الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الاتفاقيات الدولية / الكتب / أحكام المحكمين وتنفيذها وفقاً لاتفاقية نيويورك / تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية بموجب اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨

  • الاسم

    د. يعقوب يوسف صرخوه
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    152

التفاصيل طباعة نسخ

كثير من العقود التي تبرمها حكومة الكويت والشركات الكويتية والأفراد الكويتيون مع طرف أجنبي نصاً يقضي بحل المنازعات التي تنجم عن هذه العقود عن طريق التحكيم .

وهذا التحكيم قد يكون محلياً أي تنعقد هيئة التحكيم في الكويت ويكون الحكم الصادر منها حكماً كويتياً يتطلب تنفيذه خارج الكويت.

وازاء عدم وجود اتفاقيات لتنفيذ الأحكام بين الكويت والدول الأجنبية فإن مثل هذا التنفيذ يصادف عقبات كثيرة قد تضيع معها حقوق الجانب الكويتي، وتفادياً لهذا الوضع رأت حكومة الكويت أن تنضم إلى الإتفاقية الدولية المبرمة في نيويورك بتاريخ ١٠ يونيو ۱۹۵۸ في شأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية)، إن انضمام الكويت للإتفاقية الدولية يعتبر خطوة ايجابية لتعاظم الاهتمام الدولي في التحكيم ولأثر ذلك على قطاعات هامة من اقتصادنا الوطني الذي يعتمد على التجارة الدولية، كما أننا نأمل على ضوء ذلك أن تصبح الكويت لما تتمتع به من مركز تجاري ووضع قانوني متميز، مركزا من مراكز التحكيم الدولية في منطقة الخليج العربي.

لكل ذلك فإننا سنستعرض أحكام الاتفاقية وملامحها الأولية لبيان كيفية تطبيقها إلى جانب القواعد القانونية التي تحكم تنفيذ أحكام التحكيم المحلية.

فقام المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالدعوة الى عقد مؤتمر دبلوماسي في نيويورك ما بين ۲۰ مايو الى ١٠ يونيو ١٩٥٨ باشتراك ٤٥ دولة ونظراً إلى أن ابرام الاتفاقية قد تم آخر يوم للمؤتمر الذي اتخذ من مدينة نيويورك مقراً له، فقد وصف البعض هذه الاتفاقية باتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨، وقد وقعها من بين المؤتمرين ٢٥ عضواً فقط، ودخلت حيز التنفيذ رسمياً في ٧ يونيو ١٩٥٩ ويبلغ عدد الدول التي وقعت الاتفاقية حالياً حوالي ٥٦ دولة من ضمنها الدول العربية التالية: مصر والأردن وسوريا وتونس والمغرب، ودولة الكويت، التي صدقت عليها بموجب القانون رقم ۱۰ لسنة ۱۹۷۸ الصادر بتاريخ ٢٦ مارس ۱۹۷۸ وأودعت أوراق انضمامها بتاریخ ۲۸ ابریل ۱۹۷۸ مع التحفظ .

وهي تتألف من ١٦ مادة المواد السبعة الأولى تعالج موضوعات الاتفاقية والباقي يتعلق بالأمور الثانوية التقليدية اللازمة لكل اتفاقية. 

أولاً : مجال تطبيق الاتفاقية

تعالج المادة الأولى من الاتفاقية تطبيق أحكامها في حالة تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أي غير المحلية، وهو منطق طبيعي يتمشى مع صفتها الدولية . وقد أخذت الاتفاقية بضابط مكان صدور الحكم للتفرقة بين الأحكام الوطنية والأجنبية حيث نصت المادة الأولى منها بأن تطبق الاتفاقية الحالية للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الصادرة في اقليم دولة غير التي يطلب إليها الاعتراف وتنفيذ هذه الأحكام على اقليمها وتكون ناشئة عن منازعات بين أشخاص طبيعية أو معنوية، كما تطبق على أحكام المحكمين التي لا تعتبر وطنية في الدولة المطلوب إليها الاعتراف أو تنفيذ هذه الأحكام.

وهذا الضابط هو ما أخذ به القضاء عندنا قبل الانضمام للاتفاقية حيث . أفاد بأن ضابط التفرقة بين أحكام المحكمين الوطنية وأحكام المحكمين الأجنبية هو الذي يجعل العبرة في ذلك بالبلد الذي صدر فيه الحكم دون غيره، فأحكام التحكيم تكون وطنية إذا صدرت في الكويت وتلحق بالأحكام الأجنبية إذا صدرت في بلد أجنبي بغض النظر عن القانون الذي خضعت له اجراءات التحكيم أو تقدير المحكمين أو إرادة الخصوم.

ويلاحظ أن النص الوارد في الإتفاقية لا يشترط أن يكون الحكم صادراً في دولة متعاقدة بل اكتفى بأن يكون الحكم صادراً في غير اقليمها، ولهذا السبب أجازت الفقرة الثالثة من المادة الأولى للدول المنضمة للاتفاقية أن تتخفظ بشأن قصر الاعتراف بأحكام التحكيم على الدول الأعضاء في الاتفاقية وهو ما أخذت به فعلاً دولة الكويت عند انضمامها للاتفاقية حيث أضافت إلى ذلك تحفظاً مفاده أن دولة الكويت تقصر تطبيق الاتفاقية على الاعتراف وتنفيذ الأحكام الصادرة فقط على اقليم دولة أخرى متعاقدة.

ويشترط في الحكم التحكيمي الذي يطلب تنفيذه وفقاً لأحكام الاتفاقية أن يكون صادراً عن احدى الدول المنضمة للاتفاقية وقت صدور الحكم التحكيمي فيها وعلى هذا الأساس حكم بأن الحكم التحكيمي الصادر في الكويت بتاريخ ۱۸ سبتمبر ۱۹۷۳ ضد المكتب الاستشاري الهندسي البريطاني - فريدريك سنو اندبارتنرز Fredric Snow and Partners ، والذي طلب تنفيذه في بريطانيا عن طريق طلب اذن بتنفيذ الحكم من المحكمة التجارية في لندن في ٢٣ مارس ۱۹۷۹ ، بأنه ليس من الأحكام الصادرة بموجب الاتفاقية لأن الكويت لم تكن عند صدور الحكم التحكيمي طرفاً في الاتفاقية ذلك أن الكويت انضمت إليها في ٢٧ يوليو ۱۹۷۸ كما أن بريطانيا انضمت إليها في ٢٤ سبتمبر ١٩٧٥مع التحفظ الوارد في المادة ۳/۱ وهو نفس التحفظ الذي أخذت به الكويت وأشرنا إليه سابقاً.

وبعبارة أخرى فإنه لا يستفاد من نص م ٣ / ١ أن للاتفاقية أثراً رجعياً Retrospective Effect) وبالتالي فإن حكم التحكيم الصادر قبل نفاذ الاتفاقية لا يخضع لأحكامها.. كما أن القضاء حكم بأن التحكيم الحر أو غير الرسمي Informal or free Arbitration والذي يطلق عليه في ايطاليا Arbitrate irrituale لا يمكن الاعتراف به كما لا يمكن تنفيذه بموجب اتفاقية نيويورك) ذلك أن التحكيم في ايطاليا :نوعان : التحكيم الرسمي Formal Arbitration أو Arbitro Rituale وبحكمه قانون الاجراءات المدني الايطالي Code of Civil Procedure والتحكيم الحر Arbitro irrituale القائم على أسس عقدية والذي لا تحكمه نصوص قانون التحكيم، والفارق الأساسي بينهما أن الحكم الصادر في التحكيم العقدي، لا يمكن تنفيذه كحكم تحكيمي بل ينفذ على أساس عقدي، وهذا الحكم جاء عكس حكم المحكمة العليا الايطالية الذي قرر بأن حكم التحكيم Lodo الصادر في التحكيم العقدي يخضع لأحكام الاتفاقية .

وقد جاء نص الفقرة الأولى من المادة الأولى بحل لمشكلة اختلاف ضوابط اعتبار حكم التحكيم أجنبياً وفقاً للتشريعات المختلفة وهو أن تسري أحكام الاتفاقية على أحكام التحكيم التي لا تعتبر وطنية في الدولة المطلوب منها الاعتراف بها وتنفيذها. وعلى ذلك يمكن تطبيق أحكام الاتفاقية على أحكام التحكيم المحلية التي لا تعتبر أحكاماً وطنية في الدولة التي يطلب منها تنفيذ الأحكام، وهو الوضع السائد في الولايات المتحدة حيث أن التحكيم في الولايات المتحدة الذي يشتمل على طرف أجنبي على الأقل، أو على التحكيم الذي يكون أطرافه جميعاً من الأمريكيين، لكنه بسبب القيام به في الخارج أو لأن المال المتنازع عليه يكون في الخارج، يخضع للاتفاقية والحال نفسه في فرنسا حيث اعتبرت أحكام القضاء بأن أحكام التحكيم الصادرة في فرنسا قد تعتبر غير وطنية Non-Domestic .

وقد أوضحت الفقرة الثانية من المادة الأولى أن الأحكام التحكيمية Arbitral Awards لا تشتمل فقط على الأحكام التي تصدر عن محكمين يعينون لكل قضية فيما يسمى بالتحكيم الحر Ad hoc Arbitration بل تشمل كذلك الأحكام الصادرة عن الهيئات التحكيمية Arbitral Bodies بما يسمى التحكيم المؤسسي Institutional Arbitration وقد وصفت المحكمة الاستئنافية الايطالية في انكونا The Italian Court of Appeal of Ancona المحكمة التحكيمية The Arbitral Tribunal التابعة لبورصة سلع فيينا Viennal Commodity Exchange على أنها هيئة تحكيمية دائمة بالمعنى الوارد في المادة (۱) فقرة (۲) من الاتفاقية ، وقد أشارت المحكمة العليا الاسبانية Spanish Supreme Court الى المادة ١ / ٢ فيما يتعلق بمجلس التحكيم الخاص باتحاد تجارة القهوة في لندن Arbitration Board of the Coffee Trade Federation in London) ، ولم ترتب أي من المحكمتين نتائج قانونية على هذا الوصف.

وعلى ذلك يمكن القول بأن النص الوارد في المادة ١ / ٢ هو تزيد جاء بناء على رغبة الاتحاد السوفيتي الذي ينتشر فيه تحكيم المؤسسات فبدون هذا النص فإن كلا من نوعي التحكيم الحر والمؤسسي يقع ضمن نطاق الاتفاقية كلما كان التحكيم طواعياً أي قائماً على اتفاق الطرفين .

