الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية / الكتب / الوسيط في النظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم / التصدي لطلب إستصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي والفصل فيه

  • الاسم

    د. عاشور مبروك
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    508
  • رقم الصفحة

    266

التفاصيل طباعة نسخ

 التنفيذ وفقا لقانون المرافعات فإننا نكون بصدد خصومة حضورية بطبق بشأنها كافة قواعد الخصومة القضائية من الإعلان والحضور والغياب.

لأن موضوع دعوى طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي هو الأمر ذاته وإسباغ القوة التنفيذية للحكم المراد تنفيذه في جمهورية مصر العربية أيا كان النظام المتبع.

سلطة المحكمة أثناء تصديها لطلب استصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم المراد تنفيذه في مصر فإننا ننوه بداية إلى مسلك المشرع المصري وموقنه الذي يحسب له بشأن مدى إمكانية استخدام التحفظات سالفة الذكر.

إن المحكمة لا تستطيع رفض طلب التنفيذ لوجود خطأ في تحصيل الوقائع أو في فهم وتطبيق القانون أو عدم ملامسة الحكم، فهي ليست بجهة استئناف وإنما ينحصر مجال اختصاصها في إصدار الأمر التنفيذ أو رفض الطلب.

 الاتفاقية الرفض إلا إذا أثبت الخصم المراد التنفيذ ضده أو القاضي الذي يتصدى لنظر الدعوى من تلقاء نفسه، توافر حالة من حالات الرفض التى عددتها المادة الخامسة من الاتفاقية على سبيل الحصر.

محكمة النقض حيث قضت بأن نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية مفاده اعتراف كل دولة منضمة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقا لقواعد المرافعات المتبعة فيها ما لم يثبت المحكوم ضده توافر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل الحصر في المادة 1/5 من الاتفاقية أو يتبين للقاضي أنه لا يجوز الالتجاء إلى التحكيم أو أن تنفيذ الحكم مخالف للنظام العام.

رعاية لمصالح كافة الأطراف فإن بإمكان المحكمة أن تأمر بتنفي جزء معين من الحكم وذلك في حال توافر الشروط اللازمة للأمر بالتنفية بالنسبة لهذا الجزء شريطة أن يكون هذا الجزء قابلا للفصل عن باقي اجزاء الحكم.

حيث تأمر المحكمة في هذه الحالة بتنفيذ الأجزاء غير المتعارضة دون الجزء، وكذلك الحال إذا تجاوزت هيئة التحكيم الشق المتفق على حله بطريق التحكيم وتصدت للموضوع بأكمله وكان الموضوع مما يقبل التجزئة، كما يجوز بداية استصدار الأمر بالتنفيذ في مواجهة بعض.

فإذا انتهت المحكمة إلى أن طلب الأمر بالتنفيذ مستوف لكافة الشروط المطلوبة قانونا وأصدرت أمرها بالتنفيذ على الوجه سالف الذكر، فإن هذا الأمر ليس بكاف لمباشرة التنفيذ الجبرى بواسطة الأفراد المختصين بمباشرته في جمهورية مصر العربية، وكل ما في الأمر هو أن ينزل حكم التحكيم الأجنبي منزلة الحكم القضائي الوطني.

 

حالات رفض تنفيذ أحكم التحكيم الأجنبية:

أولا : حالات رفض تنفيذ حكم التحكيم بناء على طلب أحد أطراف التحكيم:

 المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها فإنه لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الإعتراف والتنفيذ الدليل على :

١- نقص أهلية أحد الخصوم وفقا للقانون الواجب التطبيق على الأهلية:

 وإذا كانت الاتفاقية قد أساءت التعبير حينما تطلبت عدم أهلية أطراف الاتفاق مما يمكن حمله على أن الاتفاقية تتطلب فعلا وجوب إنعدام أهلية كلا الطرفين لرفض تنفيذ حكم التحكيم، في حين أن الرفض بمكن أن لبنى أيضا على مجرد نقص أهلية أحد طرفي الاتفاقية، فيحمد لها أنها - أحالت إلى القانون الذي يطبق عليهم لمعرفة نقص اهلية أحد أطراف الأتفاق من عدمه، وهي بذلك تكون قد تجنبت الجدل الذي دار بين مجموعة الدول اللاتينية ومجموعة الدول الأنجلو سکسونية من حيث القانون المعتبر في ذلك أهو قانون الجنسية.

