الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / شروط اصدار الأمر بالتنفيذ / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / شرط الامر بالتنفيذ

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    544

التفاصيل طباعة نسخ

شرط الامر بالتنفيذ

    غالبا ما تحرص اتفاقيات وانظمة التحكيم التجارى الدولى على مراعاة نصوص القوانين الوطنية المبينة لشروط الأمر بتنفيذ احكام التحكيم التجاري الدولي في الدول التي يطلب اليها ذلك ، وذلك بالنظر الى أن هذا الأمر لابد وان يصدر من سلطة وطنية غالبا ما تكون سلطة قضائية - وبدونه يتعذر تنفيذ هذه الاحكام تنفيذا جبريا في الدولة التي يطلب اليها هذا التنفيذ، إذ يترتب على القول بغير ذلك المساس بسيادة هذه الدولة ، من اجل ذلك كثيرا ما تلتقى شروط الأمر بتنفيذ احكام التحكيم التجاري الدولي في الاتفاقيات والانظمة الدولية مع شروط الأمر بتنفيذها في القوانين الوطنية .

    وتتمثل هذه الشروط إجمالا في أن يكون عقد التحكيم صحيحا ، وان يكون الحكم سادر من محكمة تحكيم مختصة وبناء على اجراءات صحيحة ، وأن يكون الحكم نهائيا وقابلا للتنفيذ، وان لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محكمة الدولة التى يطلب اليـها التنفيذ، وأن يكون قد صدر فى دولة تعامل هذه الدولة بالمثل في تنفيذ احكام التحكيم . وانمـا تجدر الإشارة إلى أنه قلما يرد ذكر كل هذه الشروط - في آن معا - فى الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية، إذ غالبا ما يعنى المشرع الدولى او الوطني بذكر بعضها وحسب . ومن جهة أخرى فان الشروط المتقدمة لصدور الأمر بتنفيذ احكام التحكيم التجاري الدولي لا تثير جدلا كبيرا في الفقه والقضاء بعكس شروط أخرى تندرج فى موانع تنفيذ هذه الاحكام ، وهى المواقع المتمثلا من عن تعارية النزاع الذى فصل فيه حكم التحكيم الدولى وتعارض هذا الحكم مع النظام العام .

- (أولا)  يشترط أن يكو يكون عقد التحكيم صحيحا - احالة:

    اشترط بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ للاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها في الدول الاطراف ان يكون اتفاق (عقد) التحكيم صحيحا سواء كان في صورة مشارطة أو في صورة شرط تحكيم  . وهو ما أكدته مرة أخرى اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية بما نصت عليه من أنه يشترط للحصول على هذا الاعتراف والتنفيذ أن " يكون الحكم قد صدر بناء على مشارطة أو شرط تحكيم صحيح وفقا للتشريع الذى يخضعان له "  ونصت المادة3 (ب) من اتفلاقية جامعة الدول العربية على انه يجوز الدولة التي طلب اليها تنفيذ حكم المحكمين ان ترفض هذا الطلب . إذ كان حكم المحكمين غير صادر تنفيذا لشرط لو عقد تحكيم صحيحين .

    والعبرة في القول بصحة اتفاق التحكيم أو ببطلانه بقانون الدولة الذي خضعت له اجراءات التحكيم متى كان هذا القانون مختارا باتفاق الطرفين، فاذا لم يوجد هذا الاتفاق كانت العبرة بقانون الدولة التي صدر فيها الحكم بناء على قانون اجراءاتها. ولقد تقرر هذا الحل فيما نصت عليها المادة ٥ (أ) من انفلاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ من أنه لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الا اذا ثبت للسلطة المختصة في البلد المطلوب اليها الاعتراف والتنفيذ " ان الاتفاق ( مشارطه او شرط التحكيم ) المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذى أخضعه له الطرفان او عند عدم النص على ذلك ، طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم  . كذلك أخذ بنفس الحل القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر عن لجنة القانون التجارى الدولى للأمم المتحدة عام ۱۹۸۵ ، بل وجاء نص المــــــادة ١/٣٦ (أ) نبذة أولى من هذا القانون مطابقا تطابقا يكاد يكون تاما لنص المادة ٥(أ) من اتفاقية نيويورك في هذا الخصوص ، وذلك لاسيما ان هذا الحل قد كرسته بعض الاتفاقيات الدولية السابقة على القانون النموذجي المذكور كالاتفاقية الأوروبية لعام ١٩٦١ بشأن التحكيم التجاري الدولي. وتجمع نصوص اتفاقيات وانظمة التحكيم التجاري الدولي المذكورة على أن انعدام اهليه الطرفين او نقصها بعد اهم اسباب بطلان اتفاق التحكيم ، لذا عنيت هذه النصوص بذكر هذا السبب وهي بصدد اشتراط صحة اتفاق التحكيم للحصول على الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه ، لكن ذلك لا يمنع المحكمة الوطنية المختصة باصدار الأمر بالتنفيذ من رفض طلب التنفيذ اذا كان اتفاق التحكيم باطلا لسبب آخر سواء تعلق بشكل الاتفاق - كشرط الكتابة - او برضاء الطرفين أو بمضمون الاتفاق او بأى شرط آخر مقرر في القانون الواجب التطبيق لصحة الاتفاق .

    ومع ذلك يلاحظ أن بطلان اتفاق التحكيم ولئن كان يجيز الطعن في حكم التحكيم الذى صدر بناء عليه كما يجيز لمحكمة التنفيذ رفض الأمر بتنفيذه إلا أن القوانين الوطنية المذكورة لم تورد هذا البطلان فى نصوصها كمانع من موانع تنفيذ احكام التحكيم التجارى الدولى اكتفاء بالنصوص المقررة فى الانظمة والاتفاقيات الدولية التي تتقيد بها .