وعلى أي حال فإن ذكر هيئات التحكيم الدائمة في المادة ١ / ٢ هو سبب للقول بأنه في حالة محكمة التحكيم الدائمة فلا حاجة لتسمية المحكمين الأطراف النزاع، وذلك لأن ابلاغ الأطراف بأسماء المحكمين هو من المبادىء في عملية التحكيم وبدون ذلك يتجرد الأطراف من حقهم في الطعن بحيدة المحكم.

- وقد نصت الاتفاقية في الفقرة الثالثة من المادة الأولى على امكانية التحفظ، بمعنى أن للدول أن تقيد تطبيق الاتفاقية بالاعتراف ويتنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في أحد البلدان الأعضاء في الاتفاقية فقط، وهو ما فعله المشرع الكويتي على نحو ما أشرنا إليه سابقاً، وقد استفادت من هذه الرخصة حوالي ثلثي الدول الأعضاء في الاتفاقية  وقد أخذت كثير من محاكم هذه الدول يفحص الأحكام التحكيمية لبيان ما إذا كانت صادرة في دول متعاقدة.

وفي مقابل ذلك، فإن الدول التي لم تتحفظ على عدم تقييد انطباق الاتفاقية على الأحكام الصادرة في دول متعاقدة مثل ايطاليا تطبق الاتفاقية بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الصادرة عن أي دولة أخرى وقد أكدت هذا المبدأ المحاكم الإيطالية في كثير من أحكامها. وفي هذا الشأن لا تعند المحاكم بجنسية أطراف النزاع بل تعتد بالبلد التي صدر حكم التحكيم فيها .

 - التحفظ التجاري: Commercial Reservation

بالإضافة الى التحفظ الذي جاءت به الاتفاقية بخصوص حق الدول الأعضاء في تقييد اعترافها بالأحكام الأجنبية وتنفيذها بالأحكام الصادرة في الدول المتعاقدة فقط دون تلك الصادرة في البلدان الأخرى، فإنها أوردت تحفظاً ثانياً في الفقرة الثالثة من المادة الأولى بحق الدول الأعضاء في تقييد تطبيق الاتفاقية على الأحكام الصادرة بشأن المنازعات الناشئة عن روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية التي تعتبر تجارية طبقاً لقانونها الوطني.

ذلك يتضح المدى الواسع الذي تطبق فيه اتفاقية نيويورك في الدول المختلفة وهذا المدى يشمل:

۱ - جميع الأحكام غير الوطنية بما فيها الأحكام التي لا تتصف بالصفة ومن الوطنية رغم صدورها في اقليم الدولة ذاتها.

۲ - جميع الأحكام الصادرة في الدول المتعاقدة.

٣ - جميع الأحكام غير الوطنية الناشئة عن منازعات تجارية في طبيعتها.

٤ - جميع الأحكام الناشئة عن منازعات ذات طبيعة تجارية صادرة في بلد متعاقد آخر.

ه - الاحتمالات المختلفة الأخرى الناشئة عن التحفظات التي لم ترد بشكل خاص في المادة الأولى.

ومثال هذه الأخيرة ما ينص عليه القانون النيوزلندي من أن أحكام الاتفاقية لا تطبق في نيوزيلندا على الأحكام الصادرة في البلدان التي تعامل محاكمها أحكام التحكيم الصادرة في نيوزيلندا معاملة موضوعية غير مقبولة، وهذا التحفظ يمكن أن تستفيد منه أي دولة انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل .

إن مبدأ المعاملة بالمثل Reciprocity الوارد في اتفاقية نيويورك يختلف كلياً عما كان عليه الحال في ظل سلفها من الاتفاقيات اتفاقية جنيف الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لسنة ،۱۹۲۷ ، والاتفاقية الأوروبية الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي، جنيف ١٩٦١ ، حيث تتطلب هاتان الاتفاقيتان لتطبيقهما أن يصدر الحكم في دولة متعاقدة وأن يكون الأشخاص المعينين في التحكيم خاضعين لاختصاصها القضائي وقاطنين في دول متعاقدة مختلفة، فجاءت اتفاقية نيويورك لتطبق دون اعتبار الجنسية أو موطن أطراف النزاع واعتدت فقط بمكان صدور الحكم وعلى هذا فإن أحكام التحكيم التي تتعلق بالمصالح الكويتية يمكن تنفيذها على أسس تبادلية بموجب الاتفاقية لكونها صادرة عن دول أطراف في الاتفاقية .

إن التحفظ الخاص بالمنازعات ذات الطبيعة التجارية Commercial Nature يثير مشكلة صعبة خاصة في بلدان القانون العام حيث لا يعرف هذا القانون التمييز بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية، وقد ثارت هذه المشكلة ليس فقط في مجال تكييف الدول الأخرى للأعمال التي تعتبر تجارية لغرض تنفيذ الأحكام على أساس المعاملة بالمثل بل أيضاً في تفسير التشريع الوطني كذلك، وعلى ذلك حكمت محكمة الاستئناف العليا في بومبي بأن التحفظ التجاري الذي أخذت به الهند بموجب المادة ١ / ٣ من الاتفاقية لا يعني أن العقد بين الأطراف يجب أن يكون تجارياً بموجب نص في القانون الهندي بل يكفي أن يكون العقد تجارياً في طبيعته بموجب القانون الهندي.

فقد اعتبرت المحكمة أن العقد موضع السؤال الذي كان عقد شراء وبيع للسلع هو عقد ينشيء علاقة قانونية هي تجارية في طبيعتها بموجب القانون الهندي .

وقد أوضحت كذلك المحاكم الأمريكية بأن النزاع الناشيء عن العلاقة التجارية التقليدية هو النزاع الناشيء عن شراء وبيع البضائع بين مؤسستين.

ثانياً : الالتزام بالاعتراف باتفاق التحكيم

 - إنه لأمر منطقي أن تفرض الاتفاقية على الدول الأعضاء فيها الالتزام باتفاق التحكيم المبرم بين أطراف الخصومة لأن ذلك يجب يسبق الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي، ولهذا جاءت المادة الثانية منها لتعالج هذا الأمر في فقراتها الثلاث على النحو التالي :

١ - تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب التي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.

۲- يقصد باتفاق مكتوب شرط التحكيم في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو البرقيات.

٣- على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم، وذلك مالم تبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل ولا أثر له أو غير قابل للتطبيق.

وقد استهلت الفقرة الأولى من المادة الثانية بضرورة اعتراف الدول المتعاقدة بالاتفاق المكتوب بين أطراف النزاع لتسوية نزاعهم بواسطة التحكيم سواء أكان هذا النزاع قد نشأ أو سينشأ فيما بعد.

وهذا الاتفاق على التحكيم قد يكون بشكل شرط في العقد الذي يحدد العلاقة القانونية بين أطرافه ويسمى شرط التحكيم أو بشكل اتفاق مستقل عن التحكيم ويسمى مشارطة التحكيم والتي قد تبرم بعد نشوب النزاع بين الأطراف المعنية، فالتحكيم كما يجوز أن يتم بمشارطة بين المتحاكمين لعرض ما نشأ بينهم من نزاع بخصوص عقد معين على المحكمين، فإنه يجوز أيضاً أن يحصل الاشتراط عليه وقت ابرام العقد الأصلي وقبل طروء أي نزاع بشأنه بين أطرافه  .

وقد اعترف القضاء بعقد التحكيم متى صدر مطابقاً لأوضاعه الشكلية من أهلية المتعاقدين ومن تحريره بالكتابة ومن تضمنيه أحوال النزاع التي تطرح على المحكمين المعنيين بأسمائهم عند تفويضهم بالصلح أو بصفتهم أو بعددهم عند تفويضهم بالحكم في النزاع على الوجه المفصل في المواد ۷۰۲ - ۷۲۷ مرافعات مصري قديم، ولا يوجد ما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير وطنيين ويصدرون أحكامهم هناك إذ ليس في ذلك ما يمس النظام العام .

وقد أكدت الفقرة الأولى من المادة الثانية من الاتفاقية على أن الاتفاق يجب أن يكون مكتوباً وهو ما أخذ به المشرع عندنا في المادة ۱۷۳ مرافعات من أنه لا يثبت إلا بالكتابة، وذلك رغبة في تفادي النزاع حول إثبات محتوياته .

إن الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية تعتبران نصوصاً خاصة في التشريعات الوطنية ولذا فإنها تسمو على القواعد الوطنية ، كما أن التفسيير العمول به في معظم الدول المتعاقدة بأن شكل اتفاقية التحكيم لا يعتمد على القانون واجب التطبيق بل على الفقرتين ٢،١ من المادة الثانية من الاتفاقية، وبهذا تتأكد الصفة التوحيدية لقواعد الاتفاقية.

وقد شملت الفقرة الأولى كذلك المنازعات الناشئة من علاقات عقدية وغير عقدية: Legal relationship, whether Contractual or not.

ومع أن معظم المنازعات تثور في مجال العلاقات العقدية، إلا أن النص يتسع أيضاً للمسائل التحكيمية في مجال العلاقات القانونية غير التعاقدية Non-Contractual Legal Relationships بشرط أن مثل هذه المسائل تغطيها عبارات اتفاقية التحكيم .

وعلى ذلك حكمت محكمة يوكوهاما في اليابان بأن انهاء اتفاقية التوزيع يشكل عملاً تقصيراً Tortious Act يدخل ضمن المسائل التي تشملها اتفاقية التحكيم".

كما ذكرت محكمة الاستئناف الهندية في بومبي في هذا المجال فكرة شبه العقد Quasi - Contract ، مثال ذلك تقديم خدمات بموجب اتفاقية باطلة يمكن أن تؤدي إلى تعويض شبه عقدي .

ولا يكفي أن يكون شرط التحكيم أو مشارطته مكتوباً بل لابد من توقيع الأطراف عليها وهو ما تتطلبه الفقرة الثانية من المادة الثانية، وقد أضافت هذه الفقرة إلى أنه يدخل في عداد المقصود بالاتفاق المكتوب الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة والبرقيات. وهذا لا يعني التوقيع الشخصي على نسخة الرسالة المرسلة للطرف الثاني بل أن معنى ذلك أنه عند ابرام الاتفاقية من خلال تبادل الخطابات فإن واحدة منها أو كلها ينقصها التوقيع وأن الايفاء بالمتطلبات الكتابية يمكن أن يحصل إذا كانت الخطابات المتبادلة التي تتضمن اعتراف الأطراف بالاتفاق يمكن أن يتم تأييدها وتبنيها بوسائل أخرى " وقد ساوت المحاكم بين اتفاق التحكيم بواسطة البرقيات Telegrams وبين الاتفاق بواسطة الطابعة المبرقة Teleprinter حيث أن عدم ذكر الطابعة المبرقة كوسيلة للاتفاق في المادة ٢ / ٢ من الاتفاقية غير جوهري Immaterial فكلاهما شكل من أشكال الاتصالات المكتوبة بل أن الاتفاقية الأوروبية للتحكيم الدولي التجاري ساوت بينهما بشأن اتفاقات التحكيم خاصة وأن التحقق في كليهما من شخصية المرسل من الصعوبة بمكان في غياب التوقيع اليدوي.

