الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / النظام الإجرائي لتنفيذ أحكام التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني

  • الاسم

    هشام سعيد اسماعيل
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    408
  • رقم الصفحة

    368

التفاصيل طباعة نسخ

تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني

   يتعاظم يوماً بعد يوم دور الهيئات المؤسسية في مجال التحكيم إلى الحد الذي يدفعنا للاعتقاد بندرة الحالات التي يلجأ فيها الأطراف للتحكيم الحر. ويثير هذا الوضع أهمية إلقاء الضوء على كيفية تنفيذ الأحكام الصادرة في إطار التحكيم المؤسسي. وليس من العسير القول بأن أحكام التحكيم المؤسسي لا تختلف لا في طبيعتها ولا في جوهرها عن أحكام التحكيم الحر، فكلا الطائفتين أحكام صادرة من محكمين تم اختيارهم للفصل في المنازعات التي سبق أن نشبت بين الأفراد. وقد كان حرص اتفاقية نيويورك واضحاً على بيان هذا المفهوم حين قضت في الفقرة الثانية من مادتها الأولى بأنه "ويقصد بأحكام التحكيم ليس فقط الأحكام الصادرة من محكمين محددين للفصل في حالات محددة بل أيضاً الأحكام الصادرة من هيئات دائمة يحتكم إليها الأطراف". وإذا كانت كلا الطائفتين تعدان أحكام تحكيم على الدرجة نفسها وطبيعتها، فمن الطبيعي . وحسبما قررت اتفاقية واشنطن بتسوية منازعات الاستثمار . أن يخضع تنفيذ كلا الطائفتين للقوانين "الخاصة بتنفيذ الأحكام القضائية في الدولة التي ينفذ فيها الحكم دون تفرقة.

   وتأسيساً على ذلك يتم اختيار الطائفة القانونية التي سيخضع لها تنفيذ الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم المؤسسي : وفقاً لفرضين:

- إذا كانت مصر هي مقر التحكيم، ولو بغير الخضوع لقانون التحكيم المصري، وفقاً لحكم المادة 1 من قانون التحكيم المصري، فأنه يجرى  التنفيذ وفقاً للأحكام المقررة في هذا القانون.

إذا كان التحكيم يجري في الخارج وبغير الخضوع لقانون التحكيم المصري، حيث يوصف الحكم في ذلك الفرض بأنه أجنبي ويجري تنفيذه وفقاً لاتفاقية نيويورك.

   وبمطالعة التنظيم المقرر في شأن التحكيم الإلكتروني لدى محكمة الفضاء الكندية نجد أن المادة ٦/٢٥ تنص على أن "يتعهد الأطراف، بمجرد خضوعهم لهذا التنظيم، بتنفيذ حكم التحكيم دون تأخير" .

 

    وإن محكمة الفضاء - كغيرها من هيئات التحكيم المؤسسي - ليست دولاً ذات سيادة، وليست لها أقاليم حتى تحدد أسلوباً محدداً لتنفيذ أحكام التحكيم التي تصدرها، بل إنها وإن فعلت، عد ذلك تعدياً منها على سيادات دول العالم  وهو ما لا يجوز، حيث لن تعد هذه القوانين ملزمة لمحاكم الدول التي ستأمر بالتنفيذ، بل ولن تلقى هذه الأحكام من ثم أي تطبيق.

  وبالرجوع إلى النص السابق يتضح أنه من الممكن التمييز بين طريقين للتنفيذ:

 

- التنفيذ الرضائي لحكم التحكيم الإلكتروني: وهو يتقرر بمبادرة فردية من المحكوم عليه، الذي يقدر الاكتفاء بمراحل النزاع المختلفة مفضلاً رد الحق لصاحبه اقتناعاً بمجرد صدور حكم التحكيم الإلكتروني في غير صالحه، دون حاجة لأي إجراء آخر.

- التنفيذ الجبري لحكم التحكيم الإلكتروني: ويتم اللجوء إلى هذا الطريق في حالة عدم  رضاء المحكوم عليه إلكترونيا بتنفيذ الحكم الصادر في مواجهته.

