الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / تنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية

  • الاسم

    أ.د فوزي محمد سامي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    359

التفاصيل طباعة نسخ

تنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية

عند امتناع الطرف الذي صدر ضده قرار التحكيم عن تنفيذ القرار في التحكيم الدولي الذي غالبا يكون قد صدر في دولة ما . فإن الطرف الذي صدر القرار لمصلحته سوف يبحث عن طريقة يستطيع بموجبها تنفيذ القرار المذكور لاجبار الخصم على ذلك .

    وكما بينا في المبحث السابق فإن قوانين مختلف الدول تنظم مسألة تنفيذ قرارات التحكيم التي تصدر على اقليمها ولكن عندما يكون الأمر يتعلق بتنفيذ قرار (اجنبي) صدر في اقليم دولة اخرى غير التي يراد تنفيذ القرار فيها تكون امام صعوبات ناتجة عن اختلاف الانظمة القانونية والاجراءات الواجب اتباعها للاعتراف وتنفيذ تلك القرارات. ويجب في هذا الصدد الاشارة الى أنه عندما يتعلق الأمر بقرار اجنبي نجد ان الحديث يتطرق الى الاعتراف والتنفيذ، وهذا ما نجده في نصوص الاتفاقيات الدولية التي تعالج هذا الموضوع كاتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ او اتفاقية جنيف لعام ١٩٢٧. 

    هناك فرق بين الاعتراف بالقرار التحكيمي وبين تنفيذه، فقد يعترف بالقرار ولكن لا ينفذ . ولكن لو نفذ فمن الضروري أن يكون قد تم الاعتراف به من الجهة التي اعطته القوة التنفيذية.

   الاعتراف يعني ان القرار قد صدر بشكل صحيح وملزم للاطراف، والتنفيذ يعني الطلب الى الخصم الذي صدر القرار ضد أن ينفذ ما جاء في القرار التحكيمي، وفي حالة امتناعه يجب اجباره على ذلك بموجب الاجراءات التنفيذية لقانون البلد المراد تنفيذ القرار فيه، وهذه الاجراءات قد تكون بحجز الاموال او بالحبس بالنسبة للاشخاص الطبيعية اما اذا كان المحكوم عليه شخصا معنويا فاجراءات التنفيذ تشمل اموال الشخص المذكور. وفي بعض الاحيان يصار الى مساءلة ممثل الشخص المعنوي، كمدير الشركة التي صدر القرار ضدها اذا ثبتت مسؤوليته.

   ومن اجل طلب الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي في التحكيم التجاري الدولي لابد من اختيار المكان الذي يراد منه الاعتراف بالقرار وتنفيذه. وهذا المكان كما اسلفنا هو البلد الذي توجد فيه اموال وممتلكات واموال موزعة في دول متعددة، ففي هذه الحالة يكون لطالب التنفيذ اختيار المكان الاكثر ملاءمة للاعتراف بالقرار وتنفيذه. 

   وتتم اجراءات الاعتراف والتنفيذ وفقا للقواعد التي تنظم هذه الامور ويمكن تقسيم القواعد التي تحدد تلك الاجراءات بالنسبة للقرارات التحكيمية الاجنبية كالآتي:

 1- الاتفاقيات الدولية الجماعية

2- الاتفاقيات الثنائية

3- القوانين الوطنية

اولا: تنفيذ القرارات التحكيمية بموجب الاتفاقيات الدولية الجماعية

وهناك اتفاقيات اخرى في هذا المجال تطرقنا اليها في الفصل الأول من هذا المؤلف لتعريف القارئ بنصوصها ولكننا في مجال الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي الاجنبي، لا بد أن نشرح ما جاءت به تلك الاتفاقيات التي ساهمت في جعل القرارات التحكيمية الدولية ممكنة التنفيذ في الدولة غير تلك التي صدرت فيها . فليس هناك اهم من امكانية تنفيذ القرارات التحكيمية دوليا ذلك لان المكان الذي صدر فيه القرار قد يتم اختياره بسبب ملاءمته للاطراف دون ان يكون للطرف الذي صدر ضده القرار اموال او ممتلكات في الدولة التي تم اختيارها كمكان  للتحكيم وصدر القرار فيها، ولهذا فإن الطرف الذي صدر القرار لصالحه يبحث عن الدولة التي يكون لخصمه فيها اموال وممتلكات يمكن التنفيذ عليها .

