فإن قرار التحكيم الصادر في فرنسا لايمكن تنفيذه جبراً إلا بعد حصوله على القوة التنفيذية بموجب أمر يصدره قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكلية التى صدر القرار التحكيمى في نطاق دائرة إختصاصها.
التنفيذ سوف يصدر عن المحكمة الكلية مشكلة من قاض فرد (م 11/311 من قانون التنظيم القضائي مستقاة من قانون 9 يوليو لسنة 1991) ، إلا أن تحديد طبيعة تلك المهمة هي محل خلاف بين الفقه مثيرة التساؤلات التالية : هل هي من مسائل التنفيذ الجبری وبالتالي سوف تسند إلى قاضي التنفيذ؟
نظراً لأن نظام قاضي التنفيذ الذي أنشئ بالقانون رقم 72- 626 والصادر في الخامس من يوليو 1972 كان لصعوبات جديدة مجرد حبر على ورق ، ولذا لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي ، فكان يقوم بتلك المهمة رئيس المحكمة أو من ينيبه وهو ما كان يعبر عنه بقاضي العرائض وبعبارة أخرى المحكمة الكلية مشكلة من قاض فرد .
وبظهور فعالية فضاء التنفيذ بالقانون رقم 650 لسنة 1991 فإن إصدار الأمر بالتنفيذ يكون من صلب إختصاصاته وذلك بصريح نص الفقرة الثانية من المادة 1477 مرافعات ، رغم أن هذا الأمر يتعلق بتكوين السندات التنفيذية والتي تعد من الموضوعات التي تتعلق بتنفيذ السندات التنفيذية والمشاكل الناجمة عنها.
إن الجانب الثانى يرى إسناد تلك المهمة إلى قاضي التنفيذ وذلك إعمالاُ للمادة 1477 مرافعات التي تقرر صراحة أنها من اختصاص قاضي التنفيذ المقرر بالقانون رقم 626 لسنة 1972.
وتفادياً للاختلاف الناجم عن اللبث والغموض الناجم عن الفقرة الثانية من المادة 1477 مرافعات بتفيذ أحكام التحكيم إلى رئيس المحكمة الكلية وذلك بإلغائها للفقرة الثانية من المادة 1477 مرافعات الأجنبي وغيره من المحكمة الكلية مشكلة من قاض فرد وزال إختصاص قاضي التنفيذ الذي كان مقرراً له .
فمن هذا العرض ننتهى إلى أن المحكمة المختصة نوعياً بمنح الأمر بالتنفيذ هي المحكمة الكلية التي صدر الحكم التحكيمى في نطاق دائرة إختصاصها مشكلة من قاض فرد ، وأن هذا الإختصاص يتعلق بالنظام العام .
أما بخصوص المحكمة المختصة محلية بمنح الأمر بالتنفيذ فبالنسبة للأحكام الصادرة في فرنسا وطنية كانت أم دولية .
عرضنا من قبل أن مخالفة قواعد الإختصاص النوعي يترتب عليها بطلان الأمر بالتنفيذ بطلاناً من النظام العام ، فالأمر مختلف بالنسبة للاختصاص المحلى حيث أن البطلان المترتب عليها يكون بطلاناً نسبياً.
لم يتبق بعد سوى القول بأن الأثر المترتب على صدور الأمر بالتنفيذ من محكمة غير مختصة أياً كان نوع الاختصاص هو بطلان الأمر الصادر بالتنفيذ ، لابطلان الحكم التحكيمي نفسه .
فإن المشرع الفرنسي قد خالف ماسار عليه المشرع المصري من عقد الاختصاص للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع مالم يكن التحكيم تجارياً دولياً حيث ينعقد لمحكمة إستئناف القاهرة أو أية محكمة استئنافية يتفق على عقد الاختصاص لها
ولذا فإن بعض الفقهاء يرى أن ماذهب إليه المشرع المصري من عقد الإختصاص للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع هو الأنسب الأسلم وذلك باعتبار أن التحكيم قضاء إستثنائي ولذا يجدر أن يستمد قوته التنفيذية من صاحب الولاية الأصلية في نظر النزاع ، حيث تسترد المحكمة المختصة أصلا جزءا من إختصاصها الأصلي وذلك بمساهمتها في تكوين السند التنفيذي للحكم التحكيمي من خلال منحها للأمر بالتنفيذ بعد إجراء الرقابة عليه . ، وينتهي إلى القول بأننا لانرى أي مبرر قانوني لما ذهب إليه المشرع الفرنسي من ربط الإختصاص بمكان صدور حكم التحكيمي.
ميعاد وإجراءات استصدار الأمر بالتنفيذ :
على غرار النظام المصري فإن من يرغب في الحصول على أمر بتنفيذ حكم التحكيم يلزمه أن يكون حكم التحكيم وكذلك إتفاق التحكيم تحت سمع وبصر المحكمة التي سوف تصدر الأمر بالتنفيذ ، ولذا فإن إيداع الحكم التحكيمي قلم كتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع يعد مفترضاً أولياً وشكلية أساسية لاغنى عنها لمنح الأمر بالتنفيذ .
ضرورة إيداع حكم التحكيم قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع :
الفقرة الثانية من المادة 1477 مرافعات تقرر بأنه تحقيقاً لهذه الغاية - منح القوة التنفيذية للحكم التحكيمي - يودع أحد المحكمين أو الطرف الأكثر عجلة أصل الحكم التحكيمي مرفقاً به نسخة من اتفاق التحكيم قلم کتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع ، اللهم إلا إذا كان التحكيم أجنبياً حيث يكفي تقديم صور رسمية منها .
وإذا كان المشرع الفرنسي لم يحدد ميعاداً يلزم الإيداع خلاله كما هو الحال في النظام المصري فإننا نأمل أن يعود إلى ما كان عليه الأمر سلفاً من تحديد ميعاد معين - الثلاثة أيام التالية للنطق به - يتم الإيداع خلاله . فإن قيل بأنه لا يترتب على مخالفة الميعاد المذكور البطلان لأنه میعاد تنظیمی، قلنا أنه يحقق فوائد عديدة منها حمل الملتزم على القيام بتلك المهمة لتنفيذها وإلا كان محلاً للمساءلة .
وإذا كان المشرع المصري قد تطلب من كاتب المحكمة التي يتم الإيداع لديها أن يحرر محضراً بواقعة الإيداع ، وأجاز لكل من طرفي التحكيم طلب الحصول على صورة من هذا المحضر (م 2/47 تحكيم) ، فإن المشرع الفرنسي يتطلب من قلم الكتاب إثبات واقعة الإيداع في سجل معد لتلك العملية موقع عليه بالأحرف الأولى من قبل أحد القضاة . كما تطلب توقيع كل من المودع والكاتب . ولذا فإنه لايقبل تسلم تلك الأوراق بواسطة البريد.