الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / شروط اصدار الأمر بالتنفيذ / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / القواعد الإجرائية للأمر بالتنفيذ

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    571

التفاصيل طباعة نسخ

القواعد الإجرائية للأمر بالتنفيذ

   القواعد الاجرائية للأمر بتنفيذ احكام التحكيم الوطنية وأحكام التحكيم التجاري الدولي الصادرة على مقتضي القوانين الوطنية للدولة التي يطلب إليهاء التنفيذ، لذا تقتصر دراستنا هنا على القواعد الاجرائية للأمر بتنفيذ احكام التحكيم " الأجنبية" وأحكام التحكيم " الدولية" الصادرة على غير مقتضي القانون الاجرائي الوطني في الدولة التي يطلب إليها التنفيذ. وبدهى أنه إذا لم يوجد نص فى إتفاقية دولية أو نظام قانوني دولی تلتزم به دولة التنفيذ بشأن تنفيذ هذه الطائفة الأخيرة من أحكام التحكيم الاجنبية والدولية فان القواعد الاجرائية - فضلا على القواعد الموضوعية - المقررة في قانون دولة التنفيذ هي التي تسرى في هذا الخصوص .

    ونسارع إلى القول من الآن من أن النصوص الواردة في الاتفاقيات والأنظمة الدولية للتحكيم التجارى الدولى تهدف إلى تبسيط اجراءات تنفيذ أحكام التحكيم التجارى الدولي ولا تحرم المحكوم له من الاستفادة من الاجراءات الأقل شدة المقررة في القوانين الوطنية لتنفيذ احكام التحكيم .

المسألة الأولى : تقديم طلب التنفيذ من شخص طبيعي أو معنوى خاص أو عام :

    تفصل احكام التحكيم التجارى الدولى في منازعات التجارة الدولية ، ومن ثم فانها تتناول مسائل تتصل بعلاقات القانون الخاص . ولا خلاف حول جواز اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي إذا تعلق النزاع بأشخاص القانون الخاص سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين ، وبالتالي يستوى فيمن له الحق في طلب تنفيذ حكم التحكيم التجارى الدولى أن يكون شخصا طبيعيا أو معنويا خاصا.

     أما الأشخاص المعنوية العامة فيثور السؤال حول ما إذا كان يجوز أن تكون طرفا في إتفاق تحكيم يسفر عن صدور حكم تحكيم تجارى دولى. ويختلف موقف التشريعات الوطنية فى هذه المسألة ، إذ بينما تمنع بعضها هذه الاشخاص من اللجوء الى التحكيم كأصل عام ولا تجيز لها ذلك ، في مجال التجارة الداخليه ، إلا بشروط مشددة. فان بعضها الآخر - ان لم تكن أغلبها - لا تفرق في جواز اللجوء الى التحكيم التجارى الدولي بين الاشخاص الخاصة و الاشخاص المعنوية العامة وأخذا بهذا الغالب يمكن القول بأنه يستوى فى اللجوء إلى السلطة القضائية الوطنية المختصة لطلب الأمر بتنفيذ احكام التحكيم التجارى الدولى أن يكون طالب التنفيذ شخصا طبيعيا او شخصا معنويا من اشخاص القانون الخاص او من اشخاص القانون العام ولم تفرق القوانين الوطنية ، كقانون المرافعات المصرى وقانون المرافعات الكويتي ، بين ما إذا كان طلب الأمر بتنفيذ مقدما من شخص طبيعي أو معنوى خاص أو عام .

    ومع ذلك يشترط بعض الفقه أن يكون حكم التحكيم الأجنبي أو الدولي المراد تنفيذه وفقا لقوانين المرافعات المدنية والتجارية الوطنية فاصلا في منازعة خاصة دولية Un litige prive international لأن القواعد المنظمة لآثار احكام التحكيم الأجنبية أو الدولية لا تتعامل إلا مع هذا النوع من المنازعات ، ولان هذه الاحكام تستند إلى القواعد الموضوعية المقررة في القوانين المدنية والتجارية بحسب ما اذا كانت المنازعة مدنية أو تجارية ، وذلك كله يصرف النظر عن طبيعة محكمة التحكيم التي اصدرت الحكم ، أي بصرف النظر عمــا إذا كانت هذه المحكمة محكمة تحكيم مدنية أو تجارية أو ادارية. كما يستوى فيما تقدم أن تكون محكمة التحكيم التي اصدرت حكم التحكيم الأجنبي أو الدولى محكمة تحكيم خاصه adhoc أو محكمة تحكيم دائمة permanente دولية ، بل ويستوى أن تكون محكمة تحكيم متخصصه specialisee أو غير متخصصه .