    وفيما يأتي نبحث بايجاز ما جاءت به اهم الاتفاقيات الدولية حول الاعتراف وتنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية فإذا كانت الدولة المراد تنفيذ القرار التحكيمي فيها طرفا في احدى الاتفاقيات التي سنورد احكامها فيما يأتي فعندئذ لا بد من اتباع احكام تلك تلك الاتفاقية ، وفي حالة سكوت الاتفاقية المذكورة عن معالجة امر ما فعندئذ يصار الى اتابع القواعد القانونية لتلك الدولة.

    ان الاتفاقيات الدولية التي تعالج موضوع الاعتراف والتنفيذ هي اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷، اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ ، واتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٥، يضاف اليها الاتفاقيات التي عقدت بين الدول العربية والتي تضمنت نصوصا تتعلق بتنفيذ القرارات التحكيمية كاتفاقية تنفيذ الاحكام لعام ١٩٥٢ واتفاقية الرياض للتعاون القضائي لعام ۱۹۸۳ ، واتفاقية عمان للتحكيم التجاري لعام ۱۹۸۷.

    ان اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ الخاصة بتنفيذ احكام التحكيم الاجنبية تهدف الى الاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية في الدول المتعاقدة بالنسبة للقرارات الصادرة بناء على اتفاق التحكيم وفقا لما جاء في بروتوكول جنيف لعام ١٩٢٣ الذي كان ينص على تنفيذ القرارات التحكيمية التي تصدر في الدولة المراد التنفيذ فيها، لكن اتفاقية جنيف ذهبت الى ابعد من ذلك فنصت على الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي في اقليم اية دولة من الدول الاطراف في الاتفاقية . ويشترط في القرار ان يكون :

1- قد صدر بناء على اتفاق تطبق عليه احكام بروتوكول ۱۹۲۳.

2- قد صدر في دولة من الدول الاطراف في اتفاقية جنيف.

3- ان تكون اطراف النزاع خاضعة لقضاء احدى الدول الاطراف في الاتفاقية.

   ويتم الاعتراف وتنفيذ القرار وفقا للقواعد الاجرائية المعمول بها في الدولة المراد تنفيذ القرار فيها .

    كما ان الاتفاقية المذكورة استوجبت توافر بعض الشروط الاخرى لكي يمكن الحصول على الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي وقد اشرنا الى تلك الشروط عند بحثنا في المادة الاولى من هذه الاتفاقية .

    اما اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ والتي اشرنا اليها ايضا في الفصل الاول من هذا المؤلف وقلنا انها تعتبر احسن ما توصل اليه المجتمع الدولي في مجال الاعتراف وكيفية تنفيذ القرار وبموجب اجراءات مبسطة وواضحة، قد تحل محل اتفاقية جنيف وبروتوكول جنيف بالنسبة للدول الاطراف في تلك الاتفاقيتين عندما تصبح طرفا في اتفاقية نيويورك وقد سبق ان ذكرنا ان تلك الاتفاقية قد وجدت قبولاً واسعا من قبل غالبية دول العالم ولا أدل على ذلك من أن عدد الدول المنضمة اليها قد اصبح في منتصف عام ۱۹۹۰ ، ثلاثاً وثمانين دولة . ونحيل الى ما سبق شرحه من احكام هذه الاتفاقية حول الاجراءات الخاصة بالاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي الصادر في دولة ويراد تنفيذه في دولة اخرى .

    والاتفاقية الدولية الثالثة التي لها اهمية خاصة في مجال التحكيم التجاري الدولي هي اتفاقية واشنطن لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات بين الدول ومواطني الدول الاخرى لعام ١٩٦٥ . وقد سبق ايضا القول بأن هذه الاتفاقية قد خطت خطوة متقدمة في مجال الزامية قرارات التحكيم الدولي وقوتها التنفيذية. هذه المسألة التي تعتبر من اهم المعضلات التي تواجه من يحصل على قرار تحكيمي في احدى الدول ويريد تنفيذه في دولة اخرى والامر الذي يميز هذه الاتفاقية عن غيرها ان القرار التحكيمي الذي يصدر وفق احكامها يكون كما جاء في الفقرة الأولى من المادة (٥٤) نهائيا وواجب التنفيذ من الدول المنضمة الى الاتفاقية، كما لو كان الامر يتعلق بتنفيذ حكم صادر من محاكم تلك الدول. ولا يجوز الطعن في القرار التحكيمي الا امام لجنة خاصة تشكل لهذا الغرض في مركز التحكيم الذي مقره في واشنطن. 