 ۲- بطلان إتفاق التحكيم - لسبب آخر غيرنقص الأهلية - وفقة للقانون الذي اختاره الخصوم (قانون الإراده)، ووفقا لقانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم إذا لم يتفق الخصوم على إختيار قانون آخره:

 يجب على الخصم الذي يعترض على تنفيذ حكم التحكيم أن يثبت للمحكمة المطلوب منها تنفيذ الحكم بطلان إتفاق التحكيم لسبب آخر غیر نقص الأهلية كاقتران الرضا بغش أو غلط أو تدليس.

 قد فرقت فيما يختص بالقانون الواجب التطبيق بين عدم صحة إتفاق التحكيم لنقص أهلية أحد الأطراف أو عدم صحته لأي سبب آخر مقررة ترك تحديد القانون الواجب التطبيق بشأن الحالة الأولى إلى قاعدة التنازع التي يفرضها القانون الواجب التطبيق على الأطراف ، في حين تركت الاتفاقية تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع إتفاق التحكيم إلى قاعدة التنازع.

٣- الإخلال بحقوق المدعى عليه في الدفاع :

 من أسباب رفض تنفيذ حكم التحكيم التي عددتها الفقرة ب من البند رقم 1 من المادة الخامسة من إتفاقية نيويورك هو أن الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلان صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه.

4- فصل المحكم في أمر لم يتفق عليه أو تجاوز الإتفاق.

5- عدم صحة تشكيل المحكمة التحكيمية أو الإجراءات التحكيمية:

 إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة الذي جعلته اتفاقية نيويورك يسمو على غيره من الاعتبارات الأخرى فإنه بإمكان الخصم الذي صدر حكم التحكيم ضده أن يعترض على تنفيذه إذا أثبت للمحكمة المطلوب منها التنفيذ أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه الأطراف أو القانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق (م ۱/5/د من الاتفاقية)، وهكذا فالمرجع في تحديد صحة تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم هو القواعد التي اتفق أطراف التحكيم على تطبيقها صراحة أم ضمنأ، أما في حال عدم اتفاقهم فيكون المرجع في ذلك هو قانون الدولة التي تم فيها التحكيم، وبعبارة أخرى فإن قانون الدولة التي يجرى فيها التحكيم يلعب دورة احتياطية وذلك في حال سكوت الأطراف أو في حال عدم اتفاقية بصفة كلية على القواعد التي تحكم تشكيل المحكمة أو الإجراءات التحكيمية.

  اتفاق الأطراف على قانون الدولة التي يجری التحكيم على أرضها فإن بعض الفقهاء يرى أنه لا يجوز الاستناد في رفض التنفيذ إلى دفع مؤداه أنه رغم صحة تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم.

 6 - عدم صيرورة الحکم ملزمة أو إبطاله أو إيقافه :

 المادة الخامسة من إتفاقية نيويورك فإنه لا يجوز تنفيذ حكم التحكيم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إذا أقام الدليل على أن الحكم لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته أو أو قننته السلطة المختصة في البلد التي فيها أو التي بموجب قانونها صدر الحكم.

·عدم صيرورة حكم التحكيم ملزما:

 بداية أن استعمال لفظ ملزم يثير الخلط واللبس وذلك لأن حكم التحكيم بمجرد إصداره يكون ملزمة، وذلك لحيازته لحجية الطعن المقضى التي ثبتت له دون توقف على اتخاذ إجراء آخر ، فحكم التحكيم حكم قطعى لأنه حسم نزاعة شأنه شأن الحكم القضائي، ومن المسلمات أن الحجية القضائية التي تثبت له تحول دون عرضه من جديد مرة أخرى أمام هيئة تحكيم أو أية محكمة قضائية أخرى حتى ولو قدمت في الخصومة الجديدة أدلة وافية أو أسانيد قانونية لم يسبق إثارتها في خصومة التحكيم وهذا ما يعبر عنه بالأثر السلبي للحجية.

ولذا فإن بعض الفقهاء يقول بحق إن الأعمال التحضيرية للاتفاقية تعطى إجابة وتوضيحا للمقصود باستعمال لفظ نهائي مفادها أن المقصود بعدم صيرورة الحكم مسر ما هو عدم صيرورته انتهائي بأن كان الحكم ما زال قابلا للطعن عليه بإحدى طرق الطعن العادية سواء أمام هيئة تحكيمية للدرجة الثانية أو أمام محكمة قضائية في الدولة التي صدر فيها الحكم . وبعبارة أخرى يقصد بعدم صيرورة الحکم ملزمة للأطراف عدم صيرورته انتهائية وذلك لعدم حيازته للقوة التنفيذية في الدولة التي صدر فيها.

