بخصوص الوقت الذي بإمكان من صدر حكم التحكيم لصالحهأن يتقدم فيه للحصول على أمر بتنفيذه، فإننا ننوه بداية إلى أن أحكام التحكيم خلافًا لأحكام القضائية تكون غير قابلة للطعن عليها بأي طريقة من طرق الطعن العادية وغير العادية مما دفع بعض الفقهاء إلى القول بحيازتها لدرجة البتية، ولكن نظراً لصدوره من أشخاص عاديين لا يحوزون سلطة الجبر المقصورة على قضاء الدولة فإن إمكانية تنفيذه جبراً تستلزم حصوله على القوة التنفيذية عن طريق الحصول على أمر بتنفيذه من قضاء الدولة.
ونظراً لأن الكمال والسمو من الصفات المقصورة على الخالق عز وجل وحده فقد أجاز المشرع المصري الطعن على حكم التحكيم بالبطلان إذا توافر سبب من الأسباب الواردة في المادة 53 تحكيم، وترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية على تاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه.
وهنا كان لزما على المشرع أن يوفق بين هاتين الفكرتين- حكم يحوز درجة البتية من جهة وقابل للطعن عليه بالبطلان من جهة أخرى- لذا فإن الفقرة الأولى من المادة 58 تحكيم تقدر بأنه لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى.
التحكيم من التقرير بقبول طلب التنفيذ بمجرد رفع دعوى البطلان دون انتظار لانقضاء ميعاد التسعين يوم المضروب لرقع دعوى البطلان حيث تقول "ومع ذلك إذا اقيمت هذه الدعوى خلال الميعاد عاد إلى من صدر حكم التحكيم لصالحه حقه الأصلي في طلب تنفيذ الحكم مباشرة لكيلا يظل سلبيا.
لنص المادة 57 تحكيم ولايختلف الامر إلا إذا أقرن طالب البطلان طلبه في صحيفة دعوى البطلان بطلب وقف التنفيذ ورأت المحكمة استناد الطلب على أسباب جدية فلها أن تأمر بوقف التنفيذ خلال ستين يوماً من تاريخ أول جلسه حددة لنظر طلب الوقف.
وفي المقابل فلقد ذهبت الغالبية بحق إلى عدم قبول طلب المر بالتنفيذ إلا بعد انقضاء مدة التسعين يوماً حتى وإن كانت دعوى البطلان .
نص المادة 57 من قانون التحكيم التي تتكلم على أن رفع دعوى البطلان لا يؤدي إلى وقف التنفيذ، مع أن الثابت وفقا للتحليل السابق أن رفع دعوى البطلان لا يحوز قوة تنفيذية يمكن أن يرد عليها الوقف، ثم تستطرد هذه المادة بذكر أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى في حين أن الحكم المطعون عليه بدعوى بطلان يكون غير حائز القوة التنفيذية من الأصل وبالتالي ورغم وجاهة هذا الرأي إلا أنه يتعارض مع نص المادة 57 تحكيم التي تقرر إمكانية طلب وقف التنفيذ من محكمة البطلان مما يعني أن الحكم الذي طعن عليه بالبطلان يكون قابلا للتنفيذ الجبري وإلا ما كانت هناك حاجة إلى طلب الوقف طالما هو غير قابل للتنفيذ أصلا طوال مدة الطعن طالما لم يرفع بعد.
منطقي فقد يستمر نظر دعوى البطلان لعدة سنوات وبالتالي فالقول بعدم إمكانية تنفيذه خلال نظرها يعني شل نشاط التحكيم وتفويت الغايات المبتغاة من تنظيمه واللجوء إليه، وكل ما يمكن قبوله هو أنه لا يجوز التقدم بطلب الأمر بالتنفيذ إلا بعد انقضاء مدة الطعن بالبطلان طالما لم يطعن عليه بالفعل.
ويتخذ موقفا وسطا بين الرأيين السابقين بعض الفقهاء لتمييزه بين حالة إجابة المحكمة لطلب وقف التنفيذ وحالة رفضها له حيث يقول بأنه يتصور أن يقبل طلب التنفيذ الذي أبداه المدعي في صحيفة دعوي بطلان الحكم الذي أقامها، أما إذا تم رفع دعوى البطلان ووافقت المحكمة على طلب وقف التنفيذ فلا يمكن تنفيذ الحكم إلا بعد الفصل في دعوى البطلان.
ونعتقد أن هذا الرأي مرفوض لإقامته للتمييز بناء على الفصل في طلب الوقف وليس مجرد رفع دعوى البطلان كما هو الحال بالنسبة للرأي الأول، لأن الخصم قد يتقدم بطلب البطلان دون تضمينه لطلب الوقف ثم يحاول استدراك خطأه طالما أن ميعاد البطلان ما زال قائما وذلك بتنازله عن طلبه السابق والتقدم بطلب جديد يتضمن طلب وقف التنفيذ