الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طبيعة طلب التنفيذ والأمر الصادر فيه / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43 / حكم تحكيمي صدر في مركـز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي - الاختصاص بإصـدار أمـر تنفيذه يعود لرئيس محكمة استئناف القاهرة أو التي يتفق عليها الأطراف إذا كان التحكيم تجاريا دوليا - الحكم التحكيمي الصادر أمر تنفيذه ليس دوليـا - رئيس المحكمة المختصة نوعيا أصلا بنظـر النـزاع هـو من يصدر أمر تنفيذه – قاعـدة تتعلق بالنظـام الـعـام - القاضي يمتنع من تلقاء نفسه عن اصدار أمر التنفيذ في حال مخالفتها وإلا يكون أمر التنفيذ باطلا.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43
  • تاريخ النشر

    2019-04-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    466

التفاصيل طباعة نسخ

إن رئيس المحكمة المختصة نوعياً اصلاً بنظر النزاع محل التحكيم الوطني، فيما لـو لـم يوجد تحكيم، هو المختص نوعياً بإصدار الأمر بت نفيذ حكم المحكمة الصادر في هـذا التحكـيم الدولي.

في التحكيم التجاري الدولي فإن الاختصاص بإصداره ينعقـد لـرئيس محكمـة اسـتئناف القاهرة او رئيس محكمة الاستئناف التي يتفق أطراف التحكيم على اختصاصها بنظـر مـسائل التحكيم.
هذه القاعدة بشأن الاختصاص النوعي لرئيس المحكمة المختصة بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين يتعلق بالنظام العام ولا يجوز الإ تفاق على مخالفتها ويترتب على مخالفتهـا وجـوب امتناع القاضي من تلقاء نفسه عن اصدار الأمر، فإذا أصدره رغم عدم اختصاصه إعتبر الأمـرباطلاً لصدوره من قاضٍ غير مختص بإصداره.

(محكمة النقض، الدائرة المدنية والتجارية، الطعن رقم 8777/87 ق، تاريخ 7/3/2018)
 

........
 

........

 

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت ضد الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 12 لسنة 133ق. أمام محكمـة استئناف القاهرة تظلماً من الأمر الصادر بتاريخ 1/3/2016 من السيد القاضي رئـيس الـدائرة السابعة بالمحكمة بوضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم الصادر في القضية التحكيميـة رقـم 962 لسنة 2014 مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي بطلب الحكـم بإلغـاء الأمـرالمتظلم منه وإعتباره وجميع ما يترتب عليه من آثار كأن لم يكن. وبتاريخ 30/3/2017 حكمت المحكمة برفض التظلم، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعـت النيابـة العامـة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مـشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه يجوز لمحكمة النقض – كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن وتوافر عنصر للفصل فيها من الوقائع والاوراق التـي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم،
وأن الطعن بالنقض يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص الـولائي المتعلقـة بالنظام العام وكان النص في المادة 56/1 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم فـي المواد المدنية والتجارية على أن "يختص رئيس المحكمة المشار اليها في المادة 9 من هذا القانون أو من يندبه من قضاتها بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين..." وفي المادة 9/1 منـه علـى أن "يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون الى القضاء المصري للمحكمـة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما اذا كان التحكيم دولياً سواء جرى في مـصر او فـي الخـارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر" مفاده أن رئيس المحكمة المختصة نوعياً أصلاً بنظر النـزاع محـل التحكـيم الوطني – فيما لو لم يوجد تحكيم - هو المختص نوعيا بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكم الصادر في هذا التحكيم غير الدولي، أما في التحكيم التجاري الدولي فإن الاختصاص بإصـداره ينعقـد لرئيس محكمة استئناف القاهرة أو رئيس محكمة الإستئناف التي يتفق أطـراف التحكـيم علـى اختصاصها بنظر مسائل التحكيم وأنّه، في جميع الأحوال يجوز لرئيس المحكمـة المختـصة أن يندب أحد قضاتها لإصدار الأمر بالتنفيذ. وإذ كانت هذه القاعدة بشأن الاختصاص النوعي لرئيس المحكمة المختصة بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين تتعلق بالنظام العام ولا يجوز الإتفاق على مخالفتها فانه يترتب على مخالفتها وجوب امتناع القاضي من تلقاء نفسه عن إصدار الأمر فـاذا اصدره رغم عدم اختصاصه إعتبر الأمر باطلاً لصدوره من قاضٍ غير مختص بإصداره. ومن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الفصل في الاختصاص يقوم علـى التكييـف القـانوني لطلبات المدعي مجرداً من تحقق المحكمة وتثبتها من استيفاء الدعوى إجراءات وشروط قبولهـا.
لما كان ذلك وكان البين من الاوراق صدور حكم التحكيم رقم 962 لسنة 2014 مركز القـاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي لصالح الشركة المطعون ضدها ضد الشركة الطاعنـة الكـائن مقرها بالقطعة رقم 156 – المنطقة الصناعية الثالثة مدينة 6 اكتوبر – محافظة الجيزة في تحكيم تجاري وطني- ليس دولياً – فان المحكمة المختصة بنظر النزاع تكون محكمة الجيزة الإبتدائيـة ويكون رئيسها أو من يندبه من قضاتها هو المختص نوعياً بإصدار الامر بتنفيذ الحكم التحكيمـي الصادر فيه. ولما كان السيد رئيس الدائرة السابعة بمحكمة استئناف القاهرة قد خالف هذا النظـرواصدر بتاريخ 1/3/2016 امراً بوضع الصيغة التنفيذية على هذا الحكم دون أن يعنى بتكييـف الطلب المقدم له والقاضي المختص به وفقاً لأحكام قانون التحكيم السالف الاشارة اليها ورغم عدم اختصاصه نوعياً بإصداره فإن الأمر الصادر منه بتنفيذ هذا الحكم التحكيمـي يـضحى بـاطلاً لصدوره عن قاضٍ غير مختص بإصداره وإذ أيد الحكم المطعون فيه هذا الامر الباطل ورفـض التظلم منه فانّه يكون قد خالف القانون واخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث سببي الطعن.
وحيث إن موضوع الدعوى رقم 12 لسنة 113ق القاهرة صالح للفصل فيه ولِما تقدم يتعين إلغاء الأمر المتظلم منه الصادر من السيد القاضي رئيس الدائرة السابعة بمحكمة استئناف القاهرة بتاريخ 1/3/2016 في الطلب على عريضة رقم 5 لسنة 132 قضائية "أوامر تحكيم" إو عتبـاره وجميع ما يترتب عليه من آثار كأن لم يكن والقضاء بعدم اختصاصه نوعياً بإصدار الأمر بتنفيذ.
الحكم التحكيمي رقم 962 لسنة 2014 مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجـاري الـدولي مـع الإقتصار على الفصل في مسألة الاختصاص دون الاحالة عمـلا بالمـادة 269/1 مـن قـانون المرافعات.
 

