الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / شروط اصدار الأمر بالتنفيذ / الكتب / تنفيذ أحكام التحكيم في القانون المصري والمقارن / شروط أمر التنفيذ وفقا لقانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م

  • الاسم

    د. عصام فوزي الجنايني
  • تاريخ النشر

    3013-01-01
  • عدد الصفحات

    571
  • رقم الصفحة

    84

التفاصيل طباعة نسخ

يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي :

  أ- أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع .

 ب- أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.

 ج- أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانة صحيحة .

ويتضح من هذه المادة أن المشرع المصري قد ضمن النص فقرتين، حيث تتحدث الفقرة الأولي عن قبول طلب الأمر بالتنفيذ، وتتحدث الفقرة الثانية عن شروط صدور الأمر بالتنفيذ .

ويلاحظ من الفقرة الأولي أنها تتحدث عن عدم قبول طلب وضع الصيغة التنفيذية علي حكم التحكيم إلا بعد مرور مدة معينة، فهل يقصد بالقبول هذا دور الإستلام المادي الذي يتم من قلم الكتاب أم أنه يقصد به قرار قضائي بقبول أو عدم قبول الطلب ؟

 ونحن نري أن النص يحمل المعنيين معا، فهو يخاطب موظف المحكمة بعدم قبول إستلام الأوراق إلا بعد مرور مدة معينة، وهو يخاطب أيضا القاضي الذي تعرض عليه الأوراق، فيجد أن الميعاد المحدد لرفع دعوي البطلان لم ينتهي، فيأمر بعدم قبول الطلب.

الشرط الأول : أن يكون ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قد إنقضی :

إشترط المشرع المصري لتقديم طلب وضع الصيغة التنفيذية علي حكم التحكيم مرور المدة المحددة لرفع دعوى البطلان بقوله صراحة في بداية المادة 58 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 (لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد إنقضي ) .

وقد إختلف الفقه بشأن كيفية إعلان حكم التحكيم، وما إذا كان يتم إعلانه عن طريق قلم المحضرين أو وفقاً لما يتفق عليه الطرفان في إتفاق التحكيم أو وفقا للمادة 7 من قانون التحكيم التي حددت الإعلانات في مجال الدعوى التحكيمية، حيث تجيز أن يتم الإعلان بكتاب مسجل' أو بإعلان علي يد محضر علي آخر محل إقامة أو عمل أو علي العنوان البريدي للصادر ضده حكم التحكيم.

المشرع إذن منع الصادر لصالحه حكم التحكيم من تقديم طلب وضع الصيغة التنفيذية إلا بعد مرور المدة المحددة لرفع دعوى البطلان وهي تسعين يوما، ولكن هل سيظل ذلك المنع قائما في حالة قيام المحكوم ضده برفع دعوى البطلان في بداية المدة، أم أن ذلك سيمنحه الحق في تقديم طلبه، فقد ثار خلاف في الفقه حول هذه المسألة بين رأيين :

 الرأي الأول :

- يري بألا يتم التنفيذ إلا بعد إنقضاء مدة التسعين يوماً المحددة لرفع دعوى البطلان، حتی ولو تم رفع الدعوى إلتزاما بصراحة النص.

 والرأي الثاني : 

ينادي بالتنسيق بين نص المادتين 57، 58 من قانون التحكيم، ويري أحقية الصادر الصالحه حكم التحكيم في تقديم طلب تنفيذ حكم التحكيم بمجرد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم ، حتى ولو كانت مدة التسعين يوماً لم تنقض بعد، لأن المشرع لم يرتب علي رفع دعوى البطلان أي أثر موقف التنفيذ، وأن الوقت المحدد بالمادة 58 من قانون التحكيم يتعلق برفع دعوى البطلان وقد تم رفعها، ولذا فلم يعد يوجد مبرر للقول بوقف التنفيذ حتى تنتهي مدة التسعين يوما، ويستند أصحاب هذا الرأي إلي ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون التحكيم ( من أنه يحق للصادر لصالحه حكم التحكيم وقد هاجمه خصمه بإقامة دعوى البطلان أن يهاجمه هو كذلك ويبدأ في تنفيذ حكم التحكيم).

ما يجري عليه العمل قضائيا هو عدم إمكانية إيداع حكم التحكيم إلا بعد مرور تسعين يوما من تاريخ إعلان حكم التحكيم، والإيداع أحد الإجراءات المطلوبة قبل تقديم طلب إصدار أمر التنفيذ .

