الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اجراءات تنفيذ احكام التحكيم الداخلية / الكتب / دور القضاء في منازعات التحكيم في القانونين اللبناني والعراقي (دراسة مقارنة) / إجراءات تنفيذ قرار التحكيم وفقا للقوانين الوطنية

  • الاسم

    الدكتور / طلال محمد كاظم الزهيري
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    300

التفاصيل طباعة نسخ

إجراءات تنفيذ قرار التحكيم وفقا للقوانين الوطنية

  إجراءات تنفيذ القرار التحكيمي تختلف من دولة إلى اخرى وبحسب قانونها الوطني الخاص بالتحكيم. ففي القانون اللبناني والعراقي يجب استصدار أمر بتنفيذ القرار التحكيمي من المحكمة المختصة بنظر النزاع .

إجراءات تنفيذ قرار التحكيم وفقا للقانون اللبناني

   خلصت المواد (۷۹۳ - ۷۹۷) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني، إلى أن قرار التحكيم لا يكون قابلا للتنفيذ إلا بعد اكتسابه الصيغة التنفيذية. ولغرض تنفيذ قرار التحكيم الداخلي يجب إيداع أصل القرار لدى الغرفة الابتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم المحدد في اتفاق التحكيم، أو المقرر من هيئة التحكيم فعليا، وإلا لدى الغرفة الابتدائية في بيروت ويرفق بأصل القرار صورة من اتفاق التحكيم مصدقا عليها بمطابقتها للأصل من قبل هيئة التحكيم، أو أي سلطة رسمية مختصة كأن يكون كاتب المحكمة بعد اطلاعه على أصل الاتفاق.

   وبعد إيداع قرار التحكيم يحرر كاتب المحكمة محضرا به يدون بالمحضر البيانات الأساسية المتعلقة بالإيداع، كاسم الشخص المودع والحكم الذي تم إيداعه، أو أسماء المحكمين والخصوم وتاريخ القرار. وبناء على طلب أحد الخصوم واطلاع رئيس المحكمة على الطلب المقدم له وعلى القرار ومرفقاته يصدر الأمر بالتنفيذ، ويوضع هذا الأمر على نسختين من قرار التحكيم احداهما يبقى في ملفات المحكمة والثاني يسلم للطرف الذي تقدم بطلب التنفيذ وذلك لمتابعة اجراءات التنفيذ.

   والمحكمة المختصة تكون امام خيارين أما ان تعطي الامر بالتنفيذ أو ترفضه، في حال اعطاء الأمر بالتنفيذ وهذا ما جاءت به المادة (٧٩٥) أ م م اللبناني على أنه "لا يكون القرار التحكيمي قابلا للتنفيذ إلا بأمر على عريضة يصدره رئيس الغرفة الابتدائية التي أودع أصل القرار في قلمها بناء على طلب من ذوي العلاقة وذلك بعد الاطلاع على القرار واتفاقية التحكيم. 

   اذا كان النزاع موضوع التحكيم من اختصاص القضاء الاداري تعطى الصيغة التنفيذية من قبل رئيس مجلس شورى الدولة، وفي حال رفضها يعترض على قراره لدى مجلس القضايا.

    وباكتساب القرار الصيغة التنفيذية على هذا النحو، لا يعني أن القرار أصبح قابلا للتنفيذ الفوري ما لم يكن القرار معجل التنفيذ. وما عدا ذلك يبقى القرار قابلا للطعن بطريق الاستئناف أو الابطال من طرف المحكوم عليه وله اختيار أحد طريقين، أولهما أن يتقدم بطعنه خلال ثلاثين يوما من تبليغه الحكم المعزز بالأمر بالتنفيذ، والثاني يصبح الحكم قطعيا وقابلا للتنفيذ الفوري. وفي كلا الحالتين يرفع الطعن لمحكمة الاستئناف الصادر فيها الحكم والتي يكون من اختصاصها مكانيا حسب أحكام القانون، وقرار الاستئناف سواء كان بالتصديق على القرار المعطى الأمر بالتنفيذ أو رفضه. يخضع القرار في كلتا الحالتين للطعن أمام محكمة التمييز.

