الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / النظام الإجرائي لتنفيذ أحكام التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48 / النظام القانوني للصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية في ضوء القانون اللبناني

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    163

التفاصيل طباعة نسخ

    إن دراسة النظام القانوني للصيغة التنفيذية تستلزم بالضرورة دراسة إجـراءات إستـصدار الصيغة التنفيذية وطرق الطعن بقرار الصيغة التنفيذية.

ألفصل الأول: إجراءات إستصدار الصيغة التنفيذية:

   نصت المادة 795 الجديدة من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني على أنه "لا يكون القرار التحكيمي قابلاً للتنفيذ إلا بأمر على عريضة يصدره رئيس الغرفة الإبتدائيـة التـي أودع أصل القرار في قلمها، بناءا على طلب من ذوي العلاقة، وذلك بعد الإطلاع على القرار وإتفاقية التحكيم.

   "إذا كان النزاع موضوع التحكيم من إختصاص القضاء الإداري تعطى الصيغة التنفيذية من قبل رئيس مجلس شورى الدولة. وفي حال رفضها يعترض على قراره لدى مجلس القضايا.

   "يفهم بالنزاع موضوع هذه الفقرة النزاع الذي يمكن أن ينشأ بين المتعاقـدين فـي الـعقـد الإداري عن تفسير هذا العقد أو تنفيذه دون طلبات الإبطال بسبب تجاوز حد السلطة التي تبقـى حصراً من القضاء الإداري" .

   وبالتالي إن الإجراءات المتبعة في إعطاء ألصيغة التنفيذية هـي تلـك المتبعـة فـي إصـدار الأوامـر علـ العـرائض، مـع بعـض الفـوارق الناتجـة عـن طبيعـة التحكيم ويكون ذلك بموجـب عريضة يقـدمها مها أي مـن ذوي الـشأن إلـى القاض المختص بهدف إستصدار الصيغة التنفيذية، وذلك وفقا للقواعد العامة فـي الأوامـر علـى العرائض .

   إذا إن الشرط الأساسي والتمهيدي للحصول على الصيغة التنفيذية هـو القيـام بإيـداع القرار التحكيمي قلم المحكمة المختصة. لذلك سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين.

   ألمبحث الأول ويتناول إيداع القرار التحكيمي كإجراء تمهيدي لإستصدار الصيغة التنفيذية.

   ألمبحث الثاني ويتناول إصدار قرار الصيغة التنفيذية من الجهة القضائية المختصة.

المبحث الأول: إيداع القرار التحكيم كإجراء تمهيـدي لإستـصدار الـصيغة التنفيذية:

    إن دراسة هذا المبحث لا تتكامل إلا من خلال تسليط الضوء على مبررات إخضاع القـرار التحكيمي لمعاملة الإيداع وفوائد تلك المعاملة قبل البحث بإجراءات هذا الإيداع.

ألمطلب الأول: مبررات إخضاع القرار التحكيمي لمعاملة الإيداع وفوائد تلك المعاملة:

   إذا كان القرار التحكيمي عمل ذو طبيعة قضائية إلا أنه يصدر عن أفراد عاديين (ليسوا بقضاة) أوكل إليهم الفرقاء مهمة الفصل بالنزاع وبالتالي إن تنفيذ هذه القرارات جبرياً لا يقبل إلا إذا أخضعت هذه القرارات للرقابة القضائية بسبب صدور القرار ممن لا يملـك سـلطة الأمـر Imperium نظراً للزوم وإلزامية الإيداع كإجراء أولية تمهيداً لإجراء الرقابـة علـى القـرار التحكيمي وإعطائه الصيغة التنفيذية، لا بد لنا من التكلم أولا عن الغايـة والفوائـد مـن عمليـة الإيداع.

   إننا نؤيد الرأي القائل أن إبداع القرار التحكيمي من شأنه تمكين الخصوم من الإطلاع علـى القرار التحكيمي فيقوم المحكوم له بطلب الصيغة التنفيذية، ويقوم المحكوم عليه بالطعن في هذا القرار (أي قرار الصيغة) أو الطعن في القرار التحكيمي وفق القواعد المرعية الإجراء؟، هذا من جهة.

   من جهة أخرى، من شأن الإيداع أن يمكن القاضي المختص قانوناً بإعطاء الصيغة التنفيذية الإطلاع على أصل القرار التحكيمي وأصل إتفاقية التحكيم وبالتالي التأكد من أنه لا يوجد مـانع من تنفيذه. كذلك من شأن الإيداع تمكين المحكمة المختصة من ممارسة رقابتها علـى القـرار التحكيمي سواء عند إعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي أو عند النظر بالطعن المقدم ضـت القرار التحكيمي .