                    لذلـك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه والزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات ومـائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في الدعوى رقم 12 لسنة 133 ق القـاهرة بإلغـاء الأمـر المتظلم منه الصادر من السيد القاضي رئيس الدائرة السابعة بمحكمة اسـتئناف القـاهرة علـى عريضة رقم 5 لسنة 132ق أوامر تحكيم بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم التمهيدي رقم 962
لسنة 2014 مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي وإعتباره وجميع ما ترتب عليه مـن آثار كأن لم يكن وبعدم اختصاص القاضي الآمر نوعياً بإصداره والزمت الشركة المتظلم ضدها - المدعى عليها – المصروفات ومائتي جنيه مقابل اتعاب المحاماة".
 

امين السر                رئيس النيابة                         برئاسة

إبراهيم عبد االله          مروان بركات                      نائب الرئيس
                         مصطفى تابت عبد العال     يحيى عبد اللطيف موميه
  الأعضـــاء   

 

امين محمد طموم

ياسر محمد بطور


محمد السعيد غانم


تعليـق الدكتور فتحي والي (مصر)

(1) أهمية التكييف: ينظم قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 قواعد موحـدة للتحكـيم سواء كان التحكيم وطنياً أو كان تجارياً دولياً. ولم يتضمن القانون ما يفـرق بـين نـوعي التحكيم إلا فيما يتعلق باختصاص محاكم الدولة ببعض مسائل التحكيم. فتنص المادة 9/1 من قانون التحكيم على أن "يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون الى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجارياً دوليـاً
سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف اخرى في مصر".
ولهذا فإن من الأهمية بمكان لتحديد الاختصاص، بالنسبة لكل مسألة من مسائل الإختصاص التي ينص القانون على تخويل محكمة الدولة ولاية نظرها تكييف التحكيم الذي تتعلق به هذه المسألة هل هو تحكيم وطني أو تحكيم تجاري دولي.
وهذا التحديد للإختصاص هو تحديد لإا ختصاص النوعي ولهذا فإنه يتعلـق بالنظـام العـام وتسري عليه كل قواعد عدم الإختصاص المتعلق بالنظام العام.

ويحتوي القانون على كثير من المسائل التي ينطبق عليها نص المادة 9 تحكيم. ولهذا مـن المهم تحديد التكييف بالنسبة لها، ومن أهمها:
1- طلب الأمر من المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية: تنص المادة 14 من قـانون التحكيم على أنّه "يجوز للمحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون أن تـأمر بناء على طلب أحد طرفي التحكيم باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها". ولهذا فإن المحكمة المختصة بإصدار أمر وقتي أو تحفظي متعلق بالتحكيم تختلف بحسب ما إذا كان التحكيم وطنياً أو تجارياً دولياً.
2- إختيار المحكم إذا لم يتفق طرفا التحكيم على اختياره: فوفقاً للمادة 17/1 من قـانون التحكيم "لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيـارهم فاذا لم يتفقا أتبع ما يأتي: (أ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكـم واحـد تولـت المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون اختياره بناء علـى طلـب أحـد الطرفين. 