   ويرى الكاتب أن المشرعَينِ اللبناني والعراقي قد وضعا الخصوم في ندم أو أسى وخيبة أمل لإلتجائهم للتحكيم كطريق يحقق مبتغاهم في السرعة والسرية لفض نزاعهم وهو مالا يتصف به القضاء، وذلك عندما أجازا طرق الطعن في القرار التحكيمي، وإلا كان بإمكانهم عرض نزاعهم على القضاء من أول وهلة، والانتظار سنة أو سنتين أو أكثر حتى يصدر القضاء حكمه في موضوع النزاع ولا عجب أن طرق الطعن القانونية أيا كان نوعها تتسبب في تأخير البت في موضوع النزاع. فيأمل الكاتب على المشرعين اللبناني والعراقي اختصار طرق الطعن في القرار التحكيمي على دعوى بطلان القرار فقط، وذلك تماشيا مع مزايا التحكيم وخاصة منها السرعة، وتحقيق الرقابة القضائية على القرار التحكيمي.

   أما رفض إعطاء الأمر بالتنفيذ يستدل من نص المادة (٧٩٦) أن الرئيس المحكمة صلاحية رفض إعطاء الأمر بتنفيذ قرار التحكيم إذا توفرت فيه احد اسباب البطلان المنصوص عليها في المادة (۸۰۰) من القانون، وتم دراسة أسباب بطلان قرار التحكيم سابقا فمن غير المناسب التكرار والذي يجب الاهتمام به أن أسباب البطلان التي تتعلق بالنظام العام تؤدي إلى رفض اعطاء الأمر بالتنفيذ أما الأسباب التي تتعلق بحقوق الخصوم فلا دخل للمحكمة فيها لاحتمال أن الطرف المعني قد يكون تنازل عن حقه فيها فلا يريد الطعن بالحكم ومع ذلك أعطى لرئيس الغرفة الابتدائية صلاحية عدم تنفيذ القرار .

   ويستدل من نص المادة (۸۰٦) إلى أنه عندما يصدر رئيس المحكمة الابتدائية قراراً برفض التنفيذ، يكون هذا القرار معرضا للطعن بطريق الاستئناف خلال ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ القرار للمحكوم له في قرار التحكيم وفي هذه الحالة يكون المحكمة الاستئناف أن تنظر بناء على طلب الخصوم في الأسباب التي تذرع بها الخصوم ضد قرار التحكيم بطريق الاستئناف أو الابطال، ولكل من طرفي الخصومة الإدلاء بالأسباب التي تحول دون تنفيذ القرار بالنسبة لاحدهما والأسباب التي يستند اليها لطلب تنفيذه بالنسبة للآخر. فبالنسبة إلى المحكوم له الذي رفض طلبه بتنفيذ الحكم لسبب ما سيستأنف قرار رئيس المحكمة والمحكوم عليه قد يستأنف القرار أيضا بالرغم من أنه لصالحه ولكن لأسباب أخرى لم يوردها قرار عدم التنفيذ.

   الحالة الأولى: أن يصدر القرار التحكيمي، ولا يتم ايداعه لدى المحكمة الابتدائية ويقوم المحكوم عليه باستئنافه حيث يكون ذلك جائزاً، أو الطعن ببطلانه أمام محكمة الاستئناف، إلا أن المحكمة في أي من الحالتين أو كليهما ترفض الطعن به. فاذا أصبح قرار الاستئناف قطعيا إما لعدم تمييزه أو بتمييزه إلا أن محكمة التمييز ردت الطعن ينفذ الحكم القضائي القطعي عندئذ وكأنه تنفيذ لقرار التحكيم، وفي هذه الحالة لا موجب لإيداع الحكم ما دام لم يتم ايداعه قبل الطعن به استئنافا أو بالبطلان ويصبح الايداع عندئذ لا معنى له. 