ويثير التوقيع على العقود التي تتضمن شروطاً نمطية من بينها شرط تحكيم وارد بشكل أو بآخر، اعتبار التوقيع على هذا العقد بمثابة التوقيع على اتفاق تحكيم ويكفي أن نذكر في هذا الشأن ما ورد في أحد الأحكام الهندية، أنه وبدون إشارة صريحة الى (م (۲/۲) من الاتفاقية فإن المدعى عليه يجب أن يكون على علم بالشروط النمطية الجافتا G.A.F.T.A. Standard Conditions التي تتضمن شرط التحكيم بغض النظر عما إذا كان قد استلم صورة من الشروط النمطية، ذلك لأن العقد الذي وقعه الطرفان أشار صراحة إلى تلك الشروط وأنهما وافقا بشكل خاص على أن جزءاً من الشروط النمطية يجب أن يحذف

أخيراً فقد ذكرت محكمة يوكوهاما في اليابان  أن اتفاقية التحكيم كتابة يمكن أن يتجدد شفوياً أو ضمنياً Orally or Impliedly وقد أخذت المحكمة بقانون ولاية نيويورك لأن الاتفاقية لم تذكر ذلك في نصوصها.

أما الفقرة الثالثة من المادة الثانية فقد عالجت الحالة التي يعرض فيها النزاع على محكمة إحدى الدول المتعاقدة ويكون أطراف النزاع قد أبرموا اتفاقية تحكيم بخصوص هذا النزاع ،فإنها، وبناء على طلب أحد الأطراف، نحيل النزاع الى التحكيم مالم يتضح لها أن اتفاقية التحكيم باطلة ولاغية ولا يمكن تنفيذها.

وقد وضع هذا النص لبيان أن غرض الاتفاقية لا يتأثر بالالتجاء للمحاكم العادية في المرحلة السابقة على اتخاذ الحكم التحكيمي، فإن حدث ذلك وتم اللجوء للمحاكم فإن هذه المحاكم وبناء على المادة (٢ / ٣) تحيل الأطراف للتحكيم إلا إذا كانت اتفاقية التحكيم باطلة أو لا يمكن تنفيذها، فالاتفاقية تعطي أطراف النزاع الحق في استبعاد اختصاص المحاكم وبالتالي يصبح وقف الأجراءات أمام المحاكم أمراً الزامياً عليها فلا سلطة تقديرية لها في ذلك ، وفي هذا تقول محاكمنا  أن شرط التحكيم هو اتفاق يتنازل كل من الطرفين بموجبه على الالتجاء للقضاء للذود عن حقه وهو لا يسلب القضاء الاختصاص بنظر النزاع ولكنه يترتب عليه منع القاضي من سماع الدعوى. كما أن الدفع بوجوب عرض النزاع على محكمين هو دفع بعدم القبول ويجوز ابداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة في الاستئناف، وأن الرد على موضوع الدعوى لا يفيد الرضا بتولي القاضي الفصل فيها ولا يشف عن التنازل عن هذا الدفع، ذلك أن المشرع يجيز التراخي في ابدائه. وهو ما أخذت به محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها من أن تحويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلا قائم على الطبيعة الاتفاقية التي يتسم بها شرط التحكيم مما يجعله غير متعلق بالنظام العام ولذا فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها ويجوز كذلك النزول عنه سراحة أو ضمناً. وإذا كانت الأحكام قد طبقت نصوص القوانين الوطنية إلا أنها تتفق في المضمون مع ما جاءت به الفقرة الثالثة من المادة الثانية من الاتفاقية .

كما أن محكمة يوكوهاما قررت بأن شرط التحكيم يستمر في إلزامه لأطراف التحكيم بشكل منفصل عن إنهاء العقد الأساسي حيث يفيد الشرط بأن جميع المنازعات المتعلقة بالاتفاق يجب أن تحال للتحكيم.

وكذا فعلت محكمة مقاطة يورتوريكو في الولايات المتحدة حيث قررت بأن شرط التحكيم كان واسعاً بما فيه الكفاية ليشمل المطالبة القائمة على إنهاء العقد انهاءاً غير قانوني، أن الاتفاقية نفسها لم تشتمل على نصوص خاصة بانفصالية Separability شرط التحكيم ولهذا السبب تشير المحاكم الى القوانين الوطنية في معاملة شرط التحكيم معاملة مستقلة على النحو الذي ذكرنا في القضايا السابقة .

تنص المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك على أن : تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة في الاقليم المطلوب إليه التنفيذ، وطبقاً للشروط المنصوص عليها في المواد التالية . ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروطاً أكثر شدة ولا رسوماً قضائية أكثر ارتفاعاً بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنية . 

قد أقرت في حكم شهير لها بأن التحكيم التعاقدي أو الحر يقع ضمن نطاق اتفاقية نيويورك. لكن المحكمة الالمانية في هامبورج قضت بغير ذلك، وأيدها في هذا الاتجاه بعض الفقه وقد بنت المحكمة الالمانية حكمها على ان اتفاقية نيويورك تراعي شرطين :

(۱) ان حكم التحكيم ملزم لاطراف الخصومة في التحكيم.

(۲) قابلية التنفيذ في نفس البلد الذي صدر فيها .

وحكم المحكمة الالمانية لم يتطرق لحكم المحكمة الايطالية بل ميز بين اتفاقية جنيف لسنة ۱۹٢٧ التي تستبعد احكام التحكيم الاتفاقي أو الحر وبين اتفاقية نيويورك التي لا تتطلب الصيغة التنفيذية من بلد أصل الحكم .

ان تطبيق احكام الاتفاقية على احكام التحكيم القضائي أو الاجرائي يحدد مجالها بشكل غير سليم، وبالتالي يفتح مسألة ازدواج الصيغة التنفيذية ولهذا السبب جاء القانون الايطالي الذي يطبق الاتفاقية موضحا لهذه النقطة ومن ذلك يتضح أن أحكام الاتفاقية تنطبق على أحكام التحكيم الحر وأحكام التحكيم القضائي سواء بسواء وهو ما يمكن الأخذ به في قانوننا الوطني الذي يأخذ بنظامي التحكيم المشار اليهما .

ان الاعتراف وتنفيذ احكام التحكيم Recognition and Enforcement of Awards الناجم عن التحكيم التعاقدي لا يرقى الى مرتبة قبول مبدأ تجريد أحكام التحكيم من صفتها الوطنية Principle of Denationalisation of Arbitral Awards وانما يمنع فقط الجهة المختصة في البلد المطلوب منها التنفيذ من اخضاع الحكم الى معايير مستمدة من قانون الاجراءات المطبقة في تلك البلد، وهذا القول ينسجم  مع التفسير السليم لاتفاقية نيويورك التي لا تنص على اجراء نمطي لتنفيذ الحكم ولكنها تضع المطلب الأساسي الملزم في طبيعته الذي يجب أن يتوفر في الحكم ليكون قابلا للتنفيذ، ويتبع ذلك انه بالسماح بتنفيذ الحكم التعاقدي Lodi Irrituale لا ينتج أي تمييز على النحو الذي أخذت به المحكمة الالمانية، فالنظام الذي اخذت به اتفاقية نيويورك لم يتطلب توحيد الاجراءات الوطنية التي تطبق التنفيذ الحكم الاجنبي . ولهذا فان الحكم الذي يكون قابلا للتنفيذ بموجب قواعد الاتفاقية يخضع فيما يتعلق بطلب الاذن بتنفيذه لقواعد الاجراءات المطبقة في بلد التنفيذ وهذه القواعد قد تختلف عن القواعد المعمول بها في بلد الاصدار شرط أن لا يكون في القانون الوطني في بلد التنفيذ ما يبطل المبادىء التي وضعتها الاتفاقية ولا يضع شروطا أشد أو رسوما قضائية أو مصاريف اكثر من تلك التي تفرض في حالة احكام التحكيم الوطنية . ويرى البعض في هذا الشأن إلى أن الاتفاقية وان قربت بين أحكام التحكيم الأجنبية وأحكام التحكيم الوطنية الا أنها لم تذهب الى حد التسوية بينهما واذا كان الأمر كذلك في ظل اتفاقية نيويورك فان الكويت. وقد انضمت اليها بموجب القانون رقم ۱۰ لسنة ۱۹۷۸ فان هذا الانضمام سيحقق التوازن بين موقف الكويت وموقف الدول الأجنبية، خاصة وقد جرت حكومة الكويت على تنفيذ ما يصدر عليها من أحكام تحكيم أجنبية بسهولة ويسر قبل انضمامها للاتفاقية وذلك بموجب المواد ٢٤ ، ۲٥ ، ۲۹ ، ۳۰ من القانون رقم ه لسنة ١٩٦١ بتنظيم العلاقات ذات العنصر الأجنبي اذا توافرت الشروط الواردة في المادة ٢٧٦ مرافعات مدنية وتجارية (قديم) والتي تماثل المادة ۱۹۹ مرافعات جديد.

ويترتب على انضمام الكويت للاتفاقية ان احكام المحكمين الصادرة في الكويت يمكن تنفيذها في الدول الاطراف في هذه المعاهدة باجراءات مبسطة  .

شروط تنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي

 ان التزام الدول المتعاقدة بتنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي الصادر وفقا لقواعد اتفاقية نيويورك لا يكون مطلقا بل لابد من توافر شرورط معينة فيه أوضحتها المادة الرابعة من الاتفاقية بأن على من يطلب الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الاجنبي أن يقدم مع الطلب الحكم الأصلي موثقا أو صورة منه معتمدة، واتفاقية التحكيم الأصلية الواردة في المادة الثانية من الاتفاقية أو صورة منها معتمدة، واذا كان الحكم المذكور أو اتفاقية التحكيم غير محررين باللغة الرسمية للبلد المطلوب اليها التنفيذ فان على طالب الاعتراف والتنفيذ أن يقدم ترجمة لهذه المستندات بتلك اللغة ويجب أن يشهد على الترجمة موظف رسمي أو مترجم محلف أو أحد رجال السلك الدبلوماسي أو القنصلي .