(ب) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين إختار كـل طـرف
محكماً ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث. فاذا لم يعين أحد الطرفين محكّمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيـين أحـدهما تولّت المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين...".
وعلى هذا فإن طلب تعيين محكم يكون من اختصاص المحكمة الابتدائيـة المختـصة أصلاً بنظر النزاع إذا كان التحكيم تحكيما وطنيا أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً، فان الاختصاص بهذا الطلب يكون لمحكمة استئناف القاهرة إذا لم يتفق طرفا التحكيم على اختصاص محكمة استئناف اخرى.
3- اتخاذ الاجراءات اللازمة لفاعلية اختيار المحكمين: فوفقاً للمـادة 17/2 مـن قـانون التحكيم المصري "وإذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفق المحكّمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقها عليه أو اذا تخلف الغير عـن أداء ما عهد به اليه في هذا الشأن تولت المحكمة المشار اليها في المادة 9 مـن هـذا القانون بناء على طلب احد الطرفين القيام بالإجراء او بالعمل المطلوب ما لم يـنص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الاجراء".
4- الاختصاص بطلب الحكم برد المحكم أو الأمر بإنهاء مهمتـه : يختلـف الاختـصاص بحسب ما اذا كان التحكيم وطنياً أو تجارياً دولياً. فوفقاً للمادة 19/1 من قانون التحكـيم "يقدم طلباً كتابة الى هيئة التحكيم مبيناً فيه أسباب الرد خلال خمسة عـشر يومـاً مـن تاريخ علم طالب الرد بتشكيل الهيئة أو بالظروف المبررة للرد فاذا لـم يتـنح المحكـم المطلوب رده خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب يحال بغير رسـوم الـى المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن".
كما تنص المادة 20 من قانون التحكيم على انه: "إذا تعذر على المحكم اداء مهمته او لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدي الى تأخير لا مبرر له في إجراءات التحكيم ولم يتفق الطرفان على عزله جاز للمحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون الأمر بإنهاء مهمته بناء على طلب اي من الطرفين"
5- الأمر بتنفيذ ما تصدره هيئة التحكيم من أوامر بتدابير وقتية أو تحفظية: تنص المـادة 24 من قانون التحكيم المتعلقة بسلطة هيئة التحكيم في اصدار أوامر باتخـاذ تـدابير وقتية أو تحفظية على أنّه: "... (2) وإذا تخلف من صدر اليه الأمر عن تنفيذه جـاز لهيئة التحكيم بناء على طلب الطرف الآخر ان تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذه وذلك دون اخلال بحق هذا الطرف في أن يطلب من رئيس المحكمـة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون الأمر بالتنفيذ".
وعلى هذا فإن رئيس المحكمة الذي يلجأ اليه الطرف صاحب المصلحة في تنفيذ الأمربالتدبير الوقتي أو التحفظي يختلف حسب ما إذا كان التحكيم وطنياً أو تجارياً دولياً.
6- الحكم بالجزاءات على الشهود أمام هيئة التحكيم وبالإنابة القضائية: يختلف القاضـي الذي له سلطة توقيع الجزاءات على الشهود أو الذي له سلطة الأمر بالإنابة القضائية بحسب ما إذا كان التحكيم وطنياً أو تجارياً دولياً. إذ وفقاً للمادة 37 من قانون التحكيم يختص رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون بناء على طلب هيئة التحكيم بما يأتي: (أ) الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عـن الاجابة بالجزاءات المنصوص عليها في المادتين 78و80 من قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية. (ب) الأمر بالإنابة القضائية.
7- تحديد المحكمة التي يودع فيها حكم التحكيم: وفقاً للمـادة 47 مـن قـانون التحكـيم "يجب على من صدر حكم التحكيم لصالحه ايداع أصل الحكم أو صورة موقّعة منـه باللغة التي صدر بها أو ترجمة باللغة العربية مصدقاً عليها من جهة معتمدة إذا كـان صادراً بلغة اجنبية وذلك في قلم كتّاب المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هـذا القانون".
فإيداع الحكم يكون في قلم كتّاب المحكمة المختصة وفقاً للمادة 9 من قانون التحكـيم وهي تختلف حسب ما إذا كان التحكيم وطنياً أو تجارياً دولياً.
8- تحديد المحكمة المختصة بدعوى بطلان حكم المحكمين: حددت المادة 54/4 من قانون التحكيم المصري المحكمة المختصة بدعوى بطلان حكم التحكيم حسب مـا إذا كـان التحكيم وطنياً او تجارياً دولياً فنصت على أن "تختص بدعوى البطلان فـي التحكـيم التجاري الدولي المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القـانون. وفـي غيـرالتحكيم الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع".
9- تحديد الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم: تنص المـادة 56 مـن قـانون التحكيم على أن "يختص رئيس المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون أو من يندبه من قضاتها بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين. فالأمر بتنفيذ أحكام التحكيم يدخل في إختصاص قاضٍ يختلف بحسب ما إذا كان التحكيم وطنياً أو تجارياً دولياً.
10- الاختصاص بنظر التظلم من رفض الأمر بتنفيذ حكم التحكيم: وفقاً للمادة 58 ".... أما الأمر الصادر برفض التنفيذ فيجوز التظلم منه الى المحكمة المختصة وفقاً لحكم المادة (9) من هذا القانون خلال ثلاثين يوماً من صدوره". وقـد كانـت المـادة 58 عنـد صدورها تنص في مقدمتها على أنه " ولا يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكـم التحكيم ..." ولكن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية هذا النص فأصـبح التظلم جائزاً ايضاً بالنسبة للأمر الصادر بتنفيذ الحكم. ولهذا فانّه إذا صدر امر بالتنفيذ فانه تختص به المحكمة المختصة وفقاً للقواعد العامة في الاختـصاص المنـصوص عليها في قانون المرافعات سواء كان التحكيم وطنياً أو تجارياً دولياً لعدم وجود نـص خاص بهذا الإختصاص في قانون التحكيم. اما إذا كان التظلم عن حكم صدر برفض
طلب الأمر بالتنفيذ فإن الإختصاص يختلف حسب ما إذا كان التحكيم وطنياً او تجارياً دولياً إعمالاً للمادة 58 من قانون التحكيم.
(2) معيار التكييف : ما هو معيار التفرقة بين التحكيم الوطني والتحكيم التجاري الـدولي وفقـاً لقانون التحكيم المصري؟!
بداية يلاحظ أن المشرع المصري لم يستخدم في قانون التحكيم اصطلاح التحكيم الـوطني مكتفياً بوصفه بالتحكيم غير التجاري الدولي (مادتان 9 و54/2 من قانون التحكيم). ولهـذا يمكن تعريف التحكيم الوطني بأنه التحكيم الذي لا يعتبر تحكيماً تجارياً دولياً وذلـك سـواء كان النزاع الذي يتعلق به هذا التحكيم اجنبياً أم داخلياً.

ويرجع الفضل في إستعمال إصطلاح التحكيم الوطني الى أستاذنا الدكتور محسن شفيق

ويدخل في سلطة هيئة التحكيم التي يرفع إليها النزاع تكييف ما إذا كان التحكـيم وطنيـاً أو تجارياً دولياً ويكون لها هذه السلطة بصرف النظر عما يس بغه المحتكم أو المحتكم ضـده أو هيئة التحكيم من وصف للتحكيم. وعليها أن تعطي التحكيم تكييفه القانوني الصحيح ولو اتفق الطرفان على إعطائه وصفاً آخراً أو لم ينازعا في وصفه. ولهذا فإن للمحكمة عندما ترفـع أمامها دعوى بطلان أو تثار أمامها أي مسألة مما يدخلها القانون في اختصاصها أن تثيـر هذه المسألة من تلقاء نفسها وتعطي التحكيم تكييفه القانوني الصحيح مرتّبة ما يترتب عليـه من آثار بالنسبة لإختصاصها غير مقيدة في ذلك بوصف الأطراف أو بالتكييف الذي انتهت  إليه هيئة التحكيم .