     ونلاحظ أن هذا الرأى يتفق مع ما قررته المواد ۱-۳ من قانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ تحت باب الاحكام العامة ، حيث سوت المادة الأولى ، التي تحدد نطاق سريان هذا القانون، بين صفة أطراف التحكيم من حيث كونهم من اشخاص القانون العام أو القانون الخاص ، وحيث يظهر من صياغة المادتين الأولى والثانية افتراض تعلق النزاع بمنازعة مدنية أو تجارية ، وحيث اعتدت المادة الثالثة بالتحكيم التجاري الدولي الذي يحصل عن طريق محكمة تحكيم خاصة أو محكمة تحكيم دائمة دولية فى منازعة من منازعات التجارة الدولية ، سواء كانت هذه المحكمة متخصصة أو غير متخصصة .

    على أن قواعد التحكيم المقررة - فى هذا الخصوص - في قوانين المرافعات أو قوانين التحكيم الوطنية لا تخل بقواعد الاتفاقيات الدولية للتحكيم التجاري الدولي التي تلتزم بها الدولة ، ومع ذلك يندر أن تخرج هذه الاتفاقيات عن جماع الأفكار السابقة .

    فبالنسبة لبروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ لم يشترط لالتزام الدول الأطراف بتنفيذ احكام التحكيم وفقا لقوانيها الوطنية إلا أن يكون إتفاق التحكيم صحيحا طبقا لهذه القوانين سواء كان في صورة مشارطة أو شرط تحكيم مما يعني أنه لم يضع شروطا خاصة بصفة أطراف التحكيم أو طبيعة محكمة التحكيم وأن كان يستفاد من صياغتها ضرورة تعلق إتفاق التحكيم بمنازعة مدنية أو تجارية مما يتدرج في علاقات القانون الخاص ، ولا يختلف ذلك عما هو مقرر في اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الاجنبية .

 

وبالنسبة لاتفاقية جامعة الدول العربية لعام ١٩٥٢ ، التي انضمت إليها كل من مصر والكويت، فقد جاءت مجسدة للافكار المشار إليها بشأن صفة أطراف الحكم وطبيعة المنازعة وطبيعة محكمة التحكيم التي فصلت فيها. ويظهر ذلك مما نصت عليه المادة الأولي من الاتفاقية التي أحالت إليها المادة بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، من تعهد الدول الأطراف بتنفيذ" كل حكم نهائي مقرر لحقوق مدنية أو تجارية أو قاض بتعويض من المحاكم الجنائية أو متعلق بالاحوال الشخصية صادر من هيئة قضائية في إحدى دول الجامعة العربية". وبالتالي فانه مع مراعاة صدور أحكام التحكيم من محاكم تحكيمية وليس من محاكم قضائية عادية، يستوى فيمن يتقدم بطلب تنفيذ حكم التحكيم أن يكون من أشخاص القانون الخاص أو من أشخاص القانون العام وذلك أيا كانت طبيعة محكمة التحكيم، وانما يشترط - طبقا للنص المتقدم تعلق الحكم المراد تنفيذه بمنازعة خاصة دولية.

     ولم تخرج عن ذلك اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۰۸ ، التي انضمت إليها كل من فرنسا ومصر والكويت، إذ يستوى فى تطبيق هذه الاتفاقية الخاصة بالاعتراف باحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية وتنفيذها في اقاليم الدول الأطراف أن تكون هذه الأحكام ناشئة عن منازعات بين أشخاص طبيعية أو معنوية  ، كما يستوى" أن تكون صادرة من محكمين معينين للفصل في حالات محددة أو صادرة من محاكم تحكيم دائما يحتكم إليها الأطراف بشرط تعلق المنازعة برابطة من روابط القانون الخاص تعاقدية كانت أو غير تعاقدية  طالما جاز تسويتها بطريق التحكيم  ويقرر الفقه أن نصوص هذه الاتفاقية تتسع لصور التحكيم الخاص الذى تكون الدولة أو احد اشخاصها الاعتبارية العامة طرفا فيه  وهو قول يصدق كذلك على نصوص اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول العربية لعام ١٩٧٤ واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين الدول الأعضاء فى المؤتمر الإسلامي لعام ۱۹۸۱ اللتين تتعلقان بعلاقات القانون الخاص التجاري الدولي".

   كذلك تسير فى نفس الاتجاه الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجارى الدولي لعام ١٩٦١، حيث تشير نصوصها صراحة إلى تبنى واضعيها لذات الافكار سالفة الذكر. ففوفقا للمادة الأولي (فقرة أولي) من هذه الاتفاقية تسرى احكامها على " اتفاقيات التحكيم المبرمة لتسوية المنازعات الناشئة عن علميات التجارة الدولية ، بين الاشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين توجد مواطنهم المعتادة أو مراكز ادارتهم عند ابرام الاتفاقية، في اقاليم الدول المتعاقدة" .

