الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية وفقاً لاتفاقية نيويورك

  • الاسم

    هشام سعيد اسماعيل
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    408
  • رقم الصفحة

    349

التفاصيل طباعة نسخ

تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية وفقاً لاتفاقية نيويورك

   لا يجرى التحكيم على الإقليم المصري في جميع الأحوال، ولما كان من المتصور أن يتم تنفيذ أي حكم تحكيم على الإقليم المصري بغض النظر عن بلد منشئه، فإنه يتعين إلقاء الضوء على كيفية تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. وكان من الطبيعي أن تهتم الجماعة الدولية بتنفيذ أحكام المحكمين على أراضي بعضها البعض، وقد أسفر هذا الاهتمام عن إبرام اتفاقية الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية المبرمة في مدينة نيويورك في 10 يونيو ١٩٥٨. وتكاد تلقى هذه الاتفاقية إجماع المجتمع الدولي بأسره، حيث بلغ عدد الدول التي انضمت إليها حتى نهاية إبريل ٢٠١٣ عدد 149 دولة. وقد كان من المنطقي أن يقتصر نطاق تطبيق الاتفاقية على الدول الأعضاء فقط كما تقضي بذلك القواعد العامة، وتقضي في ذلك المادة 3/1 من الاتفاقية بأن "لكل دولة عند التوقيع على الاتفاقية أو التصديق عليها أو الانضمام إليها أو الإخطار بامتداد تطبيقها عملا بنص المادة العاشرة أن تصرح على أساس المعاملة بالمثل أنها ستقصر تطبيق الاتفاقية على الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الصادرة على إقليم دولة أخرى متعاقدة".

 

    أثر تطبيق اتفاقية نيويورك يتعلق بالشروط الموضوعية للأمر بالتنفيذ وليس بإجراءات التنفيذ. وهي بمفردها التي تحدد تلك الشروط الموضوعية لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية على الإقليم المصري. وقد توالت نصوص الاتفاقية تحديد الأحكام المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية على النحو التالي :

 

أولا: طلب الأمر بالتنفيذ

   يتعين وفقاً لنص المادة الرابعة من الاتفاقية "(1) على من يطلب الاعتراف والتنفيذ المنصوص عليهما في المادة السابقة أن يقدم مع الطلب :

أ - أصل الحكم الرسمي أو صورة من الأصل تجمع الشروط المطلوبة لرسمية السند.

ب - أصل الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية أو صورة تجمع الشروط المطلوبة لرسمية السند.

(2) وعلى طالب الاعتراف والتنفيذ إذا كان الحكم أو الاتفاق المشار إليه غير محرر بلغة البلد الرسمية المطلوب إليها التنفيذ، أن يقدم ترجمة لهذه الأوراق بهذه اللغة، ويجب أن يشهد على الترجمة مترجم رسمي أو محلف أو أحد رجال المسلك الدبلوماسي أو القنصل".

 وبالاستناد لهذا النص يجب على من يتقدم لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي أن يرفق بطلبه المستندات الآتية:

   1- أصل الحكم أو صورة موقعة من المحكمين الذين وافقوا عليه على الأقل، حيث تعد الصورة في هذا الفرض نسخة أخرى من الحكم وتكتسب من ثم حجية الأصل لاكتسابها صفة الرسمية بمجرد توقيع المحكم عليها.

   2- أصل الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثالثة أو صورة منه تستوفي شروط هذا الأصل، والأصل المراد تقديمه . والمنصوص عليه في المادة الثانية . هو اتفاق التحكيم المبرم بين الطرفين سواء كان شرطاً أو مشارطة التحكيم .

