والأصل أن يتم تنفيذ قرار التحكيم تنفيذاً اختيارياً (ودياً) ونظراً للطابع الاختياري في اللجوء الى التحكيم بوصفه وسيلة لحل النزاع ، ويتطلب هذا التنفيذ قبول المحكوم عليه الحكم ، وهذا القبول قد يكون صريحاً، كأرسال خطاب من المحكوم عليه إلى المحكوم له ، بعلمه بالقبول والاستعداد للتنفيذ، وقد يكون ضمنياً كأن يقوم المحكوم عليه بتنفيذ الحكم من تلقاء نفسه .
والامتناع قد يأخذ شكل امتناع عن التنفيذ من دون الطعن في الحكم أو قد يأخذ شكل الطعن في هذا الحكم وفقاً للطرق القانونية .
لم تتبع القوانين أسلوباً واحداً بشأن التنفيذ الجبري لحكم التحكيم، منها ما يعد هذا الحكم واجب التنفيذ فوراً من دون الحاجة إلى أي اجراء من أي جهة أو سلطة عامة ، حيث تبدأ الإجراءات في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم ۸۳ لسنة ١٩٦٩ المعدل بتقديم المحكم نسخة من القرار التحكيمي الى كل من الطرفين والمحكمة المختصة ، خلال الأيام الثلاثة التالية لاصدار القرار، وذلك وفقاً لما جاءت به المادة (۲۷۱) من القانون أعلاه ، ويتم تسليم قرار التحكيم بموجب وصل موقع من كاتب المحكمة إلى المحكم يثبت تسليمه للقرار.
إن إيداع قرار التحكيم لدى المحكمة المختصة لا يعني أن هذه المحكمة ستباشر بتصديق القرار تلقائياً، وإنما يتوجب تقديم طلب من أحد الطرفين للمحكمة بعد دفع الرسوم المقررة، اذ بدون دفع هذه الرسوم لا تباشر المحكمة تصديق القرار، ولم يشترط القانون تقديم طلب التصديق من الطرف الذي صدر القرار لصالحه ، بل ترك الخيار لاي من الطرفين . وبعدها تبدأ المحكمة المختصة بنظر دعوى تصديق قرار التحكيم ويقع على كاهلها تبليغ كل من طرفي الدعوى بموعد إجراء جلسات المحكمة لكي يحق لهم تقديم الطعون في المواعيد المحددة قانوناً.
تنص المادة (٥) من مشروع قانون التحكيم التجاري العراقي على: تختص محكمـــة استئناف بغداد بالنظر في المسائل الناشئة عن تنفيذ قرار التحكيم الصادرة وفقاً لاحكام هذا القانون ما لم يتفق الطرفان على جعل الاختصاص لمحكمة استئناف أخرى .
نصت المادة (۱/۲۷۲) من قانون المرافعات المدنية رقم ۸۳ لسنة ١٩٦٩ المعدل على أنه: "لا ينفذ قرار المحكمين لدى دوائر التنفيذ سواء كان تعيين قضاء أو اتفاق مالم تصادق المحكمة المختصة بالنزاع بناء على طلب أحد الطرفين وبعد دفع الرسوم المقررة.
كذلك أوضحت المادة (۲۷۲) من القانون اعلاه ان القرار الذي يصدره المحكم أو المحكمون سواء كان تعيينهم رضاء أو قضاء غير قابل للتنفيذ في مديرية التنفيذ ما لم تصادق عليه المحكمة المختصة ، ويكون طلب المصادقة بدعوة خاضعة للرسم المقرر وعند المصادقة عليه يعتبر بمنزلة الحكم القضائي القابل للتنفيذ في مديرية التنفيذ المختصة، وأما اذا ارتضاه الخصوم واجروا تنفيذ ما جاء فيه رضاء فليس في القانون ما يمنع ذلك.
ويحق للمحكمة بعد عرض النزاع عليها أن تصدق او تبطل قرار التحكيم بصوره كلية أو جزئية ولها أن تعيد القضية الى المحكمين لاصلاح ما شاب قرارهم من أخطاء أو تفصل بنفسها في النزاع إذا كانت القضية صالحة للفصل فيها هذا ما قضت به المادة (٢٧٤).
