التنفيذ / طلب الأمر بالتنفيذ / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / تنفيذ حكم التحكيم في القانون المصري 27لنسة 1994 واتفاقيتي نيويورك 1958 وواشنطن 1965م / طلب الأمر بالتنفيذ
احكام قانون المرافعات المصرى نجد أنه اشتمل على نظام إجرائي خاص بالأمر بالتنفيذ لأحكام التحكيم الأجنبية حيث نص في المادة ٢٩٩ منه على تطبيق النصوص الخاصة بأحكام المحاكم الأجنبية على أحكام التحكيم الأجنبية وهذا النص ما زال باقى حتى بعد صدور قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤. خاصة وان المادة الثالثة من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ نصت على أنه : تلغى المواد من 501 إلى 513 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 التي كانت تنظم التحكيم الداخلي . وبناء على ذلك لو أراد المشرع إلغاء المادة ٢٩٩ مرافعات الخاصة بأحكام التحكيم الأجنبية لنص صراحة على إلغاء هذه المادة كما فعل في المواد من 501 إلى ٥١٣ مرافعات .
طلب الأمر التنفي
والقول بأن قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة 1994 الخاص بامر تنفيذ أحكام التحكيم يلغي ضمنا أحكام المادة ٢٩٩ مرافعات قول غير سديد . ذلك لأن النصوص التي وردت في قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ هي نصوص عامة . أما نص المادة ٢٩٩ مرافعات وما تحيل إليـه مـن مـواد هي نصوص خاصة تتعلق بنوع معين من أحكام التحكيم الأجنبية . وبناء عليه فإن النص العام لا يلغي النص الخاص السابق عليه .
أيضا إن إجراءات منح القوة التنفيذية لحكم تحكيم أجنبي يتعلق بسيادة الدولة . كما أن وسيلة الالتجاء إلى القضاء للحصول على أمر بالتنفيذ باعتباره طريق للحصول على الحماية الفضائية يتعلق بالنظـام العـام . لذا فإن إتباع إجراءات الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الواردة في قانون المرافعات هو أمر متعلق بالنظام العام لا يجوز للأطراف تجاهله واختيار إجراءات الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الداخلية المنصوص عليها في المادة 56 وما بعدها من قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ ، ذلك لأن أحكام نصوص قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ كما سبق وأن أوضحنا هي نصوص عامة لم تلغى النصوص الواردة في قانون المرافعات الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ذلك لأن اتفاق الأطراف بالنسبة للتحكيم لا يكون له أثر إلا بالنسبة لإجراءاتـه . أما منح القوة التنفيذية لـحكـم التحكيم مسألة تتعلق بسيادة الدولة وتخرج عن نطاق اتفاق أطراف التحكيم ويؤيد
رأى الباحث الأسانيد الآتية :
السند الأول: أن نص المادة الأولى من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة 1994 التي تنص على أنه " ... إذا كان تحكيما دوليا يجرى في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون " . وأيضا ما نصت عليه المادة 55 من قانون التحكيم على أنه : " ... أحكام التحكيم الصادرة طبقا لهذا القانون ... تكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون . ويستثنى من تطبيق قانون التحكيم ما يكون المشرع قد أخضعه لأحكام خاصة بنصوص خاصة وهذا ما فعله بالنسبة لمنح القـوة التنفيذية لأحكام المحكمين الأجنبية طبقا لنص المادة ٢٩٩ مرافعات ، وقد تعرض القضاء المصرى لمسألة مماثلة تتعلق بدعوى بطلان حكم تحكيم أجنبي اتفق الطرفان على خضوعه لقانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ . وقد استقر القضاء على أن أحكام التحكيم الصادرة في الخارج لا تخضع لنصوص قانون التحكيم المصري المتعلقة بدعوى البطلان رغم اتفاق أطراف خصومة التحكيم على خضوعه لأحكام التحكيم المصرى ورغم ما تنص عليه المادة الأولى من هذا القانون " تحكيم مصرى * وما يفهم من نص المادة ٥٢ أن سريان أحكام دعوى بطلان حكم المحكمين التي تنص عليهـا المـواد ٥٢ وما بعدها على : " أحكام المحكمين التي تصدر طبقا لهذا القانون (1) وذلك باعتبار أن صدور الحكم في دولة معينة يجعل هذه المحاكم هي المختصة بدعوى بطلان الحكم