   الحالة الثانية: أن يتم إيداع قرار التحكيم ويعطى الصيغة التنفيذية تبعا لذلك ولا يتم الطعن به استئنافاً، أو بالبطلان خلال المدة المحددة لذلك وهي ثلاثون يوما من تبليغ الطرف المعني بقرار رئيس المحكمة الابتدائية باكتساب القرار صيغة التنفيذ.

   الحالة الثالثة: أن يستأنف الطرف المعني، قرار التحكيم بعد تبليغه بقرار رئيس المحكمة بأمر تنفيذ القرار ويرد الطعن الاستئنافي، فيصبح قرار الاستئناف قطعيا كما في الحالة الأولى.

إجراءات تنفيذ قرار التحكيم وفقا للقانون العراقي

    إن تنفيذ قرار التحكيم من قبل دائرة التنفيذ هو أن يطلب الخصم الذي صدر القرار لصالحه المحكوم له من الخصم المقابل ( المحكوم عليه) تنفيذ قرار التحكيم طوعاً (اختياري)، فإن رفض التنفيذ جاز للمحكوم له أن يلجأ الى قضاء الدولة لتحقيق التنفيذ الإجباري، حيث أجاز المشرع العراقي للمحكوم له الاستعانة بقوات الشرطة القضائية أو المحلية لإجباره على التنفيذ.

  ويقدِّمُ المحكوم له طلباً لتنفيذ قرار التحكيم وفقاً لقانون المرافعات المدنية العراقي ولا يُقبَلُ هذا الطلب إلا إذا قُدَّمَ بعد انقضاء ثلاثة أيام على صدور القرار وتسليمه إلى المحكمة المختصة بنظر النزاع وهي المدة المحددة بنص المادة (۲۷۱) من قانون المرافعات المدنية بعد أن يصدر المحكمون قرارهم على الوجه المتقدم يجب عليهم إعطاء صورة منه لكل من الطرفين وتسليم القرار مع أصل اتفاق التحكيم إلى المحكمة المختصة بالنزاع خلال ثلاثة الايام التالية لصدوره وذلك بوصل يوقع عليه كاتب المحكمة".

   وتبدأ اجراءات التنفيذ بإعطاء المحكم أو هيئة التحكيم صورة من القرار لكل من الطرفين وتسليم القرار مع أصل اتفاق التحكيم إلى المحكمة المختصة بنظر النزاع خلال الأيام الثلاث التالية لصدور القرار بموجب وصل يوقع عليه كاتب المحكمة ويسلم إلى المحكم يثبت تسليمه للقرار التحكيمي .

   ونصت المادة (۲۷۲) من قانون المرافعات المدنية : "١ - لا ينفذ قرار المحكمين لدى دوائر التنفيذ سواء كان تعيينهم قضاء أو اتفاقا ما لم تصادق عليه المحكمة المختصة بالنزاع بناء على طلب أحد الطرفين وبعد دفع الرسوم المقررة. ۲ - لا ينفذ قرار المحكمين إلا في حق الخصوم الذين حكموهم وفي الخصوص الذي جرى التحكيم من أجله".

   وتأسيسا على ذلك فأن استلام كاتب المحكمة قرار التحكيم وإيداعه للمحكمة لا يعني أن هذه المحكمة ستباشر بتصديق القرار تلقائيا وإنما يتوجب تقديم طلب من أحد الاطراف إلى المحكمة بعد دفع الرسوم المقررة، حيث أن القانون لم يشترط تقديم طلب التصديق من الطرف الذي صدر القرار لمصلحته، فيجوز تقديم الطلب من الطرف الذي صدر القرار ضده، على أن يقوم طالب التنفيذ بدفع الرسوم المقررة قانونا، 