وقد أشارت الى ذلك كثير من احكام المحاكم فمحكمة استئناف جنوا أفادت بأن المدعي قد قدم وسائل الاثبات التي تتطلبها الاتفاقية بموجب المادة الرابعة منها وهي :-

أ - الحكم التحكيمي الأصلي موثقا Authenticated Original of the Award مصحوبا بترجمة محررة من قبل مترجم محلف .

ب مشارطة ايجار موثقة وموقعة من اطراف النزاع تحتوي على شرط التحكيم الذي يشكل اتفاقية التحكيم كتابة بموجب المادة ٢/٢ من الاتفاقية ومصحوبة بترجمة محررة من مترجم محلف .

وكذا محكمة إستئناف بريسكيا الايطالية التي ذكرت دون الإشارة صراحة إلى المادة ١/٤ من الاتفاقية بأن المدعي قد قدم نسخة من حكم التحكيم الموثق من الموثف العدلي في لندن والذي اعتمد توقيعه من القنصل العام الايطالي في لندن وقدم كذلك نسخة العقد الموقع من المدعي عليه والذي يتضمن شرط الإحالة إلى التحكيم، موثقاً من القنصل العام الايطالي في انتويرب ببلجيكا كما قدم المدعي ترجمة لهذه المستندات في ايطاليا بالشكل الذي يتطلبه القانون. وفعلت الشيء نفسه المحكمة الهولندية بقولها أن المدعي قدم نسخة معتمدة من اتفاقية التحكيم وكذا نسخة معتمدة من الحكم التحكيمي الصادر في بروكسل في اکتوبر ۱۹۸۰ والذي يحمل الصيغة التنفيذية التي منحها رئيس المحكمة الكلية Tribunal de grand instance في باريس في ٢ ديسمبر ۱۹۸۰ .

وهكذا يتضح ان القضاء يتطلب توافر الشروط الواردة في الإتفاقية حتى يمكن الاستجابة لطلب الحصول على تنفيذ الحكم التحكيمي الاجنبي .

ويلاحظ على نص المادة الرابعة انه لم يتطلب أن يكون اصل اتفاقية التحكيم موثقا Authenticated كما فعل بحكم التحكيم الأصلي ولأن الاتفاقية لم توضح المعنى المقصود بالمستندات الموثقة أو المعتمدة، فإنه يمكن تعيين هذا المعنى على ضوء المفاهيم السائدة في بلد التنفيذ وقد أخذت المحكمة العليا في هامبورج في احد أحكامها بأن الاذن بالتنفيذ الذي تمنحه محكمة أجنبية يرقى الى مرتبة التوثيق . بل انها اعتبرت أن أمر المحكمة الأجنبية يمكن أن يحل محل الحكم المعتمد الذي تتطلبه المادة الرابعة من اتفاقية نيويورك، ومن جهة أخرى حكمت محكمة كولن Koln برفض الاعتراف بالحكم التحكيمي لأن الشهادات الادارية والدبلوماسية تتعلق بتوقيعات المحكمين وليس بمطابقة نسخة النص للحكم الأصلي .

ولذا نجد ان تشريعات بعض الدول أفصحت عما تقصده بتوثيق اعتماد المستندات لاغراض الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية بموجب قواعد اتفاقية نيويورك وذلك في القوانين التي أصدرت بموجبها الاتفاقية .

وكما هو الحال بالنسبة للتوثيق أو الاعتماد الذي يجب أن يتم وفقاً لقانون الدولة التي يطلب إليها تنفيذ الحكم التحكيمي فإن الموظفين والمترجمين المحلفين ورجال السلك القنصلي والدبلوماسى الذين يعتد بترجمتهم وتوثيقهم للمستندات المطلوبة لتنفيذ الحكم هم من يعترف بهم قانون هذه الدولة التي يطلب منها التنفيذ، وهذه الدولة عليها التزام بالاعتراف بأن بعض الموظفين أو المترجمين المحلفين وبعض رجال السلك القنصلي أو الدبلوماسي لهم سلطة اعتماد ترجمة اتفاقات التحكيم وأحكامه التي تخضع لقواعد اتفاقية نيويورك .

ومع ذلك فان الاتفاقية لم تتطرق الى حالة فشل طالب التنفيذ في تقديم المستندات اللازمة لتنفيذ الحكم وكل ما جاءت به هو أن على طالب التنفيذ يقدم المستندات التي ذكرناها سابقا وقت تقديم طلب الحصول على التنفيذ، لكنها لم تحدد النتائج الناجمة عن عدم تقديمها .

ولذا حكمت محكمة النقض الايطالية  برفض طلب التنفيذ من تلقاء نفسها بغض النظر عن موقف المدعي عليه اذا لم تقدم اتفاقية التحكيم مع الحكم التحكيمي، ومع أن قانون بلد التنفيذ قد يرفض طلب الحصول على التنفيذ الا أنه يعطي للطالب فرصة لتقديم المستندات أو الشهادات .

وأخيرا فان بعض المحاكم لم تصر على المتطلبات الرسمية اذا كانت على دراية بلغة الحكم وهو ما أخذت به محكمة هولندية في قضية كان الحكم فيها محررا بالانجليزية  .

ان الاتفاقية بسماحها للدولة التي يطلب اليها تنفيذ الحكم التحكيمي تطبق قواعد قانون الاجراءات فيها على النقاط التي لم تنظم بشكل خاص، فانها تسمح لهذه الدول بتعيين حدود زمنية لطلب الاعتراف أو التنفيذ بشرط أن هذا التحديد الزمني لا يثير صعوبة غير معقولة في سبيل الحصول على الاعتراف أو التنفيذ والتحديد الزمني الوارد في قانون الولايات المتحدة الذي يطبق الاتفاقية ثلاث سنوات هو تطبيق لهذا المبدأ حيث وجد ان فترة السنة التي كانت مطبقة قبل ذلك تعتبر قصيرة بالنسبة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ويمكن التوصل الى حل مماثل في مثل الحالة حيث يعتبر الحق في الحصول على تنفيذ الحكم ساقطا، وهنا فإن للدولة المتعاقدة ان تتبنى القواعد الخاصة بها الى الحد الذي لا تجعل التنفيذ صعبا بشكل غير معقول وكمثال على الحكم الذي رفض تطبيق تنفيذ الحكم لأن الطرف الذي طلب تنفيذ الحكم اعتبر متنازلا عن حقه في الطلب ما قررته المحكمة العليا لمقاطعة كانتون في جنيف The Higher Court of the Canton of Geneva في أحد القضايا ، حيث أن طالب التنفيذ كان قد طلب سابقا اتخاذ اجراءات قضائية في جنيف دون طلبه على أساس الحكم التحكيمي ولما عاد فأثار طلب تنفيذ الحكم التحكيمي اعتبر متنازلا عنه كحكم أن يبني

قضائي .

وما قيل بشأن تحديد مدة زمنية لتنفيذ الحكم التحكيمي يقال عن اتفاقية التحكيم، فاذا بدأ التحكيم وبعد ذلك عجز المدعي عن اتخاذ الخطوات التالية لسماع المرافعة واصدار الحكم التحكيمي وطال الزمن به بحيث أصبح من غير الممكن الحصول على مرافعة مرضية في النزاع فان القضاء يعتبر هذا التأخير بلا مبرر ويؤدي الى احداث ضرر بالمدعي عليه وبالتالي يرفض اتخاذ أي اجراء لاحق لتقديم الطلب.

ويثور في مجال أحكام التحكيم الأجنبية، مسألة تنفيذ الأحكام في مواجهة الدول الأجنبية وما يتبع ذلك من الدفع بحصانة الدولة، ولأن الاتفاقية لم تنظم هذا الموضوع  فان الدول المتعاقدة حرة في التقيد بالتزاماتها، اذا وجدت هذه الالتزامات بموجب القانون الدولي في منح الحصانة Immunity دون اعتبار لما اذا كانت الدولة الأجنبية موضع السؤال من الدول المتعاقدة أم لا، فقد ترى المحكمة ان اتفاقية التحكيم تشكل تنازلا Waiver عن الحصانة من جانب الدولة الأجنبية لا تتطلبه الاتفاقية .

كما قد رفضت بعض الأنظمة القانونية الاختصاص بتنفيذ الحكم التحكيمي الناشيء عن العلاقة بين مؤسسة حكومية وجهة خاصة في صفقة تجارية ما لم تكن الصفقة التي أثارت التحكيم تتصل اتصالا جوهريا بالدولة المطلوب منها التنفيذ، ففي قضية الحكومية الليبية ضد الشركة الفرنسية الامريكية الليبية ليامكو قررت المحكمة الفيدرالية السويسرية بأن الحكم التحكيمي الصادر في سويسرا لا يمكن تطبيقه لأن الصفقة لا تمت بصلة جوهرية الى سويسرا فالمحاكم السويسرية ينقصها الاختصاص لتمنح اجراءات التنفيذ في مواجهة سيادة اجنبية Foreign Sovereign ويبقى السؤال ما اذا كان حكم ليامكو (Liamco) قد صدر في فرنسا بحيث يستفيد من أحكام اتفاقية نيويورك وبالتالي فان رفض المحاكم السويسرية لممارسة اختصاصها في التنفيذ يعتبر إخلالا بالتزام من التزامات الاتفاقية ونحن نرى ان الدول الاجنبية أو احد المؤسسات التابعة لها التي تدخل في  علاقة تجارية مع أحد أطراف القطاع الخاص تعتبر تاجرا وتخضع لما يخضع له التجار من قواعد قانونية وأحكام محاكم واحكام تحكيمية.

رفض تنفيذ أحكام التحكيم الاجنبية :

 - نصت المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك على حالات رفض تنفيذ احكام التحكيم فهي تحدد مجال الدفوع التي يمكن اثارتها في مواجهة الاعتراف وتنفيذ الحكم التحكيمي، ويلاحظ في هذا الشأن ان بعض المسائل التي تثار في ظل هذه المادة تشبه تلك التي تتعلق بتطبيق المادة الثانية من الاتفاقية .

