الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طلب الأمر بالتنفيذ / الكتب / تنفيذ أحكام التحكيم في القانون المصري والمقارن / إجراءات صدور أمر التنفيذ وفقا لاتفاقية نيويورك

  • الاسم

    د. عصام فوزي الجنايني
  • تاريخ النشر

    3013-01-01
  • عدد الصفحات

    571
  • رقم الصفحة

    289

التفاصيل طباعة نسخ

 

إجراءات صدور أمر التنفيذ وفقا لاتفاقية نيويورك

لم تحدد اتفاقية نيويورك للاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لسنة 1958م الإجراءات الواجبة الإتباع للإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها، فهي لم تحدد المحكمة المختصة بإصدار أمر التنفيذ.

( تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقا لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقا للشروط المنصوص عليها في المواد التانية، ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر إرتفاعا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين) .

ولتحديد إجراءات التنفيذ اللازمة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك لسنة 1958م ، ينبغي الرجوع مرة ثانية إلى التشريع الداخلي لدولة التنفيذ، لمعرفة الإجراءات المحددة في هذا التشريع، لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وسوف نتعرض في هذا المبحث الموقف الفقه والتشريع والقضاء المصري من إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك .

موقف التشريع المصري من إجراءات التنفيذ

ووضع أيضا المشرع المصري نصوصا خاصة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1924م لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية التي يتوافر لها عدة شروط إضافية، بأن تتعلق بتحكيم تجاري دولي وفقا للمفهوم السائد في التشريع المصري، وأن يتفق أطراف التحكيم على تطبيق قانون التحكيم المصري علي إجراءات التحكيم .

أي أن المشرع المصري قد وضع نظامين قانونيين مختلفين لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، أحدهما وهو قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م، ويتضمن إجراءات سهلة ميسرة، والثاني هو قانون المرافعات المدنية والتجارية، ويتضمن إجراءات طويلة وصعبة.

ويتضح من هذين النصين أن المشرع المصري نص على تطبيق الأحكام الواردة فيهما بما لا يتعارض مع نصوص الإتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية، أي أن نصوص الإتفاقيات الدولية يكون لها الأولوية في التطبيق على نصوص التشريع المصري .

أي أن إتفاقية نيويورك للاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لم تضع أية إجراءات محددة التنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وإنما أشارت إلى تطبيق الإجراءات الواردة في بلد التنفيذ، بشرط ألا تكون هذه الإجراءات أكثر شدة بدرجة ملحوظة من الإجراءات والشروط الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية .

كما وأن المشرع المصري وضع نوعين من الإجراءات لتنفيذ أحكام التحكيم، النوع الأول إجراءات سهلة بسيطة لتنفيذ أحكام التحكيم الداخلية، وبعض أحكام التحكيم الأجنبية التي يتوافر في شأنها بعض الشروط الإضافية ( قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994)، والنوع الثاني إجراءات صعبة معقدة لتنفيذ جميع أحكام التحكيم الأجنبية ( قانون المرافعات المدنية والتجارية ) .

المطلب الثاني موقف الفقه بشأن إجراءات التنفيذ

وقد اختلف الفقه المصري في تحديد القانون الذي تخضع له إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لنطاق تطبيق اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بين رأيين : -

الرأي الأول :

يري أغلب الفقه المصري تطبيق الإجراءات الواردة في قانون المرافعات المصري في المواد من 296 وحتى 299 المخصصة لتنفيذ أحكام القضاء الأجنبية، وذلك لصراحة النص حيث ذكر المشرع المصري في المادة 299 مرافعات بأن تسري أحكام المواد السابقة على أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي .

حيث يرى وجوب تطبيق الإجراءات الواردة في نصوص قانون المرافعات المدنية بشأن إصدار الأمر بوضع الصيغة التنفيذية على جميع أحكام التحكيم الأجنبية بما فيها الأحكام الخاضعة لنطاق تطبيق إتفاقية نيويورك، وعدم تطبيق الإجراءات الواردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م ، وذلك استنادا إلى أن نص المادة2/3 من إتفاقية نيويورك لا يرمي إلى توحيد نظام الأمر بالتنفيذ بين أحكام التحكيم الداخلية والأجنبية، ولكنه يرمي فقط إن عدم التشدد بالنسبة لهذه الأخيرة على نحو مغالي فيه، فهو لا يعني أبدا أن نظام الإعتراف أو تنفيذ الأحكام الأجنبية يجب أن يكون بالضرورة مطابقا للنظام الخاص بتنفيذ الأحكام الداخلية.

الرأي الثاني :

يري تطبيق الإجراءات الواردة بقانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 م بوصفها الإجراءات الأيسر في التشريع المصري من الإجراءات الواردة بقانون المرافعات المدنية والتجارية، ولأن قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م يعد الشريعة العامة بالنسبة للإجراءات المتعلقة بنظام التحكيم، وقد أخذت محكمة النقض المصرية بهذا الرأي في أحكامها الحديثة.

ونحن نؤيد الرأي الثاني للأسباب التالية :

1. أن هذا الرأي الذي خلقه في الأصل القضاء المصري ممثلا في محكمة الإستئناف العالي بالقاهرة يتفق مع نصوص اتفاقية نيويورك، التي أصبحت جزء من التشريع المصري، بل وتفضله في التطبيق في حالة حدوث أي تعارض، وما يؤيد ذلك نص المادتين 3، 7 من اتفاقية نيويورك، حيث نصت المادة رقم 3 من إتفاقية نيويورك علي عدم وضع شروط أو إجراءات أكثر تعقيداً من الإجراءات المحددة لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية بدرجة ملحوظة.

2.أن نص المادة 1/7 من اتفاقية نيويورك والتي تتحدث عن تطبيق الإجراءات الأيسر الواردة بتشريع دولة التنفيذ أو بأي إتفاقية أخري تكون دولة التنفيذ قد انضمت إليها، وبالنظر للإجراءات والشروط المحددة في النظامين، نجد أن المشرع المصري ينفذ حكم التحكيم الوطني أو حكم التحكيم الأجنبي الذي يتوافر بشأنه صف التجارية الدولية مع اتفاق أطراف النزاع على تطبيق قانون التحكيم المصري على إجراءات التحكيم بإجراءات سهلة وميسرة .

3. أن صياغة الإتفاقية وإن تحدثت عن شروط ورسوم وليس إجراءات كما قال الدكتور فتحي والي، ولكنها لا يمكن أن تفسر على أن المقصود بالألفاظ هو الشروط فقط، بل المقصود هنا هو الشروط والإجراءات، حيث ألزمت الفقرة الثانية من المادة 3 الدول بعدم وضع شروط أو رسوم أكثر شدة أو ارتفاعا بدرجة ملحوظة من الشروط والرسوم المفروضة لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية، ويلاحظ من ألفاظ هذه الكلمات أنها قالت شروط أكثر شدة أي أنها تتحدث هنا عن عدم وضع شروط للتنفيذ أكثر شدة، ثم قالت رسوم أكثر ارتفاعا، أي أنها تتحدث هنا عن التكلفة المادية، ويلاحظ هنا أن الرسوم جزء من الإجراءات، وكأن الاتفاقية تطالب بعدم تشديد الإجراءات أيضا، ولا شك أن تعقيد الإجراءات وطول الوقت وتعدد الجنسيات، يزيد التكلفة بدرجة ملحوظة، وهو ما نهت عنه الاتفاقية.

4. أن هذه المسألة تخضع كما سبق أن ذكرت التقدير، وقد إستقر القضاء المصري عني تطبيق الإجراءات الأيسر الواردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م، على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الخاضعة لاتفاقية نيويورك ، فلم نحارب هذا التيسير، ونسعى للأصعب، فلم لا نطالب المشرع نفسه بالتدخل لحسم هذه المسألة وتقنين ذلك الوضع الجيد الذي خلقه القضاء .