   وتتَّجه المحكمة المختصة بنظر النزاع إلى تصديق القرار التحكيمي عندما ترى ان هيئة التحكيم قد اتبعت الاجراءات الاصولية طبقا لشرط التحكيم، وبذلك قضت محكمة التمييز الاتحادية على أنَّه : "لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه صحيح وموافق للقانون، ذلك لأن المميز عليه المدعي سبق وان قدم طلبا إلى محكمة بداءة الكرخ بتعيين محكمين لتصفية مقاولة عقد تجهيز ونصب معمل انتاج الجبس في منطقة الكرمة الفلوجة لحساب المميز المدعى عليه عن طريق التحكيم عملا بأحكام البند التاسع من العقد المتفق عليه بتاريخ ٢٠١١/٥/٢٥ وصدر قرار التحكيم بالعدد ١ / تحكيم / ۲۰۱٤ من ثلاثة محكمين بتاريخ ٢٠١٤/١١/٦، ولم يحضر المميز إجراءات التحكيم وتلافي إجراءات المرافعة في هذه الدعوى، وحيث ان المحكمة قد اتبعت الإجراءات الأصولية طبقا لشرط التحكيم الوارد في العقد، عملا بأحكام المادة (۲۱٥) من قانون المرافعات المدنية، لذا يكون طلب المدعي تصديق قرار التحكيم له سند من المادة (۲۷۲) من القانون المذكور، حيث اذا نفذ العقد كان لازما ولا يجوز لاحد المتعاقدين الرجوع عنه ولا تعديله إلا بمقتضى نص في القانون أو بالتراضي ويجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق بما يوجبه حسن النية كما تقضي بذلك المادتان ١٤٦ و ١٥٠ من القانون المدني، وعليه تكون الطعون التمييزية . غير واردة فتقرر ردها وتصديق الحكم البدائي وتحميل المميز رسم التمييز

  وبينت المادة (۲۷۳) من قانون المرافعات على أنه وبعد تقديم قرار التحكيم إلى المحكمة المختصة، فإنه يجوز للخصوم أن يتمسكوا ببطلانه، وللمحكمة أن تقضي بالبطلان حتى لو لم يتمسك به الخصوم وجعل القانون هذا المجال الرحب لتحقيق اعتراضات الأطراف ومراقبة القضاء لقرار التحكيم وفسح المجال لذوي الشأن في إثارة أوجه البطلان في القرار وما يشوب اتفاق التحكيم من عيوب أو الادعاء ببطلانه أو سقوطه أو بانتهاء مدة التحكيم المحددة أو مخالفة القرار لقاعدة موضوعية أو إجرائية من قواعد النظام العام أو الآداب أو لخطأ جوهري في القرار أو في الاجراءات التي بني عليها القرار أو لقيام سبب من أسباب إعادة المحاكمة التي تقوم على الغش مما يفسد القرار، ومن حق المحكمة أن تثير أسباب البطلان من تلقاء نفسها .

   ويحق للمحكمة بعد عرض النزاع عليها أن تصدق أو تبطل القرار كلا أو بعضا ولها السلطة التقديرية الواسعة وبإمكانها فحص القرار من الناحية الموضوعية والشكلية وتصدر قرارها المناسب إما بإبطال القرار كليا أو جزئيا وهذا لا يمنعها من إعادة القضية مرة ثانية إلى هيئة التحكيم لتفصل في النزاع واصلاح ما شاب قرارها من عيوب أدت إلى بطلان القرار، أو أن تنظر هي بالنزاع عندما تكون القضية صالحة للنظر من قبل المحكمة وتصدر قرارها المناسب. 

    وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز الاتحادية العراقية : "... أما بصدد الطعن التمييزي لوكيل المستأنف عليه / اضافة لوظيفته فلتقديمه ضمن المدة القانونية ولاشتماله على أسبابه قرر قبوله شكلا ولدى عطف النظر على الحكم المطعون به تبين أنه غير صحيح لمخالفته أحكام المادة (٢٧٤) من قانون المرافعات المدنية ذلك لأن محكمة الاستئناف وان اتبعت قرار النقض الصادر عن هذه المحكمة بعدد ١٠٠٢ / الهيئة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۱ في ۲۰۱۱/۸/۳ ورأت أن القضية صالحة للفصل فيها ففصلت في النزاع بنفسها إلا أنها لم تبطل قرار التحكيم كلا أو بعضا كما أنها اتخذت من تقرير الخبراء المهندسين الأحد عشر سببا لحكمها رغم عدم صلاحيته لذلك نظرا لأن العقد موضوع الدعوى من العقود الممولة من منح صندوق البنك الدولي مما يقتضي الاستعانة بخبراء مختصين بهذا المجال لبيان رأيهم في الموضوع وتقديم تقريرهم بهذا الصدد ولصدور الحكم الاستئنافي دون مراعاة ذلك مما أخل بصحته. لذا قرر نقضه وإعادة الدعوى إلى محكمتها لإتباع ما تقدم... ) .

