(۱) مع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية بشأن التحكيم والتي يكون السودان طرفاً فيها، تسرى أحكام هذا القانون على كل تحكيم يجري في السودان أو في الخارج، إذا اتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون متى كانت العلاقة القانونية ذات طبيعة مدنية سواء كانت تعاقدية أو غير تعاقدية
(۲) مع مراعاة أحكام المادة ، تطبق أحكام هذا القانون على كل تحكيم يكون قائماً وقت نفاذ هذا القانون.
(۳) لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا يصح الاتفاق على التحكيم إلا من له أهلية التصرف في الحق محل النزاع. هذا النص يتناول أربع مسائل هامة تتمثل في :-
۱ - نطاق سريان أحكام هذا القانون:
حيث نص بأن تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم يتم إجراؤه في السودان أو خارجه لكن بشرط اتفاق أطراف النزاع على إخضاع إجراءات نظر نزاعهم وفقاً لأحكام هذا القانون - وقد قصد المشرع من هذا النص النزول لرغبة أطراف النزاع في إختيار القانون الواجب التطبيق على نزاعهم ، وهذا الإتجاه ذهبت اليه كل التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم، فقد يتفق أطراف أو طرفا النزاع على اللجوء إلى هيئة أو مركز تحكيم متخصص لحل النزاع وبالتالي تطبيق القواعد أو اللوائح التحكيمية الخاصة بالمركز فيما يتعلق بسير عملية التحكيم، كما قد يتفق الطرفان على تطبيق قانون دولة ما فيما يتعلق بالقواعد الموضوعية أو الإجرائية ، عموماً وهذا الإتجاه لا يسلب القانون السوداني مكانته أو أهميته حيث ان الأمر يتعلق برضى الطرفين بالقواعد التي يرونها مناسبة لحسم النزاع القائم بينهما كل ذلك تقديراً لنوع المعاملة ومكان إبرام العقد وتنفيذه وكذلك مكان نشوء النزاع ومكان مباشرة إجراءات التحكيم بشأنه وتنفيذ الحكم.
٢- تطبيق أحكام القانون على المنازعات المدنية :-
نصت هذه المادة على أن تطبيق أحكام هذا القانون يكون على المنازعات ذات الطبيعة المدنية سواء كان هنالك عقد بين طرفي النزاع أم لم يكن، وعلى الرغم من النص على الطبيعة المدنية دون التجارية فلا يعني ذلك عدم اعتداد القانون السوداني بالمعاملات التجارية بل غاية ذلك أن التشريع في السودان يأخذ بالنظام الأنجلوسكسوني (Common Law) الذي لم يفرق بين القانون التجاري والمدني كما في النظام اللاتيني Civil Law ) كالسعودية ومصر وفرنسا.
هذا النص أخرج المنازعات ذات الطبيعة الجنائية أو السياسية أو الاجتماعية من الحل عن طريق التحكيم لأن هذه المنازعات قد لا يتطلب فيها ما يتطلب في المسائل المدنية والتجارية (من سرعة الفصل في النزاع لأغراض استثمار الأموال، ولعدم وجود تكلفة مالية كبيرة بشأن إجراءات التقاضي ) أضف إلى ذلك أن هذه المسائل فيها نوع من الخاصية قد تحتاج بعضها لأدلة جنائية وفنية مثلاً فالأجدر حسمها عن طريق القضاء.
جدير بالذكر أن هنالك إرثاً تاريخياً بشأن حل بعض المنازعات الجنائية التي تحدث بين القبائل على وجه الخصوص عن طريق التوفيق والصلح وهو نوع من التحكيم لكن ليس بدرجة التحكيم القانوني، لأن التوفيق والصلح يعتبران من وسائل حل المنازعات لكن قوتهما ليست كقوة الحكم القضائي والتحكيم لأن حل النزاع الذى يتم عن طريق التوفيق أو الصلح حتى ولو تمت كتابته والتوقيع عليه من جانب الخصمين وإشهاد آخرين عليه لا يكون ذلك ملزماً قانوناً لأي من الطرفين إذ يجوز لأي منهما نقضه أو تجاهله واللجوء إلى القضاء وبالتالي لا يستطع المشكو ضده الدفع بوثيقة التوفيق أو الصلح الموقع عليه، وبالتالي فإن هذا الاتفاق لا يكون ملزماً لوكيل النيابة أو القاضي أي لا يحوز حجية الأمر المقضى فيه resjudicata ) ، وهذا الأمر يستوي بشأن التوفيق أو الصلح أو الوساطة في المسائل المدنية والتجارية أيضاً.
3- عدم ربط تطبيق هذا القانون على النزاع القائم بين الطرفين بشأن العلاقة الناشئة بينهما فحسب بل توسع ليشمل المنازعات الناشئة بين الطرفين حتى ولو لم يوجد بينهما عقد، ذلك أن المعاملات التي تتم بين أشخاص طبيعيين أو اعتباريين) قد تكون بموجب عقد وبدونه، لأن إبرام العقود في غالب الأحوال يتطلب إجراءات شكلية قد تكون مطولة ومرهقة، وقد تحتاج لدراسة وتخصص، الأمر الذى لا يتوافر إلا لدى فئات معينة من قطاعات المجتمع ولمعاملات ذات طبيعة معينة وقيمة محددة.
٤ - تطبيق هذا القانون من حيث الزمان، فقد نص على تطبيقه على كل دعوى تحكيم قائم ومستمر أمام المحكمين بمجرد نفاذ هذا القانون أي توقيع رئيس الجمهورية عليه ، ولا عجب في الأمر ذلك أن دعوى التحكيم القائم بين الخصمين لم يفصل فيها بعد وبالتالى فإن القانون اللاحق يجب السابق، إذا أخذنا في الاعتبار أن قانون التحكيم هو قانون إجرائي ينظم كيفية بدء إجراءات التحكيم وانتهائه، كل هذا مع الأخذ في الاعتبار أيضاً عدم تأثير هذا التطبيق على الإجراءات التي تم اتخاذها بموجب القانون السابق إلا إذااتفق الطرفان على إلغاء تلك الإجراءات تطبيقا للمادة (۱) من هذا القانون .
5- أخرج القانون من التحكيم المسائل التى لا يجوز فيها الصلح أي تلك التي تتعلق بالنظام العام والحق العام ، كما أخرج من ليس له أهلية التصرف في الحق موضوع النزاع من الإتفاق على حل النزاع بالتحكيم وهذا ينطبق أيضاً على التقاضي أمام المحكمة.