    اما عن الاتفاقيات العربية فقد اشرنا عند دراستنا لها الى الاحكام الخاصة بكيفية الاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية التي تصدر في دولة عربية ويراد تنفيذها في دولة عربية اخرى منضمة الى احدى تلك الاتفاقيات، ويلاحظ ان هذه الاتفاقيات وان كانت دولية الا انها تقتصر على الدول العربية الاعضاء في جامعة الدول العربية. وقد وجدنا ان الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري لعام ۱۹۸۷ قد جاءت باحكام مفصلة للتحكيم وانها جعلت قرارات التحكيم الصادرة بموجبها تنفذ في الدول الاعضاء بشكل يماثل ما جاءت به اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٥.

    ولا بد من التأكيد على أن جميع الاتفاقيات الآنفة الذكر قد تركت اجراءات تنفيذ القرار التحكيمي الى القواعد القانونية للبلد المراد تنفيذ الحكم فيه، وتسود هذه الاتفاقيات فكرة حصر رقابة المحكمة او الجهة التي تضفي الصفة التنفيذية على القرارات التحكيمية على مراجعة القرارات لمعرفة استيفائها للشروط الشكلية وان القواعد الاجرائية قد طبقت، كما ان المبادئ الخاصة بحق الاطراف في الدفاع ومعاملتهم على قدم المساواة قد تم احترامها .

ثانياً: تنفيذ القرارات التحكيمية بموجب الاتفاقيات الثنائية

    قد تشترك الدولة مع دولة اخرى في اتفاقية تنص على تنفيذ قرارات التحكيم التي تصدر في احدى الدولتين في الدولة الثانية الطرف في الاتفاقية. وغالبا ما نجد الاحكام الخاصة بتنفيذ القرارات التحكيمية ضمن نصوص الاتفاقيات التي تعالج مسائل التعاون القضائى بين البلدين ومن هذه المسائل تنفيذ الاحكام القضائية وتنفيذ القرارات التحكيمية في احدى الدولتين وهناك امثلة عديدة على مثل هذه الاتفاقيات بين الدول، مثال ذلك ما جاء في معاهدة التعاون القضائى والقانوني المعقودة بين الجمهورية العراقية واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية المصادق عليها بالقانون رقم ١٠٤ لسنة ١٩٧٣.

    عالجت هذه الاتفاقية في الفصل الثالث منها مسألة الاعتراف بالأحكام وتنفيذها (المواد ١٤-١٩) وقد نصت المادة الرابعة عشرة على قابلية الاعتراف وتنفيذ الاحكام النهائية الصادرة في احد البلدين من البلد الآخر. والمادة الخامسة عشرة اشارت الى عدم جواز أن تقوم السلطة المختصة في الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها بالبحث في موضوع الدعوى ولا ان ترفض التنفيذ الا لاسباب عددتها في فقراتها الاربع. اما المادة السادسة عشرة التي تعنينا في هذا البحث وتتعلق بتنفيذ قرارات المحكمين فقد جاء نصها كالآتي: مع مراعاة ما ورد في المادتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من هذه المعاهدة، لا تملك السلطة المطلوب إليها تنفيذ حكم محكمين صادر من دولة الطرف المتعاقد الآخر، اعادة النظر في موضوع الدعوى التي صدر منها الحكم، وانما لها ان ترفض طلب تنفيذ حكم المحكمين المرفوع اليها في الاحوال التالية:

1- اذا كان قانون الطرف المطلوب اليه تنفيذ الحكم لا يجيز حل الموضوع النزاع عن طريق التحكيم.

2- اذا لم يكن حكم المحكمين صادرا تنفيذا الشرط او لعقد تحكيم صحيحين. 

3- اذا كان المحكمون غير مختصين طبقا لشرط او لعقد التحكيم او طبقا للقانون | الذي صدر قرار المحكمين بمقتضاه.

4- اذا كان الخصوم لم يبلغوا بالحضور على الوجه الصحيح.

5- اذا كان في حكم المحكمين ما يخالف النظام العام أو الآداب في الدولة المطلوب اليها التنفيذ. وهي صاحبة السلطة في تقدير كونه كذلك. وعدم تنفيذ ما يتعارض منه مع النظام العام أو الآداب فيها .

6- إذا كان حكم المحكمين ليس نهائيا في الدولة التي صدر فيها .

     ويلاحظ ان هذه الاسباب تكاد تكون مماثلة للاسباب التي نصت عليها المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ والتي يجوز الاستناد اليها في رفض الاعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي الاجنبي . علما بأن الاتحاد السوفيتي قد انضم الى اتفاقية نيويورك في ٢٤ آب ۱۹٦۰ أما العراق فكما نعلم لم ينضم الى الاتفاقية المذكورة.