التحكيم التجاري الدولي:

ومن المسلّم أن التحكيم لا يكون تجارياً دولياً إلا إذا توافر فيه شرطان : الأول – أن يكـون تحكيماً تجارياً والثاني: أن يكون تحكيماً دولياً. ولا يغنى توافر أحد الشرطين عن وجوب تـوافر الشرط الثاني. ولا خلاف في أنه إذا توافر هذان الشرطان: شرط التجارية وشرط الدولية إ عتبـر التحكيم تجارياً دو لياً بصرف النظر عن جنسية أطرافه أو جنسية المحكمين أو الدولة التيتمـت فيها العلاقة القانونية محل التحكيم أو الدولة التي يجري فيها التحكيم أو القـانون الـذ ي يحكـم إجراءات التحكيم أو يحكم الموضوع. وهذان الشرطان هما: (3)

اولاً- أن يكون التحكيم تجارياً : فإذا كان النـزاع محـل التحكـيم مـدنياً فإنـه لا يمكـن إعتباره تحكيماً تجاريا دولياً. وتطبيقا لهذا قضت محكمة اسـتئناف القـاهرة أنـه اذا كـان النزاع محل التحكيم يدور حول شراء اجنبي لوحدة سكنية داخل البلاد ومدى صـحة هـذا التصرف فهي منازعة مدنية لأنها تتعلق بعلاقة مدنية ولا تخضع لقوا عد التحكيم التجـاري الدولي .
وليس المقصود بالتجاري أن يكون محل النزاع عقداً أو عملاً تجارياً على النحو الذي تحدده المادة 4 وما بعدها من قانون التجارة المصري، إذ وفقاً للمادة الثانية من قـانون التحكـيم "يكون التحكيم تجارياً في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونيـة ذات طـابع اقتصادي عقدية كانت أو غير عقدية، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التـراخيص الـصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والإستثمار وعقود التنمية وعمليات البنـوك والتـأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط وشق الطرق والأنفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئـة وإقامـة المفـاعلات النووية". والحالات الواردة في هذا النص هي مجرد أمثلة وليست حالات محددة . فالمهم هو أن يكون "النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصاد "ي بصرف النظر عمـا إذا كانـت  منازعة تجارية بالمعنى التقليد أ ي م لا ، فقد أعطت هذه المادة أمثلة لمنازعات تعتبر بعضها مدنية مثل استخراج الثروات الطبيعية واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامـة المفاعلات النووية. واصطلاح "اقتصادي" لا يقتصر على ما يتعلق بناتج الأ موال أياً كانـت كما أنه لا يستلزم أن تكون العلاقة بين تجار . فيمكن أن ينطبق على ما يتعلق بناتج نـشاط مهن أو ي فنّي للأفراد . كذلك فإن مصدر العلاقة محل التحكيم يمكن أن يكون عقداً أو غيـر ذلك من مصادر الالتزام كالعمل غير المشروع أوالفضالة أو الإثراء بلا سبب. مما يمكـن معه القول أن شرط التجارية في التحكيم التجاري الدولي لم يعد يـستبعد سـوى العلاقـات المتعلقة بالأحوال الشخصية والعلاقات ذات الطابع السياسي . فسواء كان النـزاع مـدنياً أو تجارياً فإ نه مادام يتعلق بنشاط اقتصادي يمكن أن يوصف بأنه تحكيم تجاري . وتأخذ محكمة النقض في وصف التجارية بمعيار إ ستثمار رؤوس الأموال أو الحصول على عائد . وهو ما يعرف بمعيار المضاربة. وقد لوحظ على هذا المعيار أنه ذات المعيار المتخذ في تحديد الاعمال التجارية وهو بهذا يضيق من نطا ق التحكيم التجاري الدولي اذ يجعله لا يشمل تحكيم المنازعات الادارية التي تشير اليها المادة 2 من قانون التحكيم المصري مثـل استخراج الثروات الطبيعية وشق الطرق والانفاق. ولهذا فان الراجح هـو تحديـد معيـار التجارية بتعلق التحكيم بعلاقة تتضمن تبادل قيم اقتصادية دونإشتراط إستثمار اموال بهدف تحقيق الربح .

(4) ثانياً- أن يكون التحكيم دولياً : لا يكفي لكي يكون التحكيم تجارياً دولياً أن يكـون تحكيمـاً تجارياً بل يجب أن يكون التحكيم دولياً . ووفقاً لنص المادة (3) من قانون التحكيم المصري "يكون التحكيم دوليا في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية". وهذا الشرط يتعلق بطبيعة الرابطـة القانونيـة محـل النـزاع فيجـب أن تتعلـق هـذه الرابطة بالتجارة الدولية، أي بتجارة خارجية إف . ذا كان النزاع متعلقاً بتجارة داخليـة، فـإن . والمقصود بالتجارة هنا المعنى سالف الذكر الذي نصت عليه المادة 10 التحكيم لا يكون دولياً الثانية من قانون التحكيم أي النشاط الاقتصاد . ويتتعلق الرابطة القانونيـة محـل النـزاع بالتجارة الدولية إذا كانت ترتّب آثاراً قانونية في أكثر من بلد، أي آ ثاراً قانونية تتعدى حدود البلد الواحد . وبعبارة أخرى إذا كانت تمس المصلحة الاقتصادية لأكثر مـن بلـد . ووفقـاً للقضاء الفرنسي يكفي لتوافر هذا الشرط أن يتعلق النشاط الاقتصادي بنقل رؤوس أموال أو بضائع أو إنشاءات أو خدمات أو تكنولوجيا عبر الحدود ولو كان هذا الانتقـال لـم يـتم  بعد .

وتعتبر التجارة دولية بهذا المعنى بصرف النظر عن جنسية الأطراف أو المحكّمين أو محل إقامتهم أو محل إبرام العقد المتنازع بشأنه أو مكانإجراء التحكـيم أو القـانون الواجـب  التطبيق على العقد أو على التحكيم .

ويستوي أن تكون التجارة الدولية منظورة أم غير منظورة كالسياحة.