ويلاحظ أنه إذا قام المحكوم ضده برفع دعوى البطلان فور صدور حكم التحكيم، وقبل أن يتم إعلان الحكم له، فهنا لا يوجد أي إعلان لكي نبدأ بإحتساب مدة التسعين يوما التي حددها المشرع لوقف تنفيذ الحكم، وهنا نري أن مدة التسعين يوما تسري من تاريخ رفع دعوى البطلان، ولا شك أن ميعاد التسعين يوما هو ميعاد طويل بالنسبة لجميع المواعيد المقررة لطرق الطعن في قانون المرافعات، وأن النص في حاجة إلي تعديل تشريعي .

ويجوز للصادر لصالحه حكم التحكيم تقديم طلب تنفيذ الحكم قبل إنتهاء مدة التسعين يوما إذا تم رفع دعوى البطلان والحكم في الشق المستعجل المقدم من المدعي يطلب وقف تنفيذ حكم التحكيم .

ويلاحظ أنه إذا تم رفع دعوى البطلان، وقضت المحكمة في الشق المستعجل بوقف التنفيذ حتى يتم الفصل في دعوى البطلان، فهذا الحكم لا يحول دون تقديم طلب وضع الصيغة التنفيذية، وكل ما في الأمر أنه يوقف إجراءات التنفيذ الجبرية التي يمكن أن تتخذ بموجب حكم التحكيم المشمول بالصيغة التنفيذية حتى يتم الفصل في دعوى البطلان .

 الشرط الثاني : أن يتم إعلان الحكم للمحكوم ضده إعلاناً صحيحاً :

ونعتقد أن الشرط الأول يكفي في ذاته لتحقق الشرط الثاني، لأن المشرع نص في المادة 1/54 علي أن دعوى بطلان حكم التحكيم ترفع خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه،

 وإن كان بعض الفقه يري أن إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه يتم وفقاً لما إتفق عليه الطرفان في إتفاق التحكيم،.

الشرط الثالث : ألا يتعارض حكم التحكيم مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية:

وضع المشرع المصري هذا الشرط لتنفيذ جميع أحكام التحكيم في مصر، سواء تعلق الأمر بحكم تحكيم داخلي أو أجنبي أو دولي، وسواء تم التنفيذ وفقا لأحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أو وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية.

 ويقصد بالحكم القضائي هنا الحكم القضائي البات الذي إستنفذ كافة طرق الطعن العادية وغير العادية وذلك تحقيقا لإستقرار الحقوق والمراكز القانونية.

الشرط الرابع : ألا يتضمن حكم التحكيم ما يخالف النظام العام في مصر :

لا يوجد تعريف محدد ومنضبط لفكرة النظام العام، نظرا لنسبيتها واختلافها باختلاف الزمان والمكان، ويقصد بالنظام العام في أي دولة من الدول، مجموعة الأسس العامة والقيم العليا التي لا يقبل المجتمع مخالفتها 

وتختلف فكرة النظام العام بالنسبة لحكم التحكيم الداخلي عنها بالنسبة لحكم التحكيم تجاري الدولي أو حكم التحكيم الأجنبي، حيث يطبق بشان الأخيرة النظام العام الدولي المتعارف عليه في إطار العلاقات الخاصة الدولية ( الأسس والقواعد التي إستقر عليها المجتمع الدولي، سواء كانت سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية ) .

ويلاحظ أن فكرة النظام العام فكرة مرنة متطورة تتغير من وقت لآخر، ولذا ينظر لمفهوم النظام العام سواء الداخلي أو المتعلق بالتحكيم الدولي الخاص لحظة التعرض لحكم التحكيم، ويجب علي المحكم الحريص على تنفيذ حكمه مراعاة قواعد النظام العام الدولي في دولة من التحكيم وكنت في دولة التنفيذ.

ولا يشترط لإعتبار مسألة ما متعلقة بالنظام العام أن ترد هذه المسألة في قاعدة آمرة، فلا تلازم بينهما ، فقد ترد المسألة في قاعدة آمرة، بأن تنص القاعدة القانونية ذاتها على عدم جواز الإتفاق على مخالفتها أو بطلان الإتفاق أو التصرف في حالة المخالفة أو عدم جواز التنازل عما تقرره من حقوق، فهنا لا خلاف علي تعلق هذه المسألة بالنظام العام ، ولكن أيضا توجد مسائل هامة تمس الأصول العامة أو القيم العليا للمجتمع ولا تتضمن القاعدة القانونية صراحة أحد العبارات السابقة.

أي أن النظام العام المصري يشمل جميع القواعد القانونية الآمرة التي تتضمن أمورا تمس أو تتعلق بالأصول والأسس العليا للمجتمع .

