .ولم يتوافر مانع من موانع الاعتراف والتنفيذ المنصوص عليها في المادة الثانية من نفس الاتفاقية .

    ورغبة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في تيسير تنفيذ الاحكام في اقاليمها فقد ابرمت اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ۱۹۵۲ ، ونصت المادة الأولى منها على أن " كل حكم نهائي مقرر لحقوق مدنية أو تجارية صادر من هيئة قضائية في احدى دول الجامعة العربية يكون قابلا للتنفيذ فى سائر دول الجامعة وفقا لاحكام هذه الاتفاقية " وأحالت المادة الثالثة من نفس الاتفاقية الى هذا النص في شأن تنفيذ احكام التحكيم الصادرة في احدى الدول الأعضاء في الجامعة. ومن ثم تكون الاتفاقية قد اعتنقت مبدأ الاعتراف باحكام التحكيم وتنفيذها فى أى دولة من هذه الدول  ، وذلك على هدى بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ واتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ المشار اليهما كذلك أخذت بنفس المبدأ اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ ، إذ نصت المادة ۱/۳ منها على أن تعترف كل دولة من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقا لقواعد المرافعات المتبعة في الاقليم المطوب اليه التنفيذ وطبقا للشروط المنصوص عليها في المواد التالية  ومن ضمن هذه الشروط الا يتوافر مانع من موانع تنفيذ الحكم المنصوص عليها فى المادة الخامسة من نفس الاتفاقية  كما أوجبت المادة ١/٩ من الاتفاقية الأوربية لعام ١٩٦١ بشأن التحكيم التجارى الدولى على كل دولة من الدول الأطراف الاعتراف باحكام التحكيم الصادرة طبقا للاتفاقية وتنفيذها ولو قضى ببطلانها في دولة طرف طالما لم يكن هذا البطلان قد تقرر في الدولة التي صدر فيها الحكم أو صدر طبقا لقانونها . وتقرر المادة ٤ ٥ من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بشأن تسوية منازعات الاستثمار أنه يجب على كل دولة متعاقدة الاعتراف بكل حكم تحكيم يصدر في نطاق هذه الاتفاقية كحكم ملزم فضلا على كفالة تنفيذه في اقليمها فيما فرضه من التزامات ماليه تماما كالاحكام النهائية الصادرة من محاكم هذا الاقليم  ولم يتضمن نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس نص مقابل لنص المادة 54 المذكورة برغم اعتبار الغرفة من مؤسسات التحكيم الدولية الدائمة كمركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن. لذا فانه ولئن كان الأصل، وفقا لنظام تحكيم الغرفة، التزام المحكوم ضده بتنفيذ الحكم باعتباره حكم نهائيا وملزما طبقا لنص المادة ٢٤ من هذا النظام إلا أنه يجوز للمحكوم له في حالة امتناع المحكوم ضده عن تنفيذ الحكم اختيارا طلب الأمر بتنفيذه جبرا طبقا للاتفاقيات الدولية الثنائية أو الجماعية أو متعددة الأطراف التي كفل هذا التنفيذ، وذلك فضلا على جواز تنفيذه طبقا لمبدأ المعاملة بالمثل المعمول به فى العلاقات الدولية  . ونري أن نفس الحل هو المتعين اتباعه أيضا بالنسبة لاحكام التحكيم الصادرة طبقا لقواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة لنفس الاعتبارات المشار إليها حيث لم تتضمن قواعد خاصة بالاعتراف الدولي بهذه الاحكام وتنفيذها وتركت ذلك للقواعد الدولية العامه.

    أما القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى الصادر عام ١٩٨٥ عن لجنة القانون التجاري الدولي المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد قرر أن يكون حكم التحكيم ملزما بصرف النظر عن البلد الذي صدر فيه وينفذ بناء على طلب كتابي يقدم إلى محكمة مختصة ، وذلك طالما لم يتوافر أحد موانع التنفيذ المنصوص عليها في المادة ٣٦ من نفس القانون. ويعني هذا اعتناق القانون النموذجي المذكور لمبدأ الاعتراف باحكام التحكيم التجاري الدولي وتنفيذها في القاليم الدول الملتزمة دوليا بهذا الاعتراف والتنفيذ .

(ثانيا) المبدأ فى القانون الفرنسي والقانون المصرى والقانون الكويتي :

    على خلاف الحال في القانونين الفرنسي والمصرى ، اللذين عنيا بوضع قواعد خاصة بالتحكيم التجارى الدولى  الى جانب القواعد الخاصة بالتحكيم الوطني البحث، فان القانون الكويتى لا يتضمن قواعد خاصة بالتحكيم التجاري الدولي وان عالجت بعض قواع دة مسألة تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية  ، الأمر الذى يستوجب دراسة مبدأ الاعتراف باحكام التحكيم التجاري " الدولي" وأحكام التحكيم " الأجنبية" وتنفيذها فى كل قانون من هذه القوانين على حدة .