    وهذا الدور الرقابي للقضاء قد أكده الفقه الفرنسي مرات عديدة وذلك عبر القول أن للقاضي المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية دوراً رقابياً فاعلاً وليس وهمياً ولا يمكن أن يتحول بحال مـن الأحوال إلى مجرد جهاز يمنح الصيغة التنفيذية بصورة آليـة machine a affranchir ممـا يستلزم إيداع المستندات اللازمة والضرورية لإجراء رقابة جادة علـى هـذه القـرارات قبـل المسارعة إلى منحها الصيغة التنفيذية.

  إذاً يتبين لنا من خلال التحليل السابق أن المشرع بتطلبه إيداع القرار التحكيمي قلم المحكمة المختصة، حرص على حفظ وضمان حقوق الأطراف في النزاع موضوع التحكيم ومكن القضاء من إجراء رقابته على القرار التحكيمي (ضمن حدود المستندات التي إستلزم إيداعها).

المطلب الثاني: إجراءات إيداع القرار التحكيمي قلم المحكمة المختصة:

    إن دراسة إجراءات إيداع القرار التحكيمي تستدعي دراسة ما يلي:

ألفقرة الأولى: ألمستندات الواجب إيداعها:

   يتبين لنا من نص المادة 793 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني أنه بعد صـدور القرار التحكيمي يجب في سبيل إعطائه الصيغة التنفيذية أن يبادر المحكم، أو أحد المحكمين فـي حال تعددهم، أو أيضاً الخصم الأكثر عجلة إلى إيداع أصل هذا القرار قلم الغرفة الإبتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم وإلا فقلم الغرفة الإبتدائية في بيروت13. وإلا فقلم الغرفة الإبتدائية في بيروت. ويجب أن ترفـق بأصـل القرار وتودع بالتالي معه صورة مصدقة عن إتفاقية التحكيم، ويعطى هذا التصديق من المحكمين أنفسهم أو من سلطة رسمية مختصة كالكاتب بالعدل الموثق مثلاً، أو من رئيس قلـم المحكمـة الجاري الإيداع لديها. بالإضافة إلى ذلك فإنه يقتضي في التحكيم الدولي إذا كانـت المـستندات محررة بلغة أجنبية، أن يعمد إلى ترجمتها بواسطة مترجم محلف.

   وقد ثار تساؤل حول نص المادة 796 أ.م.م. لبناني التي تنص على أن الـصيغة التنفيذيـة توضع على أصل القرار التحكيمي المودع وعلى الأصل المقدم من طالب هذه الصيغة ويعاد إليه هذا الأصل الأخير فور ذلك. فهل يكون المشترع اللبناني قد إستلزم بذلك إيداع أصـلين للقـرار التحكيمي؟

   يبدو أن المشترع اللبناني خلط بين ثلاثة إصطلاحات فرنسية وهي على التوالي: grosse original minute وعرب الألفاظ هذه إلى" ألأصل" رغم ما بينها من فوارق. وبالتالي فإن نص المادة 796 أ.م.م. يحمل على إيداع أصل واحد يحتفظ به قلم المحكمة بعد وضع الـصيغة التنفيذية عليه ونسخة عن هذا الأصل تعاد إلى طالب الصيغة التنفيذية بعد وضعها عليها.

   وإذا كان قرار المحكمين صادراً بالإستناد إلى شرط تحكيمي فيمكن أن يودع مع القرار نص هذا الشرط بعد إستخراجه من العقد الأساسي المدرج فيه والتوقيع عليه من المحكم أو من رئيس قلم المحكمة أو من الكاتب العدل الموثق بأنه مطابق للأصل.

  إذاً طبقاً للـنص القانون (ألمـادة 793 أ.م.م.) إن الإيـداع يشتمل علـى أصـل القـرار التحكيمي وإتفاقية التحكيم فقط ولكن هل يمكن تجاوز هذا النص ليشمل الإيداع كامل مستندات الملـف التحكيمي؟

   في الواقع لقد ذهب الأستاذ Jean Robert مذهباً فريداً من نوعه مفاده أنه من المفيـد أن يتناول الإيداع أيضاً المستند الذي رفع بموجبه النزاع إلى المحكم والمحاضـر المحـررة مـن المحكم، واللوائح المتبادلة والإشعار الصادر عن المحكم لوضع القضية قيد التحقيق والقـرارات التمهيدية، عند وجودها وعدم إيداعها سابقاً، وسائر المستندات، التي تبدو مفيدة لإستعادة المحكمة التحكيمية في كل مداها.

   إلا إننا نرى أن هذا التوجه غير سليم وذلك للأسباب التالية:

   أولا- إن ما أوجبه المشترع من بيانات يجب تضمينها مع القرار التحكيمي يغني عن إقتراح إستلزام غالب هذه المستندات.

   ثانيا- إن جوهر مهمة القاضي المولج بإعطاء الصيغة التنفيذية يكمن في إجراء رقابة شكلية خارجية دون التوسع والتعرض لأساس النزاع.

