أخذت محكمة الاستئناف العالي بالقاهرة بالرأي الثاني في جميع أحكامها الحديثة، على النحو الذي أصبح معه هذا الرأي مبدأ تسير عليه .
حيث قضت محكمة الاستئناف العالي بالقاهرة بالآتي :- ( وحيث أنه عن موضوع التظلم فإن المحكمة تقرر توطئة لقضائها فيه أن الفصل في موضوع التظلم المائل وما أثارته الشركة المتظلمة من مسائل تتعلق بالاختصاص بإصدار الأمر المتظلم منه وطريقة إصداره والشروط اللازمة لصدوره يقتضي تحديد القواعد القانونية واجبة التطبيق بشان طلب تنفيذ الحكم الصادر في تحكيم تجاري دولي جري في خارج جمهورية مصر العربية، ولم يتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام القانون المصري.
أن يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات.
خلصت المحكمة إلى أن المواد من 25 حتى 58 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية هي الواجبة التطبيق في موضوع الدعوى، وكان المقرر بنص المادة 56 من القانون سالف البيان أن يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من هذا القانون أو من يندبه من قضاتها بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين، وكان المقرر بنص المادة التاسعة من ذات القانون أن يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جري في مصر أو الخارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخري في مصر ومما مفاده أنه إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جري في مصر أو في الخارج فان الحكم الصادر فيه يختص بتنفيذه-رئيس محكمة استئناف القاهرة أو من يندبه من قضاتها ويكون ذلك بطريق الأمر على عريضة وليس بطريق الدعوى .
ولما كان ذلك وكان الأمر المتظلم منه قد صدر من السيد المستشار رئيس هذه الدائرة بعد ندبه من السيد المستشار رئيس هذه المحكمة.
وقد سارت محكمة الاستئناف العالي بالقاهرة في جميع أحكامها في نفس الإتجاه، حيث قضت أيضا بالآتي :- ( وحيث أنه عن موضوع التظلم على ضوء ما قرره الأمر المتظلم منه للأسباب التي استند إليها، وما جاء بأسباب التظلم من طعن عليه على نحو ما سلف، فإنه من المقرر تطبيقاً للمادة 301 مرافعات ، أن العمل بمواد قانون المرافعات 296، 297 ، 298 مرافعات ببيان إجراءات تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي، لا تخل بإحكام المعاهدات التي تنضم إليها جمهورية مصر العربية، فإذا اتخذت إجراءات تنفيذها تكون بمثابة القانون الواجب التنفيذ، ولو كانت متعارضة مع قانون أخر من قوانين الدولة .
ولما كان الأمر المتظلم منه خالف هذا النظر مستنداً إلي إختصاص المحكمة الإبتدائية المطلوب التنفيذ في دائرتها بإصدار الأمر عملا بأحكام قانون المرافعات ، فأنه يكون مخالفة للقانون ويتعين الحكم بإلغائه والحكم بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم محل التداعي وجعله في قوة السند التنفيذي واجب التنفيذ في مصر ).
وقد قضت أيضا محكمة الاستئناف العالي بالقاهرة بالآتي :
( وحيث أنه عن الإدعاء بخطأ الأمر المتظلم منه إذ قضي بتنفيذ حكم التحكيم محله علي الرغم من إختصاص المحاكم المصرية بالمنازعة التي صدر فيها الحكم المذكور بالمخالف لمقتضي نص الفقرة الأولي من المادة 298 من قانون المرافعات، فإنه غير سديد لما هو مقرر من أنه لما كانت المادة 310 من القانون سالف الذكر والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية تقضي بأنه إذا وجدت معاهدات بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات.
ثانيا : موقف محكمة النقض :
. أيدت محكمة النقض المصرية محكمة الإستئناف العالي في موقفها سالف الذكر في الطعن رقم 966 لسنة 73 ق، حيث قضت :
(طعنا في الحكم الصادر في التظلم رقم 32 لسنة 119 ق تحكيم إستئناف عالي القاهرة ) الصادر بجلسة 2005/1/10 م ، حيث انتهت إلى اختصاص رئيس محكمة استئناف عالي القاهرة بنظر طلب تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي الذي يخضع لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك، وتطبيق أحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 م علي إجراءات تنفيذ حكم التحكيم سالف الذكر .