والسند الثاني : أنه ليس صحيحا أن القانون المصري يضع نصوصا تتضمن شروطا أكثر شدة بدرجة ملحوظة عند الحصول على أمر بتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية ذلك لأن قانون المرافعات المصرى رقم 13 لسنة 1968 في المـواد ٢٩٧ وما بعدها لا يضع شروطا للاعتراف أو لتنفيذ أحكام المحكمين
الأجنبية أكثر تشددا من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ذلك لأن كلا من النظامين ينصان على وجوب مراعاة نفس الشروط فالمادة ٢٩٨ مرافعات تتضمن أن يكون الخصوم في الدعوى كلفـوا بالحضور ومثلوا تمثيلا صحيحا . وأن يكون حكـم التحكيم لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من محاكم الجمهورية ، وألا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها " م ۲/۲۹۸ ، 4 مرافعات " ، وتتطلب المادة ۲۹۹ مرافعات أن يكون حكم التحكيم صادرا في مسألة من المسائل التي يجوز التحكيم طبقا لقانون الجمهورية وهذه الشروط هي ذاتها التي نصت عليها المادة ٢/٥٨ من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة 1994
السند الثالث : أن قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ تضمن شرطا أكثر صعوبة لم ينص عليه قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 وهو أن قانون التحكيم المصرى أوجب عدم قبول استصدار أمر بتنفيذ أحكام المحكمين إلا بعد انقضاء ميعاد دعوى البطلان الـ 90 يوم من تاريخ إعلان المحكوم عليه بالحكم مادة 1/58 " تحكيم مصرى " وهذه المادة جعلت أنصار إخضاع حكم التحكيم لمواد قانون التحكيم المصرى إلى القول بأن ميعاد التسعين يوم الذي نص عليها في المادة "58 تحكيم " لا يسرى على طلب تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إذا كان هذا التنفيذ يخضع لاتفاقية نيويورك باعتبار أن هذه الاتفاقية لا تنص على هذا الميعاد . وأنصار هذا الرأي تناسوا أن اتفاقية نيويورك لـم تنص على إجراءات طلب الأمر بالتنفيذ ذلك لأنها تطبق إجراءات قانون المرافعات التي ينص عليها قانون بلد .
السند الرابع : إذا كان من الواضح أن قانون التحكيم المصري في شأن الحصول على أمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية أيسر من إجراءات الحصول عليه وفقا لقانون المرافعات ذلك لأنه طبقا لقانون التحكيم يصدر أمر التنفيذ على عريضة ، في حين أن أمر التنفيذ وفقا لقانون المرافعات يصدر بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى . لكن بمناظرة المادة ٢/٣ من اتفاقية نيويورك يتضح أنها لم تتكلم عن الإجراءات وإنما تكلمت عن شروط ورسوم قضائية حيث تنص على أنه " ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكـام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنية " . والحقيقة أنه هنـاك فارق بيـن الشـروط والإجـراءات فالاتفاقية لم تضع في أي نـص مـن نصوصها أي قيد على حرية الدولة الموقعة على الاتفاقية في وضع إجراءات بالنسبة للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية تختلف عن تلك التي تضعها بالنسبة لأحكام التحكيم الوطنية ، ويلاحظ ذلك من نص المادة 1/3 من اتفاقية نيويورك أنها فرقت بين القواعد الإجرائية للاعتراف أو الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وبين الشروط . قبالنسبة للإجراءات أوجبت المادة تطبيق قانون المرافعات المتبع في دولة أو إقليم التنفيذ ، أما بالنسبة للشروط فإنها أوجيـت الشروط المنصوص عليها في المادة / 4 وما بعدها من الاتفاقية . وهنا يجب عدم بين الشروط والإجراءات . فالأخيرة تخضع للقانون المحلى والأولى تخضع لشروط التنفيذ طبقا للاتفاقية وهذا ما نصت عليه المادة ٢/٣ على أنه : " ... فرض شروط أكثر شدة أو رسوما قضائية أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة " . الخلط
وبالنظر إلى أن ما نص عليه قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 من إجراءات بالمقارنة إلى ما نص عليه قانون التحكيم رقم ٢٧ لسلة ١٩٩٤ من شروط نصت عليها اتفاقية نيويورك م ٢/٣ فإن النص الأخير يتوجه للمشرع وليس للقاضي ذلك لأن النص " ولا تعرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين .... شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعا من تلك التي تعرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين " فالذي يفرض شروطا للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية هو المشرع وليس القاضي .