( ثانيا ) يشترط صدور حكم التحكيم من محكمة مختصة وبناء على اجراءات صحيحة :

    وعلى ذلك اذا اتفق الخصوم على تشكيل محكمة تحكيم على نحو لا يخالف القواعد الأمره في التشريع الوطني أو الدولى وجب احترام ارادة الخصوم طالما احترمت بدورها تلك القواعد الآمرة كالقاعدة التي توجب أن يكون عدد المحكمين وترا على سبيل المثال كما يجب صدور حكم التحكيم في نطاق الولاية التى خولها الخصوم للمحكمة في حدود القواعد الأمره في التشريع الوطني أو الدولي والا عد صادرا من جهة لا ولاية لها بالنزاع ، ناهيك عن وجوب احترام محكمة التحكيم للمبادىء الأساسية الموجهة لخصومة التحكيم الوطني او الدولي كمبدأ المواجهة والمساواة بين الخصوم وكفالة حقوق الدفاع واحترام القواعد الاجرائية المتعلقة بالنظام العام . فاذا لم يصدر حكم التحكيم من محكمة التحكيم مختصة ومشكله تشكيلا صحيحا أو فى حدود ولايتها المخولة لها وبمراعاة الاجراءات الصحيحة للتقاضي امامها كان هذا الحكم باطلا ولا يجوز بالتالى الأمر بتنقيذه ، وعلى ذلك جرت نصوص القوانين الوطنية وانظمة واتفاقيات التحكيم التجارى الدولى .

فقد نصت المادة الثالثة من بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ على أن تكفل كل دولة متعاقدة تنفيذ احكام التحكيم الصادرة فى ظل هذا البروتوكول عن طريق سلطاتها الوطنية المختصة وطبقا لاحكام القانون الوطنى للدولة الى يطلب اليها هذا التنفيذ ، وبالتالي اذا اشترط هذا القانون للاعتراف او لتنفيذ الحكم أن يكون صادرا من محكمة التحكيم المبينة في اتفــــــاق التحكيم او المشكلة وفقا لارادة الخصوم او وفقا للقانون المطبق على اجراءات التحكيم فان يجوز للقاضي أو للسلطة الوطنية المختصة باصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم رفض طلب تنفيذه ولقد نصت على ذلك صراحة الفقرة (ج) من المادة الأولى من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية ، حيث قالت انه يشترط للحصول على الاعتراف بحكم التحكيم الأجنبى او تنفيذه فى الدولة التى يطلب اليها ذلك " ان يكون الحكم قد صدر من محكمة التحكيم المنصوص عليها في مشارطة او شرط التحكيم أو المشكله وفقا لاتفاق الطرفين أو وفقا لقواعد القانون الذي خضعت له اجراءات التحكيم . كذلك نصت المادة الثانيه ( فقرة ب ) من نفس الاتفاقية على وجوب رفض الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه اذا ثبت عدم علم المحكوم ضده باجراءات التحكيم فى الوقت المفيد الذي يسمح له بتقديم دفاعه " سواء رجع ذلك إلى عدم اعلانه بهذه الاجراءات في الوقت المناسب او لاى سبب آخر .

   ونصت اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ على جواز رفض طلب الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه متى قدم المحكوم ضده الى السلطة الوطنية المختصة في البلد الذي طلب اليها هذا الاعتراف والتنفيذ ما يثبت أن تشكيل محكمة التحكيم او اجراءات التحكيم مخالفة لما اتفق عليه الأطراف أو مخالفة لقانون البلد الذى تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق  . وكذلك يكون الأمر اذا قدم المحكوم ضده الى تلك السلطة ما يثبت أن الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن اعلانا صحيحا بتعيين المحكم او باجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه "  وبذا تكون اتفاقية نيويورك قد كرست نفس المبادىء المقررة في اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن وجوب صدور حكم التحكيم من محكمة تحكيم متمتعه بولاية اصداره ووجوب كفالة مبدأ المواجهة وحقوق الدفاع . ويرى البعض - بحق - ان اتفاقية نيويورك ، شأنها في ذلك شأن اتفاقية جنيف المذكورة ، قد أطلقت العنان لارادة الطرفين في شأن الاتفاق على تشكيل محكمة التحكيم التي تكون لها الولاية بالنزاع فضلا على تحديد الاجراءات الواجبة الاتباع امامها ، وذلك الى الحد الذي يصح معه النظر الى قانون اجراءات الدولة التي تم فيها التحكيم او جرى التحكيم على مقتضاه باعتباره مجرد قانون احتياطي لا يعول عليه الا في حالة عدم وجود ذلك الاتفاق).

   وبالرغم من أن الاتفاقية الأوربية للتحكيم الدولى لعام ۱۹٦١ لم تتكلم عن موانع الاعتراف باحكام التحكيم الصادرة وفقا لها أو تنفيذها الا انها قد أوردت السببين المتقدمين - عدم صدور الحكم من محكمة تحكيم ذات ولاية بالنزاع وعدم احترام مبدأ المواجهة وحقوق الدفاع - ضمن الاسباب التى تجيز للمحكوم ضده طلب بطلان حكم التحكيم. أما القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى لعام ۱۹۸٥ فقد سار على منهج اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ ، حيث اورد السببين المتقدمين فى المادة ٣٦ التي تحمل عنوان اسباب رفض الاعتراف والتنفيذ . وصاغ هذين السببين صياغة تكاد تكون حرفيه لصياغة الفقرتين (ب) و (د) من الماده الخامسة من هذه الاتفاقية .

    ولا يختلف الحال كثيرا في اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ١٩٥٢ بشأن تنفيذ الاحكام القضائية واحكام التحكيم فى اقاليم الدول الأعضاء إذ خولت لكل دولة من هذه الدول - اذا طلب منها تنفيذ حكم المحكمين - الحق في رفض هذا الطلب " اذا كان المحكمون غير مختصين طبقا لعقد او شرط التحكيم أو طبقا للقانون الذي صدر حكم المحكمين على مقتضاه او " اذا كان الخصوم لم يعلنوا بالحضور على الوجه الصحيح  . فالذي يظهر من هذين النصين أن الاتفاقية قد اشترطت لتنفيذ حكم التحكيم في اقليم أى دولة عضو أن يكون قد صدر من محكمة ذات ولاية بالنزاع طبقا لارادة الخصوم أو طبقا لقانون الاجراءات التي أتبعت في التحكيم ، وذلك ناهيك عن كفالة الاتفاقية لمبدأ المواجهة واحترام حقوق الدفاع .

    وتكاد تتطابق موانع التنفيذ المنصوص عليها في اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجارة الدولى المتقدمه ، بشأن محكمة التحكيم ومبدأ المواجهة وحقوق الدفاع، مع موانع التنفيذ المنصوص عليها في القوانين الوطنية في نفس الشأن .