وبذلك يكون القضاء قد استقر على تطبيق الإجراءات الواردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق اتفاقية نيويورك، وسوف نتعرف الآن على الإجراءات الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك، وذلك على النحو التالي :
أولاً : وقت تقديم طلب تنفيذ حكم التحكيم :
يتم تقديم طلب تنفيذ حكم التحكيم الخاضع لنطاق تطبيق اتفاقية نيويورك في أي وقت من تاريخ صدور الحكم، وحتى تاريخ سقوطه بالتقادم الطويل ( خمسة عشر سنة ) ، وذلك لعدم وجود نص يحدد وقت للتنفيذ أو وقت لسقوط الحق في التنفيذ بمضي المدة، كما وأنه يجوز للمحكوم الصالحة أن يتقدم بطلب التنفيذ فور صدور الحكم، دون إنتظار مرور المدة المحددة في قانون التحكيم ۲۷ لسنة 1994م لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم ( تسعون يوما ).
ثانياً : طبيعة طلب التنفيذ والأمر الصادر فيه :
يقدم طلب تنفيذ حكم التحكيم الخاضع لنطاق تطبيق الاتفاقية في صورة طلب علي عريضة، وفقا لنظام الأوامر علي العرائض ، ويصدر الأمر في صورة أمر علي عريضة، علي النحو السالف ذكره في تنفيذ أحكام التحكيم الداخلية . ثالثاً : القاضي المختص بإصدار أمر التنفيذ:
القضاء المصري قد استقر على تطبيق الإجراءات الواردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك، وبالرجوع لنص المادة 9 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، والتي نصت علي :
( يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان علي اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر ) .
وبالتالي يكون الفيصل هنا في تحديد المحكمة المختصة هو مدي توافر وصفي التجارية والدولية بالنسبة لحكم التحكيم، بمعني أننا إذا كنا بصدد حكم تحكيم تجاري دولي ( أجنبي ) فهنا تكون محكمة الاستئناف العالي بالقاهرة أو أية محكمة استئناف أخري يتفق عليها الطرفان هي المختصة بنظر طلب وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم الأجنبي ‘‘
وأما إذا كان حكم التحكيم أجنبيا، ولكن لا تتوافر له صفتي التجارية والدولية وفقا لمفهوم القانون المصري، فهنا تكون المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع هي المختصة بنظر طلب وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم الأجنبي.
إيداع حكم التحكيم قلم كتاب المحكمة المختصة بإصدار أمر التنفيذ
لم يشترط المشرع إيداع حكم التحكيم الأجنبي قلم كتاب المحكمة المختصة، ويمكن أن يقدم حكم التحكيم، وانفاق التحكيم ، وغير ذلك من المستندات، طي حافظة مستندات بملف الدعوى، ولا يوجد ما يمنع من قيام المحكوم لصالحه بإيداع أصل حكم التحكيم، وأصل اتفاق التحكيم أو صورة رسمية منهما قلم كتاب المحكمة المختصة، ولم يحدد المشرع ميعاداً لعملية الإيداع لأن من صدر الحكم لصالحه يكون خارج البلاد لأننا نتحدث عن حكم تحكيم أجنبي .
صاحب الصفة في تقديم أمر التنفيذ ومستنداته :
وأما بالنسبة لسلطة المحكمة المختصة بإصدار أمر التنفيذ أو حجيته وقوته التنفيذية أو طرق الطعن المتاحة ضده أو كيفية تنفيذ حكم التحكيم المشمول بالصيغة التنفيذية جبريا، فكل هذه المسائل لا يوجد اختلاف بينها وبين ما سبق ذكره بالنسبة لأحكام التحكيم الداخلية في التشريع المصري .
موقف التشريعات المقارنة بشأن إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق اتفاقية نيويورك :
أولاً : موقف التشريع الإنجليزي :
وضع المشرع الإنجليزي إجراءات واحدة لتنفيذ أحكام التحكيم في إنجلترا، أيا كان وصف أو مسمي هذا الحكم، أي أن جميع أحكام التحكيم الداخلية والأجنبية تخضع لذات إجراءات التنفيذ، حيث يتم وضع الصيغة التنفيذية عليها بموجب حكم قضائي .
ثانيا : موقف التشريع الإماراتي :
والمشرع الإماراتي أيضا وحد إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الداخلية، وإجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لاتفاقية نيويورك، حيث يتم وضع الصيغة التنفيذية على وصفي حكم التحكيم الداخلي والأجنبي بموجب حكم قضائي.
ثالثا : موقف التشريع السوري :
والمشرع السوري أيضا وحد إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الداخلية، وإجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لإتفاقية نيويورك، حيث يتم وضع الصيغة التنفيذية على جميع أوصاف أحكام التحكيم ( حكم التحكيم الداخلي، و حكم التحكيم التجاري الدولي، وحكم التحكيم الأجنبي ) بموجب حكم قضائي.