   3- ترجمة رسمية لحكم واتفاق التحكيم إذا كان أحدهما أو كلاهما محرراً بغير اللغة العربية. وتكتسب الترجمة صفة الرسمية . وفقاً لنص المادة الرابعة . إذا شهد عليها "مترجم رسمي أو محلف أو أحد رجال السلك الدبلوماسي أو القنصلي" والمنطقي أن يتم اللجوء في هذا الشأن لتقرير رسمية الترجمة إلى الجهات التي اعتمدها وزير العدل بالتنفيذ لأحكام قانون التحكيم.

 

ثانياً: إجراءات تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية والمحكمة المختصة:

   إذا كانت اتفاقية نيويورك قد عرفت حكم التحكيم الأجنبي الذي يخضع لها، وحددت شروطاً للأمر بتنفيذه، فإنها لم تحدد القاضي المختص بإصدار الأمر بالتنفيذ ولا إجراءات استصداره. وقد قضت المادة 1/3 من اتفاقية نيويورك بأن يتم تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية "طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقاً للشروط المنصوص عليها في المواد التالية". ويتضح من هذا النص أن الاتفاقية قد تركت لكل دولة حرية تحديد قواعد المرافعات الإجرائية التي تراها مناسبة للتنفيذ، على أن يتم هذا التنفيذ في ضوء الشروط الموضوعية المنصوص عليها في المواد التالية للمادة 1/3 من الاتفاقية، وتحديداً المادة الخامسة .

   ويتضمن التشريع المصري الحالي نوعين من النصوص:

   الأول: هو ما ينص عليه الفصل الرابع من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 المتعلق بـ "تنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الرسمية الأجنبية" (المواد من ٢٩٦ إلى 301). وتنص المادة ٢٩٩ على أن "تسري أحكام المواد السابقة على أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي".

   الآخر: هو ما ينص عليه قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة 1994 في المواد 9 و 56 و 57 و58 منه.

ثالثاً: أسباب رفض التنفيذ:

   ورد تحديد هذه الأسباب في مادة مطولة، هي المادة الخامسة من الاتفاقية، وتنص على أنه "1 - لا يجوز رفض الاعتراف بالقرار وتنفيذه، بناء على طلب الطرف المحتج ضده بهذا القرار، إلا إذا قدم ذلك الطرف إلى السلطة المختصة التي يطلب إليها الاعتراف والتنفيذ ما يثبت:

أ - أن طرفي الاتفاق المشار إليه في المادة الثانية كانا، بمقتضى القانون المنطبق عليهما، في حالة من حالات انعدام الأهلية، أو كان الاتفاق المذكور غير صحيح بمقتضى القانون الذي أخضع له الطرفان الاتفاق أو إذا لم يكن هناك ما يشير إلى ذلك، بمقتضى قانون البلد الذي صدر فيه القرار؛ أو

ب – أن الطرف الذي يحتج ضده بالقرار لم يخطر على الوجه الصحيح بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان لأي سبب آخر غير قادر على عرض قضيته؛ أو

ج - أن القرار يتناول خلافا لم تتوقعه أو لم تتضمنه شروط الإحالة إلى التحكيم، أو أنه يتضمن قرارات بشأن مسائل تتجاوز نطاق الإحالة إلى التحكيم، على أن يراعي في الحالات التي يمكن فيها فصل القرارات المتعلقة بالمسائل التي تخضع للتحكيم عن المسائل التي لا تخضع له أنه يجوز الاعتراف بجزء القرار الذي يتضمن قرارات تتعلق بمسائل تخضع للتحكيم وتنفيذ هذا الجزء؛ أو

د - أن تشكيل هيئة التحكيم أو أن إجراءات التحكيم لم تكن وفقا لاتفاق الطرفين أو لم تكن، في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق، وفقا لقانون البلد الذي جرى فيه التحكيم؛ أو

 

هـ -  أن القرار لم يصبح بعد ملزما للطرفين أو أنه نقض أو أوقف تنفيذه من قبل سلطة مختصة في البلد الذي صدر فيه أو بموجب قانون هذا البلد.