   وفي قانون المرافعات الكويتي نصت المادة ۱۹۹ (أ) على أنه لا يجوز الأمر بتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية إلا بعد التحقق من أن الحكم صادر من محكمة مختصة وقتا لقانون البلد الذي صدر فيه، ونحن نعلم أن المادة ١٧٥ مرافعات كويتي تترك للخصوم حرية الاتفاق على المحكمين فإذا لم يوجد اتفاق اتبعت قواعد التعيين المنصوص عليها في نفس المادة الأمر الذي يعني اتفاق نص المادة ۱۹۹(أ) المشار إليه مع نصوص اتفاقية نيويورك والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي فضلا على اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ١٩٥٢. ومن جهة أخرى نصت المادة ۱۹۹ (ب) مرافعات كويتي على عدم جواز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إلا بعد التحقق أيضا من " أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم الأجنبي قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلا صحيحا مما يضمن احترام مبدأ المواجهة ويكفل حقوق الدفاع كما هو الحال في سائر اتفاقيات وانظمة التحكيم التجاري الدولي المشار إليها".

    ويتفق قانون المرافعات المصري فيما تقدم مع قانون المرافعات كويتي بشأن تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية التي لم تصدر طبقا لقانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، حيث يلزم لتنفيذ هذه الأحكام صدورها من محاكم تحكيم مختصه مما يستوجب أيضا أن تكون مشكلة تشكيلا صحيحا ( المادة ۱/۲۹۸ مرافعات مصري) ، كما يلزم أن يكون الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلا صحيحا ( المادة ۲/۲۹۸ مرافعات مصري)، أما بالنسبة لاحكام التحكيم الصادرة طبقا لقانون التحكيم المذكور فانه لم يورد ضمن موانع التنفيذ المنصوص عليها في المادة ٥٨ الموانع المتمثله في عدم صدور الحكم من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا أو عدم احترام مبدأ المواجهة وحقوق الدفاع غير أن ذلك لا يحول - في اعتقادنا دون وجوب رفض طلب تنفيذ هذه الاحكام في مصر إذا تخلف احد هذين الشرطين، حيث نصت المادة ٢/٥٨ (ب) من القانون المذكور على عدم جواز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم إلا بعد التحقق من " أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية ونحن نعلم أن الشرطين المشار إليهما يتعلقان حتما بالنظام العام في مصر

    اما احكام التحكيم " الأجنبية " فتخضع لنص المادة ۲۹۹ مرافعات مصرى التي احالت بشأنها الى نصوص المواد ۲۹٦-۲۹۸ مرافعات مصرى، ولا يظهر من هذه النصوص ان المشرع المصرى يجيز اعادة النظر فى احكام التحكيم الأجنبية قبل أصدار الأمر بتنفيذها ، وهو نفس الحل المقرر في قانون المرافعات الفرنسي وإذا كان المشرع الكويتي لم يعن باحكام التحكيم " الدولية " ، بعكس المشرعين الفرنسى والمصرى ، إلا أنه عامل أحكام التحكيم " الأجنبية " الصادرة في بلد أجنبي نفس معاملة أحكام التحكيم " الوطنية" الصادرة في الكويت من حيث الاعتراف بحجيتها ، حيث لا يظهر من المادة ۱۹۹ مرافعات كويتي لتـــــــي احالت الى المواد ۳۰۰۲۹۹ مرافعات كويتى أن المشرع الكويتي يجيز للسلطة القضائية الوطنية اعادة النظر في أحكام التحكيم الأجنبية قبل تزويدها بالأمر بالتنفيذ .

يكون ذلك الحكم نهائيا definitive . فقد نصت المادة الأولى فقرة (د) من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية على أنه يجب الحصول المحكوم له على الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه في احدى الدول الأطراف " أن يكون الحكم قد أصبح نهائيا في البلد الذي صدر فيه ، ولا يصير الحكم نهائيا إذا كان قابلا للمعارضة أو للاستئناف أو للنقض في هذا البلد ، أو إذا ثبت أن المحكوم ضده قد نازع في صحة الحكم فى منازعه لازالت قائمة  ولقد تأثرت اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ١٩٥٢ بشأن تنفيذ الاحكام الأجنبية ، سواء كانت احكاما قضائية أو تحكيمية ، باتفاقية جنيف المذكورة فيما قررته من اشتراط صيرورة الحكم نهائيا . فمن جهة نصت المادة الأولى من اتفاقية جامعة الدول العربية على أن كل حكم نهائي مقرر لحقوق مدنية أو تجارية يكون قابلا للتنفيذ في سائر دول الجامعة ( الاطراف) وفقا لاحكام هذه الاتفاقية " ، مما يعنى انه لا يجوز تزويد الحكم بالأمر ..بالتنفيذ اذا لم يكن نهائيا . ومن ناحية أخرى نصت المادة الثانية من نفس الاتفاقية على أنه . مع مراعاة ما ورد فى المادة الأولى ( المشار اليها ) لا تملك السلطة المطلوب اليها تنفيذ حكم محكمين صادر فى احدى دول الجامعة العربية ( الاطراف) اعادة فحص موضوع الدعوى الصادر فيها حكم المحكمين المطلوب تنفيذه وانما لها ان ترفض طلب تنفيذ حكم المحكمين المرفوع اليها اذا كان حكم المحكمين ليس نهائيا في الدولة التي صدر فيها ".

   ولم تخرج اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ عن هذا المعنى حينما نصت على أنه يجوز رفض الاعتراف بحكم التحكيم الاجنبي او الدولى اذا قدم المحكوم ضده الى السلطة المختصة في البلد المطلوب اليه هذا الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن الحكم لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته.... السلطة المختصة في البلد الذى صدر الحكم فيها أو صدر وفقا لقانونه .

    ولقد نصت المادة ۲/۹ من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم الدولى لعام ١٩٦١ على أن الغاء حكم التحكيم أو أبطالة طبقا لهذه الاتفاقية يحول دون الاعتراف به او تنفيذه في الدول الاطراف في اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ المشار اليها ، أما اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بشأن تسوية منازعات الاستثمار فقد الزمت الدول الأطراف بمعاملة أحكام التحكيم الصادرة طبقا لها معاملة الاحكام النهائية Jugements defintifs الصادرة من محاكم هذه الدول ( المادة ١/٥٤ )، ولا يحصل ذلك بداهة اذا كان حكـ م التحكيم قد قضى بابطاله طبقا لنفس الاتفاقية ( المادة ٥٢) .

