الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طبيعة طلب التنفيذ والأمر الصادر فيه / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 20 / حكـم تحكيم - طعـن لـعـلـة التـدليس - وجـوب التمسك بهـذا الطعـن امـام القاضـي مـانـح الـصيغة التنفيذية.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 20
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    735

التفاصيل طباعة نسخ

التدليس المدعي به موضوع الدعوى الماثلة كان مكتشفاً قبل صدور الحكم التحكيمي المطعون فيه بإعادة النظر، وكان في متناول الطالب التمسك به أمام القاضي المانح للصيغة التنفيذية الذي له حق بسط رقابته على الحكم التحكيمي الصادر متأثرا به.

 

(محكمة النقض، الغرفة التجارية، القسم الاول، القرار رقم 1/3، جلسة 2013/1/3)

 

بعد المداولة طبقا للقانون:

 

حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن استينافية البيضاء تحت عدد 314 بتاريخ 2010/05/25 في الملف عدد 09/154، أن الطالب محمد العربي البلغيني تقدم بمقال لابتدائية البيضاء، عرض فيه أنه يطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي الصادر بتاريخ 2004/01/28 عن المحكمين آلان مالك وعبد الله درميش، القاضي على المدعي وعلى شركائه الفعليين في شركتي مافيك وبدرية بأدائهم على وجه التضامن مبلغ 27,000,000.00 درهم مـع فوائد التأخير بنسبة 11% من 1995/12/31 الي تاريخ الأداء الفعلي، وعلى المطلوبين بـرادة السيني ومن معه بأن يقوموا بمجرد توصلهم بما ذكر وبحسب نسب تملك فريق الطالـب بـان ينقلوا اليهم الأصول التالية، وهي 100.000 سهم من شركة مافيك، والرصيد الدائن للحسابات الجارية المملوكة للسيد برادة في الشركة المذكورة، وحصة هذا الأخير ومجموعته في استغلال الأملاك الفلاحية بماسة، وحصصه في شركة لاسام والأرض الفلاحية موضوع الرسم العقـاري عدد 257-9/145س، كما قضي نفس الحكم التحكيمـي بجعـل مـصاريف التحكيم وقـدرها 240,000.00 درهم على طرفي النزاع بما في ذلك ضريبة محكمة التحكيم، فيكون لكل محكـم مبلغ 120.000000 درهم . وأضاف المدعي بأنه بتاريخ 1995/07/16 أبرم مع المدعى عليـه عمر برادة السيئي اتفاقية مقرونة بعدة شروط واضحة واجبة التحقيـق بتاريخ 1995/12/31، تضمنت جردا للممتلكات ومالكيها، وأسماء المساهمين في شركة مافيك من الفريقين، إضافة لباقي الممتلكات التي هي في ملك السيد برادة لوحده، وهذه الاتفاقية نصت على أن هذا الأخير باع مـا يملك هو ومجموعته من أسهم وحسابات جارية في شركة مافيك وضيعات فلاحية، لفائدة المدعي شخصيا، ونص باقي الاتفاقية على الشروط الواقفة وجدولة الأداءات والتعهدات المقابلة وشروط التحكيم، غير أن المطلوب عمر برادة وقبل وصول أجل 1995/12/31 تصرف في الحسابات الجارية والأسهم لشركة مافيك وحولها إلى شركة له تسير مجموعة من الشركات يملكها، ثم قرر بعد سنتين اللجوء للتحكيم، وطالب رئيس ابتدائية البيضاء بتعيين محكم، فاصـدر هـذا الأخيـر بتاريخ 1998/04/22 أمرا برفض طلبه بعلة "انه لا دليل على رفضه"، وبتاريخ 1998/07/26 عين محكما له هو السيد جوزيف بارزلاي، كما عين المدعي ومن معه المحكم محمد المرئيسي، وتم توقيع عقد التحكيم، وبتاريخ 1999/04/19 خلص المحكمان الى رأيين مختلفين، نتج عنـه تعيين المحكم المرجح محمد العلمي المشيشي الادريسي، وفي خضم ما ذكر أصدرت المحكمـة التجارية بالبيضاء حكما بتاريخ 1999/12/07 قضى بفتح مسطرة التصفية القضائية فـي حـق الشركة، وبتاريخ 1999/07/19 أصدر المحكم المرجح مقرره بترجيح موقف المحكم المرئيسي معتبرا أن الشروط واقفة، ولم تتحقق، مما يجعل العقد مفسوخا بقوة القانون" ولـم يـجـزم بين موقفي المحكمين بكيفية مطلقة على اعتبار أنهما تجاوزا نطاق مهمتهما لما ناقشا ما جاء بعـد 1995/12/31، الذي كان يجب فيه إما تحقيق الشروط الواقفة وإما اعتبارها ساقطة، وبتـاريخ 2000/06/26 أصدرت تجارية البيضاء حكما قضى بقفل مسطرة التصفية القضائية، مما جعـل شركة مافيك بدون وجود قانوني وأضحى معه محل البيع موضوع الاتفاقية معدوما، وبتـاريخ 2001/11/29 تقدم المدعى عليه بطلب لرئيس ابتدائية البيضاء يرمي لتعيين محكم مرجح آخـر باعتبار أن السيد المشيشي العلمي أنكر العدالة، فصدر الأمر برفض الطلب بعلة" أن هذا الأخيـر أرجع الأطراف الى مرحلة الصفر مما يتعين عليهم إعادة التحكيم من جديد"، وهو الأمر المؤيد استئنافيا بعلة "أنه لا يجوز اللجوء للقضاء العادي لوجود عقد التحكيم"، وبتاريخ 2002/07/09 عين السيد برادة محكما عنه هو آلان مالك، ثم التجأ لرئيس المحكمة لتعيين محكم عن الطرف الآخر كان هو عبد الله درميش، وأخفى عن المحكمة جوابه عن الإنذار الموجـه لـه، وبتـاريخ 2003/11/10 أصدر المحكمان حكما تحكيميا تمهيديا قضى بالتخلي عن عقد التحكيم والاكتفـاء بشرط التحكيم الوارد بالفصل 4 من الاتفاقية، ورغم الدفع بسقوط حق القيام بالتحكيم لانقـضـاء الأجل، تقدم المدعى عليه بطلبات إضافية صدر على إثرها الحكم التحكيمـي المـذكور، وهـو المطعون فيه بإعادة النظر من طرف المدعي، تأسيساً على سببين، أولهما وقوع تسدليس أثنـاء تحقيق الدعوى عملا بالفقرة الثانية للفصل 402 من ق م م، على اعتبار أن المدعى عليـه كـان يعلم أن المحكم الثالث لم ينكر العدالة، وأخفى ما عللت به محكمة الاستيناف قرارها من أن مقرر السيد المشيشي أرجع الأطراف لنقطة الصفر، وأخفى كذلك الكتاب الذي يوضح كل هذه الأمور، وأدعى كذبا أنه لم يحرك ساكنا، وتعمد تقديم الطلـب لـرئيس المحكمة الابتدائية، رغم أن الاختصاص يرجع لرئيس المحكمة التجارية لتعلقه بنزاع شركاء في شركتين تجاريتين، وادعـي عدم وجود عقد تحكيمي مثليا أمام رئيس المحكمة بعقد تحكيمي مؤرخ في 1998/07/26 انتهى مفعوله بعد مرور سبعة أشهر على تحريره، هذا فضلا عن أن الحكم التحكيمي صدر بناء علـى تحريف مضمون الاتفاق، وثانيهما تناقض حكمين انتهائيين حسب الفقرة السادسة للفصل 402 من ق م م، على اعتبار ان الحكم التحكيمي المطعون فيه يتناقض مع الحكم التحكيمي الأول، ملنسا التصريح بإعادة النظر في الحكم التحكيمي الثاني وإعادة الأطراف الى الحالة التي كانوا عليهـا، قصدر الحكم بعدم قبول الطلب بعلة "أن السببين المعتمدين غير متوفرين في النازلة" أيد بمقتضى القرار المطعون فيه.