موقف التشريع الكويتي :
تضمنت نصوص قانون المرافعات الكويتي ( مرسوم بقانون رقم 38 لسنة 1980م ) في المواد من 199 وحتى 203 إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية .
( الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها في الكويت بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في الكويت .
ويطلب الأمر بالتنفيذ أمام المحكمة الكلية بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، ولا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي : -...... ).
أي أن التشريع الكويتي قد تضمن نظامين لتنفيذ أحكام التحكيم، أحدهما خاص بتنفيذ أحكام التحكيم الداخلية، والثاني خاص بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، والنظام الأخير أي الخاص بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية يتضمن إجراءات طويلة ومعقدة، على عكس إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الداخلية التي تتسم باليسر والسهولة، أي نفس الأمر الموجود في التشريع المصري .
٢- موقف القضاء الكويتي:
أن اتفاقية نيويورك لم تحدد الإجراءات الواجبة الإتباع للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها، وأنها قد إشترطت ألا تكون الشروط أو الرسوم المحددة لتنفيذ أحكام - التحكيم الأجنبية أكثر شدة أو أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة من الشروط والرسوم المحددة لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية أو الداخلية، وبالنظر للإجراءات المحددة في التشريع الكويتي لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية والأجنبية.
ونظرا لأن نصوص اتفاقية نيويورك أصبحت جزءاً من التشريع الكويتي، بل وتفضله في التطبيق في حالة حدوث أي تعارض، وبالرجوع لأحكام المادة رقم 3 من إتفاقية نيويورك لسنة 1958، نجد أنها تتحدث عن عدم وضع شروط أو رسوم أكثر تعقيدا من الإجراءات المحددة لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية بدرجة ملحوظة، وكذلك نص المادة رقم 1/7 من الاتفاقية والتي تتحدث عن تطبيق الإجراءات الأيسر الواردة بتشريع دولة التنفيذ أو بأي إتفاقية أخري تكون دولة التنفيذ قد انضمت إليها، وبالنظر للإجراءات والشروط المحددة في النظامين الأخيرين، وبإستثناء النظام الأول لأنه يتعلق بتنفيذ أحكام تحكيم صادرة من هيئة يغلب عليها الطابع القضائي، نجد أن المشرع ينفذ حكم التحكيم الوطني بإجراءات سهلة وميسرة، في حين أن حكم التحكيم الأجنبي ينفذ بإجراءات أكثر شدة بدرجة ملحوظة، وهو أمر يشكل بلا ريب تعقيداً في الإجراءات، يمكن معه القول بأن المشرع الكويتي يطبق على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية إجراءات أكثر شدة بدرجة ملحوظة.
إلا أن الفقه والقضاء الكويتي لم يتطرقا لهذا الخلاف، واكتفي فقط القضاء في أغلب أحكامه على الحديث عن تطبيق الشروط الواردة في اتفاقية نيويورك علي تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق الإتفاقية، وأما الإجراءات التي تحكم هذا التنفيذ-، فهي الإجراءات الواردة في المادتين ،199 200 قانون المرافعات المدنية والتجارية، أي أن القضاء الكويتي قد اختار الإجراءات التي نص عليها القانون رغم أنها أكثر صعوبة وشدة من إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الداخلية، وسوف نعرض بعض أحكام القضاء الكويتي فيما يلي :
وبالتالي يكون القضاء والفقه الكويتي مستقرا علي تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة النطاق تطبيق اتفاقية نيويورك للإجراءات الصعبة الطويلة المنصوص
عليها في المادتين 199، 200 من قانون المرافعات الكويتي، وبالتالي يتم تقديم طلب وضع الصيغة التنفيذية علي حكم التحكيم الأجنبي، سواء كان خاضعا لنطاق تطبيق اتفاقية نيويورك أم لا في أي وقت من تاريخ صدور الحكم، وحتى تاريخ سقوط بالتقادم الطويل ( خمسة عشر سنة )، ويقدم طلب التنفيذ في صورة دعوى قضائية، ويصدر أمر وضع الصيغة التنفيذية في صورة حكم قضائي، وتختص بنظر هذه الدعوى المحكمة الابتدائية، ونطبق ذات الإجراءات التي سبق ذكرها في تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق المادتين 199، 200 من قانون المرافعات الكويتي .