(أ) المبدأ في القانون الفرنسي :

    بينما عالجت الفصول من الأول الى الرابع من الكتاب من قانون المرافعات الفرنسى الجديد لعام ۱۹۸۰ التحكيم الداخلى L'arbitrage interne ونظمت - بصفة خاصة - تنفيذ احكام التحكيم الفرنسية Sentences Francaises فان الفصل السادس المضاف إلى هذا القانون بمرسوم عام ۱۹۸۱ قد عالج الاعتراف باحكام التحكيم غير الفرنسية Sentences non francaises وتنفيذها في فرنسا . ويقصد باحكام التحكيم " غير الفرنسية " طائفتان من الأحكام هما أحكام التحكيم الصادرة في نطاق التحكيم الدولي arbitrage international أيا كان المكان الذى جرت فيه اجراءات التحكيم واحكام التحكيم الصادرة في خارج فرنسا Letranger سواء صدرت في نطاق التحكيم الدولى المذكور او صدرت وفقا لقانون أجنبي un droit etranger . وتخضع هاتين الطائفتين من احكام التحكيم " غير الفرنسية " برغم اختلاف احداهما عن الأخرى ، لبعض القواعد المشتركة بسبب معالجة المشرع الفرنسى لهما خارج نطاق النظام القانوني الفرنسي L'ordre juridique Francais (r)

    ومن أهم هذه القواعد المشتركة التى تخضع لها أحكام التحكيم غير الفرنسية القاعدة المقررة في المادة ١٤٧٦ مرافعات فرنسى التى بمقتضاها يتمتع حكم التحكيم بحجية الأمر المقضى منذ صدوره وقبل تزويده بالأمر بتنفيذه حيث نصت المادة ١٥٠٠ مرافعات فرنسى على أن تسرى المواد ۱٤٧٦-۱۴۷۹ مرافعات على احكام التحكيم المذكورة ، مما يعنى أن المشرع الفرنسى قد اعتنق مبدأ الاعتراف باحكام التحكيم غير الفرنسية سواء صدرت فى ظل قواعد التحكيم الدولي المقرره بمرسوم عام ۱۹۸۱ أو صدرت في ظل قانون أجنبي . ومن جهة أخرى فان هذه المواد قد اجازت هذه الاحكام في الاقليم الفرنسي طبقا للاجراءات المقررة لهذا التنفيذ.

    ويتجه الرأى ، فى فرنسا الى أن الحكم ببطلان حمكم التنحكيم " غير الفرنسي . في الخارج لا يحول دون الاعتراف به وتنفيذه في فرنسا كأصل عام ، إذ يتعين على القاضي الفرنسي الذي يطلب اليه الاعتراف بهذا الحكم وتنفيذه في فرنسا الرجوع ، في هذا الخصوص، إلى أحكام الاتفاقيات الدولية عموما واتفاقيتي نيويورك لعام ١٩٥٨ وجنيف لعام ١٩٦١ خصوصا او الى اى اتفاقية دولية أخرى تكون واجبة التطبيق في شأن الاعتداد بهذا البطلان من عدمه. ويستتبع ذلك من القاضي الفرنسي التحقق ، على ضوء هذه الاتفاقيات، مما إذا كانت أسباب بطلان حكم التحكيم تمنع أو لا تمنع الاعتراف به وتنفيذه فى فرنسا ، وذلك دون أن يكون لهذا القاضي اعادة النظر في موضوع الحكم في الحالة الأخيرة.

    ولقد جسد المشرع الفرنسي مبدأ الاعتراف باحكام التحكيم غير الفرنسية. الصادرة في ظل نظام التحكيم الدولى الفرنسي او الصادرة في الخارج ، في المادة ١٤٩٨ مرافعات فرنسى المضافة بمرسوم ۱۲ مايو ۱۹۸۱ ، إذ تنص على أن يعترف بهذه الاحكام وتكون قابلة للتنفيذ متى ثبت عدم تعارضها مع النظام العام الدولي .

(ب) المبدأ في القانون المصرى :

    نصت المادة ٥٥ من قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ على أن " تحوز أحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون حجية الأمر المقضي وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون " ويقصد بأحكام التحكيم المنصوص عليها في هذه المادة التحكيم الوطني. تجاريا كان أو مدنيا ، كما يقصد بها أحكام التحكيم التجاري الدولي الصادرة طبقا للقانون المذكور ، وهو ما يعنى اعتراف المشرع المصري بهذه الطائفة الأخيرة من الأحكام وأجازته تنفيذها في مصر طبقا للشروط المقررة في هذا القانون، ومن هذه الشروط ما نصت عليه المادة الأولى منه التي تشترط أن يكون حكم التحكيم تجاريا دوليا جرى في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لاحكام القانون المذكور .