فبالرغم من انضمام مصر الاتفاقية نيويورك بموجب القرار الجمهوري رقم ١٧١ لسنة ١٩٥٩ واعتبرت الاتفاقية بانضمام مصر إليها قانونا نافذا فيها ولكن ليس معنى هذا أن يطبق القاضي جميع ما تنص عليه الاتفاقية باعتبارها قانونا داخليا . ذلك لأن بعض نصوص الاتفاقية يطبقها القاضي والبعض الآخر يطبقها المشرع ومنها ما نصت عليه المادة سالفة الذكر ٢/٣٠ من الاتفاقية " . والقول بعد ذلك يعني - على حد قول أستاذنا الدكتور / فتحى والى - : " إذا تبين أن المشرع يفرض رسوما على تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية أشد من تلك التي تفرض على تنفيذ أحكام المحكمين الداخلية ، فالقاضي يستطيع أن يأمر بإخضاع التنفيذ الأولى إلى الثانية ، وهذا أمر غير متصور ذلك لأن الرسوم لا تفرض إلا بقانون ولا يعنـي منهـا أو تخفض إلا بقـانـون • (1) ونفس الأمر بالنسـبة للإجراءات فالقاضي لا يستطيع أن يقرر إخضاع طلب معين لإجراءات معينة إذا كان المشرع قد أخضعه بنص صريح لإجراءات أخرى
السند الخامس : أنه بالنظر إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 يتبين أن نص المادة الرابعة وما بعدها التي تنص على إجراءات الاعتراف والتنفيذ بالأحكام الأجنبية لم تتطلب ان يتم الاعتراف أو تنفيذ الحكم بأمر على عريضة والحقيقة أنه باستقراء نص المادة / 4 وما بعدها من اتفاقية نيويورك يتبين ان طلب الاعتراف أو التنفيذ لا يكون بأمر على عريضة يصدر في غيبة الخصوم ، وإنما يقدم طلب بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ذلك لأن نص المادة الخامسة من الاتفاقية يتطلب أن يتقدم الخصم أمام السلطة القضائية بالمستندات الدالة على رفض الاعتراف أو التنفيذ ولا يتصـور أن يقدم الخصم هذه المستندات لمنع صدور قرار بتنفيذ الحكم الأجنبي إلا في خصومة تتم في مواجهة بين طرفين . أيضا ما نصت عليه المادة السادسة من تلك الاتفاقية على أنه على السلطة المطروح أمامها الحكم وقف الخصومة إذا كان طلب إلغاء الحكم أو وقف تنفيذه أمام السلطة المختصة بالدولة التي صدر فيها أو وفقا لقانونها وللقاضي بناء على طلب طالب التنفيذ - أن يأمر المدعى عليه إذا أوقفت الخصومة بتقديم كفالة كافية وهنا لا يتصور إعمال هذا النص إلا في خصومة تتم بالإجراءات المعتادة
لرفع الدعوى ذلك لأنها وحدها التي يمكن أن يقدم فيها هذا الطلب وهي وحدها التي يمكن أن يرد فيها وقف حكم التحكيم لحين الفصل في دعوى البطلان . .
ونخلص من ذلك إلى أن تطبيق نصوص قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة 1994 على أحكام التحكيم الأجنبية تعد مخالفة لما تنص عليه اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨ من إجراءات ذلك لأن الاتفاقية لم تنظم إجراءات اصدار الأمر بالتنفيذ بواسطة أمر على عريضة دون مواجهة مع الخصم الآخر الأمر الذي معه وجب تطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 في مواده من 296وحتی ۲۹۹