    وجاء القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى لعام ۱۹۸۵ مطابقا لاتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ ، حيث صيغت المادة ١/٣٦-٥ من هذا القانون صياغة حرفية لنص المادة ١/٥ هـ من تلك الاتفاقية فيما قررته من عدم جواز الاعتراف بحكم التحكيم التجاري الأجنبي أو الدولي أو تنفيذه اذا لم يصبح ملزما للخصوم أو إذا ألغتة إحدى محاكم البلد الذى صدر فيه الحكم أو صدر طبقا لقانونه ، ويظهر من نصوص المواد ١٤٧٦-١٤٧٩ مرافعات فرنسي التي أحالت اليها المادة ١٥٠٠ مرافعات فرنسي بشأن تنفيذ احكم التحكيم غير الفرنسية الأجنبية او الدولية أنه لا يجوز إصدار الأمر بتنفيذ هذه الأحكام إلا إذا كانت نهائيه وإنما أجازت المادة ١٤۷۹ مرافعات فرنسى تنفيذها تنفيذا وقتيا execution provisoire بشروط معينة إذا طعن فيها باحدى طرق الطعن المقررة في قانون المرافعات الفرنسي  ويجب على القاضي الفرنسي المختص باصدار الأمر بتنفيذ احكام التحكيم المذكورة الرجوع إلى الاتفاقيات الدولية، خصوصا اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ واتفاقية جنيفة لعام ١٩٦١ للوقوف على شروط الاعتراف بتلك الاحكام وتنفيذها في فرنسا ومن هذه الشروط أن يكون حكم التحكيم الأجنبي أو الدولى نهائيا ولقد قدمنا أن احكام التحكيم التجارى الدولى الصادرة طبقا لقانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤ لا تجيز الطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية واقتصر هذا القانون على جواز مواجهتها بدعوى البطلان الاصلية في الأحوال المقررة في المادة ٥٣ وبالاوضاع المبينه فى المادة ٥٤ من نفس القانون ويعني ذلك أن المشرع المصرى قد اعتبر احكام التحكيم التجارى الدولى المذكورة احكاما نهائية وإن اجاز الطعن فيها بدعوى البطلان الاصلية ، لذا لم يشترط المشرع المصرى - في القانون المذكور - أن يكون الحكم نهائيا كشرط لتنفيذه في مصر وإنما اقتصرت المادة ١/٥٨ من هذا القانون على النص على أن " لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى". وحيث يبدأ هذا الميعاد من تاريخ اعلان الحكم للمحكوم ضدة فقد اشترطت المادة ٢/٥٨ (ج) من نفس القانون لتنفيذ الحكم ان يكون قد " تم إعلانه للمحكوم عليه اعلانا صحيحا " وتأسيسا على ما تقدم اذا ثبت للمحكمة المختصه باصدار الأمر بالتنفيذ انه لم يتم اعلان حكم التحكيم التجارى الدولى للمحكوم عليه اعلانا صحيحا أو أنه قد تم اعلانه اعلانا صحيحا لكن لم ينقض ميعاد رفع دعوى بطلانه (۳) فانه يجب على هذه المحكمة رفض اصدار الأمر بتنفيذ الحكم.

    أما بالنسبة لاحكام التحكيم الأجنبية التي تصدر في دولة أجنية ويطلب تنفيذها في مصر ، ولم تصدر طبقا لقانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤ ، فيخضع الأمر بتنفيذها لنصوص المواد ۲۹۹-۲۹۹ مرافعات مصرى ، وتشترط المادة (۲/۲۹۸ لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبى ان يكون قد حاز قوة الأمر المقضى طبقا لقانون المحكمة التي اصدرته " . وهو - هنا - قانون المرافعات الأجنبى الذى صدر حكم التحكيم الأجنبى على مقتضاه .

      ولم يعالج القانون الكويتي - كما قدمنا - مسألة تنفيذ احكام التحكيم " الدولية " وانما اقتصر على معالجة تنفيذ احكام التحكيم " الأجنبية " في المادتين ۱۹۹ و ۲۰۰ مرافعات وبالرجوع إلى هاتين المادتين نجد أن المشرع الكويتي لم يكتف بما نصت عليه المادة ۲/۱۹۹ (ج) من انه يشترط لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبى أن يكون قد حاز قوة الأمر المقضى طبقا القانون المحكمة التي اصدرته * وانما اضاف إلى هذا الشرط ما نصت عليه المادة ٢٠٠ مرافعات من انه يشترط أيضا لهذا التنفيذ " أن يكون حكم المحكمين ( الأجنبي) للتنفيذ في البلد الذي صدر فيه .. فهل يقصد بالشرط الأخير أن يكون حكم التحكيم الأجنبي المطلوب تنفيذه فى الكويت قد أقتنص الأمر بالتنفيذ في البلد الأجنبي الذي صدر فيه ؟ لقد رد البعض على هذا السؤال بالايجاب بمقوله أن حيازة حكم التحكيم الأجنبي قوة الأمر المقضى طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته يتطلب أن يكون الحكم التحكيمي الأجنبي قد حاز على الصيغة التنفيذيه في الدولة التي صدر فيها ، أى يجب أن يكون قابلا للتنفيذ في البلد الذي صدر فيه  .

    ونعتقد أن الرأى المتقدم غير صائب لاسباب مختلفة . فمن جهة نرى أنه ولئن كانت الكويت - ومصر - ملتزمة بتطبيق اتفاقية جامعة الدول العربية المذكورة فيما نصت عليه من وجوب ان يكون الحكم مذيلا بالصيغة التنفيذية كشرط لتنفيذه فى الكويت ( أو في مصر ) باعتبارها طرفا في هذه الاتفاقية إلا أنه هذا الشرط لا وجود له لا في نصوص قانون المرافعات الكويتى ولا في نصوص الاتفاقيات الدولية الأخرى المتعلقة بتنفيذ احكام التحكيم الأجنبية خصوصا اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ التي تلتزم بها دولة الكويت ، حيث تعترف هذه النصوص وتلك بحجية احكام التحكيم الأجنبية بمجرد صدورها و لا تجيز للسلطة المطلوب اليها التنفيذ اعادة النظر في موضوع النزاع الذى فصلت فيه هذه الأحكام .

