إن دعوى بطلان قرار التحكيم التجاري الدولي يجب أن تحدد بمدة لضمان استقرار التعاملات واستقرار الأحكام وعدم جعلها معلقة وقابلة للطعن في أي وقت شأنها في ذلك شأن الاحكام القضائية حيث حددت للاخيرة مدد حتمية للطعن لايجوز مخالفتها وسوف نتناول في المقصد الأول ميعاد رفع دعوى البطلان ونتناول في المقصد الثاني المحكمة المختصة وسلطتها بنظر دعوى البطلان .
ولما كانت دعوى البطلان ترفع من ذي صفة وفقا للقواعد العامة الا أن ذا الصفة يختلف باختلاف سبب البطلان . فإذا كان سبب البطلان خروج المحكمين عن سلطاتهم المقررة وفقا للاتفاق ، فلكل طرف من أطرافه التمسك بالبطلان ، كذلك إذا كان السبب هو بطلان الاتفاق على التحكيم لنقض أهلية أحد المتعاقدين ، فإن الدعوى ترفع من قبل هذا المتعاقد من دون غيره كذلك يكون لكل طرف التمسك بالبطلان في حالة تعلق البطلان بالنظام العام .
وقد بين قانون المرافعات المدنية العراقي رقم ٨٣ لسنه ١٩٦٩ المعدل إجراءات الطعن التي يجب على الطاعن سلوكها بالطعن بقرار التحكيم ، من خلال رفع دعوى البطلان والتي يجب أن يكون من الشخص الذي له مصلحة في رفعها ، أي الشخص الذي خسر القضية التحكيمية ولم يقتنع بقرار التحكيم الذي أصدره المحكمون كلا أو جزءا .
كما جاءت المادة (۱۷۳) من القانون ذاته وهي تبين إجراءات الطعن بالاحكام بصورة عامة ، وحيث ان قرار المحكمين لا يخرج عن نطاق الأحكام القضائية فأنه يخضع للإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات المدنية بخصوص الطعن بالأحكام .
حيث ألزمت المادة (۱۷۳) أعلاه أن يكون الطعن بعريضة ، ويلزم أن يذكر الطاعن فيها الحكم المطعون به وتاريخه والمحكمة التي أصدرته ورقم الدعوى التي صدر فيها ويلزم كذلك أن يبين أسباب الطعن من قبل الطاعن في ذلك الحكم بشكل واضح ومحدد ، ويلزم أن يوقع الطعن من قبل الطاعن او من يمثله قانونا مع ذكر المحل الذي · يختاره الطاعن لغرض التبليغ ، وإذا ما تخلف شرط من الشروط المذكورة في عريضة الطعن فيمكن أن يكون سببا لردها إذا تعذر إكمال هذا النقص.
نص المادة ۱۷۳ من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ والتي نصت على انه (( ۱ - يكون الطعن على الحكم بعريضة تشتمل على أسباب الطعن وبيان المحل الذي يختاره الطاعن لغرض التبليغ والحكم محل الطعن وتاريخه والمحكمة التي أصدرته. ٢- يعتبر دفع الر مبدأ الطعن . ٣- يجب على الطاعن أن يقدم مع مرفقات العريضة صورا منها يبلغ بها الخصوم وتجري التبليغات وفقا للقانون )).
ومما لاشك ان يؤخذ على قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ هو عدم قيام المشرع بتحديد موعد تتم فيه أو خلاله إقامة دعوى البطلان وذلك خلافا لبعض التشريعات العربية الأجنبية في هذا الخصوص .
وكذلك جاء في القانون المصري للتحكيم رقم ٢٧ لسنه ١٩٩٤ بخصوص حالة الاتفاق المسبق على نزول الخصم عن حقه في رفع دعوى البطلان ضد قرار الحكم قبل صدوره فأن المشرع المصري قد عالج الموضوع بشكل مغاير للمشرع العراقي، فقد حظر على الإطراف الاتفاق على التنازل عن الطعن بالحكم الصادر عن المحكمين. إذ لا يعتد بوجوده إذا مأتم الطعن بالحكم بالبطلان وهذا ما جاءت به المادة (٥٤ /۱) من القانون أعلاه والتي تنص :" على ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوما التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول
وبناء على ذلك فإن أي تنازل من الخصوم عن الحق في طلب البطلان قبل صدور حكم التحكيم لا يعتد به أما إذا صدر التنازل بعد صدور قرار التحكيم فأنه يعتد به ولا تقبل دعوى البطلان اذا رفعها الخصم المتنازل عنها.
كذلك أشار قانون التحكيم الأردني رقم (۳۱) لسنة ۲۰۰۱ فيما يخص دعوى البطلان، فقد تلافى المشرع الأردني فيه الكثير من النقص الذي كان قائما في ظل القانون القديم رقم (١٤) لسنة ١٩٥٣. فقد نصت المادة (٥٠) على أنه ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تبليغ حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم".
يتضح من نص المادة أعلاه أن المشرع الأردني نص على مدة الثلاثين يوما وذلك لتقديم الطعن ، وبذلك فقد عالج الخلل الذي كان في ظل قانون التحكيم القديم رقم (١٤) لسنة ۱۹٥٣ ، الذي لم يشترط ميعادا معينا لرفع الدعوى . كما يلاحظ أن المشرع الأردني قد اختلف في تقصيره لمدة الطعن ولم يأخذ بقانون الأونسيترال والذي ينص على مدة ثلاثة أشهر والقانون المصري الذي نص على مدة تسعين يوما.
وكذلك جاء في القانون الليبي أن المدة التي يجوز خلالها الطعن بالحكم حسب المادة (۷۷۰) هي ثلاثون يوما من تاريخ تبليغ الحكم لصاحب الشأن.
وكذلك الحال بالنسبة للقانون الكويتي فتقضي المادة (۱۹۷) بأن مدة الطعن بحكم التحكيم هي ثلاثين يوما تبدأ من إعلان الحكم ، وإذا استندت دعوى البطلان لاسباب إعادة المحاكمة فتبدأ المدة حسب ماهو منصوص عليه في القواعد العامة بالنسبة لتلك الأسباب.
وأما ما جاء في القانون الفرنسي ، فقد سمحت المادة ١٤٤٨ من قانون المرافعات الفرنسي برفع دعوى البطلان من دون اعتبار لأي شرط مخالف مما يعني عدم جواز التنازل المسبق عن دعوى البطلان .