1.تلافي الحصول على أمرين لتنفيذ الحكم حيث أن اتفاقية جنيف العام ۱۹۲۷ التي حلت محلها اتفاقية نيويورك كانت تستخدم لفظ نهائی - وبالتالي كانت تلقي على طالب التنفيذ عبء إثبات نهائية الحكم التحكيم في الدولة التي.

۲- إيجاد حل وسط يعطى كل دولة الحق في تفسير إلزام الحكم التفسير المناسب بها، ووجه ذلك أن النظام القانوني يختلف من دولة لأخرى التشريعات بعض الدول منها ومصر تقرر عدم قابلية الحكم التحكيمى للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن عادية كانت أم غير عادية، ولذا وصف بعض الفقهاء حكم التحكيم بالبتية .

 إن التفرقة بين طرق الطعن العادية وغير العادية تفرقة غير معروفة في دول القانون العام، بل إن النظام يختلف من دولة لأخرى في داخل دولة القانون المدني حيث تتطلب بعض الدول أن يكون الحكم الصادر في بلد أجنبي قابلا للتنفيذ، ولذا فضلت الاتفاقية استخدام لفظ ملزم بدلا من لفظ النهائي الذي يعني عدم قابلية الحكم للطعن عليه بالطرق العادية، ولذا يقول بعض الفقهاء إن المقصود من لفظ ملزم الوارد بالاتفاقية هو أن الحكم يصير ملزمة لأطرافه بانقضاء ميعاد الطعن العادي ضد الحكم في الدولة.

ب- أن حكم التحكيم قد أبطل أو أوقف تنفيذه:

 الكمال لله وحده فإن حكم التحكيم الذي هو من عمل البشر قد يحكم ببطلانه او بإلغائه من الجهة المختصة بذلك وبالتالي تزول حجينه الفضائية وهذا ما حرصت اتفاقية نيويورك على تأکیده . إلا أنه حرص على تحقيق الأهداف المبتغاة من تنظيم التحكيم واللجوء إليه .

 إذا لم يتم البت في طلب البطلان أو الوقف فإن المحكمة لا تملك رفض التنفيذ في هذه الحالة لأنها لا تندرج ضمن الحالات التي عددتها المادة الخامسة على سبيل الحصر ، فكل ما يجوز لها أن توقف الفصل في طلب تنفيذ الحكم - حتى الفصل فيه - إذا وجدت مبررا ذلك.

 ولا يتوقف الحذر بل تجيز الاتفاقية تطالب التنفيذ أن بطلب من المحكمة في حالة أمرها بوقف الفصل في طلب التنفية بصفة مؤقتة أن تلزم خصمه بتقديم الضمانات الكافية لكفالة حقوقه خلال تلك الفترة.

وبصدد الغاية المبتغاة من وقف التنفيذ يقول بعض الفقهاء ووقف التنفيذ لا يعني رفض هذا التنفيذ وإنما قد تأمر به المحكمة إذا وجدت مبررات معقولة تؤيد احتمال وجود أحد أسباب رفض تنفيذ تنفيذ الحكم، ويفيد وقف التنفيذ في هذه الحالة إعطاء من صدر الحكم ضده مهلة لإثبات وجود إحدى حالات رفض تنفيذ الحكم متى كان من شأن الأمر بتنفيذ الحكم إضاعة فرصته في إثبات إحدى هذه الحالات.

ولا يتوقف بل يشترط الإجابة الطالب إلى مطلبه أن يصدر الحكم بالإبطال أو الوقف من السلطة المختصة في البلد التي فيها أو التي بموجب قانونها صدر الحكم.

قد أحسنت صنعا بالنسبة لحالة ما إذا كان الحكم قد أبطل أو أوقف تنفيذه حيث خصتها بقاعدة إسناد موحدة تشير إلى تطبيق قانون الدولة التي صدر الحكم على إقليمها أو وفق قانونها إلا أنه يؤخذ عليها أنها لم تورد أسبابا خاصة للبطلان وبالتالي فإنه يجوز رفض التنفيذ أيا كان السبب الذي يبرر البطلان.

