التنفيذ / طلب الأمر بالتنفيذ / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية / أثر النظام العام على إصدار أمر التنفيذ لحكم التحكيم منازعات العقود الإدارية
أثر النظام العام على إصدار أمر التنفيذ لحكم التحكيم منازعات العقود الإدارية
من المتفق عليه انه عند تعذر التنفيذ الاختياري لحكم التحكيم يلجأ المحكوم له الى القضاء المختص لإصدار أمر بالتنفيذ الجبري، وقد يكون ذلك قليل الاهمية بالنسبة لأحكام التحكيم الإداري التي تم الطعن بها بالبطلان، حيث أنه من آثار دعوى البطلان ان المحكمة المختصة بنظر الدعوى أما ان ترفض الطعن بالبطلان وبالتالي يتوجب عليها إصدا أمر بالتنفيذ، أما ان تقبل الطعن وبالتالي يعتبر حكم التحكيم كان لم يكن.
إلا أن أهمية إصدار الأمر بالتنفيذ تظهر عند تقديم طلب للقاضي المختص بإصدار أمر بالتنفيذ سواءاً اكان الحكم داخلياً ولم يرفع المحكوم عليه دعوى البطلان وانتهى الميعاد المخصص لرفعها، أو كان حكماً تحكيماً خارجياً واجب النفاذ في دولة القاضي، وكون المحكم يستمد سلطته من إتفاق الخصوم على اللجوء الى التحكيم فأوجب المشرعان المصري والأردني ان يخضع حكم التحكيم لرقابة القاضي المختص بإصدار أمر التنفيذ قبل إصدار القاضي لأمر التنفيذي والتأكد من ان الحكم لا يحتوى على ما يخالف قواعد النظام العام، حيث يعتبر أمر التنفيذ نقطة الالتقاء بين قضاء التحكيم وقضاء الدولة.
ومن المبررات لهذه الرقابة القضائية على تنفيذ حكم التحكيم الإداري ان الحكم يصدر من جهة لا تعتبر من السلطات القضائية في الدولة ولا تملك اساساً اختصاص الفصل في المنازعات الإدارية، لذلك لابد من فرض رقابة القاضي الوطني قبل إصدار الأمر بالتنفيذ، وهذه الرقابة في حقيقة الأمر تجعل من من حكم التحكيم صالحاً للشروع في تنفيذه، كما أن إصدار الأمر بالتنفيذ ضروي جداً لغايات أكتساب الحكم القوة التنفيذية وليس من أجل ثبوت الحق. ومن المحددات التي يتوجب على القاضي مراعاتها قبل إصدار أمر التنفيذ التأكد من تحقيق حكم التحكيم للشروط الواردة في المادة ٢/٥٨ من قانون التحكيم المصري والتي ذكرت " أنه لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي : أ- انه لا يتعارض مع حكم سبق صدروه من المحاكم المصرية في موضوع النزاع. ب- أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية. ج- أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً." او الشروط الواردة في قانون التحكيم الأردني حيث نصت المادة 1/54 من قانون التحكيم الأردني على انه " تنظر محكمة التمييز في طلب التنفيذ تدقيقاً وتأمر بتنفيذه إلا إذا تبين لها : 1 – ان هذا الحكم يتضمن ما يخالف النظام العام في المملكة، وإذا امكن تجزئة مخالفة للنظام العام جاز الأمر بتنفيذ الجزء الباقي".
وبما ان فكرة النظام العام هي فكرة مرنه وتتغير وفقاً للزمان والمكان فأن سلطة تقدير مخالفة النظام العام تكون للقاضي، فهو من يمتلك التحقق من مدى معارضة حكم التحكيم للنظام العام الوطني أي المبادئ والأسس التي تقوم عليها دولة القاضي وهي سلطة تقديرية واسعة.
يتضح لنا أثر مخالفة حكم التحكيم للنظام العام في بلد التنفيذ يمنع إصدار الأمر بالتنفيذ مما يعني ان حكم التحكيم يفقد قيمته التنفيذية، ويكون تحديد مطابقة الحكم او مخالفته للنظام العام من اختصاص القاضي الوطني المختص بإصدار الأمر بالتنفيذ، وهذا لا يعني ان سلطة القاضي ، في تحديد مدى مخالفة حكم التحكيم للنظام العام، لذلك لابد لنا من توضيح حدود رقابة القاضي الوطني لحكم التحكيم الداخلي والدولي ومدى سلطته في إعتبار الحكم مخالفاً للنظام العام لمنح امر التنفيذ لحكم التحكيم الإداري.