     وتنص هذه الاتفاقية صراحة على أنه يجوز للاشخاص المعنوية التي تعتبر، طبقا للقوانين الوطنية المطبقة عليها من الاشخاص المعنوية العامة، ابرام اتفاقيات التحكيم. ويستوى اسناد المنازعات المشار إليها إلى محاكم تحكيم خاصة أو محاكم تحكيم دولية دائمة.

    هذا كما عنيت اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ ، الخاصة بتسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمار ورعايا الدول الأطراف بتنظيم التحكيم في هذه المنازعات التي تنشأ عن العقود المعروفه بعقود الدوله، وهى منازعات متعلقة بعلاقات القانون الخاص وغالبا ما تكون الدولة طرفا فيها هذا ولئن كان التحكيم فى هذه المنازعات يسند إلى محاكم تحكيم يتم تشكيلها داخل إطار مركز التحكيم الدولي المنازعات الاستثمار كمركز تحكيم دائم أنشأته الاتفاقية.

   واخيرا يظهر من نصوص القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى لعام ١٩٨٥ الذي اقتبس المشرع المصري كثيرا من احكامه فى قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ، انه يعالج احكام التحكيم التجارى الدولى " كصورة للتحكيم في المنازعات الخاصة التجارية الدولية  ، دون تفرقة بين ما اذا كان اطراف المنازعة من اشخاص القانون الخاص او من اشخاص القانون العام ، ودون تفرقة بين ما اذا كان التحكيم يتم عن طريق مؤسسة تحكيم دولية دائمة أو محكمة تحكيم دولية من محاكم الحالات الخاصة  . ويمثل هذا القانون النموذجي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجارى الدولى ، أعلى مراحل تطور التحكيم التجارى الدولى من حيث استهدافه لتيسير تنفيذ احكام التحكيم الدولية الصادرة في المنازعات الناشئة عن علاقات القانون الخاص الدولية. 

   وبينما يتم طلب تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في مصر طبقا للإجراءات المعتادة بقع الدعوى كما قدمنا فان الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولي في مصر ، سواء كان التحكيم في مصر أو في الخارج طبقا لقانون التحكيم المصري لا يكون إلا وفقا للقواعد العامة للأوامر على العرائض .

    وبالنظر إلى هذا الاختلاف البين بين القوانين الوطنية، فيما يتعلق بتحديد الجهة المختصة بإصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم التجاري الأجنبية أو الدولية والإجراءات الواجبة الاتباع أمامها من حيث كونها الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو إجراءات الأوامر على العرائض ، فانه كان من المتعذر على واضعي اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجاري الدولي تضمنيها قواعد موحدة تعالج هذه المسائل وتكون مقبولة من جميع الدول ورعاياها من التجار الدوليين ، ومن ثم لم يجدوا مناصاً من مراعاة القوانين الوطنية في هذا الخصوص مع تعيد كل دولة ملتزمة بالاتفاقية الدولية أو بالنظام الدولي بإحاطة الدول الأخرى الأطراف علما بالقواعد والإجراءات التي يتضمنها قانونها الوطني لتنفيذ الأحكام .

    وأخيرا أكدت نفس الحل المادة ٦ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام ۱۹۸۹ ، وذلك بما نصت عليه من ان تحدد كل دولة تصدر هذا القانون النموذجي المحكمة أو المحاكم أو السلطة الأخرى عندما يشار إلى هذه المحكمة أو السلطة في ذلك القانون ، المختصة بأداء هذه الوظائف . ومن بين هذه الوظائف ما أشارت إليه المادة ١/٣٥ من نفس القانون النموذجي من أن يكون حكم التحكيم ملزما... وينفذ بناء على طلب كتابي يقدم إلى محكمة مختصة ... " ، حيث يدخل في وظائف هذه المحكمة الوطنية" إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم التجاري الدولي.

    ولقد تجسد هذا المبدأ في نصوص كثير من الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم ، كنص المادة 3 من بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ بشأن الاعتراف بصحة مشارطات وشروط التحكيم ونص المادة الأولى ( فقرة أولى ) من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۳۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ، ونص المادة ٣ من اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ١٩٥٢ بشأن تنفيذ الأحكام القضائية و التحكيمية ، ونص المادة ۱/۳ من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٢ بشأن تنفيذ لحكام التحكيم الأجنبية والدولية ، ونص المادة ٣/٥٤ من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بشأن تسوية منازعات الاستثمار  ، ونص المادة ٣٥ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام ١٩٨٥ . لكن ليس ما يمنع من إبرام اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف تقرر حلول أخرى بشأن تحديد الجهة المختصة بإصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم والإجراءات اجبة الإتباع أمامها.

