غياب الخصوم ولذا فإن القاضى المختص سوف يتصدى لنظر طلب الأمر بالتنفيذ والفصل فيه .
ونظرا لأننا بصدد الحصول على أمر بتنفيذ حكم تحكيم فإن نصوص قانون التحكيم قد تكفلت ببيان الشروط اللازم توافرها لنيل طلب التنفيذ حيز القبول ، فالبند الأول من المادة 58 من قانون التحكيم يقرر بأنه لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى . كما يضيف إليه البند الثاني بأنه لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقا لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتى :
أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع .
أنه لا يتضمن مايخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية .
أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلان صحيحاً .
يستفاد أنه يلزم لكى ينال طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم حيز القبول توافر الشروط التالية :
الشرط الأول - أن يكون ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قد انقضى :
وهذا الميعاد وفقاً للمادة : 1/54 تحكيم هو التسعون يوماً التالية التاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه . وبإنقضاء هذا الميعاد فإن الطلب سوف ينال حيز القبول - إذا ما توافرت بقية الشروط الأخرى - سواء رفعت دعوى البطلان أو لم ترفع . وتمكينأ للقاضى من الوقوف على حقيقة توافر هذا الشرط فإن الأمر يتطلب من طالب التنفيذ أن يقرن طلبه بصورة من ورقة إعلان الحكم إلى المحكوم عليه .
الشرط الثاني - ألا يكون حكم التحكيم المراد تنفيذه في مصرمتعارضاً مع أي حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع هذا النزاع .
والمقصود بالحكم هنا هو الحكم القضائى البات الذي لا يقبل الجدل ولا النقاش بشأن ما إنتهى إليه ، حيث أن إعمال حكم التحكيم في هذه الحالة سوف يعد إهداراً لقاعدة حجية الأمر المقضى التي تعتبر من النظام العام ، خاصة وأن الأمر الصادر بالتنفيذ لايكون هو الآخر قابلاً للتظلم .
والتساؤل الذي يثور الآن كيف يتمكن القاضى الذي سيتصدى لطلب إستصدار الأمر بتنفيذ الحكم من الوقوف على وجود حكم قضائى سبق صدوره من المحاكم المصرية في ظل غياب مبدأ التواجهية حيث لا إعلان للمحكوم عليه ولاحضور للخصوم .
أستاذنا الفاضل الدكتور العميد فتحى والى حيث يقول وهو شرط يتعذر على القاضى مصدر الأمر التحقق منه مادام يصدر الأمر دون إعلان المحكوم عليه أو سماع أقواله . وليس لمصدر الأمر أن يعتمد على علمه الخاص إن وجد . ولهذا فإننا - إعمالا لهذا الشرط - نرى أنه إذا صدر حكم محكمين متعارضاً مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية فإن من مصلحة المحكوم عليه أن يبادر بتقديم ما يدل على ذلك إلى رئيس المحكمة المختص بإصدار أمر التنفيذ ، محضر يوجه إلى كبير كتاب المحكمة المختصة ويطلب منه عرضه مع طلب إستصدار الأمر بالتنفيذ.
الشرط الثالث - ألا يتضمن حكم التحكيم المراد تنفيذه ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.
لذا لا يجوز للقاضى أن يأمر بتنفيذ حكم محكمين قضى بدين قمار أو بتعويض عن معاشرة غير مشروعة أو بإلزام بثمن مخدرات ، أو بفوائد تأخيرية لصالح أحد المحتكمين بسعر يزيد عن الحد الأقصى المقرر ، وذلك كله مع مراعاة التمييز بين النظام العام الداخلىوالنظام العام الدولى حيث يتم تفسير الثاني تفسيرة ضيقة حرصا على إستقرار أحكام التحكيم حيث أن التحكيم هو الطريق الطبيعى لحسم المنازعات التي تثور بمناسبة التجارة الدولية .
القول بأن ذلك يستوجب أن يكون الأصل قابلية موضوع النزاع للتحكيم والاستثناء هو عدم القابلية. وهذا ما حرص المشرع الفرنسى على إعماله حيث قيد سلطة القاضى الذي يقوم بمنح الأمر بالتنفيذ بفحص ما إذا كان تنفيذ الحكم سيتعارض مع النظام العام الدولى .
الشرط الرابع - أن يكون قد تم إعلان حكم التحكيم المراد تنفيذه للمحكوم عليه إعلان قانونياً صحيحاً :
وذلك تطبيقاً لمبدأ المواجهة الذي حرص قانون التحكيم على إعماله كما هو الحال بالنسبة لعدالة الدولة . ويتأكد القاضى من تحقق هذا الشرط وذلك بالاطلاع على صورة ورقة إعلان حكم التحكيم التي يلزم إرفاقها بطلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم .
ومع ذلك فإن بعض الفقهاء يرى أن الشروط الثلاثة الأخيرة يمكن دمجها تحت شرط واحد وهو الشرط الثالث حيث أن تعارض حكم التحكيم مع حكم قضائی سابق في موضوع النزاع يعد مخالفة للنظام العام المصرى . وكذلك عدم إعلان الحكم للمحكوم عليه بعد مخالفة للنظام العام لخرقه حقوق الدفاع بالنسبة للمحكوم عليه بعدم تمكينه .
ختاماُ لهذه الشروط نقول إذا كان قانون التحكيم الحالى قد تضمن سر تيسيراً كبيراً لتنفيذ أحكام التحكيم لايتمثل فقط فيما أعطاه من قوة وقيمة كبيرة لهذه الأحكام ، بل في خفض الشروط المطلوبة للتنفيذ إلى حد كبير عن تلك التي يتطلبها قانون المرافعات على الوجه الذي سنعرض له فيما بعد .