   ثالثـاً- إن تطلب إيداع بعض هذه المستندات زيادة عما أوجبه المشترع، يسقط ميزة رئيسية من الميزات التي يحققها التحكيم للأطراف (خاصة إذا كانوا حريصين على إبقاء علاقاتهم وديـة فيما بينهم) ألا وهي السرية فماذا يتبقى من سرية خصومة التحكيم إذا تطلبنـا إيـداع اللـوائح المتبادلة؟

ألفقرة الثانية: ألجهة المكلفة للقيام بالإيداع:

   بالعودة إلى نص المادة 793 أ.م.م. لبناني نجد أن الإيداع يتم من قبل أحد المحكمـين أو الخصم الأكثر عجلة partie la plus diligente La .

   لكن هل يمكن أن يقوم كاتب جلسات التحكيم بعملية الإيداع؟ في الواقع يرى جانب من الفقه أنه ليس ثمة ما يمنع من إتفاق الخصوم على تكليف كاتب جلسات التحكيم بالإيداع، ومن ناحيـة أخرى يمكن إعفاء المحكم من الإيداع لعدم تعلق ذلك بالنظام العام، فالقرار يصدر لمصلحة أحـد الخصوم وقد لا يرغب – مع ذلك- في تنفيذه.

ألفقرة الثالثة: ألمحكمة المختصة بالإيداع:

   لا خلاف على أن المحكمة المختصة بتلقي الإيداع هي المحكمة نفسها التي أولاها القـانـون الإختصاص بإعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي بإعتبار أن الإيداع هـو إجـراء تمهيـدي لإستصدار الصيغة التنفيذية.

الفقرة الرابعة: ألموعد القانوني للإيداع:

   إن المشترع اللبناني، بمقتضى نص المادة 793 أصول محاكمات مدنية، لم يخضع الإيـداع لمهلة معينة وبالتالي يمكن أن يتم الإيداع طيلة المدة التي يجوز أن يطلب خلالها تنفيـذ القـرار التحكيمي أي مدة مرور الزمن العادي البالغة عشرة سنوات.

الفقرة الخامسة: ألجزاء المترتب على عدم الإيداع:

    كما سبق أن أوضحنا إن معاملة إيداع القرار التحكيمي هي معاملـة لازمـة لإستصدار قـرار الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي، ولكن هل إن عدم القيام بهذه المعاملة يـؤدي إلـى بطـلان القـرار التحكيمي؟

   إن عدم القيام بتلك المعاملة لا يؤدي بالضرورة إلى بطلان القرار التحكيمي وذلك للأسباب التي سنوردها أدناه:

   أولا- عدم ورود التخلف عن الإيداع ضمن أسباب بطلان القرار التحكيمي المـذ نص القانون على سبيل الحصر (مادة 800 محاكمات لبناني).

    ثانياً- إن عدم الإيداع إجراء لاحق على صدور القرار التحكيمي صحيحاً، فلا يؤثر فيه.

    ثالثاً- إن الوقائع التي يثبتها المحكمون في قرارهم التحكيمي لها ذات القوة الثبوتيـة التـي تتمتع بها الوقائع التي تثبتها الأحكام العدلية، فتبقى صحيحة ومعمولاً بها طالما لم يثبت تزويرها. إذ تؤكد محكمة إستئناف بيروت، غرفتها الثالثة، برئاسة القاضي مروان كركبي مـا يلـي: "إن القرار التحكيمي بمثابة السند الرسمي وكل ما ورد فيه وتحقق منه المحكم بالذات يعتبر ثابتاً حتى إدعاء التزوير شأنه في ذلك شأن السند الرسمي" .

   رابعاً- رغم أن قاعدة القيام بالإيداع تبدو آمرة إلا أنها لا تتعلق بالنظام العام فقـد شـرعت للمصالح الخاصة بالطرفين فقط 26Les intérêts privés des parties وهذا ما إتضح سابقاً من حكمة الإيداع وتأسيسها على تمكين الخصوم من الإطلاع على القرار التحكيمـي، ممـا يرتـب إمكانية تنازل الأطراف عن الإيداع بعد صدور القرار وإعفاء رئيس الهيئة التحكيمية من القيـام بهذه المهمة.

ألمبحث الثاني: طلب إصدار الصيغة التنفيذية:

   لا بد من الإشارة بادئ ذي بدء أن طلب إستـصدار الـصيغة التنفيذيـة يقـدم إلـى القاضى المخـتص بإعطـاء تلـك الـصيغة بموجـب عـريـضـة مـن طـرف واحـد Requête Unilatéral موجهة إليه تقدم مـن أحـد الطـرفين طلبـاً لإصـدار الـصيغة التنفيذية.

   إن العريضة المذكورة أعلاه يجب إرفاقها بنسخة أصلية عن القرار التحكيمي مـع صـور المستندات المتعلقة بهذا القرار لاسيما إتفاقية التحكيم ويجب أن تكـون هـذه الـصـور مـصدقة بمطابقتها للأصل من قبل المحكم، أو رئيس قلم المحكمة المودع لديها أصل القرار مـع أصـل المستندات والأوراق المذكورة. إن معالجة هذا المبحث تستوجب تقسيمه إلى مطلبين:

   ألمطلب الأول يتناول كيفية طلب إصدار الصيغة التنفيذية.

