ونظراً لأن سلطة المحكمة تنحصر فى السماح بتنفيذ الحكم التحكيمى فى مصرأو رفض الأمر بتنفيذه فإنه لا يجوز لها بأى حال من الأحوال أن تعدل الحكم الأجنبى ، وإنما تقوم بمنح الأمر بالتنفيذ في حال إستيفاء الحكم المطلوب تنفيذه فى مصر لكافة الشروط اللازمة للأمر بتنفيذه . كما أنه رعاية المصالح كافة الأطراف فإن بإمكان المحكمة أن تأمر بتنفيذ جزء معين من الحكم وذلك فى حال توافر الشروط اللازمة للأمر بالتنفيذ بالنسبة لهذا الجزء فقط شريطة أن يكون هذا الجزء قابلاً للفصل عن باقي أجزاء الحكم الأخرى وإلا رفضت المحكمة تنفيذ الحكم بأكمله .
أن إصدار الأمر بتنفيذ الحكم كله أو جزء منه ليس بكاف لمباشرة التنفيذ الجبرى الفعلى بواسطة الأفراد المختصين في جمهورية مصر العربية ، وكل ما فى الأمر أن ينزل الحكم التحكيمى منزلة الحكم القضائى الوطنى . ولذا فإن حكم التحكيم الأجنبى الذى صدر أمر بتنفيذه يرتب نفس الآثار التي يرتبها عادة القانون .
الأجنبى نفسه في بلده شريطة ألا تزيد على الآثار التي يرتبها القانون المصرى لأحكام التحكيم الوطنية ، فعلى سبيل المثال فإن الضمانات القضائية التي يرتبها القانون الفرنسى لمصلحة الدائن .
والحق أنه بصدد الضمانات التي يرتبها القانون الأجنبى للحكم المراد تنفيذه في مصر أنه يجب التمييز بين ما إذا كان التأمين قد نشأ عن الحكم تلقائياً وبقوة القانون كما هو الحال بالنسبة للرهن القضائى فى القانون الفرنسى فإنه لا يجوز التمسك به في مصر وذلك لأنه لا يعتبر في هذه الحالة من ضمانات التنفيذ ، لأن هذه الضمانات تخضع دائمة لقانون الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها.
فإن بعض الفقهاء يرى أنه ليس بإمكان طالب التنفيذ الحصول على حق إختصاص في هذه الحالة لأن الحكم الأجنبى الذى صدر أمر بتنفيذه في مصر لا يكون له أثر لا يقره له قانون المحكمة التى أصدرته وإن كان يقره القانون المصرى.
أما إذا كان التأمين قد تقرر بمقتضى القانون الذى يحكم الحق موضوع النزاع بحيث لم يك للحكم الأجنبى من أثر سوی کشف هذا الحق ، فإنه يجوز التمسك في مصر بهذا التأمين ، فلو كان القانون الأجنبى الذى يحكم موضوع الدعوى يأخذ مثلاً بفكرة المسئولية التضامنية عن الفعل الضار فإنه يجوز التمسك به في مصر.
س : إذا كان يتم تذييل حكم التحكيم بالصيفة التنفيذية بمجرد شموله بالأمر بالتنفيذ أم يتوقف على اعتبار آخر ؟
لقد اختلف الفقه بشأن تلك الجزئية حيث ذهب بعض الفقهاء إلى إعتبار دعوی الأمر بالتنفيذ من الدعاوى غير المقدرة ، ولذا فإن الحكم الصادر فيها يكون قابلاً للطعن عليه بالاستئناف ومن ثم فإن من صدر الأمر بالتنفيذ لصالحه سوف لا يتمكن من تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية إلا بعد إنقضاء مدة الطعن بالاستئناف.
فإن البعض الآخر يرى أنها من الدعاوى المقدرة القيمة حيث تقدر قيمتها - فيما يتعلق بنصاب الإستئناف - على أساس قيمة الطلب الذي فصل فيه الحكم الأجنبي ، وبالتالى فقد يكون قابلاً للإستئناف ومن ثم يأخذ حكم الرأى السابق ، أو تكون قيمتها أقل من عشرة آلاف جنيه وبالتالى يكون الحكم إنتهائياً ، ومن ثم فإننا نحبذ أن يتدخل المشرع بنص تشريعى يحسم فيه هذه المسألة بنص قاطع وتنظيم يتلاءم وطبيعة التحكيم .