   ومن جهة ثانية فان ما اشترطته اتفاقية جامعة الدول العربية من وجوب ان يكون الحكم المطلوب تنفيذه مذيلا بالصيغة التنفيذيه فى البلد الذي صدر فيه يتناقض في رأينا مع ما قررته نفس الاتفاقية من اعتراف الدول الأطراف بقوة الأمر المقضى لاحكام التحكيم الأجنبية بمجرد صيرورتها احكاما نهائية ( المادة الثانية من الاتفاقية ) . ذلك أن حيازة حكم التحكيم الأجنبي القوة الأمر المقضى بصيرورته نهائيا في البلد الذي صدر فيه هو وحدة الذي يضمن استقرار المراكز القانونية وعدم تعارض الاحكام وتحقيق الأمان القانوني للخصوم  اما اقتضاء شمول هذا الحكم على الصيغة التنفيذية في البلد الذي صدر فيه فلا يعدو أن يكون تزيدا يؤدى إلى إطالة اجراءات التنفيذ بغير مبرر قانوني ، إذ لا يقبل أن يطلب المحكوم له تذييل حكم التحكيم الأجنبي في البلد الذي صدر فيها بالصيغة التنفيذيه بينما لا يطلب تنفيذه في هذا البلد إنما يطلب تنفيذه في بلد آخر مما يضطره مرة أخرى إلى طلب إصدار الأمر بتنفيذه في هذا البلد الأخير . صحيح أن تذييل حكم التحكيم الأجنبى بالصيغة التنفيذية في البلد الذي صدر فيه بعد قرينة على قابليته للتنفيذ فى هذا البلد إلا أن ذلك لا يلزم بالضرورة للحصول على الأمر بتنفيذ هذا الحكم فى بلد آخر. فطالما لم يقدم المحكوم ضده إلى السلطة المختصة باصدار هذا الأمر ما يثبت أن الحكم لم يعد ملزما للخصوم أو أن السلطة المختصة في البلد الذي صدر فيه قد ألغته أو ابطلته أو أوقفت تنفيذه بموجب قانونها . ، فانه يستفاد من عدم أثبات ذلك أن حكم التحكيم قابل للتنفيذ في البلد الذي صدر فيه متى كان نهائيا ولو لم يكن مذيلا بالصيغة التنفيذيه . وبمعنى آخر يكفى لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي في البلد الذي يطلب اليه ذلك أن يكون هذا الحكم نهائيا وان يكون قابلا للتنفيذ وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه ولو لم يكن مذيلا بالصيغة التنفيذيه .

    ومن جهة ثالثه لا يجب الخلط بين قوة الأمر المقضى لحكم التحكيم الأجنبي وقابليته للتنفيذ فقوة الأمر المقضي تثبت للحكم بصيرورته نهائيا لعدم قابليته للطعن فيه بطرق الطعن العاديه  أو باستنفاذه لهذه الطرق ، اما قابليته للتنفيذ فيقصد بها صلاحيته لصدور الأمر بتنفيذه إذا توافرت الشروط الاجرائية لصدور هذا الأمر وعدم وجود مانع يحول دونه ، كما لو كان قد صدر حكم بالغائه او ببطلانه او بوقف تنفيذه أو إذا كان الحكم قد سقط أو لحقه التقادم في البلد الذي صدر فيه . فاذا حاز حكم التحكيم الأجنبى قوة الأمر المقضى بصيرورته نهائيا في البلد الذي صدر فيه فانه لا يبقى امام السلطة القضائية الكويتيه التي طلب إليها الأمر بتنفيذه في الكويت سوى التحقق من قابليته التنفيذ في البلد الذي صدر فيه ، أى التحقق من عدم وجود اى مانع من موانع التنفيذ المتقدمة ، ومتى تحققت من ذلك اصدرت الأمر بتنفيذه ولو لم يكن مذيلا بالصيغة التنفيذية في البلد الذي صدر فيه . وتأييدا لذلك قضت محكمة التمييز الكويتيه بانه يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبى فى الكويت إلا إذا ثبت أن أنه قد الغي طبقا لقانون البلد الأجنبي الذي صدر فيه .

    ونرى أن هذا الذى انتهينا اليه يصدق أيضا على تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية في فرنسا ومصر، وذلك مع مراعاة الاتفاقيات الدولية كاتفاقية جامعة الدول العربية لعام ١٩٥٢ التي التزمت باحكامها كل من مصر والكويت والتي انفردت باشتراط أن يكون حكم التحكيم الأجنبي مذيلا بالصيغة التنفيذيه كشرط لتنفيذه في إحدى الدول العربية الأطراف ، وهو شوط منتقد على ما قدمناه.

      وكما يسرى هذا المبدأ على الأحكام القضائية والأوامر التى سبق صدورها عن السلطة القضائية ( محاكم الدولة ) الوطنية فانه يسرى أيضا - لنفس الاعتبارات المتقدمه - على احكام التحكيم الصادرة في هذه الدولة طبقا لقانون اجراءاتها ، بمعنى أنه يجب تفضيل احكام التحكيم الوطنية متى كانت سابقة على احكام التحكيم الأجنبية الصادرة في بلد أجنبى واحكام التحكيم الدولية الصادرة خارج الدولة المطلوب اليها الاعتراف بها وتنفيذها في إقليمها أو الصادرة داخل هذه الدولة وفقا لقانون اجراءات أجنبى ، وذلك متى تعارضت احكام التحكيم الوطنية  مع احكام التحكيم الأجنبية أو الدولية المشار اليها . ولا يخفى أن القـــــول بغير ذلك يؤدى إلى اهدار حجية الأمر المقضى التى تتمتع بها احكام التحكيم الوطنية التي سبق صدورها لحساب احكام التحكيم الأجنبية او الدولية اللاحقة ، ولا يقبل اعتراف المشرع الوطني بحجية الأحكام الأخيرة فى نفس الوقت الذى يتهدر فيه حجية أحكام التحكيم الوطنية السابقه عليها .