   المسألة الثالثة - الإجراءات اللازمة لصدور الأمر بتنفيذ حكم التحكيم :

    تتمثل هذه الإجراءات في رفع دعوى أو تقديم طلب الأمر بالتنفيذ، وإيداع المستندات ، وأداء المصاريف. وتسارع من الآن إلى القول بأن اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجاري الدولي تتجه إلى تخفيف الإجراءات المذكورة وعدم خضوع طالب التنفيذ إلا للأعباء الإجرائية والمالية الأقل شدة في القوانين الوطنية للدول التى يطلب إليها التنفيذ، وذلك كله مع مراعاة الإجراءات المقررة في تلك الاتفاقيات والأنظمة الدولية وتباين القوانين الوطنية . وفيما يلي نتكلم عن هذه الإجراءات .

    ولقد حرصت اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ ، بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في أقاليم الدول الأطراف فيها ، على بيان المستندات التي يتعين على المحكوم له إيداعها لدى السلطة الوطنية المختصة بإصدار الأمر بالتنفيذ .

وتتمثل هذه المستندات فيما يلي

1-أصل حكم التحكيم أو نسخة منه بشرط أن يكون الحكم أو نسخته مستجمعا لمقومات السند الرسمي طبقا لقانون الدولة التي صدر فيها .

2- الأوراق والشهادات المثبتة لصيرورة حكم التحكيم نهائيا في الدولة التي صدر فيها. 3- وعند الاقتضاء الأوراق والشهادات المثبتة لصحة شرط أو مشارطه التحكيم طبقا للقانون الذي يخضع له الشرط أو المشارطه وصحة إجراءات التحكيم واحترام مبادئه العامة و عدم صدور حكم ببطلان حكم التحكيم أو عدم تجاوز محكمة التحكيم لولايتها المخولة لها بمقتضى اتفاق التحكيم.

4-  فإذا كان حكم التحكيم أو الأوراق أو الشهادات المشار إليها آنفا محررة بلغة أجنبية غير لغة الدولة التي يطلب إليها التنفيذ جازلها أن تطلب تقديم ترجمة لها بلغتها الرسمية ، أن تكون هذه الترجمة معتمدة من الجهة الدبلوماسية أو الرسمية المختصة في الدولة التي صدر فيها الحكم أو الأوراق المترجمة .

      وتتفق هذه الاتفاقية مع اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ١٩٥٢ في بعض المستندات والأوراق والشهادات التى يلزم إيداعها للحصول على الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي في أقاليم الدول الأطراف وتختلف معها في بعضها الآخر ويظهر ذلك مما نصت عليه المادة ٥ من الاتفاقية الأخيرة من أنه يجب أن ترفق بطلب التنفيذ المستندات الآتية :

 1- صورة رسمية طبق الأصل مصدق عليها من الجهات المختصة للحكم المطلوب تنفيذه المذيل بالصيغة التنفيذية .

2- أصل إعلان الحكم المطلوب تنفيذه أو شهادة رسمية دالة على أن الحكم قد تم إعلانه على الوجه الصحيح.

3- شهادة من الجهات المختصة دالة على أن الحكم المطلوب تنفيذه هو حكم نهائي واجب التنفيذ .

4- شهادة دالة على أن الخصوم أعلنوا بالحضور أمام الجهات المختصة أو أمام هيئة المحكمين على الوجه الصحيح إذا كان الحكم قد صدر غيابيا .

   لكن يلاحظ التشدد الذي يطبع نص المادة ١/٥ من اتفاقية جامعة الدول العربية فيما اقتضته من وجوب اشتمال الصورة الرسمية للحكم على الصيغة التنفيذية التي تضعها السلطة المختصة في الدولة التي تصدر فيها الحكم . وقد أرجع البعض هذا التشدد إلى تأثر هذا الاتفاقية باتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ وذلك لما ذهب إليه هذا البعض من أن الاتفاقية الأخيرة قد استلزمت الشرط نفسه  ، في المادة ١/٤ منها  . ومع اعتقادنا بأن المادة الأخيرة لم تصرح باقتضاء شمول الحكم أو نسخته للصيغة التنفيذية كشرط لصحة المستند فان هذا الشرط لا يفلت من سهام النقد لما يترتب على إعماله من كلفة ومشقة ومضيعة للوقت فلقد قدمنا أنه من قبيل ازدواج الإجراءات - بغير مبرر - أن يطلب المحكوم له من السلطة المختصة في الدولة التي صدر فيها الحكم تذييله بالصيغة التنفيذية في الوقت الذي لا يطلب فيه التنفيذ إلا على إقليم دولة أخرى مما يقتضي تقدمه مرة أخرى إلى السلطة المختصة في الدولة الأخيرة بطلب تزويد الحكم بأمر التنفيذ  أضف إلى ذلك أن الخطاب الذي تتضمنه الصيغة التنفيذية لا يعدو أن يكون خطابا موجها إلى السلطات المختصة بالتنفيذ الجبري في الدول الأجنبية التي صدر فيها الحكم وليس خطابا موجها إلى السلطة المختصة بإصدار أمر التنفيذ  في الدولة التى يطلب إليها التنفيذ ، وهى سلطة وطنية ليست مكلفة بالامتثال لذلك الخطاب الصادر من سلطة أجنبية .