ان العلاقة بين المادة الخامسة والثانية توضحها الفقرة 1/أ من المادة الخامسة بقولها ان أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية وهذه العلاقة تتطلب ان تكون الاتفاقية التي يقوم عليها الحكم مكتوبة، كما تتطلب توافر . جميع المتطلبات  الشكلية في الحكم كتلك التي تتوافر في الاتفاق على التحكيم سواء بسواء  .

ان تطبيق المتطلبات الشكلية الخاصة بالكتابة التي جاءت بها المادة الثانية قد تعززت بما ورد في المادة ١/٤ ، التي ذكرت عند تعدادها المستندات اللازمة للاعتراف وتنفيذ الحكم التحكيمي، من ضرورة تقديم الاتفاق الأصلي على التحكيم المشار اليه في المادة الثانية أو صورة معتمدة منه، مما يدل صراحة على الحاجة الى أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا بالمعنى الوارد في المادة الثانية  .

وقد أشارت أحكام كثيرة الى أن المتطلبات الشكلية الواردة في المادة الثانية التي تطبق على اتفاقية التحكيم تطبق أيضا على الاعتراف وتنفيذ الاحكام التحكيمية .

ان نص المادة الخامسة تقيد الطعون بالاعتراف وبتنفيذ أحكام التحكيم بناء على طلب المدعي عليه بالحالات التالية :-

۱ - عدم أهلية واحد أو أكثر من أطراف اتفاقية التحكيم وفقا للقانون الذي ينطبق عليهم .

٢ - ان اتفاق التحكيم غير صحيح وفقا للقانون الذي أخضعه له الاطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا للقانون الذي صدر فيه الحكم .

٣ - ان الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن اعلانا صحيحا بتعيين المحكم أو باجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه .

٤ - ان الحكم فصل في نزاع غير وارد في مشارطة التحكيم أو في عقد التحكيم أو تجاوز حدودهما فيها قضى به. ومع ذلك يجوز الاعتراف وتنفيذ جزء من الحكم الخاضع أصلا للتسوية بطريق التحكيم اذا أمكن فصله عن باقي أجزاء الحكم الغير متفق على حلها بهذا الطريق .

ه - ان تشكيل هيئة التحكيم أو اجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه الأطراف أو قانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق .

٦ - ان الحكم لم يصبح ملزما للاطراف أو أن السلطة المختصة في بلد اصدار الحكم أو التي صدر الحكم بموجب قانونها، قد ألغته أو اوقفته .

كما يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب اليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ اذا تبين لها:

أ - إن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم .

ب - أو أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد .

وقبل أن ندخل في تفصيل فقرات المادة السابقة لابد لنا من ذكر الملامح العامة لها وهي : -

أ ـ ان أسس رفض التنفيذ قد ذكرت في المادة على سبيل الحصر.

 ب - ان عبء اثبات أسس رفض التنفيذ المذكورة آنفا يقع على عاتق المدعى عليه .

الرابعة والخامسة فقرة (۱) منها، مقسم بين المدعي والمدعى عليه، وبالتالي امتنعت المحكمة عن فحص أسس رفض التنفيذ الواردة في المادة ١/٥ من تلقاء نفسها لعدم وجود المدعى عليه لكنها فعلت ذلك بالنسبة للفقرة الثانية من المادة نفسها فيما يتعلق بقابلية النزاع للتحكيم وبعلاقة الحكم التحكيمي بالنظام العام .

وبالنسبة للخاصية (جـ) فإنه لا ، للمحكمة بإعادة فحص الحكم يسمح التحكيمي موضوعيا وقد أكدت ذلك محكمة استئناف ميلان في رفضها لاعتراض المدعى عليه على تنفيذ الحكم على أساس فشل المحكمة التحكيمية في النظر الى نوعية البضائع المسلمة إليه وانها لا تتفق مع الوصف الذي تم التعاقد عليه .

ان المحكمة العليا في اسبانيا  رفضت اعتراض المدعى عليه بأن العقد وقع من شخص غير مخول بالتوقيع الأمر الذي يتطلب اعادة فحص الحكم التحكيمي على أساس موضوعي، وقد أشارت المحكمة في ذلك الى الجزء الثاني من المادة الخامسة، الفقرة أى . والذي يمكن بواسطتها الغاء الحكم في البلد الذي صدر فيه .

ومع ان اعتراض المدعى عليه ظاهر الضعف لأنه قد قبل العقد الا أن المحكمة كان يمكنها التعامل مع هذا الاعتراض بموجب المادة الخامسة فقرة (۱) /أ والذي يرفض التنفيذ بموجبها إذا كان أطراف اتفاقية التحكيم عديمي الأهلية بموجب القانون واجب التطبيق أن قاعدة عدم اخضاع المحكمة للحكم التحكيمي للمراجعة الموضوعية مقيد بمعنى أن المحكمة قد تفحص الحكم الأغراض اثبات الأسس التي يقوم عليها رفض التنفيذ.

وهذا المبدأ يوضحه حكم محكمة استئناف ترينتو في ايطاليا فقد ادعى المدعى عليه بأن المحكمين في سوريا قد تجاوزوا صلاحياتهم بالنظر في أمور فنية كانت محجوزة بموجب شرط التحكيم في العقد للتحكيم وفق قواعد غرفة التجارة الدولية ICC في باريس وبعد أن أكدت بأن القاضي الايطالي الذي يقرر تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي لا يسمح له بفحص الحكم موضوعيا أفادت بأن هذا المبدأ لا ينطبق على فحص ما اذا كان المحكم الاجنبي قد تجاوز حدود سلطنه وعلى الأخص فحص المسائل التي تتعلق باختصاصه. ففحص مسائل الاختصاص تخضع لسلطة القاضي الايطالي بشكل ارادي ومستقل، لقد أكدت المحكمة بأنها لم تفحص أسس المنازعات سواء من ناحية القانون، أو الواقع واستكمالاً لخواص الاتفاقية المذكورة سابقا لابد من ذكر بعض المسائل التي أثيرت في السنوات الأخيرة .

ان حل المسائل المتعددة يعتمد غالبا على قواعد القانون الدولي الخاص المطبق في بلد التنفيذ وهذه القواعد قد تشير الى انظمة أخرى لتحديد مجال الدفوع التي يمكن اثارتها وطبيعة عملية التنفيذ هذه قد ينجم عنها عدم ملاءمة تطبيق الاتفاقية من جراء اختلاف قواعد القانون الدولي في الدول المتعاقدة. فبالنظر الى القانون الاجنبي الذي يقضي بعدم تطبيق الحكم التحكيمي. يفضل التركيز على فاعلية الاحكام التحكيمية للمنازعات على اعتبار انها من طبيعة تجارية دولية  . 

أن الاتفاقية تفسح المجال لقواعد تنازع القوانين لتأخذ دورها، مثال ذلك،فكرة عدم أهلية الأطراف بموجب القانون واجب التطبيق عليهم، مما يتيح للمحكمة المطلوب منها تنفيذ الحكم بيان القانون الشخصي الذي يحسم هذه المسألة .

وبالمثل فان نص المادة ۲/۱/٥ بأن الحكم يجب الا يتجاوز مجال اتفاق التحكيم يتطلب صياغة اتفاقية التحكيم ومجال الاختصاص الذي تمنحه هذه الاتفاقية .

هذا التحديد يجب أن يتم وفقا للقانون الذي يحكم اتفاقية التحكيم نفسها وليس قانون محكمة التنفيذ .

وبعد ذلك نستعرض حالات الطعن برفض تنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي الوارد في المادة الخامسة بفقرتيها الاولى والثانية

 - حالات رفض تنفيذ الحكم بناءً على طلب المدعى عليه في التنفيذ :

۱ - نقص أهلية أحد أطراف التحكيم أو عدم صحة اتفاق التحكيم .

ان الفقرة ٢/١ من المادة الخامسة تضع قاعدتين مختلفتين للاهلية اللازمة لابرام اتفاقية التحكيم والجوانب الأخرى لسريان الاتفاقية باستثناء الشكل الخاضع للمادة الثانية  .

وقد أخذت المحكمة الفيدرالية الألمانية  بوجهة النظر التي يرى أن الاختيار الضمني يدخل في مفهوم المادة الخامسة فقرة ٢/١ .

٢ - ان الخصم المطلوب تنفيذ الحكم في مواجهته لم يعلن اعلانا صحيحا بتعيين المحكم أو باجراءات التحكيم أو كان يستحيل عليه ان يقدم دفاعه لسبب أو لآخر.

تنص الفقرة الثانية من المادة الأولى على أن احكام التحكيم لا تشمل الاحكام التي يصدرها المحكمون المعينون على أساس الحالات المنفردة - وهو ما يسمى بالتحكيم الحر أو الخاص Ad hoe Arbitration فقط بل كذلك الاحكام الصادرة عن هيئات التحكيم الدائمة التي يطلق عليها التحكيم المؤسس Institutional Arbitration ، وفي مثل هذا التحكيم الذي يتم بواسطة هيئات التحكيم الدائمة لا جدال في أن أسماء المحكمين لا تعلن لأطراف النزاع) أما في التحكيم الخاص فان أحد مبادىء عملية التحكيم الأساسية هي أن يعلن اطراف النزاع باسم المحكم لأن نقص المعلومات المتعلقة في هذا الشأن يجرد الاطراف من حق أساسي في الطعن بتحيز المحكم ، ولذا فانه يعتبر مخالفا للفقرة ١ / ب من المادة الخامسة التي تتطلب اعلان المدعي عليه بتعيين المحكم اعلانا صحيحا .

ان أحد الاعذار التي يتمسك فيها المدعى عليه هي أن الوقت اللازم الاعداد دفاعه والظهور أمام المحكم غير كاف" هذا العذر يعتبر مرفوضا ذلك لان جراءات التحكيم التي تتطلب بطبيعتها حسما سريعا للجدل، تتضمن بطبيعتها وقتاً أقصر من الوقت اللازم للظهور أمام المحاكم، وعلى ذلك اعتبر ا القضاء ان فترة (٤٠) يوما كافية ليحضر فيها المدعى عليه دفاعه ويظهر أمام المحكم .

وبموجب القانون الاسباني فان الحكم التحكيمي الصادر الخارج غياب المدعى عليه لا يمكن تنفيذه في اسبانيا وقد علقت على ذلك المحكمة العليا الاسبانية في أحكامها بأنه اذا اعتبرت نصوص القانون الاسباني في هذا الشأن من النظام العام فان الاتفاقية تصبح عبارة عن ورقة ميتة لأنه يكفي المدعى عليه الاسباني لتجنب تطبيق حكم التحكيم مستقبلا مجرد عدم تعاونه في تعيين المحكمين .