   لم ينص قانون المرافعات المدنية العراقي على وجوب إيداع قرار التحكيم لدى محكمة الاستئناف أي محكمة الدرجة الثانية، واكتفى بالقول بنص المادة (۲۷۳)، أن القرار يودع لدى المحكمة المختصة بنظر النزاع أي محكمة البداءة وهي محكمة الدرجة الأولى التي كانت قد نظرت بالنزاع. 

    وتعد دائرة التنفيذ ومديرياتها في بغداد والمحافظات هي الجهات المسؤولة عن تنفيذ الأحكام القضائية، وقرارات التحكيم الحاصلة على القوة التنفيذية بعد تقديم الطلب من الطرف الذي يرغب بتنفيذ القرار التحكيمي إلى مديرية التنفيذ المعنية.

إجراءات تنفيذ قرار التحكيم التجاري الدولي وفقا للقوانين الوطنية

يُعَدُّ تنفيذ قرار التحكيم التجاري الدولي المرحلة الاخيرة والمهمة التي يمر بها التحكيم وغالباً ما يتم تنفيذ قرار التحكيم اختياريا من قبل الطرف المحكوم عليه لاعتبارات كثيرة يتصدرها إعتبار أن اتَّفاق الاطراف على الالتجاء للتحكيم للفصل في النزاع قد حصل بمحض ارادتهم الحرة وعدم التنفيذ الاختياري للقرار التحكيمي يعتبر منافاة لروح هذا الاتفاق. وكذلك فأن عدم التنفيذ سيضر بسمعته التجارية وعزوف الوسط التجاري عن التعامل معه أو مقاطعته التجارية مستقبلا. لذلك فأن أمام الطرف المحكوم عليه خياران الأول أن يمتثل للقرار الصادر وينفذه اختياريا وهو الأصل في التحكيم أو رفض التنفيذ الاختياري للقرار، وهذا ما يدفع الطرف المحكوم له باللجوء إلى القضاء الوطني في الدولة التي يرغب فيها التنفيذ واتباع الإجراءات القانونية لتلك الدولة طالبا إضفاء الصفة التنفيذية على القرار التحكيمي وإصدار الأمر بالتنفيذ الجبري للقرار ضد الطرف المحكوم عليه.

تنفيذ قرار التحكيم التجاري الدولي وفقا للقانون اللبناني

  أجازتِ المادة (٨١٤) أ. م. م اللبناني لكل من الطرفين (المدعي والمدعى عليه الحصول على الصيغة التنفيذية لقرار التحكيم الدولي بشرط عدم مخالفته للنظام العام الدولي على أن يرفق أصل القرار التحكيمي مع الاتفاق التحكيمي، أو بصور طبق الاصل عن هذين المستندين والوثائق التي يستند عليها مصدقة من هيئة التحكيم، أو من أي سلطة مختصة . واذا كانت هذه المستندات محررة بلغة أجنبية يجب ترجمتها بواسطة مترجم محلف وإيداعها قلم الغرفة الابتدائية وتنطبق عليها اجراءات تنفيذ القرار التحكيمي الداخلي في جميع مراحله. أما اذا كان التحكيم حاصلا في الخارج فيصح تقديم صورة مطابقة للأصل عن القرار التحكيمي الأجل الايداع واعطاء الصيغة التنفيذية .

