التنفيذ / طلب الأمر بالتنفيذ / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 5 / حكم تحكيمي - الرقابة القضائية عليه تتم اثناء تذييله بالصيغة التنفيذية.
إن رئيس المحكمة المانح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي يراقب ما تعلق بمساس الحكم التحكيمي بالنظام العام وعدم بته في مادة غير تحكيمية وعدم خرقه او تجاوزه لسند التحكيم ووجوب توافر هذا الاخير على تعيين موضوع النزاع واسم المحكمين وأجل إصدار المقرر التحكيمي وكتابة الشرط التحكيمي بخط اليد مع الموافقة عليه لما يتعلق الأمر بعمل تجاري واحترام الاجراءات الشكلية الأخرى، ولا توجد مراقبة قضائية للحكم التحكيمي غير ما ذكر.
(المجلس الاعلى الغرفة التجارية - القسم الاول- قرار عدد 288- ملف عدد 2005/1/3/737 - تاريخ 2009/2/25)
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش تحت عدد 69 بتاريخ 2005/1/18 في الملف عدد 04/5/855، أن الطالي ابراهيم أقحونة تقدم بمقال التجارية مراكش عرض فيه أنه اتفق مع المطلوب الاول موريس أوطو، من اجل اعادة هيكلة وبناء رياض الزوينة المملوك لهذا الأخير، وأنه فعلاً حصل على رخصة البناء واستمر في الاشغال، إلى أن توقف صاحب الورش عن أداء أقساط التمويل المحددة في 20,000.00 درهم في الشهر، فوجه إليه اشعاراً يحمله فيه مسؤولية التأخير في اداء الاقساط، وعلى اثره حضر المطلوب الثاني منير بنائي بصفته مهندس المشروع مع المطلوب الأول، وتم تحرير عقد باللغة الفرنسية تضمن مجموعة من الشروط والالتزامات لم يعلم بها المدعي، وخاصة منها تعيين المهندس المذكور كمحكم، ومنها بند يتعلق بفسخ العقد، وأنه فعلاً وقع المدعي على العقد، غير أنه أمي لا يعرف اللغة التي حرر بها، وإنه لما توجه الى الورش تم طرده هو والمستخدمين، فسجل شكاية لدى النيابة العامة ضد المدعى عليه الأول الذي نصب نفسه محكماً، ملتمساً في الاخير بطلان المقرر التحكيمي الصادر بتاريخ 2003/10/28 عن منير بنائي، والتصريح باختصاص القضاء ليت نزاع طرفين، فصدر الحكم بعدم قبول الطلب أيد بمقتضى القرار المطعون فيه.في شأن الوسيلتين مجتمعتين،حيث ينعى البنك الطاعن على القرار خرق الفصول 308 و309 و313 و319 من ق م م ونقصان التعليل الموازي لانعدامه بدعوى انه ما دامت العلاقة بين الطرفين تجارية فإن شرط التحكيم يجب أن يكون مكتوباً بخط اليد وموقعاً عليه من طرفهما، تبعاً للفصل 309 من ق م م، غير أنه بالرجوع الى عقد التحكيم الذي سماه المطلوب اتفاق تسوية يتضح عدم احترام الشرط المذكور، ونتيجة لذلك يكون عقد التحكيم باطلاً وبالتبعية مقرر التحكيم باطلاً وفقاً لقاعدة ما بني على باطل يعد باطلاً، الا ان القرار المطعون فيه لم يجب عن هذا الدفع. كما ان القرار ذهب الى أن القانون حرم الطعن في المقرر التحكيمي"، في حين طبق الفصل 319 من ق م م، وهو لا علاقة له بالنازلة، لأنه يتحدث عن عدم قبول المقرر التحكيمي للطعن الذي ينطبق على الاحكام القضائية، ولم يمنع الطعن فيه بالبطلان، خاصة وأن الفصل 326 من ق م م سمح بالطعن في حكم المحكم بإعادة النظر، ولذلك لم يميز القرار المطعون فيه بين هذه الطعون مما يتعين نقضه. كذلك تحدث الفصل 313 من ق م م عن اسباب تجريح المحكم دون تحديد حصري لها، مما تبقى معه شكاية الطالب للنيابة العامة في مواجهة المحكم بالنصب والاحتيال بمثابة سبب كاف لتجريحه، فكان عليه أن ينحي نفسه عن نظر النزاع وفقاً للفصل 298 من ق م م، ولكنه أصدر مقرره بسرعة، ورغم ما ذكر لم يجب القرار عن هذا الدفع مما ينبغي نقضه.