    ولعل هذه الاعتبارات هي التي بررت خلو اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ من شرط أن يكون حكم التحكيم الأجنبي أو الدولي أو نسخته الرسمية مذيله بالصيغة التنفيذية ، حيث اقتصرت المادة ١/٤(أ) على وجوب إيداع أصل الحكم أو صورة من الأصل تجمع الشروط المطلوبة لرسمية السند " ، ولا يظهر من هذا النص وجوب اشتمال أصل الحكم أو صورته المطابقة للأصل على الصيغة التنفيذية ، بل ونعتقد أن نص المادة ١/٤(أ) من هذه الاتفاقية مطابق لنص المادة ١/٤ من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷مما يجعلنا نميل إلى القول بأن هذه الاتفاقية لم تتطلب بدورها اشتمال أصل الحكم أو صورته الرسمية على الصيغة التنفيذية تماما كما هو الحال في اتفاقية نيويورك .

    إنما تطلبت اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ ، فضلا على إيداع أصل الحكم الرسمي أو صورته المطابقة للأصل المستجمع للشروط المطلوبة لرسمية السند إيداع أصل اتفاق التحكيم أو صورة تجمع الشروط المطلوبة لرسميه . فإذا كان الحكم أو الاتفاق المشار إليهما غير محرر بلغة البلد الرسمية المطلوب إليها التنفيذ وجب على طالب التنفيذ تقديم ترجمة لتلك الأوراق بهذه اللغة ، ويجب أن يشهد على الترجمة مترجم رسمي أو محلف أو أحــد رجـــال السلك الدبلوماسي أو القنصلي ( المادة ٤ من الاتفاقية ) .

     ويظهر من ذلك أن اتفاقية نيويورك ، وعلى خلاف اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ واتفاقية جامعة الدول العربية لعام ۱۹۵۲ ، قد تطلب إيداع مستند لم تطلب الاتفاقيتان الأخريان إيداعه ألا وهو " أصل اتفاق التحكيم أو صورة تجمع الشروط المطلوبة لرسميته ( المادة ١/٤ ب ) . وهذا الإيداع اقتضته كذلك القوانين الوطنية حتى تتمكن السلطة المختصة بإصدار أمر التنفيذ من مراقبة احترام المحكمين لاتفاق التحكيم وعدم الجنوح عنه ، سواء فيما تضمنه من تحديد موضوع النزاع، أو تعيين المحكمين وتحديد سلطاتهم أو بيان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم أو على موضوع النزاع ، أو تحديد مهلة التحكيم ، مما يكفل صدور الأمر بالتنفيذ عن قناعة بسلامة حكم التحكيم أو رفض صدور هذا الأمر إذا خالف حكم التحكيم ذلك الاتفاق

    فقد ذهبت هذه المحكمة إلى أنه بمجرد تقديم المحكوم له المستندات التي اشترطت اتفاقية نيويورك تقديمها إلى المحكمة المرفوعة إليها دعوى أمر تنفيذ حكم التحكيم قامت " الصالحة قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس على صحة حكم التحكيم وأنه ملزم الإطرافه ، وعلى الخصم الذي يحتج عليه بهذا الحكم أن أراد توقى تنفيذه أن يقدم الدليل على دحض هذه القرينة.