   وقد اعترف المشرع اللبناني بالقرارات التحكيمية الدولية وافرد لها بابا خاصا في قانون أصول المحاكمات المدنية في الجزء الثاني تحت عنوان ( في تنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية).

   ومن الجدير بالذكر ان الحكم الخاص لاعطاء صيغة التنفيذ لقرار تحكيمي صادر في لبنان لا يقبل أي طعن وانما طريق الطعن فيه هو ابطال القرار التحكيمي فقط، وإذا توافرت اسباب الطعن بالقرار التحكيمي سالفة الذكر .

   ويرى الكاتب أنَّهُ إذا اراد المشرع اللبناني اسناد التحكيم كطريق قانوني بديل للقضاء وتشجيع اللجوء اليه في فض المنازعات وخاصة الاستثمارات الاجنبية وتطوير العلاقات التجارية مع الخارج وتحقيق التنمية المستدامة ان يلغى جميع طرق الطعن ما عدا طريق الطعن بابطال القرار التحكيم الدولي

تنفيذ قرار التحكيم التجاري الدولي وفقا للقانون العراقي

    في العراق يتحتم على الطرف الحاصل على قرار تحكيمي أجنبي أن يلجأ عند تنفيذ هذا القرار إلى القضاء العراقي ليستحصل منه على أمر بتنفيذ القرار. وبصدور هذا الأمر يصبح قرار التحكيم بمثابة الحكم القضائي الوطني العراقي. أما قبل صدور الأمر بالتنفيذ لا يكون القرار الاجنبي قابلا للتنفيذ في العراق .

  والمشرع العراقي لم يضمن قانون المرافعات المدنية أي نص يفيد التحكيم التجاري الدولي فالقانون جاء خاليا من الاشارة إلى كيفية تنفيذ قرارات التحكيم التجاري الدولي، ولم يبين النص مكان إصدار القرار هل هو داخل العراق أم خارجه؟ واي قرار تحكيم يعنيه هل هو قرار التحكيم الصادر من محكم عراقي أم من محكم أجنبي ؟ مما يشكل نقصا وقصورا واضحا في التشريع نأمل على المشرع العراقي تداركه.

   ولا مناص من التساؤل : هل أن قرار التحكيم الأجنبي لا يجد طريقا للتنفيذ في العراق واذا وجد طريقا للتنفيذ ما هي الأحكام التي تدعم تنفيذه، وما هي الخطوات المتبعة التي تؤدي إلى التنفيذ؟ اختلف فقهاء القانون والباحثون في شؤون التحكيم حول مدى انطباق قواعد التحكيم التي تضمنها قانون المرافعات المدنية العراقي رقم ۸۳ لسنة ١٩٦٩ على التحكيم التجاري الدولي الذي يجري خارج العراق .

اولا : نص الفقرة (۱) من المادة (٢٥) من القانون المدني العراقي رقم (٤٠) لسنة 1951 على : يسري" على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا الموطن، فإذا اختلفا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف ان قانونا آخر يراد تطبيقه". 

ثانيا : نص المادة (۳۲) : لا يجوز تطبيق قانون أجنبي قررته النصوص السابقة اذا كانت هذه الاحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في العراق".

ثالثا : نص المادة (١٦٠) : "المطلق" يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة".

رابعاً  : بنص المادة (۱٥/ج) : "يقاضى الأجنبي أمام محاكم العراق في الأحوال الآتية: 

ج- إذا كان موضوع التقاضي عقدا تم ابرامه في العراق أو كان واجب التنفيذ أو كان التقاضي عن حادثة وقعت في العراق".

خامسا: نص المادة (۲۸) قواعد الاختصاص وجميع الإجراءات يسري عليها قانون الدولة التي تقام فيها الدعوى أو تباشر فيها الاجراءات". 

سادساً: نص المادة (۳۰) يتبع فيما لم يرد بشأنه نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين مبادئ القانون الدولي الخاص الأكثر شيوعا ".