كذا فإن الفصل 308 من ق م م يفرض، أن يعين سند التحكيم تحت طائلة البطلان موضوع النزاع، وبالرجوع لإتفاق التسوية يلفي أنه حدد مهمة المحكم في نقطة واحدة هي اجراء محاسبة بين الطرفين لأجل ابرام عقد جديد يبين كيفية اتمام ما بقي من اشغال، غير أن المحكم تجاوز مهمته وقضى بإخراج الطالب من الورش، واضعاً حدا للاتفاق الاصلي، لذلك يعد المقرر التحكيمي باطلاً، ويتعين نقض القرار المطعون فيه الذي لم يراع هذه النقطة، وإضافة إلى ما سلف فإن القرار على موقعه بقوله "إن كل ما اثاره الطاعن ينصب على بطلان المقرر التحكيمي، وإن القانون حرم الطعن فيه، مما يكون معه الاستئناف غير مرتكز على أساس"، في حين يتبين ان هناك خلطاً بين الطعن في الحكم التحكيمي موضوع الفصل 319 من ق م م وبين دعوى بطلان مقرر التحكيم استناداً إلى الفصول 308 و 309 و313 من نفس القانون، وللتوضيح فإن المشرع منح صراحة بمقتضى الفصل 319 المذكور الطعن في حكم المحكمين، غير أن معنى ذلك هو منع الطعن بالطرق المعروفة، وما يؤكد هذا النهج جواز الطعن بإعادة النظر في المقرر التحكيمي تبعاً للفصل 326 من ق م م، فضلاً عن أن الطعن غير الجائز ينحصر في طرق الطعن أمام جهة من درجة اعلى، لتنافي ذلك مع السرعة التي يبتغيها التحكيم ولعدم استساغة الطعن أمام جهة قضائية، لذلك يستنتج مما سبق عرضه أنه يمكن أن يتعرض الحكم التحكيمي لدعوى البطلان، وهو ما طلبه الطاعن من المحكمة الابتدائية، أي أنه لم يطعن في حكم التحكيم، بل رفع دعوى قائمة الذات من أجل بطلانه، تأسيساً على الفصلين 308 و309 من في م م، اللذين يجيزان تقديم دعوى بطلان الحكم التحكيمي، وللتذكير فإن الغاية من هذه الدعوى هي انكار كل سلطة للمحكم، في حين يسلم الطاعن عند طعنه في حكم المحكم بسلطة هذا الأخير بالفصل في النزاع.
وهذا فالقرار المطعون فيه ذهب على خطأ إلى أن الطالب طعن في المقرر التحكيمي، والحال أنه لم يستعمل الفصل 319 من ق م م الذي يمنع هذا الطعن، وإنما رفع دعوى ابتدائية تهدف إلى إيطال حكم المحكم، مما يتضح معه أن القرار لم يميز بين الأمرين ويتعين نقضه.
لكن، حيث لئن كان حكم المحكمين لا يقبل الطعن في أية حالة حسب نص الفصل 319 من ق م م، فإن ثمة مراقبة قضائية له تتم اثناء تذييله بالصيغة التنفيذية عملاً بما تضمنته الفصول 320 الى 323 من ق م م، وبمناسبة ذلك، يراقب رئيس المحكمة المانح لها، ما تعلق بعدم مساس الحكم التحكيمي بالنظام العام، وعدم بنه مادة غير تحكيمية حسب نص الفصل 306 من نفس القانون، وعدم خرقه أو تجاوزه لسند التحكيم، ووجوب توفر هذا الأخير على تعيين موضوع النزاع واسم المحكمين وأجل اصدار المقرر التحكيمي وكتابة شرط التحكيم بخط اليد مع الموافقة عليه لما يتعلق الأمر بعمل تجاري، واحترام الأجراءات الشكلية الأخرى، ولا توجد مراقبة قضائية للحكم التحكيمي غير ما ذكر، باستثناء تعرض الغير الخارج عن الخصومة واعادة النظر، أن توافرت شروطها موضوع الفصول 303، 304، 305، 325، 326، 402 من ق م م، ولم ينص مشرع المسطرة المدنية لسنة 1974 على اخضاع المقرر التحكيمي للمراقبة القضائية بواسطة دعوي البطلان، لذلك كانت المحكمة على صواب فيما ذهبت اليه من أن كل ما اثاره الطاعن ينصب على بطلان المقرر التحكيمي، والقانون حرم الطعن في المقرر التحكيمي"، فلم تتجاهل ما أثير أمامها ولم يخرق قرارها اي مقتضى وجاء معللاً بما يكفي والوسيلتان على غير أساس.
لهذه الاسباب
قضى المجلس الاعلى برفض الطلب وتحميل الطالب الصائر .وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الاعلى بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيدة الباتول الناصري رئيساً والمستشارين السادة عبد الرحمان المصباحي مقرراً محمد الادريسي المجدوبي والسعيد شوكيب ورجاء بن المامون أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد السعيد سعداوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فتيحة موجب.