 

في شأن السبب الأول:

 

حيث ينمي الطاعن على القرار حرق أحكام الفصول 326 و 345 و 402 من ق م م وفساد التعليل وانعدامه وعدم الارتكاز على أساس إذ ان الفصل 326 من ق م م يبيح سلوك تقديم الطعن بإعادة النظر في أحكام المحكمين، وان الطالب اعتمد في طعنه على مقتضيات الفقرتين الثانيـة والسادسة من الفصل 402 من القانون المذكور، بسبب ارتكاب المطلوب لتدليس أثناء إجـراءات التحكيم، فردته المحكمة بأن الأمر لا يتعلق بتدليس، وإنما يندرج تحت ما هو خاضـع لرقابـة القاضي المانح للصيغة التنفيذية الذي له حق نظر ما أثير في السبب المذكور في حين خلطـت المحكمة بين الرقابة القضائية التي يخضع لها المقرر التحكيمي قبل تذييله بالصيغة التنفيذية، وبين مدلول الطعن بإعادة النظر موضوع الفصل 326 من ق م م ، إذ لو كان التدليس موضـوع الفصل 402 من ق م م يندرج تحت رقابة قاضي التذييل، لاستثناء من الفصل المذكور عنـد مواجهة الحكم التحكيمي بإعادة النظر، ومن كل ما ذكر يتضح أن القرار خرق النصوص المحتج بخرقها مما يتعين نقضه.