    ويستند هذا الرأي الذي تقدم إلى ما سلمت به هذه المحكمة - بحق – من أنه لا يقبل اللجوء إلى قوانين المرافعات الوطنية لمعرفة ما إذا كانت الكتابة شرطا لصحة اتفاق التحكيم أو لإثباته ما دامت الاتفاقية المشار إليها قد أنت في شأنه بنص صريح هو نص المادة الرابعة المذكورة ، حيث يسمو هذا النص على نصوص القوانين الوطنية للدول التي التزمت به - فقد استطردت نفس المحكمة في حكمها المشار إليه بالقول بأن "هذا النص يدل - على ما هو مستفاد من الغاية المتوخاة من الاتفاقية وهى توحيد المعاملة التي يتعين أن يتعامل بها حكم المحكمين الأجنبي في الدولة المتعاقدة أو المنضمة إليها - على أن نطاق تطبيق قواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب فيه التنفيذ فينحصر في إجراءات التداعي التي يجب الالتجاء إليها للحصول على الأمر بتنفيذ هذا الحكم ، أما فيما عدا ذلك من قواعد وأحكام تتعلق بالشروط اللازم توافرها في حكم المحكمين وعلى من يقع عبء إثباتها والمستندات التي يتعين على طالب التنفيذ تقديمها وحدود سلطة القاضي في إصدار الأمر بالتنفيذ فإنها تخضع لنصوص الاتفاق وحدها ، والقول بغير ذلك يخل بالتوازن بين مواقف الدول بالنسبة لحكم المحكمين الأجنبي ويعقد الإجراءات التي هدفت إليها الاتفاقية  ، وينبني على ذلك أنه لا ينبغي أن يقال في إحدى الدول الأطراف في اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بأن الكتابة شرط الصحة اتفاق التحكيم الذي يجب وضعه أمام نظر محكمة التنفيذ بينما يقال في إحدى الدول الأطراف الأخرى بان الكتابة مجرد شرط لإثبات هذا الاتفاق ، حيث يجب على جميع الدول الأطراف التقيد بالقاعدة الموحدة التي نصت عليها المادة الرابعة المشار إليها .

    وبالنظر إلى أهمية القاعدة الموحدة المنصوص عليها في المادة الرابعة من اتفاقية نيويورك المذكورة بالنسبة لتباين القوانين الوطنية فان القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي قد كرس نفس القاعدة في الفقرة الثانية من المادة ٣٥ منه . ويظهر ذلك مما نصت عليه هذه الفقرة من أنه على الطرف الذي يستند إلى حكم تحكيم ( وطني أو دولي ) أو يقدم طلبا لتنفيذه أن يقدم أصل الحكم الموثق حسب الأصول المرعية فضلا على أصل اتفاق التحكيم ... أو صورة منه مصدقة حسب الأصول المرعية. وإذا كان حكم التحكيم غير صادر بلغة رسميه لدولة التنفيذ وجب على ذلك الطرف تقديم ترجمة رسمية إلى هذه اللغة " ، وقد حرص واضعوا هذا القانون النموذجي على بيان أن الشروط الواردة في الفقرة المذكورة يقصد بها وضع معايير قصوى للمستندات التي يجب تقديمها إلى محكمة التنفيذ، ومن ثم لا يكون مناقضا لفكرة التوحيد المنشود من هذا القانون النموذجي أن تضع أي دولة شروطا أخف من الشروط التي تطلبها لتنفيذ حكم التحكيم .

    وواقع الأمر أن بعض اتفاقيات التحكيم التجاري الدولي السابقة على صدور القانون النموذجي المذكور قد كان لها فضل السبق ليس فقط في تخفيف أعباء إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم بل أيضا في تخفيف أعباء مصاريف تنفيذها على طالب التحكيم .

( ثالثا ) أداء مصاريف تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي أو الدولي وتخفيف أعباء هذا التنفيذ :  

    عرضت اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية للغرض الذي يطلب فيه المحكوم له الأمر بتنفيذ حكم تحكيم في دولة يتضمن قانونها الوطني أو الاتفاقيات الدولية قواعد أخف لهذا التنفيذ من تلك التي قررتها الاتفاقية المذكورة فلم تحرم المحكوم له من الاستفادة من هذه القواعد المخففة .

     وانطلاقا من هذه الفكرة حرصت الاتفاقيات الدولية اللاحقة على عدم إرهاق طالب التنفيذ بما قد تفرضه القوانين الوطنية المختلفة من مصاريف ورسوم قضائية أمام السلطة القضائية الوطنية لطلب تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية بحيث لا يخضع طالب التنفيذ لأعباء مالية أكثر شدة من تلك المنصوص عليها في القوانين الوطنية لتنفيذ الأحكام الوطنية في الدولة التي يطلب إليها التنفيذ . من ذلك ما نصت عليه المادة 7 من اتفاقية جامعة الدول العربية من أنه " لا يجوز مطالبة رعايا الدولة طالبة التنفيذ في بلد من بلاد الجامعة بتقديم رسم أو أمانة أو كفالة لا يلزم بها رعايا هذا البلد ، كذلك لا يجوز حرمانهم مما يتمتع به هؤلاء من حق في المساعدة القضائية أو الإعفاء من الرسوم القضائية " .