يری أن الاتفاقية أضافت عبارة لا يری سعة لها وذلك حينما نصت على جواز رفض التنفيذ إذا أثبت الخصم أن الحكم أو أوقفته السلطة المختصة التي بموجب قانونها صدر الحكم، حيث يرى أن الدولة التي يطبق قانونها على المنازعة موضوع الحكم ليس لها علاقة فيه من حيث كونه حکماً أو من حيث قابليته للتنفيذ إلا إذا كان الحكم قد صدر فيها أو كان مطلوبا فيها تنفيذه، أما مجرد کون قانونها قد طبق على موضوع حكم التحكيم فليس لقانونها في آلية إصدار الحكم أو تنفيذه أي أثر، وبذلك فلا يكون هناك داع لذكرها في العبارة أحمد السيدان، تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفقا للقانون الكويتي صفحة 53).

ولذا فإن القضاء الفرنسي لم يأبه بطلب وقف تنفيذ نقدم إليه من المحكوم عليه مستندا إلى اتفاقية نيويورك مقررا أن القانون الفرنسي لا يتضمن مثل هذه الحالة خاصة وأن اتفاقية نيويورك لا تحرم أي طرف من حقه في الاستفادة بحكم من أحكام التحكيم بالكيفية وبالقدر المقرر في تشريع أو معاهدات البلد المطلوب إليها تنفيذه.

وكذلك الحال فإن القضاء الأمريكي قرر أن الخطأ الذي ارتكب لا يكفي وفقا للقانون الأمريكي للإحالة دون تنفيذ حكم التحكيم الذي حكم ببطلانه في مصر، ولذا أجاز تنفيذه في أمريكا، وفي المقابل فإن القضاء الأمريكي رفض الاعتراف بحكم مصري تم تصحيحه بواسطة القضاء المصري وذلك على أساس أن الحكم المذكور يتعارض مع القواعد الأساسية التي يجب مراعاتها بالنسبة لأحكام التحكيم الأمريكية النهائية.

ثانيا : حالات رفض المحكمة تنفيذ حكم التحكيم من تلقاء نفسها:

 خلافا للحالات السابقة فإن هذا النوع من حالات الرفض يقع عبء إثباته على المحكمة نفسها، ولذا فإنه يجب عليها من تلقاء نفسها أن تتحقق من تخلفها باعتبارها شروطه سلبية لإصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي. على أن هذا لا يعني أنه ليس بإمكان من صدر ضده حكم التحكيم أن يطلب من المحكمة أن ترفض إصدار الأمر بالتنفيذ لتوافر إحدى حالتيه.

حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتقنية إذا تبين لها :

أ- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم.

ب- أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في.

وقبل أن نعرض لبيان هاتين العبارتين فإنه ينبغي التنويه إلى أن التعبير يجوز للسلطة، لا يعني أن رفض التنفيذ بالنسبة لهاتين الحالتين يدخل في إطار السلطة التقديرية للمحكمة، وإنما المقصود منه أن هذه المكنة التقديرية تعلق بثبوت المخالفة.

 فإنه إذا كان بعض الفقهاء يرى إدراج الحالة الأولى ضمن الحالة الثانية وهي مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني في الدولة المطلوب فيها التنفيذ وذلك على أساس أن الحالة الأولى تمثل جزءا من الحالة الثانية، فإننا نرى مع الجانب الآخر أن الاتفاقية قد أحسنت صنعا بإفرادها لكل من هاتين الحالتين نصا خاصة، وذلك لأنه لا يمكن القول بأن كل أحكام التحكيم التي تنصب على موضوعات غير قابلة للتسوية بطريق التحكيم تعد مخالفة في نفس الوقت للنظام العام.

١- عدم قابلية النزاع للتسوية بطريق التحكيم:

 سبق وأن ذكرنا أن المادة الخامسة ۲/ من اتفاقية نيويورك العام ۱۹۵۸ تجيز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها تنفيذ حكم التحكيم أن ترفض تنفيذه من تلقاء نفسها إذا تبين لها أنه حكم في مسألة لا يجيز قانونها الوطني تسوية النزاع بشأنها عن طريق التحكيم.

 المسائل القابلة للتحكيم وبالتالي إمكانية تنفيذ الحكم الأجنبي أو عدم تنفيذه سوف يتم تبعا للقانون الوطني للدولة التي سيجري التنفيذ على إقليمها فإن الأمر سوف يختلف من دولة لأخرى تبعا لضيق هذه القابلية أو اتساعها وهذا سوف يؤدى إلى مفارقة عجيبة فقد يقبل الأطراف على تسوية نزاع فيما بينهم بطريق التحكيم على أرض دولة لا تمانع من حله بالطريق السلمي ثم يفاجأ بعد ذلك الخصم الذي صدر الحكم لصالحه بان قانون الدولة التي سيجرى التنفيذ على أرضها يقضي بخروج هذه المسالة من نطاق المسائل التي يجوز حلها بطريق التحكيم وبالتالي فإنه سوف لا يتمكن من تنفيذه جبرا.