وأكدت محكمة استئناف ميلانو أن خطأ المدعى عليه لا يعتبر دفاعا مقبولا بموجب الاتفاقية شرط أن يتم استدعاؤه بالشكل الصحيح  .

واعلان المدعى عليه يعتبر صحيحا اذا تم بواسطة البريد المسجل حتى ولو حمل تأشيرة البريد المسترجع بأنه مرفوض  وقد أخذ القضاء الايطالي بصحة اعلان المدعى عليه بواسطة البريد المسجل المصحوب بعلم الوصول Registered Letter against return receipt أو بواسطة ادارة التنفيذ بواسطة أحد المحضرين Bailiff .

وقد الزمت المادة ۱۷۹ مرافعات كويتي المحكم باخطار الخصوم بتاريخ أول جلسة تحدد لنظر النزاع وبمكان انعقادها وله أن يعلن الخصوم بأي شكل مناسب بدون أن يتقيد بالقواعد المقررة في قانون المرافعات للاعلان .

وازاء هذه الحرية التي منحها المشرع للمحكم لا نرى ما يمنع المحكم من اعلان الخصوم بقبول المحكم للتعيين وبالاجراءات التي ستطبق على التحكيم بأي وسيلة يراها محققة للغرض كالرسائل المسجلة المصحوبة بعلم الوصول أو عن طريق المحضر، أو عن طريق تسليم الاعلان المكتوب شخصيا للمدعى عليه مع توقيعه بالاستلام الى غير ذلك من الوسائل التي تحقق الغرض من تمكين المدعى عليه من معرفة اسماء المحكمين واجراءات التحكيم ومواعيده .

ومن ذلك يتضح مدى رقابة القانون الوطني على اجراءات التحكيم فيها يتعلق بعدم مقدرة أحد الاطراف على عرض قضيته سواء أكان ذلك ناجما عن عدم اعلانه بالاجراءات أو لأي سبب آخر هذه الرقابة التي تمارس بخصوص العدالة الاجرائية Procedural fairness تتصل بفكرة النظام العام Public Policy في بلد التنفيذ .

ومع ذلك نجد ان المادة الخامسة فقرة ٥/١ منها تنص على ضمان عملية تحكيم سليمة وعدالة اجرائية تتمشى مع قانون المحكمة الوطني، خاصة فيما يتعلق بتمكين المدعى عليه من عرض قضيته، فاذا لم يتحقق ذلك وانكرت عليه المحكمة التحكيمية مثل هذا الحق، فان المحكمة الوطنية تتدخل لمنع تنفيذ الحكم في مواجهته .

وهكذا نجد انه في الحالة التي عجز فيها المدعى عليه عن تقديم شاهد معين له أمام المحكمة التحكيمية . بسبب ارتباطه بالقاء محاضرة في احدى الجامعات اعتبر ذلك على ان عجز أحد الاطراف عن تقديم شاهده أمام محكمة التحكيم هو مخاطره تكمن في الاتفاق على الاحالة للتحكيم، ولذا فقد هذا الطرف حقه في تقدیم شاهده وليس له اجباره على الحضور كما هو الحال في اجراءات المحاكم العادية، وعليه فقد استعملت المحكمة سلطتها التقديرية في رفض جدولة جلساتها لتناسب ظروف شاهد المدعى عليه  .

3- تجاوز الحكم حدود اتفاق التحكيم فيما قضى به .

تتطلب المادة في فقرتها ١ / جـ ان لا يتجاوز حكم التحكيم مجال اتفاقية التحكيم. ونوضح بادئ ذي بدء ان الاتفاقية اشارت الى عبارة «الاحالة للتحكيم وليس الى اتفاقية التحكيم عند تقرير اختصاص المحكمة التحكيمية مما يمكن القول بان الاحالة الشكلية من الصعب اعتبارها عاملا ضروريا ذلك لأن العديد من القوانين الوطنية لا تتطلب أن يحال النزاع الى التحكيم بواسطة اتفاق محدد اذا كان النزاع يدخل ضمن مجال شرط التحكيم، فالاتفاقية تقصد القول بأن اختصاص المحكمة التحكيمية يجب أن يتم تقديره طبقا لموضوع النزاع الذي يطلب من المحكمة التحكيمية أن تفصل به  .

وهذا ما أكده التعليق الرسمي على مشروع الاتفاقية الذي أفاد بأن عبارة الاحالة للتحكيم Submission to Arbitration قد استخدمت بالمعنى الواسع وقصد منها الا تستعمل بحيث تشمل شرط التحكيم في العقد فقط بل الاتفاق المحدد كذلك "

The expression "Submission to arbitration" was used in a Broad sense, and was intended to include not only an arbitral clause in a contract, but also a specific Compromise",

وبعد ذلك تدخل في تفصيل مضمون الفقرة ١/ جـ من المادة الخامسة . فحتى نقرر ما اذا كان الحكم التحكيمي قد تجاوز مجال اتفاقية التحكيم، يجب بيان اتفاقية التحكيم وتأكيد طلب الاطراف للتحكيم وادعاءات المدعى عليه .

ان اتفاقية نيويورك لم تحدد القانون الواجب التطبيق على هذه المسائل، ومع ذلك، ولأنها وثيقة الصلة بنفاذ اتفاقية التحكيم، فان القاعدة التي تحكم اختيار القانون المذكور في الفقرة ٢/١ من المادة الخامسة نفسها يمكن تطبيقها في هذه الحالة أيضا، وهذا الاتجاه أخذت به ضمنيا المحكمة الفيدرالية الالمانية". فقد أشارت في حكمها الى أنه يمكن رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي بناء على معارضة أحد أطراف النزاع اذا كان حكم التحكيم قد تجاوز الاحالة للتحكيم أو شرط التحكيم، ويقع على عائق الطرف المعارض عبء اثبات وتأكيد وقوع أحد الأسباب الواردة في الاتفاقية والتي يمكن على أساسها رفض التنفيذ ...

كما أشارت إلى أن القانون الذي يحكم الغافية التحكيم باعتباره القانون الذي اختارته أطراف التحكيم هو القانون الروماني حيث كان شرط التحكيم يشير الى احالة النزاع الناشيء عن العقد المبرم بين بائع ومشتر الى لجنة التحكيم التابعة لغرفة تجارة وصناعة رومانيا .

ويمكن أن نجد في حكم محكمة استئناف الولايات المتحدة في احدى القضايا التي ثارت بين احدى الشركات الأمريكية واحدى المؤسسات المصرية ومحاولة الجانب الأمريكي الطعن برفض تنفيذ الحكم التحكيمي الصادر عليه () مايوضح الأسس والمعايير التي قامت عليها الفقرة ١ / جـ من المادة الخامسة فإن نيويورك فمما قالته في هذا الشأن: انه بموجب الفقرة ١/ جـ من المادة الخامسة فان المرء يمكن ان يدفع بعدم تنفيذ الحكم التحكيمي اذا أثبت بأن الحكم يعالج نزاعا لا يقع ضمن شروط الاحالة للتحكيم إذ أنه يتضمن قرارات في مواضيع خارجة عن مجال الاحالة للتحكيم مما يسمح بابطال الحكم التحكيمي اذا تجاوز المحكمون السلطات الممنوحة لهم كما يعتبر أساسا للطعن في الحكم التحكيمي التحكيم في مادة الموضوع اذا لم يكن ضمن الاتفاق على الاحالة للتحكيم، وهذا الدفع في تنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي يجب أن يفسر بأضيق الحدود .

وقد حكم القضاء الأمريكي في قضية أخرى بأن المحكمين قد تجاوزوا عند سلطاتهم عندما أدخلوا في الحكم الأضرار التبعية أو اللاحقة وبالتالي يكون الحكم غير قابل للتنفيذ بموجب الفقرة ١ / جـ من المادة الخامسة من الاتفاقية، وهذا الطعن قائم على نصوص العقد المبرم بين الطرفين التي تستبعد صراحة من التعويض أي مبالغ مقابل الربح الفائت وبالتالي يكون الحكم بالتعويض عن الأضرار التبعية خارجاً عن مجال النزاع.

ويتضح من استعراض احكام القضاء بشأن ما جاءت به الفقرة ١/جـ انها تتشابه في تفسيرها للنص تفسيرا ضيقا وتحاول جاهدة التوفيق بين مصالح الاطراف المتناقضة وبين الاعتبارات الخاصة بمطابقة أو مخالفة شروط الاتفاقية لنصوص القانون الوطني لمحكمة بلد التنفيذ، واذا كان الأمر كذلك بشأن الطعن بطلب تنفيذ حكم التحكيم الا أن الاتفاقية تحوطت للطعن الجزئي بالحكم التحكيمي، فأجازت الاعتراف وتنفيذ جزء من الحكم الخاضع للتسوية بطريق التحكيم اذا أمكن فصله عن باقي اجزاء الحكم الغير متفق على حلها بهذا الطريق .

وقد منحت احدى المحاكم  تنفيذا جزئيا للحكم التحكيمي بموجب الفقرة 1/ جـ من المادة الخامسة ذلك أن حكما تحكيميا قد صدر في سوريا على أساس اتفاقية التحكيم التي تشترط التحكيم في سوريا يتعلق بالمنازعات غير الفنية على أن يتم التحكيم بموجب قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية فيما يتعلق بالمسائل الفنية - وقد وجدت المحكمة ان المحكمين السوريين لم يحكموا فقط بخصوص المسائل غير الفنية بل امتد حكمهم للمسائل الفنية كذلك، فقررت المحكمة باشارة صريحة الى الفقرة ۱/ جـ من المادة الخامسة بأن أحكام المحكمين بخصوص المسائل غير الفنية هي التي يمكن تنفيذها فقط. 

وقد أقامت المحكمة معيارا بسيطا للفصل بين ما يعتبر من المسائل الفنية وما يعتبر من المسائل غير الفنية، فقبل تاريخ معين تكون المنازعات غير فنية في طبيعتها رأي التأخير في التسليم وبعد ذلك تكون فنية. ٤ - تشكيل هيئة التحكيم أو اجراءات التحكيم مخالف لاتفاق الأطراف أو القانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق .

ان الاتفاقية لا تتطلب ان تكون اجراءات التحكيم متفقة قانون معين ما لم يغفل أطراف التحكيم الاتفاق على قواعد تنظم هذا الموضوع، فوفقا للفقرة د من المادة الخامسة يحتل اتفاق الاطراف مكان الصدارة فيما يتعلق بتكوين هيئة التحكيم والاجراء التحكيمي، فالاخلال بأي قاعدة يضعها أطراف التحكيم تشكل عقبة تمنع الاعتراف وتنفيذ الأحكام التحكيمية، ولا يتم اللجوء إلى القواعد القانونية الواردة في قانون مكان التحكيم إلا في حالة عدم اتفاق الأطراف على تنظيم قواعد التحكيم.