    وبينت المادة السابعة عشرة المستندات والوثائق التي يجب على طالب التنفيذ تقديمها مع طلبه الى السلطة المختصة في البلد المراد تنفيذ القرار فيه . واعتبرت المادة الثامنة عشرة ان الاحكام التي يتقرر تنفيذها من قبل السلطة القضائية للطرف المطلوب اليه التنفيذ لها نفس القوة التنفيذية التي للاحكام الصادرة من السلطة القضائية للطرف المذكور.

   وهناك مثال اخر على تنفيذ قرارات التحكيم بموجب الاتفاقيات الثنائية وهو ما جاء في الاتفاقية المسماة بـ (اتفاقية بشأن المساعدة المتبادلة بين الجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة الموقع عليها في القاهرة في اليوم الأول من كانون الاول (ديسمبر) ١٩٦٤ والتي صادق عليها العراق بالقانون رقم (١٩٤) لسنة ١٩٦٤ . 

    فقد نصت المادة (۲٥) على أنه «تسري بالنسبة الى احكام المحكمين النهائية والسندات الرسمية الصادرة في احدى الدولتين القواعد المقررة في هذه الاتفاقية بالنسبة لتنفيذ الاحكام اذا كانت قابلة للتنفيذ في الدولة التي صدرت فيها». 

    أما المادة (۲۷) فقد قررت بأن « تتولى السلطات المختصة في الدولة المطلوب اليها تنفيذ الحكم... اجراء التنفيذ وفقا لقواعد التنفيذ المنصوص عليها في قانونها». كما بينت المادة (۱۹) الشروط التي يجب ان تتوافر بالحكم لكي يتم الاعتراف به. 

    ولعل من المفيد ان نشير الى مثال اخر من الاتفاقية الثنائية التي جاء في احداها ما يفيد بأن قرارات لجنة التحكيم تكون ملزمة للطرفين ولم تعالج كيفية تنفيذ تلك القرارات الامر الذي يترك لقواعد القانون الوطني، وهذا هو ما جاء في الاتفاقية الاقتصادية المعقودة بين حكومة الامارات العربية المتحدة وحكومة الجمهورية التونسية الموقعة في ١٩٧٤/٨/٥ فقد نصت المادة (۱۲) منها على حسم المنازعات بواسطة لجنة تحكيم بينت كيفية تشكيلها في الفقرة (ب)، اما في الفقرة (د) من المادة المذكورة فقد نصت على انه : تعتبر قرارات لجنة التحكيم ملزمة للطرفين المتعاقدين .

     نخلص مما تقدم أن هناك سمات او قواعد اتسمت بها نصوص الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم والتي عالجت مسائل الاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية في البلدان المنضمة الى تلك الاتفاقيات كما يأتي:

1- نصت الاتفاقيات الدولية صراحة على ان السلطة المختصة في الدولة المراد تنفيذ القرار الاجنبي فيها لا تملك البحث في موضوع النزاع الذي صدر بشأنه القرار التحكيمي وانما لهذه السلطة عند الطلب منها أن تضفي صيغة تنفيذية على القرار ان تدققه من الناحية الشكلية ومدى صحته من الناحية القانونية ولها ان ترفض الاعتراف بالقرار المذكور او ترفض تنفيذه اذا تحققت احدى الاسباب التي نصت عليها تلك الاتفاقيات في هذا الصدد. 

    فقد جاء في المادة (۳) من اتفاقية تنفيذ الاحكام بين دول الجامعة العربية انه « لا تملك السلطة المطلوب اليها تنفيذ حكم محكمين صادر من احدى دول الجامعة العربية اعادة فحص موضوع الدعوى الصادر فيها حكم المحكمين المطلوب تنفيذه...» وبعد ذلك قررت المادة (۳۷) من اتفاقية الرياض للتعاون القضائى بأنه لا يجوز للهيئة القضائية المختصة لدى الطرف المتعاقد المطلوب اليه التنفيذ ان تبحث في موضوع التحكيم ولا ان ترفض تنفيذ الحكم الا في حالات عددتها المادة المذكورة على سبيل الحصر. 

اما الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري فقد الزمت المحكمة المختصة ( المحكمة العليا) لدى كل دولة متعاقدة باضفاء الصفة التنفيذية على قرارات هيئة التحكيم ولا يجوز رفض الأمر بالتنفيذ الا اذا كان القرار مخالفا للنظام العام (المادة ٣٥ من الاتفاقية) وهذا يعني ان المحكمة المختصة ليس لها سلطة النظر في موضوع النزاع الذي صدر من اجله القرار التحكيمي وانما تدققه فقط من ناحية مدى اتفاقه مع قواعد النظام العام في البلد المراد تنفيذ القرار فيه.