    ونظرا لوجاهه هذه الاعتبارات اعترفت كثير من القوانين الوطنية بالمبدأ المتقدم وأودعته نصوصها ، ومنها القانون الفرنسي والقانون المصرى والقانون الكويتى ، كما أقرته معظم الانظمة الدولية فيما قررته من عدم جواز تعارض الاحكام مع النظام العام ، إذ أصبح من المسلم أن ضرورات ازدهار التجارة الدولية وتقدمها وائن اقتضت تيسير الاعتراف باحكام التحكيم الأجنبية والدولية وتنفيذها فى اقاليم الدول التي يطلب اليها ذلك فان كل ضرورة تقدر بقدرها وهو القدر الذي عددته النصوص الوطنية والدولية بعدم تعارض هذه الاحكام مع احكام قضائية او تحكيميه سبق صدورها في الدولة التي يطلب اليها هذا الاعتراف والتنفيذ ، الأمر الذي يضمن عدم المساس بحجيه هذه الأحكام القضائية او التحكيميه واستقرار المراكز القانونية لأطرافها .

    أما أحكام التحكيم التجارى الدولى الصادرة فى خارج مصر طبقا لقانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤ فقد نصت المادة ٢/٥٨(أ) من هذا القانون على عدم جواز الأمر بتنفيذها في مصر إلا إذا ثبت أنها لا تتعارض " مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع " . وبالرغم من انه قد يفهم من ظاهر هذا النص أنه لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم التجاري الدولي، المندرج في هذه الطائفة ، في مصر إذا تعارض مع حكم قضائي " سبق صدوره من المحاكم القضائية المصرية في موضوع النزاع . إلا أننا نرى أنه لا يجوز لنا الوقوف عند هذا التفسير الضيق للنص المذكور بل يجب تفسير عبارة " المحاكم المصرية " تفسيرا واسعا أخذا بعمومية هذه العبارة بحيث تشمل المحاكم القضائية المصرية ومحاكم التحكيم التي اصدرت احكامها في مصر على مقتضى القانون المصرى ، إذ ليس من المقبول المساس بحجية حكم تحكيمى وطني سبق صدوره في مصر و اهداره من أجل تنفيذ حكم تحكيم تجارى دولي متعارض معه صادر فى الخارج . وتطبيقا لذلك اذا قدم طلب تنفيذ حكم التحكيم الاخير للسلطة القضائية المصرية المختصة فدفع المحكوم عليه بسبق صدور حكم تحكيمى وطنى لصالحة فى نفس النزاع ضد صاحب الطلب الأول تعين رفض هذا الطلب .

    - ولقد قدمنا أن قانون المرافعات الكويتي لم يعالج تنفيذ احكام التحكيم " الدولية " وانما عالج تنفيذ احكام التحكيم " الأجنبية " في الكويت بالمادتين ۱۹۹ و ۲۰۰ مرافعات

    ووفقا للمادة ۱۹۹ مرافعات كويتى لا يجوز الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة من سلطة قضائية في بلد أجنبى فى الكويت إلا بعد التحقق من أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محكمة بالكويت " . ويسرى هذا النص ، بمقتضى المادة ۲۰۰ مرافعات كويتي ، على " احكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي ..... " ، أي احكام التحكيم " الأجنبية " وفقا للمفهوم الكويتي  ونرى - هنا أيضا – انه كما لا يجـــــوز الأمر بتنفيذ حكم تحكيم أجنبى يتعارض مع حكم قضائي سبق صدوره من احدى المحاكم . القضائية " الكويتيه فانه لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم تحكيم أجنبى فى الكويت متى تعارض مع حكم " تحكيم " وطنى سبق صدوره في الكويت، لان القول بغير ذلك يؤدى الى المساس بحجية الحكم الأخير وينال من استقرار المراكز القانونية ، كما لا يقبل اعلاء شأن حكم تحكيم اجنبى على حكم تحكيم وطني سابق عليه ومتعارض معه .

    هذا عن موقف القوانين الوطنية من تنفيذ حكم تحكيم أجنبى أو دولي متعارض مع حكم سبق صدورة في البلد المطلوب اليه هذا التنفيذ ، اما عن موقف اتفاقيات وانظمة التحكيم التجارى فنجدها لا تعرض لهذه المسألة بنصوص صريحة وانما تعرض لها بنصوص ضمنية من جهة باعتبارها من المسلمات، كما أنها تتضمن نصا عاما يتسع ليشمل هذه المسألة ، وهو النص الذي بمقتضاه لا يجوز الاعتراف باحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية في البلد الذي يطلب إليه ذلك إذا كانت متعارضه مع النظام العام في هذا البلد.

     فمن النصوص الضمنية المشار إليها نص المادة ٣ من بروتوكول جنيف لعلم ۱۹۲۳ حيث يقول بان كل دولة متعاقدة تتعهد بكفالة تنفيذ احكام التحكيم عن طريق سلطاتها وطبقا لا حكام قانونها الوطني  وبالتالى طالما اشترط القانون الوطني للدولة التي يطلب إليها تنفيذ حكم التحكيم في إقليمها إلا يتعارض هذا الحكم مع حكم سبق صدوره من إحدى محاكمها الوطنية فان هذا الشرط يتعين احترامه طبقا للبروتوكول الدولي المذكور. أما النص العام الذى بمقتضاه لا يقبل طلب الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه إذا كان متعارضا مع النظام العام في البلد الذى يطلب إليه هذا الاعتراف والتنفيذ فقد ورد في معظم اتفاقيات وانظمة التحكيم التجاري الدولي . ومن ذلك ما نصت عليه المادة الأولي- فقرة ٢ هـ - من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية من أنه يجب الحصول على الاعتراف بحكم التحكيم الأجنبي وتنفيذه في أقليم أى دولة من الدول الأطراف " أن لا يكون  الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه متعارضا مع النظام العام... في الدولة التي يطلب إليها ذلك كما قررت نفس الشرط المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ فيما نصت عليه من أنه يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليه الاعتراف بحكم المحكمين الاجنبي أو الدولي وتنفيذه ان ترفض هذا الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام فى هذا البلد ، وهو نفس النص المقرر حرفيا بالمادة ١/٣٦ (ب) ۲ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر عن الأمم المتحدة لعام ١٩٨٥.