ولا يوجد أي سبب للتفرقة بين الحالة التي يقرر فيها الاطراف مباشرة القواعد القابلة للتطبيق على الاجراء التحكيمي وبين الحالة التي يقررون فيها تلك القواعد بشكل غير مباشر عن طريق الاشارة الى قواعد هيئة التحكيم أو الى أحد القوانين الوطنية لقد قال كثير من المعلقين بأن المادة ١/٥ - د تسمح للأطراف باختيار القانون الذي يطبق على الاجراء التحكيمي ولكنهم لا يمكن أن يضعوا قواعد مستقلة عن أي قانون وطني فالقواعد التي يضعها الأطراف يمكن تطبيقها اذا كانت متفقة مع القانون الذي اختاره الاطراف أو في حالة عدم اختيارهم مع قانون مكان التحكيم " وهذا الرأي لا يتفق مع مضمون الفقرة 1 /د من المادة الخامسة، بل وأكثر من ذلك فان المحاولات التي جرت لتقييد اختيار الاطراف للقواعد التي تطبق على الاجراء التحكيمي قد فشلت . 

ان تفسير الفقرة 1/د من المادة الخامسة بمعنى ان الاجراء التحكيمي يجب أن يتفق مع القواعد التي وضعها الأطراف مستقلة عن أي قانون وطني قد أخذت به المحكمة العليا في هولندا) وقد طبق القضاء الايطالي القانون الانجليزي على أنه قانون مكان التحكيم بموجب الفقرة ١/د من المادة الخامسة على موضوع يتعلق بمدى قانونية تشكيل هيئة التحكيم مع أنه لم يكن هنا ما يشير الى وجود قواعد مختلفة حول الموضوع يتضمنها اتفاق الاطراف.

كما وافق القضاء على طلب رفض تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي لأن الاجراء التحكيمي لا يتفق والقواعد التي اتفق عليها الاطراف .

ويلاحظ من النظر الى نص الفقرة 1/د ان اجراءات تنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي بموجب قواعد الاتفاقية ان الاولوية في تحديدها تعطي لاتفاق الاطراف ومن ثم يأتي قانون تحكيم مكان التحكيم الذي يلعب دورا ثانويا في تلك المرحلة .

وعلى ذلك، كانت اتفاقية التحكيم في احدى القضايا تنص صراحة على التحكيم الثلاثي في لندن، لكن المدعى عليه لم يعين المحكم الخاص به ولذا قام المدعي بتعيين محكمه على انه المحكم الوحيد كما ينص على ذلك قانون التحكيم الانجليزي المادة ٧/د منه، مما أثار تساؤلا حول مدى انطباق تشكيل المحكمة مع مقتضيات الفقرة ١ /د من المادة الخامسة بمعنى انها مشكلة طبقا لاتفاق الاطراف فقررت المحكمة بأنها غير مختصة بفحص هذه المسألة التي تتعلق برفض التنفيذ المنصوص عليه في الفقرة ١/٥ وأنها يمكن أن تفحص المسألة اذا أثيرت امامها من  قبل المدعى عليه الذي رفض الظهور. وفي حالة مماثلة رفضت محكمة استئناف فلورنسا طلباً يتعلق بتنفيذ حكم تحكيم انجليزي، لأنها وجدت أن تشكيل هيئة التحكيم لا يتفق مع اتفاقية التحكيم كما لا يتفق مع القانون الانجليزي وقد قررت محكمة استئناف نابولي بأن عدم ذكر عدد وسلطات المحكمين وأسلوب الاجراءات الذي يتبع في اصدار الحكم التحكيمي في شرط التحكيم لا يؤثر على عملية التحكيم ما دام قد ذكر مكان التحكيم فيكفي أن يشير شرط التحكيم الى مكان التحكيم فقط الذي سيصدر فيه الحكم التحكيمي.

وأخيرا فانه في الحالة التي لا يختار فيها أطراف النزاع بطريق مباشر أو غير مباشر، أي قاعدة تتعلق بالاجراء التحكيمي أو بعض جوانبه فان تشكيل هيئة التحكيم واجراء التحكيم يجب أن يتفقا مع قانون البلد الذي جرى فيه التحكيم .

وعلى ذلك فان قاعدة اختيار القانون الوارد في الفقرة ١ /د من المادة الخامسة ليست واضحة تماما فهي تشير الى قانون واحد بينما يمكن تصور حدوث التحكيم في ظل أكثر من ،قانون فعلى سبيل المثال فان التحكيم الخاضع لقواعد عرفة التجارة الدولية. قد يحدث جانب منه في محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس بينما تجرى بقية اجراءات التحكيم خارج فرنسا في بلد أو أكثر. وبما ان الاتفاقية لا تؤكد على ضرورة احترام القوانين الوطنية دائما وانما تبحث عن تثبيت فقاعدة ثانوية الجوانب الاجراء التحكيمي الذي لم ينظمه أطراف النزاع مباشرة كان من المنطقي التفكير في قانون واحد يطبق على الاجراءات التي تقع في أكثر من دولة، فتطبيق اكثر من قانون يشتمل على فحص الاجراء التحكيمي 

ه - الصفة الالزامية في حكم التحكيم أو الغائه أو وقفه من السلطة المختصة في بلد الاصدار 

أ - الصفة الالزامية لحكم التحكيم The Binding Character of the Arbitral Award.

فالحكم التحكيمي يجب أن يكون ملزما بموجب قانون الدولة التي صدر فيها أو بموجب قانون بلد التنفيذ، فليس من الحكمة تقرير الصفة الالزامية الحكم تحكيمي ومن ثم الاعتراف به بموجب قانون معين وبعد ذلك يرفض الاعتراف به وتنفيذه  بسبب الغائه بموجب قانون آخر واذا كان الأمر كذلك بالنسبة للحكم التحكيمي، فان المحكمة العليا في المانيا الاتحادية قد ذكرت بأن استعمال كلمة 

الملزم في الاتفاقية لا يعني الاحكام التعاقدية التي تتخذ في الاجراءات المتصلة بالتحكيم (مثل التحكيم الاتفاقي في القانون الايطالي (Arbitrate Irrituale) يمكن الاعتراف بها وتنفيذها كالأحكام التحكيمية بموجب قواعد اتفاقية نيويورك وقد اضافت الى ذلك بأن كلمة نهائي Final" التي وردت في اتفاقية جنيف لسنة ۱۹۲۷ قد استبدلت بكلمة ملزم) Binding لازالة ما كان يطلق عليه بازدواج الصيغة التنفيذية Double Exequatur أي أن طلب الاذن بالتنفيذ كان يلزم كذلك في نفس البلد الذي صدر فيه الحكم .

وقد لاحظت محكمة استئناف نابولي بأن حكم التحكيم الانجليزي له تأثير قوة الشيء المقضي به res judicata مستقلا عن الاجراء اللازم للتنفيذ في بريطانيا. وهذا يخالف ما هو معمول به في ايطاليا حيث لا ينفذ حكم التحكيم الا

بناء على أمر من القاضي المنفرد. Pretore

ان هذه الملاحظات التي أبدتها محكمة نابولي يمكن اعتبارها اشارة الى الفقرة ۱\ هـ. فالمحكمة قررت القوة الالزامية للحكم التحكيمي وفقا للقانون واجب التطبيق

وقد أخذت محكمة الدرجة الأولى في هولندا بنفس المعيار اذ اعتبرت ان الحكم يصبح ملزما من اللحظة التي يمنح فيها القاضي الفرنسي الصيغة التنفيذية للحكم فوفقا للمادة ۳۷ من قانون التحكيم الفرنسي الصادر في ١٤ مايو ١٩٨٠ ، بأن الحكم التحكيمي يمكن تنفيذه فعلا اذا منحت له الصيغة التنفيذية من المحكمة التي صدر الحكم في دائرتها .

ب- الغاء الحكم التحكيمي Set Aside

لقد استندت محكمة استئناف باريس على الفقرة ١/ هـ من المادة الخامسة التأجيل حكمها الخاص بتنفيذ حكم تحكيمي صدر فينا الذي كان موضوع دعوى الغاء أمام المحاكم النمساوية وقد جاء على ضوء ملاحظاتها انه اذا الغي الحكم التحكيمي من قبل محكمة استئناف فينا فان طلب التنفيذ الحالي يصبح بلا معنى وقد أشارت المحكمة بوضوح الى الفقرة ١/ هـ في جزئها الخاص بالغاء الحكم التحكيمي .

كما أن محكمة استئناف باريس رفضت في حكم آخر لها السماح بتنفيذ الحكم التحكيمي لأنه كان قد الغي set aside في بلد صدوره من قبل السلطة المختصة هناك .

وكذا فعلت المحكمة العليا في اسبانيا عندما أشارت الى الغاء الحكم التحكيمي في بلده الأصلي بقوله ان المحكمة التي تحكم بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي وفقا للاتفاقية لا يسمح لها بمراجعة الحكم من الناحية الموضوعية وقد أكد حكم المحكمة الاسبانية ان مراجعة حكم التحكيم موضوعيا هو من اختصاص محكمة البلد الذي صدر فيها .

ومما يجدر ذكره أن قلة من قوانين البلدان تسمح بمراجعة حكم التحكيم من الناحية الموضوعية ( ومنها انجلترا في بعض الحالات ) .

جـ - وقف الحكم التحكيمي : Suspended

وأحسن ما يعبر عن الطعن بعدم تنفيذ حكم التحكيم على أساس ان الحكم موقوف في بلد الاصدار هو ما جاء في حكم محكمة الدرجة الاولى في هولندا حيث أن المدعى عليه عارض في تنفيذ الحكم في هولندا على أساس أنه استأنف ضد طلب تنفيذ الحكم في فرنسا وهذا الاستئناف يوقف تنفيذ الحكم آلياً بحسب قانون التحكيم الفرنسي، ونظراً لشكوك رئيس المحكمة حول صدور الحكم في باريس فقد طلب من المدعى عليه بحكم مؤقت، مزيداً من المعلومات عن مدى اختصاص المحكمة الفرنسية بالنظر في الاستئناف، وعند اصدار الحكم النهائي ذكر رئيس المحكمة في حكمه أن الحكم التحيكمي صدر في بلجيكا حيث يمكن تنفيذه فيها وهذا التنفيذ لا يوقفه استئناف الحكم التحكيمي أمام المحاكم الفرنسية .

