اتفاقية نيويورك لم تقم بتحديد الإجراءات الواجبة الاتباع للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها، حيث تركت تلك المهمة القانون الدولة التي سيجرى التنفيذ على إقليمها إعمالا لمبدأ خضوع الإجراءات القانون القاضي، فإنه في حال رغبة من صدر حكم التحكيم الأجنبي لصالحه في تنفيذه في جمهورية مصر العربية، فإن قانون المرافعات المصري هو الذي سيتولى في هذه الحالة تحديد إجراءات تنفيذه.
وبخصوص تحديد الجهة المختصة بمنح الأمر بالتنفيذ فوفقا للمادة ۲۹۷ مرافعات فإن طلب الأمر بالتنفيذ يقدم إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، وعليه فإن المحكمة المختصة نوعية بنظر هذه الدعوى ستكون المحكمة الابتدائية.
أما بالنسبة للمحكمة المختصة محلية ستكون المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ بدائرتها، وهذا ولو كان المطلوب التنفيذ ضده موطن أو محل إقامة في مصر.
فإن بعض الفقهاء يرى أن الاختصاص ينظر طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي وفقا لاتفاقية نيويورك سينعقد لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصام محكمة استئناف أخرى في مصر حيث يقول وتنص المادة 36 من القانون المصري رقم ۳۷ لسنة 1944 بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من هذا القانون أو من يندبه من قضائها بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين.
ميعاد وإجراءات استصدار الأمر بالتنفيذ:
بخصوص میعاد طلب الأمر بالتنفيذ فنظرا لأن اتفاقية نيويورك العام ۱۹۵۸ لم تحدد مدة يتقادم فيها طلب تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي، فإنه برجع في هذه الحالة إلى قانون القاضي، وهو قانون المرافعات المصري، الذي لم يحدد هو الآخر میعاده لطلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي، وبالتالي فإمكانية طلب الأمر بتنفيذه تخضع لقواعد العامة التي تقرر أنه بإمكان من صدر لصالحه حکم تحكيم في الخارج أن يتقدم للحصول على أمر بتنفيذه في جمهورية مصر العربية الما لم يسقط الحكم بالتقادم.
المجتمع الدولي سوف لا يكون بحاجة إلى مثل هذه الاستثنائية، وهذا ما أعلنه في بعض الدولى كأستراليا الدنمارك والهند والسويد وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ونظرا لأن نصوص الاتفاقية لم تعمد من البداية إلى إعمال التسوية صفقة بين أحكام التحكيم الوطنية وأحكام التحكيم الأجنبية، وإنما حرمت على تقريب الفجوة بينهما مكتفية بوضع قاعدة الإسناد الموحدة – خضوع.
فبالنسبة لإمكانية طلب الأمر بالتنفيذ التي نحن بصدده مدال جنرا ان فقد انتهينا إلى أن الاتفاقية لم تحدد مدة التقادم وطلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي تاركة الأمر للقانون الداخلى لكل دولة، وبالتالي أتاحت الفرصة للاختلاف، بل ومصادرة الحق في طلب التنفيذ طبعا للنظام.
نتصور مقدار الاختلاف بين الأنظمة ما بين شهر، وعام، وثلاثة أعوام، وخمسة عشر عاما، فالمدة القصيرة سوف تكون لصالح من صدر ضده الحكم، بينما تكون ضد مصالح من صدر الحكم لصالحه والعكس بالعكس، ولا نستطيع في هذه الحالة أن نوجه لومة لأية دولة في هذه الحالة لأن كل منها قد مارست السلطة التي منحتها إياها الاتفاقية.
أما بالنسبة لإجراءات استصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، فنظرا لأننا بصدد حكم أجنبي لا يخضع لقانون التحكيم المصري رقم ۲۷ السنة 1994 فإنه يخضع لأحكام المادة ۲۹۷ مرافعات التي تقضي بأن يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، أي بصحيفة تودع قلم كتاب هذه المحكمة مستوفية للبيانات التي عددتها المادة63 إلى البيانات الأخرى التي تتطلبها طبيعة هذه الدعوى، سيولى القيام بمهمة إعلان صحيفة ضده هو قلم کتاب المحكمة عن طريق قلم المحضرين.
أما فيما يتعلق بأشخاص خصومة الأمر بالتنفيذ وموضوعها فهذه أمور سوف نعالجها بمناسبة الكلام عن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفقا لقانون المرافعات، لذا نكتفي بالإحالة عليها تجنبا للتكرار والإطالة.
أما فيما يتعلق بعبء الإثبات فإنه خلافا لاتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ فإن اتفاقية نيويورك قد قلبت فأخذت الإثبات بحيث جعلته الأصل والقاعدة ذو قابلية أحكام التحكيم الأجنبية لتنفيذ إذا ما أوفى طالب التنفيذ بالالتزامات التي تلقيها على عاتقه المادة الرابعة من الاتفاقية، مفترضة توافر كافة الشروط اللازمة لتنفيذها.
وإذا كانت الاتفاقية قد أعنت طالب التنفيذ من عبء إثبات توافر كافة الشروط اللازمة لمنح الأمر بالتنفيذ على الوجه المذكور سلفة، فإنها لا تكتفي بمجرد تقديمه للطلب کی تتصدى لنظره والفصل فيه، بل وتفرض عليه أن يرفق طلبه ببعض المستندات التي تعد مفترضة ضرورية وشكلية لازمة لتمكين المحكمة من التصدى لطلبه والفصل فيه.
ومما ينبغي التنويه إليه أن هاتين الوثيقتين تعتبران الحد الأدنى الذي يجب تقديمه للمحكمة، وعليه فإنه إذا كان قانون الدولة المطلوب فيها تنفيذ حكم التحكيم الأجنبى يشترط تقديم مستندات أخرى التزم طالب التنفيذ بتقديمها، لأن هذا القانون هو الواجب التطبيق على الإجراءات إعمالا القاعدة الإسناد الموحدة التي وضعتها الاتفاقية.