وتأخذ بهذا الشرط الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدول ي (المبرمـة فـي 21 ابريـل 1961 ) كما تأخذ به المادة 1504 من مجموعة المرافعات الفرنسية الجديدة (وفقـاً للائحـة بقانون رقم 48/2011 في 13 يناير 2011). بتعريفها التحكيم الدولي بأنـه "الـذ ي يتعلـق . وبهذا المعيار الذي نص عليه المشرع المـصر ي لِمـا يعتبـر بمصالح التجارة الدولية" تحكيماً دولياً يكون قد حسم خلافاً جرى في الفقه حول المعيار الصحيح للتحكيم الدولي. فقد قيلت في هذا الصدد معايير مختلفة منها المعيار الشخصي كالنظر إلـى الجنـسية فيكـون التحكيم دولياً إ ذا كان المحكم من جنسية مختلفة عن جنسية الطرفينأو كان الطرفـان مـن جنسية مختلفة ، أو المعيار الجغرافي وهو النظر إلى مقر مركز أعمـال الطـرفين فيكـون التحكيم دولياً إذا كان مقرا مركزي أعمال طرفي التحكيم واقعين في دولتين مختلفتين ومنها المعيار الإجرائي كالنظر إلى القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم فيكون التحكيم دولياً إ ذا خضع لقانون دولة أجنبية أو مركز دولي للتحكيم أ ، و النظر إلى مكـان التحكـيم ووقوعه في غير موطن الطرفين. ومنها المعيار الموضوعي بالنظر إلى موضوع النـزاع فيكون التحكيم دولياً إذا كان موضوع النزاع يمس مصالح التجارة الدولية أو النظـر إلـى القانون الموضوعي واجب التطبيق وكونه قانوناً أ جنبياً بالنسبة للطرفين (ينظر استعراضـاً لهذه الأفكار في: محسن شفيق – التحكيم – بند 15 ص 22 وما بعدهما).

وهذا الشرط هو معيار تمييز الدولية في التحكيم التجاري الدول ي الذي نص عليـه القـانون الفرنسي دون أي شرط آخر. وقد قضت محكمة النقض الفرنسية – الدائرة المدنية الأولى – حكم رقم 71 جلسة 26 يناير 2011 – بأنه وفقاً للمادة 1492 مرافعات فرنسي (وقد أصبح رقمها 1504 بعد تعديل 2011 (يكون التحكيم دولياً إذا تعلق بمـصالح التجـارة الدوليـة . ويكون كذلك إذا تعلق النزاع بعملية لا تحلّ اقتصادياً في دولة واحدة وذ لك بصرف النظـر عن صفة الأطراف أو جنسياتهم أو عن القانون الواجب التطبيق على الموضـوع أو علـى التحكيم أو عن مقر الهيئة التحكيمية. (منشور في مجلة التحكـيم العالميـة– العـدد 11 – 2011 ــ 619 ص ) .  

وفي حكم حديث لمحكمة النقض الفرنسية حددت المحكمة مفهوم الدولية في التحكيم التجاري الدولي كالتالي: "إن تصنيف التحكيم بأنه دولي يتحدد بموجب طبيعة العلاقات القانونية التي ينشأ على أساسها النزاع. فيكون دولياً حينما يطرح مسألة مصالح التجارة الدولية . ودوليـة التحكيم تستند الى التعريف الاقتصادي الذي بموجبه يكفي أن يكون النـزاع المقـدم ا مـام المحكم يتعلق بعملية لا تتحقق اقتصاديا في دولة واحدة بصرف النظر عن صفة أو جنـسية الأطراف والقانون المطبق في الموضوع على التحكيم أو مقر الهيئة التحكيمية. فاذا كانـت النزاعات لا تتعلق الا بعمليات تحققت اقتصادياً في فرنسا فإنها لا تطرح مـسألة مـصالح التجارة الدولية. ولا يعتبر التحكيم دولياً .

(5 ) شرط إضافي في القانون المصري : على أن المادة (3 ) من قانون التحكيم المصري لم تكتفِ لإعتبار التحكيم دولياً بأن يكون موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية بل أضافت الى ذلك شرطاً آخراً هو أن يكون ذلك في احدى الحالات التي نصت عليها هذه المادة.

والحالات التي تنص عليها المادة 3 من قانون التحكيم المصري واردة في القانون على سبيل الحصر. وهذه الحالات هي :

 1 - إذا كان المركز الرئيسي لكل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقـتإبـرام اتفاق التحكيم: والمقصود بمركز الطرف هو مركز أعماله. فـالعبرة سـواء بالنـسبة للشخص الطبيعي أو الشخص الاعتباري هي بمركز الأعمال وليس بموطن الـشخص الطبيعي أو بمقر إدارة الشخص الإعتباري . فإذا كان لطرف مركـز أعمـال رئيـسي ومركز أو مراكز أعمال فرعية فالعبرة بالمركز الرئيسي. إو ن تعددت مراكز الأعمال، فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطاً بموضوع اتفاق التحكيم كما لو كان هذا المركز هو الذي أبرم فيه العقد أو هو الذ ي يجري فيه تنفيذه. فإذا لم يكن لأحد الطرفين مركز أعمال، فالعبرة بموطنه أي بمحل إقامته المعتاد إذا كان شخصاً طبيعياً، أو بمركز إدارته الرئيسي إذا كان شخصاً اعتبارياً . فإن لم يكن لأحـد الطرفين مركز أعمال ولا محل إقامة معتاد (أو مركز إدارة) فلا تتوافر هـذه الحالـة .

والعبرة بموقع مركز الأعمال أو بالموطن وقت الاتفاق على التحكيم، فلا عبرة بمركـز الأعمال في وقت سابق على الاتفاق، كما لا يؤثر في توافر المعيار تغيير المركز بعـد . ومن ناحية أخرى، فإنه لا عبرة باختيار أحد الأطراف محلاً مختاراً . فإذا اختار ذلك أحد الطرفين مكتب محام محلاً مختاراً له أو اعتبر هذا المكتب موطناً مختاراً لطـرف بسبب اختياره للدفاع عنه في القضية التحكيمية فإن هذا المحل المختار لا يعتبر مركزاً لأعمال هذا الطرف .

2 -إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها: فالتحكيم الذي يلجأ فيه الأطراف إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يعتبر– في نظر القانون المصر ي – تحكيمـاً دوليـاً إذا تعلّق موضوع النزاع بالتجارة الدولية . وتعني كلمة اللجوء أن يتفق الأطـراف علـى التحكيم وفقاً لقواعد المركز أو المنظمة.

3 - إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة: ومثاله ا أن يكون مصدر الالتزام قد حدث في دولة معينة وتم تنفيذ الالتزام أو كان متفق اً علـى تنفيذ الالتزام في دولة أخرى. وتتوافر هذه الحالة بالنظر إلى موضـوع النـزاع فـلا يشترط اتفاق الطرفين على أن الموضوع يرتبط ب أكثر من دولة كما أن هـذا الاتفـاق . فالعبرة بواقع الأمر ولـيس بالاتفـاق وحده غير كافٍ إذا كان الموضوع ليس كذلك الذي ينص على غير الواقع . والقانون المصري يفضل في هذا القانون النموذجي الذ ي يتطلب اتفاق الأطراف صراحة على ذلك .