وقد فسر رئيس المحكمة العبارة الواردة في الفقرة / هـ من اتفاقية نيويورك بأن الحكم التحكيمي قد يتوقف من سلطة مختصة في البلد الذي صدر فيها أو بموجب قانونها .

ومما يجدر ذكره أن المادة ۱۸۸ مرافعات مدنية وتجارية كويتي لا ترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم، الا أن للمحكمة التي تنظر دعوى البطلان أن تأمر بوقف تنفيذ حكم التحكيم بناء على طلب المدعي بوقف التنفيذ إذا كان يخشى وقوع ضرر جسيم من التنفيذ وكانت أسباب البطلان مما يرجح معها القضاء ببطلان الحكم.

ويجوز للمحكمة أن توجب تقديم كفالة أو تأمر بما تراه كفيلا بصيانة حق المدعى وينسحب الأمر الصادر بوقف تنفيذ الحكم على اجراءات التنفيذ التي اتخذها المحكوم له من تاريخ طلب وقف التنفيذ .

وقد جاء في حكم أحد المحاكم الهولندية انه بالنظر الى هدف اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وبملاحظة اخضاع هذا الاعتراف والتنفيذ الى الحد الأدنى من الشروط فان الطعون التي يبديها المدعى عليه لابطال الحكم لا تشكل سببا لتأجيل الحكم الخاص بالتنفيذ، خاصة وان المدعى عليه لم يظهر أي استعداد لتقديم ضمان مناسب .

وهذا الضمان هو تقديم كفالة أو تقديم ما تأمر به المحكمة وتراه كفيلا بصيانة حق المدعى، وهو وضع يشابه ما جاء في القانون الكويتي (المادة ١٨٨ مرافعات وقد جاءت المادة السادسة من الاتفاقية بنص يماثل ما جاءت به المادة ۱۸۸ مرافعات حيث أفادت بان للسلطة المختصة المطروح أمامها الحكم - اذا رات مبررا - أن توقف الفصل في هذا الحكم اذا كان قد طلب الغاء الحكم أو وقفه أمام السلطة المختصة المشار اليها في الفقرة (هـ) من المادة الخامسة، ولهذه السلطة أيضاً بناء على التماس من طالب التنفيذ أن تأمر الخصم الآخر بتقديم تأمينات كافية .

 - حالات رفض تنفيذ الحكم من السلطة المختصة من تلقاء نفسها ولو يطلب منها أحد الخصوم ذلك.

تضع الفقرة الثانية من المادة الخامسة شرطين هما الى حد ما متداخلان وقد قصد منهما تلبية حاجات الدولة التي يطلب اليها الاعتراف بالحكم وتنفيذه، وهذا ينعكس على تقدير القاضي التلقائي لظروف توافر هذين الشرطين، وفي هذا الشأن تفيد الفقرة الثانية على أنه يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب اليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ اذا تبين لها .

ا - ان قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم .

ب - أو أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد .

 - أولا : قابلية موضوع النزاع للتحكيم : The Arbitrability of the‏ ‏Subject Matter‏

ان القانون الذي يحكم مدى قابلية موضوع النزاع للتحكيم هو ذات القانون الذي يحكم اتفاقية التحكيم كما نصت عليه الفقرة ٢/١ المادة من الخامسة .

حسب ان القواعد التي تحكم قابلية النزاع للتحكيم تختلف في القانون نفسه ، ما اذا كان النزاع ذا طبيعة محلية أو دولية وعند مناقشة قابلية النزاع للتحكيم ضمن اتفاقية نيويورك فان التفكير يتجه الى التحكيم في المسائل الدولية بشكل عام وهو ما حدث فعلا في أحد احكام محكمة استئناف الولايات المتحدة التي تبنت وجهة نظر واسعة في موضوع تحكيم يشتمل على عناصر أجنبية، مع انها لم تشر صراحة الى الفقرة ١/٢ من المادة الخامسة .

لكن محكمة المقاطعة في مقاطعة كولومبيا " حكمت بأنه لما كان التحكيم يشتمل على الحكم بنفاذ قانون التأميم الليبي فان طلب تنفيذ حكم التحكيم يرفض طبقا لمبدأ سيادة الدولة Act of state Doctrine وفي بلجيكا أكدت محكمة الدرجة الأولى في بروكسل "" بأنه وفقا للقانون البلجيكي في ٢٧ يوليو ١٩٦١ فان النزاع الناشيء عن فسخ اتفاقية التوزيع لا يمكن عرضه على التحكيم. كما أشارت محكمة المقاطعة في بورتوريكو بأن الشرط الذي يلزم الوكيل بالتحكيم خارج بورتوريكو يعتبر شرطا باطلا، ولاغيا بموجب قانون بورتوريكو المعدل في عام ۱۹۷۸ .

أخيرا فان ما جاءت به الاتفاقية له ما يماثله في قانون المرافعات المدنية التجارية الكويتي المادة ۲۰۰ التي اشترطت ان يكون حكم المحكمين الذين يمكن تنفيذه في الكويت صادرا في مسألة يجوز التحكيم فيها طبقا للقانون الكويتي وقابلا للتنفيذ في البلد الذي صدر فيه .

 - ثانيا : مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام Public Policy

تنص الفقرة ٢/ب من المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك ان الاعتراف بالحكم التحكيمي أو تنفيذه، يجب الا يكون مخالفا للنظام العام للدولة المطلوب اليها التنفيذ. ان فكرة النظام العام تستعمل بكثرة كوسيلة للدفع بعدم تنفيذ حكم التحكيم، مع ان كثرة استعمال هذه الفكرة تقلل من أهمية اتفاقية نيويورك، ولذا فان المحاكم تبدي وجهة نظر ليبرالية في هذا الشأن.

ولقد أفادت محكمة استئناف الولايات المتحدة في أحد احكامها، إن الدفاع المبني على فكرة النظام العام الوارد في الاتفاقية يجب أن نفسر تفسيرا ضيقا ولهذا يمكن رفض طلب تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي على هذا الأساس اذا كان تنفيذ الحكم يخالف فكرة الدولة المطلوب اليها التنفيذ المتعلقة بالاخلاق والعدالة .

وقد أخذت بهذا الرأي كثير من المحاكم الامريكية  .

وقد أخذت بعض المحاكم بوجهة نظر الليبرالية في تفسير فكرة النظام العام ومنها المحكمة العليا في هولندا  حيث قالت بأنه عند النظر فيما اذا كان تنفيذ الحكم التحكيمي يتعارض مع النظام العام فان على القاضي أن يلتزم بالوقائع التي وردت في الحكم ما لم يكن سلوك المحكم بشكل غير مبال Carelessly وعندها يمكن أن يكون ذلك سببا في أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام للبلد التي يطلب منها التنفيذ وقد أخذت بعض المحاكم بالتمييز بين النظام العام المحلي والدولي ومثال ذلك أن حكما تحكيميا صدر في انجلترا بواسطة محكم منفرد عينه المدعي وحده وهذا التعيين يعترف به النظام القانوني الانجليزي، ولما طلب تنفيذ الحكم في ايطاليا، حكمت محكمة استئناف جنوا  بأنه رغم أن القانون الايطالي ينص على ما يخالف النظام الانجليزي في حالة عجز المدعي عليه عن تعيين محكمه، فان نص قانون التحكيم الانجليزي لا يعتبر مخالفا بشكل مطلق لقاعدة النظام العام المتعلقة بحيدة المحكم .

وقد طبقت المحكمة العليا الاسبانية  فكرة النظام العام الدولي كذلك . International Public Policy

فالقانون الاسباني الحالي يتطلب انه في حالة شرط التحكيم، فان اتفاقية التحكيم يجب أن تنفذ بعد نشوء النزاع كما يتضمن القانون الاسباني متطلبات معينة خاصة بعدد المحكمين واجراءات التحكيم ومنع تنفيذ الحكم الذي يصدر في غيبة أحد الاطراف وكلها شروط تعتبر ضمن مفهوم النظام العام، ومع ذلك انکرت المحكمة العليا الاسبانية صفة هذه الشروط المتعلقة بالنظام العام في حالة القضايا التي تقع ضمن الاتفاقية معلنة أنه بغير ذلك فان الاتفاقية تصبح ورقة ميتة .

وكمثل واضح على التفرقة بين النظام العام الدولي والنظام العام الوطني هو ما يظهر في احكام التحكيم الصادرة في انجلترا والتي عادة تصدر بدون أسباب وعندما يطلب تنفيذها في بلدان أخرى تتطلب قوانينها الوطنية ضرورة تسبيب الحكم التحكيمي، فانها رغم ذلك تمنح الحكم الانجليزي الصيغة التنفيذية وذلك بتطبيقها لفكرة النظام العام الدولي.

- الخلاصة :

وهكذا يتضح من مقارنة مجموعة القواعد القانونية التي تطبق في حالة تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي في الكويت على أنه رغم تشابه الشروط، فانه يوجد بعض الاختلافات في رقابة المحكمة .

فالاجراء الذي يطبق وفقا لاتفاقية نيويورك هو اجراء مبسط وخارجي وأن الطرف الذي يطلب تنفيذ الحكم في مواجهته هو الذي يقع عليه عبء اتخاذ اجراء التنفيذ، وبعبارة أخرى فان اتفاقية نيويورك تضع عبء الاثبات على عاتق المدعى عليه فعليه ان يثبت توافر أحد الشروط التي يمكن على أساسها رفض تنفيذ حكم التحكيم بينما تضع المادتان ۱۹۹ - ۲۰۰ من قانون المرافعات على عاتق المدعي الذي يطلب تنفيذ الحكم، اثبات توافر شروط تنفيذ الحكم التحكيمي. بل وأكثر من ذلك فان المحكمة تمارس رقابة أشد .

ومن ثم يتضح بشكل عام ان التحكيم كوسيلة لفض المنازعات يعتبر الوسيلة المثلى في مجال التجارة الدولية لما يتمتع به من مزايا، خاصة اذا خلصت النوايا واتجهت صوب ايجاد حل سريع للمنازعات يخفف من المصاريف والجهد الذي يتكبده الاطراف والا فان اتباع طرق الطعن بالحكم التحكيمي يذهب بالفائدة المرجوة منه ويجعل من التحكيم عبئا مساويا للنزاع أمام المحاكم ان لم يكن اثقل منه .