2 – يجوز كذلك رفض الاعتراف بقرار التحكيم ورفض تنفيذه إذا تبين للسلطة المختصة في البلد الذي يطلب فيه الاعتراف بالقرار وتنفيذه:

 

أ - أنه لا يمكن تسوية موضوع النزاع بالتحكيم طبقا لقانون ذلك البلد؛ أو

ب - أن الاعتراف بالقرار أو تنفيذه يتعارض مع السياسة العامة لذلك البلد".

 

رابعاً: وقف خصومة الأمر بتنفيذ احكام التحكيم الأجنبية:

   وفقاً للمادة السادسة من اتفاقية نيويورك للسلطة المختصة المطروح أمامها الحكم - إذا رأت مبررا . أن توقف الفصل في هذا الحكم إذا كان قد طلب إلغاء الحكم أو وقفه أمام السلطة المختصة المشار إليها في الفقرة (هـ) من المادة السابقة. ولهذه السلطة أيضاً بناء على التماس طالب التنفيذ أن تأمر الخصم الآخر تقديم تأمينات كافية".

    ويرمي هذا النص إلى تسكين المطلوب ضده أمر التنفيذ من تعطيل صدور الأمر إذا كان هناك دعوى قد رفعت في بلد المنشأ ترمي إلى بطلان حكم التحكيم أو وقف تنفيذه، حتى لا يتحمل تنفيذ حكم قد يبطل أو يوقف تنفيذه في بلده.

     ووفقاً لهذا النص، يجوز للمحكمة التي تنظر طلب الأمر بالتنفيذ أن توقف الخصومة في طلب الأمر بالتنفيذ. ويشترط للحكم بهذا الوقف:

1 – أن يطلبه المدعي عليه، فليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

2- أن يكون المدعي عليه قد طلب من المحكمة المختصة في البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم إلغاء هذا الحكم أو وقف تنفيذه، أو أن يكون هذا الوقف قد ترتب بقوة القانون في هذا البلد، وفقاً للمادة الخامسة /هـ من الاتفاقية. ويلاحظ أن النص يكتفي بأن يكون المدعي عليه طلب الأمر بالتنفيذ قد طلب من المحكمة المختصة في البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم إلغاء هذا الحكم أو وقف تنفيذه. فلا يشترط أن يكون قد صدر فعلاً حكم بالبطلان أو وقف التنفيذ.

3- أن يكون هناك مبرر لهذا الوقف. كما لو كان يترتب على تنفيذ حكم المحكمين ضرر جسيم بالمحكوم عليه.

   ويدخل الوقف في السلطة التقديرية للقاضي المطلوب منه الأمر بالتنفيذ ليقدر مدى الأضرار التي تصيب المحكوم عليه من الأمر بالتنفيذ، وجدية طلب البطلان أو الوقف في بلد المنشا. فإذا رأت جسامة الضرر أو جدية الطلب فإنها تقضي بوقف خصومة الأمر بالتنفيذ.

   ويجوز للمحكمة إذا أمرت بالوقف أن تلزم المدعي عليه - بناء على طلب المدعي - تقديم تأمين كاف لتغطية الأضرار التي تصيب المدعي من جراء تأخير التنفيذ نتيجة لهذا الوقف.

 

    ولما كانت نصوص هذه الاتفاقية قد أصبحت بانضمام مصر إليها جزءاً من القانون المصري، فإن هذه الشروط تكون واجبة الاحترام على قدم المساواة مع ما ينص عليه القانون المصري في هذا الشأن.

    ويلاحظ أنه لا يقع على عاتق طالب الأمر بالتنفيذ عبء إثبات ما نصت عليه المادتان الرابعة والخامسة من اتفاقية نيويورك من شروط. فقد قلبت اتفاقية نيويورك عبء الإثبات، وألقت على المدعي عليه عبء إثبات وجود سبب يبرر رفض الاعتراف بالحكم أو تنفيذه، كما خولت المحكمة للقضاء من تلقاء نفسها برفض الطلب إذا توافرت بعض الأسباب .