ومن ناحية أخرى فإن هذه الحالـة تتـوافر بصرف النظر عن جنسية الأطراف أو موطنهم أو جنسية المحكمين. ويلاحظ أن هذه الحالة تتوافر بالنظر إلى موضوع النزاع فالتحكيم يكون دولياً إذا كـان موضوع النزاع دولياً. وقد اعتبر القانون المصري موضوع النزاع دولياً إذا كان يرتبط أب كثر من دولة واحدة. إف ذا لاحظنا أن هذا القانون يشترط لدوليـة التحكـيم أن يكـون "موضوعه نزاعا يتعلق بالتجارة الدولية  " مادة (2) والتجارة الدولية لابد أن تكون بـين دولتين أي مرتبطة بأكثر من دولة، لبدا واضحاً أن هذه الحالة تتوافر دائمـاً إذا تـوافر الشرط الأول وهو كون موضوع التحكيم متعلقاً بالتجارة الدولية.

4 - إذا كان المركز الرئيسي لأ عمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة وقت الاتفاق على التحكيم، وكان يقع خارج هذه الدولة أحد مأ اكن ثلاثة:

-أ مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه. ومكان إجراء التحكيم كما اتفق عليه الأطراف هو المكان الذي اتفقوا فيه على أن يصدر فيه حكم التحكيم ( وهو عادة المكان الذي يتفق الأطراف على إجراء التحكيم فيه).

أما إشارة الإتفاق إلى كيفية تعيين هذا المكان فهو يحدث إذا اتفق الطرفان على تعيين جهة أو شخص لإختيار مكان التحكيم فاختار مكاناً خارج دولة المركز الرئيسي للطرفين أو إذا كان القانون الذي يحكم الإجراءات وفقاً للإتفاق يخول هيئة التحكيم تحديد مكان التحكيم فحددت مكاناً خارج هذه الدولة.

-ب مكان تنفيذ جانب جوهري من الإ لتزامات الناشئة عـن العلاقـة التجاريـة بـين الطرفين. والمقصود بمكان تنفيذ جانب جوهري من الإلتزامات مكان تنفيذ التـزام أساسي من هذه الإلتزامات وليس التزاماً ثانوياً، وذلك بصرف النظر عـن قيمتـه بالنسبة لحجم الإلتزامات المتبادل .ة وقد تتعدد الإلتزامات الأساسية الناشئة عن العقد الواحد وتتعدد أماكن تنفيذها. وعندئذ يمكن النظر إلى مكان تنفيذ أي منها. -ج المكان الأكثر ارتباطاً بموضوع النزاع سواء كان مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه.

اختلاف الفقه والقضاء حول تكييف التحكيم بمركز القاهرة الاقليمـي للتحكـيم التجـاري الدولي: رغم وضوح نص المادتين 2 و3 من قانون التحكيم المصري فقد ذهب بعض الفقه وأحكام القضاء المصري في تفسيرهم للحالة الثانية من الحالات التي حددتها المادة(3 )من قانون التحكيم المصري وهي "اذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء الى منظمة ت حكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها الى أن مجرد صـدور حكم التحكيم من منظمة تحكيم دائمة او مركز دولي للتحكيم يجعله حكماً تحكيميـاً تجاريـاً دولياً ولو لم يكن تحكيماً دولياً.

اتجاه الدائرة السابعة محكمة استئناف القاهرة : في قضاء مستقر للدائرة السابعة بمحكمـة استئناف القاهرة يكفي صدور حكم التحكيم من مركز القاهرة الاقليمي لكي يكـون التحكـيم دولياً ولو لم يتعلق بالتجارة الدولية. ففي حكم للدائرة السابعة لمحكمة استئناف القاهرة بتاريخ6/9/2010) فـي الـتظلم رقـم 10/127ق. تجاري) قررت انّه "وفقاً للفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون التحكيم فـإن "مجرد اللجوء إلى مركز تحكيم دائم يوجد مقر ه داخل مصر أو خارجهـا يعطـي التحكـيم صفته أو صبغته الدولية حتى لو كان النزاع التجاري مرتبطاً بكافة عناصره بمـصر . ولأن تحكيم النزاع تم في إطار المركز الإقليميللتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة فيعد دولياً فـي نظر القانون" . ثم عادت وأكدت إتجاهها هذا في عدة أحكام وقرارات من أحدثها القرار الـصادر بتـاريخ 1/3/2018 ،في طلب الأمر بالتنفيذ المقدم على العريضة رقم56/135 ق. القاهرة (جدول أوامر تحكيم)، فقد افاض القرار في تأييد هذا الإتجاه مقرراً ما يأتي: "هناك اتجـاه فقهـي قضائي يذهب الى أن حكم التحكيم لا يكون دولياً إلاّ اذا تعلق موضوعه بالتجـارة الدوليـة حتى لو كان صادراً عن مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي ب إعتبـار أن هـذه الصفة التجارية الدولية هي المعيار القانوني الملازم لكل حالة من الاحوال الاربـع التـي تناولها المشرع في المادة الثالثة السالفة الذكر.

ومعنى ذلك أن التحكيم الذي يحصل في هذا المركز التحكيمي لا يختص بتنفيذ حكمه رئيس محكمة اسـتئناف القـاهرة إلاّ إذا اتـصل موضوعه بالتجارة الدولية أي إذا كان موضوع النزاع التح كيمي يمس المصلحة الإقتصادية لأكثر من بلد على النحو الذي تحدده المادة الثانية من قانون التحكيم . في تقـديرنا ان هـذا الإتجاه غير صحيح وينبغي عدم الاعتداد به . فأحكام التحكيم المؤسسي الصادرة عن مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري "CRCICA "تعد أحكاماً دولية بغض النظر عن جنـسية الخصوم أو جنسية المحكمين أو المكان الذي تمت فيه الإجراءات التحكيمية وأياً كانت طبيعة العلاقة التجارية محل النزاع التحكيمي ولو لم تكن هذه العلاقة تتعلق بالتجارة الدوليـة . اذ يكفي ان يكون حكم التحكيم صادراً عن مركز القاهرة ووفقا لقواعده ليصير حكمـا دوليـاً  ولو لم يكن النزاع التجاري الذي فصل فيه الحكم دولياً . ومرد ذلك ان المركز المـذكور- CRCICA – يعد بحكم الواقع والقانون مركزاً تحكيمياً اقليمياً دولياً ومن ثم تعتبر الأحكـام المنبثقة عنه وفقاً لقواعده اللائحية أحكاماً دولية. وفي القانون الدولي تعتبر الاحكام الصادرة عن الهيئات الدولية التي تملك سلطة قضائية او تحكيمية كمحكمة العدل الدوليـة والمركـز الدولي لحل المنازعات التحكيمية المتعلقة بالإستثمار الأ جنبي من قبيل الأحكام الدولية.

