الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / المحكمة المختصة بنظر الطلب وسلطتها / الكتب / نطاق الرقابة القضائية على التحكيم فى منازعات العقود الإدارية / مدى رقابة القضاء الإداري على حكم التحكيم لدى طلب الأمر بتنفيذه

  • الاسم

    دكتور شعبان أحمد رمضان
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    228

التفاصيل طباعة نسخ

مدى رقابة القضاء الإداري على حكم التحكيم لدى طلب الأمر بتنفيذه

   تصدر أحكام التحكيم حائزة لحجية الأمر المقضي طبقا لنص المادة ٥٥ من قانون التحكيم المصري (۱) رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤، بيد أنها لا تكون واجبة التنفيذ إلا بعد صدور الأمر بتنفيذها من القاضي المختص .

   ويتيح إصدار أمر التنفيذ لقضاء الدولة رقابة حكم التحكيم المامور بتنفيذه، وهي رقابة يختلف مداها ومضمونها من تشريع لآخر ) .... . والتساؤل الذي يطرح نفسه على بساط البحث هو ما مدى الرقابة التي يمارسها القاضي الأمر بتنفيذ حكم التحكيم على هذا الحكم؟ 

   وفي معرض الإجابة على هذا التساؤل لم يتفق الفقه على كلمة سواء حيث يرى البعض التضييق من تلك الرقابة لأضيق الحدود، بينما يرى البعض الآخر منح القاضي الأمر بالتنفيذ دورا رقابيا أكبر يمكنه من مراقبة صحة حكم التحكيم وشرعيته قبل إعطاء الأمر بتنفيذه.. وعليه سنعرض لكلا الرأيين في مطلبين على التوالي، نتبعهما بثالث نتصدى فيه لبيان وجهة نظرنا بهذا الشأن، وذلك كما يلي:

الاتجاه المضيق لنطاق رقابة القاضي الأمر بالتنفيذ

   وطبقاً لهذا النظر فليس للقاضي أن يرفض إصدار أمر التنفيذ تأسيساً على خطأ المحكمين في تكييف الواقع أو خطئهم في تطبيق القانون عليها، كما لا يدخل في سلطته تعديل حكم التحكيم أو تكملته.. وهو ما اعتنقته محكمة النقض المصرية في عديد من أحكامها بقولها أن القاضي المختص بإصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم لا يملك عند الأمر بالتنفيذ التحقق من عدالته أو صحة قضائه في الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد .

الاتجاه الموسع لنطاق رقابة القاضي الأمر بالتنفيذ

   خلافا للنظر الفقهي السابق ولی نظر فقهي فرنسي آخر وجهه شطر القول بضرورة منح القاضي دوراً أكبر وهو بصدد النظر في طلب الحصول على أمر التنفيذ بحيث يمكنه مراجعة صحة حكم التحكيم ومدى قانونيته قبل إعطاء الأمر بتنفيذه. 

   وقد حظي الاتجاه الفقهي المائل بدوره جانب من الفقه المصري يتجــه صوب القول بمنح القاضي دورا أكبر بهذا الصدد بحيث تمتد سلطة القاضـــــي الأمر بالتنفيذ لمراقبة كافة أسباب البطلان بحيث يمتنع عن إصدار أمر التنفيذ متى توافرت إحدى الحالات التي تتيح رفع دعوى البطلان .

وجهة نظر الباحث بشأن نطاق رقابة القاضي الأمر بالتنفيذ

   إذا عن لنا أن نبدي رأينا بهذا الصدد لاسيما بالنسبة للتحكيم في منازعات العقود الإدارية، وما تهدف إليه تلك العقود من تغيي الصالح العام وضمان سير المرافق العامة بانتظام وإطراد على نحو يمكنها من تقديـ خدماتها للمتعاملين معها بشكل جيد، الأمر الذي يقتضى إيجاد رقابة توائم بين الاعتبارات التي يقوم عليها التحكيم من ناحية.

   ذلك أنه لا يتصور أن ننقل إلى القاضي الأمر بالتنفيذ سلطة محكمة الطعن ونعطل القوة التنفيذية لأحكام التحكيم بلا مبرر حقيقي، كما لا يمكن للقاضـــــي الأمر أن يترخص في إصدار أمر بتنفيذ حكم تحكيمي ظاهر البطلان لاسيما فيما يتعلق بالمانع الخاص بعدم إنضواء حكم التحكيم على ما يخالف النظام العام، حيث يتعين على القاضي الأمر بالتنفيذ أن يتعمق في دراسة هذا المانع شأنه في ذلك شأن المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان بصدد هذا العيب، خاصة وأن هناك سبب مشترك بين دعوى البطلان والامتناع عن إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم لأنه ليس من المنطقي كما أوضحنا إصدار أمر تنفيذ حكم تحكيم مآله البطلان . 

   وصفوة القول أن القاضي الأمر بالتنفيذ لا يمارس رقابة موضوعية كاملة يعيد من خلالها النظر والترجيح فيما فصل فيه حكم التحكيم لكونه لا يعد جهة استئنافية لهيئة التحكيم، كما أنه لا يقتصر على مجرد تحسس ظاهر الأوراق، وإنما يمارس رقابة موضوعية محدودة تمكنه من التحقق من عدم وجود ما يمنع من تنفيذ الحكم لاسيما فيما يتعلق بعدم انضواء حكم التحكيم على ما يخالف النظام العام، خاصة وأن فكرة النظام العام في مجال روابط القانون الإداري تحوى عديد من القواعد الإجرائية والموضوعية ذات الطبيعة الآمرة التي لا يجوز لجهة الإدارة التنازل عنها أو الاتفاق على ما يخالفها بشأن عقودها الإدارية محل التحكيم.. الأمر الذي يفرض على القاضي المختص بإصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم التحقق من احترام الحكم لتلك القواعد حماية للمصلحة العامة التي تمثل رائد كل عمل إداري، وجوهر فكرة النظام العام في ذلك المجال من ناحية، وبما يكفل للتحكيم فاعليته وجدواه عبر إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم من ناحية أخرى.

107