   وقد أيَّدَ هذا الاتجاه القضاء العراقي وذلك بقرار صادر عن محكمة التمييز الاتحادية العراقية. يتضح فيه عدم التفريق بين دعاوى التحكيم التجاري الداخلي والدولي فيما يتعلق بأحكام التحكيم الواردة في قانون المرافعات المدنية. حيث عرضت أمامها الدعوى التحكيمية المرقمة ٢٨٦ / ب /۲۰۱۲ بتاريخ ۲۰۱۲/۷/۱٥ والمنظورة من محكمة البداءة المتخصصة بالدعاوى التجارية في بغداد، فقضت فيها : ولدفع وكيل المدعي عليهما بشرط التحكيم الوارد بالفقرة (۱) - (۱۹) من العقد ووجود دعوى تحكيم بين الطرفين لدى هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس لا زالت لم تحسم نتيجة الطعن استئنافا بقرار التحكيم الاول الصادر فيها وعملا بأحكام المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات المدنية رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٩ فقد قررت المحكمة اعتبار الدعوى مستأخرة حتى يصدر قرار التحكيم النهائي والبت بالطعن الاستئنافي الواقع عليه. ولعدم قناعة وكيل المدعي بالقرار المذكور فقد طعن به تمييزا لدى محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية بصفتها التمييزية طالبا نقضه والاستمرار بالسير بالدعوى وقد اصدرت المحكمة المذكورة قرارها بالعدد ٦٧١/م/٢٠١٢ في ٢٠١٢/٥/٣١ القاضي بنقض قرار الاستئخار.... وحيث ان وكيل المدعي عليهما قد دفع بشرط التحكيم في الجلسة الاولى فيكون الاستئخار هنا واجبا بحكم القانون وان القول لان المادة (۳/۲٥٣) من قانون المرافعات المدنية والتي جاء فيها "اما اذا اعترض الخصم فتقرر المحكمة اعتبار الدعوى مستأخرة حتى يصدر قرار المحكمين"، لا ينطبق على التحكيم الذي يجري أمام هيئة التحكيم الدولية ليس له ما يسنده. ذلك أن أحكام التحكيم التي نص عليها قانون المرافعات المدنية العراقي لم تفرق بين التحكيم الذي يجري داخل العراق أو خارج العراق وأن نص المادة (٢٥٣) من قانون المرافعات المدنية نصا مطلقا وإن "المطلق" يجري على اطلاقه اذا لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة المادة ١٦٠ من القانون المدني وحيث لم يرد أي نص في قانون المرافعات المدنية يشير صراحة أو دلالة على أن أحكام التحكيم الواردة فيه تنطبق على التحكيم الذي يجري داخل العراق عليه تكون المادة (٣/٢٥٣) واجبة التطبيق في هذه الدعوى فضلا عن أن الأسباب الموجبة لقانون المرافعات المدنية رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٩ النافذ تشير صراحة إلى أن المشرع أخذ بالتحكيم الدولي فقد جاء فيها (وقد عنى القانون بأحكام التحكيم لما جرت به عادة البلاد من اللجوء اليه في كثير من المنازعات وعلى الاخص المعاملات التجارية كما يلجأ اليه الكثير من المؤسسات والشركات...) و(ولكون القانون اختط طريقا وسطا يقوم على اعمال إرادة الخصوم حيث اذا رفع النزاع إلى المحاكم من أحد الطرفين حق للطرف الآخر أن يعترض على نظر الدعوى في الجلسة الاولى عملا بعقد التحكيم أو شرطه فأن فعل ذلك وجب على المحكمة بعد أن تتحقق من مشروعيته. ثم تقرر اعتبار الدعوى مستأخرة وحتى يستنفذ التحكيم...) ومن جانب آخر ترى المحكمة أن قواعد التنازع الدولي من حيث الاختصاص التشريعي والقضائي التي نص عليه القانون المدني العراقي رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١ بالمواد (۱٥) و ۲۵ و ۲۸ و ۳۰ تعطي الاختصاص في نظر هذه الدعوى إلى القضاء العراقي.... ولما كانت قواعد القانون النموذجي للتحكيم الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اليونسترال) واتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بخصوص الاعتراف بأحكام التحكيم الأكثر شيوعا بين الدول في العالم لذا يمكن وعملا بالمادة (۳۰) أعلاه الاسترشاد بها فيما تضمنته من أحكام للحالة المعروضة في هذه الدعوى حيث جاء بالمادة الثامنة من القانون النموذجي (اليونسترال) "على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى في مسألة ابرم بشأنها اتفاق تحكيم أن تحيل الطرفين إلى التحكيم إذا طلب منها أحد الطرفين ... شريطة أن يطلب ذلك في أول جلسة عقدت للنظر في الدعوى...) وجاء في اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ وبالتحديد في المادة (الثانية /۳) منها ( على محكمة الدولة المتعاقدة المطروح عليها نزاع بصدد مسألة إبرام الأطراف بشأنها اتفاق تحكيم بالمعنى الوارد في هذه المادة أن تحيل الأطراف للتحكيم بناء على طلب أحدهم...). عليه ولما تقدم من أسباب تجد هذه المحكمة أن قرارها الصادر بجلسة المرافعة ليوم ۲۰۱۲/۱/۲٥ القاضي باستئخار الدعوى على نتيجة صدور قرار نهائي بالتحكيم الجاري في غرفة التجارة الدولية في باريس له ما يسنده من القانون، إلا أنه وحيث أن قرار محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية بصفتها التمييزية الموقرة بالعدد (٦٧١/م/٢٠١٢) في ٢٠١٢/٥/٣١ القاضي بنقض قرار الاستئخار ورد الدعوى لعدم الاختصاص واجب الإتباع، لذا (۱) واتباعا لما جاء به قررت المحكمة برد الدعوى…