   ألمطلب الثاني يتناول موضوع القاضي المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية.

ألمطلب الأول: كيفية إصدار الصيغة التنفيذية:

   نصت المادة 795 أ.م.م. فقرة أولى على ما يلي:

   "لا يكون القرار التحكيمي قابلاً للتنفيذ إلا بأمر على عريضة يصدره رئيس الغرفة الإبتدائية التي أودع أصل القرار في قلمه، بناء على طلب من ذوي العلاقة، وذلك بعد الإطلاع على القرار وإتفاقية التحكيم" .

  كما ونصت المادة 814 أ.م.م. لبناني بالنسبة للإعتراف بالقرارات التحكيمية الصادرة فـي الخارج أو في تحكيم دولي وتنفيذها على ما يلي:

  "يعترف بالقرارات التحكيمية وتعطى الصيغة التنفيذية إذا أثبت الشخص الذي يتذرع بهـا وجودها ولم تكن مخالفة بصورة واضحة للنظام العام الدولي".

   يثبت وجود القرار التحكيمي بإبراز أصله مرفقاً بالإتفاق التحكيمي أو بصور طبق الأصـل عن هذين المستندين مصدقة من المحكمين أو من أية سلطة مختصة وإذا كانت هذه المستندات محررة بلغة أجنبية، عمد إلى ترجمتها بواسطة مترجم محلف" .

   ونصت المادة 815 أ.م.م. لبناني على ما يلي:

   "تطبق على القرار التحكيمي أحكام المواد 793 و797.

   وإذا كان التحكيم حاصلاً في الخارج يصح تقديم صورة مطابقة للأصل عن القرار التحكيمي لأجل الإيداع وإعطاء الصيغة التنفيذية".

   إذاً إن قرار الصيغة التنفيذية لا يصدر من تلقاء نفس القاضي المختص بإصداره بل لا بد من طلب إصدار الصيغة التنفيذية من مقدم هذا الطلب بموجب عريضة من طرف واحد يقـدمها أي من أصحاب العلاقة يطلب فيها إعطاء القرار التحكيمي الصيغة التنفيذية. وفي هـذا الـسياق يقتضي التفرقة بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي.

الفقرة الأولى: في التحكيم الداخلي:

   بالنسبة للتحكيم الداخلي ترفق بالعريضة المذكورة نسخة أصلية عن القرار التحكيمـي مـع صور المستندات المتعلقة بهذا القرار ولاسيما إتفاقية التحكيم وتكون هذه الصور مـصدقاً عليهـا بمطابقتها للأصل من قبل المحكم أو رئيس قلم المحكمة المودع لديها أصل القـرار مـع أصـل المستندات والأوراق المذكورة. إن جانباً من الفقه يرى إرفاق طلب الصيغة التنفيذيـة بمحـضر المحاكمة التحكيمية ولوائح الطرفين والقرارات التمهيدية في حال وجودها، وللرئيس الذي ينظـر في الطلب أن يراجع هذه المستندات الأخيرة عند الحاجة. لكننا نرى أن في هذا الـرأي تجـاوزاً لنص المادة 795 محاكمات لبناني التي حصرت إطلاع رئيس الغرفة الإبتدائية بالقرار التحكيمي وإتفاقية التحكيم وذلك للإعتبارات الذي ذكرناها سابقاً!

   نشير إلى أن رئيس المحكمة الإبتدائية معفى من تعليل قراره القاضـي بإعطـاء الـصيغة التنفيذية وليس ملزماً بالتعليل إلا في حال رفضه إعطاء الصيغة التنفيذية.

ألفقرة الثانية: في التحكيم الدولي:

   إن أول ما يمكن ملاحظته بالعودة إلى نص المادة 814 أ.م.م. لبناني أن المشرع اللبناني قد جمع بين الإعتراف La reconnaissance بالقرارات التحكيمية وبين إعطائها الصيغة التنفيذيـة l'execution بحكم واحد بالنسبة إلى الشروط التي يخضعان لها.

   الإعتراف بالقرار التحكيمي يعني أن القرار قد صدر بشكل صحيح وملزم للأطراف، إمـا التنفيذ فيعني الطلب إلى الخصم الذي صدر قرار التحكيم ضده أن ينفذ مـا جـاء فـي القـ المذكور، وفي حال إمتناعه إجباره على التنفيذ بموجب إجراءات البلد المراد تنفيذ القرار فيه .

   ولكن ما هي القرارات التحكيمية التي يراد الإعتراف بها أو منحها الصيغة التنفيذية؟

   كما يتبين من نص المادة 814 أن القرارات التي يجري الإعتراف بها أو منحهـا الـصيغة التنفيذية هي القرارات الدولية سواء أكانت صادرة في لبنان أم في الخارج، والقرارات التحكيمية الوطنية الصادرة في الخارج أو في دول أجنبية.

   لا بد من الإشارة بادئ ذي بدء إلى الأهمية البالغة لنص المادة 814 أ.م.م. جديـد لجهـة وضع حد للتفرقة، التي كان يستند إليها القانون الدولي اللبناني القديم للتحكيم، بين القرار التحكيمي الوطني والقرار التحكيمي الأجنبي والتي كان لها أثرها بوجه خاص على طرق الطعن كما على تعيين القانون الواجب التطبيق. أما الآن، بموجب القانون الجديد، فإن جميع القرارات التحكيميـة الداخلة في العنوان المذكور تعامل على قدم المساواة ودون أية تفرقة فيما بينها، بإستثناء أمـر واحد يتعلق بطرق الطعن وهو إخضاع القرارات التحكيمية الدولية الصادرة في لبنان للطعـن بطريق الإبطال.

   يتضح من نص المادة 814 أ.م.م. جديد بأنه يتوجب توافر جملة شروط مادية تنصب على إثبات وجود القرار التحكيمي المطلوب الإعتراف به، أو تنفيذه، ويقع عبء هذا الإثبـات علـى عاتق الشخص الذي يتذرع بالقرار المذكور. ويتم الإثبات بإبراز أصل القرار، مرفقـاً بالإتفـاق التحكيمي أو بصورة طبق الأصل عن هذين المستندين مصدقة من المحكمــين أو أيـة سـلطة مختصة.

   أما إذا كانت هذه المستندات محررة بلغة أجنبية فيصار إلى ترجمتها بواسطة مترجم محلف (يكون إسمه وارداً في جدول الخبراء) وترفق الترجمة بالأوراق المبرزة.

ألمطلب الثاني: ألقاضي المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية:

   إن هدف الأطراف من اللجوء إلى التحكيم بالدرجة الأولى هو حرصهم على الوصول إلـى النزاعات بالسرعة الفائقة، ذلك أنه إذا صدر القرار التحكيمي ولم يقم المحكوم عليه بالتنفيذ ܟܚܝܟ الفوري Execution spontanée فإن الدائن (ألمحكوم له) أو الفريق الأكثر عجلة La partie la plus diligente سيسارع إلى إستصدار الصيغة التنفيذية.  

   ولكن تساؤلات كثيرة تطرح حول موضوع القاضي المختص بإصدار هذه الصيغة؟

    من هو القاضي المختص بإصدار الصيغة التنفيذية مكانياً ونوعياً؟ ما هو أساس إناطة المشترع هذه الصيغة بهذا القاضي؟ هل هناك جهات أخرى أشار إليها المشترع لإصدار الصيغة التنفيذية في حالات معينة؟

   كل هذه التساؤلات سنجاوب عليها من خلال بحثنا في كل من الإختصاصين النوعي والمكاني في إصدار ألصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي.

ألفقرة الأولى: الإختصاص النوعي:

   إذا عدنا إلى المادة 795 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني فإن إختصاص إصـدار الصيغة التنفيذية يعود إلى رئيس الغرفة الإبتدائية التي أودع أصل القرار في قلمها، أي رئيس الغرفة الإبتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم المتفق عليه، متى كان التحكيم حاصلاً في لبنان، وإلا فإن الإختصاص يعود إلى رئيس الغرفة الإبتدائية في بيروت (مواد 793 و 3/770 أ.م.م.).

   وبالتالي فإن الإختصاص النوعي في إصدار قرار الصيغة التنفيذية يعود إلى رئيس الغرفـة الإبتدائية بذاته وليس إلى هذه الغرفة ولا إلى القاضي المنفرد أو إلى أية محكمة أخرى من محاكم الدرجة الأولى كقاضي الأمور المستعجلة أو القاضي العقاري أو مجلس العمل التحكيمي.

  ماذا لو صدر القرار التحكيمي في نزاع من إختصاص القضاء الإداري أصلاً؟ إن الـصيغة التنفيذية تعطى له من قبل رئيس مجلس شورى الدولة ويعترض على قراره لدى مجلس القضايا (ألمادة 795-2 أ.م.م. لبناني جديد وقد أضيفت هذه الفقرة بموجب المرسوم الإشـتراعي رقـم 1985/20). علماً أن هذا الإختصاص كان محل خلاف في ظل التشريع السابق نتيجـة لغيـاب نص  صريح بهذا الشأن. إذ ذهب رأي إلى أنه يعود لرئيس مجلس شورى الدولة بينما ذهب رأي آخر إلى إبقاء الإختصاص لرئيس محكمة الدرجة الأولى وحده ولكن لم يعد من مجال للإجتهـاد في هذا الأمر لأن النص الصريح حسم هذه المسألة. كما وأن التعديل الجديد الذي جاء به القانون 2002/440 قد أنهى الجدل القانوني القائم حول إمكانية التحكيم في العقود الإدارية الداخلية وذلك بأن أجاز مثل هذا الأمر مع مراعاة القيد المذكور في المادة 726 جديدة ألا وهو الحصول علـ ترخيص مسبق من السلطة المختصة.

   يلاحظ حالات خاصة تثير تساؤلات حول الجهة المختصة بإعطاء الصيغة التنفيذية، وهـذه الحالات هي التالية:

    ألحالة الأولى: إذا كان التحكيم يتناول قضايا أمام محكمة الدرجة الأولى والبعض الآخر أمام محكمة الإستئناف. في هذه الحالة، يلاحظ إستبعاد القضاء اللبنـاني توزيـع الإختـصاص بـين المحكمتين بحسب أهمية القضايا كما ويستبعد إعطاء الإختصاص للمحكمتين في الوقت نفـسه أو إعطاء الإختصاص لمحكمة الدرجة الأولى (بإعتبار أن شرط إختصاصها هو ألا تكـون هنـاك قضية قيد الإستئناف). وبالتالي فقد قرر أن يكون الإختصاص لرئيس محكمـة الإسـتئناف دون سواه.

    ألحالة الثانية: في حال كان النزاع عالقاً أمام القضاء وفي مرحلة الإستئناف أو التمييز ثـمّ أجرى الأطراف تحكيماً في موضوعه، ففي هذه الحالة وإذا ما رجعنا إلى مقتضى نـص المـادة 795 أ.م.م. لبناني يبدو أنها لا تدع مجالاً للتفرقة فيما يتعلق بأثر مرحلة النزاع على إختـصاص القاضي المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي.

   الحالة الثالثة: وهي تتضمن منح الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي من قبل رئيس محكمـة الإستئناف أو المحكمة نفسها فأتاح قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني الجديد الطعن بالقرار التحكيمي بطريق الإستئناف أو الإبطال أمام محكمة الإستئناف وذلك منذ صدور هذا القرار وقبل إعطائه الصيغة التنفيذية.

   إذاً إن المشترع اللبناني قد لحظ من خلال ذلك مرجعاً آخراً لإعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي وذلك بعد حصول الطعن المذكور، وهذا المرجع لا يمكن أن يكون إلا رئيس الغرفـة الإستئنافية المقدم إليها الطعن.

ما هو جزاء مخالفة قواعد الإختصاص النوعي؟

   إن جزاء مخالفة قواعد الإختصاص النوعي هو بطلان قرار الصيغة التنفيذية.

الفقرة الثانية: الإختصاص المكاني بإصدار الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي:

  إن الإختصاص المكاني وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني يعـود إلـى رئـيس الغرفة الإبتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم المتفق عليه متى كان حاصلاً فـي لبنـان وإلا رئيس الغرفة الإبتدائية في بيروت (ألمواد 793 و770 فقرة 2 أ.م.م، لبناني).

   وقد تسنى لمحكمة إستئناف بيروت، غرفتها الثالثة35، ألتـصدي لموضـوع الإختـصاص المكاني لإعطاء الصيغة التنفيذية لقرار تحكيمي دولي صادر في الخارج حيث قضت المحكمة:

   (...) وحيث في ضوء النصوص والأحكام المتقدمة، وفي إطار تحكيم دولي تم في باريس، فإن رئيس المحكمة الإبتدائية في بيروت يكون هو المختص قانونا للنظر في مسألة إعطاء القرار التحكيمي الدولي الصيغة التنفيذية وليس رئيس الغرفة الإستئنافية (...).

   إذاً إن الإختصاص المكاني للقاضي الذي يصدر قرار الصيغة التنفيذية في القانون اللبناني يحدد على أساس المكان الذي يشير القرار التحكيمي إلى صدوره فيه والذي يكون هـو المكـان المتفق عليه في إتفاقية التحكيم أو في أي مستند آخر علماً أن ذكره في نص القرار التحكيمي ذاته ليس مفروضاً تحت طائلة البطلان. فإنه يمكن الإستعاضة عنه بالمكان الذي يكون المحكم قـد أعلم فيه الخصوم بالقرار الصادر عنه ولكن النطق بالقرار بحضور الخـصوم لا يعـود فـى الأصل واجباً على المحكم، عندما يصبح الأمر أكثر دقة في حال إشعار الخصوم بـالقرار فـى أماكن مختلفة!؟ وإلا فإن الإختصاص ينعقد لقاضي المكان الذي سينفذ فيه القرار إسوة بـالتحكيم الدولي .

    التساؤل الثاني الذي يطرح هو التالي:

   ماذا لو كان هناك أكثر من مكان متفق عليه في إتفاقية التحكيم؟

   في الواقع تعرض الإجتهاد لهذه المسألة فقضت محكمة استئناف بيروت في غرفتها الثالثـة بما يلي:

   (...) وحيث يتبين من المادة السابقة من العقد التحكيمي أن جلسات التحكيم تعقد في بيروت والجديدة في مكتبي المحكمين الثاني والثالث، مما يعني بوضوح أن مركـزي التحكـيم المتفـق عليهما هما في بيروت والجديدة، فيكون طلب إعطاء الصيغة التنفيذية المقدم في بيروت متوافق م.م. مع ما ورد في العقد لجهة مركز التحكيم المتفق عليه ومتوافقـاً مـع نـص المـادة 793 ألمعطوفة على الفقرة 2 من المادة 770 م.م. فيقتضي بالتالي رد الدفع بعدم إختـصاص رئـيس الغرفة الإبتدائية في بيروت (...).

   وبالتالي تكون محكمة الإستئناف قد قضت بأن إعتماد أي من مركزي التحكيم لتقديم طلـب إعطاء الصيغة التنفيذية صحيحاً وفق القواعد القانونية النافذة.

ما هو جزاء مخالفة قاعدة الإختصاص المكاني؟

  إذا تم إصدار قرار الصيغة التنفيذية خلافـاً لقاعـدة الإختصاص المكـانى وجـرى التمسك بهذه المخالفة في الوقت المناسب إعتبر القرار المـذكور بـاطلاً وتعـين عندئـذ على المستفيد منه الإستحصال علـى المختص.

ألفصل الثاني: طرق الطعن بقرار الصيغة التنفيذية:

   كما هو ملاحظ من خلال قراءة نصوص قانون أصول المحاكمـات المدنيـة اللبنـاني إن المشترع قد جعل قرار الصيغة التنفيذية داخلاً ضمن طائفة الأوامر على عرائض. سنقوم بدراسة هذا الفصل من خلال تقسيمه إلى مبحثين: ألمبحث الأول خاص بالتحكيم الداخلي والمبحث الثاني خاص بالتحكيم الدولي.

 ألمبحث الأول: في التحكيم الداخلي:

   على الصعيد الداخلي، كما على الصعيد الدولي، ميز القانون بين القرارات التـي تـرفض إعطاء الصيغة التنفيذية وتلك التي تقرر إعطاءها.

المطلب الأول: ألقرار الذي يرفض إعطاء ألصيغة التنفيذية:

   إن القرار الذي يرفض إعطاء الصيغة التنفيذية يجب أن يشتمل على بيان أسباب الـرفض والتي يجب أن تكون ضمن أسباب الإبطال عينها المنصوص عليها حصراً فـي المـادة 800 أ.م.م. إن هذا القرار يقبل الإستئناف في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه. يرفع الإستئناف في مواجهة سائر الخصوم، وهو يغني عندها عن الطعن في القرار التحكيمي عينه سواء بطريق الإستئناف أم بطريق الإبطال. وهذا النص هو على جانب كبير من الأهمية والخطورة بـذات الوقت.

   من حيث الأهمية إنه يوفر تعدد الطعون التي كان يمكن أن تمارس ضد القرار التحكيمي من جهة، وضد قرار رفض الصيغة التنفيذية من جهة أخرى، فيجمعها كلها في إطار طعـن واحـد يجوز أن يشمل جميع الأسباب التي كان يمكن أن تثار في إستئناف القرار التحكيمي أو أن تثـار في طلب إبطال هذا القرار (علماً بأن الأسباب الأخيرة هي عينها التي تثار أيضاً لأجـل رفـض الصيغة التنفيذية).

   ولكن ما هي نتيجة هذا الطعن؟ في الواقع إن هذا الطعن يؤدي إما إلى إصدار قرار بقبـول أسباب الإستئناف أو الإبطال ومن ثم بفسخ القرار التحكيمي أو بإبطاله والقـضاء مجـدداً موضوع النزاع في حدود المهمة المعينة للمحكم إذا لم يتفق الخصوم على خلاف ذلك45. أو إلى إصدار قرار برفض تلك الأسباب المثارة وبتأييد القرار التحكيمي ومن ثم بفسخ القرار المستأنف القاضي برفض الصيغة التنفيذية لعدم توافر أسباب إبطال القرار التحكيمي ومن ثم يمنح الصيغة التنفيذية لهذا القرار الأخير.

   إذا إن أهمية هذا النص تتجلى بذكره الجامع لكل أسباب الطعون (الإستئناف والإبطال) إذ لو لم يعتمد القانون الجديد نص المادة 806 أ.م.م. وقد أقدم المحكوم عليه، بعد إستئناف القرار الذي رفض الصيغة التنفيذية، على الطعن بالقرار التحكيمي بطريق الإستئناف أو الإبطـال، لتوجـب حينها على محكمة الإستئناف أن تتوقف عن الفصل في إستئناف القرار الرافض للصيغة التنفيذية حتى الفصل في هذا الطعن الأخير كي تعطيه حلا يتوافق مع الحل الذي تقـرره لهـذا الطعـن ويجدر بمحكمة الإستئناف، فيما إذا تحققت الحالة المذكورة فعلياً، أن تقرر ضم إستئناف القـرار الرافض للصيغة إلى الطعن المقدم ضد القرار التحكيمي لتفصل فيهما معاً طبقاً للحلول التي تقد ذكرها. ومثل هذا الجمع للطعون يحصل أيضاً عندما يكون القرار التحكيمي المعطـى الـصيغة التنفيذية قد طعن فيه بالإستئناف أو الإبطال، إذ تنص المادة 805 فقرة 2 على أن هذا الطعن يفيد حكماً طعناً بقرار الصيغة التنفيذية. .

   أما خطورة هذا النص فتتجلى بوضوح بالسلطة الممنوحة لقاضي التنفيذ لمراجعة القـضية التحكيمية بكاملها عند الطعن بقرار رفض الصيغة التنفيذية مما يشكل خطراً علـى القـرار التحكيمي ويؤثر على فعالية التحكيم كنظام قضائي خاص!

ألمطلب الثاني: ألقرار الصادر بإعطاء الصيغة التنفيذية:

   إن هذا القرار لا يقبل بحد ذاته أي طعن مستقل سواء بطريق الإستئناف أم الإبطال. ولكن يبقى للمحكوم عليه أن يطعن في القرار التحكيمي بالـذات إن بطريـق الإستئناف أم بطريـق الإبطال، وإن هذا الطعن يفيد حكماً، وفي حدود الخصومة المنعقدة أمام محكمة الإستئناف، طعناً بقرار الصيغة التنفيذية عندها إما أن يؤدي الطعن المذكور في حال صحته إلـى إزالـة القـرار التحكيمي وتبعاً لذلك يسقط قرار الصيغة التنفيذية إذ يصبح دون موضوع، وإما أن يرفض الطعن كله أو بعضه ويكون من شأن رفضه منح الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي أو لفقراته التي لـم يتناولها الفسخ أو الإبطال.

  ويلاحظ أخيراً أنه بمقتضى المادة 797 فقرة 2، في حالة الإستئناف أو الطعـن بطريـق الإبطال، وحيث يكون القاضي المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية قد رفعت يده، يتـولى رئيس الغرفة الإستئنافية المقدم إليها الطعن إعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي المقتـرن بالتنفيـذ المعجل وتتبع الصيغة التنفيذية هذه في مصيرها عندئذ مصير الطعن بالذات، فإذا رفـض هـذا الطعن تتأكد الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي طبقاً لنص المادة 807، وإذا قبل وفسخ القـرار التحكيمي أو أبطل زالت معه الصيغة التنفيذية.

ألمبحث الثاني: طرق الطعن بقرار الصيغة التنفيذية في التحكيم الدولي:

     بالنسبة لطرق الطعن بالقرار الذي يمنح أو يرفض منح الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمـي الدولي فيجب التفريق بشأنها بين القرار الرافض لمنح الصيغة التنفيذية والقرار المانح لهـا مـن جهة وبين القرارات التحكيمية الدولية الصادرة في الخارج وتلك الصادرة في لبنان مـن جهـة أخرى.

المطلب الأول: ألقرار التحكيمي الصادر في الخارج:

   ألقرار الذي يرفض إعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي الصادر فـي الخـارج يقبـل الإستئناف خلال مهلة 30 يوماً من تاريخ التبليغ (ألمادة 816 أ.م.م.).

   أما القرار الذي يمنح الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي الصادر في الخـارج فـلا يجـوز إستئنافه إلا في الحالات الآتية:

   1- صدور القرار بدون إتفاق تحكيمي أو بناء على إتفاق تحكيمي باطل أو ساقط بإنقـضـاء المهلة.

   2- صدور القرار عن محكمين لم يعينوا طبقا للقانون.

   3- خروج القرار عن المهمة المعينة للمحكمين.

   4- صدور القرار بدون مراعاة حق الدفاع للخصوم.

   5- مخالفة القرار لقاعدة تتعلق بالنظام العام الدولي.

   وإن هذه الحالات هي "حصرية" بحسب تعبير محكمة استئناف بيروت غرفتها الثالثة حيث قضت المحكمة بما يلي:

   (...) وحيث إن استئناف القرار الذي يمنح الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي الدولي لا يكون جائزاً إلا لأسباب حددتها حصراً ألمادة 817 أ.م.م. (...)

   علماً أن الإستئناف يجب أن يقدم خلال مهلة 30 يوماً على تبليغ القرار.

ألمطلب الثاني: ألقرار التحكيمي الدولي الصادر في لبنان:

   أما القرار التحكيمي الدولي الصادر في لبنان فإنه يقبل الطعن بطريق الإبطال في الحـالات المنصوص عليها في المادة 817 والمشار إليها أعلاه.

   أما الأمر القاضي بإعطاء الصيغة التنفيذية لهذا القرار فإنه لا يقبل أي طعن على أن الطعن في هذا القرار الأخير بطريق الإبطال يفيد حكماً في حدود الخصومة المنعقـدة أمـام محكمـة الإستئناف، طعنا بقرار منح الصيغة التنفيذية أو رفعها ليد القاضي المختص بإصدار هذا القرار.