   ويشكك البعض في إمكانية تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني دون أن يكون لدى الدول التي يراد تنفيذ هذا الحكم على إقليمها قانوناً خاصاً بالتجارة الإلكترونية وآخراً بالتوقيع الإلكتروني، إذ يصعب . وفقاً لهذه الوجهة من النظر - تصور اعتراف محاكم هذه الدولة بالحكم الإلكتروني طالما أن قوانينها لازالت تدور في فلك الكتابة التقليدية بوصفها وسيلة مطلقة ووحيدة للإثبات. وهو ما دفع منظمة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي إلى أن تعكف حالياً على محاولة إعادة صياغة اتفاقية نيويورك وتعديلها والقانون النموذجي للتحكيم على النحو الذي يستجيب لمتطلبات التجارة الإلكترونية.

    وبالنظر في كيفية تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني من قبل جمعية التحكيم الأمريكية، فلم نجد بالإجراءات التكميلية لتلك الجمعية بشأن التحكيم الإلكتروني أية إشارة بشأن تلك المسألة، على الرغم من أن هذا الموضوع يعد من أهم الموضوعات الشائكة التي يثيرها هذا النظام على الإطلاق. الأمر الذي معه يحتم الرجوع إلى قواعد التحكيم السارية لدى الجمعية بشأن التحكيم التقليدي. وبالرجوع إلى هذه الأخيرة نجد أن مادتها ۱/۲۷ تقضي بأنه "ويلتزم الأطراف بتنفيذ حكم التحكيم بدون تأخير". وبهذا يكون قد سوی مطلقاً بين حكم التحكيم الإلكتروني وحكم التحكيم التقليدي. وهذا النص أيضاً لا يختلف عن نص المادة ٦/٢٥ من تنظيم محكمة الفضاء، فهو لم يحدد شروطاً محددة للتنفيذ. وكما سبق أن ذكرنا، فإنه إما أن يكون التنفيذ رضائياً، وإما أن يكون جبرياً ويتم التنفيذ وفقاً لقانون الدولة المراد التنفيذ بها، ولا ريب في ذلك، فالحكم الإلكتروني كالحكم التقليدي لا بد وأن ينفذ على إقليم دولة ما.

 

. تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني وفقاً لأحكام قانون التحكيم المصري:

    بالرجوع لقواعد قانون التحكيم المصري لتنفيذ أحكام المحكمين يتضح أن هذا القانون يتطلب . وعلى سبق البيان - ضرورة التقدم بطلب الأمر بالتنفيذ لرئيس المحكمة المختصة وفقاً للمادة 9 مرفقاً به:

 

1- أصل الحكم أو صورة موقعة منه.

2- صورة من اتفاق التحكيم شرطاً كان أم مشارطة. ولا يعد هذا الشرط كسابقه عقبة؛ فاللجوء إلى التحكيم الإلكتروني لا يفترض في جميع الأحوال اتفاق التحكيم قد أبرم بالوسائل الإلكترونية، وإنما من الممكن أن يتقرر بالوسائل التقليدية، وذلك قياساً على أن اللجوء إلى التحكيم التقليدي لا يفترض في جميع الأحوال أن اتفاق التحكيم قد تم إبرامه بالوسائل التقليدية، وإنما من الممكن أن يتقرر بالوسائل الإلكترونية. حتى لو كان اتفاق التحكيم قد أبرم إلكترونيا في الحالتين، فلا مشكلة لمساواة المشرع المصري بمقتضى - قانون التوقيع الإلكتروني . بين نوعي الكتابة الإلكترونية والتقليدية.

3- ترجمة عربية معتمدة لحكم التحكيم إذا كان صادراً بلغة أجنبية، وليس في توثيق الحكم الإلكتروني أيضاً مشكلة، إذ يتم توثيقه بالطريقة نفسها التي توثق بها المستندات العادية، وهذا ما يجري عليه العمل الآن في العديد من الدول ومن أمثلتها فرنسا ، وما يفرضه كذلك واقع النظام القانوني المصري الذي ساوى بين المستندات الإلكترونية بالطريقة نفسها التي يجري بها توثيق المستندات العادية، عن طريق جهات الترجمة التي يصدر وزير العدل قراراً باعتمادها كما ذكرنا سابقا.