ومن التشريعات العراقية الاخرى التي عنيت بتنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية في العراق:

1 - قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية في العراق رقم (۳۰) لسنة ۱۹۲۸ : 

  نصت المادة (۲) من هذا القانون على : يجوز تنفيذ الحكم الأجنبي في العراق وفقا لأحكام هذا القانون بقرار يصدر من محكمة عراقية يسمى (قرار التنفيذ. وهذا القانون يخص تنفيذ الاحكام القضائية الاجنبية حصرا في العراق، لطالما كانت الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم الأجنبية مستوفية لشروط تنفيذها داخل العراق وفق أحكام هذا القانون.

2-قانون التنفيذ رقم ٤٥ لسنة ١٩٨٠:

  تنص المادة (۳) من هذا القانون: "يسري هذا القانون على: أولا - الأحكام والمحررات التنفيذية ثانيا - الأحكام الأجنبية القابلة للتنفيذ في العراق، وفقا لقانون تنفيذ الأحكام الأجنبية، مع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في العراق". يلاحظ أن تعبير الأحكام الأجنبية يسري على أحكام التحكيم الصادرة من تلك المحاكم سواء أكانت قضائية أو تحكيمية حسب عموم النص. 

3- قانون الاستثمار رقم (۱۳) لسنة ۲۰۰٦ المعدل بقانون الاستثمار رقم ٥٠ لسنة ٢٠١٥ : 

   تنص المادة (٤/٢٧) من القانون على أنه: "اذا كان النزاع خاضعاً لأحكام هذا القانون يجوز لهم عند التعاقد الاتفاق على آلية حل النزاع بما فيها الإلتجاء الى التحكيم وفقاً للقانون العراقي أو أي جهة أخرى معترف بها دولياً" .

   وبهذا النص يخرج النظام القانوني للتحكيم التجاري الدولي من العموم إلى الخصوص فيما يتعلق بنزاعات الاستثمار، ويحيل المشرع العراقي إلى سلطان الارادة في تأسيس التحكيم التجاري الدولي وتنظيمه الخاص بمنازعات الاستثمار مما يساعد على تشجيع الاستثمارات الاجنبية في العراق للمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطويرها نحو الافضل .