ويلاحظ أن القاضي المختص بإصدار أمر وضع الصيغة التنفيذية علي حكم التحكيم، عندما يتأكد من مخالفة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه للنظام العام المصري، سوف يضطر للتعرض الموضوع النزاع، أي أنه لن يكتفي بالمراجعة الشكلية للحكم، وإنما سوف يلجأ إلي المراجعة الموضوعية للتأكد من عدم مخالفة حكم التحكيم للنظام العام في مصر.

عدم قابلية المسألة محل النزاع للتحكيم وصلتها بالنظام العام :

(..... ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح )، وقد حددت المادة رقم 551 من القانون المدني الحالات التي يجوز فيها الصلح، حيث نصت علي :

لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام، ولكن يجوز الصلح علي المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدي الجرائم ) .

أي أن المشرع المصري أجاز التحكيم في المسائل التي يجوز فيها الصلح، أي في الحقوق التي يملك الأشخاص التصرف فيها ، وحظره في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ( ومثالها المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية كالجنسية والأهلية، والمسائل المتعلقة بالتجريم والعقاب، والمسائل المتعلقة بالنظام العام ) .

أي أن التحكيم يجوز في مسائل القانون الخاص ( مدني أو تجاري )، ولا يجوز في المسائل الجنائية أو الإدارية أو مسائل الأحوال الشخصية ، وإن جاز في المسائل المالية المترتبة عليها .

وقد أيد القضاء المصري ذلك في أحكام متواترة، وذلك على النحو التالي :- 

قضت محكمة النقض بالآتي ( بأنه لما كانت مسألة تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة من المسائل التي تتعلق بالنظام العام لذا لا يجوز أن يرد الصلح عليها، وبالتالي لا تصح أن تكون موضوعة للتحكيم ).

 شروط تنفيذ ميسرة :

يلاحظ من هذه الشروط الأربعة ( أن يكون ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قد إنقضي، وألا يكون حكم التحكيم يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع، وألا يكون حكم التحكيم يتعارض مع النظام العام في مصر، وأن يتم إعلان حكم التحكيم للمحكوم ضده إعلانأ صحيحاً )، أن المشرع المصري لم يشترط ضمنها أن يكون النزاع موضوع حكم التحكيم من المسائل التي يجوز الإتفاق فيها علي التحكيم، ولكن هذا الشرط لا يمكن تجاهله.

ولم يتطلب المشرع المصري أيضا لقبول طلب تنفيذ حكم التحكيم الداخلي، توافر أهلية التصرف في أطراف حكم التحكيم، وإن كان المشرع المصري قد جعل هذا الشرط ضمن حالات بطلان حكم التحكيم .

وبالنظر لهذه الشروط أيضا نجد في الشرط الأول أن المشرع المصري يتطلب فقط إنقضاء ميعاد معين، وهذا ليس شرطا يتطلب من المحكوم لصالحه عمل أي شيء، وإنما فقط إنتظار مرور مدة معينة.

وبالنسبة للشرط الثاني فالمشرع فقط يتطلب ألا يكون النزاع موضوع حكم التحكيم قد سبق وعرض علي القضاء المصري وصدر بشأنه حكم قضائي، وهذا أيضا ليس شرطا يتطلب من المحكوم لصالحه عمل أي شيء، وإنما يجب عليه من حيث الأصل إختيار أحد طريقين إما طريق القضاء أو طريق التحكيم، فإذا إختار التحكيم، ولم يلجأ أو يقبل عرض النزاع علي القضاء، فلا وجود لهذا الشرط.

وأما بالنسبة للشرط الثالث وهو عدم مخالفة النظام العام فهو شرط تتفق عليه جميع الدول، ويتعين فيه على طرفي التحكيم والمحكم مراعاة القواعد التي تمس الأسس العليا للمجتمعات الدولية بشكل عام، وللدولة المراد أو المتصور تنفيذ حكم التحكيم فيها بشكل خاص .

وأما بالنسبة للشرط الرابع وهو إعلان حكم التحكيم للمحكوم ضده، فهو إجراء سهل، ولازم، ويتبع عادة في مرحلة تنفيذ جميع السندات التنفيذية، مع ملاحظة أن الشرطين الثاني والثالث لا يكلف الصادر لصالحه حكم التحكيم بإثبات تخلفهما، وإنما يعدا من موانع التنفيذ، بحيث إذا ثبت تحقق أحدهما أو كلاهما إمتنع القاضي عن إصدار أمر التنفيذ.