4 - صورة من محضر إيداع حكم التحكيم الإلكتروني قلم كتاب المحكمة المختصة وفقاً لما تقضي به المادة 47 تحكيم، فهذه الصورة يتم الحصول عليها في جميع الأحوال بمجرد إيداع حكم التحكيم، إلكترونيا كان أم تقليديا.

   وإذا تقدم المدعي الإلكتروني لرئيس المحكمة المختصة (1) للمطالبة بتنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني، مشفعاً طلبه بالمستندات السابقة، انتقل القاضي لفحص هذا الحكم بالنظر للضوابط المنصوص عليها في المادة 58 تحكيم وهي:

1- انقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان، أي أن القاضي لن يستطيع الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني إلا بعد انقضاء تسعين يوماً من تاريخ إعلانه للمحكوم عليه. وما أيسر حساب هذه المدة في مجال التحكيم، إلكترونيا كان أم تقليديا.

2- أما الشروط الثلاثة الأخرى وهي عدم تعارض حكم التحكيم الإلكتروني مع حكم سبق صدوره عن المحاكم المصرية، وعدم تعارض الحكم مع قواعد النظام العام في مصر، والتأكد من إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه إعلاناً صحيحا . فإنها شروط لا يتصور أن تختلف معها طبيعة عمل القاضي سواء كان حكم التحكيم قد صدر باستخدام الوسائل التقليدية للتقاضي أم باستخدام شبكة الإنترنت.

 

- تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني الأجنبي وفقاً لاتفاقية نيويورك:

   إذا لم تكن مصر مقر التحكيم الإلكتروني ولم يكن النزاع يخضع لقانون التحكيم المصري فإن تنفيذ الحكم الصادر باستخدام شبكة الإنترنت يتم بالطريقة نفسها التي ينفذ بها حكم التحكيم التقليدي الأجنبي، أي بالتطبيق للأحكام التي تضمنتها اتفاقية نيويورك. وبالرجوع لهذه الأحكام يتضح أن الاتفاقية تطلبت تقديم طلب الأمر بالتنفيذ مشفوعاً به:

 

1- أصل حكم التحكيم أو صورة موقعة منه.

2- أصل اتفاق التحكيم أو صورة منه. وقد تعرضت المادة ٢/٢ من الاتفاقية إلى تحديد المقصود من مفهوم اتفاق التحكيم المكتوب بقولها: "يقصد "باتفاق مكتوب" شرط التحكيم في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو البرقيات". وهذا الاتفاق المكتوب قد يكون مكتوباً كتابة تقليدية أو إلكترونية، بل إن البعض يؤكد أن مصطلح الخطابات المتبادلة يوضح حرص واضعي الاتفاقية على التوسع في مفهوم الكتابة، بما يعني أنهم فتحوا الباب لأي طرق أخرى قد يتصور ظهورها في المستقبل. فما الوسائل الإلكترونية للاتصال إلا مراسلات متبادلة يجري بمقتضاها تبادل الرضاء بين الطرفين كما يتم تبادله بينهما بالوسائل التقليدية سواء بسواء.

3- ترجمة رسمية معتمدة للحكم أو لاتفاق التحكيم الإلكتروني إذا كان أحدهما أو كلاهما محرراً بغير اللغة العربية، ويجري الحصول على هذه الترجمة بالأسلوب نفسه المذكور سابقا.

   وبهذه المثابة ننتهي إلى أن الطريق ممهد نحو الاعتراف بأحكام التحكيم الإلكتروني الوطنية وتنفيذها، كما سبق وأن تمهد نحو الاعتراف بأحكام التحكيم التقليدية الوطنية وتنفيذها. كما ننتهي أيضاً إلى أن ذات الطريق ممهد نحو الاعتراف بأحكام التحكيم الإلكتروني الأجنبية وتنفيذها، كما سبق وأن تمهد نحو الاعتراف بأحكام التحكيم التقليدي الأجنبية وتنفيذها.