هـذا المعيار القانوني الدولي يهدر أي قيمة للمعيار السابق(الاتجاه المرفوض) الذي ينكر دوليـة احكام المركز الاقليمي إلاّ إذا كان موضوع الحكم متصلاً بالتجارة" الدولية "...... والمتفق عليه أن المركز الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي الذي اتخذ القاهرة مقـر ا يتـسم بطابعـه الدولي ويتمثل هذا الطابع أو هذه الصفة الدولية للمركز في غرضـه التح كيمـي الـدولي وارتباطه وتبعيته لهيئة دولية هي اللجنة القانونية الإ ستشارية الاسيوية الافريقية. ومن ناحية اخرى فان نظام التحكيم الذي يعمل المركز على تطبيقه يعتمد اساساً على القواعد التحكيمية التي وضعتها لجنة الامم المتحدة لقانون التجارة الدولي"اليونسترال" – والتي وافقت عليهـا الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1976 ." وأضاف القرار : إن "... المعنى المستفاد من هذه الفقرة هو أن المشرع انما أوردهـا بقـصد جعل احكام تحكيم مراكز التحكيم المؤسسية الدائمة ذات الطابع الدولي، وعلى الأخص مركز القاهرة الاقليمي الدولي للتحكيم التجاري احكاماً دولية لأنه اراد نفاذ الإ لتزامات التي رتبتهـا قواعد القانون الدولي بخصوص مركز القاهرة التحكيمي في النظام القانوني الداخلي وتطبيقها عن طريق القاضي الوطني بحسبانها قاعدة قانونية داخلية . عبارات الفقرة المذكورة واضـحة الدلالة على قيام المشرع المصري بإنشاء قاعدة قانونية وطنية موازية لذلك الإلتـزام الـدولي حتى تتلاءم معه وتندمج فيه فلا تعدو هذه الفقرة الا ان تكون تقنيناً للتعهدات الدوليـة التـي ابرمتها الحكومة المصرية مع اللجنة القانونية الاستشارية الآ سيوية الافريقيـة المؤسـسة الأ م التابع لها المركز ا لذي يعد مؤسسة تحكيمية غير وطنية بوصـف ان مـصر هـي الدولـة المضيفة لهذا المركز لإختيار القاهرة لتكون مقره فقد كان لزاماً على المشرع المـصري أن يدرج الفقرة (ثانياً) المشار اليها سالفاً في قانون التحكيم . وعلى أية حـال لا يملـك المـشرع الوطني بإرادته المنفردة تغيير الطبيعة الدولية لمركز تحكـيم القـاهرة أوأحكامـه ذلـك ان الإلتزام القانوني الدولي – الناشئ عن إتفاقية دولية سارية أو تعهد دولي نافذ– يملـك قـوة إلزامية في داخل اقليم الدولة ويعد جزءاً من نظامها القانوني ولو لم يحول المـشرع الإلتـزام الدولي الى قاعدة قانونية دا خلية اذ تظل القاعدة الدولية محتفظة بخصائصها الدولية وتـسري في المجال الداخلي وتقيد القاضي الوطني وسلطات الدولة وأجهزتها بوصفها كذلك".

ثم عادت نفس الدائرة (7 (استئناف القاهرة الى الإصرار على رأيها في حكمهـا الـصادر بجلسة 6 فبراير 2019) في دعوى التظلم رقم 28 ل سنة 135ق. أوامر تحكيم -) مستندة الى نفس الحيثيات التي أوردها قرارها رقم56 لسنة 135 السالف البيان . والملاحظ أن حكـم الدائرة السابعة قد صدر بجلسة 6 فبراير 2019 بعد صدور حكم محكمـة الـنقض محـل التعليق الماثل ومخالفاً لما قرره. (8 (الـرأي الراجح: في كتابنا "قانون التحكيم في النظرية والتطبيق " عارضنا هـذا الاتجـاه 21 وذكرنا" انه يجب التنبيه الى ان توافر حالة من هذه الحالات الاربع وحدها ليس كافيا ما لـم يتوافر الشرط الاول. ولهذا فالتحكيم الذي يتم في مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجـاري الدولي لا يعتبر تحكيماً تجارياً دولياً الا إذا توافر فيه الشرط الاول وهو ان يكـون متعلقـا بالتجارة الدولية". "، الى تأكيـد هـذا 22 وقد عدنا في كتابنا "التحكيم في المنازعات الوطنية والتجارية الدولية الرأي مقررين انه: "على أنه يجب التنبيه إلى أن توافر حالة من هذه الحالات الأ ربع وحدها ليس كافياً ما لم يتوافر الشرط الأول. ولهذا فالتحكيم الذي يتم في مركز القـاهرة الإ قليمـ ي للتحكيم التجاري الدول ي لا يعتبر تحكيماً تجارياً دولياًإ لا إذا كان متعلقاً بالتجـارة الدوليـة بالمعنى السالف بيانه.

ذلك أن اتفاق الأطراف على اللجوء الى مؤسسة للتحكيم سواء كانت داخل مصر أو خارجها لا يمكن ان يضفي وحده صفة الدولية على التحكيم خاصة إذا كانت هذه المؤسسة تباشر التحكيم سواء كان تجاريا دوليا ام ليس كذلك كما هو الحـال بالنـسبة لمركز القاهرة الاقليمي".