    ولقد أجازت المادة ۲۹٦ مرافعات مصري تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي في مصر بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه ، وذلك بالإجراءات والشروط المبينة بالمادتين ،۲۹۷، ۲۹۸ مرافعات مصري - ونصت المادة ۲۹۹ مرافعات مصري على أن تسرى أحكام المواد السابقة ( ۲۹٦-۲۹۸) على أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي بشرط أن يكون الحكم صادرا في مسألة يجوز التحكيم فيها طبقا للقانون المصري ، وهو ما يعنى تكريس المشرع المصري كالمشرع الفرنسي - لمبدأ الاعتراف بأحكام التحكيم * الأجنبية " وتنفيذها في مصر متى طلب إليها ذلك بشرط أن تكون مصر ملتزمة بهذا الاعتراف والتنفيذ بمقتضى الاتفاقيات الدولية المعمول بها في مصر  وبذا يكون المشرع المصري قد أعمل هذا المبدأ سواء بالنسبة لاحكام التحكيم التجاري الدولي الصادرة طبقا لقانون التحكيم المصري أو الصادرة طبقا لقانون أجنبي ، وذلك مع مراعاة اختلاف إجراءات وشروط تنفيذ هاتين الطائفتين من الأحكام ..

(ج) المبدأ في القانون الكويتي :

     نصت المادة ٤/١٨٢ مرافعات كويتي على أنه " يجب أن يصدر حكم المحكم في الكويت وإلا اتبعت في شأنه القواعد المقررة لأحكام المحكمين الصادرة في بلد * أجنبي " ويقصد بهذه القواعد لكل المنصوص عليها في المواد ۱۹۹-۲۰۳ مرافعات كويتي ، وهي تكشف عن أن المشرع الكويتي يعترف بأحكام التحكيم الأجنبية " ويجيز تنفيذها في الكويت طبقا للشروط والإجراءات المقررة لذلك في القانون الكويتي . وبالرجوع إلى المادة ۱/۱۹۹ مرافعات كويتي نجدها تنص على أن " الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها في الكويت بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في الكويت  ، وأحالت المادة ۲۰۰ مرافعات كويتي إلى النص المذكور بشأن أحكام التحكيم " الأجنبية " يقولها " يسرى حكم المادة السابقة عل أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي ...."

    وبالتالي لا تلتزم الكويت ، بفعل هذا التحفظ ، الذي أبدته عند انضمامها إلى الاتفاقية المذكورة في عام ۱۹۷۸  ، بالاعتراف بأحكام التحكيم الدولية " التي لا تعتبر وطنية لعدم صدورها في الكويت ولا تعتبر أجنبية لعدم صدورها في اقليم دولة أخرى طرف في هذه الاتفاقية ، كما لا تلتزم بتنفيذ هذه الأحكام في الكويت، وبالعكس تلتزم كل من فرنسا ومصر بالاعتراف باحكام التحكيم " الدولية المذكورة وبتنفيذها في أقليمها متى طلب منها ذلك ، إذ لم تبد أى منهما نفس التحفظ عند انضمامهما إلى الاتفاقية، ومن ثم تتقيدان بما نصت عليه المادة ١/١ منها من أن تطبق الاتفاقية الحالية للاعتراف وتنفيذ هذه الأحكام على اقليمها .... كما تطبق ايضا على أحكام المحكمين التى لا تعتبر وطنية في الدولة المطلوب إليها الاعتراف أو تنفيذ هذه الأحكام .

     على أن ابداء الكويت للتحفظ المشار إليه الذى يكشف عن عدم اعتناقها لمعيار " دولية احكام التحكيم لا يمنعها - في المستقبل من اعتناق هذا المعيار فيما قد تبرمه من اتفاقيات دولية ثنائية أو جماعية تتعلق بالاعتراف باحكام التحكيم " الدولية " وتنفيذها ، وذلك برغم عدم اعتناقها لنفس المعيار في قانونها الوطنى الذى يعتد باحكام التحكيم " الأجنبية " وحسب طبقا للمواد ۱/۱۸۲ و ۱۹۹ و ۲۰۰ مرافعات كويتى . ذلك ان التزام الدولة بهذا الاعتراف والتنفيذ لاحكام التحكيم " الدولية " بمقتضى اتفاقية دولية يجعل قواعد هذه الاتفاقية تسمو على قواعد القانون الوطنى فى التطبيق ، ذلك إعمالا للمبدأ التقليدى الذى بمقتضاه يسمو التشريع الدولي على التشريع الوطنى  وهو مبدأ لا ينكره المشرع الكويتى واحيانا ما يحرص على النص عليه صراحة.