     وبالرغم من سير اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ في نفس الاتجاه إلا أنها لم تضمن تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية والدولية وتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية . فقد نصت المادة ٢/٣ من هذه الاتفاقية على أن " لا تفرض للاعتراف أو لتنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام هذه الاتفاقية شروط اكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف أو لتنفيذ أحكام المحكمين الوطنية  ويرى البعض أن هذا النص - والحال كذلك - لا يتطلب المساواة التامة بين أحكام التحكيم الوطنية وبين أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية ، لأن النص بصيغته المذكورة من شأنه الإبقاء على ثمة فارق يجد مردة في طبيعة الأمور ، حيث تصدر أوامر تنفيذ الطائفة الأولى من الأحكام ( الوطنية) - بعكس الطائفة الثانية ( الأجنبية أو الدولية ) - على حسب الأصول العامة للنظام القانوني والقضائي للدولة التى يطلب إليها التنفيذ  أوي ويضيف هذا الرأي إلى ذلك أن المراد من النص المذكور هو إلا يكون الفارق في المعاملة بين هاتين الطائفتين من الأحكام قد بلغ حد الجسامة بحيث يصبح تنفيذ حكم التحكيم الوطني ميسورا بمصروفات هيئة بينما يكون تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية بمصروفات عالية وتحت رقابة شاملة تمارسها محكمة التنفيذ(٢) غير أننا كنا نفضل أن تأخذ اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بفكرة التسوية التامة في معاملة تنفيذ الطائفتين السابقتين من الأحكام في دولة التنفيذ ، ولا تقتصر على منع المبالغة في فرض الأعباء المالية اللازمة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية في هذه الدولة . وكان يمكن لو اضعي هذه الاتفاقية الاستهداء في ذلك بنص المادة 7 من اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ۱۹۵۲ المشار إليها ، إذ كانت نفس الاعتبارات التي ساقها أصحاب الرأي المذكور أمام واضعي الاتفاقية الأخيرة لكنها لم تمنعهم من وضع نص المادة 7 المذكورة التي تضمن التسوية التامة في تلك المعاملة كما قدمنا .

   المسألة الرابعة : إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي أو الدولي :

    قدمنا أن ضرورة تزويد حكم المحكمين بأمر التنفيذ ترجع إلى أنه ولئن كان المحكمون يتمتعون بسلطة القضاء إلا أنهم لا يتمتعون بسلطة الأمر، لذا فان حكمهم لا يتمتع بالقوة التنفيذية إلا بأمر يصدر من الجهة التي تملك هذه السلطة .

   وكما يصدق هذا القول على تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية فانه يصدق على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية والدولية ، مع ملاحظة أن الأمر بتنفيذ هذه الطائفة الأخيرة من أحكام التحكيم لا يمثل فقط نقطة التقاء بين القضاء الخاص والقضاء العام وإنما يمثل أيضا نقطة التقاء بين القضاء الخاص الأجنبي أو الدولي والقضاء العام الوطني للدولة التي يطلب إليها تنفيذ الحكم في إقليمها  . بل يجوز لنا القول ، إذا راعينا ما نصت عليه اتفاقية جامعة الدول العربية من وجوب إيداع أصل الحكم مذيلا بالصيغة التنفيذية التي وضعتها السلطة الأجنبية للدولة التــــــي صدر فيها الحكم كشرط لصدور أمر التنفيذ في الدولة التى يطلب إليها ذلك  أحيانا ما يكون صدور هذا الأمر نقطة التقاء بين القضاء الخاص والقضاء لعام الأجنبــي والقضاء العام  الوطني

    إنما السؤال الهام الذي يثيره الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية هو مدى سلطة الجهة المختصة بإصداره في إعادة النظر في حكم التحكيم الأجنبي أو الدولي المراد تنفيذه في إقليمها ؟ وتتوقف الإجابة على هذا السؤال على ما إذا كان القانون الوطني للدولة المراد تنفيذ الحكم في إقليمها يأخذ بنظام المراجعة أو يكتفي بنظام المراقبة .

    وإذ يضمن نظام المراقبة سرعة تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية والدولية ، كما يتفق مع المبادئ الأخرى المقررة بشأنها كالاعتراف بحجيتها من تاريخ صدورها ، فانه قد حظي بقبول الفقه والقضاء في معظم الدول ، فيكاد الفقه يجمع على أنه لا يجوز للجهة المختصة بإصدار أمر التنفيذ التطرق إلى موضوع الحكم الذي فصل فيه الحكم المراد تنفيذ ه .