 

لكن حيث أن رقابة القاضي المانح للصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي في ظل القانون الملغي أو القانون الجاري به العمل، لا تقتصر فقط على ما تعلق بعدم مساس مقتضياته بمفهوم النظـام العام، وإنما تمتد حتى لمراقية عدم بنه في مادة غير تحكيمية وخرقه أو تجاوزه لسلك التحكيم، وتثبته من صفة أطراف سند التحكيم، واحترامه حقوق دفاعهم والاجراءات الشكلية الأخرى، ولما كان التدليس المبرر لطلب إعادة النظر حسب مفهوم الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية، هو ذلك الذي يكتشف بعد صدور الحكم المطعون فيه، لا الذي كان معلوما قبله، فإن التدليس المدعى به موضوع الدعوى الماثلة كان مكتشفا قبل صدور الحكم التحكيمي المطعون فيه بإعادة النظـر وكان في متناول الطالب التمسك به أمام القاضي المانح للصيغة التنفيذية الذي له حق بسط رقابته على الحكم التحكيمي الصادر متأثرا به، ولذلك كانت المحكمة على صواب فيما نحت اليه من "أن الأمر لا يتعلق بالتدليس المعتمد في مفهوم الفصل 402 من ق م م ، وإنما يندرج تحت رقابـة القاضي المائح للصيغة التنفيذية" ولم تخلط بين الطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي، ورقابـة قضاء التذييل بالصيغة التنفيذية عليه، ومن ثم لم يخرق قرارها أي مقتضى وأتى معلـلا بشكل سليم، والسبب على غير أساس.

 

في شأن السبب الثاني:

 

حيث ينعي الطاعن على القرار فساد التعليل المعتبر بمثابة انعدامه وخرق الفصل 402 من ق م م في فقرته السادسة وخرق القواعد الأساسية للمسطرة بدعوى أنه ذهب الى "أن التناقض المبرر لإعادة النظر هو الذي يكون بين حكمين انتهائيين، والحال أن التناقض المتمسك به، يتعلق بحكم تحكيمي مديل بالصيغة التنفيذية وآخر لم يحصل بعد على الحكم التحكيمي القابل للتنفيذ"، في حين هذه التفرقة التي جاءت بها المحكمة لا تستند على أساس فقهي أو قضائي، علما أن نظـام التحكيم يعمل على ضمان المستقبل التنفيذي للحكم التحكيمـي مـع عـدم جـوار الطعـن فيـه بالاستيناف، وجواز ذلك بطريق إعادة النظر، وإمكانية الطعن في الأمر بالتنفيذ بالاستيناف والنقض، وهو ما يفيد أن الحكم التحكيمي بعد نهائيا بالنسبة للمحكوم عليه، مادام مـنـح الصيغة التنفيذية يعتبر مجرد إجراء شكلي يعطيه قوة التنفيذ نظرا لطبيعته، مما يكون معـه الحكمـان التحكيميان قد صدرا بصفة نهائية، وتوفرا معا على الشروط المنصوص عليهـا بالفصل 402 المذكور خلاف ما نحا اليه القرار المطعون فيه مما يتعين نقضه.

 

لكن حيث إنه بمقتضى الفقرة السادسة من الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية: "يمكـن أن تكون الأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض والاستيناف موضوع إعادة النظر ممن كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعي بصفة قانونية للمشاركة فيها وذلك إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائيين ومتناقضين، وذلك لعلة عدم الاطلاع على حكم سابق أو لخطا واقعي ومؤداه أن هذه الامكانية محولة للطرف لتجنب تنفيذ حكـم التهـانـي مـا يعارض ما هو محكوم به في حكم انتهائي آخر قابل للتنفيذ لم يطلع عليه أو صدر نتيجة خطأ في الواقع، غير أنه يتضح مما تم عرضه على قضاة الموضوع، أن الحكم التحكيمي الانتهائي الأول الصادر عن المحكمين جوزيف بارزلاي ومحمد المرنيسي المعزز برأي المحكم المرجح محمـد العلمي المشيشي الادريسي، لا يتوافر فيه شرط القابلية للتنفيذ، الذي يجعل إمكانية التناقض التـي لا تجيز تنفيذ حكم النهائي مع وجود حكم انتهائي آخر مخالف له، قائمة، بدليل صدور حكـم قضائي سحب عن الحكم التحكيمي المذكور قابليته للتنفيذ وطالب أطرافه بإعادة التحكــم لـكـون المحكم المرجح أرجعهم لمرحلة الصفر، وبذلك لا تتوفر في الطعن بإعادة النظر شروط الفصل 402 من ق م م في فقرته السادسة، وهذه العلة القانونية المستمدة من الوقائع الثابتة لقضاة الموضوع، تقوم مقام العلة المنتقدة ويستقيم القرار بها والسبب على غير أساس.

 

لأجلـه

 

قضت محكمة النقض يرفض الطلب وتحميل الطالب الصائر. وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعـة الجـلـسـات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيسة الغرفة السيدة نزهة جعكيك رئيسة والمستشارين السادة: عبد الرحمان المصباحي مقررا وفاطمـة بنـسـي والـسعيد شوكيب ومحمد برادة أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد السعيد سعداوي وبمساعدة كاتبـة الضبط السيدة فتيحة موجب.

 

الرئيس

 

المستشار المقرر

 

كاتبة الضبط