نصت المادة ١/٥٨ تحكيم على أنه لا يقبل طلب" تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قبل انتهى". بينما نصت المادة ١/٥٤ تحكيم على أنه ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه".
وهذان النصان ينظمان ميعادين مختلفين، ولو أن هناك سمات كثيرة مشتركة بين الميعادين مما ينفى وجود اختلاف جوهری بينهما :
أ - أوجه التطابق بين الميعادين
ميعاد التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه، سواء بالنسبة لدعوى بطلان هذا الحكم، أو بالنسبة لطلب الأمر بتنفيذ هذا الحكم، هو:
1 - ميعاد إجرائي، ومن ثم فهو يخضع للقواعد العامة للميعاد الإجرائي وخاصة قواعد الامتداد بسبب العطلة وبسبب المسافة.
2- وهو من المواعيد المقررة بالأيام، ويبلغ مقداره تسعون يوماً.
3- وإعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه هو الأمر المعتبر في نظر القانون مجرياً لهذا الميعاد، و لو أنه لا يلزم أن يكون هذا الاعلان قضائيا ممـا نظمته القواعد العامة في قانون المرافعات، إنما يكفي أن يكون هـذا الاعلان تحكيمياً مما نظمته المادة ٧ تحكيم. لكن لا يعتبر اعلانا للحكم أن "تسلم هيئة التحكيم إلى كل من الطرفين صورة من حكم التحكيم موقعة من المحكمين الذين وافقوا عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره" (م١/٤٤) تحكيم).
4- وهذا الميعاد متعلق بالنظام العام، سواء في نطاق دعوى البطلان حيث يقوم هذا الميعاد على فكرة عدم بقاء حكم التحكيم مهدداً بالطعن فيه لمدة غير محدودة، أو في نطاق نظام طلب الأمر بالتنفيذ حيث يقوم هذا الميعاد على فكرة ضرورة التريث فى استصدار أمر بتنفيذ حكم مهدد بالبطلان وبوقف التنفيذ خاصة مع منع التظلم من هذا الأمر بعد صدوره. مما يعنى أن الميعاد في الحالتين يقوم على اعتبارات موضوعية، لا اعتبارات
خاصة تتعلق بالمصلحة الخاصة.
ومن ثم فإن هذا الميعاد يخضع للقواعد العامة للمواعيد الاجرائية المتعلقة بالنظام العام. فلا يجوز الاتفاق على مخالفته، ويقضى القاضى من تلقاء نفسه بجزاء مخالفة الميعاد .
ب - أوجه الاختلاف بين الميعادين:
ورغم أوجه التطابق بين الميعادين على النحو السالف بيانه، لكنهما ميعادان مختلفان عن بعضهما ، سواء من حيث الطبيعة أو النظام أو النطاق:
1 - فهذا الميعاد بالنسبة لدعوى البطلان هو ميعاد ناقص لا ميعاد كامل. إذ هو من المواعيد التي يجب أن يتم الاجراء خلالها وإلا سقط الحق فيه، وبالتالي فهو ميعاد سقوط، ومن ثم يخضع للقاعدة العامة الواردة في المادة ٢/٢ مرافعات التي تنص على أنه لا يجرى ما يستحدث من مواعيد السقوط إلا من تاريخ العمل بالقانون الذي استحدثها".
بينما هذا الميعاد بالنسبة لطلب الأمر بالتنفيذ هو ميعاد كامل، لا ميعاد ناقص، وهو من ثم من المواعيد التي يجب انقضاؤها قبل الإجراء، وبالتالي فإنه يخضع لقاعدة : إذا كان الميعاد مما يجب انقضاؤه قبل الاجراء فلا يجوز حصول الاجراء إلا بعد انقضاء اليوم الأخير من الميعاد" (م ١/١٥ مرافعات). لذا فإنه إذا قدم طلب الأمر بالتنفيذ قبل انقضاء ميعاده كاملاً، فإن هذا الطلب على حد عبارة المشرع - "لا يقبل"، وذلك لرفعه قبــل الميعاد، لا لرفعه بعد الميعاد.
2 - وهذا الميعاد مقرر لدعوى بطلان حكم التحكيم أيا كان أى حتى لو لم يكن هذا الحكم قابلاً للتنفيذ الجبرى فهو ميعاد دعوى بطلان حكم التحكيم، بصرف النظر عما إذا كان قابلاً أو غير قابل للتنفيذ الجبري.
محكمة النقض قضت بأن لمن صدر حكم التحكيم لصالحه أن يطلب تنفيذه بعــــد انقضاء مدة تسعين يوما - شرط ذلك هو عدم رفع المحكوم ضده دعوى بطلان، فإذا رفع الأخير دعوى بطلان كان للمحكوم له طلب تنفيذ الحكم دون انتظار فوات مدة التسعين يوماً (حكم محكمة النقض بجلسة ٢٠٠٨/٦/٥).
في خصوص تقديم طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم نعيد التذكير بأنه وإن كان الأصل والقاعدة أن طلب الأمر بتنفيذ الحكم يقدم من قبل من صدر حكم التحكيم لصالحه، إلا أنه لا يوجد ما يحول دون تقديمه من المحكوم عليه إذا كانت له مصلحة فى ذلك. ولذا نقول حسناً فعل المشرع المصرى حينما أورد نص المادة ٥٦ من قانون التحكيم بصيغة عامة ولم يحصر مكنة تقديم الطلب في أحد طرفي خصومة التحكيم فقط، فعبارة يقدم طلب التنفيذ وردت بصيغة المبنى للمجهول وبالتالي فبالامكان تقديمه بواسطة أحد أطراف خصومة التحكيم دون توقف على صدور حكم لصالحه. وهكذا فقبول الطلب أو عدم قبوله سوف يتوقف على توافر شرط المصلحة - وذلك بالاضافة إلى الشروط الخاصة بهذا الطلب - وذلك اعمالاً للقاعدة العامة التي تقررها المادة الثالثة من قانون المرافعات والتـــــى تقضى بأنه لا تقبل أى دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أى قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون.