حكم المحكمين وإن كان حكما من حيث كونه قرارا يفصل في نزاع بين خصوم ، إلا أنه قرار لا يصدر من سلطة عامة لها ولاية القضاء، بل من أفراد يكونون «قضاء خاصا». وقد يجهلون أحكام القانون ونظام المرافعات، لذا فإن حكمهم لا يتمتع بقوة التنفيذ إلا بعد إجراء يتم لدى تلك السلطة لتنفيذ هذه الأحكام يرتفع به إلى مصاف أحكام القضاء العادي ، حيث تنتفي حكمة صدور الأمر بالتنفيذ بالنسبة للأخيرة. ويمكن القول بوجوب صدور الأمر بتنفيذ حكم التحكيم حتى ولو كان كل أعضاء هيئة التحكيم من القضاء .
والأمر بالتنفيذ إجراء لاحق على صدور حكم التحكيم ، وبالتالي فهو لاحق أيضا على حجية حكم التحكيم التي يكتسبها بمجرد صدوره وبصرف النظر عن صدور الأمر بالتنفيذ ، بل إنه يصدر كذلك حائزا قوة الأمر المقضى. وبعبارة أخرى أمر التنفيذ ليس مفترضا لكى يخلع على أحكام التحكيم الحجية .
وبناء على ما تقدم إذا صدر حكم إلغاء أمر التنفيذ فإن حكم المحكمين يفقد قوته التنفيذية، ولكنه يظل محتفظا بحجية، ولا تزال عنه هذه الحجية إلا إذا صدر حكم ببطلانه.
ولا يقصد بالأمر بالتنفيذ منح الحكم صفة الورقة الرسمية، لأن هذه الصفة يتميز بها حال صدوره. ويترتب على ذلك أن ورقة حكم التحكيم تكون حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا (المادة 11 إثبات).
على أنه إذا كان صدور أمر التنفيذ مفترضا لتمتع حكم المحكمين بالقوة التنفيذية، حيث تنحصر وظيفته داخل ذلك الإطار، إلا أنه لا يعد المفترض الوحيد لصلاحية الحكم لكي يصبح سندا تنفيذيا بل يجب توافر مفترض أخر هو ضرورة وضع الصيغة التنفيذية على الحكم أيضا. وبعبارة أخرى فإن أمر التنفيذ مفترض أول والصيغة التنفيذية مفترض ثان، ولا يغني أحدهما عن الآخر .