التنفيذ / اجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / فاعلية القضاء المصري في مسائل التحكيم التجاري الدولي / التنظيم القانوني لتنفيذ احكام التحكيم الاجنبية
اولاً :تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفق اتفاقية نيويورك
اتفاقية نيويورك عملت على التقريب بين الشروط التي تضعها الدولة التنفيذ أحكام التحكيم الداخلية وتلك الشروط التي تضعها الدولة نفسها لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة الثالثة على أنه "لا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعاً بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنية". وهذا ما يطلق عليه البعض بمبدأ "المعاملة الوطنية"؛ وهو يعني التزام الدول الموقعة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم ومعاملتها عند تنفيذها وفقا لقواعد المرافعات السارية فيها دون تمييز أو إخضاع هذه الأحكام الأجنبية الشروط أكثر تشدداً أو لرسوم أكثر تكلفة ملحوظة عن الشروط الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية. وتأتي الاتفاقية في المادة الرابعة منها لفرض شروط يتعين على من يطلب الاعتراف بالحكم أو تنفيذه مراعاتها. من هذا المنطلق السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هل شروط الاتفاقية المنصوص عليها في المادة الرابعة هي التي تطبق وحدها أم نضيف إليها الشروط الواردة في المادة (۲۹۸) من قانون المرافعات؟
وتطبيقا لهذا قضت محكمة النقض المصرية بأنه "وإذا كانت المادة (301) من قانون المرافعات تنص على أنه إذا وجدت معاهدات بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات، وكانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك 1958 ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون التحكيم. لما كان ذلك وكانت الاتفاقية المشار إليها لم تتضمن نصا يقابل ما جرى به نص المادة - (1/43) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 من أنه في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفي بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن يثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية بإنه لا على الحكم المطعون فيه عدم إعمال هذا النص "
ويتعين على من صدر حكم التحكيم لصالحه أن يرفق بطلب تنفيذ هذا الحكم المستندات التالية:
أ) أصل الحكم أو نسخة معتمدة منه.
ب) أصل اتفاق التحكيم أو نسخة معتمدة منه.
ج) تقديم ترجمة رسمية أو معتمدة أو بواسطة مترجم بعد حلفه اليمين وذلك إذا كان الحكم صادرها بلغة غير لغة الدولة المطلوب تنفيذ الحكم فيها والشيء نفسه بالنسبة لاتفاقية التحكيم.
وفق المادة (۲۹۷) من قانون المرافعات ينعقد الاختصاص بهذا الطلب للمحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها ويرفع إليها بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى وذلك على أساس إننا بصدد حكم تحكيم صادر في الخارج ولا يخضع القانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994.
وعندما تتصدى هذه المحكمة لطلب التنفيذ ليس لها أن تبحث عما إذا كان هناك خطأ في تحصيل الوقائع أو في فهم وتطبيق القانون أو عدم ملاءمة المحكم من علمه فهي ليست جهة استئناف .
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية نيويورك قد أقرت مبدأ - على خلاف المتعارف عليه في التشريعات الوطنية - إعفاء طالب التنفيذ من عبء الإثبات وألقت علی عاتق من يريد المعارضة في التنفيذ عبء إثبات توافر حالة من الحالات الواردة في المادة (5) من الاتفاقية حتى يتسنى للقاضي رفض طلب التنفيذ.
وهذه الحالات هي:
1- عدم أهلية أحد الخصوم وفقاً للقانون الواجب التطبيق على الأهلية أي قانون الجنسية وفقا للقانون المصري.
2- بطلان اتفاق التحكيم بسبب آخر غير نقص الأهلية وفقا للقانون الذي اختاره الخصوم (قانون الإرادة) ووفقا لقانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم إذا لم يتفق الخصوم على اختيار قانون آخر.
فالاتفاقية قد فرقت فيما يختص بالقانون الواجب التطبيق بين عدم صحة اتفاق التحكيم لنقص أهلية أحد الأطراف أو عدم صحته لأي سبب آخر. مقررة بترك تحديد القانون الواجب التطبيق بالنسبة للحالة الأولى إلى قاعدة التنازع التي يفرضها القانون الواجب التطبيق على الأطراف.
3- الإخلال بحق الدفاع: طبقا لنص المادة (1/5/ب) من الاتفاقية يتحقق هذا السبب حالة عدم إعلان المحكوم عليه إعلانا صحيحا بإجراءات التحكيم وتعيين المحكم أو استحال عليه لسبب آخر تقديم دفاعه".
4- مخالفة تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم لاتفاق الأطراف أو القانون الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق.
5- عدم اكتساب الحكم الصفة الإلزامية أو صدور أمر بإلغائه أو إيقافه من السلطة المختصة في البلد الذي تم فيه التحكيم أو وفقا للقانون الذي صدر الحكم بموجبه ويكون للسلطة المطلوب منها إصدار الأمر بالتنفيذ وقف الفصـل فـي الطلب ولها أن تأمر المحكوم عليه بتقديم ضمان مالي.
ثانيا تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفق قانون المرافعات
وقد عالج قانون المرافعات المصري تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الصادرة في الخارج في المواد من (296: 299) من قانون المرافعات إذ نصت المادة (296) من قانون المرافعات على أن: "تسري أحكام المواد (291: 299) التي تنظم تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية على أحكام التحكيم الصادرة في بلد أجنبي بشرط أن يكون صادرا في مسألة يجوز التحكيم فيها وفقا للقانون المصري".
وبالرجوع إلى ما قررته المادة (296) من قانون المرافعات فيما يتعلق بقواعد تنفيذ الأحكام الصادرة في بلد أجنبي حيث يجوز الأمر بتنفيذها. طبقا لمبدأ المعاملة بالمثل أي تنفيذ تلك الأحكام بالشروط المقررة نفسها في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام المصرية.. وهذا ما أكدته اتفاقية نيويورك في المادة الأولى منها.
فتنفيذ أحكام المحكمين الصادرة في الخارج لا تخضع لحكم قانون التحكيم، إنما تخضع لقواعد وأحكام قانون المرافعات مع احترام المعاهدات التي انضمت إليها مصر في هذا الشأن ومراعاة مبدأ المعاملة بالمثل.
الضوابط التي يتعين مراعاتها قبل إصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في مصر:
1.التحقق من عدم اختصاص المحاكم المصرية بالمنازعة محل الحكم المراد تنفيذه في مصر والتحقق من اختصاص هيئة التحكيم التي أصدرته: أي أن على القاضي أن يتأكد من اختصاص المحاكم الأجنبية بإصدار الحكم الأجنبي المراد تنفيذه .
2. مراعاة احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم وعدم الإخلال بحق الدفاع فيتعين التحقق من أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم الأجنبي قد كلفوا طبقا لقانون هذا البلد تكليفاً صحيحاً ومثلوا في الدعوى تمثيلاً صحيحاً.
3. أن يكون حكم التحكيم الأجنبي حائزاً لقوة الأمر المقضي وذلك حسب قانون البلد الذي صدر فيه الحكم أو القانون الذي صدر بموجبه.
4. ألا يتعارض حكم التحكيم الأجنبي المراد تنفيذه في مصر مع حكم أو أمر سبق صدوره من المحاكم المصرية وعدم تضمينه ما يخالف النظام العام والآداب العامة في مصر.