اما اذا وجدت المحكمة أن قرار المحكمين سليما و مستوف لشروطه الشكلية والموضوعية فتصدر حكمها بتصديقه والحكم الذي تصدره المحكمة المختصة بالتصديق او الابطال او الحسم لا يقبل الطعن بطريقة الاعتراض ، وإنما يقبل الطعن بالطرق الاخرى المقررة بالقانون وحسب قيمة الدعوة ونوعها ، وهذا ما اقتضت بها المادة (٢٧٥) من القانون أعلاه.
وتعد أهم الأسباب التي من أجلها يطلب القانون حصول المستفيد من قرار التحكيم على مر التنفيذ من قبل المحكمة المختصة هي تحقق المحكمة من سلامة الإجراءات المتبعة من قبل المحكمين ومنها صحة التبليغ، وضمان مبدأ المواجهة وحق الدفاع بصورة متساوية بين الاطراف وكذلك ان القرار لا يخالف النظام العام في الدولة.
حيث نصت المادة (١/٤٤) على أنه تسلم هيئة التحكيم الى كل من الطرفين صورة من حكم التحكيم موقعة من المحكمين الذين وافقوا عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره ، الأول إيداع الحكم قلم كتاب المحكمة المختصة، والثاني انقضاء ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم حيث نصت على هذا الشرط في إيداع الحكم قلم كتاب المحكمة المختصة المادة (١/٤٧) من القانون أعلاه والتي جاء فيها "يجب على من صدر حكم التحكيم لصالحه ايداع أصل الحكم او صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها أو ترجمة باللغة العربية مصدقا عليها من جهة معتمدة إذا كان صادرة بلغة اجنبية ، وذلك في قلم كتاب المحكمة المشار إليها في المادة (٩) من هذا القانون، ويحرر كاتب المحكمة محضرا بهذا الايداع ويجوز لكل من طرفي التحكيم طلب الحصول على صوره من هذا المحضر وان كان الايداع يعد إجراء لاحقا على صدور حكم التحكيم، ولذلك فان مخالفته لا تؤدي الى بطلان الحكم التحكيمي؛ لأن القانون لم يرتب اي اثر على عدم الايداع الا ان التنفيذ يستحيل في حاله عدم الايداع نظرا لطلب المشرع عن طالب التنفيذ تقديم صوره من المحضر على الايداع اعلاه لنص المادة (٤/٥٦) من القانون اعلاه والتي تجعل من شروط اصدار الأمر في التنفيذ ان يقدم طلب التنفيذ مرفقا به صورة من المحضر الدال على ايداع الحكم وبينت المادة (٥٦) آنفة الذكر شروط استصدار الامر بالتنفيذ طبقا لقانون التحكيم المصري اعلاه وهي:
١ . أصل حكم التحكيم أو صورة موقعة منه.
۲. صورة اتفاق التحكيم.
3. ترجمة مصدقة عليها من جهة معتمدة الى اللغة العربية لحكم التحكيم.
٤. صورة من المحضر الدال على إيداع الحكم وفقا لنص المادة (٤٧) من القانون نفسه وكذلك قضت المادة (١/٥٨) من القانون نفسه على أنه لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم اذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقض أي بعد مضي ۹۰ يوما من تاريخ اعلاه قرار التحكيم للمحكوم عليه المادة (٥٤) من القانون نفسه .
ولهذا يجب إيداع أصل الحكم لدى الغرفة الابتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم المتفق عليه ويكون الايداع من قبل أحد المحكمين أو من قبل احد طرفي الخصومة ، ويحرر كاتب المحكمة محضرا به ، ويدون في المحضر كافة البيانات الاساسية المتعلقة بالايداع وبناء على طلب من احد طرفي الخصومة ، يصدر رئيس المحكمة أمر بتنفيذ الحكم بعد اطلاعه عليه وعلى اتفاق التحكيم .
ولرئيس المحكمة صلاحية رفض اعطاء الامر بالتنفيذ لحكم التحكيم اذا توافرت اسباب البطلان المنصوص عليها في المادة (۸۰۰) من القانون اعلاه وان قرار رئيس المحكمة الابتدائية برفض التنفيذ قابل للاستئناف ايضا خلال ثلاثين يوما من تبليغ القرار للطرف المعني.