   فبرغم ما نصت عليه المادة ٣ (هـ) من اتفاقية جامعة الدول العربية من المبدأ العام الذي بمقتضاه لا يجوز أن يتعارض الأمر بتنفيذ الأحكام الصادرة في أقاليم الدول الاعضاء ( الأطراف) في أقليم أحدى هذه الدول مع النظام العام في دولة التنفيذ فان واضعي هذه الاتفاقية لم يترددوا في النص في المادة الثانية (د) على أنه يجوز رفض تنفيذ الحكم " إذا كان صدر حكم نهائی بین نفس الخصوم في ذات الموضوع من احدى محاكم الدولة المطلوب اليها التنفيذ ..... وبالرغم من تعلق هذا النص بتنفيذ الاحكام القضائية الاجنية فانه ليس ما يحول - في اعتقادنا - فى سحب تطبيقة على احكام التحكيم الأجنبية الصادرة في الدول الأعضاء ) الاطراف في الاتفاقية ) متى كانت متعارضة مع حكم قضائى او تحكيمي سبق صدوره في دولة التنفيذ ، وذلك لنفس الاعتبارات التي يمتنع لأجلها تنفيذ الأحكام القضائية التي تتعارض مع لحكام قضائية أخرى سبق صدورها في دولة التنفيذ .

    ولقد اكدت اتفاقية جامعة الدول العربية لعام ۱۹۵۲ هذا المعنى بصورة أكمل وأوضح فيما نصت عليه المادة ٢ (هـ) من أنه لا يجوز للسلطة القضائية المختصة في البلد المطلوب اليه تنفيذ الحكم ان ترفض هذا التنفيذ إلا أذا ثبت لها " أنه توجد لدى هذه المحاكم دعوى قيد النظر بين نفس الخصوم في ذات الموضوع رفعت قبل إقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة التي اصدرت الحكم المطلوب تنفيذه فبناء على هذا النص ، الذي يهدف إلى عدم تعارض الأحكام منذ البداية ، أو عند التنفيذ ، إذا كان يجوز للبلد الذي طلب اليه تنفيذ الحكم الأجنبـــــي رفض هذا الطلب لمجرد سبق رفع نفس الدعوى ووجودها - قيد النظر – أمام إحدى محاكمها الوطنية فإن رفض تنفيذ هذا الحكم فى هذا البلد يكون من باب أولى متى سبق صدور حكم يتعارض معه من إحدى هذه المحاكم ، حيث يتعارض هذا التنفيذ مع النظام العام في بلد التنفيذ كما قدمنا . ويرى الفقه " تعليقا على النص المشار اليه أنه لا يعدو أن يكون تطبيقا لفكرة إنكار الدفع بطلب الإحالة لقيام ذات الدعوى امام محاكم دولة أخرى في ميدان الاختصاص القضائي الدولي ونحن نرى أنه ليس ما يمنع من تطبيق نفس الأفكار لتفادي تنفيذ حكم تحكيم أجنبي أو دولى فى دولة سبق أن صدر فيها حكم تحكيم وطني يتعارض مع ذلك الحكم لنفس الاعتبارات سالفة الذكر .

(خامسا) شرط المعاملة بالمثل فى تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية :

     ويقصد بهذا المبدأ أن يلقي كل طرف من الطرف الآخر نفس المعاملة التي يعامل بها هذا الطرف الآخر . فاذا تقرر مبدأ المعاملة بالمثل في مجال تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أو الدولية كان مقتضي ذلك أن تتحقق محكمة الدولة التي يطلب اليها التنفيذ من توافر شرط معاملة محاكم الدولة الأجنبية التي صدر فيها الحكم أو صدر على مقتضى قانونها لأحكام التحكيم الصادرة في دولة التنفيذ أو الصادرة على مقتضی قانونها بنفس الشروط والأوضاع التى يجرى بها التنفيذ في الدولة الأخيرة .

   وبالنظر إلى أهمية مبدأ المعاملة بالمثل فى مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية ، سواء كانت أحكاما قضائية أو تحكيمية فقد تصدر هذا المبدأ شروط تنفيذ هذه الأحكام في القانونين الكويتي والمصرى ، حيث نصت المادة ۱۹۹ مرافعات كويتى على أن الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها في الكويت بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى الكويت وهو نص مطابق لنص المادة ٢٩٦ مرافعات مصرى التى تقرر أن "الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه ) . بل طبق المشرعان الكويتى والمصرى مبدأ المعاملة بالمثل أيضا على السندات الرسمية الصادرة في بلد أجنبي ، حيث نصت المادة ۲۰۱ مرافعات كويتى على أن " المحررات الموثقة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها فى الكويت بنفس الشروط المقررة فى قانون ذلك البلد لتنفيذ المحررات الموثقة في الكويت " ، وهو نص مطابق لنص المادة ۳۰۰ مرافعات مصرى التي تقرر أن السندات الرسمية المحررة في بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقدرة في قانون ذلك البلد لتنفيذ السندات الرسمية القابلة للتنفيذ المحررة في الجمهورية .

    ويعني ذلك  أنه لا يشترط - عند الرأى المذكور - أن يكون قانون القاضي الأجنبي متضمنا لنصوص تضمن نفس المعاملة للاحكام الصادرة في بلد قاضى الدولة التى يطلب إليها التنفيذ عند تحققه من توافر المعاملة بالمثل وانما يكفى أن تلقى هذه الأحكام نفس المعاملة من الناحيه الفعلية  .

    لكننا امام صراحة النصوص الوطنية كنص المادة ۱۹۹ مرافعات كويتي المطابق لنص المادة ۲۹٦ مرافعات مصرى - لا نؤيد الرأى المتقدم لأن هذه النصوص لا تكتفي بالتبادل الواقعي أو الفعلى وانما تستلزم التبادل التشريعي ، وهو ما يتأكد مما تقرره هذه النصوص من أن الأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها .. بنفس الشروط المقررة في " قانون " ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر ) الوطنية وعلى ذلك يجب على القاضي الوطني ، عند التحقق من توافر شرط المعاملة بالمثل الرجوع الى " القانون " الأجنبي للدولة التي صدر فيها الحكم الأجنبى لمعرف إذا كان هذا القانون يتضمن نصوصا يكفل معاملة الأحكام الوطنيه بالمثل غير أن ذلك لا يعنى وجوب تشدد القاضى الوطنى فى تطبيق هذا المبدأ في مجال تنفيذ الاحكام القضائية أو التحكيمية ، بل يكفى أن يطمئن هذا القاضي أن القانون الأجنبي لا يمنع بوجه عام - من تنفيذ الأحكام الوطنية في البلد الأجنبي .

