الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اجراءات تنفيذ احكام التحكيم الداخلية / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / تنفيذ أحكام التحكيم في النظام الوطني

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    520

التفاصيل طباعة نسخ

تنفيذ أحكام التحكيم في النظام الوطني

التنفيذ الاختياري (الودي) لحكم التحكيم:

     ليس ما يستبعد قيام المحكوم عليه أمام المحاكم القضائية بتنفيذ الحكم الصـــــــادر ضده بمجرد النطق به وقبل تذييله بالصيغة التنفيذية ، وهو ما قد يحصل عندما يستشعر المحكوم ضده أن هذا الحكم قد جسد وجه الحقيقة في النزاع مما يستدعى قيامه بتنفيذه بوحي من ضميره حتى لو لم يطلب المحكوم له تنفيذه جبرا.

   ومتى قبل المحكوم عليه تنفيذ حكم التحكيم تنفيذا وديا فلا محل بعد ذلك لاتباع إجراءات التنفيذ الجبري، ويجوز للجهة القضائية المختصة بإصدار أمر التنفيذ رفض طلب المحكوم له بالأمر بالتنفيذ. إنما يجب على هذه الجهة ، قبل رفض هذا الطلب ، التحقق من قبول المحكوم عليه لتنفيذه اختيارا لاسيما إذا كان القبول ضمنيا ، وذلك حتى تتحقق من أن هذا القبول واضحا ومؤكدا وكاشفا عن إرادة تنفيذ الحكم اختيارا دون لبس أو إبهام  لذا قضى بجواز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم تأسيسا على أن المحكوم عليه ولئن ارتضى قيامه بوفاء جزء من الدين المحكوم به إلا أن رضاءه الوفاء بهذا الجزء لا يفيد رضاءه بالوفاء بالأجزاء الباقية من هذا الدين وفاء وديا .

التنفيذ الجيري لحكم التحكيم الأمر بالتنفيذ:

   ما نصت عليه المادة ١٤٧٧ مرافعات فرنسي من أن لا يكون حكم التحكيم قابلا للتنفيذ الجبري إلا بصدور قرار الأمر بتنفيذه...." ، وما نصت عليه المادة ۱۸٥ مرافعات كويتي من أن لا يكون حكم المحكم قابلا للتنفيذ إلا بأمر يصدره رئيس المحكمة ..." : المختصة ، وما نصت عليه المادتان ٥٦و٥٥ من قانون التحكيم المصري من أن تكون أحكام التحكيم واجبة النفاذ بإصدار الأمر بتنفيذها.

- الجهة المختصة بإصدار الأمر بالتنفيذ وشروط إصداره:

    يصدر هذا الأمر، في فرنسا ، من قاضي التنفيذ Juge de L execution بالمحكمة الابتدائية التي صدر حكم التحكيم في دائرتها ، ويشترط لإصداره أن تكون النسخة الأصلية للحكم قد أودعت ادارة كتاب المحكمة مرفقة بنسخة من أتفاق التحكيم (المادة ١٤٧٧ مرافعات فرنسي . ويوضع الأمر بالتنفيذ على النسخة الأصلية لحكم التحكيم ، فإذا رفض قاضي التنفيذ وضع الأمر بالتنفيذ وجب أن يكون ذلك الرفض بقرار مسبب ( المادة ١٤٧٨ مرافعات فرنسى ).

    فوفقا لنص المادة ٥٦ من هذا القانون يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة 4 من هذا القانون أو من يندبه من قضاتها بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين . وبالرجوع الى نص المادة ٩ من نفس القانون - المحال اليها - نجدها تفرق بين الطائفتين السابقتين من الأحكام بقولها " يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون الى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع . أما إذا كان التحكيم تجاريا دوليا، سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر ".

    وعلى ذلك يبين من جماع نص المادتين ٩ و ٥٦ من قانون التحكيم المصري أن الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم" الداخلي" ينعقد لرئيس المحكمة المختصة اصلا بنظر النزاع أو من يندبه من قضائها، أما الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولي" فينعقد الرئيس محكمة استئناف القاهرة أو لمن يندبه من قضاتها أو لرئيس أي محكمة استئناف أخرى فى مصر يتفق عليها الطرفان أو لمن يندبه من قضاتها .

    إلا أن رأيا آخر قد ذهب إلى أن المادة ٥٦ من قانون التحكيم المصري تتصدى للتحكيم الداخلي دون التحكيم التجاري الدولي، حيث تظل إجراءات تنفيذه خاضعة - عند هذا الرأي للقواعد العامة لتنفيذ الأحكام الأجنبية فى قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ويحتج هذا الرأي بأنه يستند في ذلك الى ضرورة ومراعاة أحكام اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية واتفاقيات التحكيم الإقليمية والاتفاقيات التالية ، ثم ينتهي هذا الرأي من ذلك الى ان يبقى حكم التحكيم الصادر في الخارج حكما أجنبيا يخضع لأحكام المواد ٢٩٦-٣٠١ من قانون المرافعات المصري ولو اتفق المحتكمون على خضوع التحكيم لأحكام قانون التحكيم المصري حيث لم يلغها قانون التحكيم الجديد لا صراحة ولا ضمنا .