2- تركت الاتفاقيات الدولية المسائل الاجرائية لتنفيذ القرار التحكيمي الى قانون الدولة المراد تنفيذ القرار فيها. وقد عينت بعض الاتفاقيات المحكمة المختصة التي يطلب اليها الامر بتنفيذ قرار التحكم كما هو الحال في الاتفاقيات العربية للتحكيم التجاري. 

3- ذكرت بعض الاتفاقيات الوثائق والمستندات التي يجب ان يرفقها مع طلبه الطرف الذي يطلب تنفيذ القرار الى الجهة المختصة في الدولة المراد التنفيذ فيها. (المادة ٤) من اتفاقية جنيف ۱۹۲۷ ، والمادة (٩٤) من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨، والمادة (٥٤) من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٥ ، والمادة (٥) من اتفاقية تنفيذ الاحكام بين دول الجامعة العربية والمادة (٣٧/هـ) من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي ويلاحظ أن الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري لم يرد فيها ما يشير الى الوثائق والمستندات التي يجب تقديمها من قبل طالب التنفيذ الى السلطة المختصة. وفي هذا الصدد أوضحت المذكرة التوضيحية لمشروع الاتفاقية ان « الوثائق التي يجب ارفاقها بالقرار عند تقديمه الى المحكمة العليا تحددها التشريعات الوطنية. 

4- عددت الاتفاقيات الدولية الاسباب التي يمكن للطرف الذي صدر قرار التحكيم ضده او للجهة المختصة رفض الاعتراف ورفض تنفيذ القرار التحكيمي وهذه الاسباب قد جاءت على سبيل الحصر كما ان الاتفاقيات المذكورة عددت ايضا الاسباب التي يمكن فيها طلب ابطال القرار. وسوف نبحث في ذلك بالتفصيل في الصفحات المقبلة. 

ثالثاً: تنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية بموجب القوانين الوطنية 

    يمكن تقسيم القوانين الوطنية في هذا المجال الى ثلاثة اقسام: القسم الاول منها جاء بنصوص خاصة حول كيفية الاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية. مثال ذلك قانون اصول المحاكمات المدنية اللبنانية الذي عالج موضوع تنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة خارج لبنان او القرارات الدولية تحت البند ثانيا من القسم الثاني من القانون المذكور وتحت عنوان التحكيم الدولي المواد ۸۱٤-۸۲۱)، وكذلك فعل قانون جيبوتي للتحكيم الدولي في المادة (۲۲) منه والقانون الفرنسي في المواد (١٤٩٨-١٥٠٧) والقانون الهولندي في المادة (١٠٧٦).

   اما القسم الثاني من القوانين فهو الذي سكت عن معالجة امر تنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية كما هو الحال في القانون العراقي. حيث لا يوجد في القوانين العراقية نص يعالة كيفية تنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية وهذا ما سنبحثه عند الكلام عن تنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية في العراق.

    والقسم الثالث من القوانين هو الذي نص على معاملة القرارات التحكيمية الاجنبية معاملة الحكم القضائى الاجنبي ونذكر على سبيل المثال القانون التونسي حيث جاء في المادة (۲۷۷) من قانون المرافعات المدنية والتجارية 

   يجب ان يصدر حكم المحكمين داخل التراب التونسي والا اتبعت في شأنه القواعد المقررة للاحكام الصادرة في بلد اجنبي وقد عالج الباب الثاني من القانون المذكور مسألة تنفيذ الاحكام الاجنبية : ويلاحظ ان القانون التونسي يأخذ بمبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة لتنفيذ الأحكام الاجنبية المادة) (۳۱۹) كذلك الحال بالنسبة لقانون المرافعات الليبي فقد جاء نص المادة (٧٦١) مماثلا لنص المادة (۲۷۷) من القانون التونسي. وهذا النص نجده حرفيا في المادة (٥٢٨) من قانون اصول المحاكمات السوري ويضاف الى هذه القوانين القانون المصري الذي جعل النصوص التي وردت في الفقرة الرابعة منه والخاصة بتنفيذ الاحكام والاوامر الصادرة في بلد اجنبي تسري على احكام المحكمين الاجنبية المادة (۲۹۹) وعليه فإن قرارات التحكيم الاجنبية تعامل بنفس الطريقة التي يصار الى اتباعها عند تنفيذ الاحكام القضائية الاجنبية، ويجد ايضا مبدأ المعاملة بالمثل مكانا له في هذا المجال في القانون المصري (المادة (۳۰۰)، علماً بأن مصر من الدول التي انضمت الى اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ احكام التحكيم الاجنبية.