    كما قضت محكمة التمييز الكويتية - في هذا الصدد - بأنه إذا كانت المادة ١٨٥ مــن قانون المرافعات (الكويتي) نصت على أن : " لا يكون حكم المحكم قابلا للتنفيذ إلا يأمر يصدره رئيس المحكمة التي أودع الحكم إدارة كتابها بناء على طلب ذوي الشأن ، وذلك بعد الاطلاع على الحكم وعلى اتفاق التحكيم وبعد التثبت من انتفاء مواقع تنفيذه ... وهذا الأمر الصادر من رئيس المحكمة المختصة والذي يعتبر بمقتضاه حكم المحكم واجب التنفيذ يقصد به مراقبة عمل المحكم قبل تنفيذ حكمه من حيث التثبت من وجود اتفاق التحكيم وان المحكم قــد راعي الشكل الذي يتطلبه القانون سواء عند الفصل في النزاع أو عند كتابة الحكم دون ان يكون المصدر الأمر حق البحث في الحكم من الناحية الموضوعية ومدى مطابقته للقانون .

   وهذا القضاء الكويتي ولئن تعلق بالأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية الذي يتم بطريق الأوامر على العرائض فإنه هو ذات القضاء الذي التزمته محكمة التمييز الكويتية بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في الكويت تطبيقا لاتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨  . فقد قررت هذه المحكمة أن "مفاد هذه الاتفاقية أنه يكفي أن يقدم طالب تنفيذ حكم المحكم الأجنبي - فضلا على أصل الحكم الرسمي أو صورته وترجمة رسمية لها وباقي المستندات المشار إليها فيما تقدم ، وأنه بمجرد تقديم هذه المستندات تقوم لصالحة قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس على صحة حكم التحكيم وانه ملزم لإطرافه ، فالذي يستفاد من هذا الحكم ان القضاء الكويتي يكتفي بنظام المراقبة عند إصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في الكويت ، إذ ما كانت المحكمة المذكورة تصل إلى هذه النتيجة التي انتهت إليها من ضرورة احترام قرينة صحة حكم التحكيم الأجنبي فيما لو كانت قد أخذت بنظام المراجعة الذي يتناقض مع مبدأ اعتبار حكم التحكيم الأجنبي سندا يجب احترامه.

    كذلك أكدت محكمة النقض المصرية نفس المبدأ ، بصدد تطبيق اتفاقية نيويورك ، فيما قررته من أنه " إذا تطرق القاضي إلى بحث مدى سلامة أو صحة قضاء التحكيم في موضوع الدعوى فإنه يكون قد خرج عن حدود ولايته لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد وليس له إلا أن يأمر بالتنفيذ أو يرفضه ... دون مساس بموضوع الحكم الأجنبي ذاته ......

     يقتصر على الرقابة على مدي توافر الشروط الشكلية الخارجية قبل الأمر بتنفيذها  بل و احياناً ما تذهب بعض الاتفاقيات الدولية إلي أبعد من ذلك بإلزامها الدول الأطراف بمعاملة . تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية بنفس معاملة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة من محاكمها الوطنية، وذلك على غرار ما نصت عليه صراحة اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بشأن تسوية منازعات الاستثمار  ومقتضى ذلك أنه لما كان لا يجوز إعادة النظر في الأحكام القضائية النهائية فانه يجب تطبيق نفس المبدأ على أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية ومعاملتها بنفس معاملة تلك الأحكام القضائية من حيث آلية تزويدها بالقوة التنفيذية ويظهر هنا المعني ممــــا نصت عليه اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول العربية لعام ١٩٧٤ من أن ينفذ حكم التحكيم في الدولة التي يطلب إليها ذلك كما لو كان حكما نهائيا واجب النفاذ وصادرا من إحدى محاكم تلك الدولة ، ويتمنع الحكم بجميع الضمانات المقررة محليا لوجوب نفاذ الأحكام الوطنية ،، (المادة (١٢٦) كما تأكد هذا المعني مرة أخرى فيما نصت عليه اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني والتجاري بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لعام ١٩٧٧ من ان تعتبر أحكام هيئة التحكيم ... احكاما نهائية ... ولها قوة الأحكام القضائية، وتلتزم الأطراف المتعاقدة بتنفيذها في أراضيها سواء كانت طرفا في المنازعة أم لا أو كان المستثمر حقه الحكم من مواطنيها أو مقيما فيها أم لا ، وذلك كما لو كان هذا الحكم حكمـــــــا الصادر في. نهائيا واجب النفاذ صادرا من إحدى محاكمها الوطنية ،، ( المادة ٢/١٧د).