انحياز الدائرة 62 تجاري استئناف القاهرة الى الرأي الراجح : وقد أسعدنا أن أكّدت الدائرة 62 تجاري بمحكمة استئناف القاهرة إنحيازها لرأينا في حكم حديث لها صـدر بتـاريخ9 . وقـد أوردت 23 يناير 2018) في التظلم المقيد في جدول الاوامر برقم 22 لسنة 134 ق.) المحكمة في حيثياتها هذا الرأي بوضوح مقررة: "وحيث إن المقرر أنه وإن كان القانون رقم27 لسنة 1994 بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ينطبق على التحكيم التجاري الدولي والتحكيم الوطني إلا أنـه غاير بينهما – وفق صريح نص مادته رقم 9 - بالنسبة للمحكمة المختصة بمسائل التحكـيم التي يحيلها الى القضاء المصري فجعلها بالنسبة للتحكيم الوطني للمحكم ة المختصة اصـلا بنظر النزاع وبالنسبة للتحكيم التجاري الدولي لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفـان على اختصاص محكمة استئناف اخرى في مصر وأن مناط انعقاد الاختصاص النوعي فـي الحالة الثانية أن يتوافر في التحكيم شرطان متكاملان لا يغني أحدهما عن الآخـر همـا أن يكون تجاريا ودوليا وكان المقرر وفق نص المادة 3 من قانون التحكيم أن التحكيم يكـون دوليا اذا تعلّق موضوع النزاع بالتجارة الدولية بالإضافة الى توافر حالـة مـن الحـالات الاربع المشار اليها في هذه المادة. لما كان ذلك وكان الثابت مـن الـصورة الـضوئية – المقدمة رفق حافظة مستندات المتظلمة – لحكم هيئة التحكيم الصادر بتاريخ22/12/2015 في الدعوى التحكيمية المقيدة لدى مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجـاري الـدولي بـرقم 1034 لسنة 2015 أنه فصل في النزاع المثار بين المتظلمة والشركة المتظلم ضدها بـشأن مدى إلتزام كل منهما بتنفيذ إلتزاماته المنصوص عليها في العقـد المبـرم بينهمـا بتـاريخ 1/1/2014 – المقدم صورته الضوئية رفق حافظة مستندات المتظلمة- وموضوعه إلتزام المتظلمة بتقديم برامج على القنوات التليفزيونية المملوكة للشركة المتظلم ضدها نظيرإلتزام الاخيرة بأداء أجر شهري للأولى بما مؤاه أن تلك المنازعة التحكيمية لا يتعلق موضوعها بحسم نزاع مشتمل على عنصر اقتصادي اجنبيإتصل بالأعمال المتعلقة بنـشأة الرابطـة القانونية مصدر النزاع أو بتنفيذها أو بموطن أو مقر نشاط أطرافها ومن ثم لا يكون الحكـم الصادر في تلك المنازعة تحكيما دوليا.

ولا ينال من هذا النظر اتفاق المتظلمـة والـشركة المتظلم ضدها على اللجوء الى مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الـدولي لأن هـذا وحده لا يمكن أن يضفي صفة الدولية على التحكيم خاصة وأن هذا المركز يباشر التحكـيم سواء كان تجاريا دوليا أم ليس كذلك، هذا فضلا عن الإ كتفاء بتوافر إحدى الحالات الاربـع المنصوص عليها في المادة 3 من قانون التحكيم لإضفاء صفة الدولية على الحكم التحكيمي من شأنه القول بأن شرط تعلّق موضوع النزاع بالتجارة الدولية الوارد بصدر هذه المادة قد ورد عبثا وهو الأمر الذي ينزه عنه المشرع".

 إنحياز الحكم محل التعليق للرأي الراجح: وهذا الرأي الراجح هو الذي أكده حكم الـنقض محل التعليق بعبارات قاطعة لا تحتمل تأويلاً. وقد أحسن حكم النقض محل التعليق باعتماد الإ تجاه الصحيح والذي يتفق مع صريح نـص القانون. فنص المادة (3 )من قانون التحكيم المصري واضح في اشتراط شرطين لإ عتبـار التحكيم تحكيما تجارياً دولياً وهما تجارية النزاع ودوليته. وبالنسبة لشرط الدولية فقد كان أمام المشرع الخيار بين المعيار الموضوعي الذي يأخذ بـه القضاء والفقه والتشريع في فرنسا وهو معيار تعلّ ق موضوع النـزاع بمـصالح التجـارة الدولية والمعيار الذي أخذ به مشروع القان ون النموذجي للأمم المتحدة وقد اختـار قـانون التحكيم المصري الجمع بين المعيارين وذلك مع ملاحظة ان الحالة الثانية التي تنص عليها المادة (3 (من قانون التحكيم وهي حالة إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء الـى منظمـة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم لم ترد ضمن الحالات التي تنص عليها القانون النموذجي. ومما يؤكد وجوب توافر شرط تعلّق النزاع بمصالح التجارة الدولية في التحكيم الذي يجريه مركز القاهرة الاقليمي لكي يعتبر تحكيماً دولياً أن مركز القاهرة الاقليمـي ينظـر قـضايا تحكيم دولية وقضايا تحكيم وطنية. ولا يمكن تكييف تحكيم بأنّه دولـي إذا كانـت جميـع عناصره محلّية لا شأن لها بمصالح التجارة الدولية. وإذا كان من المسلّم أن تكييف التحكيم يعتبر مسألة قانونية غير خاضعة لإرادة الطرفين فان إسباغ وصف التجارية الدولية على تحكيم لا يتعلّ ق بالتجارة الدولية لمجرد الإلتجـاء الـى مركز القاهرة الاقليمي يعني أن التكييف يخضع لإرادة الطرفين إذ يستطيع الطرفان بالنسبة لتحكيم وطني بحت لا علاقة له بالتجارة الدولية الإ تفاق على اللجوء الى مركـز القـاهرة الاقليمي فيصبح التحكيم تجارياً دولياً.

أما قول الرأي المخالف بأن مركز القاهرة هو نتيجة إتفاقية دولية ولهذا فـا ن لـه طبيعـة دولية، أو القول بأن مركز القاهرة يطبق قواعد مستمدة من قواعد اليونسترال ذات الـصفة الدولية فهو قول لا يجدي ما دام مركز القاهرة يجري – وفقاً لنظامه – تحكيمـات دوليـة وتحكيمات وطنية.