التنفيذ / المحكمة المختصة بنظر الطلب وسلطتها / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / فاعلية القضاء المصري في مسائل التحكيم التجاري الدولي / المحكمة المختصة بالنظر الطلب وسلتطها
والمحكمة المختصة بالدولة المطلوب التنفيذ فيها، تقتصر مهمتها فقط على مراجعة الحكم من الناحية الشكلية التي تطلبها الاتفاقية من لزوم توقيع سكرتير العام المركز على حكم التحكيم حيث إن باستيفائه للشكل القانوني صار حكما واجب النفاذ دون حاجة لأي إجراء آخر من قبل الأطراف، فالحكم التحكيمي الصادر عن الأكسيد يعتبر حكما قضائيا محليا صادرة من الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها لذا يتعين على المحكمة المختصة تلقائية منح الاعتراف لهذا الحكم.
وعليه لا يجوز للمحكمة المختصة مراجعة الحكم من الناحية الموضوعية وفحص موضوع النزاع.
على هذا النحو، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وبمنطقية، هل يجوز - والحال كذلك – الدفع بالنظام العام أو الدفع بحصانة الدولة لمنع تنفيذ الحكم؟
قد يحدث أن تتمسك الدولة لمنع التنفيذ بالدفع بالحصانة هذا الدفع يحول دون التنفيذ على أموال الدولة لاعتبارات تتعلق بحصانتها ويتأسس هذا الدفع على سند من نص المادة (55) من اتفاقية واشنطن ذاتها عندما قضت بأنه "لا تفسر أحكام المادة (54) – المتعلقة بالتنفيذ على أنها مساس بالقانون المعمول به في أية دولة لتغلقه بحصانة الدولة أو بأية دولة أجنبية من التنفيذ" ورغم ذلك فإن تطبيق هذا النص سوف يلقی مغايرة من دولة إلى أخرى تبعا لمرونة قوانين كل منها المتعلقة بالحصانة ضد التنفيذ.
لذلك انقسم الفقه في الإجابة عن هذا السؤال إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول: ذهب إلى أن خضوع الدولة إلى نظام التحكيم لا يعني أنها تتنازل عن حصانتها ضد التنفيذ إلا إذا كانت الدولة قد تنازلت عن تلك الحصانة تنازلا صريحة وواضحة، واستند هذا الاتجاه إلى ما ذهب إليه القضاء الفرنسي في قضية الشركة الأوروبية للدراسات والمشروعات والمعروفة اقتصادية بـ (SEEE) مع الحكومة اليوغسلافية فعندما بدأت الشركة المذكورة إجراءات تنفيذ حكم التحكيم على أموال يوغسلافيا الموجودة في باريس طلب المحامي العام اليوغسلافي من رئيس المحكمة بباريس إلغاء أمر التنفيذ ووقف إجراءات الحجز استنادا إلى الحصانة القضائية للدولة اليوغسلافية فأجابت المحكمة بأن يوغسلافيا قد قبلت التنازل عن حصانتها القضائية بموجب شرط التحكيم المتضمن العقد مع شركة (SEEE) أما فيما يتعلق بالحصانة ضد التنفيذ فأكدت المحكمة أنه من المحسوم أن تنازل الدولة عن حصانتها القضائية لا يرتب تنازلا عن الحصانة ضد التنفيذ.
الاتجاه الثاني: يرى أن مجرد أن تكون الدولة طرفا في عقد يتضمن اتفاق تحكيم مع طرف آخر من أشخاص القانون الخاص يعد تنازلا عن حصانتها ضد التنفيذ فضلا عن تنازلها عن حصانتها القضائية. واستندوا في ذلك إلى الحكم الصادر على النزاع بين الحكومة الفرنسية وشركة يونانية حيث تم النص في العقد المبرم بين الطرفين على إحالة الخلافات الناشئة بمناسبة تنفيذ العقد إلى التحكيم وثار نزاع بين الطرفين وتمت إحالته إلى التحكيم فصدر حكم لصالح الشركة اليونانية فقامت الأخيرة بالحصول على أمر تنفيذ حكم من محكمة السين المدنية ضد الحكومة الفرنسية فطعنت الأخيرة في هذا القرار لكن محكمة استئناف باريس أيدت تنفيذ الحكم بقولها أن القانون الفرنسي الذي لا يخول الدولة الحق في اللجوء إلى التحكيم لا يسري بالنسبة للعقود الدولية، فيجوز للدولة أن تتنازل سلفا عن حصانتها وذلك بقبول اختصاص محكمة أجنبية.