     ونحن لا نؤيد هذا الرأي لأن إحالة المادة ٥٦ من قانون التحكيم المصري ، في شأن إصدار الأمر بتنفيذ أحكام المحكمين ، الى المادة 9 من نفس القانون إحالة صريحة ولم تقترن بأي تحفظ يستوجب التفرقة ، في تطبيق المادة 9 المذكورة ، بين أحكام التحكيم " الوطنية  أو " الداخلية" وأحكام التحكيم التجاري " الدولي الصادرة طبقا لهذا القانون . أضف الى ذلك ان المادة 9 المذكورة صريحة فى انطباق حكمها على أحكام التحكيم التجاري الدولي  سواء جرى في مصر أو في الخارج ، بمعنى أن حكمها يشمل أحكام التحكيم " التجاري الدولي" التي صدرت خارج مصر طبقا لقانون التحكيم المصرى ، وما دام النص صريحا فانه لا يجوز الاجتهاد فيه . ولا يعنى هذا النظر تعطيل العمل بالقواعد العامة لتنفيذ الاتفاقيات الدولية سواء كانت إقليمية أو غير إقليمية ، وهو ما يعد أعمالا لنص المادة الأولى من قانون التحكيم المصري الجديد من جهة ثانية  ..

    وبإيجاز فإننا لا نرى تعارضا بين الإحالة العامة والصريحة التي تتضمنها المادة ٥٦ من قانون التحكيم المصري وتحديد الجهات المختصة بإصدار الأمر بالتنفيذ وفقا للمادة 9 - المحال اليها - من نفس القانون سواء كانت أحكام تحكيم داخلية أو كانت أحكام تحكيم تجاری دولي ، ويتميز الأخذ بجماع نص المادتين 9و 56 المشار إليهما بأنه يغطى الحالة التي لا يكون فيها حكم التحكيم " أجنبيا طبقا للقواعد العامة للأحكام الأجنبية في قانون المرافعات المصري ولكنه يعتبر حكم تحكيم تجارى دولي طبقا لقانون التحكيم الجديد إذ يجوز حينئذ تزويده بالأمر بالتنفيذ بقرار يصدر من رئيس محكمة الاستئناف المختصة طبقا لنص المادتين ٩ و ٥٦ المذكورتين .

   كل ما له أن يراقب صحة الحكم شكلا regularite formaelle لاسيما من حيث اشتماله على أسماء الخصوم و المحكمين و تحديد موضوع النزاع و مطابقته لاتفاق التحكيم فضلا على اشتمال الحكم على أسبابه في الأحوال التى يوجب فيها القانون ذلك ووضوح منطوقه وتاريخ إصداره وانقضاء مواعيد الطعن فيه التى تمنع الأمر بالتنفيذ قبل الفصل في الطعن وصدوره باللغة التي تطلبها القانون ومراعاته للشروط التي تضمنها اتفاق التحكيم والتي لا تخالف النظام العام .

    فإذا وجد القاضي أن حكم التحكيم صحيح فى ظاهره اصدر أمره بتنفيذه وإذا وجد العكس أصدر أمره برفض تنفيذه، إذ لا يتصور إصدار القاضي الأمر بتنفيذ حكم مشوب ببطلان فطن إليه وأدركه بمجرد فحصه الظاهري  . والأصل انه يجوز للقاضي – طبقا لما تقدم – الأمر بتنفيذ حكم التحكيم كله أو رفض الأمر بتنفيذه كله  . لكننا نــــرى أنه فــ الأحوال التى يمكن فيها تجزئة الحكم موضوعيا بأن كان صحيحا في شق منه وباطلا في شقه الآخر جاز للقاضي الأمر بتنفيذ الشق الأول الصحيح ورفض تنفيذ الشق الآخر غير  الصحيح .

     و بدهى أنه لا يجوز للقاضى المختص. بالأمر بتنفيذ حكم التحكيم إصدار هذا الأمر مع وجود مانع من موانع التنفيذ ، كتلك التي أشارت اليها المادة ٥٨ من قانون التحكيم المصري ، وهي أن لا يكون ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى ، أو أنه يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع ، أو يتضمن ما يخالف النظام العـــام فـــي مصر ، أو لم يتم إعلانه للمحكوم عليه إعلانا صحيحا .

بيد أن هذا الرأي تقليدي وعزف عنه الفقه الحديث كما لا تظاهره نصوص القوانين الوطنية، حيث لم تشترط وضع الصيغة التنفيذية لصرورة الحكم واجب النفاذ بل اكتفت بوضع الأمر بتنفيذه  ، وهو حل منطقي اذا لا يقبل ازدواج الإجراء الذي يكون به حكم التحكيم صالحا للتنفيذ الجبري باعتباره سندا تنفيذيا بحيث لا ينفى الأمر بالتنفيذ عن وضع الصيغة التنفيذية لما في ذلك من تعقيد لا مبرر له .