عدم توافر شرط من الشروط اللازمة لمنحه فإن الحكم الصادر بالرفض يكون قابلا للطعن عليه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف التابع لها المحكمة الإبتدائية التي أصدرت الحكم المذكور . والحال لا يخلو عن فرضين : فإما أن تنتهي محكمة الاستئناف إلى إلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية برفض منح الأمر بالتنفيذ .
ويتساءل الفقه عما إذا كان الحكم الصادر برفض طلب التنفيذ يحوز حجية الشىء المقضى فيه وبالتالى يحول دون من صدر حكم التحكيم الصالحه من التقدم مرة أخرى لطلب التنفيذ أم لا ؟ لقد تصدى لهذا التساؤل بعض الفقهاء مقرراً أن الحكم الصادر بالرفض يحوز الحجية القضائية التي تحول دون التقدم بهذا الطلب مرة أخرى.
وفي المقابل فإن البعض الآخر يميز بين ما إذا كان سبب الرفض إجرائياً أم موضوعياً ، فإن كان الرفض لسبب إجرائى لحق بالحكم فإنه يجوز إعادة التقدم بطلب التنفيذ بعد التطهر منه . ونحن نرى أن الرأى الثانى أقرب إلى تحقيق الهدف المنشود من تنظيم تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في جمهورية مصر العربية.
ويكون من غير الجائز التقدم بطلب جديد بغية الأمر بتنفيذ ذات الحكم تأسيسا على حيازة الحكم الصادر برفض الأمر للحجية .
أما إذا كان الرفض مؤسساً على سبب لا يمكن إستدراكه وذلك بأن يكون الحكم التحكيمى متضمناً لما يخالف النظام العام أو الآداب العامة في جمهورية مصر العربية.
إمكانية رفع دعوى من جديد للحصول على حكم قضائى جديد يمكن تنفيذه فيما بعد وفقاً للقاعدة العامة لتنفيذ الأحكام القضائية ترتبط بمدى إمكانية رفع هذه الدعوى أم لا ؟ والإجابة على هذا السؤال تتوقف على مدى الإعتراف للحكم التحكيمى الأجنبى بالحجية في مصر قبل صدور الأمر بتنفيذه .
ونظراً لعدم تنظيم المشرع المصرى لهذه المسألة فلقد انقسم الأمر بشأنها حيث ذهب جانب من الفقه إلى أن حكم التحكيم الأجنبي لا يتمتع بالحجية فى مصر إلا بعد صدور الأمر بتنفيذه .
إلا هذا الرأى تعرض للنقد من قبل بعض الفقهاء حيث يرى أن استلزام رفع دعوى طلب الأمر بالتنفيذ حتى يمكن الإعتراف للحكم الأجنبى بحجيته هو إسراف في الشكلية دون مبرر . ولذا فإن الرأي الراجح يذهب إلى أن الحكم الأجنبى غير المشمول بالأمر بالتنفيذ يتمتع بحجية الشئ المقضى فيه . وبصدد ذلك يقول بعض الفقهاء وما قيل عن حجية الأحكام القضائية الأجنبية في حسم النزاع يمكن أن يقال أيضاً عن أحكام المحكمين ، فإذا دفع أمام محكمة مصرية بحجية الشئ المقضى به بناء على حكم محكمين أجنبى كان على المحكمة أن تتحقق من أن الحكم قد استوفى الشروط اللازمة لمنحه الأمر بالتنفيذ.
إن بعض أنصار الرأي الثانى يميز بين ما إذا كان شرط التبادل يعتبر أحد الشروط التى يتعين على القاضى المصرى أن يبحثها قبل إعترافه بحجية الحكم التحكيمى .
وهكذا فإنه في حال إستيفاء حكم التحكيم الأجنبى للشروط اللازمة لنفاذه فى مصر بما فيها شرط التبادل فإن المحكمة المختصة تضفى عليه حجية الشئ المقضى فيه وبالتالى يمتنع عليها نظر دعوى مبتدأة من قبل من صدر الحكم لصالحه للحكم له بذات الطلبات التي حكم له بها بموجب حكم التحكيم سالف الذكر . أما إذا تخلف شرط من الشروط اللازمة للاعتراف بصحته دولياً بما فيها شرط التبادل، فبإمكانه في هذه الحالة رفع دعوى مبتدأة بشأن موضوعه أمام المحكمة المصرية المختصة للحكم له بذات الطلبات السابق له الحكم بها بموجب الحكم المرفوض نفاذه في مصر .