    كذلك اعتنقت اتفاقية نيويورك لعام ۱۹٥٨ مبدأ التبادل أو المعاملة بالمثل ، إذ اشارت إلى هذا المبدأ في الفقرة الثالثة من المادة الأولي التي نصت على أن " لكل دولة، عند التوقيع على الاتفاقية أو التصديق عليها أو الانضمام إليها أو الأخطار بامتداد تطبيعها... أن تصرح على أساس المعاملة بالمثل إنها ستقصر تطبيقها على الاعتراف وتنفيذ احكام المحكمين الصادرة على أقليم دولة أخرى متعاقده. " ويستفاد من هذا النص أن أى دولة تبدى التحفظ المذكور عند دخولها طرفا في الاتفاقية، لا تتعهد إلا بتنفيذ أحكام التحكيم "الأجنبية" ، أي الصادرة في دولة اجنبية ، طبقا للقانون الاجرائي لهذه الأخيره، في اقليم دولة التنفيذ، وحينئذ يكون لهذه الدولة الأجنبية معاملة دولة التنفيذ على أساس المثل بحيث يجوز لها رفض تنفيذ احكام التحكيم " الدولية" الصادرة طبقا للقانون الاجرائي للدولة الأولي إذا اتفق الطرفان على تطبيقه على خصومة التحكيم ولو لم يصدر حكم التحكيم الدولي في هذه الدولة لأن الدولة الاجنبية المذكورة لن تكون ملتزمة بدورها إلا بتنفيذ أحكام التحكيم" الأجنبية" الصادرة في الدولة التي أبدت ذلك التحفظ .

    ولقد اثارت التفرقة بين احكام التحكيم "الأجنبية" التي يطلب تنفيذها في مصر وأحكام التحكيم " الدولية" الصادرة طبقا لقانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ والتي يطلب تنفيذها في مصر أيضا السؤال عن مدى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على كل طائفة من هاتين الطائفتين؟. ويرجع هذا السؤال إلى أنه بينما اشترطت المادة ٢٩٦ مرافعات مصري، التي تخضع لها أحكام التحكيم الأجنبية بمقتضي المادة ۲۹۹ مرافعات مصري مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل عند تنفيذها في مصر فان المادة ٨٥ من قانون التحكيم المصري المذكور، التي تتكلم عن شروط الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية وأحكام التحكيم التجاري الدولي الصادرة في الخارج طبقا لهذا القانون قد جاءت خلوا من ذلك الشرط  . وذهب البعض إلى أنه يجوز اخضاع تنفيذ احكام التحكيم الأجنبية في مصر لنص المادة ٥٨ من قانون التحكيم المشار إليه. وليس لنص المادة ۲۹۹ من قانون المرافعات المصرى، ومن ثم لا يلزم لهذا التنفيذ توافر شرط المعاملة بالمثل ، وذلك تأسيسا على أن قانون التحكيم لعام ۱۹۹٤ يعتبر قانونا لاحقا لقانون المرافعات المصرى رقم ۱۳ لسنة ١٩٦٨ ، ومن ثم يكون ناسخا لنص المادة ٢٩٩ مرافعات التي تشترط المعاملة بالمثل لتنفيذ الأحكام .

    نحن لا نوافق على هذا الرأى لعدة أسباب فمن جهة لم يلغ قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ نصوص المواد ۲۹۹-۳۰۰ مرافعات مصرى التي يخضع لها تنفيذ الاحكام القضائية والتحكيمية والأوامر والسندات الرسميه الصادرة خارج مصر على غير مقتضى قانون التحكيم المذكور. وبالتالي يظل تنفيذ احكام التحكيم * الأجنبية " خاضعه لشرط المعاملة بالمثل المقرر في المادة ۲۹۹ مرافعات مصرى، وهو ما يقرره صاحب الرأى المتقدم في الموضع نفسه ومن جهة أخرى فان قانون التحكيم المصرى المذكور قد حـــد نطاق تطبيقة بكل تحكيم يجرى فى مصر ، تجاريا كان أو مدنيا ، وكل تحکیم تجاری دولی يجرى في الخارج واتفق اطرافه على اخضاعه لاحكام هذا القانون ، وبالتالي تقلت من نطاق تطبيق هذا القانون احكام التحكيم " الأجنبية " التى تجرى فى الخارج على غير مقتضى قانون التحكيم المذكور ، ومن ثم لا تخضع لنص المادة ٥٨ منه الذي لا يتضمن شرط المعاملة بالمثل وانما تخضع لنص المادة ۲۹۹ مرافعات مصري الذي يتضمن هذا الشرط كما قدمنا . ومن ناحية ثالثة فإن الرأى العكسي ينطوى على التناقض ، إذ بينما أراد إخضاع تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية المشار اليها لقانون التحكيم المصرى الجديد فإنه يخضع شروط ابطالها لقانون المرافعات المصرى رقم ١٣ لسنة ۱۹۹۸ باعتباره لا يزال نافذا بالنسبة لاحكام التحكيم الأجنبية  ، ولا يقبل اخضاع احكام التحكيم الأجنبية لهذا القانون تارة والقانون التحكيم تارة أخرى وإلا وقعنا في محظور الاضطراب التشريعي وما يؤدى إليه من إختلاف الحلول القضائية وتناقضها.

    وأيا ما كان الأمر فإنه لما كانت مصر طرفا في اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ فإنها تتعهد بمراعاة أحكامها المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم "الأجنبية " و "الدولية" في اقليمها بناء على طلب أحد رعايا الدول الأخرى الأطراف فى نفس الاتفاقية. ولقد تبنت هذه الاتفاقية مبدأ المعاملة بالمثل كما قدمنا، كما أنها تجمع بين التبادل الدبلوماسي والتبادل التشريعي والتبادل الواقعي في أن معا بدرجات متفاوته .