التضارب فلقد اقترح بعض الفقهاء إعداد قائمة تلحق بالاتفاقية تتضمن المسائل التي تجوز تسويتها بطريق التحكيم، إلا أن إعمال هذا الاقتراح يبدو صعبة لأن المسائل التي تقبل الحل بالتحكيم، أو التي لا تقبل لیست معروفة تماما في كل الدول، كما أنه بإمكان الدول أن تتمسك بأن الأمور التي يجوز حلها بواسطة التحكيم هي فقط المنصوص عليها في القائمة المقترحة مما سيؤدي إلى تضييق نطاق التحكيم وفي ذلله من الضرر مالا يخفى.

 في النهاية للقانون الوطني للدولة التي سيجرى التنفيذ على أرضها في القضاء الوطني في غالبية الدول قد حاول تيسير تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية من خلال التفسير الضيق لحالات الرفض، كما أن الفقه من جانبه قد حاول هو الآخر أن يقطع العروة الوثقى بين النظام العام وقابلية النزاع للتحكيم مقررة جواز عرض النزاع على التحكيم رغم تعلقه بالنظام العام ما دامت هذه الأحكام لا تشكل خرقا للنظام العام.

۲- تعارض تنفيذ الحكم مع النظام العام :

 الدور الذي يلعبه القانون الوطني لدولة التنفيذ على ما سبق التعرض له من قبل، بل يمتد أيضا إلى إمكانية رفض تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إذا كان متعارضة مع النظام العام في الدولة.

 وإذا كان النظام العام في إطار القانون الدولي الخاص هو بمثابة أداة استثنائية تسمح بعدم تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إذا قدرت المحكمة مخالفة هذا الحكم لمقتضيات النظام العام الدولى.

إزاء هذه المخاوف فقد حاول كل من الفقه والقضاء والتشريع الوطني التمييز بين النظام العام الوطني والنظام العام الدولي كما هو الحال بالنسبة للتشريع الفرنسي فوفقا للمادة ۱۵۰۲ من قانون المرافعات الفرنسي الجديد يقتصر نطاق رقابة القاضي المطلوب منه تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي على فحص ما إذا كان تنفيذ هذا الحكم يخالف النظام العام الدولي في فرنسا وليس النظام العام الداخلي كما هو الحال بالنسبة للتحكيمات الداخلية والتي.

ونظرا لأن غالبية التشريعات لا تنص صراحة على التمييز بين النظام الماد الداخلي والنظام العام الدولي كما هو الحال بالنسبة لقانون التحكيم المصري واتفاقية نيويورك للتحكيم فقد حرص كل من الفقه والقضاء على تكريس هذا التمييز وتوضيحه.

مثال:

 حرصت المحاكم الأمريكية على الأخذ بالتفسير الضيق لفكرة النظام العام حتى لا يقف عقبة أمام تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، ولذا " فقد انتهت المحكمة إلى رفض ما استندت إليه الشركة الأمريكية أوفرسیز يتعارض حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع النظام العام في الولايات المتحدة الأمريكية مقررة أن الشركة خلطت بين فكرة النظام العام وبين المصلحة الوطنية ونبهت إلى خطورة أخذ المحاكم الأمريكية بالتفسير الواسع لفكرة النظام العام الواردة في اتفاقية نيويورك حيث يتعين تفسيرها تفسيره ضيقة على رفض تنفيذ أحكام التحكيم التي.

 الفقه من جانبه هو الأخر لم يدخر جهدا في تحديد المقصود بالنظام العام الدولي والتحذير من التوسع في استخدامه حيث عرفه البعض بأنه مجموعة من القوانين والمعايير والتي تخضع لها الدول التحكيم ذو الطابع الدولي والتي.

مدى إمكانية تنفيذ الحكم الذي يتضمن ما يخالف النظام العام في جزء منه دون بقية الأجزاء الأخرى و لقد تصدى لهذا التساؤل بعض الفقهاء مقررة أنه بالرغم من أن الاتفاقية لم تورد إمكانية ذلك صراحة كيا فعلت بشأن حال خروج حكم التحكيم عن الاتفاق، فإنه يرى يحق جوان دل طالما أمكن فصل الجزء المخالف للنظام العام عن باقي الحكم كما هو الحال في تجاوز حدود الفوائد القانونية في العقود التجارية.